
بغداد اعتمدت الـ"براغماتية".. هل يؤثر الملف السوري و"الشرع" على الانتخابات العراقية؟
خلص معهد "المركز العربي في واشنطن" الأمريكي، إلى أن "البراغماتية" هي التي تحكم سياسة العراق ورؤيته تجاه سوريا الجديدة، ويرى أنه بغداد ستستفيد بشكل كبير من قيام علاقة مستقرة مع دمشق خصوصا في مجالات الامن والحدود والمياه والطاقة والاقتصاد، وهي قضية لا يستبعد المعهد الأمريكي أن تؤثر على الانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق.
وتحت عنوان "البراغماتية تشكل موقف العراق تجاه سوريا ما بعد الأسد"، يرى المعهد في تقريره الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، أن للعراق مصالح كبيرة من نجاح عملية انتقال السلطة في جارته سوريا بعد سقوط نظام بشار الاسد في كانون الاول/ ديسمبر 2024.
وبين أنه برغم أن بغداد ودمشق تؤكدان على اهمية تعزيز العلاقات بينهما، رغم اختلافاتهما السياسية والإيديولوجية، إلا انه اعتبر انه من المرجح ان يؤدي الماضي الجهادي للرئيس السوري المؤقت احمد الشرع، بالاضافة الى التوترات الجيوسياسية المرتبطة بايران،الى تعقيد علاقات بغداد ودمشق.
ولفت التقرير الأمريكي إلى أن انهيار نظام الأسد، أثار قلق المسؤولين العراقيين، لكته تابع قائلا ان غالبية الفصائل المسلحة الشيعية العراقية لم ترسل مقاتلين الى سوريا لمنع سقوط نظامه، واختارت البقاء على الجانب العراقي من الحدود لحماية العراق من أي تداعيات قد تزعزع استقرار العراق من خلال التطورات السورية.
وبحسب التقرير، فإنه من المرجح أن قرار عدم التدخل العسكري، استند الى تقدير مفاده ان اي محاولة لدعم حكومة الاسد ستكون بلا جدوى، في ظل التقدم السريع للمتمردين المسلحين نحو دمشق، بالاضافة الى ان العراق رأى أن إيران أما غير راغبة او ليست قادرة على تقديم مستوى الدعم اللازم لشن هجوم مضاد فعال ضد "هيئة تحرير الشام" وحلفائها من المسلحين.
وذكر التقرير، أنه بعد سيطرة "هيئة تحرير الشام" على دمشق، تكيفت القيادة العراقية بسرعة مع واقع "سوريا الجديدة"، حيث عدل كبار المسؤولين العراقيين خطابهم للاشارة الى دعمهم للعملية الانتقالية في سوريا وتمهيد الطريق أمام علاقات مستقرة، متخذين بذلك موقفا من الود الحذر تجاه القيادة الجديدة، في حين أن حكومة الشرع عززت من نهج المبادرات الملموسة من خلال سعيها الى طمانة العراق بالتزامه بحماية الاقليات الدينية والعرقية في سوريا والحفاظ على علاقات سلمية مع الدول المجاورة.
وأكمل، أن "هذه الجهود حدت من بعض المخاوف في بغداد بشأن النظام السياسي الجديد في دمشق، على الرغم من أن الحكومة العراقية لا تزال تبدو قلقة بشان تطور الاحداث السوررية، وكذلك بشأن ماضي الشرع في تنظيم القاعدة، في حين تخشى العديد من الاطراف العراقية من عودة نفوذ المتطرفين في سوريا التي يحكمها الشرع، وهي مخاوف تفاقمت وقد تفاقمت بعد تفجير كنيسة في دمشق في 22 حزيران/يونيو 2025.
انقسامات في العراق
ورأى التقرير، أن مسألة ادارة العلاقة مع سوريا ما بعد الأسد، تعتبر مسألة خلافية داخل العراق، حيث انه لكل طرف سياسي رئيسي في العراق، وجهات نظر مختلفة، اذ ان الدولة العراقية بقيادة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تحبذ اصطفاف بغداد مع قطر والمملكة السعودية في دعم التطبيع مع سوريا.
أما الطرف الثاني، المتمثل في الفصائل الموالية لإيران، بما في ذلك الميليشيات التابعة لمحور المقاومة، فقد قال التقرير أن لديها شعور شكوك كبيرة تجاه الشرع بسبب ماضيه الارهابي في العراق، بينما تعتبر العديد من الاطراف الشيعية أن "هيئة تحرير الشام" تحمل أوجه تشابه مثيرة للقلق، مع تنظيم داعش، وان اسقاط نظام الأسد هو مؤامرة دبرتها الولايات المتحدة واسرائيل وتركيا لتعديل ميزان القوى الاقليمي، والشرع وفقا لذلك، هو "وكيل" لواشنطن وتل ابيب وانقرة.
أما الطرف الثالث المتمثل في القوى السنية، فانها بحسب التقرير، تؤيد في الغالب تطبيع علاقة بغداد مع دمشق ما بعد البعث، ليتماشى موقفها بذلك مع موقف عواصم دول مجلس التعاون الخليجي، التي تعتقد ان هذه الاستراتيجية ستساهم في تقريب العراق من الدول العربية وتؤدي الى اضعاف نفوذ ايران.
ولفت التقرير إلى أن، هذه الديناميكيات المعقدة تضاف الى الانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق، والمقررة في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، موضحا انه "لم يتضح بعد الدور الذي ستلعبه مسالة علاقات العراق مع سوريا ما بعد الأسد في التأثير على نتيجة التصويت، إلا أن التقرير اعتبر انه في حال استمرار الاعمال العدائية بين إسرائيل وايران فان القضايا المتعلقة بسوريا ستكون على هامش الحملة الانتخابية".
لكن التقرير تابع أنه "في حال صمد وقف اطلاق النار بين اسرائيل وايران، فإن مسألة دور العراق في مستقبل سوريا ستبرز كقضية مهمة في السياسة العراقية، حيث ان المرشحين سيطرحون رؤى متنافسة لسياسة العراق تجاه سوريا".
وخلص التقرير الى القول إن هناك العديد من القضايا التي تمثل اهمية قصوى بالنسبة الى العراق، لعل أهمها هي مكافحة الارهاب وامن الحدود، بعدما خلفت الصدمة التي سببها تنظيم داعش، جروحا عميقة في المجتمع العراقي، والان يعتبر احتمال عودة ظهور داعش داخل سوريا واستخدامه الاراضي السورية نقطة انطلاق لتنفيذ هجمات ضد العراق، أمرا مثيرا لقلق العراقيين، كما لفت التقرير الى ان البلدين لديهما رغبة مشتركة ايضا في مكافحة تهريب المخدرات.
وتابع أن، قطاع الطاقة العراقي يمثل جانبا اخر من المشهد، مذكرا بان مسؤولين عراقيين وسرويين ناقشوا امكانية اعادة تاهيل خط انابيب كركوك-بانياس، المتوقف عن العمل منذ الغزو الامريكي للعراق في العام 2003، حيث أن اعادة تاهيل هذا الخط، الذي كان في السابق حلقة وصل مهمة تربط حقول النفط العراقية في كركوك بالساحل السوري على البحر الابيض المتوسط، من شانه ان يعزز بشكل كبير قدرة العراق على تصدير النفط الى سوريا، والى اسواق الطاقة الاوروبية الاخرى.
وثالثا، هناك حاجة العراق للمياه، مثلما شرح التقرير الامريكي، حيث يواجه العراق تحديات حادة في مجال الامن المائي بسبب عقود من الصراع، وسوء الادارة، وتفاقم التصحر، ولهذا فان التعاون مع دمشق في هذا الاطار بالغ الاهمية ويساهم في تقدم اكثر جدوى نحو ادارة مستدامة للموارد بين الدول الثلاث المشاطئة، بما في ذلك تركيا.
أما الأولوية الاخيرة فتتمثل في العلاقات الاقتصادية، حيث قال التقرير، أنه من المتوقع ان تتم استعادة منافع التجارة الثنائية الى مستويات ما قبل العام 2011، بما في ذلك في قطاعات مثل الزراعة والادوية والمنسوجات، كما انه بالامكان من خلال تخفيف العقوبات، تسهيل الطريق لاعادة فتح ممرات التجارة التقليدية بين العراق وسوريا، وعبر منطقة المشرق العربي الاوسع، بما يساهم في التكامل الاقتصادي الاقليمي.
وختم التقرير بالقول انه بالنظر الى المستقبل، فانه برغم ان الحكومة السورية الجديدة التي تهيمن عليها "هيئة تحرير الشام"، تمثل تحديات جمة للعراق، إلا أن بامكان بغداد ان تستفيد بشكل كبير من علاقة مستقرة قائمة على الاحترام المتبادل مع دمشق.
وأوضح التقرير أن ميادين التعاون واسعة في مجالات مكافحة الارهاب، وأمن الحدود والمياه، وتكامل الطاقة، والعلاقات الاقتصادية، وغيرها، وانه في حال نجحت الحكومتان في تخطي نقاط التوتر، خصوصا تلك المتعلقة بالنفوذ الاقليمي الايراني والعداء بين ايران واسرائيل، فان فتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية سيؤدي الى تعزيز المصالح الوطنية للعراق وسوريا، وتكن له منافعه على المنطقة بأكملها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 13 ساعات
- شفق نيوز
إيران تُرحّل 256 ألف أفغاني
شفق نيوز – طهران كشفت المنظمة الدولية للهجرة، يوم الجمعة، أن السلطات الإيرانية قامت بترحيل أكثر من 256 ألف أفغاني منذ مطلع شهر حزيران/ يونيو الماضي ولغاية الآن. ووفقاً للمنظمة فقد عبر أكثر من 28 ألف شخص الحدود نحو أفغانستان في يوم واحد فقط، تحديداً في 25 حزيران/ يونيو الماضي. وبحسب مؤسسة "صامويل هول" الاجتماعية والتي تجري أبحاثاً حول برامج الهجرة والنزوح، والتي توثق أوضاع الأفغان منذ العام 2010، فإن "طرد الأفغان المقيمين بشكل غير قانوني يُعدّ ظاهرة متكررة، إلا أنه يشهد في الوقت الراهن ذروة ملحوظة"، وفقاً لوكالة "فرانس برس". وتأتي هذه الزيادة بالتزامن مع نهاية النزاع العسكري بين إيران وإسرائيل الذي استمر 12 يوماً. وهو ما يعتبره باحثو المؤسسة، دليلاً على "سياسة قمعية تمارسها السلطات الإيرانية بدوافع سياسية، تحت غطاء الحفاظ على الأمن القومي". وفي خضم الحرب ضد إسرائيل، وجّه مسؤولون إيرانيون اتهامات علنية لعدد من المواطنين الأفغان بالتجسس لصالح الدولة العبرية. وقد تم توقيف طالب أفغاني في طهران في 18 حزيران/ يونيو، بتهمة حيازة "ملفات مرتبطة بصناعة المسيّرات والمتفجّرات" على هاتفه المحمول. وبعد أيام قليلة، بثّت وسائل الإعلام الرسمية ما قيل إنها اعترافات لأربعة أفغان آخرين، مع العلم أن الحصول على "اعترافات" قسرية يُعد ممارسة شائعة وتدينها منظمة العفو الدولية في تقاريرها حول التعذيب في إيران. وأشارت مؤسسد "صامويل هول" إلى أنّه "على الرغم من عدم التحقق من صحة هذه الادعاءات، فقد تكثفت التوقيفات وعمليات الترحيل". وشملت عمليات الترحيل في الأسابيع الأخيرة عائلات أفغانية بأكملها، وكذلك نساء شابات. وقد أعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء هذا "التوجّه الجديد والمقلق"، مشيرة إلى أن عدد العائلات الأفغانية التي رحّلتها طهران في أيار/ مايو الماضي بلغ ضعف ما سُجّل في نيسان/ أبريل الماضي. ففي السابق، كانت عمليات العودة القسرية تستهدف بشكل أساسي الشباب الذكور. وعند معبر إسلام قلعة الحدودي، تروي هاجر شادماني، وهي إحدى الشابات الأفغانيات التي تم ترحيلها مع إخوتها الثلاثة، لوكالة "فرانس برس"، تفاصيل مداهمة الشرطة لمنزلهم في شيراز قبل اقتيادهم قسراً إلى بلد لم يسبق لهم أن رأوه. وباتت تتساءل: كيف ستكون حالها في بلد "ليس لنا فيه شيء على الإطلاق". وتدرك الشابّة أنّ ترحيلها إلى البلد الوحيد في العالم الذي يمنع الفتيات من مواصلة الدراسة بعد سن الثانية عشرة سيفقدها حقًا ثمينًا، هو التعلم. تقول بالإنكليزية: "أعشق الدراسة. كنت أتمنى حقًا أن أواصل، لكنني أعتقد أن ذلك ليس ممكنًا في أفغانستان". وبعد الذروة التي سُجّلت في شهر حزيران/يونيو، تراجع عدد المُرحّلين الأفغان إلى ما بين 6 آلاف و7 آلاف شخص يومياً، بحسب ما أفادت به الأمم المتحدة وسلطات طالبان. لكن الجميع يتوقّع موجة جديدة وشيكة، إذ أعلنت طهران الشهر الماضي أنها ستُمهل ملايين الأفغان المقيمين بشكل غير قانوني حتى السادس من تمّوز/ يوليو الجاري لمغادرة أراضيها. وفقاً للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، كان يقيم في إيران عام 2024 نحو ثلاثة ملايين وثمانمئة ألف مهاجر أفغاني – سواء أكانوا في وضع قانوني أم غير قانوني. من جهتها، تشير السلطات الإيرانية إلى أن عدد الأفغان على أراضيها يبلغ نحو 6 ملايين، ليشمل ذلك أيضًا من وُلدوا في إيران. وأكّد مستشار وزير الداخلية الإيراني نادر يارأحمادي أن أكثر من 1,2 مليون أفغاني قد تم ترحيلهم بين آذار/ مارس 2024 وآذار/ مارس 2025. وتُبرر طهران ذلك بتحميلها عبئًا كبيرًا في استقبال اللاجئين الأفغان. وفي ظل أزمة اقتصادية شهدت تضخمًا تجاوز 30% منذ عام 2020، تشير السلطات الإيرانية إلى عجز الخدمات العامة والاقتصاد عن استيعاب ضغط المهاجرين. وعلى وقع التوترات الاقتصادية والاجتماعية، بات المهاجرون الأفغان أكباش فداء. فالفقر وانعدام المساواة المتزايد يدفعان جزءًا من الرأي العام الإيراني، بالإضافة إلى الحكومة ووسائل الإعلام، إلى "شيطنة الأفغان الذين يعملون بأجور زهيدة ومن دون ضمان اجتماعي"، بحسب ما أفادت سيمين كاظمي عالمة الاجتماع الإيرانية في جامعة شهيد بهشتي، خلال مقابلة مع صحيفة "فايننشال تايمز". وتشير صحيفة "لوموند" إلى انتشار واسع للمعلومات المضللة المعادية للمهاجرين في وسائل الإعلام الرسمية وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، ما ساهم في تغذية الكراهية ضد الأفغان. في هذا الإطار، تلفت سيمين كاظمي إلى أنّ "الأفغان متهمون بسرقة الوظائف، في حين أن أرباب العمل الإيرانيون يفضلونهم لأنهم غير مشمولين بقوانين العمل". مع ذلك، ساهم العمال الأفغان بشكل كبير في الاقتصاد الإيراني، إذ يشغلون وظائف غير مستقرة في البناء والزراعة، وكذلك في المصانع والبلديات. ويشير مراسل قناة "فرانس24" وإذاعة فرنسا الدولية (rfi) سيافوش غازي، إلى أن "رحيل الأفغان قد يتسبب في العديد من المشاكل للاقتصاد الإيراني". ومنذ عودة حركة طالبان عام 2021، لجأ العديد من الأفغان إلى إيران، وخاصة عناصر سابقون في قوات الأمن. بعضهم يعيش في أوضاع أفضل نسبيًا، بفضل عائلاتهم الموجودة أصلًا في البلاد، لكن الغالبية يعيشون من دون وثائق وفي ظروف هشة، بحسب مركز "صامويل هول". ويشير الباحثون في المركز إلى أن الأفغان "غير مدمجين رسميًا في المجتمع الإيراني، ومعظمهم يعيشون من دون أوراق ثبوتية، وغالبًا في مساكن مؤجرة بشكل غير قانوني". وتتعرّض النساء الأفغانيات بشكل خاص للتمييز، ويجدن صعوبة في الوصول إلى الرعاية الصحية. أما الأطفال الأفغان، فيواجهون عوائق إدارية تحول دون حصولهم على التعليم الرسمي في المدارس الإيرانية، في حين تعيش العديد من العائلات في مساكن مكتظة. وسبق أن أعلنت طهران عن خطط لإقامة جدار على طول حدودها مع أفغانستان الممتدة على 900 كيلومتر. وأكد الجيش الإيراني في أيلول/ سبتمبر 2024 أنه أنجز بناء حاجز على جزء من الحدود يمتد لحوالي عشرة كيلومترات. من جهة أخرى يحذر مركز "صامويل هول" من أن أفغانستان ليست مستعدة لاستيعاب هذا العدد الكبير من العائدين. ويقول:" في غياب الدعم الدولي والاستثمارات في برامج إعادة الإدماج، قد تتسبب موجة الترحيل هذه في إرهاق الموارد المحلية، وتدهور الأوضاع الإنسانية وزعزعة استقرار المجتمعات في مختلف أنحاء البلاد".


شفق نيوز
منذ 15 ساعات
- شفق نيوز
أزمة مياه تدفع الحكومة اليمنية والحوثيين لإبرام اتفاق "نادر"
شفق نيوز – صنعاء أفادت وسائل إعلام عربية بأن "اتفاقاً نادراً" حصل بين الحكومة اليمنية وجماعة "أنصار الله" الحوثيين في محافظة تعز التي تشهد أزمة مياه خانقة، حيث تقاسم الجانبان إدارة منظومات إمدادات المياه. وجرى الاتفاق الفني بين المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي في مدينة تعز، الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية، ومدينة الحوبان الخاضعة لنفوذ الحوثيين. ورحب فريق الأمم المتحدة في اليمن، بالاتفاق الذي يأتي "لأول مرة منذ ما يقرب من عقد من الزمن، لإدارة منظومات إمدادات المياه بشكل مشترك، عبر خطوط التماس". وأكد الفريق أن الاتفاق "يعدّ خطوة مهمة نحو استعادة الخدمات الأساسية في واحدة من أكثر محافظات اليمن معاناة من شحّ المياه، الأمر الذي سيخفف من معاناة مئات الآلاف من السكان". وذكر الفريق الأممي أن الاتفاق من المتوقع أن يُسهم في "إعادة ربط شبكات المياه والصرف الصحي في محافظة تعز، واستعادة خدمات أساسية كانت معطلة منذ ما يقرب من العقد، نتيجة النزاع والانقسام المؤسسي". وجاء الاتفاق، وفقًا للفريق نتيجة جهود متواصلة بذلتها منظمات وجهات مانحة عديدة، قدمت دعماً فنياً ومالياً، وساهمت في تيسير الحوار والتنسيق على مدى الأعوام الماضية. وبحسب الفريق الأممي، فإن صندوق اليمن الإنساني سيستثمر مبلغ مليوني دولار، لربط 90 ألف شخص، بما فيهم النازحون داخلياً، بشبكات المياه. وحث المانحين والشركات على تعزيز الاستثمارات في البنية التحتية للمياه، لضمان وصول أكثر من 600 ألف شخص إلى مياه آمنة، ونظم صرف صحي موثوقة. من جهتها، قالت مصادر في السلطات المحلية الحكومية في تعز، إن الاتفاق ينص على إعادة تشغيل حقول وآبار مائية تقع في مناطق سيطرة الحوثيين بالحوبان، والتي كانت مصادر أساسية للمياه خلال الفترة التي سبقت اندلاع الصراع. ويواجه سكان مدينة تعز أزمة شديدة في توفير المياه الصالحة للشرب، عقب سيطرة الحوثيين على مناطق حقول المياه الرئيسة، ووقف إمداداتها على مناطق الحكومة اليمنية، وهو ما تفاقم، مؤخراً، إلى مستويات غير مسبوقة، في ظل ارتفاع أسعار صهاريج نقل المياه، وشح الحصول عليها. ويحتل اليمن مراكز متقدمة بين قائمة بلدان العالم التي تعاني شحاً في المياه، وهو ما يجعل نحو 40% من إجمالي سكان البلد، لا يحصلون على مياه نظيفة، خاصة في المناطق الريفية الأكبر مساحة.


شفق نيوز
منذ 16 ساعات
- شفق نيوز
الرادارات تحت القصف.. الطائرات المسيّرة تهدد السيادة الجوية من بغداد إلى كركوك
شفق نيوز – بغداد/ كركوك في تصعيد أمني مقلق، تتعرض منظومات الرادار والمراقبة الجوية في العراق إلى سلسلة هجمات نوعية ومتكررة، تُنفذ عبر طائرات مسيّرة انتحارية وصواريخ كاتيوشا، ما يهدد قدرة البلاد على مراقبة أجوائها وحماية منشآتها العسكرية والمدنية. وأعادت الهجمات التي شهدها العراق يوم الثلاثاء 24 حزيران/ يونيو الماضي، تسليط الضوء على الثغرات الخطيرة في منظومة الدفاع الجوي، وخصوصاً في بغداد، ذي قار، وكركوك، حيث سجلت عمليات استهداف مباشرة للرادارات وقواعد جوية حساسة. هجمات منسقة وتدمير رادارات عسكرية الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء صباح النعمان، أكد في بيان ورد لوكالة شفق نيوز، أن "مجموعة من الطائرات المسيّرة الصغيرة هاجمت عدة قواعد عسكرية، ما أدى إلى تدمير منظومتين راداريتين في معسكر التاجي شمالي بغداد، وقاعدة الإمام علي في ذي قار، دون تسجيل خسائر بشرية". وأضاف أن "القوات العراقية تمكنت من التصدي لأربع طائرات أخرى كانت تستهدف مواقع عسكرية مختلفة، وتم إسقاطها قبل أن تحقق أهدافها"، مشدداً على أن "هذه الأفعال الغادرة لن تمر دون عقاب". رادار التاجي ورضوانية بغداد من جهتها، أعلنت خلية الإعلام الأمني في بيان ورد لوكالة شفق نيوز، عن رصد طائرتين مسيرتين مجهولتي الهوية في سماء العاصمة، إحداهما قصفت راداراً لم يدخل الخدمة في معسكر التاجي، بينما سقطت الأخرى قرب مولد كهرباء. وفي حادث منفصل، عُثر على حطام طائرة مسيرة في منطقة الرضوانية، دون وقوع إصابات. وفي ذي قار، أكد مصدر أمني لوكالة شفق نيوز، أن "الرادار المستهدف في قاعدة الإمام علي قد تم تدميره بالكامل، علماً أنه سبق وأسقط طائرة استطلاع قبل أيام، مما يُرجح فرضية الاستهداف الانتقامي. وجرى إرسال لجنة فنية من وزارة الدفاع للتحقيق وتقييم الأضرار". كركوك.. محور جديد للاستهدافات وفي تطور خطير، دخلت كركوك على خط الهجمات الجوية، حيث تتعرض منذ أيام إلى هجمات متكررة بطائرات مسيرة وصواريخ كاتيوشا. ودعا رئيس الكتلة التركمانية النيابية أرشد الصالحي، ، إلى فتح تحقيق عاجل في هذه الخروقات. وقال في تصريح لوكالة شفق نيوز "ما يتعرض له مطار كركوك المدني والعسكري من هجمات يمثل نذيراً خطيراً لحجم الخرق الأمني في المدينة". وأضاف "الأخطر من ذلك أن لا أحد يعلم من أين تنطلق هذه المسيّرات، ولماذا لا يتم رصدها رغم وجود الرادارات في المطار العسكري"، واصفاً ذلك بـ"المؤشر المقلق الذي يطرح علامات استفهام خطيرة". وفي السياق ذاته، أفاد مصدر أمني لوكالة شفق نيوز، بسقوط طائرة مسيرة قرب شارع المطار بحي بدر جنوبي كركوك، مساء أمس الخميس، مؤكداً أن الأجهزة الأمنية وصلت إلى الموقع وبدأت التحقيقات. وأعلنت إدارة مطار كركوك الدولي، يوم الثلاثاء، الأول من تموز/ يوليو الجاري هبوط طائرة مدنية بأمان على مدرج المطار، مؤكدة استمرار حركة الملاحة الجوية بشكل طبيعي ومنتظم. وقال مسؤول إعلام مطار كركوك، هردي الصالحي، لوكالة شفق نيوز، إن "الطائرة هبطت بسلاسة تامة على المدرج، في تأكيد جديد على الجاهزية الكاملة لمرافق المطار وكفاءتها التشغيلية". وأضاف الصالحي أن "الرحلات الجوية مستمرة وفق الجدول المعلن دون أي تأثير أو تأخير في حركة الطيران"، مشدداً على أن "مطار كركوك الدولي يعمل بكامل طاقته، وأن سلامة المسافرين والكوادر تأتي على رأس أولوياتنا". وكانت إدارة مطار كركوك الدولي، أعلنت في ساعة متأخرة من مساء أمس الاثنين، سقوط 3 مقذوفات مجهولة المصدر داخل حرم المطار، ما أسفر عن إصابة شخص واحد بجروح طفيفة، دون أن تتأثر منشآت المطار أو حركة الطيران. وقالت الإدارة في بيان ورد لوكالة شفق نيوز، إن "الهجوم وقع عند الساعة 11:30 مساءً، حيث سقط مقذوفان في الجانب العسكري من المطار، بينما سقط مقذوف ثالث في الجانب المدني، ما أدى إلى اندلاع حريق محدود في الحشائش القريبة من البوابة المجاورة للجانب العسكري". وأكدت إدارة المطار أن "الحريق تمت السيطرة عليه بشكل سريع من قبل أبطال قسم الإطفاء التابع لمطار كركوك الدولي"، مشيرة إلى أن "المدرج لم يتعرض لأي ضرر، كما لم تُسجل أضرار في مرافق المطار أو مبانيه". وأضاف البيان أن "الاستجابة كانت سريعة من قبل قيادة عمليات كركوك والقطعات العسكرية المنتشرة في محيط المطار، حيث تم اتخاذ إجراءات تأمين إضافية، ولا يوجد أي تهديد مباشر في الوقت الحالي". أهمية رادار مطار كركوك ويمثل الرادار العسكري في مطار كركوك أحد أهم أدوات المراقبة الجوية شمالي البلاد، حيث يساهم في مراقبة الأجواء وتنظيم الملاحة الجوية، وتحديد مسارات الطائرات المتجهة إلى مطارات أربيل، السليمانية، وكركوك، وتنسيق الرحلات الجوية القادمة من دول الجوار والتي تسير رحلات يومية إلى العراق. ويؤكد مراقبون أن استهداف كركوك يمثل ضرباً مباشراً لمنظومة السيطرة الجوية العراقية في الشمال، ما يتطلب استجابة عاجلة على المستويين العسكري والتقني. من جهته، عبّر المواطن عامر عباس من سكان كركوك عن قلقه قائلاً في تصريح لوكالة شفق نيوز، إنه "منذ الأول من تموز/ يوليو الجاري، تعرضت كركوك إلى هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة؛ أحد الصواريخ سقط على منزل في حي العروبة، وآخر في ساحة مفتوحة داخل مطار كركوك، وأمس مساءً سقطت طائرة مسيّرة في حي بدر. هذا يدل على أن هناك شيئًا يُحاك ويُخطط له". وأضاف أن "على الجهات الأمنية أن ترفع من درجة الحيطة والحذر، لأن هذه الهجمات قد تتكرر في أي لحظة". "حرب الرادارات" ويرى العميد المتقاعد في الجيش العراقي عمار العزاوي في تصريح لوكالة شفق نيوز، أن "استهداف الرادارات هو بداية حرب غير معلنة في السماء العراقية"، محذراً من أن "القدرات الجوية العراقية ستكون في خطر إذا استمر العدو باستخدام المسيّرات منخفضة الارتفاع، والتي يصعب اكتشافها دون منظومات إنذار متطورة". وأكد أن العراق بحاجة إلى "دمج جميع الرادارات العسكرية والمدنية في شبكة واحدة، وتحديث قدرات الدفاع الجوي بمنظومات تتعامل مع التهديدات الحديثة". السيادة الجوية في مهبّ الريح وتشير الحوادث المتكررة إلى أن العراق يواجه تهديداً صامتاً ومتصاعداً يطال عمق منظومته الأمنية الجوية. الاستهدافات المتزامنة في بغداد وذي قار، والتصعيد في كركوك، تكشف ثغرات في الرصد والردع، وتتطلب خططاً عاجلة لتحصين الرادارات، وتوسيع نطاقات المراقبة الإلكترونية، وتعزيز التنسيق الاستخباري. وفي وقت يتحدث فيه المسؤولون عن "التحقيق والمعاقبة"، يطالب المواطنون بطمأنة حقيقية، عبر أفعال لا أقوال، تحمي سماء العراق من العبث وتعيد الهيبة للسيادة الجوية.