logo
العرض الفني الأضخم لصيف لبنان... هبة طوجي وأسامة الرحباني في بعلبك

العرض الفني الأضخم لصيف لبنان... هبة طوجي وأسامة الرحباني في بعلبك

الشرق الأوسطمنذ 3 ساعات

لا يمكن أن يكون المرور الرحبانيّ بين هياكل بعلبك مروراً عادياً. لا بدّ أن يحفر دهشةً فوق حجارتها، فهذا تقليدٌ أرساه الرحابنة الأوائل، وتبنّاه الجيل الثاني. لذلك فإنّ قرار المشاركة في مهرجانات بعلبك احتاج إلى 15 سنة حتى يختمر في رأس أسامة الرحباني. «أردنا أن نحمل إلى بعلبك ما يليق بحجارتها، وسحرها، وحضاراتها المتعاقبة ومهرجاناتها التي بلغت 70 عاماً»، يقول المنتج والمؤلف الموسيقي اللبناني لـ«الشرق الأوسط». يضيف: «لا يمكن أن نعدّ أقل مما يليق بالمكان، ليس من أجل إرث بعلبك فحسب، بل كذلك من أجل عاصي ومنصور وفيروز».
أما الآن وقد حانت اللحظة المناسبة، فتقف هبة طوجي مساء 8 أغسطس (آب) المقبل وسط أعمدة معبد «باخوس» لتقدّم عرضاً عنوانه «حقبات». تختزل بصوتها سنوات المجد التي عبرت، وكل لحظة أملٍ آتية. الفنانة اللبنانية التي جالت مسارح العالم، وفرضت فنّها رقماً صعباً على الساحة الفرنسية وليس العربية فحسب، تبوح في حديث مع «الشرق الأوسط» عشية وصولها من باريس إلى لبنان لبدء التمرينات: «لبعلبك رهبةٌ لا تشبه أي رهبة أخرى. شاركت في مهرجانات مهمة كثيرة في لبنان وخارجه، لكنها إطلالتي الأولى في بعلبك، والشعور مختلف فعلاً».
هبة طوجي وأسامة الرحباني نجما مهرجانات بعلبك لصيف 2025 (إدارة أعمال الرحباني)
يضرب أسامة الرحباني وتوأم مشروعه الفني هبة طوجي موعداً خاصاً جداً مع الجمهور. يختصر ما سيدور في القلعة خلال السهرة المنتظرة بالقول: «ما سيراه الناس لم تشهد مهرجانات بعلبك مثيلاً له من قبل. قررنا أن نقدّم عملاً ضخماً بكافة أبعاده».
في تجربة بصرية وسمعيّة استثنائية، لن يقتصر الحفل على زاويةٍ واحدة من زوايا القلعة، بل سيتنقّل في أرجائها. «سيتابع الجمهور عرضاً متكاملاً ومتنقلاً بين معابد بعلبك وأعمدتها وأدراجها وممراتها التي ستتحول كلها إلى منصات للعرض. سيغمرهم الجمال من كل صوب، وسينغمسون في أبرز المراحل التاريخية والمحطات الفنية التي تعاقبت على بعلبك»، يوضح الرحباني.
أما «حقبات»، فعنوان يعكس المحتوى الذي سيركّز عليه العرض؛ «سنسافر عبر الزمن ونحيي بعلبك بماضيها المجيد من خلال مؤثرات بصرية وتقنيات متطورة مثل الـ3D mapping»، تضيف طوجي. «حتى الأزياء التي يجري تجهيزها حالياً تتلاقى مع المكان والمَشاهد، وهي انعكاسٌ لعبور الحقبات»، تضيف الفنانة اللبنانية.
«سنسافر عبر الزمن ونحيي بعلبك بماضيها المجيد» هبة طوجي (صور الفنانة)
وكأنّ كل ما راكمه أسامة الرحباني من خبراتٍ فنية يحمله زاداً لينثره بين هياكل القلعة. يوظّف، وفريق العمل، السينما والمسرح والإضاءة والصوت والرقص والأدب والشعر، «في عمل ضخم لم يقدّم له مثيل في العالم العربي»، وفق تعبيره. لكنه يدرك أنه مهما أحضر من معدّات وتقنيات حديثة، فلا شيء ينافس سحر الصرح التاريخي البالغ 5 آلاف عام. لذلك، تبقى الموسيقى النبض الأساسي الذي سيبث الحياة في عروق الحجارة.
من دون أن تفصح عن اللائحة الكاملة من المفاجآت التي تنتظر الجمهور، وهي كثيرة، تخبر طوجي أنها ستقدّم مجموعة من أغانيها المعروفة، إضافة إلى أخرى جديدة، على رأسها عمل جرى تأليفه خصيصاً لبعلبك. برفقة أوركسترا ضخمة ومجموعة كبيرة من الراقصين، سيجري تقديم مشاهد ممسرحة، إضافةً إلى الأغاني. ولا بدّ كذلك من تحية لمنصور الرحباني بالتزامن مع حلول مئويته الأولى، من خلال أغانٍ كتبها.
سيتضمن الحفل أغنية جرى تأليفها خصيصاً لبعلبك (إدارة أعمال الرحباني)
تشمل المفاجآت كذلك انضمام عدد من ضيوف الشرف إلى هبة طوجي غناءً، هي التي وقفت إلى جانب أسماء كبيرة من عالم الموسيقى. وأحدث تلك التجارب التي برزت من خلال آخر إصداراتها، ألبوم «A l'Olympia» (في الأولمبيا)، حيث ضمّت صوتها إلى أصوات مثل لارا فابيان وفلوران بانيي وماتيو شديد، وغيرهم من أعمدة الأغنية الفرنسية، خلال حفلها في مسرح الأولمبيا في باريس العام الماضي.
تستعدّ طوجي إذن لمحطة مفصلية في مسيرتها الفنية. هي التي قصدت القلعة مراهقةً عام 2001 لتشاهد حفل المغنّي البريطاني ستينغ، لم تكن تتصوّر حينذاك أنها ستعود إليها نجمةً بعد 24 عاماً.
يُعدّها زوجها عازف البوق العالمي إبراهيم معلوف للشعور الذي سينتابها لحظة وقوفها وسط الهياكل، فهو الذي اختبر الأمر أكثر من مرة. «أخبرني إبراهيم أن تلك الوقفة هي بمثابة تكريم للفنان، لا سيما إذا كان لبنانياً مغترباً كما هو الحال معنا»، تقول طوجي.
لن يكون المرور في بعلبك عابراً بالنسبة إلى طوجي، نظراً لانتمائها الوطني الذي ينضح من خلال نبرة صوتها وتعابير وجهها كلما ذُكر لبنان أمامها. «حبي للبنان قديم ولطالما شعرت بالانتماء له ثقافياً وروحياً. هويتي ملتصقة به، وكلما حطت بي الطائرة في مطار بيروت تنفّست الصعداء وشعرت بأنني وطأت بيتي»، تخبر طوجي.
هذا لا يلغي حبها لفرنسا، البلد الذي انتقلت إليه قبل 5 سنوات، والذي قدّم لها الكثير وفق قولها. «لكن كلما عبر الزمن عليّ وأنا خارج لبنان، كبر تعلّقي به واشتياقي إليه. حتى ما يراه الناس بشعاً أراه جميلاً، وأدافع عن وطني كما تدافع أمٌ عن ولدها حتى وإن كان على خطأ». هكذا تختصر طوجي عشقها للبنان، الذي تنقله معها أينما حلّت، وسنةً تلو سنة تتّسع المسارح والمنابر أمامها.
تتعامل مع الفرص بصِدقٍ لأنها تريد أن تشبه نفسها وألّا تخيّب شغفها الفني. ليس هدفها العالمية، وفق ما تقول، بقَدر ما هو تحقيق ذاتها وطموحها من خلال الموسيقى. وها هي الآن تستعير من حجارة بعلبك لتضيف حجراً أساسياً إلى مسيرتها التي بدأت في 2007، وتبلغ هذا العام سنّ الرشد.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هدى المفتي ترد على شائعات ارتباطها بـ أحمد مالك
هدى المفتي ترد على شائعات ارتباطها بـ أحمد مالك

مجلة سيدتي

timeمنذ 33 دقائق

  • مجلة سيدتي

هدى المفتي ترد على شائعات ارتباطها بـ أحمد مالك

تصدرت الفنانة هدى المفتي ترند مؤشرات البحث خلال الأيام الماضية، وذلك بعد تداول أنباء تفيد ارتباطها بالفنان أحمد مالك بعد علاقة حب نشأت بينهما خلال تصوير مسلسل "مطعم الحبايب" الذي تم عرضه في نهاية عام 2024. أول رد من هدى المفتي على أنباء ارتباطها في أول رد على هذه الشائعات، نشرت هدى المفتي مقطع مصور عبر تطبيق تيك توك، واستخدمت مقطع فيديو وهي تقلد إحدى التريندات الشهيرة للبلوجر الشهيرة سوزي الأردنية، والذي انتشر من لقائها في بودكاست عندما سألها عبد العاطي: "هل أنتي في علاقة عاطفية؟"، لترد سوزي بطريقة عفوية قائلة: "يعني إيه عاطفية؟ حب وكده؟ لا آه لا آه"، وتفاعل الجمهور مع هذا المقطع وأبدوا إعجابهم بتلقائية هدى المفتي وردها العفوي على هذه الأنباء. يُذكر أن الفنانة مي كساب أثارت حالة من الجدل الواسع، بعدما نشرت تهنئة تعلن فيها ارتباط الفنان أحمد مالك بالفنانة هدى المفتي، لكنها تراجعت عن هذا الأمر وقامت بحذف الاستوري، وأوضحت أنها تسرعت في إعلان خبر لم يعلنه المعنيون به. 80 باكو آخر أعمالها شاركت هدى المفتي خلال الموسم الدرامي الماضي من خلال مسلسل "80 باكو"، ودارت أحداثه في صالون تجميل قديم في وسط البلد بعنوان "لولا"، وتناول قصص الفتيات اللواتي يعملن فيه. وتتشابك الأحداث مع قصص زبائن المكان، وذلك من خلال مصففة الشعر الموهوبة بوسي (هدى المفتي) التي تعجز عن تأمين ثمانين ألف جنيه لإتمام زواجها، وتقرر صاحبة الكوافير (إنتصار) ترقيتها إلى مصففة شعر خاصة، تزور العميلات في منازلهن؛ حيث تنفتح على عالم آخر يغيّر نظرتها للعالم ولنفسها وأحلامها. مسلسل "80 باكو" من بطولة: هدى المفتي ، إنتصار، رحمة أحمد، دنيا سامي، محمد لطفي، سماح أنور، خالد مختار، إلهام صفي الدين، محمد عبده، محمود يسري، إنعام سالوسة، ياسمين الهواري. وضيوف الشرف: وفاء عامر، ألفت إمام، أحمد سعد ميشو، عفاف رشاد، مريم الجندي، زينة منصور، ماجدة منير، زينب وهبي. وتأليف غادة عبدالعال. وإخراج كوثر يونس. وإنتاج عبدالله أبوالفتوح. لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا «إنستغرام سيدتي». وللاطلاع على فيديوغراف المشاهير زوروا «تيك توك سيدتي». ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر «تويتر» «سيدتي فن».

عرض «زينيا» لصيف 2026... صُنع في إيطاليا وعُرض في دبي
عرض «زينيا» لصيف 2026... صُنع في إيطاليا وعُرض في دبي

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

عرض «زينيا» لصيف 2026... صُنع في إيطاليا وعُرض في دبي

إقامة عرض ضخم ولأول مرة على الإطلاق خارج حدودها الإيطالية ذروة الصيف أثارت استغراب بعض الضيوف الآتين إلى دبي من أنحاء بعيدة من العالم. لكن سرعان ما تبخر استغرابهم. فدار «زينيا» لم يكن أمامها خيار آخر. كان لا بد أن يتزامن توقيت عرض تشكيلتها هذه لربيع وصيف 2026 مع انطلاق أسبوع ميلانو للموضة الرجالية في ميلانو، التي كانت جزءاً لا يتجزأ منه لحد الآن. تحولت أجواء دار الأوبرا بدبي كلياً لتعكس أجواء «فيلا زينيا» برمالها وأشجارها (زينيا) دار الأوبرا في دبي كانت مسرح الحدث. تحوّلت إلى واحة حقيقية: فُرشت أرضيتها برمال ناعمة، وأحيطت بأشجار خضراء وارفة تم اختيارها بعناية لما ترمز إليه من صمود وتجدد، كالنخيل وشجرة الغاف، الشجرة الوطنية لدولة الإمارات، ذات الرمزية الثقافية والبيئية العميقة. هنا تناثرت أيضاً عناصر مستوحاة من حدائق قصر مؤسس الدار في تريفيرو الإيطالية، لتأخذنا إلى قصة بدأت أكثر من قرن، حين راود إرمينجيلدو زينيا، الجد، حلمٌ تجسّد لاحقاً في «واحة زينيا' Zegna OASIS الواقعة في جبال بييلا؛ حيث أسّس أول معمل للصوف في عام 1910. رؤيته كانت سابقة لأوانها في مجالي الاستدامة وحماية البيئة؛ فمنذ ذلك الحين، زرعت زينيا أكثر من 500 ألف شجرة في المنطقة، محوّلة إياها من بيئة جرداء إلى ما يشبه الغابة. في دبي، تكرّرت التجربة بإطلاق فعالية «Villa Zegna Club» ضمن عرض أزياء غامر يجسّد رؤية المؤسس «Ermenegildo Zegna»، التي يحرص أحفاده على نشرها إلى العالم كمفهوم يتجاوز الجغرافيا. مفهوم تتماهى فيه الطبيعة مع الإنسان كما أكده عرض الدار لربيع وصيف 2026. لم يكن اختيار دبي لتكون التجربة الثالثة بعد شانغهاي ونيويورك، مجرد استعارة، بل خطوة استراتيجية مهمة تعكس أهمية المنطقة وعلاقة الدار بها، كما قال جيلدو زينيا، حفيد المؤسس ورئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي للمجموعة: «فهناك نحو 200 جنسية تقيم في دبي. ونستقبل نحو 100 مليون زائر في محلنا الواقع في (دبي مول) وحده... ربما يكون هذا هو أسرع الأسواق نمواً على مستوى العالم». تلمس صحة قوله يوم العرض من خلال نوعية الضيوف. 600 شخصية بارزة من كبار عملاء الدار، من المنطقة ومن الصين إلى المكسيك، ومن ألمانيا إلى تايلاند. بعضهم ارتدى ملابس تقليدية وإكسسوارات محلية، وآخرون تصاميم من «زينيا»، في إعلان واضح عن ولائهم للدار، وما تحظى به من احترام ومكانة مرموقة. تحمل التشكيلة إرث الدار وحرفيتها بأسلوب عالمي (زينيا) السؤال الذي خامر البعض هو ما إذا وظَف مصممها أليساندرو سارتوري عناصر تقليدية مستلهمة من تراث المنطقة بحكم وجوده فيها؟ جوابه كان بالنفي. فهو يعلم جيداً أن زبون المنطقة يتوق للتجديد. والأهم من هذا يُقدّر مفهوم «صُنع في إيطاليا»، بمعنى كل ما هو مبتكر ومترف وأنيق. وهذا ما قدّمه مع إضافة جرعة منعشة عالية تستهدف التخفيف من حرارة الشمس وتحرير الجسم. اختزلها المصمم في خفة القطع، وفي لوحة لونية تغلب عليها الدرجات الترابية والزيتونية، خضعت لمعالجات خاصة لتبدو وكأن شمس دبي الحارقة قد لوّحتها. تعكس الألوان أجواء الصيف من دون أن تتوهج حتى تحافظ على روحها الرفيعة (زينيا) ومع ذلك، يبقى الأمر مجرد قراءة شاعرية، لأن أليساندرو وضَّح في لقاء استباقي أجراه مع وسائل الإعلام، صباح يوم العرض، أن هذه الألوان كانت دائماً جزءاً من هوية الدار، مستشهداً بمعظم تشكيلاتها السابقة. أما من ناحية التصميم، فشرح أن نقطة انطلاقه كانت تلك المساحة الواسعة، والأقرب إلى الثغرة، بين الأزياء الرجالية الكلاسيكية والكاجوال بالمعنى الحداثي. «كونها لم تُستكشف بالكامل بعد، وبالتالي تتيح فسحة كبيرة للتفنّن فيها». والنتيجة كانت أزياء تفيض بخفّة ظاهرية ولامبالاة أنيقة بتفاصيل تعطي الانطباع أنها غير مكتملة وبكرمشات وألوان باهتة، لكنها تنضح بفخامة تخرج عن صمتها عندما تتمعن في كل غُرزة أو تفصيل. الموسيقي جيمس بلايك وهو يغني ويعزف على البيانو قبل العرض (زينيا) مساء يوم الأربعاء الماضي كان الموعد المرتقب. شخصيات مهمة، محلية وعالمية، ونجوم من أمثال ظافر العابدين ومحمد فراج وقيس الشيخ وعائلة المصمم العالمي إيلي صعب وغيرهم، لم يخفوا انبهارهم بالديكور وكيف تم تحويل دار الأوبرا كلياً إلى واحة غناء. ثم في لحظة انتقالية درامية، تغيّرت الأجواء. أُطفئت الأنوار وساد صمت مهيب. وفي ظلمة شاعرية، لم تخترقها سوى أضواء عالية تحاكي النجوم، انطلق صوت الموسيقي جيمس بلايك وهو يعزف على البيانو، مضيفاً بعداً حسياً للحظة يصعب نسيانها. قمصان طويلة بياقات نهرو وإكسسوارات تضفي عليها أناقة هادئة (زينيا) ثم بدأ العرض في تسلسل سردي يستحضر «الحياة اللذيذة»، وذلك الأسلوب الإيطالي المتحرر الذي جسّده الملياردير جياني أنييلي. كان معروفاً بأناقته الرفيعة وأسلوبه المتمرد على إملاءات الموضة وقواعدها التقليدية. أمر أكده المصمم أليساندرو سارتوري قائلاً إن الرجل كان ولا يزال البطل الحقيقي في كل قَصة ينسجها، لأنه هو مَن يُضفي على القطعة نكهتها وواقعيتها، مضيفاً: «نحن كمصممين نبتكر ونقترح أفكاراً جديدة، لكن التفاعل الخاص مع القطعة، من خلال طريقة تنسيقها وارتدائها، هو ما يمنحها معناها الحقيقي في الواقع». ظهر بعض العارضين حفاة وهم يحملون أحذيتهم المطاطية بأيديهم (زينيا) 58 قطعة تُشعرك أن لكل واحدة طابعها الفردي، وكما لو أنها رافقت صاحبها عبر الزمن، واكتسبت ملامح تجربته الشخصية. صورة يُرسخ واقعيتها وعفويتها لامبالاة مقصودة، يظهر فيها بعض العارضين حفاة وهم يحملون أحذيتهم المطاطية بأيديهم. كل تفصيل في التشكيلة بدا متجدّداً يتوجه نحو المستقبل: جلود قابلة للغسل، بدل حريرية بخفة الهواء، أكتاف لا تجلس في مكانها المعتاد، جيوب واسعة، وعارضون من مختلف الأعمار، أراد المصمم من خلالهم إبراز التجاعيد كجزء من الحياة. تطبع الوجوه كما تطبع الأقمشة. كما تنوعت الأقمشة والتصاميم تنوعت أعمار العارضين (زينيا) انعكس هذا التنوّع أيضاً على الألوان التي شملت الأبيض، الرمادي الفاتح، البيج الدافئ، الرمادي المائل للبني، الكاكي، الزيتوني، البني المحمّر، النحاسي المائل إلى البرتقالي، الأخضر النباتي، الوردي المائل إلى الأرجواني، والأحمر القرمزي. لكن في لعبة خاضها أليساندرو سارتوري بجرأة لصياغة مفهوم جديد للأناقة الرفيعة والمريحة، كانت ورقته الرابحة هي الأقمشة. خضعت في معامل الدار لغسلات متكررة، أكسبتها كرمشات وألواناً باهتة مقصودة. لم ينسَ ولو للحظة أن إرث زينيا متجذّر في صناعة الأقمشة، وأن معاملها بمثابة مختبرات لا تتوقف عن استكشاف الإمكانات اللامحدودة لتطويرها. طوَعها لخلق خطوط واسعة ومرنة، فكّك فيها السترات لتكون أخف وزناً بعد أن استغنى فيها عن التبطين. الأخضر كان حاضراً بقوة بكل درجاته في هذه التشكيلة (زينيا) استغناء طال أغلب الإطلالات، بغضّ النظر إن كانت من الكتان أو الجلد أو غيرهما. المهم أن تحقق الهدف: تُخفف أكتاف الرجل من ثُقلها وجسده من سُمكها. الحرير مثلاً استعمل في بدلة كاملة بوزن لا يتجاوز 300 غرام، والجلد خضع لمعالجة رائدة جعلته قابلاً للغسل وناعماً كأنّه حرير. وكأن هذا لا يكفي، كشف المصمم عن إضافة نسبة من الورق المعالَج إلى القطن، لتعزيز خفة القماش وملمسه وقوامه، مع الحفاظ على متانته وجودته. أسلوب الطبقات والأقمشة المبتكرة كان لها حضور قوي في هذه التشكيلة (زينيا) كان واضحاً أن المصمّم في رحلته لتصميم تشكيلة تتسم بالعفوية والواقعية صال وجال في تلك المساحة التي لم يتم الاقتراب منها من قبل. فحتى تصميم«Il Conte»، بكل كلاسيكيته وارتباطه بمؤسس الدار، الذي تجدر الإشارة إلى أنه كان يحمل لقب «كونت» في الواقع، لم يسلم من التحديث. تمت صياغته بشكل مربع أكثر رحابة مع جيوب سخية لرجل معاصر. لهذا الرجل أيضاً اقترحت الدار قمصاناً تجاوزت دورها التقليدي لتحل محل الجاكيت أو السترة، حسب ذوق صاحبها والمناسبة. جاء بعضها طويلاً بياقات «نهرو» (Nehru)، ودائماً بلمسة انسيابية شأنها شأن السراويل القصيرة التي يمكن ارتداؤها تحت المعاطف الصيفية الرسمية أو السترات الضيقة. القمصان لم تعد مجرد مكمل بل أخذت دور سترة في هذه التشكيلة (زينيا) هذا التفاعل العفوي والمنطلق الذي خلقه أليساندرو بين الرجل والأزياء واستهدف محاكاة الحياة اليومية، رآه البعض رسالة حب للمنطقة العربية، إلا أنه كان في المقام الأول رسالة وفاء لرؤية زينيا ومؤسسها. رؤية لا تقتصر على نشر الأسلوب الإيطالي الأنيق للعالم، أو تدعو لاحتضان الاختلاف بكل ألوانه وأعماره، بل تُحيي روح الشغف والمسؤولية تجاه الأجيال المقبلة، بزرع الجمال كما بزرع الشجر في كل مكان. فأشجار النخيل والغاف ليست مجرد ديكور عابر وفقاً لفعاليات «Villa Zegna» لحد الآن، ستعاد زراعتها كالعادة بعد انتهاء الحدث، بما ينسجم مع فلسفة الدار في الاستدامة واحترام الطبيعة.

سجال ثقافي حول مهرجان جرش ينتهي بالتوافق
سجال ثقافي حول مهرجان جرش ينتهي بالتوافق

Independent عربية

timeمنذ 2 ساعات

  • Independent عربية

سجال ثقافي حول مهرجان جرش ينتهي بالتوافق

منذ "طوفان الأقصى" والجدل حول انعقاد مهرجان جرش محتدم، إذ تبرز انقسامات شبه عمودية بين من يؤيد استمراريته على رغم المآسي من حولنا، ومن يعارض توقف المهرجان على اعتبار أن التضامن مع غزة يكون بالفن أيضاً. الموقفان يصدران عن مرجعيات فكرية "أيديولوجية" وأخلاقية. ويمكن أن يلمس المراقب أن المؤيدين لتعطيل المهرجان ينتسبون، في جلهم، إلى ما يعرف بتيار "الإسلام السياسي"، وبعض المحافظين اجتماعياً، المتأثرين بأدبيات هذا التيار ممن كانوا يعارضون انعقاد المهرجان قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بذريعة أن المهرجان يشجع على "الاختلاط والعري والخلاعة والفن الهابط، ويتنافى مع ضوابط المجتمع وأعرافه وقيمه"، إلى آخر هذه المعزوفة المثقوبة التي تعتصم بالتأويل الديني الانتقائي، من أجل شيطنة أي فعل له صلة بالإبداع والترفيه والانفتاح. عندما غنت فيروز في جرش في منتصف الثمانينات (أرشيف المهرجان) أما التيار الذي يؤيد انعقاد المهرجان في موعده، فجله من الليبراليين ونشطاء المجتمع المدني والكتاب والمثقفين، ممن يؤمنون أن الفن سلاح، وأن ما لا تحققه السياسة يتولاه الإبداع، وأن المهرجان يستطيع أن "يسوق" مأساة غزة بطريقة خلاقة تخترق الوجدان العالمي. ويحرص هذا التيار على تأكيد أن الآلام لا ينبغي أن تقعد الناس عن مواصلة التحدي، وإنبات الفرح في عروق الحياة، وهزيمة اليأس، لأن الانتصار على العدو يكون بتعريته وفضح جرائم الإبادة التي يرتكبها، بالتالي تجريده من إنسانيته. إدارة المهرجان استجابت، بطريقة ذكية، لكلا التيارين، فخصصت فقرات كثيرة، وأعدت برامج وفعاليات للتضامن مع مأساة غزة، من خلال معارض فنية، وفرق ومغنين عرب اشتهروا بالغناء الوطني. وسيشارك في المهرجان 140 شاعراً، إضافة إلى انعقاد "مهرجان المونودراما" بعروض مسرحية من فلسطين والكويت والجزائر وعمان والبحرين وسوريا ومصر، وليبيا والعراق وتونس والأردن، وكذلك عقد "سومبوزيوم الرسم والحروفية والخط العربي"، فضلاً عن باحثين يقدمون أوراق عمل في المؤتمر الفلسفي العربي الـ13 بالتعاون مع الجمعية الفلسفية الأردنية. جائزة غالب هلسا للرواية وفي البرنامج الثقافي للمهرجان، سيُعلن عن الفائز بـ"جائزة غالب هلسا للرواية"، وهي جائزة مشتركة بين مهرجان جرش ورابطة الكتاب الأردنيين. وسينعقد بالتعاون مع الرابطة "ملتقى تحولات السرد العربي في العصر الرقمي" (دورة الروائي الرائد جمال ناجي) الذي يناقش قضايا السرد العربي في ظل التطورات الرقمية، وتداخل الأجناس السردية، والعلاقة بين السرد والدراما، وغيرها من الموضوعات بمشاركات من السعودية والإمارات ومصر والسودان والكويت وسوريا وعمان والبحرين، ولبنان والعراق والجزائر والأردن. مارسيل خليفة يحيي حفلة في جرش (ارشيف المهرجان) مهرجان جرش الذي يلتئم في الـ23 من يوليو (تموز) إلى الثاني من أغسطس (آب) المقبلين، تحت شعار "هنا الأردن... ومجده مستمر"، أثبت منذ انطلاقته انحيازه للفن الأصيل، إذ وقف على المدرج الجنوبي في المدينة الأثرية التي شيدها الرومان قبل زهاء ألفي عام، أهم الفنانين العرب والعالميين، مما جعل هذا الحدث لقاء سنوياً للاحتفاء بالمخيلة، وإشاعة الأمل، وصناعة أفق للرجاء والتحدي. وفي قائمة المشاركين في المهرجان المقبل، الذي يشهد أكثر 235 فعالية أصالة وناصيف زيتون وأحلام، وميادة الحناوي ونور مهنا وجوزيف عطية وملحم زين وخالد عبدالرحمن ومحمد حماقي، إضافة إلى الفنانين الأردنيين عمر العبداللات ونداء شرارة وديانا كرزون، وعيسى السقار وأسامة جبور وحسين السلمان وعزيز مرقة وغيرهم. استفتاء غير معلن الذين يؤمون بالآلاف أنشطة المهرجان من الأردن وخارجه يشاركون في استفتاء غير معلن على جدارة هذا الحدث وصدقيته وكونه فضاءً رحباً للعائلة، مما يقوض المزاعم التي يطلقها المعارضون الذين يتطلعون، فحسب، إلى احتكار الحقيقة المطلقة المتصلة بصيانة الأخلاق وحماية الوجدان، فيما هم في الواقع يصطادون في المياه العكرة لتحقيق مآرب سياسية وشعبوية انتهازية تتغذى على المآسي من حولنا لإشاعة جو من الإحباط واليأس على اعتبار أن "الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر"، في تأويل مغرض يتوخى لي أعناق المعنى وإخراجه من سياقه، إذ ينهض في المقابل "روحوا القلوب ساعة بعد ساعة، فإن القلوب إذا كلت عميت". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) المهرجان مستمر، ويستمر معه الفرح. وإذا أرادت إسرائيل للعالم العربي أن يبقى حزيناً ومكتئباً ومتخلفاً ولائذاً بالغيبيات ومتقاعساً عن اللحاق بالركب الحضاري، فيتعين أن تُقاوم بالإقبال على الحياة وشحن الهمم وإيقاظ الإبداعات، والاستثمار بالقوة الناعمة من أجل الترفيه والسياحة وتحويل الثقافة والفنون إلى قوى منتجة ترفد الاقتصاد الوطني بالصناعات الإبداعية، وصولاً إلى "الاقتصاد الإبداعي" أو "اقتصاد العقول" الذي قدرت توقعات سابقة أن تصل سوقه إلى أكثر من تريليوني دولار. وهذه في مجملها رؤى وتصورات تستند إلى أرقام وبيانات، ويتعين أن تتوافر لها بيئة تنافسية منشدة إلى الأمام تؤمن بالعلم والسعي لتحسين الحياة والارتقاء بجودتها. ومن نافل القول أن نذكر أن نهضة الدول التي ابتليت بالدمار الذي حاذى الإفناء (كما جرى في اليابان) كانت من خلال تثوير العقول ومناهضة المستحيل، والاعتصام بالتفكير النقدي وعشق الأمل. وبفضل هذه الاستراتيجية أصبحت اليابان في زمن قياسي أكبر الدول الدائنة في العالم لأكثر منذ 31 عاماً، إذ وصلت صافي قيمة الأصول الخارجية لليابان (3.7 تريليون دولار) في نهاية عام 2024، قبل أن تتقدم عليها ألمانيا التي خاضت هي الأخرى معجزة البقاء والتحدي، بعد الحرب العالمية الثانية. ليس بعيداً من جرش وعن غزة بدأت الحكاية بنفض غبار القنوط عن كاهل الوعي. وستتواصل بالتفكير الحر وإثبات الحضور، واستعادة الحيوية الوجودية في عالم لا يحترم الضعفاء، ويرفع قبعته وينحني لمن يرفع قفازات التحدي. ليس بعيداً من جرش وعن غزة، الشعب الممتلئ عزة وتصميماً ينتصر في النهاية. أفراح غزة المقبلة تبدأ برسم لوحة وغناء قصيدة والهتاف للحياة وتمجيد الأمل. للنصر وجوه عديدة، أولها امتلاك الوعي واستقلال الإرادة وامتلاء الذات باليقين العلمي أنها قادرة، وإذ ذاك تتحول أحلام المحتلين إلى كوابيس ضارية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store