logo
حتى لا تختل 'الموازين' وجب كسر أضلع 'التمييع وقلة الحياء'

حتى لا تختل 'الموازين' وجب كسر أضلع 'التمييع وقلة الحياء'

بالواضحمنذ 8 ساعات
بقلم: عزيز رباح
رغم انشغالي بتلقي العزاء في وفاة والدي رحمه الله ورحم جميع المسلمين، لم أستطع أن أتمالك نفسي أمام ما يُحاك لوطننا الحبيب من مؤامرات وفتن، فقررت أن أقتطع شيئًا من وقتي وتفكيري للحديث عن الخطر الداهم.
فالوطن هو أعزّ ما نملك.
أعزّ من النفس، وأغلى من الأهل، والذرية، والمناصب. فهو الوعاء الجامع للكرامة، والملجأ الذي لا يُعوّض.
لم أقبل، كما لم يقبل كل المخلصين، أن تُدنس قيمُ الوطن، أو تُمس ثوابته، أو يُفرَّغ مجتمعه من معانيه، تحت شعارات براقة، وأنشطة مريبة، وتخطيطات تُغلّف بلبوس الحداثة، بينما هي تضرب في العمق تماسك الأسرة، وذوق الناس، وبنية المجتمع.
ما يحز في النفس هو أن هذا المسار لا يتحرك وحده، بل يُدعم بخيوط خفية، وأصوات من خلف الستار، تُجمّل القبيح، وتروّج للانحدار، وتُهيّئ الفضاء العام والدعم والإشهار والإعلام لتمرير ما لا يليق بوطننا العظيم.
ولا ينبغي السكوت أبدا.
لقد كنت – وما زلت – ممن يؤمنون بأهمية الفن، ويقرّون بحاجتنا إلى الترفيه والإبداع في كل تجلياته: الشعبي، العصري، الغربي، والراب.
لكن الفن ليس بلا ملامح ولا ضوابط، بل له روح وله هوية.. وله دور في صون الذوق لا في إفساده، له دور في بناء الجمال لا ترويجه كقناعٍ لما يُهدم تحته.
فإلى أين نُقاد؟
من الذي يعكّر صفو المجتمع؟
ومن يُصرّ على طمس الذوق، وجعل الابتذال وجهًا للحداثة؟
ومن يريد أن يوصل رسالة خفية للمغاربة تقول: 'اشربوا البحر، فلدينا الرعاية، وسنفعل ما نشاء'؟
هؤلاء يختارون من يضعونهم على المنصات، ويغدقون عليهم من أموال بلا حساب و بلا رقابة!! بعضهم لا تُقبل هيئته في قاعة محترمة، ولا يُستساغ كلامه في مجلس موزون، بينما يُقدَّم للشباب كقدوة ونموذج!!
استُغلت الحرية والانفتاح والتنوع، لتُدفع بعض التعابير إلى حافة الجُرأة الفجة، والرداءة المطلقة، حتى باتت بعض الفضاءات والمنابر تروّج لما يُشبه عبادة الشيطان!!
وفي الوقت الذي تُبذل فيه الجهود لتحصين الشباب من المخدرات والانحراف، نرى من يفتح له الأبواب نحو النقيض: تمجيد التيه، وتطبيع الانفلات..
حين تشتغل المؤسسات لتسديد التبليغ، ونشر القيم، وتقويم السلوك، وترسيخ الالتزام، يخرج من يُشهر الرمز المعاكس: تعميم التفاهة، وإشاعة الرذيلة، والتماهي مع أهواءٍ عابثة تتخفى وراء أسماء فنية.
نعم، الدولة تكرّم الفن، لكنها تُكرم ما يليق، ما يبني، ما يُشرف.. أما ما يُقدَّم من عروض تتجاوز كل الأعراف، وتستغل ذلك لتسويق النقيض، فذاك ما يستوجب المراجعة والمساءلة.
فكون الملايين يتابعون التافه، أو يُقبلون على محتوى منحط، ليس دليل انفتاح، بل ربما دليل على فراغ، أو استدراج، أو تهميش للبدائل الراقية.
فكون الحاجة إلى التمويل والإشهار لا يبرر البحث عن جدب المشاهدين على حساب الهوية والضوابط والأخلاق. 'تموت الحرة ولا تأكل بثذييها!!!.
وأقولها بوضوح:
أخشى أن يكون هناك تيار انقلابي متطرف ،في فكره وقيمه، قد تسرّب إلى مفاصل الفن والإعلام والتعليم والمؤسسات، متخذًا منها بوابة لهدم المجتمع من الداخل بغية هدم الدولة نفسها.
فحين يعجز عن تخريب أركان الدولة، يتوجه إلى ما يدعمها: إلى الأسرة، إلى الدين، إلى الأخلاق، وإلى الحس الجمعي الذي يشدّ الناس إلى وطنهم وإلى بيعتهم.
وقد علّمنا التاريخ أن هذه البلاد، في أعتى اللحظات، جمعت بين العراقة والانفتاح، بين الأصالة والابتكار، وبين الثبات والمرونة. ولم تقبل يومًا أن يكون القبح والابتذال عنوانًا، ولا أن يُقدَّم الانحدار باسم الفن.
فكل شيء، حتى الدين والعبادات والمباح من الأقوال والأفعال له ضوابط. فكيف بالترفيه؟ وكيف بالفن؟ إذا رُفعت الضوابط، اختل الميزان، وعمّ التيه، وسهل الانزلاق، وتفشى العبث، وقل الحياء، وتم الاختراق، وفتحت أبواب الجريمة والانحراف.
لا بد من التوفيه لكن وجب المزيد من اليقظة والحزم والتحصين والتوعية. فالخير أمام.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حتى لا تختل 'الموازين' وجب كسر أضلع 'التمييع وقلة الحياء'
حتى لا تختل 'الموازين' وجب كسر أضلع 'التمييع وقلة الحياء'

بالواضح

timeمنذ 8 ساعات

  • بالواضح

حتى لا تختل 'الموازين' وجب كسر أضلع 'التمييع وقلة الحياء'

بقلم: عزيز رباح رغم انشغالي بتلقي العزاء في وفاة والدي رحمه الله ورحم جميع المسلمين، لم أستطع أن أتمالك نفسي أمام ما يُحاك لوطننا الحبيب من مؤامرات وفتن، فقررت أن أقتطع شيئًا من وقتي وتفكيري للحديث عن الخطر الداهم. فالوطن هو أعزّ ما نملك. أعزّ من النفس، وأغلى من الأهل، والذرية، والمناصب. فهو الوعاء الجامع للكرامة، والملجأ الذي لا يُعوّض. لم أقبل، كما لم يقبل كل المخلصين، أن تُدنس قيمُ الوطن، أو تُمس ثوابته، أو يُفرَّغ مجتمعه من معانيه، تحت شعارات براقة، وأنشطة مريبة، وتخطيطات تُغلّف بلبوس الحداثة، بينما هي تضرب في العمق تماسك الأسرة، وذوق الناس، وبنية المجتمع. ما يحز في النفس هو أن هذا المسار لا يتحرك وحده، بل يُدعم بخيوط خفية، وأصوات من خلف الستار، تُجمّل القبيح، وتروّج للانحدار، وتُهيّئ الفضاء العام والدعم والإشهار والإعلام لتمرير ما لا يليق بوطننا العظيم. ولا ينبغي السكوت أبدا. لقد كنت – وما زلت – ممن يؤمنون بأهمية الفن، ويقرّون بحاجتنا إلى الترفيه والإبداع في كل تجلياته: الشعبي، العصري، الغربي، والراب. لكن الفن ليس بلا ملامح ولا ضوابط، بل له روح وله هوية.. وله دور في صون الذوق لا في إفساده، له دور في بناء الجمال لا ترويجه كقناعٍ لما يُهدم تحته. فإلى أين نُقاد؟ من الذي يعكّر صفو المجتمع؟ ومن يُصرّ على طمس الذوق، وجعل الابتذال وجهًا للحداثة؟ ومن يريد أن يوصل رسالة خفية للمغاربة تقول: 'اشربوا البحر، فلدينا الرعاية، وسنفعل ما نشاء'؟ هؤلاء يختارون من يضعونهم على المنصات، ويغدقون عليهم من أموال بلا حساب و بلا رقابة!! بعضهم لا تُقبل هيئته في قاعة محترمة، ولا يُستساغ كلامه في مجلس موزون، بينما يُقدَّم للشباب كقدوة ونموذج!! استُغلت الحرية والانفتاح والتنوع، لتُدفع بعض التعابير إلى حافة الجُرأة الفجة، والرداءة المطلقة، حتى باتت بعض الفضاءات والمنابر تروّج لما يُشبه عبادة الشيطان!! وفي الوقت الذي تُبذل فيه الجهود لتحصين الشباب من المخدرات والانحراف، نرى من يفتح له الأبواب نحو النقيض: تمجيد التيه، وتطبيع الانفلات.. حين تشتغل المؤسسات لتسديد التبليغ، ونشر القيم، وتقويم السلوك، وترسيخ الالتزام، يخرج من يُشهر الرمز المعاكس: تعميم التفاهة، وإشاعة الرذيلة، والتماهي مع أهواءٍ عابثة تتخفى وراء أسماء فنية. نعم، الدولة تكرّم الفن، لكنها تُكرم ما يليق، ما يبني، ما يُشرف.. أما ما يُقدَّم من عروض تتجاوز كل الأعراف، وتستغل ذلك لتسويق النقيض، فذاك ما يستوجب المراجعة والمساءلة. فكون الملايين يتابعون التافه، أو يُقبلون على محتوى منحط، ليس دليل انفتاح، بل ربما دليل على فراغ، أو استدراج، أو تهميش للبدائل الراقية. فكون الحاجة إلى التمويل والإشهار لا يبرر البحث عن جدب المشاهدين على حساب الهوية والضوابط والأخلاق. 'تموت الحرة ولا تأكل بثذييها!!!. وأقولها بوضوح: أخشى أن يكون هناك تيار انقلابي متطرف ،في فكره وقيمه، قد تسرّب إلى مفاصل الفن والإعلام والتعليم والمؤسسات، متخذًا منها بوابة لهدم المجتمع من الداخل بغية هدم الدولة نفسها. فحين يعجز عن تخريب أركان الدولة، يتوجه إلى ما يدعمها: إلى الأسرة، إلى الدين، إلى الأخلاق، وإلى الحس الجمعي الذي يشدّ الناس إلى وطنهم وإلى بيعتهم. وقد علّمنا التاريخ أن هذه البلاد، في أعتى اللحظات، جمعت بين العراقة والانفتاح، بين الأصالة والابتكار، وبين الثبات والمرونة. ولم تقبل يومًا أن يكون القبح والابتذال عنوانًا، ولا أن يُقدَّم الانحدار باسم الفن. فكل شيء، حتى الدين والعبادات والمباح من الأقوال والأفعال له ضوابط. فكيف بالترفيه؟ وكيف بالفن؟ إذا رُفعت الضوابط، اختل الميزان، وعمّ التيه، وسهل الانزلاق، وتفشى العبث، وقل الحياء، وتم الاختراق، وفتحت أبواب الجريمة والانحراف. لا بد من التوفيه لكن وجب المزيد من اليقظة والحزم والتحصين والتوعية. فالخير أمام.

هل استمعتم إلى أغنيات أحمد عامر؟
هل استمعتم إلى أغنيات أحمد عامر؟

المغرب اليوم

timeمنذ 19 ساعات

  • المغرب اليوم

هل استمعتم إلى أغنيات أحمد عامر؟

لم استمع إلى أغنيات المطرب الراحل الشاب أحمد عامر، رغم ما حققه فى آخر عامين من حضور، ولم أدرك أنه نجم إلا بعد أن قرأت خبر رحيله الذى توافق فى نفس اللحظة مع وصيته لكل أصدقائه وشركات الإنتاج بحذف كل أغانيه. لم أجد صعوبة فى العثور على أغنياته، التى ازدادت انتشارا، الكلمات على موجة أولاد البلد فهو الجدع الشهم المعطاء الذى يمنح الآخرين كل شىء ولا يأخذ منهم سوى الطعنات، هذه هى (التيمة) الرئيسية التى تتكرر فى عشرات من الأغنيات المنتشرة خلال السنوات الأخيرة. عامر لا يريد أن يرتبط اسمه بالفن بعد رحيله، ورغم ذلك حرص نقيب الموسيقيين على إعلان أنه سوف يقيم له سرادق عزاء تتويجا لعطائه فى مجال الأغنية. عامر ضحية مجتمع صار يعامل الفن باعتباره (رجس من عمل الشيطان)، جزء ممن يعملون بالفن لديهم نفس القناعة، ولا أتصور سوى أن ذلك هو ما يفكر فيه حمو بيكا وحسن شاكوش وسعد الصغير وغيرهم، المعادلة أنهم فى الدنيا يتمتعون بفلوس الفن، وفى الآخرة ينعمون بنعمة التوبة من الفن، قالوا إن لديه أغانى بها راقصات، وتناسينا أن قسطا وافرا من أغنيات فريد الأطرش ومحمد فوزى وعبد العزيز محمود ومحمد رشدى بل و(مداح الرسول) محمد الكحلاوى شاركت معه أيضا أكثر من راقصة. عامر ضحية مجتمع صار يعامل الفن باعتباره (رجس من عمل الشيطان)، جزء ممن يعملون بالفن لديهم نفس القناعة، ولا أتصور سوى أن ذلك هو ما يفكر فيه حمو بيكا وحسن شاكوش وسعد الصغير وغيرهم، المعادلة أنهم فى الدنيا يتمتعون بفلوس الفن، وفى الآخرة ينعمون بنعمة التوبة من الفن، قالوا إن لديه أغانى بها راقصات، وتناسينا أن قسطا وافرا من أغنيات فريد الأطرش ومحمد فوزى وعبد العزيز محمود ومحمد رشدى بل و(مداح الرسول) محمد الكحلاوى شاركت معه أيضا أكثر من راقصة. عند رحيل الفنانة الكبيرة شادية تناثر هذا الخبر، أنها طلبت من الورثة أن يكتبوا فى نعيها وعلى سرادق العزاء (الحاجة شادية) بينما شاهدنا جميعا اليافطة (الفنانة شادية) الأهم أنها فى حياتها لم تتبرأ أبدا من أفلامها وأغانيها. فى واحد من تسجيلات د. مصطفى محمود التى تملأ (السوشيال ميديا)، قال إنه فى وقفة مع النفس تساءل: كيف أقابل ربنا، هل تشفع لى الكتب التى أصدرتها أم أن على الإنسان أن يفعل شيئا آخر، وتوجه بالسؤال إلى صديقه الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب، وسأله (يا عُبد الورد) كما كان يناديه: (ح تقابل ربنا بإيه) وأضاف ساخرا بـ( بلاش تبوسنى فى عنية) ولا (الدنيا سيجارة وكاس) ولا ولا؟ . كما يبدو من السياق أن د. مصطفى يرى أن الفن ذنب يستحق أن يسارع الإنسان بإعلان تبرؤه منه، قبل أن يمضى به قطار العمر، وعليه أن يقدم أشياء أخرى موازية، لتصبح بمثابة الحسنات اللاتى يُذهبن السيئات، د. مصطفى كان يرى أن هناك فارقا بين الأقوال والأفعال، والكتب التى أصدرها مجرد أقوال لا تساوى شيئا. عبد الوهاب قال الفن شىء عظيم ويغير حياة الناس للأفضل، وهذه هى الأفعال كما يراها موسيقار الأجيال، الذى قدم الكثير وأبدع فى كل الأنماط، العاطفى والدينى والوطنى، وجاء رد د. مصطفى: «الأغنية التى تنجح تحصل منها على الكثير فى الدنيا أدبيا وماديا، فهل تتقاضى (يا عُبد الورد) عن الأغنية الأجر مرتين دُنيا وآخرة»!!. أتذكر أن الراحل اللواء مهندس نبيل محمد فوزى روى لى أنه التقى الشيخ الدكتور على جمعة مفتى الديار المصرية الأسبق وسأله: (هل يدخل أبى الموسيقار محمد فوزى الجنة؟) أجابه: (أبوك أسعد الناس بأغنياته وسيدخل بإذن الله الجنة)، رد نبيل: (ولكنى شاهدته يا مولانا فى الحفلات يحتسى الخمر؟) أجابه: (هل تأكدت أنه يشربها أم فقط يرفع الكأس؟) أجابه: (كان يشارك زملاءه الفنانين الحفلات)، وجاء رد المفتى الأسبق: (من الممكن أن يجاملهم ولكنه بالضرورة واليقين ربما لم يشرب، وطلب منه فى نهاية اللقاء أن يرسل له أغانى والده). اكتفى نبيل بإرسال الأغانى الدينية والوطنية، وفوجئ بمكالمة من الشيخ على جمعة يسأله (وأين أغانى فوزى العاطفية (أين تلات سلامات، وأين آه من الستات؟).

مغرب الحضارة:حتى لا تختل 'الموازين' وجب كسر أضلع 'التمييع وقلة الحياء'
مغرب الحضارة:حتى لا تختل 'الموازين' وجب كسر أضلع 'التمييع وقلة الحياء'

صوت العدالة

timeمنذ 19 ساعات

  • صوت العدالة

مغرب الحضارة:حتى لا تختل 'الموازين' وجب كسر أضلع 'التمييع وقلة الحياء'

بقلم….عزيز رباح رغم انشغالي بتلقي العزاء في وفاة والدي رحمه الله ورحم جميع المسلمين، لم أستطع أن أتمالك نفسي أمام ما يُحاك لوطننا الحبيب من مؤامرات وفتن، فقررت أن أقتطع شيئًا من وقتي وتفكيري للحديث عن الخطر الداهم. فالوطن هو أعزّ ما نملك. أعزّ من النفس، وأغلى من الأهل، والذرية، والمناصب. فهو الوعاء الجامع للكرامة، والملجأ الذي لا يُعوّض. لم أقبل، كما لم يقبل كل المخلصين، أن تُدنس قيمُ الوطن، أو تُمس ثوابته، أو يُفرَّغ مجتمعه من معانيه، تحت شعارات براقة، وأنشطة مريبة، وتخطيطات تُغلّف بلبوس الحداثة، بينما هي تضرب في العمق تماسك الأسرة، وذوق الناس، وبنية المجتمع. ما يحز في النفس هو أن هذا المسار لا يتحرك وحده، بل يُدعم بخيوط خفية، وأصوات من خلف الستار، تُجمّل القبيح، وتروّج للانحدار، وتُهيّئ الفضاء العام والدعم والإشهار والإعلام لتمرير ما لا يليق بوطننا العظيم. ولا ينبغي السكوت أبدا. لقد كنت – وما زلت – ممن يؤمنون بأهمية الفن، ويقرّون بحاجتنا إلى الترفيه والإبداع في كل تجلياته: الشعبي، العصري، الغربي، والراب. لكن الفن ليس بلا ملامح ولا ضوابط، بل له روح وله هوية.. وله دور في صون الذوق لا في إفساده، له دور في بناء الجمال لا ترويجه كقناعٍ لما يُهدم تحته. فإلى أين نُقاد؟ من الذي يعكّر صفو المجتمع؟ ومن يُصرّ على طمس الذوق، وجعل الابتذال وجهًا للحداثة؟ ومن يريد أن يوصل رسالة خفية للمغاربة تقول: 'اشربوا البحر، فلدينا الرعاية، وسنفعل ما نشاء'؟ هؤلاء يختارون من يضعونهم على المنصات، ويغدقون عليهم من أموال بلا حساب و بلا رقابة!! بعضهم لا تُقبل هيئته في قاعة محترمة، ولا يُستساغ كلامه في مجلس موزون، بينما يُقدَّم للشباب كقدوة ونموذج!! استُغلت الحرية والانفتاح والتنوع، لتُدفع بعض التعابير إلى حافة الجُرأة الفجة، والرداءة المطلقة، حتى باتت بعض الفضاءات والمنابر تروّج لما يُشبه عبادة الشيطان!! وفي الوقت الذي تُبذل فيه الجهود لتحصين الشباب من المخدرات والانحراف، نرى من يفتح له الأبواب نحو النقيض: تمجيد التيه، وتطبيع الانفلات.. حين تشتغل المؤسسات لتسديد التبليغ، ونشر القيم، وتقويم السلوك، وترسيخ الالتزام، يخرج من يُشهر الرمز المعاكس: تعميم التفاهة، وإشاعة الرذيلة، والتماهي مع أهواءٍ عابثة تتخفى وراء أسماء فنية. نعم، الدولة تكرّم الفن، لكنها تُكرم ما يليق، ما يبني، ما يُشرف.. أما ما يُقدَّم من عروض تتجاوز كل الأعراف، وتستغل ذلك لتسويق النقيض، فذاك ما يستوجب المراجعة والمساءلة. فكون الملايين يتابعون التافه، أو يُقبلون على محتوى منحط، ليس دليل انفتاح، بل ربما دليل على فراغ، أو استدراج، أو تهميش للبدائل الراقية. فكون الحاجة إلى التمويل والإشهار لا يبرر البحث عن جدب المشاهدين على حساب الهوية والضوابط والأخلاق. 'تموت الحرة ولا تأكل بثذييها!!!. وأقولها بوضوح: أخشى أن يكون هناك تيار انقلابي متطرف ،في فكره وقيمه، قد تسرّب إلى مفاصل الفن والإعلام والتعليم والمؤسسات، متخذًا منها بوابة لهدم المجتمع من الداخل بغية هدم الدولة نفسها. فحين يعجز عن تخريب أركان الدولة، يتوجه إلى ما يدعمها: إلى الأسرة، إلى الدين، إلى الأخلاق، وإلى الحس الجمعي الذي يشدّ الناس إلى وطنهم وإلى بيعتهم. وقد علّمنا التاريخ أن هذه البلاد، في أعتى اللحظات، جمعت بين العراقة والانفتاح، بين الأصالة والابتكار، وبين الثبات والمرونة. ولم تقبل يومًا أن يكون القبح والابتذال عنوانًا، ولا أن يُقدَّم الانحدار باسم الفن. فكل شيء، حتى الدين والعبادات والمباح من الأقوال والأفعال له ضوابط. فكيف بالترفيه؟ وكيف بالفن؟ إذا رُفعت الضوابط، اختل الميزان، وعمّ التيه، وسهل الانزلاق، وتفشى العبث، وقل الحياء، وتم الاختراق، وفتحت أبواب الجريمة والانحراف. لا بد من التوفيه لكن وجب المزيد من اليقظة والحزم والتحصين والتوعية. فالخير أمام.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store