
واشنطن وموسكو.. الردع وحروب الوكالة
والملاحظة الملفتة المهمة على تطور التسليح النووي وصولاً إلى وضعه الراهن، هي أن تسمية هذا التسليح «قوة ردع» للأطراف التي تمتلكه، ليس فقط عن استخدامه، بل وأيضاً عن الدخول في مواجهات عسكرية مباشرة بين بعضها البعض.
فلم تدخل أي من الدول التسع التي تأكد امتلاكها للسلاح النووي أي مواجهة مع أي من الدول الأخرى، وكان الاستثناء الوحيد هو الهند وباكستان، اللتان دخلتا حربين تقليديتين واسعتين بعد حربهما الأولى عام 1947، في عام 1965 وبعدها عام 1971، والاشتباكات التي وقعت أخيراً قبل أسابيع عدة.
فبعد نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى بدء تطبيق مختلف معاهدات الحد من الأسلحة الاستراتيجية والنووية منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، امتلكت كل من الدولتين عشرات الآلاف من الرؤوس النووية، التي وصلت في النهاية بعد تخفيض أعدادها للأرقام المشار إليها في مقدمة هذا المقال.
وبالرغم من هذا، أو ربما بسبب هذا، فلم يحدث طوال هذه السنين أن جرت أي مواجهة عسكرية مباشرة بين روسيا (وقبلها الاتحاد السوفييتي) وبين الولايات المتحدة، على الرغم من حدة المواجهة السياسية والفكرية والاقتصادية وسباق التسلح بينهما لعقود طويلة.
وكان الاستثناء الوحيد «الساخن» خلالها هو أزمة خليج الخنازير عام 1962، عندما نشرت موسكو صواريخ نووية في كوبا الحليفة على الحدود الأمريكية، بينما وجهت واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون صواريخهم النووية نحو موسكو.
وغير هذه الأزمة التي تم احتواؤها، فقد جرت الحروب بين واشنطن وموسكو بطريق الوكالة وبعيداً تماماً عن المواجهة العسكرية المباشرة. جرى هذا في الحرب بين الكوريتين الشمالية والجنوبية (1950 - 1953).
وفي الحرب الأمريكية في فيتنام (1956 - 1975)، والغزو السوفييتي لأفغانستان (1979 - 1989)، فضلاً عن الصراع العربي – الإسرائيلي الممتد، والحروب التي اندلعت في يوغسلافيا بعد تفككها في تسعينيات القرن الماضي.
وحتى اللحظة، وعلى الرغم من التباين الواضح بين موقف إدارتي الرئيسين الأمريكيين جو بايدن ودونالد ترامب في التعامل مع هذه الحرب.
فالمؤكد المشترك بينهما هو أن كلاً من واشنطن وموسكو تبدوان ملتزمتين بالسعي لتجنب المواجهة العسكرية المباشرة، وحرص كل منهما على استخدام ما لديها من قدرات حربية هائلة، وخصوصاً النووية منها، فقط لما استقرت عليه سياساتها منذ امتلاك السلاح النووي، وهو الردع به للطرف الآخر بما يحول نهائياً دون مثل هذه المواجهة العسكرية المباشرة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سكاي نيوز عربية
منذ 23 دقائق
- سكاي نيوز عربية
حملة الإقالات مستمرة.. بوتين يقيل نائب وزير الخارجية الروسي
وجاء في المرسومين اللذين نشرتهما بوابة القوانين الرسمية بروسيا أن الإقالة سارية المفعول، دون الإشارة إلى أسباب اتخاذ هذا القرار. ويُذكر أن بوغدانوف (73 عاما) بدأ مسيرته الدبلوماسية عام 1974، وشغل منصب نائب وزير الخارجية منذ يونيو 2011، كما عُيّن ممثلا خاصا للرئيس الروسي في الشرق الأوسط وأفريقيا في أكتوبر 2014. وتأتي الإقالة بعد أيام من إقالة وزير النقل الروسي من قبل الرئيس فلاديمير بوتين ، قبل أن يقدم على الانتحار بسيارته. ونقلت وكالة "تاس" للأنباء عن لجنة التحقيق الروسية قولها إن رومان ستاروفويت عثر عليه ميتا داخل سيارته الشخصية في أودينتسوفو. وذكرت سفيتلانا بيترينكو، الممثلة الرسمية للجنة التحقيق الروسية. أنه تم العثور على جثة الوزير السابق مصابة بطلق ناري داخل سيارته. وأضافت: "تعمل هيئات التحقيق في موقع الحادث لتحديد ملابسات الحادث".


البيان
منذ 25 دقائق
- البيان
لماذا تتجاهل أسواق الأسهم حتى الآن تهديدات ترامب الجمركية؟
روبرت أرمسترونج - هاكيونج كيم - إيدن رايتر لم يكن الموعد النهائي، كما كان متوقعاً، موعداً نهائياً على الإطلاق. بل إن وزير الخزانة، سكوت بيسنت، المسؤول عن تحويل تصريحات الرئيس إلى سياسات عملية، كثيراً ما يلمّح إلى أنّ الأول من سبتمبر قد يكون موعداً بديلاً. وكما هي الحال مع الرئيس نفسه، ينبغي أخذ المواعيد التي تعلنها الإدارة على محمل الجد دون الالتزام بحرفيتها — «على محمل الجد» لأن قرار ترامب بتنفيذ أي موعد نهائي ستكون له تداعيات هائلة، و«دون الالتزام بحرفيتها» لأن الاحتمال الأكبر أنه لن يفعل ذلك. ويبدو الأمر مقلقاً كثيراً، فالدولتان تُعدان من أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة بعد كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي، حيث استحوذتا على ما يقرب من 9% من إجمالي الواردات الأمريكية و7% من صادراتها في 2024. وفي طوكيو وسيول، افتتحت البورصات على ارتفاع، إذ صعد مؤشر كوسبي الكوري بأكثر من 1.4% خلال الساعتين الأوليين من جلسة التداول، في حين ارتفع مؤشر نيكاي 225 الياباني بوتيرة أكثر تحفظاً بلغت 0.4%. وقد أوضح بول آشوورث من كابيتال إيكونوميكس في مذكرة لعملائه أن «الرسوم الجديدة لا تسري على السلع الخاضعة بالفعل لتعريفات ترامب المحددة للمنتجات، حيث تشكل السيارات 34% من واردات البلدين، وهي تخضع أصلاً لرسوم بنسبة 25% هدد ترامب مراراً برفعها إلى 50%. وبإضافة المنتجات الإلكترونية والصيدلانية المعفاة، فإن معدل الرسوم الفعلي على مجمل الواردات الأمريكية سيرتفع من 15.5% إلى 16.6% فقط إذا نفذ ترامب تهديده». وكما عبرت ليز آن ساندرز من شركة تشارلز شواب، فإن غالبية هذه الاتفاقيات «مجرد أطر عامة وليست اتفاقيات تجارية»، مشيرة إلى أن الصفقات التجارية تستغرق تاريخياً 18 شهراً للتوقيع الثنائي، و40 إلى 45 شهراً إضافية للتطبيق. أما «اتفاق» تصدير المعادن النادرة مع الصين، فلم يكن سوى تهدئة للتوتر - إذ لم تكشف إدارة ترامب أي تفاصيل عن الاتفاق، ولا تزال بكين تحجب صادراتها عن الشركات الأمريكية، وفق ما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال. غير أن الاتفاق الأمريكي - البريطاني كان مجرد إطار عام أيضاً، حيث خفّض الرسوم على مصنّعي السيارات البريطانيين وأعفى المنتجات الفضائية من التعريفات الجمركية، مقابل زيادة واردات لحوم البقر والإيثانول والمنتجات الصناعية. لكن المفارقة هنا أن الاقتصاد الفيتنامي يختلف جوهرياً عن نظيريه الكوري الجنوبي والياباني، فهو أصغر حجماً وأقل ثراءً، ولم يستورد سوى 13 مليار دولار من البضائع الأمريكية العام الماضي. وهذا العامل، إضافة إلى التحالفات العسكرية الاستراتيجية الأمريكية مع البلدين، يمنحهما موقفاً تفاوضياً أقوى. باختصار، لا تزال معركة التعريفات الجمركية - بطريقة ما - في جولاتها التمهيدية. ولن تنطلق بجدية إلا حين تُبرم اتفاقات مع شركاء تجاريين كبار تؤمن الأسواق باستمراريتها؛ ثم تستجيب الأسواق لتلك الاتفاقات؛ ويتفاعل الرئيس بدوره مع استجابة الأسواق. وفقط عندما تقتنع الأسواق بثبات صفقة معينة، ستضطره إلى حسم موقفه. ولا نزال بعيدين كل البعد عن تلك اللحظة. لكن السؤال المحوري هو: ما إذا كان المستثمرون قد هيأوا أنفسهم لخيبة أمل كبرى إذا قرر ترامب - المتحمس بفعل لامبالاة الأسواق ومتانة الاقتصاد - أن يتّخذ موقفاً صارماً بشكل مفاجئ؟


البيان
منذ 41 دقائق
- البيان
وقائع غرفة الطعام
أضاع بنيامين نتانياهو الفرصة على دونالد ترامب، وأغلق في وجهه الطريق المؤدي إلى جائزة نوبل للسلام. آخر ما كان ينتظره ترامب ترشيح نتانياهو له، وقد كان ذلك واضحاً عندما استلم نسخة من الترشيح مصحوبة بابتسامة عريضة منه ومن زوجته، «التكشيرة» عبرت عن مشاعره، رغم صمته، وعدم إبداء أي اهتمام بالهدية غير المرغوب فيها، فهذا ليس وقتها، وتخيلناه يقول «أنت ستضعف فرصي بشهادتك»! وهذا ما سيحدث، الشاهد الهارب من العدالة الدولية والمحلية لا تقبل شهادته، فهو يمثل الجانب المظلم من التركيبة الإنسانية، والكون كله يئن من شدة وقع أفعاله، ويكفيه أن دول العالم أجمع تصوّت ضده في كل تصويت تشهده قاعات الأمم المتحدة، ولا يجد أكثر من عشرة أصوات تقف معه في أحسن الأحوال، وجائزة بحجم وقيمة «نوبل للسلام» لا يمكن أن تذهب إلى مرشح مجرم الحرب المطلوب! تلك واقعة واحدة من وقائع «غرفة الطعام» في البيت الأبيض، وهي الوحيدة التي يستشهد بها، أما البقية، بقية ما دار في لقاء نتانياهو وترامب، فيمكننا أن نقول عنها إنها كانت فارغة، مثلها مثل الأطباق الفارغة الموزعة على الطاولة، لا تحمل أي جديد يذكر، فالساقية مازالت تدور حول نفسها، وترامب مازال يتحول من اتجاه إلى اتجاه متبعاً الأجواء والأهواء، تتقاذفه الرياح، ورياح الرئيس هي مزاجه، ونوع الشخص الذي يجلس أمامه! وبعد الكلام المفرغ من محتواه، الكلام الذي يطيل عمر النزاع في المنطقة، ويغذي الدمار في غزة، تبادل الاثنان خطط ترحيل الفلسطينيين كما ذكرا، وليس سكان غزة أو «ريفيرا ترامب» في الشرق الأوسط، هذا يقول جملة وذاك يرد بجملة أخرى، حتى حددا نتيجة أرادا إيصالها إلى العالم، رغم كذبها ومخالفتها للواقع، فالرئيس الأمريكي، وعلى عكس البيانات الصادرة عربياً، ادعى بأن خطته لنقل الفلسطينيين حصلت على تعاون كبير من الدول المجاورة لإسرائيل!