
إثيوبيا.. إبعاد "جبهة تيجراي" عن العملية السياسية يهدد مسار السلام
القرار، الذي ردت الجبهة برفضه واعتبرته "غير شرعي"، مثّل تصعيداً جديداً في العلاقة المتوترة بين الحكومة الفيدرالية والجبهة، التي وقعت معها اتفاق سلام هش في بريتوريا نهاية عام 2022، بعد حرب سقط فيها الآلاف.
ورغم أن القرار يأتي على خلفية اتهامات بعدم الامتثال لمتطلبات التسجيل القانوني، إلا أنه يُسلط الضوء مجدداً على هشاشة عملية السلام، وعلى عمق الهوة بين الحكومة المركزية وإقليم تيجراي، وفق مصادر مُطلعة.
ويطرح القرار أسئلة عن مستقبل الاستقرار في الشمال الإثيوبي، ومصير اتفاق بريتوريا، وما إذا كانت هذه الخطوة تمثل نهاية مسار سياسي وبداية مرحلة أكثر اضطراباً.
خلفيات القرار
المجلس الوطني للانتخابات في إثيوبيا هو هيئة دستورية مستقلة تتولى الإشراف على الانتخابات وإصدار التراخيص الحزبية، وأنشئ بموجب الإعلان 64 في عام 1992.
وتسبب قرار المجلس بشطب "جبهة تحرير تيجراي" من سجل الأحزاب السياسية، بخلط الأوراق مجدداً في مشهد سياسي هش لم يتعاف بعد من تبعات حرب طاحنة دامت عامين.
ووفقاً للمجلس، فإن قراره بشطب الجبهة جاء نتيجة عدم إيفائها بالتزاماتها القانونية بعد تسجيلها المشروط في أغسطس 2024، إذ لم تعقد مؤتمرها العام خلال المدة التي حددها المجلس، ما دفعه إلى تعليق أنشطتها لثلاثة أشهر كإنذار أول، قبل أن يقوم بشطبها نهائياً.
وأعربت "جبهة تحرير تيجراي" عن "رفضها القاطع" لقرار المجلس الوطني للانتخابات، مشددةً على أن اتفاق بريتوريا يمنحها "شرعية قانونية وسياسية لا تحتاج معها إلى شهادة المجلس الانتخابي".
ووصف رئيس الجبهة دبراصيون جبراميكائيل في بيان، القرار بـ"غير الشرعي"، مشيراً إلى أن اتفاق بريتوريا الذي وقع مع الحكومة الإثيوبية يمثل "إطار سياسي شامل، ولا علاقة لهم بموقف المجلس الوطني للانتخابات".
وحذّر جبراميكائيل من أن سحب الاعتراف بالجبهة يشكل "خرقاً مباشراً" لبنود اتفاق بريتوريا للسلام، ويهدد الأساس الذي بُني عليه مسار السلام، مطالباً الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا "إيغاد" والمجتمع الدولي بالتدخل لإنقاذ لتفاق السلام.
"محاولات لإحياء الصراع"
في المقابل، قال السفير رضوان حسين، مدير عام جهاز المخابرات والأمن الوطني الأثيوبي وكبير مفاوضي الحكومة في محادثات بريتوريا للسلام، إن "بعض الصقور الصغيرة داخل جبهة تحرير تيجراي تشعر بالندم على توقيع اتفاق السلام، وتواصل محاولاتها لإحياء الصراع في إقليم تيجراي، عبر استغلال معاناة المدنيين، وافتعال الأزمات أمام تنفيذ اتفاق السلام".
وقال حسين في مقابلة تلفزيونية مع وكالة الأنباء الأثيوبية، وتم بثها على جميع القنوات الحكومية، إن هذه القوى ترتكب "انتهاكات خطيرة" من خلال فتحها قنوات تواصل مع الجانب الإريتري، "ما يعد خرقاً لسيادة البلاد".
وأعرب عن استغرابه من تواصل "جبهة تحرير تيجراي" مع الحكومة الإريترية، رغم أن الجبهة تتهم إريتريا بـ"احتلال بعض أراضي الإقليم".
وتابع: "بدلاً من تنفيذ اتفاق السلام والمضي قدماً نحو عودة الإقليم إلى وضعه الطبيعي، تستغل الجبهة ملف النازحين داخل الإقليم، وتعمل على تعطيل جهود إعادتهم إلى قراهم، ما يؤدي لتفاقم الأوضاع الإنسانية في الإقليم".
واعتبر حسين، أن "الحل يكمن في تجاوز رواسب الحرب، وبناء سردية وطنية جامعة ترسّخ السلام، وتضع أساساً لمستقبل مشترك"، محذراً في الوقت ذاته من "محاولات التشويش على المسار السلمي من خلال إذكاء التوترات وافتعال الأزمات".
تهديدات بعدم الاعتراف
وهددت "جبهة تحرير تيجراي" الحكومة الفيدرالية بأنها "لن تعترف" بقرار مجلس الانتخابات، داعيةً الحكومة إلى وقف ما اعتبرته "الضغوط الممارسة عليها".
وقال نائب الإدارة المؤقتة لإقليم تيجراي أمانويل أسيفا، إن "مثل هذه قرارات من الحكومة المركزية التي تهدف لإقصاء الجبهة، قد تجبرهم على الانسحاب من اتفاق السلام".
وأشار إلى أن "ما يربطهم بالحكومة الفيدرالية هو اتفاق السلام الذي تستمد الجبهة شرعيتها منه، وبالتالي لا يعنيها هذا القرار الذي اتخذه مجلس الانتخابات".
وتزداد المؤشرات على أن اتفاق بريتوريا بات يترنح ما بين التوترات العسكرية على الحدود الشمالية مع إريتريا، وغياب الثقة بين الحكومة الفيدرالية والجبهة، وبعض القوى السياسية في إقليم تيجراي، التي انتقدت "جبهة تحرير تيجراي" لتواصلها مع الحكومة الإريترية، في ظل ما أسمته استمرار الوجود الإريتري في بعض أراضي الإقليم.
ووجه رئيس "حزب استقلال تيجراي" دجيني مزغيبي، انتقادات للجبهة، واتهامها بـ"الارتماء في أحضان الحكومة الإريترية، التي كانت قد شنت حرباً على الإقليم بتحالفها مع الحكومة الإثيوبية في 2020".
ويرى مزغيبي، أنه "لا يوجد مبرر لجبهة تحرير بالتواصل مع إريتريا في سبيل الضغط على الحكومة الإثيوبية، فيما تواجه من قرار من مجلس الانتخابات الإثيوبي".
مأزق قانوني وسياسي
ويرى مراقبون، أن قرار المجلس الوطني للانتخابات يقود إلى مأزق مزدوج، فمن جهة أصبحت الجبهة بلا وضع قانوني داخل النظام السياسي الإثيوبي، ومن جهة أخرى ما زالت تُعد طرفاً أساسياً في اتفاق بريتوريا، وهو ما يُنتج حالة غريبة من "الشرعية المجمدة"، التي تعقد تنفيذ بنود اتفاق السلام.
وقال المحلل السياسي الإثيوبي دانيال برهان لـ"الشرق"، إن قرار شطب الجبهة أفرز ما يشبه بـ"الشرعية المجمدة"، فالجبهة "لم تعد حزباً معترفاً به قانونياً، لكنها لا تزال أحد أطراف اتفاق بريتوريا".
واعتبر برهان، أن هذا "الوضع الشاذ يعقّد تنفيذ بنود حيوية من اتفاق السلام مثل العدالة الانتقالية، ونزع السلاح، وإعادة دمج الإقليم في الدولة"، لافتاً إلى أن "هذا التناقض قد يتحول لمبرر من أجل تجميد الاتفاق أو إعادة تفسيره لصالح طرف دون آخر، في ظل غياب ضغوط دولية فاعلة تلزم الجميع بالتنفيذ".
من جهته، يرى الباحث في قضايا القرن الإفريقي زكريا إبراهيم، أن "التوتر الحالي بين الحكومة الإثيوبية والجبهة.. قد يدفع إلى تصعيد يؤدي لمواجهة لا تعرف نهاياتها".
وذكر إبراهيم لـ"الشرق"، أن "فقدان الجبهة لشرعيتها قد يفتح المجال أمام بدائل جديدة من داخل الإقليم، أكثر توافقاً مع أديس أبابا".
وحذر إبراهيم من أن "استمرار هذا الوضع وبقائه كما هو، يعني استقراراً هشاً دون سلام فعلي، واستمرار تيجراي في منطقة رمادية قد تنفجر في أي وقت، وفق الأوراق التي يستخدمها الطرفين الحكومة والجبهة".
وتوقع أن يحصل تدخل دولي نتيجة هذا "التدهور السريع، ومن أجل ممارسة ضغوط مركزة على الأطراف قد تدفع نحو صيغة جديدة من التفاهم، تعيد الجبهة إلى المشهد ضمن ترتيبات مختلفة تسهم في استمرار اتفاق السلام".
واعتبر إبراهيم، تصريحات المدير العام لجهاز المخابرات والأمن الوطني الإثيوبي التي اتهم فيها الجبهة بتقويض عملية السلام، وفتح قنوات تواصل مع إريتريا، وقرار شطب الجبهة، وتنامي الانقسامات الداخلية، بأنها "جميعها مؤشرات على أن اتفاق السلام بين الحكومة الفيدرالية وجبهة تحرير تيجراي يقف عند مفترق طرق حاسم، ويتطلب بذل جهود داخلية ودولية عاجلة لوقف انهيار السلام".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 5 ساعات
- الشرق الأوسط
ممداني اختبار للديمقراطية الأميركية
هل باتت الديمقراطية الأميركية أمام اختبار جديد، ضمن اختبارات متوالية، موصولة بروح الديمقراطية الأميركية، ومساءلة في الوقت ذاته عمّا تبقى من فكرة الحلم الأميركي؟ المؤكد أن قصة «الفتى ممداني» الذي غيّر الأوضاع وبدّل الطباع في نيويورك، بابل العصر الحديث، تدفعنا في طريق البحث عن جواب لعلامة الاستفهام المتقدمة. زهران كوامي ممداني، المولود في غانا، لأب هندي أوغندي مسلم، وأم بنجابية هندوسية، والمهاجر في عمر السابعة إلى الولايات المتحدة الأميركية مع والدَيْه، يكاد يلمس النجوم في مدينة التفاحة الكبرى بيدَيه، بعد فوزه نهار الأربعاء الماضي، بالانتخابات التمهيدية لمنصب عمدة المدينة. الخبر مثير، فكيف لشاب لم يتجاوز الثالثة والثلاثين من عمره، وذي ميول يسارية، وبشرة غير بيضاء أن يهزم رجالات «الواسب» في عقر دارهم؟ تبدو قصة ممداني مركبة وليست بسيطة، وتحمل إشارات أكثر إثارة لأميركا القادمة، رغم الغبار الذي أثارته ولا تزال حركات من نوع «ماغا» أو «جعل أميركا عظيمة» مرة أخرى. من الواضح بداية أن ممداني لم يستعمل شعارات آيديولوجية، ولم يتعاطَ برؤى دوغمائية، بل بحث عما ينفع الناس، من دون محاصصة عرقية أو دينية، من نوعية تخفيض أو تثبيت الإيجارات، وحافلات مجانية، وتأمين، ورعاية شاملة للأطفال؛ أي تخفيف أعباء الحياة عن كاهل أرباب الأسر الفقيرة والمتوسطة. غالب الظن أن الذين صوّتوا لممداني، انطلقوا من مفاهيم ملموسة ومحسوسة، وبعيداً عن نقاشات غرف الفنادق المكيفة. ناخبون متعطشون لرؤية أكثر تفاؤلاً للمدينة، صوّتوا لشاب في مقتبل العمر، يملك رؤية أكثر تفاؤلاً، لا سيما بعد أن سئم النيويوركيون من فساد الطبقة الحاكمة، من عينة منافسه كومو. والشاهد أننا هنا أمام لحظة كبيرة في تاريخ أميركا؛ لكنها لحظة معاكسة لما رآه الرئيس ترمب، حيث عدّ أن ما يجري تحول جذري نحو اليسار المتطرف. والواقع أن تصويت مواطني مدينة رأسمالية كبرى بقدر نيويورك، التي يبلغ ناتجها الإجمالي نحو 1.43 تريليون دولار سنوياً، لمرشح يساري النزعة، هو انقلاب وتغيّر مفصلي، على الضد من الليبراليين الجدد وكبار الرأسماليين البراغماتيين. فوز ممداني بالانتخابات التمهيدية شكّل بالفعل مفاجأة صادمة لخبراء استطلاعات الرأي، أولئك الذين فشلوا في التقاط الطاقة والوهج المنتشرَيْن من حول الشاب الواعد، كما أخفقوا بأكبر قدر في رؤية أو قراءة حماسة الناخبين الشباب الذين خرجوا بأعداد كبيرة للانتخابات ذات الإقبال العالي. بدا الفوز مزلزلاً للقواعد التقليدية للحزب الديمقراطي، وهي التي ما انفكت تتطلّع إلى التعافي من خسائر عام 2024، لا سيما أن هناك من يتوجس خيفة من أن يؤدي فوز ممداني النهائي بمنصب عمدة نيويورك، إلى الإضرار بشعبية الحزب على المستوى الوطني، خصوصاً أن الجناح التقدمي في الحزب يرى أن صيغة ممداني الواقعية غير الهيولية أو المخملية، المتخفية تحت الشعارات البراقة من نوعية «جعل أميركا عظيمة»، يمكن أن تنتشر خارج نيويورك، وربما تجد لها رجع صدى في الساحل الغربي تحديداً، وعند كاليفورنيا التي تشاغبها صباح مساء كل يوم مؤخراً، أعلام وأحلام الكونفدرالية مرة جديدة، وكأن الزمن يعود إلى الخلف ولا يتقدم إلى الأمام. التقليديون في الحزب الديمقراطي يرون ممداني رجلاً صاحب تاريخ سامٍ، ولهذا انطلقوا بسرعة الريح بحثاً عن أي تصريحات تدينه، وكان من الطبيعي أن يتركز الأمر على جهاز الشرطة في الداخل، وعلى رؤيته لإسرائيل في الخارج، ولهذا عدّوا فوزه خطيراً لحزب يعتمد نجاحه الوطني على قدرته على جذب الأصوات في الأماكن الأقل تقدمية في جميع أنحاء البلاد. ممداني الديمقراطي، عضو الجمعية التشريعية لولاية نيويورك، يُعد خبراً سيئاً جداً للحضور اليهودي الفاعل والنشط جداً في نيويورك المكتظة بهم، وقد تعلّلوا بتصريح له، في أكتوبر (تشرين الأول) 2023: «السلام العادل والدائم لا يمكن أن يبدأ إلا بإنهاء الاحتلال وتفكيك نظام الفصل العنصري»، لينطلقوا في طريق معاكس لفوزه، لكن ذلك لم يمنع مواطني نيويورك من حسم المشهد، مما دفع قضية الهجرة إلى أن تطل مرة جديدة من نافذة الأحداث. هذا الفوز أحدث جلبة كبيرة ضمن سياقات المؤثرين في حركة «ماغا» حيث عدّوا الأمر نتاجاً طبيعياً للتعددية الثقافية التي أفرزتها تيارات الهجرة إلى أميركا، وكأنهم هم أصحاب الأرض، وليسوا أجيالاً مهاجرة بدورها. لم يوفّر الكثيرون معتقده الديني، مشككين في ولائه انطلاقاً من إسلامه، فعلى سبيل المثال نشر تشارلي كيرك، اليميني بامتياز على منصة «X» كلمات مسمومة وربطها بممداني مسترجعاً أحداثاً مؤلمة جرت في نيويورك في 2001. هل ستنتصر أميركا الديمقراطية على أميركا الأصولية؟


الشرق الأوسط
منذ 8 ساعات
- الشرق الأوسط
لماذا تنسحب أحزاب عراقية من الانتخابات؟
رغم نزعة حزبية في العراق للانسحاب من التنافس، حددت مفوضية الانتخابات مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل موعداً لانطلاق الحملات الدعائية، بعد أيام من إعلان حزب شيعي بارز انسحابه على غرار التيار الصدري، الذي يرجح مراقبون صعوبة عودته إلى حلبة التنافس خلال الفترة المتبقية قبل الاقتراع. وقال المتحدث باسم الفريق الإعلامي في المفوضية، حسن هادي، للوكالة الرسمية، إن «المفوضية حددت مطلع شهر أكتوبر 2025 موعداً لانطلاق الحملة الدعائية للمرشحين». وأضاف هادي أن «الفترة التي خصصتها المفوضية لتحديث سجلات الناخبين كانت طويلة، وتمكنت خلالها من تحديث بيانات أكثر من مليوني ناخب»، مشيراً إلى أن «احتمالية إعادة فتح باب التحديث مجدداً ليست واردة أبداً». بدوره، وجه رئيس الإدارة الانتخابية في المفوضية، عامر الحسيني، بتشكيل لجان رصد إعلامي لتسجيل المخالفات الانتخابية، «ستتولى رصد وتلقي الإخبارات من فرق الرصد عن أي مخالفة بما فيها الإعلان عن الترشح وذكر رقم المرشح». حيدر العبادي (وكالة الأنباء العراقية) بالتزامن مع تحضيرات تعمل عليها مفوضية الانتخابات، تزداد المخاوف من انسحاب مرشحين وأحزاب من التنافس. وكان ائتلاف «النصر» بزعامة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي قد أعلن انسحابه من الانتخابات، احتجاجاً على دور «المال السياسي»، وغياب الضوابط المانعة لتوظيفه، ليصبح بذلك ثاني ائتلاف شيعي يقرر ذلك. ويميل مراقبون إلى الاعتقاد بأن الوضع العام قد يدفع قوى سياسية أخرى إلى الانسحاب أيضاً. وتقول العضو السابقة في البرلمان شروق العبايجي إن «علامات غرق السفينة في ازدياد، وهناك من يريد القفز والنجاة بعد ما حقق مكاسب ومنافع نتيجة وجوده في السلطة، رغم وجود قوى تريد استغلال نفوذها لضمان البقاء». وأوضحت العبايجي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «الانتخابات المقبلة سوف تكون حصيلة تراكمات عقدين من العمل السياسي، بكل ما فيها من أداء حزبي ضعيف ومحاصصة وعنف وفساد». وعلى حد تعبير العبايجي، فإن العاملين في الحقل الحزبي والمعنيين بملف الانتخابات «لا يشعرون بالتفاؤل حيال جولة الاقتراع المقبلة»، ثمة «إحساس عام بأن شيئاً ما سيحدث لكن لا أحد يعرف ما هو تماماً». وازداد انعدام الثقة بالحياة السياسية خلال الأشهر الأخيرة، وتعمق أخيراً مع اندلاع الحرب الصاروخية بين إيران وإسرائيل، ومع توقف المعارك فإن القلق من عودتها قريباً يحبط كثيرين في بغداد لديهم خطط انتخابية طموحة. وقالت العبايجي: «بالنسبة للقوى المدنية، فقد قررنا المشاركة في الانتخابات رغم عدم وجود معطيات على حدوث تغيير يمكنه إنقاذ العملية السياسية». موظف في مفوضية الانتخابات العراقية يحمل صندوقاً لفرز أصوات الاقتراع المحلي في ديسمبر 2023 (أ.ف.ب) مع كل انتخابات تشريعية يتكرر السجال الحزبي والاجتماعي بشأن مقاطعة الانتخابات أو المشاركة فيها، وفي السنوات الماضية انخفضت نسبة المشاركة في التصويت، الأمر الذي دفع مراقبين إلى التشكيك في جودة تمثيل الناخبين في البرلمان. ويرصد الخبير القانوني أحمد العبادي «متغيراً جديداً» في الانتخابات المقبلة. وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن المرشحين سيعتمدون على عشائرهم للفوز بمقاعد في البرلمان المقبل. وأضاف العبادي، المعروف بمراقبته لظواهر الانتخابات وأنشطتها في العراق، أن «الانتخابات القادمة ستكون ذات طابع عشائري، إذ سيكون مرشح العشيرة مفضلاً على مرشح الحزب». وأوضح العبادي أن الانتخابات المقبلة ستكون في مواجهة مع تحديات قديمة تتعلق باستغلال المال السياسي بما في ذلك التمويل الخارجي ونفوذ المرشحين في المؤسسات الحكومية، وتضاف لها الآن تأثيرات القبيلة.


الشرق السعودية
منذ يوم واحد
- الشرق السعودية
جيفريز: على ممداني توضيح موقفه من "عولمة الانتفاضة"
قال زعيم الأقلية في مجلس النواب الأميركي حكيم جيفريز، الأحد، إن مرشح الحزب الديمقراطي لمنصب عمدة نيويورك زهران ممداني بحاجة إلى "توضيح موقفه" من عبارة "عولمة الانتفاضة"، في حال أراد الفوز بالمنصب. وفي مقابلة مع برنامج "This Week" على شبكة ABC NEWS، سُئل جيفريز عن فوز ممداني المفاجئ في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، بالإضافة إلى الجدل المُثار حول ارتباطه بنشاطات تُوصف بأنها "مناهضة لإسرائيل". وأشار مقدم البرنامج، جوناثان كارل، إلى أن ممداني سبق أن دافع عن استخدام عبارة "عولمة الانتفاضة"، التي تعتبرها جماعات يهودية عديدة مسيئة ومُعادية للسامية. ورد جيفريز قائلاً: "عولمة الانتفاضة ليست عبارة مقبولة. سيتعين عليه أن يوضح موقفه من هذه العبارة بينما يواصل حملته الانتخابية". وأضاف: "بالنسبة للجاليات اليهودية التي أمثلها، أعتقد أنه يتعين على مرشحنا أن يقنع الناس بأنه مستعد للتصدي بقوة لتصاعد مُعاداة السامية في مدينة نيويورك، وهي ظاهرة غير مقبولة". وأشار جيفريز، إلى أنه بغض النظر عمَّن سيكون العمدة القادم للمدينة، فإن عليه أن يمتلك "خطة واضحة والتزاماً صريحاً" لمواجهة تنامي الكراهية ومُعاداة السامية، إلى جانب معالجة قضايا أخرى مثل أزمة السكن. ولم يُعلن جيفريز حتى الآن تأييده الرسمي لممداني كمرشح لمنصب عمدة نيويورك، إلا أنه كشف خلال المقابلة أنه تحدث إليه، الأربعاء الماضي، لتهنئته على فوزه في الانتخابات التمهيدية للحزب. وقال جيفريز، إن عدم إعلانه تأييد ممداني يعود ببساطة إلى أنهما "لا يعرفان بعضهما البعض جيداً"، مشيراً إلى أنهما اتفقا على التحدث معاً قريباً. وفي المقابل، تجنب ممداني، خلال ظهوره في برنامج "Meet the Press" عبر شبكة NBC في اليوم نفسه، الإجابة بشكل مباشر عمّا إذا كان يدين استخدام عبارة "عولمة الانتفاضة". وقال ممداني خلال المقابلة: "مخاوفي تكمن في أن الدخول في تحديد ما أعتبره مقبولاً أو غير مقبول من الكلام يضعني في موقف مشابه لما يقوم به الرئيس (الأميركي دونالد ترمب)، الذي يسعى لاتخاذ إجراءات من هذا النوع، مثل سجن الناس لمجرد كتابة مقال رأي أو المشاركة في احتجاج". وتابع: "في نهاية المطاف، هذه العبارة ليست اللغة التي أستخدمها، لكنني أتفهم وجود مخاوف بشأنها، وما سأفعله هو عرض رؤيتي للمدينة من خلال أقوالي وأفعالي".