
د. محمد عبد الحميد الرمامنة : جيل ألفا بين التحديات والفرص: سردية جديدة للتربية والقيادة
تتسارع التكنولوجيا بوتيرة مبهرة، يجد جيل ألفا نفسه محاطًا بالشاشات منذ لحظاته الأولى، فيعيش طفولته محاطًا بالمحتوى الرقمي ويكتسب مهاراته الأولى عبر التطبيقات والألعاب والأجهزة الذكية، يقصد بجيل الفا الأطفال الذين وُلدوا تقريبًا بعد عام 2010، يملكون قدرات إدراكية عالية وتصورات واسعة عن العالم، لكنهم في الوقت نفسه عرضة لتحديات نفسية واجتماعية غير مسبوقة، فهم يواجهون ضغطًا كبيرًا من الإغراق في المعلومات، ويختبرون المقارنات المستمرة عبر وسائل التواصل، ما قد يعرضهم لمشكلات نفسية مثل القلق وصعوبات في الانتباه، وهي ظواهر وثقتها دراسات حديثة، مما يستدعي أن نفكر بعمق في كيفية تربيتهم وتوجيههم وإعدادهم ليكونوا قادة متوازنين في المستقبل.
يكاد لا يختلف اثنان على أن جيل ألفا يتمتع بقدرات تكنولوجية تثير الإعجاب، فهو قادر على التعامل مع الأجهزة الذكية بمرونة مذهلة منذ سنواته الأولى، لكن في المقابل، توضح أبحاث منشورة في مجلة (JAMA Pediatrics) أن التعرض المفرط للشاشات يرتبط بزيادة أعراض التشتت وصعوبة التركيز، وضعف مهارات التنظيم العاطفي، كما أن تعرض الطفل المستمر لمحتوى وسائل التواصل يضعه تحت ضغط المقارنات الدائمة، ويؤثر على ثقته بنفسه وإحساسه بهويته، كل هذه العوامل تجعلنا أمام مسؤولية تربوية كبيرة، تتطلب وعيًا مختلفًا، وحوارًا أكثر عمقًا، لنمنح أبناءنا توازنًا نفسيًا واجتماعيًا يليق بكونهم قادة المستقبل.
ما زالت العديد من المدارس في مجتمعنا تعتمد أنماط التعليم التقليدي التي تركز على الحفظ والتلقين، رغم أن جيل ألفا بطبيعته يميل للتجربة والاكتشاف والتفاعل الحر، ومع ذلك، بدأت بعض المبادرات التربوية تعتمد التعلم النشط وأساليب التمايز بين قدرات الطلبة، وحققت نتائج مشجعة في تنمية التفكير النقدي والتحصيل الأكاديمي، إن نجاح هذه الجهود يبقى مرهونًا بتعاون حقيقي مع الأسرة، لأن بيئة الطفل في البيت هي الأساس الذي يساند المدرسة ويعزز استمرارية التعلم، خاصة أن تأثير الأهل المباشر يظل أقوى من أي برنامج أو منهج مهما كانت جودته.
الأسرة هي المهد الأول الذي يشكل فيه الطفل شخصيته وقيمه، وهي الركيزة التي لا غنى عنها في دعم جيل ألفا، خصوصًا في ظل العوالم الرقمية التي يتنقل فيها بحرية، إن تفاعل الأهل مع أبنائهم، واستماعهم لهم، واحترام أفكارهم، وتوفير بيئة تشجع على الحوار المفتوح، كلها عوامل أساسية تعزز من توازنهم النفسي والاجتماعي، وليس المطلوب أن يكونوا خبراء في التكنولوجيا، بل أن يكونوا شركاء مهتمين قادرين على وضع الحدود الصحية، وتحفيز الفضول، وزرع القيم الأصيلة التي تعزز الانتماء والاحترام والمسؤولية.
جيل ألفا ليس مجرد أطفال ينشئون في زمن التكنولوجيا، بل هم بناة المستقبل الحقيقيون الذين يحملون على أكتافهم مسؤولية صنع عالم مختلف، عالم يتطلب ذكاءً عاطفيًا واجتماعيًا يوازي ذكاءهم الرقمي، إننا أمام فرصة ذهبية لنكون شركاء حقيقيين معهم، ننمي مهاراتهم، ونحتوي مخاوفهم، ونوجههم بحكمة، فنزرع فيهم القيم التي تضمن لهم قيادة واعية ومبدعة، ولنعلم أن الاستثمار في هذا الجيل هو استثمار في الغد، وكل لحظة نقضيها في تربيته وتعليمه بوعي، هي لحظة نضع فيها لبنة في بناء مستقبل مشرق لنا جميعًا.
وهذا، بلا شك، يتطلب منا تغييرًا حقيقيًا وعميقًا في طريقة تفكيرنا وأسلوب تربيتنا وتعليمنا. فلنكن مستعدين لأن نكون شركاء فعليين في رحلة نموهم، لا مجرد مراقبين من بعيد، ولنعترف بأننا في هذه المعادلة كلنا طلاب، لا مجرد معلمين.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

الدستور
منذ ساعة واحدة
- الدستور
'البلقاء التطبيقية' تستحدث برنامج البكالوريوس في التربية البدنية والصحية
السلط-ابتسام العطيات أعلنت جامعة البلقاء التطبيقية عن استحداث برنامج البكالوريوس في التربية البدنية والصحية اعتبارًا من العام الجامعي 2025/2026، وذلك في إطار جهودها المستمرة لتطوير برامجها الأكاديمية والتطبيقية وتلبية احتياجات سوق العمل في مجالات الصحة والتربية الرياضية. ويأتي إطلاق هذا البرنامج استجابةً للمتطلبات المتنامية في السوقين المحلي والإقليمي، وانسجامًا مع التوجهات العالمية في تطوير التعليم العالي، لا سيما في التخصصات التي تواكب التطور العلمي والمعرفي. ويُعد تخصص التربية البدنية والصحية من التخصصات الرائدة التي تسهم في إعداد قيادات إدارية وتدريبية مؤهلة للعمل في المجالات الرياضية والصحية. وأكد رئيس الجامعة، الأستاذ الدكتور أحمد فخري العجلوني، أن استحداث هذا البرنامج يأتي استكمالًا للنجاحات التي حققها برنامج الدبلوم المتوسط في التربية الرياضية، والذي يُعد من البرامج المتفردة على مستوى الوطن العربي والإقليم. وأوضح أن برنامج البكالوريوس الجديد سيتضمن إدماج تقنيات الذكاء الاصطناعي والأتمتة في البرامج الرياضية ، مما يسهم في إعداد خريجين قادرين على المنافسة على المستويين الإقليمي والدولي. وأضاف العجلوني أن الجامعة تسعى إلى بناء بيئة تعليمية حديثة تعتمد على التكامل بين الجانبين النظري والعملي، بما يضمن تخريج طلبة يمتلكون مهارات تؤهلهم للريادة في القطاعات الرياضية والصحية. كما أشار إلى أن البرنامج يعكس التزام الجامعة بتقديم تعليم نوعي ينسجم مع رؤية التحديث الاقتصادي وخطط تطوير الموارد البشرية في الأردن، إلى جانب مساهمته في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لا سيما الهدف الثالث المتعلق بالصحة الجيدة والرفاه (SDG 3)، والرابع الخاص بالتعليم الجيد (SDG 4). من جانبه، أكد عميد كلية السلط للعلوم الإنسانية، الأستاذ الدكتور عزيز الرحامنة، أن تخصص التربية البدنية والصحية يشهد إقبالًا متزايدًا من الطلبة، لما يوفره من فرص متعددة في سوق العمل تشمل التدريب الرياضي، وإدارة المراكز الصحية والرياضية، والأندية، فضلًا عن الإسهام في إعداد جيل يتمتع بالصحة واللياقة وفق أحدث الأساليب العلمية. وأوضح أن الكلية عملت على تجهيز المختبرات والقاعات الدراسية والملاعب بأحدث التقنيات التكنولوجية بما يواكب متطلبات التخصص ويعزز من جودة التدريب والتعليم العملي. وأشار الرحامنة إلى أن التخصص الجديد يسهم بشكل كبير في دعم الحركة الرياضية الأردنية، التي باتت تحقق إنجازات ملحوظة على المستوى العالمي في مختلف الرياضات. ويُعد تخصص التربية البدنية والصحية مجالًا دراسيًا يركّز على إعداد متخصصين في مجالات الرياضة والتربية البدنية مع تعزيز الجوانب الصحية والتدريبية، من خلال دراسة حركة الإنسان، وتعلم المهارات الأساسية في الألعاب الرياضية، إضافة إلى الجوانب النفسية والاجتماعية المرتبطة بالنشاط البدني.


الوكيل
منذ ساعة واحدة
- الوكيل
دراسة: تناول منتجات الألبان قبل النوم قد يكون سبب...
الوكيل الإخباري- اضافة اعلان قالت دراسة حديثة إن الأشخاص الذين يعانون من أعراض شديدة لحساسية "اللاكتوز"، والذي يوجد في منتجات الأجبان والألبان، يميلون إلى الإبلاغ عن كوابيس متكررة.وتناولت الدراسة، التي نُشرت نتائجها مؤخراً في مجلة Frontiers in Psychology، عادات الأكل والنوم لأكثر من ألف شخص.وقال تور نيلسن، أستاذ الطب النفسي بجامعة مونتريال والمشارك في إعداد الدراسة: "في دراسة سابقة أُجريت عام 2015، كان الناس يلقون باللوم دائماً على الجبن الذي تناولوه قبل النوم في حدوث الكوابيس. أعتقد أننا حصلنا في هذه الدراسة على إجابات أفضل حول هذا الموضوع".وشارك متطوعون في تعبئة استبيان أظهر أن أولئك الذين أفادوا بمعاناتهم من أعراض هضمية شديدة بعد تناول منتجات الألبان، هم أنفسهم الذين أبلغوا أيضاً عن كوابيس أكثر تكراراً.وشملت تلك المعاناة، وفق الدراسة، أحلاماً مزعجة متكررة، وضيقاً بعد الاستيقاظ، وآثاراً طويلة الأمد على الحالة النفسية تؤثر أحياناً على الحياة اليومية.ويرى الخبراء أن اضطرابات المعدة قد تؤثر على النوم بطرق تُلقي بظلالها على طبيعة الأحلام.وأشار الباحثون إلى أن الأطعمة التي تم تحميلها المسؤولية في الغالب عن الكوابيس كانت منتجات الألبان والحلويات.وذكرت ماري بيير سان أونغ، مديرة مركز التميز لأبحاث النوم والإيقاع الحيوي بجامعة كولومبيا، أنه "إذا كنت تعاني من مشكلات في الجهاز الهضمي، فقد تفسر هذه المشكلات الكثير من الاضطرابات التي تحصل خلال النوم، والتي قد ترتبط بأحلام غير طبيعية".أما باتريك ماكنمارا، طبيب الأعصاب في جامعة بوسطن والمتخصص في دراسة النوم والأحلام، فقال إن تناول أطعمة تحتوي على اللاكتوز قد يؤدي إلى اضطرابات في النوم تُعرف بـ"الاستيقاظات الدقيقة"، وهي لحظات انقطاع طفيف للنوم دون استيقاظ كامل.وأضاف ماكنمارا أن هذه الاستجابات قد تجعل الكوابيس تبدو أكثر حدة وقوة، حسبما نقل موقع "يو بي آي" للأنباء.ومع ذلك، حذر الخبراء من أن الدراسة لا تُثبت أن منتجات الألبان تسبب الكوابيس بشكل مباشر، إذ يمكن أن تكون هناك عوامل أخرى غير معروفة تؤدي إلى هذه الظاهرة.ويأمل الباحثون في اختبار مجموعات أخرى من الناس في المستقبل للحصول على رؤية أوسع وأدق.وفي هذه الأثناء، يُنصح الأشخاص الذين يشتبهون في أن منتجات الألبان تؤثر على نومهم بتقليل استهلاكها.


أخبارنا
منذ 2 ساعات
- أخبارنا
جلسة تعريفية بجائزة الحسين للعمل التطوعي للمستشفيات الخاصة
أخبارنا : نظّمت وزارة الشباب، الأحد، جلسة تعريفية بجائزة الحسين بن عبدالله الثاني للعمل التطوعي، في دورتها الثالثة، موجّهة لممثلي المستشفيات الخاصة في المملكة، بهدف تعزيز المشاركة في الجائزة وترسيخ ثقافة العمل التطوعي في القطاع الصحي. وجاءت الجلسة بحضور وزير الشباب المهندس يزن الشديفات، ورئيس جمعية المستشفيات الخاصة الدكتور فوزي الحموري، وعضوي مجلس أمناء الجائزة الدكتور محمد مطلق الحديد، والدكتورة رائدة قطب، إلى جانب عدد واسع من ممثلي المستشفيات الخاصة. وأكد الشديفات أن الجائزة تُجسّد رؤية وطنية راسخة تستند إلى توجيهات القيادة الهاشمية، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، وبدعم مباشر من سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد؛ لإبراز قصص العطاء وتحفيز الشباب على الانخراط في المبادرات التطوعية ذات الأثر الإيجابي. وأوضح أن وزارة الشباب مستمرة في تطوير الجائزة من خلال تحديث معاييرها وتعزيز أدوات التقييم لضمان أعلى درجات الشفافية والمصداقية، مشيرًا إلى أن مشاركة المستشفيات الخاصة تمثل إضافة نوعية، لما لهذا القطاع من دور إنساني واجتماعي بارز، داعيًا جميع المؤسسات الصحية إلى التقدّم للجائزة والمنافسة ضمن فئاتها المختلفة. من جانبه، أشار الدكتور الحموري إلى أن المستشفيات الخاصة تشكّل جزءًا أساسياً من منظومة العمل المجتمعي، وتتبنّى مبادرات إنسانية هادفة، من أبرزها استقبال وعلاج نحو ألفي طفل من قطاع غزة استجابة لتوجيهات جلالة الملك، إلى جانب جهود التوعية الصحية ومساعدة الأسر المحتاجة من خلال العمليات الجراحية المجانية. بدوره، أكد الدكتور الحديد أهمية دور المؤسسات الصحية في خدمة المجتمع، باعتبارها شريكاً في التوعية وبناء الثقة ونشر المعرفة، لافتًا إلى ضرورة التركيز على قضايا مجتمعية مهمة مثل مكافحة التدخين، وتدريب المواطنين على الإسعافات الأولية، بما يُعزز من قدرة المجتمع على مواجهة التحديات. من جهتها، أشارت الدكتورة قطب إلى أن العمل التطوعي جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية، داعية المستشفيات إلى تنظيم أيام طبية مجانية والمساهمة في تعزيز الشراكة مع المجتمع، مستذكرة الدور المتميز للكوادر الصحية خلال جائحة كورونا، باعتبارهم نموذجًا في الالتزام والمسؤولية المجتمعية. واختتمت الجلسة بعرض تفاعلي قدّمته سمر الداوود، استعرضت خلاله أهداف الجائزة ومجالاتها وشروط التقدم وآلية التقييم، التي تشمل أربع فئات رئيسية: العمل التطوعي الفردي، الجماعي، المؤسسي الربحي، والمؤسسي غير الربحي، داعيةً المشاركين إلى التسجيل عبر المنصة الإلكترونية الخاصة بالجائزة والاستفادة من هذه الفرصة الوطنية لترسيخ ثقافة العطاء وتكريم أصحاب الأثر. --(بترا)