
عائلات فلسطينية بالضفة تبدأ الرحيل عن مساكنها جراء اعتداء المستوطنين
وقالت مصادر فلسطينية إن مستوطنين مسلحين أجبروا 20 عائلة فلسطينية على مغادرة مساكنها قسرا في تجمع عرب المليحات.
وأفاد أهالي المليحات للجزيرة بأن عشرات المستوطنين المسلحين شرعوا منذ أول أمس الأربعاء بإقامة بؤرة استيطانية داخل أراضي التجمع. كما دفعوا مساء أمس الخميس بأعداد كبيرة من المستوطنين باتجاه المنطقة تمهيدا لمهاجمة الأهالي، مما اضطر السكان إلى إخلاء مساكنهم.
وقال المشرف العام لمنظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو حسن مليحات، لوكالة الأناضول، إن "نحو 14 من أصل 85 عائلة تسكن في تجمع عرب المليحات شرعت في تفكيك خيامها والرحيل نتيجة ما يواجهونه من ممارسات استفزازية واعتداءات متكررة من المستوطنين والجيش الإسرائيلي".
وبيّن أن العائلات جميعها مهددة بالرحيل، ويبلغ عدد أفرادها نحو 500 نسمة، في ظل وجود أعداد كبيرة من المستوطنين داخل التجمع وعلى أطرافه، محذرا من أن "ذلك يهدد بمحو وجود قرية عرب المليحات، ويفتح الطريق للبناء الاستيطاني".
وأشار إلى أن ما يحدث في عرب المليحات هو "رسالة تحذير خطيرة لكل التجمعات الفلسطينية في الأغوار"، داعيا إلى "الوقوف صفا واحدا لرفض هذا العدوان وحماية الحقوق الوطنية والإنسانية".
وأول أمس الأربعاء، قال مليحات للأناضول إن عددا من المستوطنين أقاموا بؤرة استيطانية قرب تجمع عرب المليحات لا تبعد إلا 150 مترا عن منازل الفلسطينيين، وأوضح أن المستوطنين أحضروا معهم قطعان ماشية وأقاموا لها حظائر ووضعوا خياما، وشرعوا في تدشين بؤرة استيطانية.
وأشار إلى اقتحام المستوطنين منزل أحد المواطنين في تجمع عرب المليحات، والجلوس فيه والاستيلاء على أعلاف الماشية التي يخزنها السكان البدو.
ووفق بيانات هيئة مقاومة الجدار و الاستيطان الحكومية الفلسطينية، فإن اعتداءات المستوطنين والجيش الإسرائيلي أدت إلى رحيل نحو 30 تجمعا فلسطينيا منذ تصعيد إسرائيل عدوانها بالضفة بالتزامن مع بدء الحرب على قطاع غزة.
وأدى تصعيد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، إلى استشهاد 989 فلسطينيا على الأقل وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، وفق معطيات فلسطينية.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بقطاع غزة، تشمل القتل و التجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة، بدعم أميركي، أكثر من 192 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
شهداء ومصابون في قصف لخيام النازحين بغزة والاحتلال ينعى مزيدا من جنوده
قال مجمع ناصر الطبي إن 6 فلسطينيين استشهدوا وأصيب أكثر من 10 آخرين في قصف إسرائيلي لخيام نازحين في منطقة المواصي غربي مدينة خان يونس. وذلك وسط احتدام المعارك في قطاع غزة وسقوط قتلى من جيش الاحتلال. كما قال مراسل الجزيرة إن عددا من الفلسطينيين أصيبوا إثر قصف إسرائيلي لخيام تؤوي نازحين داخل مدرسة إيواء في حي الشيخ رضوان شمالي مدينة غزة. ويتزامن ذلك مع قيام مدفعية الاحتلال باستهداف محيط مفرق الشجاعية شرقي مدينة غزة، وفقا لما أفاد به مراسل الجزيرة. وكانت مصادر في مستشفيات قطاع غزة ذكرت أن 55 فلسطينيا استشهدوا أمس الجمعة في غارات إسرائيلية على مناطق عدة في القطاع بينهم 6 من منتظري المساعدات. وأظهرت صور لحظة انتشال جثامين الشهداء إثر غارة إسرائيلية على جباليا البلد شمالي قطاع غزة مساء أمس الجمعة. واستهدف القصف الإسرائيلي أمس تجمعا للمواطنين في محيط إحدى المدارس بحي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، أسفر عن شهداء ومصابين. وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في قطاع غزة محمود بصل في مقابلة مع الجزيرة إن بعض العائلات ما زالت تحت الأنقاض في مناطق متفرقة من القطاع، وأضاف أن الاحتلال يمنع فرق الدفاع المدني من الوصول إلى المنكوبين. يوم صعب في التطورات الميدانية في قطاع غزة، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أمس الجمعة مقتل جنديين خلال معارك غزة، أحدهما في شمال القطاع والآخر في جنوبه. وقال الجيش الإسرائيلي إن الجندي آساف زامير لقي مصرعه وأصيب 4 آخرون إثر استهدافهم بقذيفة مضادة للدروع في خان يونس جنوبي قطاع غزة. وفي تفاصيل العملية، قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن صاروخا مضادا للدروع استهدف صباح الجمعة دبابة كانت في مهمة هجومية، مشيرة إلى مقتل جندي وإصابة الجنود الثلاثة الآخرين بجروح خطيرة ومتوسطة، كانوا داخل الدبابة. إعلان وأوضحت الإذاعة أنه خلال عملية الإنقاذ وقع انفجار آخر بالدبابة إما جراء عبوة ناسفة، أو إطلاق صاروخ ثان مضاد للدروع، مما أسفر عن إصابة قائد سرية. وأضافت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن طاقم الدبابة رصد المسلح، لكنه أطلق الصاروخ سريعا قبل التحرك ضده. وفي حادث منفصل، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل الجندي يائير إلياهو في حادث عملياتي شمالي القطاع. وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن الجندي قتل إثر تصادم آليتين خلال عمل قوات اللواء الشمالي في بيت حانون. ووصف وزير الدفاع الإسرائيلي اليوم بالصعب، حيث سقط جندي من سلاح الهندسة وآخر من سلاح المدرعات. عمليات المقاومة من جانبها، قالت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إن مقاتليها استهدفوا أمس الجمعة دبابة ميركافا إسرائيلية شرق حي التفاح بمدينة غزة وموقع قيادة وسيطرة شرق الحي بقذائف هاون. كما حصلت الجزيرة على تفاصيل إضافية عن الكمين المركب نفذته سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، في حي الشجاعية شرق مدينة غزة في الثاني من الشهر الجاري. وقد أكد قائد عملية الشجاعية في سرايا القدس للجزيرة أنه تم استهداف نحو 40 ضابطا وجنديا وتم إيقاعهم بين قتيل وجريح، وأضاف أن الكمين المركب نُفذ بتخطيط مسبق كان مطابقا لمسرح العمليات. وقال إن مقاتلي سرايا القدس أحكموا النار على العدو وآلياته المتوغلة خلال الكمين في مربع الهدى شرق الشجاعية، لافتا إلى أن الجنود الإسرائيليين فقدوا القدرة على المبادرة ورد الفعل واكتفوا بالهرب والصراخ. وأكد قائد العملية للجزيرة أن مقاتلي سرايا القدس عاينوا جثثا متفحمة تعود لجنود وضباط إسرائيليين، متهما إسرائيل بالكذب كعادتها للتستر على خسائرها.


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
كمائن غزة وتكتيكات المقاومة التي تستنزف الاحتلال
بينما كان نتنياهو يروّج لما وصفه بـ"الانتصار الساحق على إيران"، عقب مواجهة استمرت 12 يومًا تبادل خلالها الطرفان القصف بالصواريخ والمسيرات، كانت أنباء سيئة في طريقها إلى كيان الاحتلال قادمة من قطاع غزة. ففي يوم الثلاثاء، الموافق لـ 24 يونيو/ حزيران 2025، سقط سبعة جنود دفعة واحدة في كمين أعدته كتائب القسام في قطاع غزة، وأسفر عن احتراق جنود الاحتلال داخل ناقلة عسكرية، بعد فشل محاولات إنقاذهم بالجرافات والمروحيات. أيقظ هذا الكمين بثمنه الباهظ "الإسرائيليين" على صباح دامٍ، حيث انتشرت خطابات التعازي والدعوات لوقف الاستنزاف الجاري في غزة، وتزايدت المطالبات بإنهاء الحرب هناك، وإبرام صفقة تبادل تعيد الأسرى المحتجزين في القطاع، وطالب "إسرائيليون" بإنهاء العدوان المستمر منذ 629 يومًا، والذي شهد عشرات الكمائن الدامية، التي كشفت عن عقلية عسكرية متقدمة للمقاومة وخبرات متراكمة لديها، وحوّلت جنود الاحتلال إلى أهداف سهلة. منذ بدء عملية طوفان الأقصى، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، واظبت كتائب عز الدين القسام في غزة على توثيق عملياتها ضد جيش الاحتلال وآلياته في مختلف محاور القتال، وتُظهر المقاطع المصورة تفاصيل دقيقة عن الكمائن التي نفذتها ضد قوات الاحتلال، ومن بينها الكمين المنفذ يوم الثلاثاء 24/ 6/2025 في جنوب غرب مدينة خانيونس، والذي بثت تفاصيله قناة الجزيرة، حيث تجسّد هذا الكمين في احتراق ناقلة جند مدرعة تابعة لقوات الهندسة. في التفاصيل، اقترب مقاوم وألصق بالناقلة عبوة ناسفة من طراز شواظ، تبع ذلك تفجيرها داخل قمرة القيادة، ما أدى إلى اشتعال النيران فيها، وهرعت قوات الإطفاء العسكرية التابعة لجيش الاحتلال إلى موقع الحادث، وبذلت جهودًا مضنية لإخماد النيران، واستُقدمت جرافة من طراز "دي 9" لسكب الرمال عليها، ولكن جميع المحاولات باءت بالفشل. وعلى الفور، قرر جيش الاحتلال سحب الناقلة المدرعة من طراز "بوما"، المخصصة لمهام هندسية، إلى داخل مستوطنات الغلاف، بهدف مواصلة جهود إخماد الحريق، بينما كان الجنود السبعة لا يزالون بداخلها. ورغم إرسال قوات الإنقاذ والمروحيات إلى موقع الحادث، لم ينجُ أحد منهم، ولقوا حتفهم جميعًا نتيجة التفجير والحريق، وقد استغرقت عملية التعرف على هويات القتلى ساعات طويلة، علمًا بأنهم كانوا ضمن فريق القتال المشترك من الكتيبة 605 واللواء 188 التابع للفرقة 36. وبالتزامن مع هذا الكمين، تعرضت قوة متوغلة لوابل من القذائف المضادة للدبابات، وعند وصول قوة النجدة لإخلاء المصابين، استُهدِفت هي الأخرى، ما أدى إلى احتراق الآليات. وذكرت كتائب القسام أن مقاتليها نفذوا كميناً مركباً، استهدف قوة تحصنت داخل أحد المنازل بقذيفتي "ياسين 105" و"آر بي جي"، وأوقعوا أفرادها بين قتيل وجريح، ثم استهدفوا المبنى بالأسلحة الرشاشة في منطقة "الترخيص القديم" جنوب خانيونس، كما استهدفوا دبابة "ميركافا" بعبوة "شواظ" وقذيفة "ياسين 105". وبعد مرور ساعات على الهجوم، زعم جيش الاحتلال أن الكارثة ناجمة عن صاروخ "آر بي جي" مضاد للدبابات أُطلق من مسافة قريبة على الناقلة، وليس عن عبوة ناسفة أُلصِقت بها، وذلك لأن الناقلة لا تحتوي على حماية نشطة وأنظمة واقية، على عكس ناقلات "نمر" الأكثر تحصيناً، واعتبر جيش الاحتلال هذا الكمين "الأكثر دموية" على جنوده في القطاع منذ ما يزيد على عام، وتحديداً منذ 15 يونيو/ حزيران 2024، عندما قتل المقاومون ثمانية جنود في رفح، إثر إصابة ناقلة جند هندسية مدرعة من طراز "نمر" بصاروخ مضاد للدبابات. عقب انتشار خبر الكمين، وسقوط عدد كبير من جنود جيش الاحتلال، توالت ردود الفعل الإسرائيلية: وزير الحرب، كاتس، أعرب عن حزنه لسقوطهم خلال مهمتهم للدفاع عن الدولة واستعادة الرهائن من غزة، وقال: "نحن نمر بأوقات عصيبة للغاية". إسحاق هرتسوغ، اعترف بصعوبة الوضع القتالي في غزة، وأن العبء لا يُطاق. رئيس اللجنة المالية في الكنيست، موشيه غافني، من حزب "يهودوت هاتوراة" للمتدينين، أدان بشدة استمرار القتال في غزة، قائلاً: "لا أفهم أهداف الحرب، ولا أفهم حتى هذه اللحظة: ما الذي نقاتل من أجله؟ ولأي غرض؟ ماذا سنفعل هناك والجنود يُقتلون باستمرار؟ لقد توقعت أن تبادر القيادة لإنهاء القتال، وإعادة المخطوفين، والعودة إلى الوضع الطبيعي. المتحدث باسم جيش الاحتلال، إيفي ديفرين، اعترف قائلاً: استيقظنا على صباح صعب ومؤلم للشعب "الإسرائيلي" بأكمله، نحن أمام حدث معقد، وسيتم التحقيق فيه، وعرض نتائج التحقيق أولاً على العائلات، ثم على الجمهور، مؤكداً أن كل محاولات إنقاذ الجنود باءت بالفشل، وأنه سيتم التحقيق في هذا التقصير، وأضاف قائلاً: "لقد حاولنا إنقاذهم، ولكن دون جدوى، فحماس تستخدم أسلوب حرب العصابات في التعامل مع المتفجرات". عبّر أهالي الجنود القتلى عن غضبهم الشديد تجاه الجيش والحكومة، مؤكدين أن أبناءهم أبلغوهم في رسائل سابقة عن معاناتهم من ضغوط الحرب التي طالت مدتها، وتلاشي أهدافها، وعدم قرب نهايتها. وقال هؤلاء: "إننا نشعر بغضب عارم، كيف يسمح الجيش لجنوده بقيادة مركبة مستعملة ومتهالكة؟ هذا أمر يثير الغضب، لم نعد نتحمل المزيد من هذه الحروب، كم عدد القتلى بعد؟ وكم عدد العائلات التي ستفقد أحباءها؟ نحن في حالة بكاء وصدمة". دعا مجلس إدارة كيبوتس "نير عوز"، الذي يقطن فيه بعض الجنود القتلى، إلى وقف الحرب، وإعادة المختطفين من أسر حماس، وقال: "في هذا الصباح العصيب، نناشد الحكومة بصوت عالٍ: كفى حروبًا دموية، كفى تعذيبًا للمختطفين، كفى إرهاقًا وموتًا للجنود، كفى شعارات فارغة. أي نصر آخر تسعون لتحقيقه؟ أي نصر سيكون هنا بينما لا يزال خمسون مختطفًا يرزحون في الأسر، بينما تستمر العائلات في فقدان أبنائها، ويستمر قتل الجنود؟ نتساءل: كيف لأسبوع بدأ بإنجاز مدوٍّ في إيران، أن يستمر بخسارة فادحة لـ 7 جنود في غزة؟". بعد هذه الخسارة، زعم تسيفي يحزكيلي، مراسل الشؤون العربية في قناة i24، والذي اعتاد على دعم استمرار الحرب في غزة، أن "أي اتفاق يقترحه ترامب سيكون جيدًا، فماذا يمكننا أن نفعل غير ذلك؟ هل يجب أن نسمح بمقتل أبنائنا في غزة؟ يجب أن ننهي هذا الأمر". الصحفي إيال بيركوفيتش تساءل: "كيف يعقد نتنياهو مؤتمرًا صحفيًّا قبل ساعات، ويعلن خلاله الانتصار على الأعداء، وهو يعلم أن سبعة جنود قد قتلوا في غزة؟". لسنوات عديدة، اعتقدت هيئة الأركان العامة لجيش الاحتلال أنه لن تكون هناك حاجة لوحدات مدرعة وهندسية في ساحة المعركة المستقبلية، ورغم أن إنتاج دبابة "ميركافا" أو ناقلة الجنود المدرعة "نمر" كان مكلفًا جدًا، فإن كمين خانيونس الأخير كشف عكس ذلك تمامًا. فقد أوضح الكمين أن الجنود الذين يقومون بالجزء الأكبر من العمليات في غزة هم مهندسو القتال والمدرعات، أي رأس الحربة. أما الجنرالات، الذين لم تكن لديهم فكرة عن كيفية الاستعداد لمواجهة غزة، فقد بدوا "مكفوفين"، وما زالوا يعانون من ضعف في فهم حقيقة القتال فيها، لأن الجنود يناورون في مركبة مدرعة هندسية، تم إنتاجها في مكان ما في الخمسينيات أو الستينيات من القرن الماضي، شاركت في حربي 1956 و1967، لكنها لم تعد قادرة على مواجهة تحديات الحرب المعاصرة. وأكدت أوساط عسكرية أن الناقلة "بوما"، التي وقعت في الكمين، هي دبابة قديمة، وحمايتها أقل تطورًا، ويبلغ عمرها خمسين عامًا، إلا أنها تعتبر موثوقة، مع أنها لا تحتوي على نظام حماية نشطة مثل نظيراتها الحديثة، وقد عانت من بعض المشكلات طوال الحرب في غزة، ولكنها خضعت لتحسينات، وتستخدم في مجموعة متنوعة من المهام الهندسية، بما فيها اختراق العوائق، واستخراج المركبات المدرعة الأخرى، وحمل البضائع. وأشارت الأوساط العسكرية هذه إلى أنه خلال القتال الطويل في غزة، تعرضت ناقلات الجند المدرعة للإصابة والاحتراق عدة مرات، وعلى الرغم من إدخال بعض التحسينات على حمايتها، فإنها لم تصل إلى مستوى الناقلة "نمر"، الأحدث والأكثر تطوراً، والتي تتضمن منظومة حماية نشطة من نوع "سترة الرياح". نتيجة لتزايد استهداف المقاومة لهذه الناقلات، حاول الجيش إحلال ناقلات "نمر" محل أسطول ناقلات "بوما"، على الأقل في جميع كتائب الهندسة القتالية النظامية، ولكن، نظرًا لمحدودية معدلات الإنتاج، لا يزال الجنود يستخدمون الناقلة القديمة، وينطبق الأمر نفسه على كتائب الهندسة الاحتياطية المنتشرة على الخطوط الأمامية الأكثر خطورة في غزة. وقد أثار "الإسرائيليون" تساؤلات حول جدوى استخدام مركبة قتالية مدرعة قديمة في منطقة تُعرف بأنها "جوهر القتال"، مع كتائب حركة حماس التي أعادت بناء قوتها في المنطقة. وكشف ذلك مرة أخرى عن وجود ثغرات في قدرة الجيش على توفير وسائل مدرعة متطورة لجميع قواته المقاتلة، خاصة وأن ناقلة "نمر" المتطورة، التي تمثل المعيار التشغيلي الجديد لفرقة الهندسة، لا تزال غير متوفرة لجميع الألوية والوحدات العسكرية. بعد مرور أكثر من 629 يومًا على اندلاع الحرب، لا تزال المقاومة تعتمد على تكتيكات تشمل قنص الجنود، وتدمير آلياتهم بواسطة مجموعات صغيرة، بالإضافة إلى نصب الكمائن على مستوى مجموعات أكبر، وتؤكد المقاومة قدرتها على إعادة الانتشار والتمركز في المناطق التي ينسحب منها الاحتلال. وتُعد الكمائن في غزة عنصرًا أساسيًّا في إستراتيجية المقاومة، حيث غالبًا ما تُنصب في مواقع مرتفعة نسبيًّا أو متخفية، ما يتيح إمكانية الرصد الدقيق، كما يتم توجيه حركة العدو من خلال العوائق والمناورات المدروسة. إنّ هذه الانتصارات والنجاحات المُبهرة، التي حققتها كتائب عز الدين القسام وفصائل المقاومة، خلال هذه الملحمة والمفخرة ضد قوات الاحتلال، التي تلقت ضربات قاسية ودروسًا لن تنساها، قد كسرت هيبتها وحطمت صورتها وأذلتها، في حين بدت المقاومة هي صاحبة اليد العليا، والمتفوقة على كيان الاحتلال الذي يمتلك منظومة القبة الحديدية، والسلاح والتكنولوجيا والاقتصاد ووسائل التدمير، والدعم الأميركي والغربي، والتواطؤ العربي المخزي. تُثبت هذه العملية النوعية مجددًا أنه لا خيار أمام الشعب الفلسطيني في مواجهة كيان الاحتلال إلا المقاومة والصمود.


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
"رقص" المثقفين
للمثقف أدوار مختلفة يلتزم بها إزاء نفسه ومحيطه، أولها خدمة المجتمع من خلال إنتاج المعرفة ونشرها، وإنتاج أدوات لفهمها ولفهم الواقع الذي يحيط به، ولا ينحصر دوره فقط في نقل المعرفة، ولا في تقمص دور الصحفي في نقل المعلومة والتعليق عليها، بل في تبسيط المعرفة وطرح الأسئلة الحارقة. للمثقف أيضاً دور نقدي يناقش ما يبدو بديهياً، ويفكك الخطاب السياسي أو الإعلامي، ويكشف عما يمكن أن يدسه من أفكار مغلوطة بين الناس للتغطية على خروقات وحقائق مزعجة، وليس دوره أن يكرّس الممارسات البئيسة، ويدافع عنها. يَقلق المثقف الحقيقي من كل ما يحيط به من بديهيات، ولا يَطْمئنّ إليها، كما يجتهد للانحياز إلى "الحقيقة"، لا إلى الامتيازات. ويمكن للمثقف أن يكون ناقداً لقرارات السلطة إن رصد -بما أوتي من معرفة- خروجاً عن المشروعية،ً ومؤيداً لها إن كان في مواقفها ما يستحق التأييد؛ فالمثقف ليس معارضاً سياسياً في نهاية المطاف. غير أن بعضاً ممن يشغل الوسط الثقافي والسياسي والإعلامي اليوم، يختلف عن كل ما عُرف عن المثقف من أدوار.. فصيل آخر من "المثقفين"، دورهم الأساسي هو الرقص على الحبال، بما تعنيه كلمة "رقص" من "تمايل إلى الأمام وإلى الخلف مسايرة للإيقاع"؛ فبالإضافة إلى مساهمتهم الكبيرة في تسطيح المعرفة، عوضاً عن تبسيطها، تعمل هذه الكتيبة على تغييب الحقائق من خلال استخدام متعمَّد لمفاهيم مغلوطة، عَلَّهم ينالون من الغنيمة قضمة. تحاول هذه "النخبة" جاهدة إنتاج واقع مزيف، فتضع الناس أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أبيض ناصع أو أسود قاتم. في المغرب مثلاً: كلما انفجر الوضع في فلسطين، على سبيل المثال، وتبع ذلك ما يترتب عنه من مآسٍ في هذه المنطقة من العالم، وما يخلقه هذا الحدث من تضامن واسع وسط المغاربة، ينبري هؤلاء "المحللون" إلى محاولة إجهاض هذا التضامن. ومن العبارات الشهيرة التي يستخدمها هذا الطابور شعار "تازة قبل غزة"، وكأنّ الاهتمام بتازة يتناقض مع التضامن مع القضايا العادلة في العالم. لماذا لا يُذكّرنا هؤلاء بتازة وسوق الأربعاء وكلميم ومختلف المدن والمداشر المغربية في غير أوقات الأزمات؟ أم إنّ غاية العزف على هذا الوتر لا تحلو إلا عند التضامن مع فلسطين؟! يَكِدُّ هؤلاء البؤساء ويعرقون ويرقصون سعياً وراء الغنائم التي قد تأتي وقد لا تأتي. في الجانب المقابل، يتجند فريق المعارضين، العازف على وتر العاطفة، لتزييف وعي الناقمين على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وانتقاد كل ما يصدر عن الدولة ومؤسساتها من مواقف أو قرارات، ويستعينون على ذلك بإيديولوجيا متمردة فاقدة لبريقها، وبقاموس يساري أكل عليه الدهر وشرب، يعود إلى عهد الماركسيين الأوائل. وتقود هذا الفصيل نخبة من المُدّعين، بيتها من زجاج، ومع ذلك تُزايد على الدولة بشعارات فارغة من كل مضمون، بل قد تجد بعضهم عاجزاً عن إصلاح ما يُحيط به من خروقات جمّة، سواء في عمله أو في بيته، أو متواطئاً شريكاً في هذه الخروقات، دون أن يرف له جفن. يمتهن هذا الفريق لغة التنديد والوعيد في كل ما يتصل بالقضايا الشعبية، سواء كانت وطنية أو دولية، وتُشكل أوقات الأزمات غالباً فرصة مواتية لتصفية حساباتهم الشخصية مع أجهزة الدولة، ومع فريق "الخبراء المحللين". ويتقابل الفريقان على منصات التواصل الاجتماعي، فتشتعل حماسة الجماهير المؤيدة لهذا الفريق أو ذاك، وإذا كان فريق "الخبراء المحللين" مدعوماً بوسائل الإعلام العمومي التي لا تنطق إلا بـ"الحقائق"، فإن منصات التواصل الاجتماعي تشكل، في معظمها، القاعدة الخلفية لفريق الناقمين. وبصرف النظر عن المآرب التي تحرك هذا الفصيل أو ذاك، تستدعي القضايا العادلة من كل الناس، متعلمين أو غير متعلمين، الوقوف بجانبها. فالقضية بكل اختصار هي مواجهة بين الظلم والعدل؛ الهيمنة ضد المقاومة، فإن لم تستطع مناصرة الحق، فلا تكن بوقاً للظلم، وتجتهد -بلغة أكاديمية ركيكة وزائفة- في تغليف الحقائق بادعاءات واهية.