logo
قصة صغيرة: كتاب كمال جنبلاط الأخير... شهادة على بداية النهاية

قصة صغيرة: كتاب كمال جنبلاط الأخير... شهادة على بداية النهاية

النهار١٦-٠٦-٢٠٢٥
الصحافي الفرنسي فيليب لابوستيرل، الذي عمل مراسلاً في لبنان خلال الحرب الأهلية لمصلحة إذاعة "مونتي كارلو" وصحيفة "لو ماتان"، ألّف كتباً عدّة أثناء إقامته في لبنان، وكان بين هذه الأعمال كتاب "من أجل لبنان" الذي نستعرضه مع الزميلة ميشيل تويني في "قصة صغيرة".
دأب لابوستيرل على زيارة الزعيم اللبناني في المختارة لفهم فكره عن كثب. وما أن صدر المؤلَّف حتى اغتيل جنبلاط، فبدا كأنّ العمل أشبه بوصيّة، إذ كان الصحافي آخر من التقاهم قبل اغتياله.
يستهلّ الكتاب بسرد واقعة غير معروفة، متعددة الدلالة. يروي الكاتب أنه كان في المختارة يوم الاغتيال، حين دخل أحد مساعدي جنبلاط، وقال له: "رأيت حلماً سيئاً جداً هذا الصباح (...) رأيت أن شخصاً قريباً جداً سيتوفى"، لكنه امتنع عن تحديد هويته. توجّه جنبلاط إلى مكتبته، وأخرج كتاباً لمفكر هندي كان معجباً بفكره، وراح يقرأ مقطعاً يعبّر عن فلسفة الموت، قائلاً لمساعده: "قل لصديقك ألا يخشى الموت، فليس فيه ما يُخيف". كانت تلك اللحظة تجسيداً لتصالحه العميق مع فكرة الموت، وقد اكتسبت وقعاً بالغ الدلالة لكونها حدثت في يوم اغتياله.
يضيء الكتاب على البعد الفكري والسياسي لشخصية جنبلاط الذي كان يجد متعة خاصة في الحوارات الفلسفية. حتى في عزّ الحرب، أجرى لقاءً طويلاً مع مبعوث هندي، قيل حينها إن اللقاء يحمل أبعاداً سياسية، لكن تبيّن لاحقاً أنّه كان يدور حول الفلسفة والدين والله. هكذا يرسم الكتاب صورة لرجل سياسي يحمل نزعة فكرية وروحانية عميقة، تجمع بين الثقافة والتأمّل.
ويتعمق الكتاب في سرد ظروف الحرب الأهلية اللبنانية، متناولاً أسباب اندلاعها، خصوصاً بعد نكسة عام 1967 التي شكّلت منعطفاً مصيرياً في تاريخ المنطقة. ويُلاحظ، عند مقارنة ما أورده جنبلاط مع ما كتبه سياسيون آخرون مثل كميل شمعون، ريمون إده، وفؤاد بطرس، أنّ الجميع يعودون إلى عام 1967، إلى الهزيمة الكبرى التي مُني بها محور عبد الناصر وسوريا ومصر في وجه إسرائيل، والتي ربما أعادت رسم موازين القوى في المنطقة.
كذلك يتطرق الكتاب إلى تصاعد القلق لدى اليمين المسيحي، المتمثل حينها بالكتائب والأحرار - ويسمّيهم "الانعزاليين" - الذين رأوا في الهزيمة فرصة لتقدّم مشروعهم. في المقابل، يشير إلى حرب تشرين الأول / أكتوبر 1973 التي أعادت شيئاً من التوازن الى المعسكر العربي، وكان من الممكن أن تُهزم فيها إسرائيل لولا الدعم الأميركي لها.
يرصد لابوستيرل أيضاً موقف جنبلاط من الدور السوري، مظهراً مدى خوفه من سياسة حافظ الأسد، واتهامه للنظام بعلاقات غير مباشرة مع إسرائيل تهدف إلى إضعاف لبنان وإضعاف فلسطين التي أيّد قضيّتها. ويعتبر دخول الجيش السوري إلى لبنان عام 1976 جريمة مرفوضة.
يبدو الكتاب فعلاً أشبه بوصية فكرية تركها كمال جنبلاط، إذ يوفّر مدخلاً لفهم أعمق لرؤيته السياسية والروحية، ولمقاربته للحرب الأهلية من زاوية مختلفة. وتكمن فرادته في أنّ كاتبه صحافي فرنسي خارجي، لا يحمل انحيازات داخلية، مما أضفى على السرد مسافة نقدية وطابعاً تحليلياً حيادياً، سواء في حديثه عن لبنان أو سوريا أو فلسطين.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بين "البيك" و"المير" ودّ وتناغم ... هل يولد "الثنائي الدرزي؟!
بين "البيك" و"المير" ودّ وتناغم ... هل يولد "الثنائي الدرزي؟!

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 13 ساعات

  • القناة الثالثة والعشرون

بين "البيك" و"المير" ودّ وتناغم ... هل يولد "الثنائي الدرزي؟!

بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط ورئيس حزب الديمقراطي اللبناني الأمير طلال ارسلان عقدت مجموعة لقاءات وسجل اكثر من تواصل لاسيما في الأشهر القليلة الماضية، مما عكس متانة العلاقة بين الزعيمين الدرزيين اللذين التقيا على مصلحة واحدة وهي حماية الوحدة الدرزية وملف الدروز في سوريا. اكثر من ملف مشترك حضر في هذه اللقاءات التي تنوعت وحضر بعضها نجلاهما، النائب تيمور جنبلاط والأمير مجيد ارسلان، ما اضفى جوا عائليا عليها. فقد لبى "وليد بيك" دعوة "الامير طلال" على مأدبة عشاء للمنتدى النسائي اللبناني الذي تترأسه عقيلة النائب السابق ارسلان الأمير زينة كما دعا جنبلاط ارسلان الى لقاء في منزله. أجواء عدد من هذه اللقاءات سربت الى الإعلام والبعض الآخر بقي سريا. ووفق مصادر سياسية مطلعة فإن الرجلين عززا العلاقة الثنائية منذ الإنتخابات البلدية والإختيارية ولم يفاتحا احدا عن مستقبل التحالف في الانتخابات النيابية في العام المقبل مع العلم ان هناك من تحدث عن إمكانية العودة الى ما كان سائدا سابقا لجهة دعم جنبلاط للأمير حتى وان كان ضمن لائحة منافسة. وتقول هذه المصادر، لوكالة "اخبار اليوم"، من المبكر الحديث عن هذا التحالف، لان التركيز اليوم قائم على العناوين المشتركة من صون الإستقرار والتأكيد على أهمية المؤسسات في حين يحتفظ كل من الرجلين بتصورهما حول ملفات عديدة في مقدمها تسليم السلاح غير الشرعي. واذ تضيف: في الأصل لهما الحق في هذا التمايز، تلفت المصادر عينها الى ان ما يهمهما راهنا هو المصلحة اللبنانية والمحافظة على الحضور الدرزي كمكون اساسي في البلاد. وترى ان أية مقاربة مختلفة لا تحضر في التواصل القائم بينهما ، لأنهما يرغبان في المحافظة على علاقتهما وتماسكها دون ان تكون موجهة ضد اي طرف او جهة لأن متانتها تعكس إرتياحاً على القواعد الحزبية والشعبية لكل منهما. ما بين "المير" و"البيك" ودّ وتناغم وحرص على منع الشرذمة الدرزية والعمل على صون العلاقة وما فيه خير مجتمعهما كما البلد. كارول سلوم – "أخبار اليوم" انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

زمن ٧ أيار انتهى... اقرأوا البيان الوزاري الذي بصم عليه "الحزب"
زمن ٧ أيار انتهى... اقرأوا البيان الوزاري الذي بصم عليه "الحزب"

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 2 أيام

  • القناة الثالثة والعشرون

زمن ٧ أيار انتهى... اقرأوا البيان الوزاري الذي بصم عليه "الحزب"

بعد الحملة التي شنتها صحيفة الأخبار بحق النائب السابق وليد جنبلاط في عددها الصادر اليوم تحت عنوان "الرياض تقود التهويل ضد المقاومة: هل يكرّر جنبلاط خطأ 5 أيار مجدّداً؟"، كتب المحرّر السياسي في الأنباء الالكترونية الاشتراكية: تعيش بعض القوى السياسية في البلد حالة إنكار، وكأنها في غربة عن واقعها والمشهد الاقليمي والدولي الجديد. ليبلغ فيها الانفصام حد القيام بالشيء ونقيضه في آن. هذا التوصيف الوحيد الذي يبرّر أن يوافق حزب الله على مضمون اتفاق وقف إطلاق النار في تشرين الثاني ٢٠٢٤، بكل مندرجاته الرسمية وغير الرسمية، كما حصر السلاح بيد الدولة في جنوب وشمال الليطاني. ليعود ويرمي المسؤولية على عاتق الدولة اللبنانية، ومطالبتها بتحمّل كل التبعات كما وكأنها كانت شريكة باستدراج لبنان الى حرب مدمّرة غير محسوبة. لم يقف الأمر عند هذا الحد، فالحزب نفسه الذي يشارك في حكومة الرئيس نواف سلام، وافق على البيان الوزاري ومنح الحكومة الثقة على أساسه. ومن الدعابة السياسية في مكان، ممارسة سياسة النعامة طوال الأشهر الماضية وصولاً الى اليوم. وأما محاولة خلق إشكالية عشية الجلسة المرتقبة، يوم الثلاثاء، ليست الا عبثية. فجدول أعمال الجلسة ليس الا تأكيداً على ما التزمت به الحكومة في بيانها، ومن ضمنها حزب الله، بأن لا سلاح الا سلاح الدولة وأنها ستعمل على حصره بيد الدولة في كافة المناطق اللبنانية. لكن البعض في البلد يرفض أن يفهم ما يحصل حولنا، وأن يقرأ المتغيّرات التي تعصف فوق الحدود في زلزال جيوسياسي غير مسبوق. ويرفض أن يفهم أن الأدوار القديمة انتهت، وأن المشهد الإقليمي انقلب رأساً على عقب. في هذا السياق، لن تنفع محاولات التملّص والانقلاب على البيان الوزاري بحجة "رفض تسليم السلاح من دون ضمانات"، والتصوير وكأن السلاح سيُسلَّم لاسرائيل، وليس للجيش اللبناني المؤتمن على أمن البلد واستقراره. لكن البعض يصرّ على القراءة في الكتب القديمة واستخدام "عدّة الشغل" المهترئة التي طواها الزمن، من صحافة صفراء وتهويل بالشارع وبالسلاح وزواريب الحروب الأهلية، وكان آخره ما قرأناه اليوم من استعادة للغة التخوين التي لا تشبه الا مطلقيها. الكلام لا يستحق الرد، لكن لا بد من القول مرة أخيرة ونهائية، أن زمن ٧ أيار وزمن الاستقواء على الدولة انتهى الى غير رجعة... وللمنفصمين: اقرأوا البيان الوزاري الذي بصم عليه حزب الله. فأي عقل سياسي هذا الذي يهدد بـ ٧ أيار جديد، بدلاً من التفكير بملاقاة اللبنانيين الذين احتضنوا الجنوبيين في بيوتهم، والبحث عن حبل نجاة ينقذ فيه ما بقي من الحجر والبشر بفعل مغامراته غير المحسوبة؟ ألا تخجلون من أنفسكم؟ انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

أحداث السويداء تقرب بين جنبلاط وأرسلان.. وهذا ما يحضر له
أحداث السويداء تقرب بين جنبلاط وأرسلان.. وهذا ما يحضر له

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 2 أيام

  • القناة الثالثة والعشرون

أحداث السويداء تقرب بين جنبلاط وأرسلان.. وهذا ما يحضر له

أشارت معلومات صحفية الى ان التقارب الذي حصل بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي طلال ارسلان ليس وليد ساعته بل تطور نتيجة الاحداث التي حصلت في السويداء، مشددة على ان اتصالات كانت تجري ما بين الجانبين تمهيداً للانتخابات النيابية المقبلة. وفي هذا الاطار، أشارت المعلومات الى ان ارسلان قرر خوض الاستحقاق الانتخابي في العام 2026 شخصياً وعدم ترشيح نجله، على ان يكون بتحالف وثيق مع جنبلاط في كافة الدوائر الانتخابية، وان يشكلا لائحة واحدة، لافتة الى ان بعض التفاصيل لا تزال تعيق الاعلان النهائي عن هذا التحالف لا سيما بشأن المقعدين الدرزيين في بيروت وحاصبيا، في حين ان التوافق انجز في عاليه. وعليه، تشير المعلومات الى ان جنبلاط اوعز الى المسؤولين في الحزب التقدمي بتقديم التسهيلات المطلوبة لارسلان لارساء التفاهم ما بينهما. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store