
نحتاج أكثر مما نستهلك… والمفتاح في مشاريع إنتاجية وطنية
لقد أظهرت موازنات السنوات الأخيرة اعتمادًا متزايدًا على الضرائب لسد العجز، إلى جانب ارتفاع ملموس في المديونية الخارجية. ومع ذلك، فإن بلادنا تمتتلك فرصًا واعدة في قطاعات حيوية مثل الزراعة، والثروات المنجمية، والصيد البحري، تحتاج فقط إلى رؤية استراتيجية متكاملة لتتحول إلى ركائز حقيقية للاقتصاد الوطني.
هذه الرؤية يمكن أن تعتممد على منهجية benchmarking، من خلال الاستفادة من التجارب الناجحة في القارة الإفريقية ومناطق أخرى من العالم، إذ توفّر هذه التجارب نماذج قابلة للاستنساخ والتكييف مع واقعنا المحلي، سواء في مجال استغلال الثروات المنجمية وجذب المستتثمرين، أو في القطاع الزراعي والانفتتاح على الأسواق العالمية، بعد إعداد استراتيجيات تتجاوز حدود الاكتفاء الذاتي نحو التصدير.
ففي الوقت الذي قطعت فيه دول مثل جنوب إفريقيا وزامبيا والكونغو الديمقراطية أشواطا متقدمة في استغلال مواردها المعدنية، تمكنت بلدان في أمريكا الجنوبية من تحويل الزرعة إلى مصدر رئيسي للتصدير، بينما نجحت دول الخليج في بناء اقتصادت طاقوية متكاملة. ومن هنا تبرز أهمية إرسال بعثات وطنية متعددة القطاعات إلى هذه الدول، للاستفادة من خبراتها واختصار الزمن التنموي بدل الدخول في تجارب غير مضمونة.
هذه التجارب يمكن إسقاطها على وقعنا الوطني، ودمجها ضمن نموذج موريتاني أصيل، يستفيد من تنوع الموارد الذي حبا الله به بلادنا، مقارنة بدول تعتمد في الغالب على مصدر واحد أو محدود. نركز في مقاربتنا الموريتانية على تنمية الرأس المال البشري وتطوير نخبتنا لتكون على مستوى يخولها إلى مواكبة هذا التطور الاقتصادي الجديد. فرأس المال البشري هو صمام أمان أي نهضة وهو القيمة المتجددة الوحيدة التي لا تتأثر بالضاقئة ولا الأزمات.
وفي هذه المرحلة بالذات، نحتاج إلى إطلااق مشاريع قومية كبرى، بعيدة المدى، تركز على التحول الإنتاجي، من خلال تعبئة الموارد المحلية واستغلال الثروات الطبيعية بشكل مستدام وذي قيمة مضافة. وينبغي أن تصاحب هذه المشاريع جهود قوية في مجال التصنيع التحويلي للمنتجات الزراعية والمنجمية والحيوانية، لخلق فرص عمل جديدة، وتقليص الاعتماد على الاستيراد، وتحقيق اكتفاء ذاتي فعلي.
لقد آن الأوان لأن نبني مدنا عصرية ببنية تحتية حقيقية، بدل الفوضى العمرانية الحالية، وأن نؤسس لاقتصاد وطني لا يعتمد على المنح والقروض، بل يراهن على الكفاءة الإنتاجية والرؤية المستقبلية. ويتطلب ذلك مراجعة شاملة لطرق تسيير المموارد، وتفعيل مبدأ الترشيد، وتجاوز منطق الاستهلاك قصير الأجل لصالح استثمار بعيد المدى في القطاعات ذات الأولوية.
إن المقاربة الجديدة التي نحتاجها اليوم تقوم على ركيزتين أساسيتين: الأولى، تعزيز الإنتاج الوطني وخلق موارد جديدة مسنتدامة؛ والثانية، ترشيد الإنفاق وتحسين إدارة الموارد الحالية. وبين هذين المسارين، يمكننا بناء نموذج اقتصادي سيادي، يمكّن الدولة من تلبية حاجات مواطنيها في مجالات الصحة والتعليم والمعيشة الكريمة، دون إثقالهم بالضرائب أو الارتهان للديون.
نحن أمام فرصة تاريخية، إذا أحسنا استتمارها، سنضع بلادنا على مسار تنمية مستدامة واكتفاء ذاتي، وسنمنح موريتانيا المكانة الاقتصادية التي تستحقها، بالنظر إلى ما تملكه من ثروات طبيعية وقدرات بشرية واعدة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

القناة الثالثة والعشرون
منذ 18 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
الحوثيون للإسرائيليين: لن تناموا بهدوء
قال نائب رئيس الهيئة الإعلامية لأنصارالله نصر الدين عامر، إن على "الصهاينة التوجه إلى الملاجئ فمن يعتدي على غزة وعلينا لن ينام بهدوء"، في تعليق على هجوم صاروخي يمني استهدف إسرائيل. وتابع في منشور على "أكس" إن على "الصهاينة التوجه إلى الملاجئ وترك النوم فمن يعتدي على غزة وعلى اليمن لا يجب أن ينام بكل هدوء، غزة ليست وحدها واليمن لا ينام على ضيم.. العدوان الصهيوني لم ولن يستطيع إيقاف الضربات اليمنية على عمقه ولن تمر سفينة واحدة من منطقة عمليات قواتنا المسلحة.. لن تتوقف عمليات اسناد غزة إلا بوقف العدوان ورفع الحصار عنها بإذن الله". وقال: "بفضل الله مشاهد توثق وصول الصاروخ إلى هدفه من دون اعتراض وسط فشل كامل للدفاعات الجوية الصهيونية والأمريكية.. اليمن بفضل الله يتقدم في الدفاع والهجوم والقادم مختلف بإذن الله إذا لم يتوقف العدوان على غزة". وجاء الهجوم الصاروخي للحوثيين على إسرائيل ردا على غارات إسرائيلية استهدفت موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف ومحطة الكهرباء المركزية رأس الكثيب في اليمن. وقال المتحدث باسم القوات المسلحة لأنصار الله العميد يحيى سريع إن "القوات الجوية اليمنية تتصدى في هذه الأثناء للعدوان الصهيوني على بلدنا". انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


العربي الجديد
منذ 33 دقائق
- العربي الجديد
"سمكٌ مالح" هنا وهناك
الذائع أن حاسوباً خاصاً في رئاسة الأركان الإسرائيلية يختار مسمّيات العمليات العسكرية عندما يبدأ بها جيش الاحتلال، بعد أن يُغذّى بمعلوماتٍ لازمةٍ عن طبيعة كل حربٍ وأهدافها. وليست مؤكّدةً، أقله لكاتب هذه المقالة، صحّة هذا الكلام، لكنّ هذا ليس مهمّاً، فالأهم أن التسميات التي تُخلع على الاعتداءات المتتالية التي تُواظب الدولة العبرية على اقترافها غالباً ما تُحيل إلى ما هو توراتي وديني يهودي ("عناقيد الغضب" ضد لبنان في 1996 و"عربات جدعون" في غزّة أخيراً)، ويحدُث أن تؤشّر إلى الطبيعة ("البرق" في غزّة 2006)، ويحدُث أن يكون كيفما اتفق، أو ساخراً ("الزفاف الأحمر" قتل القادة العسكريين في إيران أخيراً). ... ولكن، من أين جاءوا باسم "السمك المملّح" الذي كشف عنه جندي إسرائيلي لصحيفة هآرتس، في تحقيقها الذي أكّد ما هو مؤكّد، أن قتل الغزّيين عند نقاط توزيع بعض المؤن في مركز للمؤسّسة الأميركية المشبوهة مأمورٌ به، ويُقترَف عمداً؟ ولئن كانت الترجمة تذهب إلى "السمك المالح" أحياناً، فإن المقصود، على ما يُفهم، هو "الفسيخ" (الجافّ الذي يُحتفظ به مدّة مملّحا)، ومن عاداتٍ تكاد تغيب أن يحضُر هذا السمك في فطور يوم عيد الفطر، وإنْ يؤكَل في أي وقت. كأنها واحدةٌ من نوبات العبث التي يحترفها رؤوسُ العدوان ومجرمو الحرب الحاكمون في دولة الاحتلال، فليس من مجازٍ أو استعارةٍ أو كنايةٍ أو أيٍّ من بلاغات القول، في تسميتها "سمكاً مالحاً" عملياتِ القتل بتعليماتٍ من قيادات جيش الاحتلال لجنوده، بأن يفتحوا النار على جموع الغزّيين غير المسلّحين، لإبعادهم عن مراكز توزيع المساعدات الإنسانية، رغم أن لا تهديد منهم. وحسناً صنع صاحب التحقيق في الصحيفة أنه ذكّر بأن هذه ليست المرّة الأولى لتعليماتٍ مثل هذه، فمألوفٌ هذا في الجيش الذي يُطنب قادتُه في الكذب عن "طهارة السلاح" في أيدي جنوده وضبّاطه. ... تُراهم، أولئك، زوّدوا ذلك الحاسوب، الغامض في وصف تقريرٍ تلفزيوني عنه، بأن مذاقاً مالحاً في نفوسهم وهم يفترضون في أنفسهم أنهم "يضطرّون" إلى قتل الفلسطينيين العزّل، الجائعين المحاصرين، هناك في قطاع غزّة، وقد قالتها غولدا مائير منذ نحو 60 عاماً إن الله لن يُسامح الفلسطينيين لأنهم يضطرّون الإسرائيليين لقتل أطفالهم. ومعلومٌ أن تلك الدردبيس من أمرَت بقتل المناضل الفلسطيني وائل زعيتر في روما، في عمليةٍ سمّتها "غضب الله"، وتلتها بجرائم قتل عديدة، منها التي سُمّيت "ربيع الشباب" في اغتيال كمال عدوان وكمال ناصر وأبو يوسف النجار في بيروت في 1973. لا يُسعفني مرجعٌ يُعتّدُ به في فهم هذه التسمية لجريمة القتل المشهودة، والموثّقة، غير أن اسم كتاب بسّام أبو شريف "السمك المالح" (بيسان للنشر والتوزيع، بيروت، 2021) سيأتي إلى البال، عن اغتيال إسرائيل ياسر عرفات بالتسميم، ومحاولات قتله في بيروت. وقد اختار القيادي السابق في الجبهة الشعبية هذا الاسم لكتابه (الجيّد بالمناسبة) مما كشفه الصحافي الإسرائيلي، رونين برغمان، في كتاب له نشرَه في 2018، عن الموضوع نفسه، أن وحدةً من القوات الخاصة في جيش الاحتلال، حملت اسم "السمك المملّح" أوكلت لها مهمّة قتل عرفات، واسم رئيسها عوزي دايان، ونفّذت نحو عشر محاولاتٍ في هذا. ومن كثيرٍ يفيد به ذلك الكشف الذي "تسلّح" به أبو شريف أن غرام أجهزة دولة الاحتلال بالسمك المملّح (هل هو الفسيخ كما أعتقد، أم الرّنجي، بالتسمية المصرية للسمك المملّح المدخّن؟) قديم، منذ ما قبل "حماس"، منذ الزمن البيروتي لمنظّمة التحرير. إذ يعتمدون هذا السمك لاسم وحدة اغتيالٍ خاصة، وبعد عقودٍ يعتمدونه مسمّى عمليةٍ عسكريةٍ، أو جريمة حربٍ في توصيفٍ أصحّ، في غزّة، ليُقتل فيها فلسطينيون لا حول لهم ولا قوة. كأنها إسرائيل لم تُغادر عقلية العصابات التي أنشأت الدولة في عام النكبة المعلوم. كانت تلك تقتل المدنيين الفلسطينيين كيفما شاءت، في مذابح وجرائم صُغرى وكبرى، في قرىً وبلداتٍ ومدنٍ وأرياف بلا عدد. كأن الدولة، النووية، الحليفة الأهم للولايات المتحدة والغرب، الأقوى في المحيط والإقليم والمنطقة، لا يقرّ لها قرار من دون أن تزاول القتل، فيؤمَر جنودُها وضبّاطُها بأن يستطعموه في أي وقت، وضد غزّيين مستضعفين، كما لو أنهم يزدردون سمكاً مالحاً، على ما سمّوا، لسببٍ لا أعرفه، جريمتهم المستجدّة.


اليمن الآن
منذ 37 دقائق
- اليمن الآن
أميركا.. إعلان حصيلة جديدة لضحايا فيضانات تكساس الكارثية
أعلنت السلطات المحلية في تكساس الأحد أن حصيلة ضحايا الفيضانات في وسط الولاية الواقعة في جنوب الولايات المتحدة ارتفعت إلى 78 قتيلا. وقال لاري ليثا قائد الشرطة في مقاطعة كير الأكثر تضررا إن 68 شخصا لقوا حتفهم، من بينهم 28 طفلا. وكان غريغ أبوت حاكم ولاية تكساس قد أشار في مؤتمر صحافي سابق إلى تسجيل عشر وفيات في مقاطعات مجاورة. ولا تزال 11 فتاة وأحد المرشدين في عداد المفقودين من مخيم "كامب ميستيك" الصيفي بالقرب من نهر غوادالوبي الذي فاض بعد هطول أمطار غزيرة في وسط تكساس يوم الجمعة الذي كان عطلة عيد الاستقلال في الولايات المتحدة. ووفق مسؤولين فإنه تسنى إنقاذ أكثر من 850 شخصا، بما في ذلك بعض الذين كانوا يتشبثون بالأشجار، بعد أن تسببت عاصفة مفاجئة في هطول أمطار وصل منسوبها إلى 38 سنتيمترا في هيل كونتري بالولاية على بعد 140 كيلومترا تقريبا من شمال غرب سان أنطونيو. وقالت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم، المشرفة على الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، إن تحذيرا بوقوع سيول "من الدرجة المتوسطة" أصدرته الهيئة الوطنية للأرصاد الجوية يوم الخميس لم يتنبأ بدقة بهطول هذه الأمطار الغزيرة. ترامب يعلن "كارثة كبرى" في تكساس أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الأحد، توقيعه إعلان "كارثة كبرى" لمقاطعة كير بولاية تكساس، وذلك في أعقاب الفيضانات العارمة التي اجتاحت وسط الولاية. وكتب ترامب، عبر منصة "تروث سوشيال": "لقد وقّعتُ للتو إعلان كارثة كبرى لمقاطعة كير، تكساس، لضمان حصول مستجيبينا الأوائل الشجعان على الموارد اللازمة فورا. تعاني هذه العائلات من مأساة لا توصف، حيث فقدنا أرواحا كثيرة، ولا يزال الكثيرون في عداد المفقودين." وأكد أن إدارته تتابع التنسيق عن كثب مع المسؤولين المحليين، مشيرا إلى تواجد وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم على الأرض، برفقة حاكم الولاية غريغ أبوت. وأضاف: "كانت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم على الأرض أمس برفقة الحاكم غريغ أبوت، الذي يعمل جاهدا لمساعدة سكان ولايته العظيمة." وأشاد ترامب بالجهود المبذولة في عمليات الإنقاذ، قائلا: "لقد أنقذ خفر السواحل الأميركي الرائع، بالتعاون مع مستجيبينا الأوائل في الولاية، أكثر من 850 حياة. بارك الله في هذه العائلات، وبارك الله تكساس".