
أوكرانيا تقصف هدفين إستراتيجيين جنوبي موسكو وروسيا تتقدم بدونيتسك
وقال الجيش الأوكراني على تطبيق تليغرام إن منشأة الطيران في بلدة لوخوفيتسي الواقعة على بُعد حوالي 135 كيلومترا جنوب شرقي موسكو تنتج مقاتلات من طراز "ميغ".
وأضاف البيان أن الموقع الآخر الواقع بمنطقة تولا (200 كيلومتر جنوبي موسكو)، هو مكتب تصميم آلات متخصص في إنتاج الصواريخ المضادة للطائرات وأنظمة مدافع صاروخية.
وقال الجيش الأوكراني "تواصل قوات الدفاع اتخاذ جميع الخطوات لتقويض الإمكانات العسكرية والاقتصادية للمحتلين الروس وإجبار روسيا على وقف عدوانها المسلح على أوكرانيا".
وفي المعسكر المقابل، ذكرت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها أسقطت 155 مسيّرة أوكرانية منذ مساء أمس حتى صباح اليوم الجمعة، بما في ذلك 11 مسيّرة كانت متجهة لضرب أهداف في موسكو.
وقال ديمتري ميلياييف حاكم منطقة تولا على تطبيق تليغرام إن شخصا واحدا قُتل وأصيب آخر في هجوم أوكراني على المنطقة.
وتتبادل روسيا وأوكرانيا هجمات جوية متكررة على أهداف بعيدة خلف خطوط المواجهة حيث يحتدم القتال منذ نحو 3 سنوات ونصف السنة مع بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا.
ميدانيا، قالت وزارة الدفاع الروسية اليوم الجمعة إن قواتها سيطرت على قرية زيلينا دولينا في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا.
وعلى الصعيد السياسي، يعتزم المبعوث الأميركي الخاص لأوكرانيا كيث كيلوغ، التوجه إلى كييف يوم الاثنين المقبل.
وقال كيلوغ خلال مؤتمر إعادة إعمار أوكرانيا في روما اليوم، بأنه سيبقى في كييف لمدة أسبوع.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد دعا إلى إنهاء سريع للقتال في أوكرانيا، لكنه مارس بشكل أساسي ضغوطا على كييف عبر تقليص شحنات الأسلحة إليها.
وفي الآونة الأخيرة، أصبح موقف ترامب العلني تجاه موسكو أكثر انتقادا، علما أنه تعهد بالإدلاء "بتصريح مهم" حول روسيا الاثنين المقبل.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
المبعوث الأميركي يلوح بإعادة لبنان إلى "بلاد الشام"
حذر المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص توم باراك من سيطرة قوى إقليمية على لبنان في حال لم تنجح حكومته في التغلب على إشكالية سلاح حزب الله. وقال باراك -في تصريح لصحيفة "ذا ناشيونال"- إنّ لبنان بحاجة إلى حلّ هذه المشكلة، وإلاّ فقد يواجه تهديدًا وجوديًا. وجاء في هذه التصريحات "إسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى، والآن سوريا تتجلّى بسرعة كبيرة، وإذا لم يتحرّك لبنان، فسيعود إلى بلاد الشام من جديد". وكان باراك قدم مؤخرا اقتراحًا لنزع سلاح حزب الله وتطبيق إصلاحات اقتصادية، للمساعدة في انتشال هذا البلد من أزمته المالية المستمرة منذ 6 سنوات. وتصر أميركا على نزع سلاح حزب الله قبل تقديم المساعدة في إعمار لبنان، كما تربط وقف الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية على هذا البلد بنزع سلاح حزب الله. ومن جانبها، قدمت السلطات اللبنانية وثيقة تدعو لانسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي المتنازع عليها بما في ذلك مزارع شبعا، وإعادة تأكيد سيطرة الدولة على جميع الأسلحة مع التعهد بتفكيك سلاح حزب الله في جنوب لبنان. لكن إسرائيل تريد تزع سلاح حزب الله على كامل الأراضي اللبنانية. وقال المبعوث الأميركي إن الجيش اللبناني شريك محايد وموثوق في الأزمة الحالية، لكنه يواجه نقصًا حادًا في التمويل بسبب الانهيار الاقتصادي في لبنان. في ذات الوقت، أقرّ باراك بأن أي محاولة لنزع سلاح حزب الله بالكامل تهدد بإشعال حرب أهلية. وتحدث عن سيناريو يتضمن موافقة حزب الله على نزع أسلحته الثقيلة طواعيةً، بما في ذلك الصواريخ والطائرات المسيرة، وتسليمها إلى مستودعات مراقبة بموجب "آلية" تشمل الولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل والجيش اللبناني. وقال باراك إن الجيش اللبناني يفتقر إلى الموارد والقوى العاملة اللازمة للقيام بمثل هذه المهمة. وأضاف أن الولايات المتحدة تواصلت مع شركائها الخليجيين لطلب تمويل للقوات المسلحة اللبنانية. لكنه لفت إلى أن دول الخليج مترددة في الاستجابة لهذا المطلب نظرا لمخاوفها من أن تذهب هذه الأموال لحسابات النخبة السياسية في لبنان، حسب تعبيره.


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
التطهير الروسي.. كيف تغير بوتين بعد تمرد فاغنر؟
في صباحٍ ثقيل من صباحات الحرب الروسية الأوكرانية، وبينما العالم مشغول بعدّ أيام المعارك وخرائط التقدم والانسحاب، استيقظت روسيا على مشهد لا يشبه ما قبله، في 24 يونيو/حزيران 2023، تمردت مجموعة " فاغنر" شبه العسكرية التابعة لروسيا بقيادة زعيمها يفغيني بريغوجين ، في تحدٍّ مباشر للسلطة العسكرية والسياسية المركزية في موسكو. سيطرت فاغنر أولا على مدينة روستوف، كبرى مدن الجنوب الروسي، حيث تتمركز قيادة العمليات العسكرية في أوكرانيا، ثم تمدد التمرد إلى مدينة فورونيج، ولم تعد تفصل قوات بريغوجين عن العاصمة موسكو سوى ساعات قليلة. وبينما تتقدم المدرعات على طرق البلاد، بدا كأنّ روسيا تنتظر انقلابا شاملا أو حربا داخلية طاحنة. بحسب رواية فاغنر اللاحقة، لم يكن التمرد طمعا في الحكم، بل كان غضبا من قادة الجيش الذين حرموا مقاتليها من العتاد، وعرقلوا تحركاتها بتعقيدات بيروقراطية، وقصفوا مواقعها في أوكرانيا كما تقول. بيْد أن صدمة العالم لم تدم طويلا؛ فما كاد الخبر ينتشر حتى جاءت أنباء تراجع المتمردين، وسرعان ما ظهر رئيس بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو ، ليكون وسيطا في اتفاق غامض مفادُه إسقاط التهم عن بريغوجين، ومنحه اللجوء إلى بيلاروسيا، وكأن التمرد قد أُطفئ في مهده. وفي يوم 26 من الشهر نفسه، أطل بريغوجين في تسجيل صوتي أكد فيه أن ما حدث لم يكن انقلابا، بل "مسيرة احتجاجية" لحماية فاغنر، ولمحاسبة القادة العسكريين الذين تسببوا في كوارث ميدانية بأوكرانيا، بحسب وصفه. بعدها بيومين فقط، كتب المؤرخ العسكري ألكسندر بيرنز، أستاذ التاريخ بجامعة فرانسيسكان الأميركية، مقالة مطولة على منصة "War on the Rocks"، سعى فيها لقراءة تمرد فاغنر من منظور تاريخي مختلف، إذ رأى بيرنز أن ما فعله بريغوجين كان مشابها لاحتجاجات العصور الوسطى، حين كان الغضب الشعبي يُوجَّه دوما إلى الحاشية الفاسدة لا إلى الملك. فمطالب بريغوجين لم تمس بوتين، بل اقتصرت على إقالة وزير الدفاع، سيرغي شويغو ، ورئيس الأركان، فاليري غيراسيموف. وفي هذا السياق، استحضر بيرنز مقارنة لافتة مع مشهد من تاريخ إنجلترا القديم، حين ثار الفلاحون الكاثوليك عام 1536 ضد إصلاحات هنري الثامن. لم يتهموا الملك، بل ألقوا اللوم على مستشاريه. يومها، وعدهم الملك بالعفو والحوار، ثم بعد أن انفض التمرد، أمر بإعدام نحو 200 من قادته. تلك المفارقة، كما ختم بيرنز مقاله، كانت بمنزلة نبوءة سوداء. فبعد شهرين فقط، وفي أغسطس/آب 2023، سقطت طائرة كانت تقل يفغيني بريغوجين وعددا من قادة فاغنر، لتُطوى صفحة تمرده بطريقة شديدة الشبه بذلك التاريخ البعيد. فاغنر بعد بريغوجين لم تمر سوى أسابيع على سقوط الطائرة التي كانت تقل بريغوجين حتى بدأت تتشكّل ملامح ما بعد فاغنر. لم يكن موت قائدها نهاية فصل طارئ فحسب، بل بداية إعادة ترتيب دقيقة للنفوذ الذي خلّفه. تحركت الدولة الروسية بسرعة لسحب الخيوط، واحتواء الكيان الذي خرج عن الطاعة ولو ليوم واحد. وبحسب ما قاله مسؤول سابق في مجموعة فاغنر لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، فقد جرى دمج عناصر فاغنر الناشطين في أوكرانيا داخل وزارة الدفاع الروسية بعد مقتل قائدهم. أما سورشا ماكوليد، عضوة مجموعة العمل الأممية المعنية بالمرتزقة، والمحاضرة في جامعة كوبنهاغن، فقد صرحت لـ"بي بي سي" بأن فاغنر لم تعد قائمة بالصيغة التي كانت عليها، وإن كانت نسخٌ مشتتةٌ منها لا تزال تواصل العمل، لكن دون تركُّز القرار في يد رجل واحد كما كان الحال في عهد بريغوجين. ويشير مسؤولون في الاستخبارات البريطانية إلى أن بعض وحدات المشاة التابعة لفاغنر قد أُدمجت لاحقا في الحرس الوطني الروسي. أما في أفريقيا فيبدو أن الصورة تختلف قليلا، فواحدة من النقاط القليلة التي حُسمت بين بوتين وبريغوجين عقب التمرد هي الاتفاق على تركيز نشاط فاغنر في القارة السمراء. وقد تشكل هذا النشاط في شقين مترابطين في أغلب الأحيان؛ أولهما تأمين الموارد لموسكو، وثانيهما دعم الأنظمة الحليفة. ويبدو أن هذا التفاهم تحديدا هو من الاتفاقات القليلة التي ظلت قائمة بعد مقتل بريغوجين في حادثة الطائرة. وتنقل "بي بي سي" عن مصادرها أن نائب وزير الدفاع الروسي، يونس بك يفكوروف، الذي يُعد اليوم أحد أبرز أذرع الكرملين في أفريقيا، أجرى جولات دبلوماسية في عدد من العواصم الأفريقية بعد وفاة بريغوجين، لتأكيد التزام موسكو بالاستمرار في تقديم الخدمات نفسها التي كانت توفرها فاغنر دون انقطاع. وقد لاحظ المعهد البولندي للشؤون الدولية أن النشاط الروسي في أفريقيا لم يتراجع بعد التمرد، بل ازداد قوة وانتشارا. أما صحيفة "ذي إيكونوميست" البريطانية فقد أشارت إلى أنه رغم خضوع نشاط فاغنر في الداخل الروسي لسيطرة الدولة بشكل شبه كامل بعد تمرد بريغوجين ووفاته، فإن الوضع في أفريقيا مختلف، إذ لا تزال فاغنر تحتفظ بهيكلها وأسلوبها القديم هناك. ورغم أن روسيا أعلنت رسميا أنها استبدلت بها ما يسمى "فيلق أفريقيا"، التابع للجيش المركزي مباشرة، فإن الصحيفة ترى أن هذا التغيير كان شكليا ومحدودا، وأنه لم تحدث إعادة هيكلة فعلية، فما زالت فاغنر حاضرة باسمها ونفوذها في الميدان. وتتفق "بي بي سي" و"ذي إيكونوميست" على أن الوجود الأبرز لفاغنر في القارة يتمركز اليوم في جمهورية أفريقيا الوسطى. ونقلت مصادر بريطانية عن مسؤولين في وزارة الدفاع البريطانية أن فاغنر هناك ما زالت تعمل بهياكلها التقليدية، وتحت إشراف نجل بريغوجين ذاته. وتضيف "ذي إيكونوميست" أن المجموعة وسّعت من حضورها هناك، وتعمل حاليا على تطوير قاعدة عسكرية يُنتظر أن تستوعب 10 آلاف جندي بحلول عام 2030، لتكون بمنزلة المركز الرئيسي للعمليات العسكرية الروسية في القارة. كما تلفت الصحيفة النظر أيضا إلى أن ثمة تحولا نوعيا قد طرأ على فاغنر الأفريقية؛ فلم تعد ذات طابعٍ عسكري بحت كما كانت أيام بريغوجين، ولم تعد على مسافة بعيدة من الدولة الروسية، بل باتت تُوكل لها مهمات دبلوماسية في القارة نيابة عن الدولة. وبينما كان لبريغوجين سابقا حرية شبه مطلقة في التحرك والاستثمار -من تجارة الألماس إلى صناعة الجعّة- باتت المجموعةُ اليوم خاضعةً بشكل مركزي ومباشرٍ لسلطة الكرملين، وبمساحة حرية أضيق بكثير من تلك التي تمتّع بها قائدها السابق. من جهتها، نقلت وكالة الأنباء الأوكرانية "آر بي سي" عما قالت إنها تقارير استخباراتية بريطانية أن فاغنر ما زالت تحتفظ بانتشارات عسكرية مستقلة في كلٍّ من بيلاروسيا ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى. وفي قراءة تحليلية لمركز كارنيغي لروسيا وأوراسيا (مقره في برلين)، كان تمرد فاغنر إشارةً إلى خلل عميق في طريقة حكم بوتين. فرغم الصورة النمطية للزعيم الروسي بوصفه حاكما قويا بقبضة حديدية، كان بوتين، بحسب الدراسة، منشغلا بالتفاصيل الصغيرة والمناورات التكتيكية، على حساب القرارات الكبرى والاهتمام بالتوجهات الإستراتيجية والصورة الكلية. فقبل وقوع التمرد بعام، كان الصراع بين وزارة الدفاع وبريغوجين في تصاعد مستمر، ومع ذلك لم يتخذ بوتين قرارا حاسما لإنهائه، بل فضَّل المراوحة بين طرفي النزاع، حيث اعتمد من ناحية على إيمانه بولاء بريغوجين الشخصي له، وعلى إظهار الدعم لوزارة الدفاع من ناحية أخرى، تاركا الصراع يتمدد وتستفحل آثاره. لكن رغم هذا التوصيف الناقد، فإن نظرة متأنية على ما جرى بعد عامين من التمرد تكشف أن بوتين قد تمكَّن من احتواء الأزمة دون أن تلحق به خسائر كبيرة، بل ربما يكون التمرد قد دفعه إلى إعادة صياغة السياسات الحاكمة للنخبة الأمنية الروسية بشكل أعمق وأكثر انضباطا. كيف غيّر التمرد في روسيا؟ لا شك أن قصة يفغيني بريغوجين كانت فريدة في سياق المركزية الأمنية الروسية، واستثناءً نادرا من فلاديمير بوتين. لم يحدث من قبلُ أن امتلك رجل واحد هذا القدر من النفوذ العسكري والإعلامي والمالي والسياسي في موسكو، وقد مُنح كل ذلك بثقة مطلقة من بوتين، الذي كان يرى في ولاء بريغوجين الشخصي ضمانا كافيا، إلى جانب الحاجة الماسة إلى قوات فاغنر في الحرب البرية ضد أوكرانيا. يتفق مع هذه الخلاصة الباحث نيكولاي بتروف، المتخصص في الشؤون الروسية بمركز تشاتام هاوس. لكن بوتين، وفقا لبتروف، تعلّم من هذا الخطأ، فبدأ منذ ذلك الحين بفرض سيطرة مباشرة ودائمة على جميع اللاعبين داخل أركان النظام، وبدا أكثر حرصا على توزيع الموارد والمناصب استنادا إلى معيار الولاء، دون أن يُترك لأي فرد هامشٌ واسع من النفوذ. كما أجرى تغييرات واسعة في البنية العسكرية، ففي عام 2024، أقال بوتين وزير دفاعه سيرغي شويغو، وعيّن مكانه أندريه بيلوسوف ، وهو تكنوقراطي وخبير اقتصادي، في خطوة بدا فيها حذِرا من تعيين شخصيات ذات كاريزما قوية في مواقع حساسة. وتشير صحيفة "ذا جيروزاليم بوست" إلى أن بوتين، الذي بدا مهددا بشكل غير مسبوق خلال تمرد فاغنر، خرج منه أكثر استقرارا وأمانا من أي وقت مضى. أما مجلة "فورين أفيرز" الأميركية، فقد رأت في تحليلها أن تمرد بريغوجين كشف لبوتين مصدر الخطر الحقيقي على نظامه؛ ليس الشارع، بل النخبة ذاتها. ومنذ تلك اللحظة، أصبح جزء كبير من تركيز الكرملين منصبا على إدارة النخبة الروسية من الداخل، من خلال إعادة تشكيلها، واستبدال بعض رموزها، وتهميش آخرين. فبدأ بوتين بإقصاء عدد من رجال الأعمال والبيروقراطيين والشخصيات السياسية، واستبدال مُوالين أوفياء بهم. وفي فبراير/شباط 2024، أطلق بوتين، خلافا لرغبة كثير من المسؤولين، برنامجا يستهدف دمج كبار المحاربين القدامى الموالين له في مفاصل الدولة، وتَولّيهم مناصبَ سياسية وأمنية بارزة. كما شملت إجراءاتُه اعتقال سبعة جنرالات، وإقالة شخصيات وازنة داخل المؤسسة العسكرية. وفي موازاة ذلك، ومع تصاعد التحديات الاقتصادية الناتجة عن الحرب، ضاق الخناق أكثر على النخبة المالية والتجارية. فمنذ مارس/آذار 2024، بدأت الدولة في تأميم واسع النطاق طال أكثر من 411 شركة روسية وأجنبية، بقيمة تقدّر بنحو 30 مليار دولار، أي ما يعادل 5% من إجمالي رأس مال بورصة موسكو. ووفقا لـ"فورين أفيرز"، بات التأميم أداة بيد الكرملين لإجبار رواد الأعمال على التخلي عن ممتلكاتهم، من أجل منع تركز الثروة في أيدٍ قليلة، في ظل صعود خطاب "الاشتراكية الوطنية" بين حلفاء بوتين، وتصاعد الهجوم على رجال الأعمال باعتبارهم مصدر تهديد داخلي. وقد شملت هذه الحملة الملياردير فاديم موشكوفيتش، مالك أكبر تكتل زراعي في البلاد، الذي اعتقلته السلطات. كما وضعت الدولة يدها على وكالات وقطاعات إستراتيجية، مثل وكالة "رولف" للسيارات، وأكبر شركة تجزئة إلكترونية، إضافة إلى تأميم مطار دوموديدوفو في موسكو. في الوقت نفسه، وسعت مجموعة "روسكيم" المقربة من الكرملين من سيطرتها على قطاع الصناعات الكيميائية. وترى "فورين أفيرز" أن هذه التحولات، المترافقة مع الحرب وتمرد فاغنر، دفعت الدولة الروسية إلى الاقتراب أكثر من النموذج الكوري الشمالي، حيث باتت القبضة أشد، والرقابة أوسع، والتدخل الأيديولوجي أعمق. وتصف تقارير غربية كثيرة هذه المرحلة من حكم بوتين بأنها "البوتينية المتوحشة"، في إشارة إلى مستوى القمع الذي وصل، بحسبها، إلى معدلات غير مسبوقة منذ الحقبة السوفيتية. وتستشهد بعض هذه التقارير بقضية أوليغ أورلوف، الناشط الحقوقي الذي حُكم عليه بالسجن في فبراير/شباط 2024 بتهمة "كراهية القيم التقليدية"، فيما يبدو أنها تهمة عبثية للغاية. ونقل مركز "كارنيغي" في إحدى ملاحظاته أن "الجميع في روسيا اليوم لا يعرف ما الذي يحمله له الغد، وأن الاعتقال بات احتمالا قائما لأي شخص، بغض النظر عن رتبته أو موقعه". كما تشير مصادر متعددة إلى أن التدخل في القطاع التعليمي والإعلامي قد تصاعد خلال العامين الماضيين، في محاولة لصياغة جيل يتناغم مع رؤية بوتين ونظامه، من خلال المناهج، ومضامين الإعلام، وأدوات التنشئة الثقافية. لكن بصرف النظر عن النظرة الغربية التي تصف التحولات الجارية باعتبارها قمعا مفرطا، فإن المؤكد أن تمرد فاغنر لعب دورا حاسما في إعادة ضبط الدولة الروسية من داخلها. لقد أدرك بوتين بعده خطورة ترك النفوذ يتجمع في يد واحدة، مهما بدا ولاؤها، وخرج من التجربة أكثر وعيا بمكامن الضعف في نظامه، وأكثر تشددا في إحكام سيطرته على مفاصله.


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
علاقة سوريا وحرب إيران وإسرائيل بإقالة نائب وزير الخارجية الروسي
موسكو- في قرار مفاجئ وتوقيت سياسي حساس، أعفى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية من منصبه، ومن مهامه كممثل خاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ودول أفريقيا. ورغم أن بوغدانوف صرح -بعد القرار- بأن الإقالة تعود لأسباب شخصية متعلقة بسنه (73 عاما)، فإن ذلك لم يمنع من إثارة التساؤلات عن أسباب إقالته التي خلفت حيرة في الأوساط السياسية، حيث لم يتم ذكرها ولا الإعلان بعد عمن سيشغل المنصبين الشاغرين. وشغل بوغدانوف منصب الممثل الخاص للرئيس الروسي منذ أكتوبر/تشرين الأول 2014، ونائب وزير الخارجية منذ يونيو/حزيران 2011. وفي يناير/كانون الثاني 2025، مدد بوتين فترة ولاية بوغدانوف في الخدمة الدبلوماسية حتى الثاني من مارس/آذار 2026. تشكيك وأثارت هذه الإقالة تساؤلات كثيرة، بالنظر إلى أن بوغدانوف كان يوصف بالدبلوماسي المخضرم، وكانت له علاقات شخصية مع العديد من زعماء الشرق الأوسط وأفريقيا و منظمة التعاون الإسلامي ، والمنظمات الإسلامية الدولية. وشغل مناصب دبلوماسية في لبنان واليمن وإسرائيل ومصر وكان يحمل رتبة سفير فوق العادة ومفوض. ويعتقد العديد من الخبراء أنها تُشير إلى تحول في السياسة الخارجية الروسية، لا سيما في ظل التحولات العالمية والإقليمية المهمة. وعلى الرغم من أن بيان الكرملين الرسمي تحدث عن "أسباب شخصية" و"كبر السن" وراء الإقالة، فإن الشكوك ما زالت تساور بعض المراقبين، ولا سيما في ظل غياب أي تقارير عن تدهور صحته. وتتحدث بعض وسائل الإعلام الروسية عن أن خليفة بوغدانوف قد يكون السفير الروسي السابق لدى تركيا أليكسي إركوف، والذي عمل قبل ذلك مستشارا مبعوثا في السفارة الروسية بسوريا. ووفقا لها، يُعتبر إركوف من فريق الرئيس بوتين ويتمتع بالمعرفة والخبرة والذكاء الدبلوماسي اللازمين. يُشار إلى أن هذه الإقالة جاءت بعد فترة وجيزة من إقالة وزير النقل رومان ستاروفويت، الذي شغل منصبه لأكثر من عام بقليل، وانتحر في سيارته عقب الإقالة بيوم واحد. View this post on Instagram A post shared by الجزيرة (@aljazeera) حملة تطهير ويرى بعض المحللين أن رحيل بوغدانوف جزء من حملة تطهير أوسع نطاقا لكبار المسؤولين، مما قد يشير إلى نية الرئيس الروسي إعادة هيكلة المستويات العليا من جهاز الدولة. وحسب الباحث بمعهد الدراسات الإستراتيجية، إيغور زاباروجتسوف، فإن إقالة بوغدانوف لم تأت كعقوبة له، بل بداية تحول عام في السياسة الخارجية الروسية على ضوء التطورات والأحداث الأخيرة التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط، كتغير النظام في سوريا والحرب بين إيران وإسرائيل. ويضيف -في تعليق للجزيرة نت- أن الموضوع يتجاوز شخصية بوغدانوف، ويأتي في سياق إعادة صياغة السياسة الروسية في الشرق الأوسط، بحيث تراعي المعطيات الجديدة على الأرض والتي تشير غالبية مؤشراتها إلى أنها باتت على موعد من حرب واسعة النطاق في المنطقة، قد يكون أحد أشكالها تجدد المواجهة العسكرية الإيرانية الإسرائيلية ولكن بشكل أوسع نطاقا وأطول زمنا. ويؤكد الباحث زاباروجتسوف على أنه رغم إقالته من منصبه، سيحتفظ بوغدانوف بنفوذه في وزارة الخارجية على ضوء عدم وجود أي بديل له اليوم، وفي ظل علاقاته بصناع القرار بالمنطقة. أخطاء من جانبه، اعتبر الكاتب في الشؤون الروسية فياتشيسلاف يفدوكيموف أنه لا يمكن اعتبار استقالة الدبلوماسي عرضية، بالنظر إلى التطورات الجديدة في منطقة الشرق الأوسط، حيث سيتعين على خليفة بوغدانوف أن "يقطع عقدة التعقيدات والمؤامرات التي تحاك الآن حول روسيا بتحريض من واشنطن وتل أبيب". ويتابع يفدوكيموف أن خسارة سوريا، حيث كانت القواعد العسكرية الروسية متمركزة لسنوات عديدة، وكذلك الحرب بين إسرائيل وإيران، أظهرت أن الجهود الدبلوماسية الروسية كانت غير فعالة إلى حد كبير، حيث انطلقت طائرات مقاتلة ومسيّرة إسرائيلية متجهة نحو طهران من مناطق أذربيجان المحاذية لإيران، ولم تكن موسكو على علم باستعدادات تل أبيب للعمل العسكري، على حد قوله. وبعد تغير النظام في سوريا، لا تزال -وفقا له- قضية القاعدة البحرية الروسية في طرطوس دون حل، والأمر نفسه ينطبق على الحرب التي استمرت 12 يوما بين إسرائيل وإيران، حليفة موسكو، حيث برزت أخطاء في الحسابات في السياسة الخارجية. وبحسب الكاتب يفدوكيموف، فإن وزارة الخارجية الروسية لديها "طاقم عمل مكون بشكل أساسي من خريجي معهد موسكو للعلاقات الدولية، الذين شكلوا فريقا ضيق الأفق ومنحازا". وأضاف أن ذلك يتطلب ضخ "دماء جديدة" في المراكز الحساسة في الوزارة تقوم بصياغة إستراتيجية سياسية جديدة، وإصلاح الأخطاء وتجاوز "النكسات" التي أصابت السياسة الروسية في الشرق الأوسط و أفريقيا ، والانتقال نحو دبلوماسية أكثر مرونة وقابلية للتكيف وأكثر ملاءمة للصراعات الهجينة والتقلبات الجيوسياسية الحالية.