
النجم القدير محمد المنصور: 'أعمال تُنتج لملء الفراغ وجوائز تُمنح بالمجاملة'!
حين يتحدث النجم القدير محمد المنصور، يصمت الجميع احترامًا لتاريخٍ يتكلم، ولرؤيةٍ لا تُجامل ولا تُزخرف الحقائق. فنان من طينة نادرة، لا يخشى المكاشفة ولا يلتف على الأسئلة، يعبّر عن رأيه بصراحة مدهشة، ويغوص في أعماق الدراما الخليجية كما لو أنه يشرّحها على طاولة النقد.
في هذا الحوار الجريء مع 'البلاد'، و الجريء يحمل في طيّاته صرخة فنان لا يقبل بأن يتحوّل الفن إلى سلع، حيث تحدث المنصور عن من وصفهم بـ'تجّار الدراما'، وانتقد موجة التكريمات العشوائية، وتحدث عن انحدار الذائقة الكوميدية نحو 'التنمّر المبتذل'.
هل أصبحت بعض الجوائز تُمنح من باب المجاملة بتقييمات عشوائية وتقديرات غير معرّفه البوصلة؟
نعم تُمنح لأسباب لا علاقة لها بالإبداع أو بتاريخ الفنان القدير، بل بالمجاملة والترضيات والعلاقات الشخصية.
الجائزة لا تُعطى لمجرد الظهور، بل لمن يملك رصيدًا من العطاء الحقيقي وعندما يُكرَّم من لا يستحق، فهذه إهانة للفن، وللمبدعين الذين تعبوا وسهروا وواجهوا التحديات ليصلوا إلى الناس.
أما بالنسبة لجوائز الدانة فهي الأكثر وضوحًا من حيث تصويب الهدف المناسب في مكانه الصحيح، هنا رأيت لجنة تحكيم واعية، تعرف قيمة الفن، وتدرك أن التميز لا يُقاس بعدد المتابعين في 'السوشال ميديا'، بل بعمق الأداء وجودة النص. هذه جائزة تُشبه الفنان الحقيقي، وتُمنح لمن يضيف، لا لمن يتجمّل وهذا ما تفتقده بعض المهرجانات والجوائز على مستوى الوطن العربي أو العالمي.
الدراما الخليجية هل تسير في طريق صاعد أم منحدر؟
نحن نعيش حالة درامية مزدوجة. هناك أعمال تُنتج فقط لملء فراغ الجدول الزمني للقنوات، لا تحمل أي رؤية، ولا حتى احترامًا للمشاهد. وهناك من يحاول، ويجتهد، لكن يواجه عراقيل، أولها ضعف النصوص، وثانيها هيمنة بعض المنتجين الذين يعتقدون أن الفن 'مكسب سريع'. من وجهة نظري ارى ان بعض المنتجين أساءوا للدراما ليس فقط أساؤوا، بل دمّروها في بعض الحالات. حين يصبح المنتج هو الكاتب، والمخرج، وأحيانًا البطل، وينفّذ العمل وفق ذوقه التجاري، دون أي خلفية فنية فتوقّع أن يخرج لنا 'مسلسل إسفنجي'، بلا روح ولا مضمون.
الكوميديا اليوم لماذا تبدو أقرب إلى التنمّر منها إلى الإضحاك؟
لأن البعض نسي الفرق بين الكوميديا والشتائم. نُشاهد اليوم مشاهد سخيفة، تُبنى على السخرية من لهجات الناس أو مظهرهم، وتُسمّى زورًا 'كوميديا'. أين نحن من كوميديا الموقف؟ من 'درب الزلق' و'الحيالة'؟ تلك أعمال أضحكتنا بذكاء، لا بالطعن في الآخرين.
حتى الكوميديا تحمل رسالة راقية يجب أن تصل إلى الجمهور بكل رقيّ، جمهورنا اليوم ذكي جدًّا، لكنه يُغرق أحيانًا في الزيف من كثرة ما يُعرض عليه. هناك فنانين شباب يملكون موهبة كبيرة، لكن يُسلَّط الضوء على من يملكون فقط عددًا من المتابعين، لا عددًا من الأفكار. أصبحنا في عصر 'الترند'، لا عصر الفن.
ما الذي ينقص الدراما الخليجية لتقف على أقدامها من جديد؟
الإيمان أولًا بأن الفن ليس 'بزنس'، وأن الوجوه الجميلة لا تصنع مسلسلًا ناجحًا. نحتاج إلى كتّاب يفهمون الواقع، ومخرجين يتعاملون مع الكاميرا كأداة فكر، لا كآلة تصوير أعراس. حين نؤمن أن الدراما رسالة، سترتفع من جديد.
الجميع شركاء يجب أن يحملوا على عاتقهم مسؤولية النجاح بدءًا من الكاتب المستسلم، المنتج الجشع، الفنان المتنازل، والمشاهد الذي يُروّج للرداءة وهو لا يدري. الفن مسؤولية جماعية، ولا يُصلح حال الدراما إلا غربلة شاملة، تعيد الاعتبار للكتابة أولًا، ثم للإخراج، وأخيرًا للممثل الذي يُفترض أن يكون مشروع ثقافة، لا دمية تسويقية.
ما العمل الذي ترك فيك أثرًا لا يُمحى؟
أعمال كثيرة لا تمحى من الذاكرة ومواقف صنعت المجد الفني على أيدي أبطالها، ولكن 'القادسية' بلا شك تم إنتاجه في الثمانينيات، لم يكن فقط فيلمًا بل مغامرة حياتية عندما جُلب لنا أسد من ألمانيا ليظهر في أحد المشاهد، تُرك بلا طعام لثلاثة أيام كي يكون شرسًا وعندما أُطلق، هجم على مدربه أمام أعيننا! لحظة لن أنساها، وكأننا كنّا في ساحة معركة حقيقية. الفن في تلك الأيام كان دمًا وعرقًا وخوفًا، ولا 'غرف فندقية فخمة' وتصوير في ثلاث ساعات.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبار الخليج
منذ 2 أيام
- أخبار الخليج
سمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة.. رائد دعم الفنون في مملكة البحرين يكرم الفائزين بـ جائزة الدانة للدراما في نسختها الثانية
رعاية سموه لجائزة الدانة يعكس التزام البحرين بتطوير المشهد الفني والثقافي الفنانون المشاركون: جائزة الدانة تعزز التنافس الشريف بين المواهب فنانون: «الجائزة» تكريم للتميّز ودعم للمنافسة بين أفضل الأعمال الفنية فنانون خليجيون: جائزة الدانة تسهم في تعزيز الهوية الثقافية للفن الخليجي أهل الفن يتفقون على أهمية جائزة الدانة في تطوير الإنتاج الفني جائزة الدانة.. تحدٍ فني يبرز أفضل ما لدى الفنانين


البلاد البحرينية
منذ 5 أيام
- البلاد البحرينية
السكلر من الألم إلى الفن.. السينما تنقل الوجع
في أمسية حملت الفن هما ورسالة، نظمت جمعية البحرين لرعاية مرضى السكلر فعالية بعنوان 'ليلة سينمائية منجلية' في سينما إيبيكس بمجمع الدانة، وذلك احتفاء باليوم العالمي لمرضى فقر الدم المنجلي (السكلر). جاءت الفعالية بحضور رئيس المؤسسة البحرينية للحوار سهيل بن غازي القصيبي، ورئيس الجمعية زكريا الكاظم، إلى جانب عدد من النشطاء والفنانين المهتمين بالشأن الصحي والإنساني، في سعي مشترك لإيصال صوت المرضى إلى المجتمع، وتسليط الضوء على التحديات اليومية التي يواجهونها. واستهل الحفل بكلمة لرئيس الجمعية، عبر فيها عن شكره للرعاة والداعمين والمشاركين، مؤكدًا أهمية هذه المبادرات في إذكاء الوعي المجتمعي. كما أعلن خلالها عن الشعار الجديد للجمعية 'سمو'، الذي يجسد ثلاث قيم رئيسة: السند، المسؤولية، والوعي تجاه مرضى السكلر. وفي تصريح خاصة لصحيفة 'البلاد'، قال الفنان محمد الصفّار: 'أشكر جمعية مرضى السكلر على هذه الفعالية النبيلة. سبق أن قدمت فيلمًا من تأليفي وإخراجي ضمن مهرجان السكلر، وأشرفت على عدد من الأعمال المشاركة. الفنّ بأطيافه من سينما ودراما وأدب هو منظومة أخلاقية تنير وعي الإنسان وتمنحه أدوات لفهم الآخر. إن لم نعرف ألم المريض، كيف نفهمه؟ وإن لم نعرض قضاياه، كيف نحفظ كرامته؟ الفن يصنع الجسور حين تعجز المفاهيم، ويُعيد للإنسان مكانته ككائن حيّ له الحق في أن يعيش، يُنتج، ويكون فاعلًا في هذا العالم. إنها رسالة الفن: أن يكشف ما لا يُرى، ويوقظ ما قد يغفل عنه الناس.' من جانبه، قال المخرج حسن عبد علي: 'عرفت السكلر أول مرة من خلال أصدقائي المصابين به، وحاولت أن أترجم وجعهم سينمائيًا كما فهمته. وكلما ظننت أنني اقتربت من الإحساس الحقيقي، كشفت لي قصة جديدة كم كنت بعيدًا. زوجتي، وهي صديقة للسكلر، منحتني نافذة أوسع لفهم المرض، بل علّمتني كيف يمكن أن نحبه بطريقتها الخاصة. رغم كل ما قدّمت، ما زلت أؤمن أنني لم أصل بعد إلى فهمه التام، لكنني في كل فيلم أحاول الاقتراب أكثر من ألمه، ومنح إحساسه صوتًا بصريًا. السكلر مرض معقّد، يلامس كل أوتار الحياة. لكنه منحني مادة إنسانية غنية أبحرت فيها مرارًا، وأتمنى أن يكون فني قد لامس قلوب الناس ورفع وعيهم.' أما المخرج محمود الشيخ قال: 'السينما مرآة صادقة للمجتمع، ووسيلة فعّالة لنقل معاناة الناس. والسكلر من أبرز المواضيع التي لامست وجداننا، لما تحمله من ألم وتحديات. في هذه العروض، قدّمنا نحن المخرجون والكتّاب تجارب إنسانية حقيقية، نأمل أن تترك أثرًا صادقًا في قلوب الجمهور، وتُسهم في تعميق الوعي بمعاناة هذه الفئة'. وشهدت الأمسية عرض مجموعة من الأفلام البحرينية القصيرة التي لامست وجدان الحضور، وقدمت تجارب إنسانية واقعية بأسلوب بصري جميل. من بين الأفلام المعروضة: 'أمل'، و'جوز' للمخرج محمود الشيخ، وفيلما 'وابل' و'الشجرة' للمخرج حسن عبد علي، وهي أفلام حظيت باستحسان جماهيري مؤخرًا، لما تحمله من رسائل صادقة، ومساحة للتثقيف والتعاطف. تنبه صحيفة البلاد مختلف المنصات الإخبارية الإلكترونية الربحية، لضرورة توخي الحيطة بما ينص عليه القانون المعني بحماية حق الملكية الفكرية، من عدم قانونية نقل أو اقتباس محتوى هذه المادة الصحفية، حتى لو تمت الإشارة للمصدر.


البلاد البحرينية
١٨-٠٦-٢٠٢٥
- البلاد البحرينية
النجم القدير محمد المنصور: 'أعمال تُنتج لملء الفراغ وجوائز تُمنح بالمجاملة'!
حين يتحدث النجم القدير محمد المنصور، يصمت الجميع احترامًا لتاريخٍ يتكلم، ولرؤيةٍ لا تُجامل ولا تُزخرف الحقائق. فنان من طينة نادرة، لا يخشى المكاشفة ولا يلتف على الأسئلة، يعبّر عن رأيه بصراحة مدهشة، ويغوص في أعماق الدراما الخليجية كما لو أنه يشرّحها على طاولة النقد. في هذا الحوار الجريء مع 'البلاد'، و الجريء يحمل في طيّاته صرخة فنان لا يقبل بأن يتحوّل الفن إلى سلع، حيث تحدث المنصور عن من وصفهم بـ'تجّار الدراما'، وانتقد موجة التكريمات العشوائية، وتحدث عن انحدار الذائقة الكوميدية نحو 'التنمّر المبتذل'. هل أصبحت بعض الجوائز تُمنح من باب المجاملة بتقييمات عشوائية وتقديرات غير معرّفه البوصلة؟ نعم تُمنح لأسباب لا علاقة لها بالإبداع أو بتاريخ الفنان القدير، بل بالمجاملة والترضيات والعلاقات الشخصية. الجائزة لا تُعطى لمجرد الظهور، بل لمن يملك رصيدًا من العطاء الحقيقي وعندما يُكرَّم من لا يستحق، فهذه إهانة للفن، وللمبدعين الذين تعبوا وسهروا وواجهوا التحديات ليصلوا إلى الناس. أما بالنسبة لجوائز الدانة فهي الأكثر وضوحًا من حيث تصويب الهدف المناسب في مكانه الصحيح، هنا رأيت لجنة تحكيم واعية، تعرف قيمة الفن، وتدرك أن التميز لا يُقاس بعدد المتابعين في 'السوشال ميديا'، بل بعمق الأداء وجودة النص. هذه جائزة تُشبه الفنان الحقيقي، وتُمنح لمن يضيف، لا لمن يتجمّل وهذا ما تفتقده بعض المهرجانات والجوائز على مستوى الوطن العربي أو العالمي. الدراما الخليجية هل تسير في طريق صاعد أم منحدر؟ نحن نعيش حالة درامية مزدوجة. هناك أعمال تُنتج فقط لملء فراغ الجدول الزمني للقنوات، لا تحمل أي رؤية، ولا حتى احترامًا للمشاهد. وهناك من يحاول، ويجتهد، لكن يواجه عراقيل، أولها ضعف النصوص، وثانيها هيمنة بعض المنتجين الذين يعتقدون أن الفن 'مكسب سريع'. من وجهة نظري ارى ان بعض المنتجين أساءوا للدراما ليس فقط أساؤوا، بل دمّروها في بعض الحالات. حين يصبح المنتج هو الكاتب، والمخرج، وأحيانًا البطل، وينفّذ العمل وفق ذوقه التجاري، دون أي خلفية فنية فتوقّع أن يخرج لنا 'مسلسل إسفنجي'، بلا روح ولا مضمون. الكوميديا اليوم لماذا تبدو أقرب إلى التنمّر منها إلى الإضحاك؟ لأن البعض نسي الفرق بين الكوميديا والشتائم. نُشاهد اليوم مشاهد سخيفة، تُبنى على السخرية من لهجات الناس أو مظهرهم، وتُسمّى زورًا 'كوميديا'. أين نحن من كوميديا الموقف؟ من 'درب الزلق' و'الحيالة'؟ تلك أعمال أضحكتنا بذكاء، لا بالطعن في الآخرين. حتى الكوميديا تحمل رسالة راقية يجب أن تصل إلى الجمهور بكل رقيّ، جمهورنا اليوم ذكي جدًّا، لكنه يُغرق أحيانًا في الزيف من كثرة ما يُعرض عليه. هناك فنانين شباب يملكون موهبة كبيرة، لكن يُسلَّط الضوء على من يملكون فقط عددًا من المتابعين، لا عددًا من الأفكار. أصبحنا في عصر 'الترند'، لا عصر الفن. ما الذي ينقص الدراما الخليجية لتقف على أقدامها من جديد؟ الإيمان أولًا بأن الفن ليس 'بزنس'، وأن الوجوه الجميلة لا تصنع مسلسلًا ناجحًا. نحتاج إلى كتّاب يفهمون الواقع، ومخرجين يتعاملون مع الكاميرا كأداة فكر، لا كآلة تصوير أعراس. حين نؤمن أن الدراما رسالة، سترتفع من جديد. الجميع شركاء يجب أن يحملوا على عاتقهم مسؤولية النجاح بدءًا من الكاتب المستسلم، المنتج الجشع، الفنان المتنازل، والمشاهد الذي يُروّج للرداءة وهو لا يدري. الفن مسؤولية جماعية، ولا يُصلح حال الدراما إلا غربلة شاملة، تعيد الاعتبار للكتابة أولًا، ثم للإخراج، وأخيرًا للممثل الذي يُفترض أن يكون مشروع ثقافة، لا دمية تسويقية. ما العمل الذي ترك فيك أثرًا لا يُمحى؟ أعمال كثيرة لا تمحى من الذاكرة ومواقف صنعت المجد الفني على أيدي أبطالها، ولكن 'القادسية' بلا شك تم إنتاجه في الثمانينيات، لم يكن فقط فيلمًا بل مغامرة حياتية عندما جُلب لنا أسد من ألمانيا ليظهر في أحد المشاهد، تُرك بلا طعام لثلاثة أيام كي يكون شرسًا وعندما أُطلق، هجم على مدربه أمام أعيننا! لحظة لن أنساها، وكأننا كنّا في ساحة معركة حقيقية. الفن في تلك الأيام كان دمًا وعرقًا وخوفًا، ولا 'غرف فندقية فخمة' وتصوير في ثلاث ساعات.