
إسرائيل تحث الصين على "كبح طموحات إيران النووية"
جاء ذلك أمس الثلاثاء على لسان رافيت باير، القنصل العام الإسرائيلي في شنغهاي، التي قالت للصحفيين في المدينة "إن الصين هي الوحيدة القادرة على التأثير على إيران" مضيفة أن إيران ستنهار إذا لم تشترِ الصين نفطها".
وفي إشارة إلى القيادة الصينية، قالت إن "بإمكانهم الضغط على إيران، ولديهم نفوذ سياسي عليها، ويمكنهم المساعدة في تغيير أنشطتها المشوهة في المنطقة. وهناك العديد من الأمور التي يمكن للصين القيام بها".
وقالت باير "لا أعتقد أن الصين مهتمة بدور الوسيط بين إسرائيل وإيران؛ فدور الوسيط مسؤولية كبيرة، ويتطلب أموالًا طائلة وقرارات صعبة".
وعن طبيعة العلاقات بين إسرائيل والصين أكبر شريك تجاري لها بعد الولايات المتحدة ، قالت إنها "لم تتدهور بشكل ملحوظ على الرغم من النزاعات منذ عام 2023، وما زلنا نجري محادثات جيدة. حتى لو اختلفنا سياسيا، فهذا لا يعني أنه لا يمكن التعاون".
تأتي تصريحات باير في ظل توتر العلاقات الإسرائيلية الصينية بسبب الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة وهجماتها الشهر الماضي على إيران، الشريك الرئيسي لبكين في الشرق الأوسط.
وخلال حرب إسرائيل وإيران التي استمرت 12 يوما، تضررت المواقع العسكرية والنووية للجمهورية الإسلامية بشكل كبير، وقتل عدد من كبار قادة الجيش وعلماء الذرة.
وتوسطت الولايات المتحدة في وقف لإطلاق النار بدأ الأسبوع الماضي، إلا أن طهران أبدت تشكيكها في استمرارية الهدنة، وأكدت استعدادها للرد على أي عدوان متجدد من إسرائيل.
وأدانت الصين وروسيا -الشريكان الرئيسيان لإيران بين القوى العالمية- الضربات الإسرائيلية، لكنهما لم تدعما طهران بشكل يُذكر.
كما دعت بكين إسرائيل باستمرار إلى إنهاء صراعها في غزة ضد حماس واتخاذ خطوات نحو حل الدولتين للفلسطينيين، وهو أمر يقول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إنه سيهدد أمن بلاده.
يذكر أن الصين تشتري نحو 90% من صادرات النفط الإيرانية، التي تبلغ حوالي 1.7 مليون برميل يوميا. كما وقعت بكين وطهران شراكة إستراتيجية في عام 2021 تحدد استثمارات صينية محتملة بقيمة 400 مليار دولار على مدى 25 عامًا في إيران.
ومع ذلك، لا توجد أدلة تُذكر على قدرة الصين على التأثير على إيران بشكل كبير في ما يتعلق بالإستراتيجية العسكرية والنووية.
وفي حين عززت طهران علاقاتها في السنوات الأخيرة مع بكين وموسكو، إلا أنها دأبت على رفض أي تدخل أجنبي في القرارات السياسية الرئيسية.
وفضلا عن ذلك، من المرجح أن يُفضّل الرئيس شي جين بينغ التركيز على العلاقات الاقتصادية مع إيران.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
الغارديان: إسرائيل استخدمت قنبلة زِنتها 500 رطل في قصف مقهى بغزة
أفاد تحقيق لصحيفة الغارديان البريطانية بأن الجيش الإسرائيلي استخدم قنبلة وزنها 500 رطل (230 كلغم) عندما هاجم مقهى على شاطئ البحر في قطاع غزة يوم الاثنين الماضي. وقال التحقيق إن القنبلة المستخدمة تعد سلاحا عشوائيا يتسبب في موجة انفجار هائلة وينشر شظايا على مساحة واسعة. ونقلت الصحيفة عن خبراء قانونيين أن الحفرة الكبيرة التي خلفها الانفجار تعد دليلا على استخدام قنبلة كبيرة وقوية مثل "إم كيه-82″، وهي من الذخائر المستخدمة على نطاق واسع في الحملات الجوية خلال العقود الماضية. وقال الخبراء للصحيفة إن استخدام مثل هذه الذخيرة، رغم العلم بوجود عدد كبير من المدنيين، بمن فيهم أطفال ونساء وكبار سن، يُعد على الأرجح غير قانوني وقد يُشكّل جريمة حرب. وقد تم تحديد شظايا السلاح المنتشلة من أنقاض مقهى البقعة، والتي صوّرتها الغارديان، على أنها أجزاء من القنبلة "إم كيه-82″. ونقلت الصحيفة عن الجيش الإسرائيلي أن هجوم المقهى قيد المراجعة، وأنه اتخذ خطوات قبل الغارة للحد من خطر إيذاء المدنيين. ووفقاً لمسؤولين طبيين وآخرين، فقد استشهد بين 24 و36 فلسطينيًا في هذا الهجوم، وأُصيب العشرات، من بينهم صانع أفلام معروف، وفنان، وربة منزل تبلغ من العمر 35 عامًا، وطفل يبلغ من العمر أربع سنوات. ومن بين المصابين طفل يبلغ 14 عامًا وفتاة عمرها 12 عامًا. وينص القانون الدولي، المستند إلى اتفاقيات جنيف، على أنه يُحظر على القوات العسكرية شنّ هجمات تؤدي إلى "خسائر عرضية في أرواح المدنيين" تكون "مفرطة أو غير متناسبة" مع الميزة العسكرية المتوقعة. قصف لا يمكن تبريره ورغم أن ما يُعدّ مقبولاً يخضع للتأويل، فإن الخبراء أكدوا أن استهدافاً يتسبب بمقتل هذا العدد من المدنيين لا يمكن تبريره إلا إذا كان الهدف المُراد تدميره على درجة كبيرة جدًا من الأهمية في مسار النزاع. وكان المقهى المستهدف يتكون من طابقين – سطح علوي مفتوح وطابق أرضي بنوافذ واسعة مطلة على الشاطئ – ومداخله كانت مرئية بوضوح من الجو. وقال جيري سيمبسون من هيومن رايتس ووتش إن "الجيش الإسرائيلي لم يوضح من كان الهدف، لكنه أشار إلى أنه استخدم المراقبة الجوية لتقليل الضحايا المدنيين، ما يعني أنه كان يعلم أن المقهى مكتظ بالزبائن وقت الضربة". وأضاف: "كما أن الجيش كان يعلم أن استخدام قنبلة جوية موجهة بهذا الحجم سيؤدي إلى قتل وتشويه العديد من المدنيين. استخدام سلاح بهذا الحجم في مقهى مزدحم بوضوح يجعل هذا الهجوم على الأرجح غير قانوني وغير متناسب أو عشوائي، ويجب التحقيق فيه كجريمة حرب". من جهته صرّح الدكتور أندرو فورد، أستاذ مساعد في قانون حقوق الإنسان بجامعة مدينة دبلن، بأن "الهجوم صادم"، مضيفًا: "حينما تُستخدم ذخائر ثقيلة في منطقة مدنية مزدحمة، فإن أفضل أنظمة الاستهداف في العالم لا يمكن أن تمنع نتائج عشوائية تنتهك اتفاقيات جنيف". وقال مارك شاك، أستاذ القانون الدولي المساعد في جامعة كوبنهاغن إن "من شبه المستحيل تبرير استخدام هذا النوع من الذخائر في هذا السياق. إذا كنا نتحدث عن 20 أو 30 أو 40 ضحية مدنية، فإن ذلك لا يمكن تبريره إلا إذا كان الهدف على قدر هائل من الأهمية العسكرية. في أفغانستان والعراق، كانت القواعد تقضي بألا يتجاوز عدد الضحايا المدنيين 30 كحد أقصى في حال استهداف شخصية رفيعة جدًا، وحتى هذا في ظروف استثنائية". وحدد تريفور بول، باحث في الأسلحة وخبير سابق في تفكيك المتفجرات بالجيش الأميركي، قطعة من الذيل وأخرى من البطارية الحرارية، قائلاً إنها تشير إلى استخدام قنبلة أم بي آر 500 أو أم كي-82. يُشار إلى أن الجيش الإسرائيلي يمتلك ترسانة واسعة من الذخائر، وغالبًا ما يستخدم ذخائر أصغر بكثير في ضربات دقيقة ضد أهداف فردية في غزة ولبنان وحتى في هجماته الأخيرة على إيران. ويُذكر أن مقهى الباقة العائلي التأسيس، أُنشئ قبل نحو 40 عامًا وكان يُعدّ وجهة ترفيهية معروفة للشباب والعائلات في غزة، ويقدّم مشروبات بسيطة من الشاي والمياه الغازية والبسكويت. تجدر الإشارة إلى أن منطقة الميناء التي يقع فيها المقهى لم تكن مشمولة بأي من أوامر الإخلاء التي أصدرها الجيش الإسرائيلي لتحذير السكان من العمليات العسكرية.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
لماذا رفع ترامب العقوبات عن سوريا الآن؟
"هي خطوة تدعم أهداف الأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية"، بهذه العبارة وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراره التنفيذي الذي وقعه في اليوم الأخير من يونيو/ حزيران 2025، وقضى برفع العقوبات عن سوريا، مع الإشادة بحكومتها الجديدة، والتأكيد على دعم واشنطن لسوريا موحدة ومستقرة وتعيش في سلام مع نفسها وجيرانها. يأتي القرار التنفيذي ليجسد الإعلان الذي أطلقه الرئيس الأميركي من العاصمة السعودية الرياض منتصف مايو/ أيار الماضي، حيث التقى حينها بالرئيس السوري أحمد الشرع، في مشهد يرسم إستراتيجية الولايات المتحدة الأميركية الجديدة حول سوريا التي تنتقل من المعسكر الشرقي، كما كانت فترة حكم حزب البعث، إلى المعسكر الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة وترسم حدوده الجديدة شرق البحر المتوسط. واشنطن تدعم مصالح حلفائها لم يعد من مصلحة واشنطن أن تبقى سوريا فضاء حيويًا لروسيا وإيران المتحالفتين ضد المصالح الغربية، والمتحالفتين مع الصين المنافسة الأبرز للولايات المتحدة على تفرد الأخيرة باحتكار قطبية أحادية تقود بها العالم. إيران تحديدًا استخدمت الساحة السورية لتهديد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في منطقة الشرق الأوسط، هؤلاء الحلفاء الذين كان لهم الدور الأكبر في إقناع الولايات المتحدة الأميركية بأن تكمل دعمها للتغيير الجذري والكبير الذي حصل في سوريا، بدعم استقرار المشهد الجديد اقتصاديًا وسياسيًا، بتسريع عملية رفع العقوبات، والانفتاح السياسي على الرئيس الشرع وحكومته. دون رفع العقوبات ستبقى احتمالية عودة الفوضى قائمة، الأمر الذي يعيد التهديد المباشر على حلفاء ترامب وأصدقائه. من هنا جاء الإعلان الأول للرئيس الأميركي حول رفع العقوبات من الرياض واجتماع وزيرَي الخارجية الأميركي والسوري للتنسيق في أنقرة، الأمر الذي يعكس وبوضوح دور العاصمتين وموقعهما في رسم معالم الشرق الأوسط الجديد. دوافع الإدارة الأميركية وسياساتها الخارجية تبنى ترامب وجزء كبير من إدارته في فترة رئاسته الأولى ثم الثانية مبدأ الواقعية القومية "America First" والتي لا تعنى بتصدير الديمقراطية والمبادئ وإرغام الدول على التزامها، وتركز بدلًا من ذلك على عقد الصفقات التي تعود بالمزيد من المكاسب على أميركا وحلفائها، وتأتي هذه النظرية لتنهي النسخة الراديكالية من مبدأ الفوضى الخلاقة "Creative Chaos" الذي يفكك الأنظمة ويعيد بناء المنطقة من خلال الاستثمار في الأزمات وإطالة أمدها. مبدأ الإدارة الأميركية الجديد يظهر جليًا في موقف واشنطن وخطواتها تجاه التغيير الذي حصل في سوريا، حيث دعمت مساعي الحكم الجديد لإنهاء النزاع وإحلال الاستقرار، ثم تابعت برفع العقوبات استجابة لمصالح شركائها في المنطقة. أعلنها الرئيس الأميركي أكثر من مرة، إنه يستجيب لرفع العقوبات عن سوريا بشكل سريع بناء على جهود وساطة إقليمية، مع صراحته بالتأكيد على أثر ذلك في دعم المصالح الأميركية في المنطقة إلى جانب دعم مصالح حلفاء واشنطن وأصدقائها على حساب منافسيها. الاقتصاد والاستقرار تدرك الولايات المتحدة أن تحريك عجلة الاقتصاد في سوريا من خلال رفع العقوبات هو الطريق الأقرب للتنمية والاستقرار، ليس في سوريا؛ وإنما في المنطقة التي سيتصل فيها النشاط الاقتصادي والازدهار في شبه الجزيرة العربية مع تركيا، وهو لا يمكن إلا باستقرار سوريا وإدماجها في هذا الفضاء الاقتصادي والتنموي الحيوي الحليف للولايات المتحدة الأميركية، والداعم لمصالح واشنطن في المنطقة. "إعادة إدماج سوريا في الاقتصاد الإقليمي"، هو العنوان الذي تتفق عليه تركيا والسعودية مع رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، وهو بوابة تحقيق الاستقرار الإقليمي لحلفاء الولايات المتحدة، وبالتالي للمصالح الأميركية التي تريد توسيع نطاقها الحيوي على حساب منافسيها في العالم. إن إنعاش الاقتصاد السوري هو جزء من عملية ضمان الاستقرار الأمني في المنطقة، فمع رفع العقوبات ستبدأ الاستثمارات بفتح أبواب الفرص أمام آلاف الشباب في سوريا، بعيدًا عن أتون الحرب التي جندتهم وكانت سببًا في استنزاف المنطقة، وستكون الفرص الاقتصادية والتنموية سببًا في إنهاء الفوضى وأدواتها، الأمر الذي ينهي أحلام إيران بالعودة إلى سوريا ولبنان. وفضلًا عما سيحققه إنعاش الاقتصاد من فرص الاستقرار؛ فإن الاقتصاد السوري وموارده الحيوية سيتكاملان بعد رفع العقوبات مع اقتصادات المنطقة، وستشكل سوريا امتدادًا لمختلف القطاعات الاقتصادية والاستثمارية والتنموية مع تركيا ودول الخليج شمالًا وجنوبًا. حوافز ليست بالمجان يأتي القرار التنفيذي اليوم بعد شهر ونصفٍ من الإعلان عن رفع العقوبات الأميركية عن سوريا ضمن عملية تحفيز تقوم بها واشنطن لإنجاح تجربة الانتقال السياسي في سوريا. كانت إدارة ترامب صريحة في تحديد الضوابط والشروط التي تريدها من الحكم الجديد في سوريا، وكان الرئيس الشرع يدرك دائمًا أن نجاح مشروعه في سوريا يحتاج إلى التفاعل الإيجابي مع الغرب بشكل عام، ومع الولايات المتحدة على وجه الخصوص. تتقاطع بعض الشروط الأميركية مع مشروع الرئيس الشرع وأهدافه، فلا خلاف مثلًا على مكافحة تنظيم الدولة وإنهاء وجوده في المنطقة، الأمر الذي يساعد الرئيس ترامب على تنفيذ وعوده بسحب القوات الأميركية من سوريا، ويساعده في تحقيق أهدافه في العراق وفي مقدمتها تفكيك الحشد الشعبي العراقي. بينما هناك بعض الشروط الأميركية التي يحتاج فيها الرئيس الشرع إلى المزيد من الوقت، أو أنه يحاول نقاشها مع الولايات المتحدة للوصول إلى تفاهمات حولها، فالموقف من إسرائيل معقد، وفيه الكثير من التفاصيل. ومع ذلك كله؛ فإن الموقف الأميركي من دعم الحكومة السورية واضح، بالانفتاح السياسي والاعتراف ورفع العقوبات، وهذا الدعم وإن كان مشروطًا إلا أنه يحفز الرئيس الشرع وفريقه ويساعده في تحقيق الشروط والضوابط الأميركية. في المقابل لا تخفي الإدارة الأميركية أنها تراقب من كثب، وأنها تختبر باستمرار أداء السلطة الخاضع للتقييم في كل خطوة تخطوها، وأن على السلطة في دمشق أن تعزز الحكم الشامل وتبتعد عن الإقصاء والتهميش، وأن تنهي التطرف وتحارب الجماعات المتطرفة، فضلًا عن إظهار موقف عملي وواضح من قضايا حساسة في مقدمتها موضوع المقاتلين الأجانب في سوريا. تقول الإدارة الأميركية ما قالته دول الاتحاد الأوروبي قبلها: إن رفع العقوبات خاضع للتقييم المستمر، والعقوبات التي ترفع من الممكن أن يعاد فرضها مجددًا. يعتقد أن رفع العقوبات بشكل سريع عن سوريا هو تحفيز وتشجيع ودعم، لكنه من جانب آخر يضع الكرة في ملعب السلطة السورية، فلسان حال الغرب الأوروبي والأميركي يقول: لقد أعطيت السلطة السورية الفرصة الكاملة لإنجاح عملية الانتقال السياسي في البلاد، ولا يمكنها أن تتذرع بأي عذر إذا ما أخفقت في أي خطوة تخطوها. وعليه فإن رفع العقوبات سيكون فرصة ومسؤولية، وسيفتح الأبواب ويفرض الاستحقاقات، ولن تكون الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون فقط هم الداعمون والمراقبون والمُسائِلون، بل إن الشركاء الإقليميين سيكون لهم دور في ذلك، وفي مقدمتهم تركيا والسعودية.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
حتى لا يغضب ترامب.. نتنياهو يقبل بهدنة تعزز سلطته وتمكنه من العودة للحرب
يبدو توجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية – لوقف إطلاق نار مؤقت في قطاع غزة واضحا أكثر من أي وقت مضى بعدما تمكّن من تأمين مستقبله السياسي إلى حد كبير، وفقا لما يراه محللون ومراقبون. بعض هؤلاء المحللين، ومن ضمنهم الكاتب والمحلل الإسرائيلي يوآف شتيرن، يرون أن تغير موقف نتنياهو من الحرب هو الذي دفع باتجاه الاتفاق، وهو يعزو هذا التغيير لضمان نتنياهو عدم خسارته الانتخابات المقبلة بعد حربه مع إيران. "ومن ثم فهو مستعد لوقف الحرب حتى لو كان الثمن حل الحكومة"، لأنه يخشى غضب الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، ويبحث أيضا عن مزيد من الهدايا السياسية التي قد تتمثل في إنهاء محاكمته وتوسيع اتفاقيات أبراهام. وكان ترامب الذي يستعد بعد أيام لاستقبال نتنياهو في البيت الأبيض، قد تحدث مؤخرا عن إمكانية التوصل لاتفاق لوقف الحرب خلال الأسبوع المقبل. ليس ذلك فحسب، بل إن البعض يرى أن نتنياهو يحاول دفع وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير لحل الحكومة حتى يحمله مسؤولية الفشل في القضاء على حماس بزعم أنه تسبب في حل الائتلاف قبل الانتهاء من تحقيق أهداف الحرب. ولعل ما يعزز فرضيات أن تغييرا ما ستشهده منطقة الشرق الأوسط هو تصريحات الخارجية الأميركية الأخيرة، التي قالت فيها إن الشرق الأوسط تغير جذريا وإلى الأبد، وإن ترامب يحاول عدم إضاعة الفرص. كما أن تغييرا في موقف الحكومة الإسرائيلية تجاه الحرب على غزة يمكن رصده من خلال تأكيدات مسؤول أميركي لـ"فايننشال تايمز" أن وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر -الذي يزور واشنطن حاليا- أبدى استعداد تل أبيب لبحث آلية توزيع المساعدات خلال الهدنة المحتملة وخطوط انسحاب القوات الإسرائيلية دون إنهاء الحرب بشكل كامل. وفي السياق نفسه، نقل موقع "أكسيوس" عن مصادر أن واشنطن ستدعم تمديد الاتفاق حتى لو لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بعد 60 يوما المقترحة، إذا كانت هناك مفاوضات جادة. وتنسجم كل هذه المواقف مع ما ذكرته شبكة "سي بي إس" الأميركية بأن حكومة نتنياهو تدعم وقف إطلاق النار وليس وقف الحرب تماما، وأنها لم تلتزم بالاتفاق المطروح حتى الآن، رغم إعلان ترامب قبول إسرائيل بالمقترح المطروح، وأنه سيعمل مع الجميع لإنهاء الحرب. ويبدو أن التغييرات التي شهدتها المنطقة أخيرا، وتوجيه ضربات موجعة لخصوم إسرائيل التقليديين، وتزايد المطالب الدولية بوقف الحرب في قطاع غزة، والتهديد بتجريم إسرائيل، قد فتحت الكثير من النوافذ للتوصل إلى اتفاق، كما يقول الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة. وإذا لم يلتقط نتنياهو طوق النجاة الذي يمده له ترامب الآن، فإنه سيكون قادرا على العودة للحرب مجددا واتهام حماس بإفشال الهدنة، كما فعل في الهدنة السابقة. بالنسبة للإسرائيليين، فإنهم لا يعرفون ما الذي سيحدث بعد هدنة 60 يوما لأنه لا شيء تغير عن السابق سوى موقف نتنياهو الذي يتهمه كثيرون بأنه لا يعنيه مقتل الجنود في غزة طالما أن ذلك يخدم مصالحه. إعادة تموضع ومن وجهة نظر كثيرين، فإن حديث ترامب وصدور إشارات إيجابية من جانب إسرائيل بإمكانية التوصل لاتفاق هدنة ليس بالأمر الجديد، بل إنه تكرر مرات عدة بعد فشل الهدنة الأخيرة التي استمرت شهرين، وعادت إسرائيل بعدها لتمعن في إبادة الغزيين قتلا وتجويعا، مما دفع كثيرين لعدم التفاؤل بحدوث الهدنة الوشيكة التي تتحدث عنها واشنطن ويتردد صداها في تل أبيب. ولا يتردد البعض في اتهام نتنياهو هذه المرة أيضا بالمراوغة وكسب الوقت، وهو الذي تعمد في وقت سابق تسريب حديثه عن أن وجود أسرى إسرائيليين في القطاع هو الشيء الوحيد الذي حال دون محوه تماما، وفق الخبير في الشأن الإسرائيلي مهند جبارين. ومن هذا المنطلق، يرى مهند جبارين أن نتنياهو لم يتخل عن هدف محو غزة وهو يحاول في سبيل ذلك محو كل الأسباب التي أدت للسابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، "ولعل هذا ما يفسر تمسك نتنياهو بلغة القتال حتى وهو يتحدث عن المفاوضات لأنه لا يريد أيضا الظهور أمام شعبه بمظهر الضعيف أمام الولايات المتحدة التي تحاول توفير مخرج آمن له من غزة". ولأنه لا أحد يعرف ما الذي يخطط له نتنياهو -يقول جبارين- فإنه يحاول على الأرجح إعادة التموضع خلال الهدنة المرتقبة حتى يمكنه مواصلة العمل على إنهاء حماس بالقوة. من وجهة نظر عسكرية، فإن العودة للحرب بعد شهرين ستمكن نتنياهو من إعادة ترميم الجيش المنهك في غزة والذي وصل مجددا لمرحلة المراوحة في المكان. ويقول الخبير العسكري والإستراتيجي إلياس حنا إنه بالنظر إلى الفشل الكبير الذي أظهره الجيش الإسرائيلي خلال الحرب والذي يعود بالأساس للعلاقة المرتبكة بين المؤسستين السياسية والعسكرية، فإن إسرائيل ستبحث الآن عن خروج مشرف من القطاع أو عن صياغة أهداف جديدة للحرب. ومن المرجح أن تسعى إسرائيل خلال هدنة 60 يوما لاستغلال الذخائر والمعدات العسكرية التي زودتها بها الولايات المتحدة مؤخرا، في ترميم جيشها ووضع إستراتيجية جديدة للحرب. ورغم الفوارق الإستراتيجية بين رؤيتي رئيس الأركان الحالي إيال زامير ونظيره السابق هرتسي هاليفي لطريقة القتال في غزة، فإن كلا الرجلين لم يتمكن من تحقيق النصر المطلق الذي نادى به نتنياهو، رغم مرور 21 شهرا على الحرب. أما التحدي الأبرز أمام المقاومة الفلسطينية فهو يتمثل في المقدرة على التوصل لاتفاق ينهي الحرب تماما ولا يمنح الاحتلال فرصة التنصل منه، دون أن تتهم بإفشال المفاوضات في وقت يدفع فيه الفلسطينيون ثمن كل ساعة تمر من دمهم.