logo
خطاب منتظر للدالاي لاما قد يثير غضب الصين

خطاب منتظر للدالاي لاما قد يثير غضب الصين

الجزيرةمنذ 2 أيام
من المنتظر أن يلقي الزعيم الروحي للتبت، الدالاي لاما ، خطابا خلال أيام بحلول عيد ميلاده الـ90 أمام تجمع كبير من رجال دين بوذيين، في وقت ينتظر فيه أتباعه الإعلان عمن سيخلفه، في خطوة قد تثير غضب الصين.
وسيبلغ الدالاي لاما الـ14 سن الـ90 يوم الأحد المقبل، وقال من قبل إنه سيتشاور مع كبار الرهبان البوذيين وآخرين في ذلك التوقيت للإفصاح عن مؤشرات محتملة عمن سيخلفه بعد وفاته.
وتعتبر بكين الدالاي لاما، الذي غادر التبت في 1959 بعد فشل انتفاضة على حكم الصين، انفصاليا وتقول إنها هي من ستختار من سيخلفه. وقال الدالاي لاما إن خليفته سيكون شخصا ولد خارج الصين وحث أتباعه على رفض أي شخصية تختارها بكين.
وقال الدالاي لاما لحشد من أتباعه اليوم الاثنين وهم يدعون له بطول العمر "ما تبقى من حياتي سأهبه لنفع الآخرين قدر المستطاع". مضيفا أنه "سيكون هناك نوع من إطار العمل الذي يمكننا أن نتحدث عنه بشأن استمرارية مؤسسة الدالاي لاما"، دون أن يذكر المزيد من التفاصيل.
وقالت الصين في مارس/ آذار إن الدالاي لاما في منفى سياسي "ولا يحق له تمثيل شعب التبت بأي شكل". وأضافت أنها منفتحة على مناقشة مستقبله إذا اعترف بأن التبت وتايوان جزآن من الصين وهو أمر رفضته حكومة التبت في المنفى.
التبت والدالاي لاما
والدالاي لاما هو لقب معناه "المعلم الروحي ذو الحكمة العميقة كالمحيط"، أما اسم الدالاي لاما الـ14 فهو تينزن غياتسو المولود في السادس من يوليو/تموز 1935، ويعيش حاليا في المنفى في مدينة دهارماسالا، شمال الهند منذ عام 1959.
وكانت التبت منطقة ودولة سابقة في آسيا الوسطى وموطن الشعب التبتي حتى 7 أكتوبر/تشرين الأول 1950 بعد انتصار الجيش الصيني على الجيش التبتي وضم التبت إلى الإدارة الصينية، وبعد انتفاضة شعبية على الحكم الصيني تم نفي الدالاي لاما إلى الهند حيث أسس حكومة في المنفى تقول بحقها في السيادة على التبت بحدود تطلق عليها "التبت التاريخية".
ويتم اختيار الدلاي لاما في عملية روحية قد تستغرق عدة سنوات، تبدأ بعد وفاة الدالاي لاما حيث يُعتقد أنه سيعاد تجسيده في طفل جديد، ويتم إرسال فرق من الرهبان إلى أنحاء التبت للبحث عنه وفق اختبارات روحية، وبعد التأكد من هوية الطفل يعلن رسميا أنه الدالاي لاما الجديد وينقل إلى دير خاص حيث يتم تعيين أحد كبار الرهبان للإشراف عليه وتدريبه وتولي مسؤولية الشؤون الدينية والتعليمية.
وحاليا هناك توتر سياسي حول هذه العملية، خاصة بسبب تدخل الحكومة الصينية ومحاولتها فرض مرشحها الخاص، حيث ترى أن تعيين خليفة للدالاي لاما خارج سيطرتها أمر يهدد شرعيتها في إقليم التبت الذي باتت تعتبره جزءا لا يتجزأ من أراضيها منذ ضمه إليها.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إسرائيل تحث الصين على "كبح طموحات إيران النووية"
إسرائيل تحث الصين على "كبح طموحات إيران النووية"

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

إسرائيل تحث الصين على "كبح طموحات إيران النووية"

حثت إسرائيل الصين على استخدام نفوذها الاقتصادي والسياسي "لكبح طموحات إيران العسكرية والنووية"، معتبرة أن الصين لديها "العديد من الأمور التي يمكنها القيام بها" في هذا الشأن. جاء ذلك أمس الثلاثاء على لسان رافيت باير، القنصل العام الإسرائيلي في شنغهاي، التي قالت للصحفيين في المدينة "إن الصين هي الوحيدة القادرة على التأثير على إيران" مضيفة أن إيران ستنهار إذا لم تشترِ الصين نفطها". وفي إشارة إلى القيادة الصينية، قالت إن "بإمكانهم الضغط على إيران، ولديهم نفوذ سياسي عليها، ويمكنهم المساعدة في تغيير أنشطتها المشوهة في المنطقة. وهناك العديد من الأمور التي يمكن للصين القيام بها". وقالت باير "لا أعتقد أن الصين مهتمة بدور الوسيط بين إسرائيل وإيران؛ فدور الوسيط مسؤولية كبيرة، ويتطلب أموالًا طائلة وقرارات صعبة". وعن طبيعة العلاقات بين إسرائيل والصين أكبر شريك تجاري لها بعد الولايات المتحدة ، قالت إنها "لم تتدهور بشكل ملحوظ على الرغم من النزاعات منذ عام 2023، وما زلنا نجري محادثات جيدة. حتى لو اختلفنا سياسيا، فهذا لا يعني أنه لا يمكن التعاون". تأتي تصريحات باير في ظل توتر العلاقات الإسرائيلية الصينية بسبب الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة وهجماتها الشهر الماضي على إيران، الشريك الرئيسي لبكين في الشرق الأوسط. وخلال حرب إسرائيل وإيران التي استمرت 12 يوما، تضررت المواقع العسكرية والنووية للجمهورية الإسلامية بشكل كبير، وقتل عدد من كبار قادة الجيش وعلماء الذرة. وتوسطت الولايات المتحدة في وقف لإطلاق النار بدأ الأسبوع الماضي، إلا أن طهران أبدت تشكيكها في استمرارية الهدنة، وأكدت استعدادها للرد على أي عدوان متجدد من إسرائيل. وأدانت الصين وروسيا -الشريكان الرئيسيان لإيران بين القوى العالمية- الضربات الإسرائيلية، لكنهما لم تدعما طهران بشكل يُذكر. كما دعت بكين إسرائيل باستمرار إلى إنهاء صراعها في غزة ضد حماس واتخاذ خطوات نحو حل الدولتين للفلسطينيين، وهو أمر يقول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إنه سيهدد أمن بلاده. يذكر أن الصين تشتري نحو 90% من صادرات النفط الإيرانية، التي تبلغ حوالي 1.7 مليون برميل يوميا. كما وقعت بكين وطهران شراكة إستراتيجية في عام 2021 تحدد استثمارات صينية محتملة بقيمة 400 مليار دولار على مدى 25 عامًا في إيران. ومع ذلك، لا توجد أدلة تُذكر على قدرة الصين على التأثير على إيران بشكل كبير في ما يتعلق بالإستراتيجية العسكرية والنووية. وفي حين عززت طهران علاقاتها في السنوات الأخيرة مع بكين وموسكو، إلا أنها دأبت على رفض أي تدخل أجنبي في القرارات السياسية الرئيسية. وفضلا عن ذلك، من المرجح أن يُفضّل الرئيس شي جين بينغ التركيز على العلاقات الاقتصادية مع إيران.

"العالم أكبر من خمسة".. رؤية وعدالة تتسع للجميع
"العالم أكبر من خمسة".. رؤية وعدالة تتسع للجميع

الجزيرة

timeمنذ 19 ساعات

  • الجزيرة

"العالم أكبر من خمسة".. رؤية وعدالة تتسع للجميع

ليست مجرد كلمات يقولها أردوغان -الرئيس التركي الحالي- على منبر الأمم المتحدة كل مرة، إنما أصبحت هذه الكلمات شعاراً مرتبطاً به، وهذا الشعار خلفه رؤية كبيرة يتمنى الرئيس التركي لو أنها تتحقق. ترديد عبارة "العالم أكبر من خمسة"، في أكثر من مناسبة، قد يكون محاولة أولية لتشكيل اتجاه جديد ضمن الرأي العام الدولي. الدول الخمسة صانعة القرار الدولي دائماً ما يشار إلى الدول التي لديها حق النقض (الفيتو).. وبشكل مختصر، فهذا الحق هو رفض قرار يقدم لمجلس الأمن أو الاعتراض عليه، وهذه الدول هي: الولايات المتحدة الأميركية، والصين، وروسيا، وبريطانيا، وفرنسا. ولنا في هذه الأوقات الأخيرة الكثير من الأمثلة على رفض دولة لقرار أيدته دول؛ ففي نوفمبر/ تشرين الثاني 2024م أيدت 14 دولة مشروع قرار يدعو لوقف إطلاق النار في غزة، لكن الولايات المتحدة الأميركية استخدمت حق النقض، وبذلك أُجهض مشروع القرار برفعة يد فقط! أعمق من مجرد شعار في عام 2017م صدر كتاب للرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحت اسم "العالم أكبر من خمسة"، ويدعو إلى ضرورة إصلاح هيكلية الأمم المتحدة، وتحديداً مجلس الأمن، لكن في عام 2021 صدر كتاب جديد للرئيس التركي بعنوان "نحو عالم أكثر عدلاً"، وتُرجم الكتاب لعدة لغات أخرى، وحقق انتشاراً واسع النطاق. كتاب "نحو عالم أكثر عدلاً" يوضح رؤية أردوغان حول إصلاح الأمم المتحدة، الأمر الذي أعاد تكراره وترديده في الكتاب أكثر من مرة. لعل أبرز قطب صاعد هو القطب الذي بدأت الصين بإنشائه باستخدام عدة أدوات، منها مجموعة بريكس ورؤية الحزام والطريق، الذي انضمت له عدة دول أبرزها باكستان وإيران وتركيا الأقطاب الدولية في الوقت الحالي تتشكل أقطاب جديدة على الساحة الدولية، وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي -الذي ترك فراغاً كبيراً بعد سقوطه- بدأت تتشكل أقطاب جديدة محل القطب العملاق الذي انهار، ولعل أبرز أثر خلّفه انهيار الاتحاد السوفيتي هو أن العالم لم يعد ثنائي القطب، أي من قطب غربي ممثل بالاتحاد الأوروبي وتقوده الولايات المتحدة الأميركية، وآخر شرقي يقوده الاتحاد السوفيتي الذي انهار وانهارت معه دول كألمانيا الشرقية. لعل أبرز قطب صاعد هو القطب الذي بدأت الصين بإنشائه باستخدام عدة أدوات، منها مجموعة بريكس ورؤية الحزام والطريق، الذي انضمت له عدة دول أبرزها باكستان وإيران وتركيا. الدعاية التركية لعالم أكبر من خمسة في سبتمبر/ أيلول 2024م، دارت أعمال الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في مقرها الدائم في نيويورك، لكن الملفت أن شاحنة تحمل صورة للرئيس التركي، مكتوب عليها مقولته "العالم أكبر من خمسة"، كانت تجوب شوارع نيويورك. ولعل هذا شيء بسيط يدل على مدى إصرار أردوغان على تحقيق رؤيته، أو على الأقل كسب تأييد بعض الدول لمقترحه حول إصلاح الأمم المتحدة ومجلس الأمن. إن مقترح أردوغان يدور حول إزالة حق النقض، وتوسيع صلاحيات الجمعية العامة، وفرض المسؤولية على الدول العظمى التي تريد التمتع بما تمتلكه من امتيازات في مجلس الأمن مقترح قابل للتنفيذ بهذا العنوان ختم أردوغان كتابه "نحو عالم أكثر عدلاً"، وأوضح أن صعوبات تنفيذ إصلاح الأمم المتحدة كثيرة، لعل أبرزها معارضة متوقعة من الدول التي تمتلك حق النقض. ختاماً، فإن مقترح أردوغان يدور حول إزالة حق النقض، وتوسيع صلاحيات الجمعية العامة، وفرض المسؤولية على الدول العظمى التي تريد التمتع بما تمتلكه من امتيازات في مجلس الأمن.

الضربة الأميركية في إيران والرسالة تقرأ بالصين
الضربة الأميركية في إيران والرسالة تقرأ بالصين

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

الضربة الأميركية في إيران والرسالة تقرأ بالصين

مع تباين المواقف الدولية والإقليمية حول الضربة الأميركية التي استهدفت منشآت إيرانية، اختارت الصين زاوية مغايرة في التعاطي، تجاوزت فيها الخطاب السياسي إلى تفكيك تقني دقيق لما جرى. ففي تغطية غير مألوفة، سلطت صحيفة غلوبال تايمز -المعروفة بقربها من دوائر صنع القرار في بكين- الضوء على خصائص السلاح المستخدم، وتوقيت العملية، وسياقها الإستراتيجي الأوسع. ويكشف تتبع الخطاب أن الضربة لم تُقرأ في الصين كمجرد تحرك ضد إيران ، بل كرسالة أميركية تتجاوز حدود الإقليم، وتحمل مؤشرات على إعادة اختبار موازين الردع الدولية، وهو ما استدعى تقديرا صينيا لاحتمالات توسيع نطاق استخدام القوة الكاسرة خارج أطر الحرب التقليدية. الضربة الأميركية كاختبار ميداني نفّذت الولايات المتحدة الأميركية ضربة عسكرية استثنائية استهدفت منشآت نووية إيرانية محصنة تحت الأرض، حيث شنّ سلاح الجو الأميركي فجر 22 يونيو/حزيران 2025 غارة جوية استخدم خلالها 6 قنابل خارقة للتحصينات من طراز " جي بي يو-57" (GBU-57). وتُعد هذه القنبلة، التي تزن نحو 30 ألف رطل، واحدة من أخطر أدوات الردع في الترسانة العسكرية الأميركية، وقد استُخدمت في قصف موقع فوردو النووي الإيراني شديد التحصين. وقد نفذت الضربة في وقت كانت فيه إسرائيل تواجه تحديا في الوصول إلى أهداف مشابهة، ما اعتبر رسالة أميركية مزدوجة: دعم الحليف الإسرائيلي، واختبار فعلي في ميدان مفتوح لسلاح لطالما ارتبط بالردع النظري تجاه القوى الكبرى. صحيفة غلوبال تايمز الصينية، التقطت هذا البعد بدقة، ففي افتتاحيتها في اليوم التالي للضربة، وصفت استخدام القنبلة بأنه تصعيد خطير يغذي الفوضى في المنطقة، واعتبرت أن الضربة سابقة تهدد أساس النظام الأمني الدولي. ورأت الصحيفة أن هذه الضربة تمثل تجاوزا لمجلس الأمن و الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، ما يضع واشنطن في موقع من يستخدم القوة لتحديد مصير البرنامج النووي الإيراني من طرف واحد، بعيدا عن الأطر التعددية. ولا يمكن عزل هذا الموقف الصيني عن حقيقة أن استخدام هذه القنبلة بحد ذاته يحمل دلالات إستراتيجية ثقيلة، فوفقا لصحيفة وول ستريت جورنال، لم تُنتج الولايات المتحدة حتى عام 2025 سوى نحو 20 قنبلة فقط من هذا الطراز، ما يعكس محدودية تصنيعها واستخدامها، إذ يُحتفظ بها فقط للعمليات المعقدة والسيناريوهات القصوى. ويبدو أن هذا ما دفع بكين إلى متابعة الحدث كاختبار ميداني حقيقي، ويمكن ربط ذلك بتقارير متزامنة، منها ما نشرته وكالة رويترز حول توجه قاذفات الشبح الأميركية من طراز "بي 2" (B-2) إلى قاعدة غوام في المحيط الهادي، في خطوة فسرها مراقبون على أنها رفع للجهوزية الإستراتيجية الأميركية. وفي المقابل، كشفت صحيفة بولغاريان ميلتيري العسكرية عن تقارير استخبارية تشير إلى أن البحرية الصينية أرسلت وحدات تجسس متقدمة إلى مياه الخليج العربي بالتزامن مع الضربة الأميركية، ما يعزز من فرضية أن الصين كانت تتابع بدقة سيناريو استخدام القوة الأميركية الخارقة، وربما تقيّم استعداداتها تجاه احتمالات مشابهة مستقبلا. وفي حديثه للجزيرة نت، فسر المحلل السياسي والعسكري نضال أبو زيد، تحرك القاذفات نحو "غوام" على أنه رسالة ردع موجهة أيضا إلى بكين وبيونغ يانغ، نظرا للموقع الجغرافي الحساس لقاعدة غوام القريبة من بحر جنوب الصين وشبه الجزيرة الكورية، ما يعكس استخدام واشنطن للقوة العسكرية كأداة ضغط جيوسياسي يتجاوز نطاق المواجهة الإيرانية. قلق يتجاوز حدود التضامن مع إيران لم تقف الصين عند حدود الإدانة الدبلوماسية، بل رفعت من سقف خطابها واتهمت واشنطن بتقويض النظام الدولي، وتجاوز المؤسسات الأممية، بسبب أن القصف طال منشآت مقامة بموجب ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ووصفت غلوبال تايمز الضربة بالانتهاك الخطير لمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، ورفضا للموقف المبدئي للمجتمع الدولي، بما في ذلك الصين والاتحاد الأوروبي الذي تعامل مع القضية النووية الإيرانية من خلال مفاوضات متعددة الأطراف لسنوات عديدة. ووفقا لبيان نشر على الموقع الرسمي للبعثة الدائمة للصين لدى الأمم المتحدة، قال فو كونغ، الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة، في الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن، إن التصرفات الأميركية أدت إلى "تفاقم التوترات في الشرق الأوسط، ووجهت ضربة قوية لنظام منع الانتشار النووي الدولي". وأضاف أنه "يجب على المجتمع الدولي دعم العدالة وبذل جهود ملموسة لتهدئة الوضع واستعادة السلام والاستقرار". من جهتها، أدانت وزارة الخارجية الصينية بشدة الهجمات الأميركية على إيران، وقالت إن هذا الإجراء الأميركي، لا يؤدي فقط إلى تفاقم التوترات في الشرق الأوسط، بل يُخاطر أيضا بإشعال أزمة أوسع نطاقا. ويرى رئيس تحرير مركز الدراسات العربية الأوراسية، أحمد دهشان، أن هذه التصريحات المتلاحقة تعكس محاولة صينية للتأكيد على أن النظام الدولي القائم يدار بمعايير مزدوجة، تقوده واشنطن وفق مصالحها، دون أي اكتراث للقانون الدولي أو المؤسسات الأممية، ومن هذا المنطلق ترى بكين أن الردع الحقيقي لتصرفات واشنطن لا يمكن أن يكون قانونيا فقط، بل يجب أن يكون عسكريا وإستراتيجيا كذلك. وفي هذا السياق، نقلت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" الصينية، عن خبراء دبلوماسيين أن الضربة الأميركية لم تكن مجرد تصعيد عابر ولكنها إشارة قوية وواضحة لاحتمال تدخل الولايات المتحدة في صراعات أخرى تمس المصالح الحيوية الصينية. وأكد التقرير أن التصعيد عمّق قناعة بكين بصعوبة التنبؤ بسلوكيات البيت الأبيض، وهو ما دفعها إلى تعزيز استعداداتها الإستراتيجية في مضيق تايوان وبحر جنوب الصين، تحسبا لسيناريوهات مشابهة خارجة عن الأطر التقليدية للنزاعات. وتتركز نقاط الخلاف بين بكين وواشنطن على المنافسة الاقتصادية والتكنولوجية والتجارية، إلى جانب التوترات العسكرية في بحر جنوب الصين وتايوان، التي تعتبرهما الصين جزءا من سيادتها، بينما ترفض واشنطن ذلك، وهذا يبقي أفق النزاع مفتوحا في أي لحظة . من المراقبة للتقدير الذاتي انتقلت الصين من مرحلة المراقبة السياسية إلى مرحلة أعمق من التقييم التقني والإستراتيجي، إذ لم تكتف بالمراقبة بل عملت على تحليل تفاصيل العملية ومراجعة قدراتها العسكرية. وفي هذا الإطار، شككت صحيفة غلوبال تايمز الصينية في صحة الادعاء الأميركي حول نجاح الهجوم على المواقع النووية الإيرانية، مشيرة إلى أن منشأة فوردو النووية تقع على عمق يقارب 100 متر تحت الأرض، وهذا يجعل تدميرها بالكامل بضربة أو اثنين، حتى باستخدام القنابل الخارقة للتحصينات، أمرا بالغ الصعوبة. ونقلت الصحيفة عن خبير الشؤون العسكرية، تشانغ جون شي، تأكيده على أن الضربة الأولى للجيش الأميركي ربما لم تكن كافية لتدمير المنشآت النووية الإيرانية بالكامل، مع الإشارة إلى أن الغارات الأميركية أضرت بالبنية التحتية النووية في إيران، بغض النظر عن مدى تدمير المنشآت. ومن جهة أخرى، أظهر تقرير صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" أن الصين انتقلت إلى مرحلة تقييم ذاتي معمق لقدراتها العسكرية، وخصوصا في مجال القاذفات الإستراتيجية العابرة للقارات، فالضربة التي نفذت بواسطة طائرة من طراز "بي 2" وهي القاذفة التي حملت وألقت القنابل "جي بي يو-57" الخارقة للتحصينات في مهمة طويلة المدة، أعادت للواجهة أهمية القاذفات الإستراتيجية كعنصر أساسي في الردع. وأكد محللون صينيون أن القاذفات تظل أداة لا غنى عنها حتى في ظل تطور خيارات الضربات بعيدة المدى، لما توفره من قدرة على تنفيذ ضربات نووية سريعة وذات كفاءة عالية، في حين أشار التقرير إلى استمرار بكين في تطوير قاذفات الشبح الصينية "إتش-20" (H-20) كجزء من جهودها لتعزيز قدراتها في الردع. وفي تحليل أعمق، يوضح دهشان أن الصين تركز بشكل متزايد على رصد ومتابعة التطورات العسكرية العالمية، خصوصا ما يتعلق بالحروب الأميركية، بهدف تطوير قدراتها الدفاعية والهجومية، مستفيدة من الدروس المستخلصة، سواء للاستعداد في حال وقوع مواجهة عسكرية مستقبلية أو لتعزيز موقعها كقوة تمتلك أدوات ردع فعّالة. ويقول في حديثه للجزيرة نت، إن الصين تخشى من التعرض لضغوط دولية لإجبارها على الدخول في اتفاقيات للحد من التسلح، خاصة في ظل سعيها الحالي إلى التسلح بدون قيود واضحة. ولذلك، تعمل على تحصين نفسها عسكريا وإستراتيجيا. ويضيف أن بكين تتابع بعناية التجربة الإيرانية، التي طالما وصفت بأنها نموذج فريد في بناء التحصينات، لكنها لم تُختبر عمليا من قبل، أما الآن، ومع الضربة الأميركية الأخيرة لإيران، فقد تم اختبار تلك التحصينات ميدانيا، وهو ما دفع الصين إلى دراسة هذه التجربة بجدية كحالة عملية يمكن الاستفادة منها في بناء منظومتها الدفاعية. وانطلاقا من هذه القناعة، تعتمد الصين في عقيدتها العسكرية على مبدأ "رأس برأس" مع الولايات المتحدة، حيث تسعى إلى مواكبة كل تطور عسكري أميركي بإنتاج أو تطوير قدرات مماثلة أو بدائل قادرة على تحقيق التوازن والردع. وبهذا، ترى بكين أن بناء منظومة ردع متقدمة هو السبيل الوحيد لضمان احترام مصالحها وحماية أمنها القومي في مواجهة الهيمنة الأميركية، وفق دهشان. وبهذا تعد الصين من أبرز الدول إن لم تكن الوحيدة التي تبنت قراءة مختلفة للصراع الأميركي الإيراني، قراءة لم تكتف بالتنديد أو الترقب، بل انطلقت نحو تحليل إستراتيجي معمق مدفوعة بإدراك متزايد لمراجعة قدراتها الهجومية والدفاعية، إذ رأت في الضربة الأميركية لإيران جرس إنذار يستدعي تعزيز موقعها العسكري، تحسبا لأي سيناريوهات مشابهة قد تطالها في المستقبل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store