
رائحة الموت على بعد شارع.. شهادات من "مقبرة القطط" في الزرقاء
يفني بعض الناس حياتهم في خدمة حيواناتهم الأليفة، يمنحونها حباً وأماناً أبدياً. في المقابل، يكرّس آخرون حياتهم لتعذيب هذه الكائنات الودودة، ينكلون بها ويسحقونها بوحشية حتى تلفظ أنفاسها الخافتة بين أيديهم.
اضافة اعلان
قطط بلا أوصال، وأخرى محللة تأكلها الديدان، وجثث معبأة بأكياس، هو فحوى مقطع فيديو انتشر من داخل منزل شخص في مدينة الزرقاء، يقوم بتعذيب قطط يصطادها من الشارع أو يخدع الناس بإيهامهم أن منزله ملجأ آمن لتبنيها. لكن بالخفاء، كان هذا البيت بمنزلة مسلخ، يستخدمه للتنكيل بهذه الكائنات الأليفة، موثقاً جرائمه بدم بارد، حسب شهود عيان.
وثَقِت أماني وأحمد وغيرهما الكثير بمن أسموه "سفاح القطط" لاحقا، فسلّما له قططهم طمعاً بالرعاية والأمان، لكن النهاية كانت أليمة.
يأخذ القطط ويختفي بها
يروي أحمد لـ"الغد" تجربته الشخصية مع من وصفه بـ"المجرم" قائلاً: "عثرتُ على قط حديث الولادة كان بأمسّ الحاجة إلى أم مرضعة، فكتبت منشوراً في إحدى مجموعات التبني طلباً للمساعدة، ليتواصل معي عبر تعليق مدّعياً أن لديه عدة قطط مرضعات".
يتابع أحمد: بعد إيصال القط إليه، اختفى أثره، فحاولت مراراً التواصل معه للاطمئنان على قطي، لكنه لم يرد، وحين أجاب أخيراً، كان رده عدائياً واتهامياً، مدّعياً أنني أسيء الظن به.
"أرسل لي مقطع فيديو لا يتجاوز الـ10 ثوانٍ، يظهر فيه قطاً آخراً أكبر سناً يعيش في بيئة سيئة وتبدو عليه آثار تعذيب". يقول أحمد، مؤكداً أنه طالب باسترجاع القط، لكن الرجل تجاهله تماماً واختفى مجدداً، ولم يستطع الوصول إليه.
"سلمنا 5 قطط بيدنا إلى المجرم"
تعتني الشابة أماني بعدد كبير من القطط في منزلها، وتبذل ما بوسعها لإنقاذها، عثرت يوماً على 5 قطط فقدن أمهن، وكن بحاجة ماسّة إلى أم مرضعة.
تقول أماني في حديث لـ"الغد": "نشرنا نداء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فجاءنا الرد من شخص يزعم أنه منقذ للحيوانات، وأنه يملك قططاً مرضعات، فأرسلنا له القطط، ثم انقطع التواصل. حتى صُدمنا لاحقاً بفيديو متداول، يُظهر مشاهد تعذيب لحيوانات أليفة في مكان مهمل، ليتبين لاحقاً أن هذا الشخص هو ذاته من استلم القطط منا".
شعور بالذنب لا يفارق أماني منذ تلك اللحظة، تقول بغصة لا تُخفى: "لم أكن أعلم أني سلّمت قططي إلى يد مجرم".
شكوى تقود لكشف المعنِّف
تقول رئيسة جمعية أصدقاء الحيوانات الصامتة ريم زياد في حديثها لـ"الغد": "منذ فترة وأنا أُبَلَّغ عن هذا الشخص، إذ يأخذ القطط من مجموعات التبني، ثم يمنع أصحابها من معرفة مكانها أو استردادها، قمت بالتواصل معه عبر فيسبوك، أخبرته بأن هناك قطة يرغب أصحابها باسترجاعها، لكنه ردّ بعنف: ما دخلك! مين بتكوني! وما بتعرفي أنا مين؟ ثم رفض إعادتها".
وتتابع ريم: بعد ذلك، أخبر إحدى الفتيات أن قطتها "طلعت على السطح وانتحرت"، عندها أدركنا أننا على أعتاب مشكلة حقيقية.
تهديدات بالقتل
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ تكمل ريم: "تواصلت معي فتاة أخرى وأخبرتني بأنها سلّمته 5 قطط، حاولت استرجاعها بعدما لاحظت أن صورها تُظهر تدهوراً شديداً في حالتها الصحية، لكنه رفض، بل وهددها صراحة قائلاً: "إذا بتقربي عليّ، ببعتلك ناس يقتلوك".
وتضيف ريم: "نصحت الفتاة بتقديم شكوى للمتصرف، ورافقْتُها بنفسي لتقديمها. وفي اليوم التالي، تواصلت مع جهات رسمية، وتعاونوا مع البحث الجنائي من أجل إلقاء القبض عليه. وبعد يومين، اتصلت بي مجدداً، وأخبرتني أن المتصرف يريد أن يرافقنا لمداهمة منزله واستعادة القطط. وبالفعل، ذهبنا مع الجهات المعنية إلى هناك، وهنا كانت الكارثة.
رائحة موت تخيم على المكان
منذ أن دخلنا الشارع، بدأت رائحة كريهة تُخيّم على المكان، تقول ريم، وتتابع: "كان مشهداً صادماً عندما فتحنا الباب؛ رأينا قططاً مصدومة ويائسة، وكأنها تُدرك أن دورها في العذاب قادم. كانت الدماء تلطّخ الجدران، وقطط نافقة وُضعت أمام الأخريات، إحدى القطط كانت مضروبة بمسمار مغروس في رأسها، وأخرى كانت ممزقة تماماً. وعندما فتحنا الأكياس، وجدنا داخلها جثث قطط مقطعة، حينها أيقنت أننا دخلنا إلى "مقبرة للقطط"! تؤكد ريم.
استطاعت ريم زياد إنقاذ 51 قطة، كانت حالتها النفسية سيئة للغاية، وقبل أيام ذهبت إلى المدعي العام كشاهدة بصفتها ممثلة عن جمعية، ليخبرها صراحةً بضعف قانون العقوبات المتعلق بمعذب الحيوانات الأليفة، إذ تنص المادة 472 من قانون العقوبات الأردني على أنه "يعاقب بالحبس حتى أسبوع، وبالغرامة حتى 5 دنانير، كل من ضرب بقسوة حيواناً أليفاً أو داجناً أو أثقل حمله أو عذبه".
كما تنص المادة 452 على "الحبس حتى ثلاثة أشهر أو غرامة لا تتجاوز 50 ديناراً لمن يقتل حيواناً أليفاً أو داجناً عمداً، والحبس حتى شهر أو غرامة لا تتجاوز 20 ديناراً لمن يضرب أو يجرح حيواناً بصورة تمنعه عن العمل أو تلحق به ضرراً جسيماً".
وتتساءل ريم هل يُعقل أن تُعامل جريمة بهذا الحجم كمخالفة بسيطة؟
إيذاء الحيوانات والاضطرابات النفسية
لماذا يؤذي بعض الأشخاص الحيوانات؟ تساؤل مؤلم، لكنه ضروري لفهم هذا السلوك القاسي؟
توضح استشارية الصحة النفسية والأسريّة، د.حنين البطوش، أن تعنيف الحيوانات يرتبط غالباً باضطرابات نفسية، تعود إلى تكوين عاطفي غير سليم في الطفولة، مثل غياب الحب والاحتواء، والتعرض للعنف، ما يضعف القدرة على تطوير التعاطف مع الكائنات الأضعف.
وتُشير البطوش إلى أن أشخاصا يلجأون لتعنيف الحيوانات بدافع فرض السيطرة أو تفريغ مكبوتات داخلية، وكأنهم ينتقمون من العالم من خلال جسد ضعيف لا يستطيع الدفاع عن نفسه.
وتختم البطوش حديثها لـ"الغد" بالقول: "من يستهين بإيذاء حيوان اليوم، قد يستهين بإيذاء إنسان غداً، فالأمر ليس في نوع الضحية، بل في توفر الفرصة."

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ ساعة واحدة
- رؤيا نيوز
جيش الاحتلال يعترف بصعوبة كمين 'بيت حانون' ويقر بمقتل 5 من جنوده
أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، مساء الثلاثاء، أن قواته فقدت خمسة جنود خلال عملية عسكرية في بلدة بيت حانون شمالي قطاع غزة. وأشار في إحاطة للصحفيين حول كمين بيت حانون الصعب إلى أن جنديين آخرين في حالة حرجة، إضافة إلى إصابة 16 آخرين بجروح متوسطة. وأوضح المتحدث أن تحقيقا عملياتيا أوليا جرى بشأن ما حدث، لافتا إلى أن 'العبوة الناسفة الأولى استهدفت قوة من كتيبة نتساح يهودا، بينما أصابت العبوة الثانية وحدة الإنقاذ التي حاولت التقدم لإخلاء المصابين'. وأضاف أن الجيش الإسرائيلي 'يحاصر بيت حانون من جميع الجهات'، في وقت تتواصل فيه العمليات العسكرية في المنطقة. مؤكدا انتشار عشرات المسلحين في بيت حانون، بالاضافة لوجود أنفاق. ونشر الجيش الإسرائيلي تفاصيل التحقيق الأولي في حادثة بيت حانون. وتشير تفاصيل التحقيق التي سمح بنشرها إلى أن العبوات الناسفة التي انفجرت في موقع الحادثة وضعت جميعها خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية. وأكد أن 3 عبوات ناسفة انفجرت واحدة تلو الأخرى، بينما كان المسلحون الذين زرعوها يراقبون الحدث. وكان معظم الجنود الذين أصيبوا أو قتلوا في الحادث قد أصيبوا بالفعل بانفجار العبوتين الناسفتين الأوليين، وفي الوقت نفسه، كان إطلاق النار جاريا على القوة المتواجدة.


رؤيا نيوز
منذ 2 ساعات
- رؤيا نيوز
'الفارس المجهول' انقذ الصحفي الحباشنة واوصله للمستشفى .. اليكم التفاصيل
في اعقاب الاعتداء الاثم على الصحفي فارس الحباشنة فجر الثلاثاء امام منزله من قبل 4 ملثمين وتعرضه لاصابات في الرأس ، ولم يكن في المكان احد من الجيران ، وظهر شاب يعمل على تطبيق توصيل الطلبات الى المنازل في هذه التوقيت المتأخر من الليل. حيث طلب الحباشنة المساعدة من الشاب 'مجهول الهوية' حتى اللحظة ، والذي بادر على الفور الى مساعدته ونقله بمركبته الى اقرب مستشفى. ووجه الحباشنة الشكر والامتنان لهذا 'الفارس المجهول' ، والذي لم ينتظر شكرا على ما قام به من واجب يثبت ان الاردنيين بخير ، برغم الاعتداء الجبان الذي نفذه ملثمون. فيما تواصل الاجهزة الامنية في البحث الجنائي والامن الوقائي جهودها في البحث والتحري للوصول الى الجناة. وطمأن 'الحباشنة' الجميع على صحته وقرب تعافيه حيث تم اجراء طبي للجرح في الرأس واجراء صور وفحوصات اثبتت انه يتعافى بشكل مطمئن.


رؤيا نيوز
منذ 4 ساعات
- رؤيا نيوز
المومني: رئيس الوزراء وجه لمتابعة حادثة الاعتداء على الصحفي الحباشنة
زار وزير الاتصال الحكومي، الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني، الصحفي فارس الحباشنة للاطمئنان على صحته، بناء على توجيهات رئيس الوزراء جعفر حسان، الذي وجه أيضا لمتابعة الأمر مع نقابة الصحفيين والأجهزة المختصة. وقال المومني، عبر حسابه في منصة إكس 'الأردن دولة القانون والمؤسسات تعاقب المعتدين والخارجين عن القانون، وأن هذا الفعل الذي تعرض له الصحفي فارس الحباشنة مرفوض ومدان ومن فعله سينال عقابه'. وأضاف 'الأجهزة الأمنية الباسلة تقوم بواجبها بكفاءة ومهنية رفيعة في التحقيق ومتابعة تفاصيل الاعتداء'. وأدان مجلس نقابة الصحفيين الأردنيين، الثلاثاء حادثة الاعتداء التي تعرض لها الزميل فارس الحباشنة أمام منزله في العاصمة عمّان، موضحا أنه يتابع تفاصيلها باهتمام بالغ. وعبر المجلس عن رفضه المطلق لمثل هذه التصرفات الغريبة عن المجتمع. ودعت النقابة الأجهزة الأمنية المختصة إلى الإسراع في كشف ملابسات الحادث والقبض على المعتدين، وإحالتهم إلى القضاء لينالوا العقوبة العادلة وفق أحكام القانون.