logo
ترامب ونتنياهو وإعادة ترتيب الشرق الأوسط

ترامب ونتنياهو وإعادة ترتيب الشرق الأوسط

القدس العربي منذ يوم واحد
على الرغم من كافة الدلائل التي تشير إلى العكس تماماً، لا زال معلّقون كثيرون في وسائل الإعلام العالمية يصوّرون دونالد ترامب كأنه توّاق إلى تسوية سلمية للحرب الدائرة في قطاع غزة، بل يتوقعون منه لوي ذراع بنيامين نتنياهو لإجباره على القبول بشروط تسوية لا تروق له.
والحال أن الأنباء غير الرسمية عن خلافات في وجهات النظر بين الرجلين وعن فرض الرئيس الأمريكي «السلم» على رئيس الوزراء الإسرائيلي هي، في أحسن الأحوال، إشاعات كاذبة تناسب الرجلين: الأول لصيانة صورة «صانع السلام» التي يسوّقها لذلك القسم «الانعزالي» من قاعدته الانتخابية الذي يعارض خوض الولايات المتحدة لحروب يرى أن لا مصلحة لها فيها، ناهيك من حلم الرجل بنيل جائزة نوبل للسلام، أحد نتاجات حسده الصبياني من باراك أوباما الذي مُنح الجائزة المذكورة؛ أما الثاني، أي نتنياهو، فيحتاج للتلويح بضغط الحليف الأمريكي عليه كي يُسكت حلفاءه وذلك القسم من قاعدته الانتخابية الأكثر تطرّفاً منه، كلّما حاد عن رغباتهم في استكمال نكبة 1948 على مجمل الأراضي الواقعة بين النهر والبحر دون مواربة.
ومن طرائف الإيمان غير العقلاني بنوايا ترامب السلمية أن أصحاب الأوهام بين المعلّقين ما زالوا يصوّرونه كأنه فرض «السلم» مع إيران على نتنياهو، على الرغم من قراره المشاركة في العدوان على إيران بصورة مكمّلة للحرب التي شنّتها الدولة الصهيونية. والحال أن التكامل في الأدوار جليّ بين ترامب ونتنياهو، وقد كانت إسرائيل بأمسّ الحاجة إلى وقف إطلاق النار الذي أعقب «حرب الأيام الإثني عشر» بسبب نضوب مخزون السلاح لديها وارتفاع الكلفة والإنهاك. هذا ولا لبس في أن ما أعقب الحرب ليس سوى هدنة تبغي إدارة ترامب خلالها مواصلة الضغط على «الجمهورية الإسلامية» كي تستسلم للشروط التي تمليها واشنطن. فما انفك ترامب يجاهر منذ دخول الهدنة حيّز التنفيذ بأن إيران مُنيت بهزيمة كبرى وأن لا خيار أمامها سوى الاستسلام. وهو الهمّ الأول الذي يخيّم على زيارة نتنياهو لواشنطن لمرة ثالثة منذ إعادة تولّي ترامب لمنصب الرئاسة، إذ يريد التأكد من مواظبة الإدارة الجديدة على إصرارها على الحدّ من نشاطات طهران العسكرية والنووية بشكل صارم.
أما الملف الفلسطيني، وهو الهمّ الآخر الذي تتعلّق الزيارة به، فمن طرائف الإيمان المذكور أعلاه، بل من عجائبه، أن عدداً لا يزال كبيراً من المعلّقين في وسائل الإعلام لا زالوا يصوّرون ترامب كأنه سوف يقصّ أجنحة الحكومة الإسرائيلية ويفرض عليها «السلام» مع الفلسطينيين، في حين أن ترامب هو الذي فسح المجال أمام هذه الحكومة كي تخطط بحرية وبصورة علانية لترحيل الفلسطينيين من قطاع غزة. وقد رصدت وكالة رويترز تصريحات ترامب في هذا الشأن وأحصت ما لا يقلّ عن اثنتي عشرة مناسبة منذ عودة الرجل إلى البيت الأبيض، دعا فيها إلى ترحيل الغزّاويين، بما ترافق أحياناً بتهديد مبطّن لدولتي مصر والأردن كي تستقبلا المهجّرين.
المعلّقون في وسائل الإعلام لا زالوا يصوّرون ترامب كأنه سوف يقصّ أجنحة الحكومة الإسرائيلية ويفرض عليها «السلام» مع الفلسطينيين
وليس من مثال أسطع على تمسّك بعض الناس بحبال الهواء وإصرارهم على إسقاط رغباتهم على الواقع سوى استمرار قادة «حماس» في المراهنة على ترامب، متّكلين في ذلك على بشارة بحبح، الأكاديمي الأمريكي الفلسطيني الأصل الذي أسّس جماعة «العرب الأمريكيون من أجل ترامب» والذي سبق له أن كان مستشاراً سياسياً لياسر عرفات ومشاركاً في المفاوضات التي أعقبت اتفاقيات أوسلو لعام 1993. وكأن «حماس» مصرّة على أن تُلدغ من الجحر ذاته مرّتين، بل أكثر، على الرغم من المجاهرة بإيمانها، فقد رأيناها تكرّر سيناريو الهدنة السابقة التي أعقبت تولّي ترامب لرئاسته الثانية في بداية العام الجاري والتي ما لبثت إسرائيل أن أنهتها بعد مرحلتها الأولى التي تضمّنت تبادل الأسرى بينها والحركة الفلسطينية، كي تعاود زحفها في القطاع استكمالاً لتدميره وتهجير سكانه.
وها أن «حماس» تتمسّك من جديد بمطالب أخطرها وقف الحرب النهائي بضمانات أمريكية وإخلاء الجيش الصهيوني لقطاع غزة، وهي مطالب تصوّرها إدارة ترامب ويصوّرها نتنياهو كشروط تعجيزية يُقصد بها الحؤول دون اتفاق، بينما هي في الحقيقة بِنتُ أوهام قادة «حماس» بأن الإدارة الأمريكية مستعدة لفرض مثل هذه الشروط على إسرائيل. والحال أن المفاوضات بين نتنياهو وبين ترامب وإدارته شملت، حسب تقارير الصحافة الأمريكية، مشروعهما المشترك في تجميع الغزّاويين في «مدينة إنسانية» في جنوب القطاع على أنقاض مدينة رفح، تمهيداً لترحيل من أمكن ترحيلهم منهم إلى خارج القطاع وإبقاء الآخرين فيما سوف يشكّل معسكر اعتقال في الهواء الطلق أسوأ بما لا يُقاس من معسكر الاعتقال الذي شكّله القطاع برمّته منذ احتلال الجيش الصهيوني له في عام 1967، وعلى الأخص منذ سيطرة «حماس» على السلطة فيه منذ عام 2007.
وفي هذا الصدد توجد القائمة الأكبر من الخيارات المختلفة التي يدور التفاوض حولها ليس بين الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية وحسب، بل أيضاً مع حليفات واشنطن بين دول الخليج العربية ومعها مصر والأردن. ذلك أن غاية ترامب، التي يشاطرها صديقه نتنياهو، هي التوصّل لتسوية مزعومة للقضية الفلسطينية تقوم على خلق «كيان فلسطيني» (على حدّ تعبير الرئيس الأمريكي السابق، رونالد ريغان، في عام 1982) يشمل جيوباً سكانية فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، محاطة بالقواعد العسكرية والمستوطنات الإسرائيلية على غرار ما هو قائم الآن في الضفة.
ومن المواضيع التي يدور التفاوض حولها أي «سلطة» فلسطينية سوف تُناط بها مهمة الإشراف على سكان تلك الجيوب، أسلطة رام الله الحالية أو المعدّلة (كما تتمنّى معظم الدول العربية) أو صيغة غيرها (تودّ إسرائيل التوصّل إليها بالتعاون مع الإمارات المتحدة ومحمّد دحلان)؛ ومن يتولّى الرقابة المباشرة على الغزّاويين، أهو الجيش الإسرائيلي (وهو ما يرفضه قسمٌ كبير من قيادته الذي تعلّم منذ انتفاضة عام 1988 كم هو صعبٌ التحكّم بشعب ثائر) أم هي قوات عربية في مهمة مؤقتة حتى تمكين قوات محلّية من العملاء الفلسطينيين للنظام الإقليمي الجديد. وهو النظام الذي يتوخّى ترامب ونتنياهو أن يشمل انضمام المملكة السعودية، بل والحكم السوري الجديد، إلى قافلة «التطبيع» تحقيقاً للحلف الإقليمي تحت الهيمنة الأمريكية الذي سعت واشنطن لتحقيقه منذ الحرب الأولى على العراق بقيادتها في عام 1991.
كاتب وأكاديمي من لبنان
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نتنياهو يلتقي وزير الدفاع الأمريكي في البنتاغون
نتنياهو يلتقي وزير الدفاع الأمريكي في البنتاغون

القدس العربي

timeمنذ 2 ساعات

  • القدس العربي

نتنياهو يلتقي وزير الدفاع الأمريكي في البنتاغون

واشنطن: وصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء، إلى مقر البنتاغون، للقاء وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث، وفق إعلام عبري. وقالت صحيفة 'يديعوت أحرونوت' العبرية الخاصة، إن نتنياهو وزوجته سارة، وصلا إلى مقر البنتاغون للقاء هيغسيث. وسيبحث نتنياهو وهيغسيث، 'استمرار التعاون الأمني بين الولايات المتحدة وإسرائيل'، وفق القناة '14' العبرية. والأحد، بدأ نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، زيارة لواشنطن تستمر حتى غد الخميس، وهي الثالثة خلال ستة أشهر. والتقى نتنياهو، مساء الثلاثاء، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في البيت الأبيض للمرة الثانية خلال 24 ساعة، وناقشا جهود إبرام اتفاق لتبادل أسرى ووقف إطلاق النار بقطاع غزة. وبدعم أمريكي تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة أكثر من 195 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال. وتتزامن زيارة نتنياهو إلى واشنطن مع مفاوضات غير مباشرة في قطر بين إسرائيل وحركة حماس، في محاولة جديدة للتوصل إلى اتفاق. ومرارا أعلنت حماس استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين 'دفعة واحدة'، مقابل إنهاء الإبادة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة. لكن نتنياهو يتهرب بطرح شروط جديدة، ويرغب في صفقات جزئية تضمن استمرار الحرب كي لا تنهار حكومته، ويستمر في السلطة، وفق المعارضة الإسرائيلية. وفي 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال لنتنياهو؛ بتهمتي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة. وتحتل إسرائيل منذ عقود فلسطين وأراضي في سوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967. (الأناضول)

تبعات قانونية للمصارف التي تفتح لها حسابات؟… 'الاقتصاد في خدمة الإبادة': 'مؤسسة غزة الإنسانية' مثالا
تبعات قانونية للمصارف التي تفتح لها حسابات؟… 'الاقتصاد في خدمة الإبادة': 'مؤسسة غزة الإنسانية' مثالا

القدس العربي

timeمنذ 2 ساعات

  • القدس العربي

تبعات قانونية للمصارف التي تفتح لها حسابات؟… 'الاقتصاد في خدمة الإبادة': 'مؤسسة غزة الإنسانية' مثالا

لندن – 'القدس العربي'- الحصار الإنساني الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة، والذي تفاقم منذ مطلع شهر آذار/ مارس الماضي، يترافق مع تحرك إسرائيلي أمريكي لمنع الأمم المتحدة من أداء دورها في توزيع المساعدات الشحيحة التي تصل على القطاع، من خلال إنشاء آلية بديلة عبر شركة عرفت باسم 'مؤسسة غزة الإنسانية'، ما أثار الكثير من الجدل المستمر. ويترافق ذلك مع شروط إسرائيلية تضعها على طاولة مفاوضات وقف إطلاق النار، وتهدف من خلالها على التحكم بآلية توزيع المساعدات إلى القطاع الذي يعاني حرب إبادة جماعية مستمرة منذ أكثر من 21 شهرا. وجاء التحقيق الذي أجرته صحيفة 'فايننشال تايمز'، ليكشف عن أبعاد أخرى لعمل هذه الشركة ترتبط بمشاريع تهجير سكان قطاع غزة، وبما يعرف بمشروع ترامب في القطاع (ريفييرا ترامب). وكشفت الصحيفة البريطانية، الأحد، عن أن شركة أمريكية تدعى 'مجموعة بوسطن للاستشارات'، وقّعت عقدا بملايين الدولارات لتطوير مشروع 'مؤسسة غزة الإنسانية'، كما عملت على رسم خطة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة تحت مسمى 'إعادة توطين'، وساعدت شركة الأمن الأمريكية التي يتولى متعاقدوها المسلحون إدارة مواقع المؤسسة في غزة. وأفادت صحيفة 'فايننشال تايمز' أن 'بوسطن للاستشارات' BGG أنشأت نماذج لتقدير تكلفة 'نقل' أجزاء كبيرة من السكان الفلسطينيين إلى خارج الأراضي التي تحتلها إسرائيل. وأثارت هذه المعلومات ضجة واسعة في المحافل الدولية والأممية، وفي أوساط الجمعيات الإنسانية غير الحكومية التي اتخذت موقفا حازما من 'مؤسسة غزة الإنسانية' وطالبت بإعادة آلية توزيع المساعدات إلى الأمم المتحدة ووكالاتها. وكان آخر المواقف تعليق منظمة 'أنقذوا الأطفال' الدولية شراكتها طويلة الأمد مع مجموعة 'بوسطن للاستشارات'. ولم يقف الأمر عند حدود الأمم المتحدة والجمعيات غير الحكومية، بل أطلق مسؤولون في حكومات غربية تحذيرات من خطورة آلية التوزيع التي تعتمدها 'مؤسسة غزة الإنسانية'، من بينهم وزير الخارجية البريطاني دافيد لامي الذي قال أمام مجلس العموم البريطاني منتقدا الآلية الجديدة لتوزيع المساعدات واصفًا إياها بأنها 'لا تؤدي وظيفتها كما ينبغي'. وفي كلمة أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف الأسبوع الماضي، عرضت فرانشيسكا ألبانيزي، المقررة الأممية الخاصة بالأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، تقريرها المعنون 'من اقتصاد الاحتلال إلى اقتصاد الإبادة الجماعية'، وقالت إن ما تسمى 'مؤسسة غزة الإنسانية' ليست سوى 'مصيدة موت' مصممة لقتل أو إجبار سكان يتضورون جوعا على الفرار. وأثارت الانتقادات الموجهة لـ'مؤسسة غزة الإنسانية' قلق المؤسسات المالية إزاء التعامل معها، وهو ما كشفته وكالة رويترز التي نقلت عن مصادر مطلعة أن بنك 'يو بي إس' UBS رفض طلب 'مؤسسة غزة الإنسانية' لفتح حساب بنكي في سويسرا. كما امتنع بنك 'غولدمان ساك' عن إنشاء حساب لصالح المؤسسة بعد محادثات أولية. وقالت رويترز إن المؤسسة قد سعَت لفتح حساب فرعها المقترح في جنيف لتيسير التبرعات القادمة من خارج الولايات المتحدة، لكنها تراجعت عن فكرة التوسع في سويسرا في أيار/ مايو الماضي، ونقلت عن مصدر أن إحدى العقبات أثناء المفاوضات كانت افتقار الشفافية حول مصادر تمويل المؤسسة. لكن رويترز أشارت إلى انه على الرغم من هذه المساعي في سويسرا، فإن المؤسسة تأسست رسمياً في عام 2025 في ولاية ديلاوير الأميركية، وتمتلك حساباً لدى بنك 'جيه بي مورغان' .JPMorgan وفضلا عن الاتهامات الموجهة للمؤسسة بالمساهمة في قتل الغزيين، والتورط في مشاريع لتهجيرهم، وتسييس الملف الإنساني، فإن موضوع سرقة المساعدات الذي تحدثت عنه تقارير داخلية سابقة للأمم المتحدة كُشف عنها، شكل أيضا أحد مظاهر الإشكالية التي تطرحها، لا سيما مع أدلة عن تورط مجموعات مدعومة من الاحتلال (ميليشيا ياسر أبو شباب) في عمليات السرقة. مسؤول سابق في 'الأونروا' لـ'القدس العربي': 'مؤسسة غزة' شريك في حرب الإبادة ويرى مدير الاتصالات السابق في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين 'الأونروا' كريس غونيس، في حديث مع 'القدس العربي'، أن الغطاء كشف عن أن 'مؤسسة غزة الإنسانية' 'بانت على حقيقتها'، فهي 'فخٌ مميت يرتكب إبادة جماعية، حيث يقوم جيشٌ جَوّعَ سكانًا حتى الموت الآن بذبح الناس كالبهائم بينما يأتون لجمع الطعام من حظائر زراعية'. ويدعو كريس غونيس 'لمنع حدوث مجاعة جماعية، من خلال 'المبادرة على الفور لإعادة عملية إيصال المساعدات في غزة إلى الأمم المتحدة، على أن تتولى 'الأونروا' الدور القيادي باعتبارها العمود الفقري لهذه العملية'. ويؤكد: 'وحدها 'الأونروا' قادرة على أداء هذا الدور، بفضل آلاف الموظفين لديها، وشبكة المرافق المخصصة لتوزيع الغذاء، وتقديم الرعاية الصحية الأولية، ومساعدة الناس في الحصول على مياه نظيفة. لقد كانت الأونروا تقوم بهذا الدور منذ خمسينيات القرن الماضي حتى اليوم، بما في ذلك خلال هذه المرحلة الأخيرة من الإبادة الجماعية.' وبخصوص التقارير عن سرقة المساعدات، يقول غونيس إنه 'من الواضح للجميع أن إسرائيل كانت تدعم الجماعة المتطرفة 'أبو شَباب' وتساندها في سرقة المساعدات'. 'شريك في الإبادة' ويقول إن هناك تواطؤا واضحا بين ما يسميها قوات الإبادة الإسرائيلية (Israel Genocide Force-IGG) و'أبو شَباب'. كل هذا يتم تحت غطاء 'مؤسسة غزة الإنسانية'، 'التي تُعد شريكة أيضًا في الاحتلال الإبادي الإسرائيلي'. وعلى الرغم من أن الأمم المتحدة، وأمينها العام أنطونيو غوتيريش، حذروا مرارا من خطورة آلية المساعدات المدعومة أمريكيا وإسرائيليا، إلا أنها لم تقم بعمل كاف برأي غونيس. ويقول المسؤول السابق في 'الأونروا' لـ'القدس العربي': 'لقد أدلى الأمين العام للأمم المتحدة بتصريحات شكلية بشأن الدور الأساسي الذي تؤديه 'الأونروا'، ولكن عندما يتعلق الأمر بالفعل، يبدو الأمر في كثير من الأحيان وكأن 'الأونروا' تُداس تحت العجلات. فعلى سبيل المثال، عندما كانت إسرائيل تطرد 'الأونروا' من مقرها الضخم في القدس الشرقية المحتلة، كان ينبغي أن يكون هناك جهد موحد لنقل جميع وكالات الأمم المتحدة إلى تلك المباني، وتحويل مقر 'الأونروا' في القدس إلى مركز طوارئ إنساني لغزة. كان هذا الإجراء بديهياً، لكن الأمم المتحدة رضخت للضغوط الإسرائيلية والأمريكية. وهذا مجرد مثال من بين أمثلة كثيرة، كانت فيها قلة القيادة والدعم للأونروا سبباً في أضرار جسيمة للوكالة'. تورط المال ويثير غونيس نقطة أخرى، تتعلق بتصريحات لرئيس 'مؤسسة غزة الإنسانية' القس الإنجيلي جوني مور أدلى بها الأسبوع الماضي إلى محطة 'سي بي إس'. فمور قال إنه 'لا يمكنه التحقق من أن كل كيس دقيق لا ينتهي به المطاف بطريقة ما في مكان غير مقصود'. ويقول غونيس إن مور، 'أقر بأن المؤسسة لا يمكنها ضمان عدم تحويل مساعداتها من قبل 'حماس'، و'هذا التصريح يؤكد العديد من الصور المنتشرة على الإنترنت التي تُظهر سرقة مساعدات غذائية من المؤسسة وإعادة توجيهها من قبل مسلحين'. ويرى أن تصريح مور 'يثير القلق من أن المؤسسة والمؤسسات المالية التي تتعاون معها قد تكون في حالة انتهاك لتشريعات مكافحة الإرهاب الأمريكية، المصممة لمنع وصول المساعدات الأمريكية إلى جماعات محظورة.' كما يتطرق إلى ما ذكرته رويترز عن فتح 'مؤسسة غزة الإنسانية' حسابا لدى بنك 'جيه بي مورغان'، وهو أيضا 'يثير تساؤلات حول مدى التزام البنك بإجراءات العناية الواجبة، وما إذا كان قد انتهك تشريعات مكافحة الإرهاب الأمريكية.' ووجهت 'القدس العربي' أسئلة إلى وزارة الخارجية الأمريكية وبنك 'جيه بي مورغان' حول هذه المسالة، لكنها لم تتلق ردا حتى وقت نشر هذا التقرير. نتنياهو و'شركة بوسطن' وسألنا الاقتصادي والمحامي الأمريكي جايمس إس. هنري عن قانونية عمليات التمويل التي يمكن أن تتورط بها بعض المصارف الامريكية والعالمية، وكذلك عن قانونية وأخلاقية تورط 'مجموعة بوسطن للاستشارات' في أنشطة ترتبط بـ'مؤسسة غزة الإنسانية'. اقتصادي ومحام أمريكي: مشاركة 'بوسطن الاستشارية' مريبة.. ونتنياهو عمل سابقا في المجموعة ويقول جايمس هنري لـ'القدس العربي'، وقد سبق أن شغل منصب كبير الاقتصاديين في 'شركة ماكينزي للاستشارات' في نيويورك، وهي شركة مناسفة لـ'شركة بوسطن'، إن 'صناعة الاستشارات تخدم في الغالب عملاء خاصين، وشركات كبيرة إلى حد كبير. عادة لا تأخذ مثل هذه المشاريع الخاصة. لكن بنيامين نتنياهو قديم في 'مجموعة بوسطن للاستشارات'. كان يعمل هناك على ما أعتقد، يمكنك تأكيد ذلك. لكنه قضى وقتًا طويلًا في الولايات المتحدة، وأعتقد أنه كان شريكًا في مجموعة بوسطن للاستشارات'. وبالفعل فإن موقع الحكومة الإسرائيلية الإلكتروني يورد في سيرة نتنياهو أنه عمل بين عامَي 1976 و1982، 'في القطاع الخاص، واستهل ذلك مع شركة 'مجموعة بوسطن الاستشارية' (Boston Consulting Group). ويقول هنري إنه كلما كُشفت معلومات عن هذا المشروع يصبح أمر مشاركة 'شركة بوسطن للاستشارات' أمرا مثيرا للتساؤل من زاوية أخلاقية، فـ'المشروع بدا كأنه مصمم للفشل. كان يدفع الأمم المتحدة للخروج التي كانت منظمة إغاثة فعالة في غزة، تحت ذريعة أن 'حماس' كانت تحصل على التمويل أو تستولي على الغذاء وتبيعه'. وينتقد هنري الادعاءات بأن المشروع مصمم لمنع 'حماس' من الحصول على المساعدات، مذكرا بما قال إنه قضية السماح بوصول أموال إلى الحركة في السابق بموافقة من نتنياهو ومعرفة 'منظمة تمويل الإرهاب' التابعة لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية 'الموساد'، وهي القضية التي أثارت ضجة كبير ة في إسرائيل في وجه نتنياهو بعد السابع من تشرين الأول / أكتوبر 2023.. ويقول 'ما أقصده في هذه الخلفية، هو أن كمية كبيرة من التمويل الذي تدفق إلى 'حماس' كانت معروفة للحكومتين الأميركية وللإسرائيلية، وسمحوا لها بالذهاب'. ويضيف 'وأي شخص ألقى نظرة على هذا الوضع، مثل 'جيه بي مورغان' أو 'مجموعة بوسطن للاستشارات'، كان ليجد المعلومات وهي متاحة. كان بإمكانهم أن يعرفوا أن هذا مريب'، و'هذا يثير لدي احتمالاً واضحاً بأنهم يتحملون مسؤولية قانونية عن المساهمة في تحقيق هذه النتيجة'. حكومة غزة وفي مقابل الموقف الأمريكي – الإسرائيلي المتذرع بمنع حركة 'حماس' من الاستيلاء على المساعدات، وثقت جهات عديدة عمليات سرقة المساعدات في غزة من قبل عصابات بعضها مرتبط بالاحتلال. رئيس المكتب الإعلامي الحكومي: تُستخدم أداة ضغط أمني وسياسي ويقول د. إسماعيل الثوابتة، مدير عام 'المكتب الإعلامي الحكومي' في غزة لـ'القدس العربي'، إن الجهات الرسمية في القطاع وثقت 'عددًا من الحالات التي تتعلق بسرقة المساعدات الإنسانية، ويجري التعامل معها وفق الأطر القانونية'. ويؤكد في إجابة على أسئلتنا أنه 'لدينا أدلة حول تورط عناصر مشبوهة وعصابات إجرامية يرعاها الاحتلال وقد اعترف أنه يقدم لهذه العصابات الحماية والدعم اللوجستي في إطار هندسة التجويع، وأغلب جرائم سرقة المساعدات تتم في مناطق التوزيع العشوائي فيما يُعرف بالمناطق 'العازلة'. ويضيف 'الحكومة، من خلال الجهات الأمنية والرقابية، تعمل على ملاحقة هذه الأطراف ومحاسبتها، وقد تم إحباط عشرات محاولات لتهريب المساعدات وبيعها في السوق السوداء. الجهود مستمرة لضمان ضبط هذه المسألة ووقف أي عبث أو استغلال لمعاناة المواطنين'. وبخصوص 'مؤسسة غزة الإنسانية'، يقول الثوابتة إن 'الآليات التي تعتمدها ما تُسمى 'مؤسسة غزة الإنسانية' خطيرة وغير إنسانية، وتفتقر إلى أي معايير للشفافية أو الرقابة. فهي تعمل خارج المنظومة الأممية والإنسانية والإغاثية، وتنفذ أجندات أمنية واستخباراتية مشبوهة'. فـ'هذه المؤسسة غير الإنسانية تكرّس حالة من الفوضى في ملف الإغاثة، وتُسهم في خلق بيئة مناسبة للابتزاز والتمييز والنهب وتُشجّع الفوضى، فضلاً عن استخدامها المساعدات كأداة ضغط سياسي وأمني. الأخطر من ذلك أنها تُعيد تعريف العمل الإنساني بما يتماشى مع سياسات الاحتلال الإجرامية، وتُسهم في تقويض الدور الأممي الإغاثي المستقل'. ويطالب الثوابتة 'بإخراج ملف المساعدات من دائرة العبث السياسي والأمني، ووقف تدخل الاحتلال والجهات المشبوهة في تفاصيله'. ويقول لـ'القدس العربي': 'يجب أن تكون المساعدات خاضعة بشكل كامل لمراقبة وتوزيع المؤسسات الأممية المعتمدة دولياً، وعلى رأسها وكالة 'الأونروا'، لضمان وصولها العادل والآمن للمواطنين. كما نرفض أي محاولات لإنشاء قنوات بديلة مشبوهة أو توزيع المساعدات عبر 'مناطق عازلة' خارجة عن القانون. ونؤكد أن الحل الوحيد هو العودة إلى آليات أممية شفافة وإنسانية تضمن الكرامة والعدالة في تقديم الإغاثة'.

دونالد ترامب يحضر نهائي كأس العالم للأندية لإعطاء البطولة أهمية أكبر
دونالد ترامب يحضر نهائي كأس العالم للأندية لإعطاء البطولة أهمية أكبر

العربي الجديد

timeمنذ 2 ساعات

  • العربي الجديد

دونالد ترامب يحضر نهائي كأس العالم للأندية لإعطاء البطولة أهمية أكبر

أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب (79 عاماً)، حضوره نهائي كأس العالم للأندية 2025، الذي سيقام يوم الأحد المقبل، على ملعب "ميتلايف" في مدينة إيست راذرفورد بولاية نيوجيرسي، في خطوة جديدة تسلط الضوء على العلاقة الوثيقة بين ترامب والاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" بقيادة السويسري جياني إنفانتينو (55 عاماً). وكشفت صحيفة ليكيب الفرنسية، اليوم الخميس، أن إعلان ترامب قد جاء خلال مؤتمر صحافي قصير عقده أمام الصحافيين المعتمدين في البيت الأبيض، وقال ببساطة: "سأذهب إلى المباراة"، في تصريح أثار جدلاً واسعاً، خاصة أنه تزامن مع إعلان افتتاح مكتب تمثيلي للفيفا داخل "ترامب تاور" في نيويورك، وهو المبنى الشهير الذي يمتلكه الرئيس الأميركي ويضم مكاتبه ومقر إقامته الرئيسي. ووفقاً لبيان رسمي من "الفيفا"، فإن المكتب الجديد يُعد "مكتب تمثيل إداري" يهدف إلى دعم التوسع التنظيمي في أميركا الشمالية، ويأتي استكمالاً للمكتب الذي افتتحه الفيفا سابقاً في ميامي قبل عامين. ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تترجم التقارب المتزايد بين المؤسسة الكروية العالمية وترامب، الذي لطالما أبدى اهتماماً متزايداً بكرة القدم، خاصة في ظل استضافة الولايات المتحدة لكأس العالم 2026. وسيكون ملعب "ميتلايف"، الذي يتسع لأكثر من 82 ألف متفرج، على موعد مع أول نهائي لكأس العالم للأندية بنظامه الجديد، والذي يشارك فيه 32 نادياً من مختلف القارات، ويُعد اختباراً عملياً للملاعب والبنية التحتية قبيل مونديال 2026، ليشكّل قرار ترامب بحضور النهائي دفعاً قوية للبطولة، ويمنحها المزيد من الأهمية، خاصة أنها النسخة الأولى التي تُلعب بنظامها الجديد بـ32 فريقاً. بعيدا عن الملاعب التحديثات الحية كيف تستغلّ إدارة ترامب مونديال الأندية لمحاربة الهجرة غير الشرعية؟ ويُرجح أن يحضر المباراة أيضاً رئيس "الفيفا"، جياني إنفانتينو، إلى جانب عدد من الشخصيات السياسية والرياضية البارزة، في حدث يُتوقع أن يحظى بمتابعة جماهيرية واسعة، إذ تأتي هذه التطورات في سياق استثمار الولايات المتحدة في استضافة الفعاليات الرياضية الكبرى، وسعي "الفيفا" لتوسيع نفوذه في السوق الأميركي، بينما يُوظف ترامب حضوره بوصفه جزءاً من استراتيجيته الإعلامية والسياسية في مرحلة ما بعد الرئاسة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store