
بنكيران في أكادير… هل تتحول مدينة الانبعاث إلى 'دائرة الموت' في قلب سوس ماسة
agadir24 – أكادير24
سعيد الغماز-كاتب وباحث
بعد تأطيره للقاءات عامة مع الساكنة في أكادير وأولاد برحيل، من المنتظر أن يحل بنكيران مرة أخرى في أكادير لتأطير مؤتمر المصباح الجهوي يوم السبت 05 يوليوز 2025 بمدرج الغرفة الفلاحية.
يأتي الاستعداد لتنظيم المؤتمرات الجهوية لحزب العدالة والتنمية، بعد نجاح مؤتمره الوطني التاسع. والحزب يتجه الآن نحو تعزيز ديناميته التنظيمية بتجديد هياكله، في خطوة تهدف إلى تجديد نخبه وتعزيز حضوره السياسي والانتخابي. وكغيره من الأحزاب، يسعى الحزب إلى توظيف هذه اللقاءات لإعادة ترتيب صفوفه استعدادًا للاستحقاقات المقبلة.
لكن جهة سوس ماسة، بخلاف باقي الجهات، تكتسي رمزية خاصة في المشهد السياسي الوطني، ما يجعلها محط أنظار واهتمام القيادات الحزبية على أعلى مستوى. فقد دأبت الأحزاب الكبرى على تخصيص عناية استثنائية لهذه الجهة، ويتجلى ذلك في حضور الأمناء العامين والقيادات الوطنية لتأطير الأنشطة الجهوية في أكادير وجهة سوس ماسة.
وليس من الصدفة، أن تكون مدينة أكادير وجهة سوس ماسة، تستأثر باهتمام الأمناء العامين لكثير من الأحزاب الكبرى. نبيل بن عبد الله عن حزب التقدم والاشتراكية كان حاضرا في نشاط حزبي بتزنيت، محمد أوزين عن الحركة الشعبية اجتمع بمناضلي حزبه بشتوكة، إضافة إلى قيادات بارزة من حزب الاستقلال كانت في أكادير.
كما أن عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، قام بتأطير أنشطة حزبية بكل من أكادير وأولاد برحيل، وها هو من جديد يعود لتأطير المؤتمر الجهوي لحزبه يوم 05 يوليوز.
فما سر هذا التركيز اللافت على جهة سوس ماسة؟ ولماذا تتحول أكادير إلى ساحة اختبار حقيقية للثقل السياسي للأحزاب الكبرى؟
الجواب يرتبط بشكل مباشر برئيس الحكومة الحالي، السيد عزيز أخنوش، الذي يرأس في الآن ذاته المجلس الجماعي لمدينة أكادير. فالجهة برمتها يعتبرها حزب الحمامة معقله التقليدي، وهي إحدى أبرز قلاعه الانتخابية. من هذا المنطلق، فإن أي تراجع انتخابي لأخنوش في سوس، وبالأخص في أكادير، سيُعد بمثابة ضربة موجعة لمكانته الحزبية، بل وقد يُنذر بنهاية مساره السياسي على رأس 'الحمامة'.
مدينة أكادير، وفق هذا المعطى، ومع اقتراب استحقاقات 2026، تتحول إلى ما يُشبه 'دائرة الموت' على المستوى الوطني، كما يصطلح عليه انتخابيًا. لذلك فإن المدينة، ستشهد دينامية حزبية كبيرة، وستعرف صراعا سياسيا في رقعة الجهة لكن امتداداته ستشمل ربوع المملكة الشريفة.
في هذا السياق، تبدو المعركة بين حزبي العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار أشبه بصراع استراتيجي تتداخل فيه حسابات التنمية المحلية في أكادير بالرّهانات الانتخابية الكبرى. فالمشاريع الملكية التي تشهدها المدينة – والتي غيرت وجه أكادير بشكل جذري – ستكون في قلب هذه المواجهة.
ومع غياب إنجازات بارزة تُحسب للمجلس الجماعي الحالي بقيادة أخنوش، يُرجَّح أن يلجأ حزب 'الحمامة' إلى الاستثمار الخطابي في هذه المشاريع الملكية، ومحاولة نسبها إلى أداء المجلس الحالي. وقد بدأت بالفعل بعض التسجيلات الترويجية تُحاول ربط هذه المشاريع باسم عزيز أخنوش، في مسعى لتسويق صورة مجلسه على أنه رائد في التنمية.
غير أن هذا المسعى سيصطدم بحقائق ميدانية وواقعية، إذ يدرك سكان أكادير جيدًا أن المجلس الجماعي السابق، بقيادة حزب العدالة والتنمية، هو من أشرف على إعداد برنامج التهيئة الحضرية (2020-2024)، بل وكان رئيسه هو من وقّع البرنامج أمام جلالة الملك. ما يمنح حزب المصباح ورقة قوية للدفاع عن دوره في التنمية الحضرية للمدينة، وتفنيد مزاعم خصمه السياسي.
وبينما قد يُراهن حزب الأحرار على المشاريع الملكية، لتعويض ضعف منجزاته كحزب يُسير المجلس الجماعي لمدينة الانبعاث، سيُركز العدالة والتنمية على مساءلة المجلس الحالي عن فشله في بعض الأوراش الحيوية، التي تشكل أكبر الأولويات لدى ساكنة المدينة. وعلى رأس تلك الأولويات إعادة تأهيل مستشفى الحسن الثاني، وتسريع افتتاح المستشفى الجامعي، ومعالجة مشكل مطرح النفايات والنظافة في المدينة، ومعضلة الكلاب الضالة، وظاهرة أطفال الشوارع، وغيرها من المعضلات التي استفحلت في عهد مجلس أخنوش.
المعركة السياسية المرتقبة بين 'المصباح' و'الحمامة' في جهة سوس ماسة، لن تكون مجرد منافسة انتخابية عادية، بل ستكون اختبارا حقيقيا لمدى قدرة كل حزب على إقناع المواطنين بخطابه، ومصداقية مرجعيته، ومدى ارتباطه الفعلي بقضايا الناس.
وإذا نجح حزب العدالة والتنمية في فرض رؤيته الانتخابية، وتأكيد دوره المحوري في برنامج التنمية الحضرية 2020/2024، وإذا عرف كيف يجعل من حصيلته التدبيرية خلال الولاية السابقة التي استفاد منها مجلس أخنوش كثيرا ولم يستطع تقديم الأفضل، فإن حزب التجمع الوطني للأحرار، بزعامة أخنوش، سيكون في مأزق سياسي صعب، سواء في أكادير أو على صعيد جهة سوس ماسة.
أكادير إذن، ليست فقط حاضرة اقتصادية وثقافية تتربع وسط المملكة الشريفة، بل أصبحت بوابة سياسية استراتيجية تُبنى عليها حسابات وطنية كبرى لمعظم الأحزاب. ويبدو أن من ينتصر فيها، قد يفرض نفسه في باقي الجهات، ويؤثر بشكل مباشر على التوازنات الانتخابية في الانتخابات العامة المقبلة.
فهل يمكن اعتبار أكادير الطريق الذي يمر منه الفوز باستحقاقات 2026؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أكادير 24
منذ ساعة واحدة
- أكادير 24
قصف السمارة يعيد البوليساريو إلى خانة الإرهاب.. يقظة القوات المسلحة تُجهض محاولة جديدة
agadir24 – أكادير24 تبنّت الميليشيات الانفصالية المسماة 'البوليساريو' بشكل رسمي عملية قصف مدينة السمارة مساء الخميس 27 يونيو، في بلاغ نُشر على منصاتها الدعائية، فيما أفادت مصادر ميدانية بأن طائرة مسيّرة مغربية تمكّنت من رصد مصدر القصف والرد عليه، مخلّفة مقتل جميع المشاركين في هذه العملية التي وُصفت بـ'الإرهابية الفاشلة'. وسجلت هذه المحاولة الجديدة سقوط مقذوفات قرب مقر بعثة الأمم المتحدة 'المينورسو'، ما دفع الأخيرة إلى مراسلة رسمية للأمانة العامة للأمم المتحدة بشأن خطورة القصف العشوائي في محيط منطقة دولية محمية، ما قد يشكل تهديدًا مباشرا لسلامة موظفيها ويعقد مناخ الوساطة. وأكدت مصادر مطلعة أن هذه العملية تؤكد من جديد عجز الميليشيات الانفصالية عن تحقيق أي اختراق ميداني أو تأثير فعلي على استقرار الأقاليم الجنوبية، في ظل اليقظة العالية للقوات المسلحة الملكية، والتغطية الجوية الدقيقة التي تتيح استباق أي تهديد في مهده. ويُنظر إلى هذه العمليات المتكررة التي تستهدف مناطق آهلة بالسكان على أنها تندرج ضمن استراتيجية ضغط إعلامي وسياسي تسعى من خلالها 'البوليساريو' لإعادة تدوير النزاع في المحافل الدولية، لكنها في الوقت نفسه تزيد من تعقيد المسار السياسي وتضع الجبهة في صفّ التنظيمات الإرهابية التي تستهدف المدنيين بشكل عشوائي. وتثير هذه الاستفزازات المتكررة مخاوف متزايدة بشأن احتمالات التصعيد في المنطقة، لا سيما أنها تتزامن مع سياق إقليمي متوتر وجهود دولية حثيثة لإحياء مسار الحل السياسي. وتطرح مجددًا أسئلة جوهرية حول مستقبل بعثة المينورسو وقدرتها على مواكبة المستجدات الميدانية في ظل استمرار انتهاكات وقف إطلاق النار من طرف واحد.


أكادير 24
منذ 11 ساعات
- أكادير 24
قبل النضال… تأكد من الرصيد: البوليساريو في طابور السفارة الجزائرية بانتظار التحويل البنكي!
agadir24 – أكادير24 وقف عناصر من جبهة البوليساريو، يتزعمهم من يُطلق عليه مجازًا 'وزير خارجية التنظيم'، عند بوابة السفارة الجزائرية في باريس، لا طلبًا للجوء ولا احتجاجًا على الغلاء، بل في انتظار 'المعلوم'. بطونهم تصدر أصواتًا احتجاجية، وجيوبهم مفتوحة مثل تصريحاتهم المعلّبة، ينتظرون بركات لجنة الصرف، وتحويلًا بنكيًا ينعش 'كفاحهم المسلح المؤجل' إلى حين إشعار آخر… إشعار بنكي طبعًا! مشهد عبثي يكاد يُلخّص القضية برمّتها: نضال على المقاس… بمقابل شهري وبنك دولي. رائحة 'الثورة الممولة' تفوح من خلف الجدران الدبلوماسية، حيث لا أحد يثور فعلًا، بل الجميع يتحسس جيبه ويتأكد من رصيد الحساب. أما 'الوزير المزعوم'، فقد بدا عليه الانشغال الشديد بمصير بطاقة الدفع الدولية خاصته، بينما عناصره يستفسرون القنصل –بكل جدية ثورية– عن موعد صرف التعويضات مقابل خطاباتهم التي يُعاد تدويرها منذ سبعينيات القرن الماضي. الطريف، وربما المؤلم، أن التنظيم الذي يستعد الكونغرس الأميركي لتصنيفه ضمن قائمة المنظمات الإرهابية ذات التمويل الرمزي من وكلاء إقليميين، ما زال يتصرّف وكأنه جمعية خيرية تنتظر إعانة شهر رمضان! أي كفاح هذا الذي يتوقف عند بوابة مصرف؟ وأي تحرير هذا الذي يتطلب توقيع محاسب؟ في عالم البوليساريو، النضال لا يبدأ من الخنادق، بل من الشبابيك البنكية، والجهاد الأكبر لا يمر عبر الحدود، بل عبر البريد الإلكتروني المؤكد لاستلام الحوالة. وحتى 'الانتفاضة' تبقى مرهونة… في انتظار ختم اللجنة المالية الجزائرية. ربما حان الوقت ليحصل هذا الكيان الورقي على صك 'الحقيقة المرة': أن لا أحد يمول الأوهام إلى الأبد، وأن الاستقلال لا يُمنح بالتحويلات، ولا يُشترى بتعويض الإقامة في فنادق باريس. لكن لا بأس… لننتظر، فربما يُعلن البيان الثوري القادم من 'ATM' البنك الشعبي الجزائري بدلًا من خنادق القتال.


أكادير 24
منذ 11 ساعات
- أكادير 24
إيران تحت المجهر: هل أطلقت إسرائيل شرارة حرب لا نهاية لها؟
agadir24 – أكادير24 تشير المعطيات الصادرة عن دوائر استخباراتية غربية وتصريحات لمسؤولين أمريكيين وإسرائيليين إلى أن الحرب الخاطفة التي استهدفت منشآت نووية إيرانية لم تحقق أهدافها الحاسمة. وبرغم إعلان وقف إطلاق النار، فإن معظم التقديرات ترى في ذلك هدنة مؤقتة ضمن مسار تصعيدي طويل الأمد. فقد ناقش مجلس الشيوخ الأمريكي، في جلسة إحاطة مغلقة، نتائج الضربة التي نُفذت بمشاركة إسرائيلية وأمريكية. وأجمع بعض الأعضاء، من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، على أن الأثر الميداني للعملية كان محدودًا. حيث لم يتجاوز تأخير البرنامج النووي الإيراني بضعة أشهر، بينما لم تُسجّل مؤشرات على توقف قدرات التخصيب. بدورها، تحدثت صحف غربية، منها 'تلغراف' و'نيويورك تايمز'، عن امتلاك إيران لكميات من اليورانيوم المخصب بدرجة 60%، مع إمكانية تطوير رؤوس نووية بدائية في غضون فترة وجيزة. وأعربت إسرائيل عن تخوفها من أساليب 'غير تقليدية' في نقل هذه الرؤوس، مثل شحنات بحرية أو عبر طائرات مدنية. في هذا السياق، صرّح وزير الدفاع الإسرائيلي بأن إسرائيل ستواصل العمل لضرب القدرات الباليستية الإيرانية، والحفاظ على 'السيطرة الجوية' التي اكتسبتها خلال الضربة الأخيرة. ويشمل ذلك استهداف أي تحركات لبناء أو ترميم الدفاعات الجوية الإيرانية، إلى جانب ضرب مراكز تصنيع الصواريخ والوقود الصلب. من جهة أخرى، أفادت تقارير عن نقل الولايات المتحدة جزءًا من منظوماتها الدفاعية إلى قواعد جديدة في السعودية، وتحديدًا بمدينة ينبع، في ما يبدو أنه استعداد لمرحلة ثانية من العمليات. ويُتوقع أن تشكل هذه القواعد مركزًا لوجستيًا بعيدًا عن مدى الصواريخ الإيرانية القصيرة والمتوسطة. في الداخل الإيراني، طُرح تساؤل استراتيجي مفصلي: كيف يمكن ردع جولة ثانية من الحرب؟ فبينما يتحدث البعض عن الحاجة إلى تفعيل منظومات دفاعية متعددة الطبقات بالتعاون مع الصين أو روسيا، يرى محللون أن الوقت ليس في صالح طهران. فبناء بنية تحتية عسكرية متكاملة يحتاج سنوات، بينما تبدو الجولة القادمة أقرب مما يتصور البعض. في هذا الإطار، يبرز طرح 'الردع غير التقليدي'، من خلال ما يُعرف إعلاميًا بـ'السلاح القذر'، كخيار محتمل لخلق معادلة توازن ميداني سريع، عبر التلويح بامتلاك صواريخ تحمل رؤوسًا مشعة ولو بمستوى منخفض، كوسيلة للضغط السياسي وليس بالضرورة للاستخدام العسكري الفعلي. في خضم ذلك، تتجه الأنظار إلى مواقف موسكو، التي طالبت إيران بالسماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالعودة، ما اعتُبر تراجعًا عن موقف الدعم الصريح لطهران، وطرح أسئلة جدية حول تحولات التحالفات الإقليمية والدولية في ظل هذه الأزمة. وفي ظل هذا المشهد المعقد، يبقى احتمال انفجار مواجهة جديدة واردًا بقوة، خاصة إذا ما أصرّت إسرائيل على استكمال أهدافها، واستمر الغموض حول الرد الإيراني، أو افتقدت طهران القدرة على تقديم عنصر ردع فوري وفعّال.