
روسيا تنفذ غارات جوية على مدن أوكرانية.. وتعلن إسقاط عشرات المسيرات
استهدفت القوات الروسية مدن عدة في أوكرانيا. وأدت غارات جوية روسية إلى مقتل شخص وإصابة آخرَين في منطقة خيرسون بجنوب أوكرانيا، وفق ما أعلنت السلطات المحلية صباح الخميس. وأفاد حاكم المنطقة أوليكساندر بروكودين على تليغرام بأن غارة روسية قتلت شخصا في قرية تافريسكي.
وأوضحت الإدارة العسكرية الإقليمية أن "قنابل موجّهة أصابت مبنى سكنيا" ما أدى إلى إصابة شخص آخر يبلغ 34 عاما كان موجودا في شقته.
وفي منطقة كورابيلني، أسفرت غارات روسية ليل الأربعاء الخميس عن إصابة امرأة في السبعينات من العمر وفق ما ذكرت بلدية خيرسون على تليغرام.
وتتعرض المدن الأوكرانية لقصف روسي بشكل يومي فيما تتقدّم القوات الروسية ميدانيا منذ أسابيع في منطقة سومي (شمال شرق أوكرانيا).
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان اليوم الخميس، أن منظومات الدفاع الجوي التابعة لها، أسقطت خلال الليل، 50 طائرة مسيرة أوكرانية، فوق عدة مناطق في البلاد.
وقال البيان "خلال الليلة الماضية، اعترضت منظومات الدفاع الجوي العاملة ودمرت 50 طائرة مسيرة أوكرانية"، حسبما ذكرت وكالة سبوتنيك الروسية للأنباء.
وأضاف البيان أنه "تم تدمير 23 منها فوق أراضي مقاطعة كورسك، و11 فوق أراضي مقاطعة روستوف، و6 فوق أراضي مقاطعة بريانسك، و3 فوق أراضي مقاطعة بيلجورود، و3 فوق أراضي مقاطعة موسكو، إصافة لطائرتين مسيرتين فوق أراضي جمهورية القرم، وطائرة مسيرة واحدة فوق كل من أراضي جمهورية موردوفيا ومقاطعة كالوغا.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، ما زالت المحادثات متوقفة رغم الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار. وتطالب موسكو كييف بالتنازل عن أربع مناطق هي خيرسون ودونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها في العام 2014، وهي مطالب تعتبرها أوكرانيا غير مقبولة.
ووقّع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأربعاء اتفاقا مع مجلس أوروبا لإنشاء محكمة خاصة لمحاكمة المسؤولين عن "جريمة العدوان ضد أوكرانيا".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ 3 ساعات
- العربية
أوكرانيا: مقتل شخصين وإصابة 14 في هجوم روسي على أوديسا
أعلنت السلطات الأوكرانية، السبت، أن شخصين قُتلا وأصيب 14 على الأقل عندما اصطدمت طائرة مسيرة روسية بمبنى سكني شاهق الارتفاع في مدينة أوديسا المطلة على البحر الأسود. وقال حاكم منطقة أوديسا، أوليه كيبر، إن هناك 3 أطفال بين المصابين في الهجوم الذي وقع خلال الليل، أحدهم في حالة خطيرة، نقلا عن "رويترز". وأظهرت لقطات فيديو نشرتها خدمة الطوارئ الحكومية، رجال الإطفاء وهم يحاولون إخماد حريق ويرشدون السكان للنزول على درج مظلم في المبنى المكون من 21 طابقا. وكثفت روسيا هجماتها بالطائرات المسيرة والصواريخ على المدن الأوكرانية في الأسابيع الماضية مع تعثر الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب المستمرة منذ ما يقرب من 3 أعوام ونصف العام. وسياسيا، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، أن روسيا مستعدة لجولة جديدة ثالثة من المفاوضات مع أوكرانيا، ويتبقى الاتفاق على المكان والموعد، نقلا عن وكالة "تاس" الروسية. وقال بوتين، خلال مؤتمر صحافي على هامش قمة إقليمية في مينسك عاصمة بيلاروسيا، إن "مناقشة مذكرات تفاهم البلدين ستكون موضوع المفاوضات مع كييف"، معرباً عن امتنانه للرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدوره في الوصول إلى تفاهمات بين الجانبين في إسطنبول تم تنفيذها. وبشأن المفاوضات مع كييف، كشف أن المذكرتين اللتين يفترض أن تتضمنا رؤية كل من روسيا وأوكرانيا حول سبل تسوية النزاع تتضمن مقترحات "متناقضة تماما". وقال بوتين "ليس في الأمر مفاجأة. إنهما مذكرتان متناقضتان تماما. ولكن يتم إجراء المفاوضات تحديدا بهدف إيجاد أرضية تفاهم". وأوضح بوتين أنه منفتح على "الاتصالات والاجتماعات بما في ذلك الرئيس الأميركي دونالد ترامب"، مؤكدا أنه يكن "احتراماً كبيراً لترامب"، ووصف جهود الرئيس الأميركي لتسوية الأزمة الأوكرانية بأنها "صادقة". وذكر الرئيس الروسي أن "روسيا وأوكرانيا ستحافظان على التواصل بينهما بعد انتهاء عمليات تبادل الأسرى وجثث الجنود". وأبدى بوتين استعدداه "لتسليم أوكرانيا 3 آلاف جثة أخرى لجنودها القتلى، بالإضافة إلى 6 آلاف جثة تم تسليمها".


العربية
منذ 4 ساعات
- العربية
البنك الدولي: 39 دولة تواجه تدهورًا اقتصاديًا خطيرًا بسبب الصراعات
حذر ا لبنك الدولي من تدهور أوضاع دول العالم الأشد معاناة بسبب الصراعات التي تزداد فتكًا وتواترًا، وذلك في أول دراسة شاملة له حول أداء 39 دولة توصف بأنها "هشة ومتأثرة بالصراعات"، منذ تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد في عام 2020. وقال أيهان كوسي، نائب كبير الخبراء الاقتصاديين في البنك الدولي: "لقد كان الركود الاقتصادي – وليس النمو – هو القاعدة في الاقتصادات المتضررة من الصراع وعدم الاستقرار". وأوضح أن الدول الـ 39، التي تمتد من جزر مارشال في المحيط الهادئ إلى موزمبيق في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، شهدت منذ عام 2020 انخفاضًا في ناتجها الاقتصادي للفرد بمعدل 1.8% سنويًا، في حين ارتفع الناتج المحلي الإجمالي في الدول النامية الأخرى بمعدل 2.9% سنويًا خلال الفترة ذاتها، وفق وكالة أسوشيتد برس. جرس الإغلاق اقتصاد عالمي البنك الدولي يخفض توقعات النمو العالمي إلى أدنى مستوى منذ 2008 ويعيش أكثر من 420 مليون شخص في الدول ذات الاقتصادات الهشة على أقل من 3 دولارات يوميًا، وهو ما يعتبره البنك الدولي دون خط الفقر، على الرغم من أن سكان هذه الدول لا يمثلون سوى أقل من 15% من سكان العالم. ويعاني الكثير منها من مشاكل طويلة الأمد مثل البنية التحتية المتهالكة، الحكومات الضعيفة، وانخفاض مستويات التعليم. إذ يحصل الناس هناك على ست سنوات فقط من التعليم في المتوسط، أي أقل بثلاث سنوات من نظرائهم في الدول الأخرى منخفضة ومتوسطة الدخل، كما أن متوسط العمر المتوقع أقصر بخمس سنوات، ومعدل وفيات الرضع أعلى بمرتين. ومن بين الدول الـ 39، هناك 21 دولة تعاني من صراعات نشطة، بما في ذلك أوكرانيا، السودان، إثيوبيا، وقطاع غزة. وأشار البنك الدولي إلى أن الدول التي تعاني من صراعات شديدة الحدة – والتي تودي بحياة أكثر من 150 شخصًا من كل مليون – تشهد انخفاضًا تراكميًا في ناتجها المحلي بنسبة 20% بعد خمس سنوات من بدء الصراع. كما أن ازدياد الصراعات أدى إلى تفاقم معدلات الجوع؛ إذ قدّر البنك الدولي أن 18% من سكان هذه الدول – أي حوالي 200 مليون شخص – "يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد"، مقابل 1% فقط في الدول الأخرى منخفضة ومتوسطة الدخل. ورغم هذا الوضع القاتم، فقد تمكنت بعض الدول من الخروج من دوامة الصراع والهشاشة الاقتصادية، مثل نيبال والبوسنة والهرسك ورواندا وسريلانكا، والتي وصفها كوسي بأنها "قصص نجاح نسبية".


الشرق الأوسط
منذ 13 ساعات
- الشرق الأوسط
الكرملين... منتصف الطريق بين طهران وتل أبيب
لم تنعكس اللهجة القوية التي أطلقها الكرملين ضد إسرائيل مباشرة بعد اندلاع الحرب الحالية، عملياً على التحركات الروسية. ولم يحمل التنديد الروسي بالهجوم الإسرائيلي على إيران، وعدّه انتهاكاً فظاً للقانون الدولي و«مرفوضاً بشكل قاطع»، انحيازاً لـ«الشريك الإيراني» في المواجهة القائمة، قد تكون له تبعات ملموسة، بقدر ما جاء تأكيداً لمواقف موسكو السابقة الرافضة لـ«السيناريو العسكري» لتسوية الخلاف حول البرنامج النووي الإيراني. لكن بدا أن الكرملين كان يتوقع هذا التطور، وأعد له العدة، على الرغم من تحذيراته المتكررة من «عواقب وخيمة» للحل العسكري، للتعامل مع الواقع الجديد في الشرق الأوسط. الرئيس فلاديمير بوتين كان الزعيم الوحيد الذي سارع فور اندلاع الحرب، إلى إجراء اتصالين مع كل من بنيامين نتنياهو ومسعود بزشكيان، ما أوضح أن موسكو فضّلت الوقوف في منتصف الطريق بين الطرفين. وبرز هذا تماماً عبر تأكيد بوتين أن تسوية الصراع القائم لا بد أن يقوم على إيجاد «توازن» واضح بين ضمان حق إيران في استخدامات الطاقة النووية للأغراض السلمية من جانب، وضمان مصالح إسرائيل وحقها في ألا تتعرّض لتهديد. وهذه اللهجة لم تكن مستخدمة كثيراً لدى الكرملين خلال السنوات الاخيرة. لقد راوحت ردود الفعل الروسية على الضربات الإسرائيلية ضد إيران، بين «القلق» من تداعيات الحدث بعد «انهيار الجهود السلمية لتسوية الملف النووي»، وتحميل إسرائيل المسؤولية عن تداعيات «رفع مستوى المخاطر» وجرّ المنطقة إلى صراع مفتوح. وسارعت أوساط في موسكو لوضع «سيناريوهات» محتملة بينها انزلاق الوضع في المنطقة نحو «مواجهة شاملة» ترمي بآثارها على بلدان الشرق الأوسط. أصدرت الخارجية الروسية بياناً شديد اللهجة أدان التحرك العسكري الإسرائيلي، وعدّه مخالفة «وانتهاكاً فظاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي». واتهمت موسكو إسرائيل بأنها «اتخذت قراراً واعياً لزيادة تصعيد التوترات ورفع مستوى المخاطر. ولقد تكرّرت التحذيرات من خطورة المغامرات العسكرية التي تهدد الاستقرار والأمن في المنطقة. وتقع مسؤولية جميع عواقب هذا الاستفزاز على عاتق القيادة الإسرائيلية». لكن هذه اللهجة الانتقادية القوية من موسكو، التي تعزّزت بعد يومين بإدانة ما وصفه الكرملين بـ«إحجام إسرائيل عن العودة إلى المسار السياسي» ترافقت مع اتهام موسكو الدول الغربية بأنها «تتحمل جزءاً من المسؤولية عن التصعيد»، لكونها أثارت «الهستيريا المعادية لإيران في مجلس محافظي الوكالة» الذي كان قد تبنى قراراً يدين طهران قبل يومين فقط من وقوع الهجوم الإسرائيلي. وبدا جلياً أن موسكو تعمل بسرعة على بلورة موقفٍ تبني على أساسه خطواتها اللاحقة. السؤال الأول الذي تردد بشأن موقف الكرملين، ركّز على مدى جدية احتمال أن تتدخل موسكو عسكرياً لصالح إيران، وبخاصة في إطار «التعامل بالمثل» مع المساعدات المهمة التي قدمتها طهران لموسكو في الحرب الأوكرانية. لكن بدا منذ اللحظة الأولى أن هذا الأمر ليس مطروحاً أصلاً ضمن حسابات الكرملين، كما أنه لا يوجد أساس قانوني لهذا التدخل. فاتفاق «الشراكة الاستراتيجية الشاملة» المُبرم مع إيران في بداية العام، لا ينص على بند حول الدفاع المشترك، خلافاً لاتفاقية مماثلة وقعتها موسكو مع كوريا الشمالية العام الماضي وانعكست نتائجها عملياً في أوكرانيا. صحيح أن الاتفاقية تؤكد «تعزيز التعاون في كل المجالات بما في ذلك العسكرية منها»، لكنها لا تلزم الطرفين بالتدخل في حال وقع اعتداء على أحدهما، مكتفية بإشارة إلى أنه «في حال تعرض أي طرف لعدوان خارجي فإن الطرف الآخر يلتزم بعدم مساعدة الأطراف المعتدية». هذا لا يقلل بطبيعة الحال من أهمية الشريك الإيراني لموسكو في عدد من الملفات الكبرى التي تربط الطرفين، لكن الكرملين بدا أنه تحسّب لهذا «السيناريو» مُسبقاً، وخلافاً لتوقعات كثيرة تردّدت في أثناء صياغة النسخة النهائية من الاتفاقية، تجنّب أي إشارة فيها إلى موضوع الدفاع المشترك. النقطة الثانية المهمة هنا، أن الحرب المشتعلة سببت حقاً نوعاً من الحرج للكرملين، وأظهرته عاجزاً عن الدفاع عن حلفائه، لكنها في المقابل فتحت فرصاً جديدة لموسكو لتعزيز موقفها مع الولايات المتحدة ومحاولة جني مكاسب من التطورات. فقبل أسبوع واحد من اندلاع الحرب أجرى الرئيسان الروسي والأميركي مكالمة هاتفية مطوّلة ركزت على الوضع حول إيران، إلى جانب تطورات الملف الأوكراني. واتضح بعد ذلك مباشرةً أن موسكو وواشنطن توصلتا إلى رأي متفق عليه: لا ينبغي لطهران امتلاك أسلحة نووية! طبعاً، هنا ظهر إغراء كبير لإطلاق تكهنات مثيرة، تصب في إطار صفقة محتملة: «ترمب أعطى أوكرانيا لبوتين مقابل إيران». لكن الأمر ليس بهذه البساطة. ليس فقط لأن سيطرة واشنطن على الوضع حول أوكرانيا محدودة بعض الشئ، بل كما أظهرت مفاوضات واشنطن وكييف حول المعادن النادرة، فإن أوكرانيا تدافع عن مصالحها الأساسية في كل الأحوال. ثانياً، هناك أيضاً دول أوروبية لها موقفها الخاص ويمكنها التأثير في الصراع، وخاصة على الموقف الأميركي. وهناك أمر ثالث أهم بكثير. فمن تابع الوضع بدقة يتذكر جيداً أن موسكو، قبل ترمب وقبل بدء الحرب الأوكرانية، كانت تعارض امتلاك إيران الأسلحة النووية. لذا لم تحدث أي تحولات جوهرية في موقف الكرملين من هذه القضية، ما يدحض الكلام عن صفقة «أوكرانيا مقابل إيران». مع هذا ـ مجرد مناقشة الموضوع الإيراني خلال مفاوضات بوتين - ترمب أمر جدير بالاهتمام. إذ أوحى أن واشنطن ربما كانت أقرب إلى التعامل مع وساطة روسية في هذا الملف، انطلاقاً - كما يقول خبراء روس - من أن ترمب «يفضل التوصل إلى خيارات على شن عمل عسكري واسع قد لا يمكن التكهن بنتائجه»، مع أنه يبدي حزماً لفظياً تجاه طهران. ولكن لم يمر وقت طويل بعد ذلك حتى اتضح أن ترمب شارك، وفق تعليقات خبراء روس وغربيين، في عملية تضليل استراتيجي لطهران. وأن الاتصالات التي أجراها وإبداءه قدراً من التعاطف مع فكرة الوساطة الروسية كانت جزءاً من ذلك التضليل. صحيح أن روسيا أعلنت أكثر من مرة في السابق رفض امتلاك إيران أسلحة نووية، لكنها دافعت طوال سنوات عن حق طهران في تطوير استخدام الطاقة الذرية للأغراض الذرية من دون إظهار حساسية - خلافاً للغرب - تجاه مخاطر تحوّل البرنامج السلمي الإيراني إلى برنامج عسكري في وقت قصير نسبياً. الموقف الروسي هذا بدا مستنداً ليس إلى مخاوف من جانب إيران نفسها بل إلى استراتيجية تقوم على رفض توسيع «النادي النووي» قبل وضع ضوابط وآليات للرقابة وتفاهمات جديدة مع الدول النووية الكبرى حول الانتشار وضبط التسلح. بعبارة أخرى تعارض موسكو فكرة إطلاق «فوضى نووية» أكثر من أن تكون معارضة لحق إيران بامتلاك السلاح النووي. واللافت وجود تيارين أو رأيين لدى الأوساط المقربة من الكرملين في هذا الشأن: الأول يرى علناً إيران شريكاً استراتيجياً لموسكو، وهذه الشراكة أظهرت مستوى جديتها في المواجهة الراهنة بين موسكو والغرب، وعليه، فتعزيز قدرات إيران لا يخيف موسكو. والثاني يحذّر من ظهور جار نووي جديد لروسيا، متقلب الأهواء نوعاً ما، قد تتغير معالم سياسته الخارجية بناء على صفقات مع الغرب. وعليه، فاحتمال إبرام اتفاق نووي جديد بين طهران وواشنطن لم يكن السيناريو الأمثل للكرملين. ومع ذلك، فإن الفشل التام للمفاوضات أمرٌ خطير أيضاً، لأن السيناريو العسكري سيؤدي حتماً إلى زعزعة استقرار إيران، وربما الوضع في عموم جوار روسيا. ومن ثمّ، تمثّل السيناريو الأمثل لموسكو في تجنب الحل العسكري وترك طهران تخوض مفاوضات طويلة الأمد من دون أي نتائج حقيقية، أو الانخراط بشكل مباشر في المفاوضات للحصول على مكاسب مهمة في حال أمكن التوصل إلى صفقة. اتفاق «الشراكة الاستراتيجية الشاملة» بين روسيا وإيران لا ينص على الدفاع المشترك قبل اندلاع الحرب، كان المزاج السائد في موسكو أن الإيرانيين والأميركيين بحاجة حالياً لمشاركة روسيا. تحتاج طهران إلى وسطاء لزيادة فرص تنفيذ الاتفاق واستبعاد احتمال انسحاب ترمب، أو الرئيس الأميركي المقبل منه مجدداً خلال بضع سنوات. لذا، من مصلحة إيران إشراك أكبر عدد ممكن من الأطراف في الاتفاق: الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والصين، وروسيا، بالإضافة إلى الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. طهران تحتاج أيضاً إلى وسطاء كمصادر للمراقبين. وإذا اقتصر الاتفاق على الأميركيين فقط، فسيتعين منحهم حق الوصول لمراقبة المنشآت النووية الإيرانية. وواشنطن تحتاج إلى مشاركة روسيا لحل المسائل الفنية. وكانت روسيا، في الاتفاق السابق، من وافق على تسلّم الوقود النووي المستهلك من إيران، وهو ما لم يكن المشاركون الآخرون مستعدين للقيام به. موسكو رأت أنه في إطار أي اتفاق سيتوجّب على إيران التخلص من فائض اليورانيوم. وبدا أن روسيا الطرف الوحيد المؤهل لتولّي هذه المهمة: أولاً، لامتلاكها القدرات التقنية اللازمة لقبوله ومعالجته. ثانياً، لأنها الخيار الذي تُصرّ عليه طهران. وفي النهاية، سيكون أسهل بكثير لإيران استعادة اليورانيوم المخصب من روسيا إذا انسحبت واشنطن من الاتفاق مجدداً. موسكو لم تغير أولوياتها تجاه هذا الموضوع مع اندلاع الحرب، بل عادت لطرح وساطتها بشكل ملحّ وأكثر من مرة عبر اتصالات أجراها بوتين مع عدد من قادة العالم. لكن المشكلة في عرض الوساطة الروسي افتقاره إلى آليات عملية، وإلى رغبة إسرائيل - والغرب عموماً - بالتعامل مع جهود موسكو. والأهم من هذين السببين، أن العرض يتناقض جوهرياً مع أهداف تل أبيب وواشنطن من هذه الحرب. أيضاً، فضلاً عن اعتراض عدد من الدول الأوروبية على فكرة الوساطة الروسية، فإن الرئيس ترمب أيضاً نصح بوتين في مكالمة هاتفية «بأن يولي اهتماماً أكبر لتسوية الصراع في أوكرانيا بدلاً من عرض جهوده للتوسط بين إيران وإسرائيل». وللعلم، الأخيرة تجاهلت أصلا كل دعوات بوتين لبذل جهود للوساطة. نقطة أخرى مهمة تضعف عرض الوساطة الروسية، هي أنه يقوم على فكرة العودة إلى التفاوض لتسوية الملف النووي، بينما الأحداث على الأرض تشير إلى انتقال واشنطن وتل أبيب إلى الحسم العسكري وتقويض البرنامج الإيراني كله. سياسياً، يسعى الكرملين، إلى تجنيب إيران مصير التفكك أو تحضير الوضع الداخلي لتغيير جذري، بعد إضعاف السلطات الإيرانية واستهداف القيادات الأساسية أمنياً وعسكرياً، وهذا أيضاً أمر لا يحظى بقبول من جانب تل أبيب وواشنطن. إن ضعف فرص الكرملين في التوسّط لإنهاء القتال لا يمنع الرئيس الروسي من تسريع وتيرة جني مكاسب بسبب اندلاع هذه الحرب. وهنا يقول خبراء إن احتمالات التفاوض على اتفاق ينهي الحرب وتقبل بموجبه إيران قيوداً أكثر صرامة على برنامجها النووي، تبدو ضئيلة للغاية بعد الهجمات الإسرائيلية. ولكن إذا استؤنفت المحادثات، قد يبرز عرض روسيا كعنصر محوري في أي اتفاق. مع هذا، المكاسب الأهم لموسكو تتحقّق بالفعل في أوكرانيا حالياً. إذ تواصل القوات الروسية تقدمها على عدد من الجبهات، وتنفذ عملياً خطتها لإنشاء منطقة عازلة على طول الشريط الحدودي وداخل العمق الأوكراني من سومي إلى خاركيف. وعملياً، تكرّس موسكو - التي تتأهب حالياً لاستكمال جولات التفاوض المباشر مع أوكرانيا - واقعاً ميدانياً جديداً يعزز موقفها ويضعف مجالات المناورة الأوكرانية ويضع كييف أمام شرط القبول بتنازلات إقليمية مؤلمة لتحقيق السلام. وبالفعل، استغلت موسكو انصراف الاهتمام الدولي إلى جبهات القتال الإسرائيلية الإيرانية لتوسيع هجماتها العسكرية بشكل نشط. ويُجادل بعض المعلقين في موسكو بأن المواجهة في الشرق الأوسط أسفرت عن تشتيت انتباه الغرب وموارده على الأرجح عن الحرب في أوكرانيا، وتُسهّل على روسيا تحقيق أهدافها الميدانية. أيضاً، استفادت موسكو من المزاج السياسي الأميركي الحالي، في تكريس عزلة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن واشنطن، وحسم موضوع المساعدات العسكرية الأميركية المحتملة لكييف. وتبين ذلك عبر إلغاء لقاء يجمع زيلينسكي بترمب على هامش «قمة السبعة الكبار» في كندا أخيراً. ورأت موسكو ان إلغاء اللقاء يعكس تحولاً مهماً لدى واشنطن. في أي حال، يرى دبلوماسيون بارزون أن التطوّرات الجارية ستدفع الرئيس ترمب إلى تعزيز تقاربه مع موسكو. كذلك، يرجّح مراقبون أن تؤدي الهجمات الإسرائيلية إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية، وستُساهم في إثراء روسيا وسط أزمتها الاقتصادية. وعلى صعيد متصل، يتوقع مراقبون أنه مهما كانت نتائج هذه الحرب، في حال لم تسفر عن تقويض النظام الإيراني، سيتكرس واقع في إيران يخدم مصالح موسكو، لجهة بقاء «الحليف» مقرباً من موسكو وتقليص فرص الانفتاح على الغرب. وللعلم، عملت موسكو بقوة على توظيف الحرب القائمة لخدمة سرديتها عن المواجهة مع الغرب. وبرزت تعليقات لمحللين مقرّبين من الكرملين حول أن الحرب الإيرانية الإسرائيلية أظهرت أن امتلاك قدرات الردع النووي أفضل ضمان ضد محاولات «تحفيز» العمليات الداخلية بالقوة العسكرية الخارجية.