
إيران في اليوم التالي للحرب
حرب سريعة، ذات أهداف واضحة. ضرب البرنامجين النووي والصاروخي، ومقدّرات إيران العسكرية والعلمية. لم تكن نزهة، لكنها لم ترق إلى مستوى الحسابات التي كانت تصوّر إيران قادرة على محو إسرائيل. ومع أن الخسائر مهمّة على الجبهتين، فإن ما أصاب إيران غير قابل للمقارنة بما لحق إسرائيل. لقد تجلّى التفوق الإسرائيلي منذ الساعات الأولى للحرب فجر 13 من يونيو/ حزيران الحالي.
حدّدت إسرائيل ساعة إعلان الحرب، ووقف إطلاق النار. وكما خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ليعلن الهدف من الهجوم على إيران، فإنه لم يتأخّر في إعلان أن العملية العسكرية في إيران "شارفت على تحقيق أهدافها"، والمتمثلة، بحسب قوله، في "إزالة التهديد النووي والصواريخ الباليستية الإيرانية". وكان قبول إيران الفوري بوقف إطلاق النار تعبيراً عن عدم القدرة على استيعاب الهجوم الإسرائيلي الواسع، والردّ عليه بصورة متكافئة. وقد تجلّت هنا عقلانية الحسابات الإيرانية، التي رأت أن هذا هو الخيار الوحيد المتاح أمامها، وإلا فإنها ستُجازف بمستقبل النظام.
لعبت طهران كل ما لديها من أوراق، كي لا تصل إلى الاستسلام، وقد ظهر، من أدائها العسكري، أن تعديل اتجاه الحرب مستحيل، حتى لو طال أمد الصمود. ولكنها حقّقت تقدّماً مشهوداً باستخدام منظومة صاروخية ذات قدرة تدميرية عالية. ورغم أن إسرائيل أخفت خسائرها، ولم تسمح لوسائل الإعلام بنقل صورة عن آثار الدمار، حقّق الرد الإيراني بعض النتائج، غير أنها لم تكن حاسمة، خصوصاً بعد تدخّل الولايات المتحدة، وضربها المنشآت النووية.
جاء وقف إطلاق النار حصيلة طبيعية لاستخدام القوة، التي حققت هدفها بضرب المشروع النووي والبرنامج الصاروخي. ولكن الحرب لم تنته بعد، وليس هناك أكثر من تفاهماتٍ شفوية، يمكن التراجع عنها في أي لحظة، وما هو مطروح سلسلة مطالب أميركية إسرائيلية أوروبية، أن توقّع طهران على وثيقة التخلّي عن البرنامجين، وتفكيك المنشآت الخاصة بهما، بواسطة خبراء دوليين، وبمشاركة من أميركا وأوروبا. وتجمع التصريحات الغربية على أن المفاوضات المرتقبة مع إيران لن تكون في صيغة أخذ وردّ، وإنما على شكل إملاءات، تتضمّن التزاماتٍ بعيدة المدى، تتعهّد فيها إيران بأن تتغيّر، وليس أمامها سوى أحد خيارين: أن تقبل ذلك أو تنتحر. لقد انتهى زمن اللعب في الوقت الضائع، والفرصة المطروحة أمامها اليوم أخيرة، ومن أجل الانعطاف ومواكبة الوضع في المنطقة. وهذا يعني أن عليها أن تقبل بتغييرات على النظام، تضمن استمرار المفاوضات معها من موقع ضعف، بعدما فقدت الجزء الأكبر من سلاحها، وهي تواجه حالة انقسامٍ في الشارع الإيراني، ونقمة عارمة في أوساط واسعة، عارضت على الدوام سياسات الحكم، وتأخذ عليه تبديدَه ثروات إيران في مشاريع تسلّح لم تحقق نتائج حينما تعرّض البلد لهجوم إسرائيلي.
استبعد قرار واشنطن وقف إطلاق النار خيار تصفية المرشد الأعلى، علي خامنئي، وإسقاط النظام في الوقت الراهن، وهناك خشية من تكرار تجربة العراق، لأن عواقب إسقاط النظام غير مضمونة في بلد شاسع ومتعدّد القوميات، يعاني من احتقان مديد بسبب حكم رجال الدين، وقد تؤدّي إلى فوضى تهدّد وحدة البلد الغني بالنفط والغاز والمجاور للخليج العربي، الذي يرتبط مع الولايات المتحدة وأوروبا باتفاقاتٍ اقتصادية وعسكرية وأمنية.
الكرة في ملعب طهران، وسيتوقف اتجاه مجرى الأحداث في المنطقة على مدى استيعاب القيادة الإيرانية الدروس البليغة من نهاية أوهام المشروع النووي، وحلم السيادة على الشرق الأوسط، والخليج العربي. لقد خسرت الرهانات كافة، وباتت وحدها في الميدان، بلا حليف ولا صديق، وصار عليها أن تقف أمام لحظة الحقيقة بمفردها.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 41 دقائق
- العربي الجديد
انقطاع غاز الاحتلال عن الأردن يعزز مطالب البحث عن خيارات آمنة
فتح انقطاع الغاز الطبيعي عن الأردن الذي يحصل عليه من إسرائيل في أعقاب عدوانها على إيران في الثالث عشر من يونيو/ حزيران الجاري وتبادل الضربات بين الجانبين لنحو 12 يوماً، الباب مجدداً أمام مطالبات أردنية بالبحث عن بدائل آمنة للإمدادات وإعادة النظر في اتفاقية استيراد الغاز من الكيان المحتلّ والعمل على إلغائها. وقد أوقفت إسرائيل ضخّ الغاز إلى الأردن خلال عدوانها على إيران، ما اضطر الجانب الأردني للتحول لاستخدام الوقود الثقيل لإنتاج التيار الكهربائي بكلف مرتفعة، والحصول على كميات من الغاز من مصر لإدامة توفر الكهرباء لمختلف الاستخدامات، كما أوقفت الحكومة تزويد المصانع بالغاز الطبيعي بسبب تلك الأوضاع، ليتم بعد وقف الحرب استئناف الإمدادات، وفق شركة الكهرباء الوطنية الأردنية المملوكة بالكامل للحكومة. وتعهّدت الحكومة الأردنية بتحمّل أي كلف إضافية لتوليد الكهرباء بسبب انقطاع الغاز الإسرائيلي حينها وعدم زيادة الأسعار لتغطية الفروقات المالية اللازمة لعمليات التوليد. وكانت اتفاقية الغاز مع إسرائيل قد جوبهت بمعارضة شعبية ونيابية ونقابات مهنية وأحزاب وغيرها في الأردن، للضغط باتجاه عدم توقيعها، لكن الحكومة رأت فيها مصلحةً اقتصاديةً وذهبت لإتمامها. وأكد خبراء ومختصون أهمية اعتبار ما حدث من توقف لضخ الغاز من قبل سلطات الاحتلال وقفةً لمراجعة واقع الطاقة في الأردن وتعزيزه وعدم البقاء عرضةً لاحتمالات انقطاع الغاز، وربما تعمد الكيان المحتل ذلك مستقبلاً، في إطار ممارساته غير المشروعة بشكل عام في المنطقة. الخبير في قطاع الطاقة والنفط هاشم عقل قال لـ"العربي الجديد" إنه في ظل التحديات الإقليمية والتقلبات السياسية، باتت مسألة أمن الطاقة في الأردن أولوية وطنية لا يمكن تجاهلها، خصوصاً مع تكرار انقطاعات الغاز الطبيعي، الذي يشكّل أحد الأعمدة الرئيسة في توليد الكهرباء. وبين الاعتماد على الواردات الخارجية وضعف الإنتاج المحلي، يقف الأردن أمام معادلة صعبة تتطلّب استراتيجيات مدروسة لضمان أمن التزود بالطاقة واستقرار الأسعار، وفق عقل، مشيراً إلى أن الأردن لا يزال يعتمد بشكل كبير على الغاز المستورد عبر خطوط أنابيب إقليمية، ما يجعله عرضة لمخاطر سياسية أو فنية مفاجئة. وأكد أن تنويع المصادر بات ضرورة، عبر توقيع اتفاقيات مع دول منتجة، مثل قطر أو الجزائر، إضافة إلى تعزيز استيراد الغاز المسال عبر ميناء العقبة، ما يتيح مرونة واستقلالية في إدارة الإمدادات. وأضاف أن الأردن يعوّل على تطوير حقل الريشة وزيادة إنتاجه من الغاز الطبيعي، لكن التقدم لا يزال محدوداً. وقال: "المطلوب اليوم هو تسريع أعمال التنقيب وجذب استثمارات جديدة من الشركات العالمية لتوسيع نطاق الإنتاج المحلي، ما يقلل من التبعية ويمنح الأردن قدرة تفاوضية أكبر، ومع ارتفاع كلف الوقود التقليدي، تتجه الأنظار إلى الطاقة المتجددة كمصدر آمن". طاقة التحديثات الحية الأردن يفعّل خطة طوارئ ويعلّق مؤقتاً إمدادات الغاز إلى المصانع بدوره، قال المدير العام الأسبق لشركة الكهرباء الوطنية الحكومية عبد الفتاح الدرادكة إن الأردن شهد في 13 يونيو/ حزيران واحدة من أبرز الأزمات التي تعرّض لها قطاع الطاقة خلال السنوات الأخيرة، تمثلت بانقطاع الغاز الطبيعي القادم من شرق البحر المتوسط، والذي انعكس مباشرة على كلفة إنتاج الكهرباء، وأثار العديد من التساؤلات حول مدى جاهزية النظام الكهربائي الوطني لمواجهة مثل هذه التحديات. وأضاف الدرادكة في تحليل له حول حادثة انقطاع الغاز الإسرائيلي أنه رغم التقدّم المحرَز في تنويع مصادر الطاقة، فإن هذه الأزمة جاءت لتؤكد الحاجة المُلِحّة إلى تعزيز أمن التزوّد بالطاقة، وإعادة تقييم البنية التحتية الحالية، والتسريع بتنفيذ المشاريع الاستراتيجية. وأشار إلى أن هذه الأزمة جاءت في وقت حرج، إذ كانت الباخرة العائمة الخاصة بتخزين وتغييز الغاز الطبيعي المسال (FSRU)، والتي تعتمد عليها المملكة الأردنية منذ عام 2015، قد غادرت المياه الأردنية بعد انتهاء عقد استئجارها. وكانت هذه الباخرة تُمثل ركيزة أساسية في استقبال شحنات الغاز المسال وإعادة تحويلها إلى الحالة الغازية لتغذية محطات الكهرباء، وذلك قبل سريان اتفاقية الغاز مع شركة "نوبل إنرجي" الإسرائيلية حيث أصبحت بعد ذلك ومنذ عام 2020 تمثل احتياطياً استراتيجياً لانقطاع الغاز من شرق البحر المتوسط ولغاية تاريخ انتهاء عقدها هذا العام. وأضاف الدرادكة أن غياب الباخرة الأولى قبل جاهزية البديلة والوحدة الشاطئية، خلق فجوة حرجة في سلسلة التوريد، ما ساهم في حدوث هذه الأزمة، بالتزامن مع انقطاع الغاز المستورد من البحر المتوسط. وأشار إلى أنه يجرى العمل حالياً على استئجار باخرة بديلة بنظام التأجير التمويلي لمدة عشر سنوات، بحيث تنتقل ملكيتها لاحقاً للحكومة، وفي الوقت ذاته، يتم إنشاء وحدة تغييز شاطئية في ميناء العقبة (جنوب الأردن)، من المقرر الانتهاء منها في عام 2026، لتكون البنية التحتية الأساسية الدائمة لاستقبال الغاز المسال. وبحسب التقديرات الرسمية، أدى انقطاع الغاز إلى زيادة الكلف اليومية لإنتاج الكهرباء بمعدل 1.8 مليون دينار (2.53 مليون دولار)، رغم الإجراءات السريعة التي اتخذتها والحكومة للتخفيف من الأثر، مثل استيراد نحو 100 مليون قدم مكعب يومياً من الغاز المصري، في وقت تُعاني فيه مصر نفسها من شح الغاز المحلي. طاقة التحديثات الحية الأردن يعلن استقرار الكهرباء ونجاح تحديث شبكات المياه ولعبت الطاقة المتجددة دوراً كبيراً في امتصاص حدة الأزمة، إذ بلغت مساهمتها نحو 27% من إجمالي توليد الكهرباء، إضافة إلى 16% من النفط الصخري. هذا التنوع في المصادر أسهم في تجنّب تكرار السيناريو الكارثي لعام 2011، حين انقطع الغاز المصري وكانت مساهمته تفوق 80%، ما أجبر الأردن على استخدام الديزل والوقود الثقيل، بكلفة تجاوزت عشرة أضعاف كلفة الغاز، مما تسبب حينها في خسائر يومية بلغت 4 ملايين دينار، وتراكم ديون وصلت إلى 4.75 مليارات دينار (6.69 مليارات دولار) في نهاية عام 2015. وقال الدرادكة إن هذه الأزمة كشفت عن نقاط ضعف لا يمكن تجاهلها، وأظهرت في الوقت ذاته أهمية الاستمرار في إصلاحات قطاع الطاقة. ومن أبرز الدروس المستفادة أهمية التخطيط المسبق لمرحلة انتقالية بين مغادرة الباخرة العائمة ASKEMO ووصول الباخرة الجديدة والتي ستستعمل كخزان للغاز المسال واستكمال وحدة التغييز الشاطئية. كذلك تبرز الحاجة إلى وجود احتياطي تشغيلي دائم من الوقود البديل (ديزل وزيت وقود ثقيل) في محطات التوليد ومرافق الشركة اللوجستية، وأهمية الربط الكهربائي الإقليمي، وخصوصاً مع المملكة العربية السعودية التي تمتلك قدرة إنتاجية هائلة يمكن أن تساند الأردن في حالات الطوارئ، وفق الدرادكة. وأكد أن ضمان استمرارية التيار الكهربائي ليس مجرد شأن فني أو تقني، بل هو عنصر أساسي في الأمن الوطني والاقتصادي والاجتماعي، وكلما كانت الخطط الاستراتيجية أكثر شمولاً واستباقية، كلما تمكن الأردن من مواجهة التحديات بثقة وكفاءة.


BBC عربية
منذ ساعة واحدة
- BBC عربية
لماذا ترغب بريطانيا في شراء مقاتلات F-35A؟
أعلن رئيس الوزراء البريطاني أن حكومة المملكة المتحدة ستشتري ما لا يقل عن 12 طائرة مقاتلة جديدة قادرة على حمل قنابل نووية. صرح ستارمر خلال قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في لاهاي بأن طائرات F-35A الأمريكية الجديدة ستنضم إلى مهمة الناتو النووية المحمولة جواً. لا تزال طائرات F-35A الجديدة قادرة على حمل أسلحة تقليدية، ولكن لديها خيار التزود بقنابل نووية أمريكية الصنع. تقرير مراسل بي بي سي للشؤون العلمية والتقنية محمد طه


القدس العربي
منذ 2 ساعات
- القدس العربي
قوات الاحتلال تعتقل 23 فلسطينيا من نابلس وقلقيلية والخليل بالضفة
لندن- 'القدس العربي': اعتقلت قوات الاحتلال فجر اليوم الخميس، 23 مواطنا فلسطينيا من نابلس وقلقيلية والخليل بالضفة الغربية. ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية 'وفا' عن مصادر أمنية، قولها إن قوات الاحتلال اقتحمت عدة أحياء عدة في مدينة نابلس، وداهمت عددا من المنازل وفتشتها، وعاثت فيها خرابا، واعتقلت أربعة عشر مواطنا وهم: أمير كامل سركجي من شارع السلام، وبراء رمزي دويكات من عسكر البلد، وأحمد دويكات، وموسى دويكات من بلاطة البلد، وعماد البظ من شارع عصيرة، ومطيع العالول من شارع الجامعة، وعبادة أبو سير وشقيقه جهاد، من منطقة جسر التيتي، ومجاهد طبنجة، ومهند طبنجة من منطقة خلة العامود، وأسيد النعنع من الجبل الشمالي، وعبد الله البيتاوي، ويوسف دويكات من منطقة الضاحية، ومحمد الخليلي من شارع تل. وأضافت 'وفا' أن قوات الاحتلال اعتقلت أيضا ثلاثة فلسطينيين من محافظة قلقيلية. وأفادت مصادر محلية بأن قوة من جيش الاحتلال اقتحمت مدينة قلقيلية من مدخلها الشمالي، وداهمت عدداً من المنازل، واعتقلت الفتى إبراهيم منصور والشاب نزار عدوان عقب مداهمة منزليهما وتفتيشها في حي كفر سابا بالمدينة، كما أقدم الاحتلال على تحطيم صرح الشهيدين علاء نزال وأنس قراقع في ذات الحي. وفي السياق ذاته، اقتحم الاحتلال قرية فرعتا شرق قلقيلية، واعتقل الشاب إسلام الطويل بعد مداهمة منزله والعبث بمحتوياته. وأضافت وكالة 'وفا' اعتقلت قوات الاحتلال ستة فلسطينيين وداهمت عدة منازل في محافظة الخليل. وقالت إن قوات الاحتلال اقتحمت بلدة سعير شرق الخليل واعتقلت أحمد مصري الفروخ، ووائل موسى شاكر، ومراد طلال الفروخ، كما داهمت بلدة بيت عوا جنوب غرب الخليل واعتقلت رمزي مسالمة، وداهمت عدة منازل وكسرت أبوابا وحطمت أثاث وممتلكات المواطنين. وداهمت بلدة حلول شمالا واعتقلت سامر جمال مضية، ويوسف حسن مسالمة من بلدة يطا جنوب الخليل، وفتشت منازل المعتقلين وعبثت بمحتوياتها.