logo
السلاح النووي أو حين يصبح الدمار سياسة

السلاح النووي أو حين يصبح الدمار سياسة

بديلمنذ يوم واحد
قبل الخوض في البرنامج النووي الإيراني، الذي يدور عليه اليوم الحديث والتكالب الغربي والأمريكي المشيطن، سنتحدث عن السباق النووي بالعالم، واحتكار الكيان الصهيوني للسلاح النووي والغموض الذي يلف حوله، وعن القدرات النووية الإيرانية وعمق الحديث عن ايران وبرنامجها ' المخيف' ليس للغرب الامبريالي بل لصورته الحقيقية وكيانه الوظيفي الملفق أي الغدة السرطانية التي صنعها الغرب بالمنطقة الإسلامية صنعا ' إسرائيل'، وقبل هذا كله سنتطرق، في هذه الحلقة الثالثة من حلقات الحرب الامبريالية على ايران، إلى فلسفة السلاح النووي التي تعتبر مجالا معقدا يتقاطع فيه الفكر الفلسفي بالأخلاقي والسياسي والعسكري. وبالمناسبة وجب فتح النقاش والتفكير علميا في معنى وجود السلاح النووي ومشروعيته الأخلاقية وانعكاساته على العلاقات الدولية ومستقبل البشرية ككل. كما ستتطرق هذه الحلقة عن الوضع العالمي اليوم على المستوى النووي تحت قيادة التفهاء.
فلسفة السلاح النووي مؤسسة على اعتبار هذا السلاح النووي أداة للردع وأن امتلاك دولة للسلاح النووي يمنع الدول الأخرى من مهاجمتها خوفا من انتقام مدمر. ومن هذه الزاوية يرى فلاسفة الواقعية السياسية مثل توماس هوبز أو لاحقا منظرو الواقعية في العلاقات الدولية (مثل كينيث والتز) أن الردع النووي ساهم في تجنب حروب كبرى بعد الحرب العالمية الثانية، وخصوصا الحرب المباشرة بين القوى العظمى نظرا لتواجد نوع من 'توازن الرعب' بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة.
مفارقة الردع النووي هذه تفيد أنه نجاح هذا الردع يفترض اقتناع الخصم بإمكانية استعمال السلاح النووي فعلا وأن استعماله سيتسبب حتما في كارثة أخلاقية وإنسانية، هذا التناقض يجعل منطق الردع هشا، ويطرح سؤال: هل الردع فعلا ضمانة سلام أم قنبلة موقوتة؟
وفي هذا يرى الفيلسوف مايكل والزر في كتابه 'الحروب العادلة وغير العادلة'، ومعه كثيرين، أن الضربات النووية لا يمكن تبريرها أخلاقيا لأنها لا تميز بين المدنيين والعسكريين ما يطرح سؤال عن المشروعية الأخلاقية لامتلاك السلاح النووي أصلا. كما أن فلاسفة آخرون يرون أن مجرد التهديد بالسلاح النووي بحد ذاته غير أخلاقي لأنه يقوم على الخوف والإبادة الشاملة، وأن امتلاك هذا السلاح يعكس رؤية عدمية تجاه العالم لدى مالكه، بحيث يصبح تدمير كل شيء خيارا سياسيا ممكنا لديه. وفي هذا يتحدث بعض الفلاسفة عن فكرة 'القيامة المصطنعة'، أي أن الإنسان صار يمتلك قوة تدمير مشابهة لقوة الطبيعة أو 'الإله'، مما يضع المسؤولية الأخلاقية على عاتقه أكثر من أي وقت مضى.
فإذا كان السلاح التقليدي أداة للدفاع عن الحقوق الطبيعية، فإن السلاح النووي لا يحقق هذا الهدف كما يرى جون لوك، كما أنه قد يجمد مسار التاريخ بفعل 'توازن الخوف/الرعب'، بحيث لا تعود هناك إمكانيات حقيقية لتغيير الأنظمة الاستبدادية عبر الحروب كما يرى كل من جون لوك ومفكرين مثل فرانسيس فوكوياما أو غيره.
لقد فطن العالم الفزيائي ألبير أنشتاين صاحب المعادلة العلمية الأصل (E=mc²) / (الطاقة = الكتلة × مربع سرعة الضوء) وهي المعادلة التي إمكانية تحويل الكتلة إلى طاقة هائلة، وهو المفهوم الأساسي وراء القنبلة الذرية، فطن بخطورة وعمق المشكلة على مستقبل البشرية بقوله أن 'الطاقة الذرية غيرت كل شيء، ما عدا طريقتنا في التفكير.' و 'أنا لا أعرف كيف ستكون الحرب العالمية الثالثة، لكن الحرب العالمية الرابعة ستكون بالعصي والحجارة.' لذلك أطلق بمعية الفيلسوف برتراند ومفكرين آخرين نداءات مبكرة ضد الانتشار النووي لأن السلاح النووي يهدد بقاء الإنسان نفسه.
تجذر الإشارة إلى الرواد الكبار من المفكرين عملوا حقيقة على إقناع صناع القرار بضرورة نزع شامل للسلاح النووي وتفكيه على سبيل السياسية السلمية البديلة مثل فلسفة غاندي أو ألبير كامو ونيلسون مانديلا باعتبار هذا النوع من السلاح وسيلة غير إنسانية لحل الصراعات، وهي أصوات نادت ببدائل دبلوماسية وثقافة سلام على أساس الاحترام المتبادل وحق الشعوب في تقرير مصيرها، واقتناعا بهذا التوجه أيد الزعيم التاريخي نيلسون مانديلا قرار تخلص جمهورية جنوب افريقيا طواعية من أسلحتها النووية حيث تملك ستة رؤوس وتم تفكيك البرنامج النووي لهذه الدولة سنة 1989والذي بنته بتعاون مع الكيان الصهيوني في عهد النظام البريتوري العنصري لتوقع على معاهدة عدم انتشاره سنة 1991، وإذا كان هذا الرأي السديد رأي العظماء، فأين وصل العالم اليوم نوويا بقيادة التفهاء؟
إذا كانت كل من الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الروسي والمملكة المتحدة وفرنسا والصين والهند وباكستان وكوريا الشمالية قد أعلنت امتلاكها للسلاح النووي، فإن الكيان الصهيوني الملفق اللقيط، بالرغم من كون فرنسا ساعدته على امتلاك هذا السلاح الفتاك وإجراء عدة تجارب نووية بأرض الجزائر أيام الاستعمار منذ 1960 واستمرت في تجاربها النووية الى غاية 1966 بعد استقلال الجزائر، بالرغم من ذلك لم يعلن الكيان الصهيوني قط عن امتلاكه لهذا السلاح الفتاك وبقي برنامجه النووي طي الكتمان والغموض لدرجة أن الكيان اغتال مهندسا إسرائيليا أسر بتملكه لقنبلة نووية، كما رفضت إسرائيل التوقيع على المعاهدة الحد من انتشار السلاح النووي.
في عام 2024، يذكر اتحاد العلماء الأمريكيين وجود ما يقرب من 3880 رأسا نوويا نشطا و 12119 رأسا نوويا إجماليا في العالم. وقد قدر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام في عام 2023 أن إجمالي عدد الرؤوس الحربية النووية في العالم وصلت إلى 12512، ما يقرب من 9576 رأس منها محتفظ بها في المخازن العسكرية و3844 رأس محمول على الصواريخ، و2000 رأس حربي، معظمها من روسيا والولايات المتحدة، مجهزة للإنذارات النووية العالية.
ومع دخول معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية حيز التنفيذ في عام 1970، فإذا كان الكيان الاسرائيلي ينكر لحد الآن بتوفره على السلاح النووي فقد انسحبت كوريا الشمالية من المعاهدة سنة 2003، أما جنوب إفريقيا فقد فككت أسلحتها النووية المطورة قبل الانضمام إلى معاهدة حظر الانتشار النووي، في حين أن جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق التي أعادت أسلحتها النووية إلى الاتحاد الروسي باعتباره الدولة الوريثة للاتحاد السوفياتي حين تفكك سنة 1991. هكذا أعادت كل من أوكرانيا أكثر من 1,800 رأس نووي إلى روسيا في إطار مذكرة بودابست عام 1994، مقابل ضمانات أمنية من روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا باحترام سيادتها ووحدة أراضيها، وبيلاروسيا أعادت كل الأسلحة النووية إلى روسيا بحلول عام 1996 ضمن اتفاقات التعاون مع روسيا ومعاهدة عدم الانتشار النووي، كما أعادت كازاخستان ما يزيد عن 1,400 رأس نووي استراتيجي لروسيا ما بين 1993 و1995، وانضمت لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) كدولة غير نووية.
جدير بالذكر أيضا أنه منذ فجر العصر الذري، طورت معظم الدول الحائزة للأسلحة النووية طرق تسليم أسلحتها النووية، فبينما قررت دول تسليم هذه الأسلحة إلى الغواصات المتمركزة في البحر، اتجهت بعض الدول نحو الثالوث النووي (Nuclear Triad) أي القدرات النووية الثلاث الرئيسية التي تمتلكها الدول النووية الكبرى والتي تشمل الصواريخ الباليستية العابرة للقارات (ICBMs) والقاذفات الاستراتيجية (Bombers) والغواصات النووية (SLBMs – Submarine-Launched Ballistic Missiles) التي تمتلكها كل من الولايات المتحدة وروسيا والصين التي التحق بهما كل من الهند (بشكل جزئي) وربما كوريا الشمالية أيضا.
( يتبع : الحلقة الرابعة عن موضوع احتكار الكيان الصهيوني للأسلحة النووية بالشرق الأوسط)
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب يبحث عن انتصار… في عالم مجنون
ترامب يبحث عن انتصار… في عالم مجنون

المغرب اليوم

timeمنذ 6 ساعات

  • المغرب اليوم

ترامب يبحث عن انتصار… في عالم مجنون

لم يعد من مكان للعقل والمنطق في العالم والمنطقة. يصعب إيجاد تفسير لهذا الإصرار الإيراني على الاستمرار في المواجهة مع إسرائيل. هذه مواجهة مع أميركا في وقت يبحث دونالد ترامب عن انتصار في عالم مجنون! في الواقع، خسرت إيران الحرب قبل أن تبدأ. يفترض في إيران قبول الاستسلام، لا لشيء سوى لأن الحرب التي تشنها إسرائيل، بدعم أميركي، هي استمرار لحروب بدأت مع 'طوفان الأقصى' في غزّة. خسرت إيران كلّ الحروب التي خاضتها منذ حصول 'طوفان الأقصى'. لا يمكن عزل الحرب الإيرانيّة – الإسرائيلية عن حرب غزّة التي وجدت 'الجمهوريّة الإسلاميّة'، من خلالها، فرصة لتأكيد امتلاكها لمفاتيح الحرب والسلام في المنطقة كلّها. ما كان للحرب أن تصل إلى إيران نفسها لولا أنّها لعبت في الأساس دورا في هجوم 'طوفان الأقصى' الذي شنته 'حماس' بقيادة يحيى السنوار على مستوطنات غلاف غزّة في 7 تشرين الأوّل – أكتوبر 2023. ◄ كلام عبدالله الثاني يبقى كلاما لمرحلة تهدأ فيها النفوس. في انتظار ذلك، لا مجال أمام إيران سوى التصعيد في وقت يخوض النظام فيه معركة حياة أو موت أدى الهجوم إلى مقتل نحو 1200 يهودي، معظمهم من الإسرائيليين. لا يزال هناك أسرى يهود لدى 'حماس'. يشكّل هؤلاء الورقة الأخيرة التي تمتلكها الحركة. في الحقيقة، إن الورقة التي تمتلكها 'حماس'، أي ورقة الرهائن، باتت منسية في ضوء الحرب الإيرانية – الإسرائيليّة. من هذا المنطلق، ومن أجل عدم نسيان المأساة الكبرى المتمثلة في غزّة، كان على الملك عبدالله الثاني الذهاب إلى ستراسبورغ ليقول في خطاب ألقاه قبل أيام قليلة أمام البرلمان الأوروبي إن الحرب الإيرانيّة – الإسرائيلية يجب ألا تجعل مأساة غزّة مسألة ثانوية. ليس من وصف دقيق لما يشهده العالم والمنطقة أكثر من الوصف الذي قدّمه العاهل الأردني أمام البرلمان الأوروبي. وضع عبدالله الثاني، الذي أثبتت الأحداث والتطورات العالميّة قدرته على استشفاف المستقبل، النقاط على الحروف. قام عمليا بمحاولة متواضعة لوضع العالم أمام مسؤولياته مركّزا على الدور الأوروبي والدولي في العمل من أجل السلام والعدل. يشمل ذلك، في طبيعة الحال، وضع حدّ للتصعيد بين إيران وإسرائيل حيث يرى رئيس الحكومة أن لا خيار آخر أمامه سوى متابعة خوض حروبه لضمان مستقبله السياسي. لا يعود توجه العاهل الأردني إلى أوروبا إلى قرب القارة العجوز جغرافيا من المنطقة فحسب، بل إلى وجود تجربة أوروبية لا يمكن تجاهلها أيضا. إنّها تجربة ما بعد الحرب العالميّة الثانية. قال عبدالله الثاني موجها كلامه إلى الّنواب الأوروبيين 'بعد الحرب العالمية الثانية، اختارت أوروبا إعادة البناء. ليس لمدنها فقط، بل للركائز التي تأسست عليها، إذ صممت شعوب أوروبا على ترك الماضي خلفها وبناء عصر جديد من السلام. اختار الأوروبيون الكرامة الإنسانيّة عوضا عن الهيمنة والقيم عوضا عن الانتقام، والقانون عوضا عن القوة والتعاون عوضا عن الصراع.' بغض النظر عن الجنون الإسرائيلي الذي لا حدود له، يبدو أن القيادة في إيران، على رأسها 'المرشد' علي خامنئي، مستعدة لتقديم كلّ الأعذار التي تطلبها حكومة الدولة العبرية من أجل متابعة حروبها وجعل غزّة قضيّة منسية. تؤكّد مأساة غزّة مدى استعداد إسرائيل للذهاب بعيدا في استخدام الوحشية، فيما تؤكد اللغة الخشبية التي تستخدمها طهران العجز عن فهم الواقعين الإقليمي والعالمي، بما في ذلك أن الحرب الدائرة حاليا مع إسرائيل هي حرب لا يمكن إلّا أن تنضم إليها أميركا في مرحلة معيّنة. يتمثّل كلّ ما يريده دونالد ترامب حاليا في الرغبة في أن يكون الرابح الأوّل من الانتصار الذي لا بدّ أن يتحقّق على إيران. هذا ما يفسّر الضربة الأميركية لثلاثة مواقع نووية إيرانية بينها فوردو. يبحث ترامب عن انتصار يريد حرمان نتنياهو منه! ◄ لا يمكن عزل الحرب الإيرانيّة – الإسرائيلية عن حرب غزّة التي وجدت "الجمهوريّة الإسلاميّة"، من خلالها، فرصة لتأكيد امتلاكها لمفاتيح الحرب والسلام في المنطقة كلّها في ظلّ هذه الصورة القاتمة، كانت هناك حاجة لدى العاهل الأردني لتقديم وصف دقيق لحال العالم. كان مهما، بالنسبة إليه، عدم الاكتفاء بالوصف… مهما بلغت دقته. أصرّ على تأكيد وجود' قيم تجمعنا'. أشار إلى أن العديد من هذه القيم 'متجذّرة في أدياننا: الإسلام والمسيحية واليهودية.' هذه القيم موجودة 'لتقيم الرحمة والعدل والمساواة.' كان الخطاب دعوة إلى العودة إلى القيم، كما كان صرخة رجل يتألم في ضوء المأساة التي تشهدها غزّة حيث ' إذا فشل المجتمع الدولي بالتصرف بشكل حاسم، فإننا نصبح متواطئين في تعريف معنى أن تكون إنسانا.' خلاصة الخطاب الذي ألقاه عبدالله الثاني أن الحاجة إلى البحث عن مخرج بدل الاستسلام للعنف ومنطق القوة. لذلك يؤكد العاهل الأردني المرة تلو الأخرى أنّ القوة ليست حلا وأنّ الحاجة إلى حلول سياسية قبل أي شيء آخر، خصوصا في وقت تزداد الحرب الإيرانيّة – الإسرائيلية ضراوة. هناك إدراك أردني واضح لخطورة المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة. عانت المملكة الأردنية الهاشمية دائما من السعي الإيراني إلى التدخل في الشؤون الداخلية للمملكة وإيجاد حال من عدم الاستقرار فيها. كان هناك دائما جهل إيراني بالأردن وبما يمثله وذلك على الرغم من أن كلّ المحاولات التي قامت بها 'الجمهوريّة الإسلاميّة' من أجل المسّ بالأردن باءت بالفشل. هل بقي مكان لكلام عاقل ومنطقي في ظلّ هذا الجنون الذي يشهده العالم، جنون إسرائيل وجنون إيران، وجنون الحرب الروسيّة – الأوكرانيّة على سبيل المثال وليس الحصر؟ يبقى كلام عبدالله الثاني كلاما لمرحلة تهدأ فيها النفوس. في انتظار ذلك، لا مجال أمام إيران سوى التصعيد في وقت يخوض النظام فيه معركة حياة أو موت. لا مجال أمام نتنياهو سوى خوض حروبه. لا مجال أمام دونالد ترامب سوى السعي إلى القول إنّه من انتصر على إيران وإن الفضل يعود إليه وليس إلى إسرائيل في تخليص المنطقة والعالم من برنامجها النووي ومن صواريخها ومن أذرعها.

إبادة الشعب الفلسطيني والذكرى 80 لميلاد الأمم المتحدة
إبادة الشعب الفلسطيني والذكرى 80 لميلاد الأمم المتحدة

لكم

timeمنذ 15 ساعات

  • لكم

إبادة الشعب الفلسطيني والذكرى 80 لميلاد الأمم المتحدة

مظهر فضيع ذو دلالات كثيرة لذكرى تاريخية تجاهلها العالم قبل أيام قليلة، إنها الذكرى 80 لميلاد الأمم المتحدة، في عز حروب وحشية على رأسها إبادة الشعب الفلسطيني في جزء من ترابه الذي يخضع لاحتلال وحشي فضيع، حيث ارتفعت وثيرة إبادة الشعب الفلسطيني منذ 7 أكتوبر 2023، ضدا على ميثاق الأمم المتحدة ، الذي تم التوقيع عليه في 26 يونيو 1945 في سان فرانسيسكو، بالولايات المتحدة الأمريكية، ويتضمن الميثاق شقا أساسيا للقانون الدولي الإنساني، حتى لا تتكرر فضاعات الحرب العالمية الثانية المدمرة التي توجت باستعمال القنبلة النووية لأول مرة في تاريخ البشرية. واحتفاء بهذه الذكرى، عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة مناسبة احتفالية، يوم الخميس 26 يونيو 2025 للتأكيد على أهميته التأسيسية لتحقيق السلام والتنمية وحقوق الإنسان. وشهدت الفقرة الافتتاحية كلمات كل من رئيس الجمعية العامة، والأمين العام، ورئيس مجلس الأمن، ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، ورئيس محكمة العدل الدولية. كما شهدت الفعالية عرضا موسيقيا قدمته أوركسترا أكاديمية الأمل الفنية الدولية. وكان الاجتماع بمثابة لحظة لإحياء روح سان فرانسيسكو واحتضان المُثل التي وحدت البشرية في أحلك ساعاتها، وتأكيد التزامها بتلك القيم في المستقبل. هذا على المستوى النظري، أما على أرض الواقع فإن الشعب الفلسطيني يتعرض لعدوان همجي منذ أكتوبر 2023 حيث تجاوزت أعداد قتلاه حتى الآن عشرات الآلاف أغلبيتهم أطفال دون 18 عاما، ونساء، وشيوخ وتدمير البيوت والمدارس والمدارس والجامعات والمستشفيات…. وللتذكير تم التوقيع على ميثاق الأمم المتحدة في 26 يونيو 1945 – أي قبل 80 عاما بالضبط. ولكنه لم يدخل حيز التنفيذ إلا يوم 24 أكتوبر 1945 بعد أن صدقت عليه الهيئات التشريعية للدول الموقعة. هذا الميثاق، الذي يعتبر معاهدة دولية، هو صك قانوني يلزم جميع الدول الأعضاء بالمبادئ والالتزامات المنصوص عليها فيه. وبهذه المناسبة المحتفل بها دق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (برتغالي من مواليد 30 أبريل 1949أي أربع سنوات بعد صدور ميثاق الأمم المتحدة)، ناقوس الخطر بشدة إزاء ما وصفه بـ'الاعتداءات' على الوثيقة التأسيسية للمنظمة العالمية. وقال غوتيريش 'على مدى عقود احتفلنا بنهاية الحروب بينما شهدنا بداية حروب أخرى'. وكان يشير على ما يبدو إلى الصراعات والأزمات الإنسانية والتنصل من قرارات أممية في الشرق الأوسط ( وأساسا قضية الشعب الفلسطيني) وأوكرانيا وأماكن أخرى. وقال غوتيريش أيضا 'اليوم نشهد اعتداءات على أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة بشكل لم يسبق له مثيل'. وشدد الأمين العام الأممي على أن العالم 'لا يستطيع، ولا يجب عليه، أن يتسامح مع انتهاكات' المبادئ الأساسية للميثاق. وأشار إلى 'التهديد باستخدام القوة أو استخدامها ضد الدول ذات السيادة' وانتهاكات القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان. وفي الوقت الراهن وجراء عوامل عدة هناك توجه متزايد لحل مشاكل العالم خارج إطار الأمم المتحدة. هذا لا يعني أن الأمم المتحدة لم تعد مهمة، بل لإن هذا المنحى يؤشر على أن هناك عوامل أخرى أضحت تلعب أدواراً متعددة في التعامل مع القضايا العالمية. وذلك بسبب تحول موازين القوى، جراء صعود قوى جديدة في العالم، وتفتت التكتلات السابقة قبل سقوط جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفياتي حيث تكرس سعي لتشكيل هياكل جديدة للتعاون الدولي تتجاوز الأطر التقليدية التي تمثلها الأمم المتحدة، كما تسعى بعض الدول إلى تحقيق مصالحها الوطنية بشكل مباشر من خلال التعاون الثنائي أو الإقليمي، بدلاً من التعامل معها من خلال الأمم المتحدة، مما ترتب عنه إضعاف الهيأة الأممية وجمعيتها العامة ومجلس الأمن الذي تهيمن عليه الدول الدائمة العضوية وتوفرها على حق الفيتو في مجلس الأمن يمنح الدول دائمة العضوية (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، المملكة المتحدة) القدرة على منع أو عرقلة أي قرار لمجلس الأمن، حتى لو حظي بموافقة الأغلبية. وبطبيعة الحال والمآل فإن هذا الحق/ الامتياز يثير جدلاً واسعاً، حيث يراه البعض ضروريًا للحفاظ على التوازن الدولي ومنع القرارات المتسرعة، بينما يعتبره آخرون أداة غير ديمقراطية تعرقل جهود السلام وتخدم مصالح الدول الكبرى والتحالفات المصلحية، التي تتشبت بهذا 'الحق' الذي ينبغي إلغاؤه. كما تحل ذكرى الأمم المتحدة في وقت ارتكبت فيه الولايات المتحدة الأمريكية، تحت قيادة رئيسها، المثير للجدل وللاشمئزاز، دونالد ترامب، عدوانا سافرا على دولة إيران، في تجاهل خطير لميثاق الأمم المتحدة وضوابطه، خارج كل المقتضيات المعتمدة وفي خرق فاضح للقانون الدولي بكافة أشكاله وتجلياته، وشجعه على ذلك الترهل الذي أصاب الأمم المتحدة في الزمن الراهن والاستهتار باختصاصاتها المنصوص عليها في ميثاقها منذ 1945. وللتذكيرفقطيمكنالاستشهادبواقعةالعدوانالأمريكيعلىالعراقوالتهيئةلتفعيلهناورتالدبلوماسيةالأمريكيةمنخلالكولينباول،وزيرخارجيتها،الذيقدمعروضاأماممجلسالأمنالتابعللأممالمتحدةقبلهجومعام 2003 على العراق، كلها ادعاءات كاذبة ومفبركة، حيث قدم كولين باول، في 5 فبراير 2003، عرضاً تفصيلياً لمجلس الأمن، استعرض فيه ما وصفته الولايات المتحدة، آنذاك، بأدلة على أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل وينتهك قرارات الأمم المتحدة. وقد استخدم كولين باول تسجيلات لمحادثات هاتفية بين مسؤولين عراقيين، قال إنها تثبت أن العراق كان يضلل مفتشي الأسلحة. ومع ذلك، اتضح لاحقًا أن هذه الأدلة كانت غير موثوقة، بل كاذبة، وأن قرار غزو العراق كان قد اتخِذ بالفعل قبل تقديم العرض، وتم احتلال العراق وتقسيمها وفرض نظام طائفي مازالت الشعب العراقي يعاني منه إلى يومنا هذا، وتغذية صراعات متعددة لتدمير بلد كان يتميز في العالم العربي بتدني نسبة الأمية التي لم تكن تتجاوز 2 % في حين أكد الناطق الإعلامي لوزارة التربية أن حجم الأمية في العراق، بعد الاحتلال الأمريكي وإعدام الرئيس العراقي، يبلغ ما بين 25% إلى 30%، كما احتفظت الولايات المتحدة الأمريكية بقواعد عسكرية في العراق استعملت مؤخرا في العدوان الإسرائيلي على إيران، تنضاف إلى قواعد عسكرية أمريكية وغيرها في بلدان عربية في منطقة الشرق الأوسط. إن ما حصل منذ سنوات في الشرق الأوسط وتهميش مقتضيات ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها وقرارات مجلس الأمن، التي تعد بالعشرات، لاسيما بشأن حقوق الشعب الفلسطيني وسيادة لبنان وسوريا على أجزاء من ترابها المغتصب من لدن إسرائيل وتتمثل الأهداف الشاملة للإصلاح في إعطاء الأولوية للوقاية واستدامة السلام، وتعزيز فعالية وتماسك عمليات حفظ السلام المنوطة بالأمم المتحدة في العديد من بقاع العالم.

السلاح النووي أو حين يصبح الدمار سياسة
السلاح النووي أو حين يصبح الدمار سياسة

بديل

timeمنذ يوم واحد

  • بديل

السلاح النووي أو حين يصبح الدمار سياسة

قبل الخوض في البرنامج النووي الإيراني، الذي يدور عليه اليوم الحديث والتكالب الغربي والأمريكي المشيطن، سنتحدث عن السباق النووي بالعالم، واحتكار الكيان الصهيوني للسلاح النووي والغموض الذي يلف حوله، وعن القدرات النووية الإيرانية وعمق الحديث عن ايران وبرنامجها ' المخيف' ليس للغرب الامبريالي بل لصورته الحقيقية وكيانه الوظيفي الملفق أي الغدة السرطانية التي صنعها الغرب بالمنطقة الإسلامية صنعا ' إسرائيل'، وقبل هذا كله سنتطرق، في هذه الحلقة الثالثة من حلقات الحرب الامبريالية على ايران، إلى فلسفة السلاح النووي التي تعتبر مجالا معقدا يتقاطع فيه الفكر الفلسفي بالأخلاقي والسياسي والعسكري. وبالمناسبة وجب فتح النقاش والتفكير علميا في معنى وجود السلاح النووي ومشروعيته الأخلاقية وانعكاساته على العلاقات الدولية ومستقبل البشرية ككل. كما ستتطرق هذه الحلقة عن الوضع العالمي اليوم على المستوى النووي تحت قيادة التفهاء. فلسفة السلاح النووي مؤسسة على اعتبار هذا السلاح النووي أداة للردع وأن امتلاك دولة للسلاح النووي يمنع الدول الأخرى من مهاجمتها خوفا من انتقام مدمر. ومن هذه الزاوية يرى فلاسفة الواقعية السياسية مثل توماس هوبز أو لاحقا منظرو الواقعية في العلاقات الدولية (مثل كينيث والتز) أن الردع النووي ساهم في تجنب حروب كبرى بعد الحرب العالمية الثانية، وخصوصا الحرب المباشرة بين القوى العظمى نظرا لتواجد نوع من 'توازن الرعب' بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة. مفارقة الردع النووي هذه تفيد أنه نجاح هذا الردع يفترض اقتناع الخصم بإمكانية استعمال السلاح النووي فعلا وأن استعماله سيتسبب حتما في كارثة أخلاقية وإنسانية، هذا التناقض يجعل منطق الردع هشا، ويطرح سؤال: هل الردع فعلا ضمانة سلام أم قنبلة موقوتة؟ وفي هذا يرى الفيلسوف مايكل والزر في كتابه 'الحروب العادلة وغير العادلة'، ومعه كثيرين، أن الضربات النووية لا يمكن تبريرها أخلاقيا لأنها لا تميز بين المدنيين والعسكريين ما يطرح سؤال عن المشروعية الأخلاقية لامتلاك السلاح النووي أصلا. كما أن فلاسفة آخرون يرون أن مجرد التهديد بالسلاح النووي بحد ذاته غير أخلاقي لأنه يقوم على الخوف والإبادة الشاملة، وأن امتلاك هذا السلاح يعكس رؤية عدمية تجاه العالم لدى مالكه، بحيث يصبح تدمير كل شيء خيارا سياسيا ممكنا لديه. وفي هذا يتحدث بعض الفلاسفة عن فكرة 'القيامة المصطنعة'، أي أن الإنسان صار يمتلك قوة تدمير مشابهة لقوة الطبيعة أو 'الإله'، مما يضع المسؤولية الأخلاقية على عاتقه أكثر من أي وقت مضى. فإذا كان السلاح التقليدي أداة للدفاع عن الحقوق الطبيعية، فإن السلاح النووي لا يحقق هذا الهدف كما يرى جون لوك، كما أنه قد يجمد مسار التاريخ بفعل 'توازن الخوف/الرعب'، بحيث لا تعود هناك إمكانيات حقيقية لتغيير الأنظمة الاستبدادية عبر الحروب كما يرى كل من جون لوك ومفكرين مثل فرانسيس فوكوياما أو غيره. لقد فطن العالم الفزيائي ألبير أنشتاين صاحب المعادلة العلمية الأصل (E=mc²) / (الطاقة = الكتلة × مربع سرعة الضوء) وهي المعادلة التي إمكانية تحويل الكتلة إلى طاقة هائلة، وهو المفهوم الأساسي وراء القنبلة الذرية، فطن بخطورة وعمق المشكلة على مستقبل البشرية بقوله أن 'الطاقة الذرية غيرت كل شيء، ما عدا طريقتنا في التفكير.' و 'أنا لا أعرف كيف ستكون الحرب العالمية الثالثة، لكن الحرب العالمية الرابعة ستكون بالعصي والحجارة.' لذلك أطلق بمعية الفيلسوف برتراند ومفكرين آخرين نداءات مبكرة ضد الانتشار النووي لأن السلاح النووي يهدد بقاء الإنسان نفسه. تجذر الإشارة إلى الرواد الكبار من المفكرين عملوا حقيقة على إقناع صناع القرار بضرورة نزع شامل للسلاح النووي وتفكيه على سبيل السياسية السلمية البديلة مثل فلسفة غاندي أو ألبير كامو ونيلسون مانديلا باعتبار هذا النوع من السلاح وسيلة غير إنسانية لحل الصراعات، وهي أصوات نادت ببدائل دبلوماسية وثقافة سلام على أساس الاحترام المتبادل وحق الشعوب في تقرير مصيرها، واقتناعا بهذا التوجه أيد الزعيم التاريخي نيلسون مانديلا قرار تخلص جمهورية جنوب افريقيا طواعية من أسلحتها النووية حيث تملك ستة رؤوس وتم تفكيك البرنامج النووي لهذه الدولة سنة 1989والذي بنته بتعاون مع الكيان الصهيوني في عهد النظام البريتوري العنصري لتوقع على معاهدة عدم انتشاره سنة 1991، وإذا كان هذا الرأي السديد رأي العظماء، فأين وصل العالم اليوم نوويا بقيادة التفهاء؟ إذا كانت كل من الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الروسي والمملكة المتحدة وفرنسا والصين والهند وباكستان وكوريا الشمالية قد أعلنت امتلاكها للسلاح النووي، فإن الكيان الصهيوني الملفق اللقيط، بالرغم من كون فرنسا ساعدته على امتلاك هذا السلاح الفتاك وإجراء عدة تجارب نووية بأرض الجزائر أيام الاستعمار منذ 1960 واستمرت في تجاربها النووية الى غاية 1966 بعد استقلال الجزائر، بالرغم من ذلك لم يعلن الكيان الصهيوني قط عن امتلاكه لهذا السلاح الفتاك وبقي برنامجه النووي طي الكتمان والغموض لدرجة أن الكيان اغتال مهندسا إسرائيليا أسر بتملكه لقنبلة نووية، كما رفضت إسرائيل التوقيع على المعاهدة الحد من انتشار السلاح النووي. في عام 2024، يذكر اتحاد العلماء الأمريكيين وجود ما يقرب من 3880 رأسا نوويا نشطا و 12119 رأسا نوويا إجماليا في العالم. وقد قدر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام في عام 2023 أن إجمالي عدد الرؤوس الحربية النووية في العالم وصلت إلى 12512، ما يقرب من 9576 رأس منها محتفظ بها في المخازن العسكرية و3844 رأس محمول على الصواريخ، و2000 رأس حربي، معظمها من روسيا والولايات المتحدة، مجهزة للإنذارات النووية العالية. ومع دخول معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية حيز التنفيذ في عام 1970، فإذا كان الكيان الاسرائيلي ينكر لحد الآن بتوفره على السلاح النووي فقد انسحبت كوريا الشمالية من المعاهدة سنة 2003، أما جنوب إفريقيا فقد فككت أسلحتها النووية المطورة قبل الانضمام إلى معاهدة حظر الانتشار النووي، في حين أن جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق التي أعادت أسلحتها النووية إلى الاتحاد الروسي باعتباره الدولة الوريثة للاتحاد السوفياتي حين تفكك سنة 1991. هكذا أعادت كل من أوكرانيا أكثر من 1,800 رأس نووي إلى روسيا في إطار مذكرة بودابست عام 1994، مقابل ضمانات أمنية من روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا باحترام سيادتها ووحدة أراضيها، وبيلاروسيا أعادت كل الأسلحة النووية إلى روسيا بحلول عام 1996 ضمن اتفاقات التعاون مع روسيا ومعاهدة عدم الانتشار النووي، كما أعادت كازاخستان ما يزيد عن 1,400 رأس نووي استراتيجي لروسيا ما بين 1993 و1995، وانضمت لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) كدولة غير نووية. جدير بالذكر أيضا أنه منذ فجر العصر الذري، طورت معظم الدول الحائزة للأسلحة النووية طرق تسليم أسلحتها النووية، فبينما قررت دول تسليم هذه الأسلحة إلى الغواصات المتمركزة في البحر، اتجهت بعض الدول نحو الثالوث النووي (Nuclear Triad) أي القدرات النووية الثلاث الرئيسية التي تمتلكها الدول النووية الكبرى والتي تشمل الصواريخ الباليستية العابرة للقارات (ICBMs) والقاذفات الاستراتيجية (Bombers) والغواصات النووية (SLBMs – Submarine-Launched Ballistic Missiles) التي تمتلكها كل من الولايات المتحدة وروسيا والصين التي التحق بهما كل من الهند (بشكل جزئي) وربما كوريا الشمالية أيضا. ( يتبع : الحلقة الرابعة عن موضوع احتكار الكيان الصهيوني للأسلحة النووية بالشرق الأوسط)

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store