
خطة ترامب للهجرة كارثة إنسانية واقتصادية
أتفهم الحاجة الملحة لإصلاح سياسة الهجرة لدينا لتبسيط قوانين الهجرة الحالية الفوضوية والمفككة. إلا أن نهج ترامب في معالجة الهجرة سيؤثر بشكل خطير على صحة الإقتصاد، الذي يُعدّ المهاجرون عنصرًا لا غنى عنه فيه. وطرد المهاجرين الكادحين دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة يُعد انتهاكًا صارخًا لحقوقهم، وتعريضهم لظروف غير إنسانية قبل طردهم أمرٌ شنيع ويجب عدم التسامح معه. ولتبرير سياسته، يدّعي ترامب أن المهاجرين ينشرون الجرائم في البلاد، وهو ادعاءٌ زائف.
ادعاء ترامب الكاذب
ترامب، الذي دأب على وصف المهاجرين بأنهم مجرمون ومغتصبون وتجار مخدرات وأعضاء عصابات، مقارنةً بالمواطنين المولودين في الولايات المتحدة، مخطئ. تُظهر الأبحاث باستمرار – منذ عام 1870 في الواقع – أن المهاجرين، بمن فيهم غير المسجلين، يرتكبون جرائم بمعدلات أقل من المواطنين المولودين في الولايات المتحدة. على سبيل المثال، وجدت دراسة اتحادية أجريت عام 2020 أن المهاجرين في تكساس تعرضوا للإعتقال بتهم العنف وجرائم المخدرات بنسبة أقل من نصف معدل اعتقال المواطنين المولودين في الولايات المتحدة.
يشير معهد سياسات الهجرة إلى أن المهاجرين على الصعيد الوطني أقل عرضة للسجن بنسبة 60 ٪ من المواطنين المولودين في الولايات المتحدة. في الواقع، الغالبية العظمى من المهاجرين هم رجال ونساء يعملون بجد ويكافحون لإطعام أسرهم ويهربون من الإضطهاد في بلادهم ويطمحون إلى الحلم الأمريكي ويعيشونه بينما يقدمون مساهمات كبيرة للشركات الأمريكية في جميع جوانبها.
الإضطراب الإقتصادي ونقص العمالة وتراجع الإبتكار
من الصعب المبالغة في تداعيات سياسة ترامب المتعلقة بالهجرة على الإقتصاد. سيؤدي تهجير ملايين العمال المهاجرين، لا سيما في قطاعات مثل الزراعة والبناء والضيافة، إلى نقص في العمالة وانخفاض الإنتاج وزيادة تكاليف السلع والخدمات. تشير الدراسات إلى أن الأسر ستواجه زيادة سنوية في متوسط تكلفة السلع والخدمات اليومية تزيد عن 2000 دولار، وقد ينخفض العائد الزراعي بما يصل إلى 60 مليار دولار.
بالإضافة إلى ذلك، تُخاطر سياسات الهجرة المُعوِّقة بتحويل الولايات المتحدة من اقتصاد ديناميكي متنامي إلى اقتصاد راكد على غرار البلدان ذات شيخوخة السكان وهجرة محدودة مع تباطؤ نمو القوى العاملة وتراجع الإبتكار. تُكافح العديد من الشركات التي تعتمد على العمالة المهاجرة، مثل قطاعات التنظيف والخدمات، لاستبدال العمال المهاجرين بمواطنين أمريكيين. وهذا يُهدد استمرارية الأعمال ويُبطئ النمو الإقتصادي، مع توقف توسع القوى العاملة وصعوبة للشركات في ايجاد بدائل.
تآكل الإجراءات القانونية الواجبة
أدت عمليات الترحيل الجماعي وأساليب الإنفاذ العدوانية إلى احتجازات غير قانونية، بما في ذلك احتجاز مواطنين أمريكيين، وزادت من احتمالية التمييز العنصري وانتهاكات الحقوق القانونية. تُشنّ في الوقت الحاضر مداهمات لسجن المهاجرين وطردهم في أماكن كانت محمية سابقًا، مثل المدارس والمستشفيات. وقد أدّت هذه السياسات، مثل إعادة تطبيق سياسة فصل العائلات على الحدود واستهداف وصول الأطفال غير المسجلين إلى التعليم، إلى تدمير العائلات وإثارة خوف واسع النطاق في مجتمعات المهاجرين، مما أعاق التواصل مع الخدمات العامة والسلطات.
علاوة على ذلك، منعت الأوامر التنفيذية الجديدة لترامب قبول طالبي اللجوء وعلقت قبول اللاجئين، مما أدى إلى تفكيك الحماية طويلة الأمد للفارين من العنف والإضطهاد. وهذا لا يضرّ بالأفراد الضعفاء فحسب، بل يُقوّض أيضًا التزامات الولايات المتحدة تجاه حقوق الإنسان الدولية. تُسلّط تداعيات ما سبق الضوء على المخاطر الأوسع نطاقًا والمباشرة التي تُهدد الإقتصاد الأمريكي والصحة العامة والمصاعب التي تواجهها البلاد للمهاجرين، بالإضافة إلى المبادئ القانونية والإنسانية.
ظروف لاإنسانية فادحة
وفقًا لتحقيقات مستقلة متعددة وجماعات حقوقية، يتعرّض المهاجرون المحتجزون بموجب سياسات الترحيل المُكثّفة التي يفرضها ترامب لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. مراكز الإحتجاز مكتظة باستمرار، حيث يُجبر المحتجزون غالبًا على النوم على أرضيات خرسانية أو مقاعد، ويفتقرون إلى أغطية فراش كافية، ويواجهون صعوبة في الوصول إلى المراحيض والإستحمام. وتشير التقارير إلى بيئات غير صحية، بما في ذلك المياه الملوثة والأطعمة منتهية الصلاحية، مما يؤدي إلى انتشار الأمراض بين المحتجزين.
ومما يزيد من قسوة الظروف أن المحتجزين يعانون بانتظام من بطء الرعاية الطبية أو حرمانهم منها تمامًا، مما يؤدي إلى وفيات كان من الممكن تجنبها وأمراض غير معالجة. وغالبًا ما تفتقر المرافق الطبية إلى الكادر الكافي. وتورد العديد من الشكاوى أنماط الإعتداء الجسدي والإعتداء الجنسي والترهيب من قبل الحراس. وتشمل الحوادث استخدام القوة ويُعاقب من يتحدثون ويُوضعون في الحبس الإنفرادي كعقاب – وهي ممارسة تُعرف على نطاق واسع بأنها ضارة نفسيًا وقد ترقى إلى مستوى التعذيب بموجب القانون الدولي.
وأخيرًا، ولزيادة سعة مراكز الإحتجاز، تستخدم إدارة ترامب قواعد عسكرية وسجونًا خاصة، حيث تُفاقم دوافع الربح وغياب الرقابة من سوء المعاملة والإهمال. وعلى وجه الخصوص، وضعت الإدارة خططًا فظيعة لاحتجاز المهاجرين في خليج غوانتانامو – وهو منشأة معروفة بانتهاكاتها الجسيمة للحقوق – مما أثار قلق مراقبي حقوق الإنسان.
الحرمان من الحقوق القانونية والإجراءات القانونية الواجبة
يُحتجز العديد من المعتقلين تعسفيًا، مع محدودية أو انعدام إمكانية الإستعانة بمحامٍ، ويواجهون احتجازًا مطولًا دون تفسير. كما أن عمليات النقل بين المرافق النائية تزيد من عزلة المعتقلين عن محاميهم وعائلاتهم، مما يُقوض قدرتهم على الطعن في الإحتجاز أو الترحيل. وللأسف، لا يُستثنى الأطفال؛ فكثيرًا ما يُفصلون عن آبائهم أو مُقدمي الرعاية ويعانون من حرمان مماثل، بما في ذلك البرد والجوع والمعاناة النفسية، مما يُسبب لهم ولذويهم على حدّ سواء صدمة نفسية طويلة الأمد.
وثّقت منظمة العفو الدولية والإتحاد الأمريكي للحريات المدنية ومنظمات أخرى انتهاكات منهجية، بما في ذلك الإحتجاز التعسفي، والحرمان من الإجراءات القانونية الواجبة، وظروف تُعتبر معاملة قاسية بموجب القانون الأمريكي والقانون الدولي. أدى انخفاض الرقابة وتخفيض معايير الإحتجاز إلى ترسيخ هذه الإنتهاكات، حيث أكدت التقارير الحكومية الداخلية والتحقيقات المستقلة استمرار هذه الانتهاكات وتفاقمها.
صرح بول تشافيز، مدير التقاضي والمناصرة في منظمة 'أمريكيون من أجل العدالة للمهاجرين' في فلوريدا بوضوح قائلا ً: 'هذه أسوأ الظروف التي رأيتها في مسيرتي المهنية التي استمرت 20 عامًا'. إن حملة ترامب الصارمة على الهجرة والتي حطمت الأرقام القياسية تُحدث كارثة مروعة في مجال حقوق الإنسان، وستزداد سوءًا.
ومما زاد الطين بلة، أن فلوريدا تبني 'ألكاتراز التمساح'، وهو منشأة لاحتجاز المهاجرين في مدرّج مطار مهجور في إيفرجليدز يعج بالثعابين والتماسيح. وتسعى الولاية إلى البدء في احتجاز المهاجرين ابتداءً من هذا الشهر في خيام غالبًا لا توفر سوى القليل من الحماية من حرارة الصيف والرطوبة. وقد أفادت التقارير مؤخرًا أن ما لا يقل عن 10 مهاجرين محتجزين لدى إدارة الهجرة والجمارك قد لقوا حتفهم في الأشهر الستة الأولى من العام بسبب المعاملة القاسية في المنشآت الحالية؛ ومع البيئة القاسية في فلوريدا، يمكننا بلا شك توقع المزيد.
هذا يتجاوز كل الخطوط الحمراء لانتهاكات حقوق الإنسان، مما يُسيء إلى سمعة أمريكا ويسلب الملايين حلمهم الأمريكي. لقد ضحى أسلافنا بالكثير من أجل بناء اتحاد أكثر كمالاً مع المهاجرين من كل عرق ودين ومعتقد وأصل وطني. هذا ما جعل أمريكا أعظم دولة في التاريخ. والآن، ترامب عازم على تدميرها.
أرجو من كل من يقرأ هذا المقال أن يشارك الآخرين به ويعبّر عن غضبه من جسامة انتهاكات ترامب غير المسبوقة لحقوق الإنسان ومن الطريقة التي تُصوّر بها أمريكا للعالم. عارٌ علينا جميعاً إذا سمحنا لهذه الوحشية بالإستمرار دون احتجاج وطني سلمي لا هوادة فيه من جميع أنحاء البلاد لإجبار ترامب على تغيير هذه السياسة الدنيئة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


هبة بريس
منذ ساعة واحدة
- هبة بريس
بينهم رئيس موريتانيا.. ترامب يجتمع مع قادة 5 دول إفريقية
بينهم رئيس موريتانيا.. ترامب يجتمع مع قادة 5 دول إفريقية هبة بريس استضاف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأربعاء، قادة خمس دول من غرب إفريقيا في إطار جهود واشنطن لتعزيز العلاقات التجارية مع القارة. التقى ترامب في البيت الأبيض مع قادة موريتانيا وليبيريا والسنغال والغابون وغينيا بيساو لمناقشة فرص التعاون التجاري مع هذه الدول. وفي كلمته خلال اللقاء، أشاد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني بجهود ترامب في حل النزاعات الدولية، مشيراً إلى آخر هذه الجهود التي شملت تسهيل اتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا. وكانت رواندا والكونغو الديمقراطية قد وقعتا في 27 يونيو الماضي اتفاق سلام في واشنطن برعاية الولايات المتحدة، عقب توترات نشأت منذ أواخر 2024 بسبب تجدد النزاع في إقليم شمال كيفو بشرق الكونغو. وأكد الغزواني أن موريتانيا، رغم صغر حجمها ومشاكل التنمية التي تواجهها، تظل دولة ذات موقع استراتيجي مهم وموارد طبيعية غنية ومتنوعة. وتأتي زيارة الغزواني إلى واشنطن، التي تستمر أربعة أيام، برفقة وزراء ومستشارين ورجال أعمال، لإجراء لقاءات مع مسؤولين أمريكيين وإبرام اتفاقيات تجارية. وتعقد هذه القمة المصغرة في ظل تجدد الدور الأمريكي في إفريقيا منذ تولي ترامب ولايته الثانية في يناير الماضي.


زنقة 20
منذ 2 ساعات
- زنقة 20
الوزير زيدان و CGEM في قلب فضيحة. غياب الترجمة للبرتغالية وتنظيم كارثي لقمة رجال الأعمال البرازيليين بمراكش
زنقة 20. مراكش سقطت الوزارة المكلفة بالإستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية، و CGEM بحضور وزيرها كريم زيدان ورئيس الباطرنا شكيب لعلج ، اليوم الأربعاء بمراكش، في فضيحة مدوية، خلال افتتاح منتدى رواد الأعمال البرازيل-المغرب. المنتدى الذي حضره رئيس دولة البرازيل السابق 'ميشيل تامر'، شهد تخبطاً تنظيمياً كارثياً حيث تحول إلى 'حوار طرشان' بسبب غياب الترجمة من وإلى اللغة البرتغالية، اللغة الرسمية في البرازيل. و هكذا وجد البرازيليون أنفسهم يتحدثون بلغة لا يفهمها المغاربة وزراء ورجال أعمال، بينما وجد الجانب المغربي بحضور رئيس الباطرونا لعلج، ووزير الإستثمار زيدان، أنفسهم يتحدثون باللغة الفرنسية التي لا يفهمها البرازيليون، فيما بقي الحضور من رجال الأعمال والصحافيين يتفرجون على مهزلة بعدما تم توزيع أجهزة ترجمة لا تشتغل. اللقاء الإقتصادي الرفيع، تحول من مناسبة لجلب الإستثمارات البرازيلية الرائدة إلى مناسبة للسخط على التنظيم الكارثي وغياب أي مترجم من الجانب المغربي مختص في اللغة البرتغالية، لتسهيل التواصل بين الجانبين. وبدا الغضب واضحاً على عدد كبير من كبار مدراء المؤسسات العمومية والخاصة من الحاضرين، بعدما إكتشفوا أن أجهزة الترجمة غير صالحة، ولا تشتغل، ليتحول النقاش إلى شبه 'حوار الطرشان'. كما وجد الصحافيون البرازيليون المرافقون للوفد البرازيلي صعوبة كبيرة في مواكبة الندوة دون ترجمة، من الفرنسية إلى البرتغالية، وهو الشأن نفسه للصحافيين المغاربة الذين وجدوا صعوبة كبيرة في مواكبة المنتدى. جدير بالذكر أن المبادلات التجارية بين المغرب والبرازيل تضاعفت ثلاث مرات خلال عقدين، لتصل إلى أزيد من 2,5 مليار دولار في 2023 بفضل دينامية مشجعة، بينما لازال مستوى الاستثمار المتبادل أقل من هذه الإمكانات، مما يعكس خزانا من الفرص التي لا يزال غير مستغل إلى حد كبير'.


لكم
منذ 2 ساعات
- لكم
الولايات المتحدة تفرض رسوما جمركية بنسبة 30% على الجزائر والعراق وليبيا
وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم الأربعاء رسائل متعلقة بالرسوم الجمركية لست دول هي الجزائر وبروناي والعراق وليبيا ومولدوفا والفلبين. وتضمنت الرسائل فرض رسوم جمركية بنسبة 30 بالمئة على الجزائر و25 بالمئة على بروناي و30 بالمئة على العراق و30 بالمئة على ليبيا و25 بالمئة على مولدوفا و25 بالمئة على الفلبين. وكان دونالد ترامب قد أقر زيادات جمركية بنسبة 10 % على القسم الأكبر من الواردات إلى الولايات المتحدة، ثم أعلن عن رسوم أعلى لبلدان كثيرة قبل أن يعلق العمل بها. وكان من المفترض أن ينتهي تعليق العمل بالتعرفات الجديدة في التاسع من يوليوز، لكن المهلة مد دت إلى الأو ل من غشت. وباتت الدول المهددة بزيادات جمركية أميركية تتلقى رسائل تحدد فيها التعرفات الجمركية لبضائعها. وأتت رسائل ترامب الجديدة مماثلة تقريبا لتلك التي صدرت مطلع الأسبوع، مبررة التعرفات بأنها رد على القيود التجارية 'البعيدة كل البعد للأسف من أن تكون متبادلة'. ودعت البلدان إلى تصنيع سلع في الولايات المتحدة لتفادي الرسوم، مع التهديد بالتصعيد في حال تم الرد بالمثل على هذه التدابير. وبالإضافة إلى الزيادات الجمركية على سلع من دول مختلفة، أقر ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير رسوما على الفولاذ والألمنيوم والسيارات. كما أعلن الثلاثاء عن رسوم مقبلة على النحاس والمنتجات الصيدلانية.