
ترامب وبوتين: من العلاقة الأخوية إلى التصادم البارد
لطالما حيّرت العلاقة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين المتابعين والمحللين على حدٍّ سواء، حيث شذّت عن قواعد الاشتباك التقليدي بين البيت الأبيض والكرملين. فقد وُصفت في أحيان كثيرة بـ«الأخوية» أو «الودية المفرطة»، لا سيما خلال ولاية ترامب الأولى بين عامي 2017 و2021، حين أبدى الأخير استعدادًا فريدًا للتقارب مع بوتين، متجاهلًا المؤسسات الأمنية الأميركية، وحتى أصوات الكونغرس ووكالات الاستخبارات التي اتهمت روسيا مرارًا بالتدخل في الانتخابات والتجسس السيبراني.
غير أن المشهد بدأ يتغيّر تدريجياً في الأشهر الأخيرة، وتحديدًا منذ إعلان ترامب ترشحه مجددًا للرئاسة، وصولًا إلى فوزه في انتخابات نوفمبر 2024. فمنذ الأيام الأولى لولايته الثانية، شهد الخطاب السياسي لترامب تحولًا ملحوظًا تجاه بوتين، بدا فيه أقل إعجابًا بشخصيته، وأكثر ميلاً إلى استخدام «لغة التهديدات الاقتصادية والعسكرية» بدل عبارات الإطراء والتفاهم. وهذا ما يطرح السؤال الجوهري: هل انتهت تلك العلاقة الفريدة التي جمعت الرجلين؟ أم أننا أمام إعادة صياغة مصلحية لها بحدود جيوسياسية جديدة؟
للإجابة عن هذه التساؤلات، لا بدّ من العودة إلى ولاية ترامب الأولى، حيث لم يُخفِ الأخير إعجابه بفلاديمير بوتين، وذهب إلى حد وصفه بأنه «رجل قوي وذكي»، مشيدًا بأسلوبه في إدارة الدولة، وحتى بما أسماه «حزمًا وطنيًا» في الدفاع عن مصالح روسيا. تلك العلاقة كانت تُرى من منظور استثنائي: رئيس أميركي يرفض تحميل بوتين مسؤولية واضحة عن ملفات مثل ضمّ القرم، أو التدخل الروسي في سوريا، أو حتى قضية المعارض أليكسي نافالني، ويصر على أن «التفاهم مع روسيا هو أمر جيد، وليس دليل ضعف».
لكن الحرب في أوكرانيا، التي اندلعت في فبراير 2022 وامتدت لسنوات، غيّرت الحسابات جذريًا. فترامب، الذي كان دائم التأكيد على قدرته على إنهاء الحرب «خلال 24 ساعة»، دخل البيت الأبيض مرة أخرى محمّلًا بتوقعات عالية، إلا أن لقاءاته غير المباشرة مع بوتين، والاتصالات الخلفية، لم تُثمر عن أيّ تقدم يُذكر؛ بل على العكس، بدأ ترامب يعبّر عن خيبة أمله علنًا، قائلاً: «كنت أظنّ أننا على وشك التوصل إلى اتفاق أربع مرات، لكن بوتين استمر في القصف». هذه العبارة ليست مجرد تذمّر شخصي، بل تعبّر عن إدراك متأخّر بأن بوتين لا يفاوض بشروط ترامب، ولا يُقاس بعقلية «الصفقة التجارية» التي يتقنها الرئيس الأميركي.
كذلك، ففي تطور غير مسبوق، أعلن ترامب في 14 يوليو 2025 عن نيته فرض «رسوم جمركية مرتفعة جدًا» على روسيا في حال لم تتوقف الحرب خلال 50 يومًا. وذهب أبعد من ذلك، حين قال إن الولايات المتحدة ستبدأ بإرسال أسلحة متطورة إلى أوكرانيا عبر حلف شمال الأطلسي، مؤكدًا أن دول الحلف هي التي ستدفع ثمنها. لم يكن هذا مجرد تحول تكتيكي، بل تحوّل في المنهجية: من محاولة استرضاء بوتين إلى محاصرته بالعقوبات والضغوط الاقتصادية والعسكرية.
هذا الخطاب الجديد يمثّل قطيعة شبه تامة مع توجهات ترامب السابقة، لا سيما أنه خلال سنته الأولى في الحكم، لطالما انتقد العقوبات على روسيا، واعتبرها غير فعّالة ومضرة بالمصالح الأميركية. ولكنّ ما غاب عن حسابات ترامب، وربما لا يزال يغيب جزئياً، هو أن بوتين لا يرى الحرب في أوكرانيا كساحة تفاوض عادية، بل كصراع وجودي يُعيد من خلاله ترسيم مكانة روسيا في النظام العالمي. فالرئيس الروسي يعتبر أن توسّع الناتو شرقًا، وانجذاب أوكرانيا إلى الغرب، يشكّل تهديدًا استراتيجيًا لا يمكن التغاضي عنه، وأن الحرب هي استكمال لمسار بدأ منذ انهيار الاتحاد السوفياتي.
ومن هذا المنطلق، فإن بوتين ليس في وارد القبول بـ«صفقة متوازنة» تتيح له الانسحاب مقابل مكاسب شكلية. بل يرى أن الانتصار الكامل – أو على الأقل فرض شروطه بالقوّة – هو السبيل الوحيد لتأمين استقرار روسيا في مواجهة ما يعتبره «هيمنة أطلسية وعداءً تاريخيًا».
من جهة أخرى، يتساءل البعض هل كان ترامب ساذجًا؟ وهنا يرى بعض المحللين أن ترامب تعامل مع بوتين كما يتعامل رجل أعمال مع منافس شرس في السوق: يحاول التقرب منه، ثم يخوّفه بالعقوبات إذا لم يُذعن، وفي النهاية يفاوضه على أساس الربح والخسارة. لكنهم يؤكدون أن هذه العقلية لا تنجح مع زعيم مثل بوتين، الذي لا تُحرّكه الحوافز الاقتصادية فقط، بل التاريخ، والجغرافيا، والانتماء القومي، وأحيانًا أوهام الإمبراطورية.
والأهم أن بوتين ليس شخصية تُغريها «الصداقة» بقدر ما تسعى لتوظيفها. وبدا أن الرئيس الروسي استخدم علاقة ترامب كأداة لكسب الوقت والمواقف، وليس لبناء تحالف شخصي عابر للواقع الجيوسياسي.
ورغم كل هذه التحوّلات، لم يُغلق ترامب الباب نهائيًا أمام بوتين. ففي مقابلة مع الـ«بي بي سي» قال: «لم أنتهِ من بوتين بعد… هناك دائماً مجال للتفاهم». هذا التصريح يعكس واقعية جديدة في خطاب ترامب: فهو يدرك أن بوتين لم يعد صديقًا، لكنه لا يريده عدوًا مباشراً، بل خصماً يمكن التفاهم معه حين تنضج الظروف. وما يلفتنا في هذا الصدد، أن هذه «الواقعية» لا تنبع من تفهّم أعمق لبوتين بقدر ما تنبع من محاولة ترامب لإثبات قدرته على تحقيق نتائج، خصوصًا في وقت يواجه فيه انتقادات داخلية تتهمه بالفشل في احتواء الحرب رغم وعوده الكبرى.
في الختام، إن ما بين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين لم يعد علاقة شخصية «أخوية»، بل تحوّل إلى صراع إرادات بين رئيس أميركي يريد أن يُثبت قدرته على إبرام الصفقات، ورئيس روسي لا يؤمن أصلاً بالصفقات التي لا تعكس موازين القوة. وعليه، فإن العلاقة تمرّ اليوم بمرحلة دقيقة من «التصادم البارد»، حيث لا تزال القنوات الدبلوماسية قائمة، لكن الثقة السياسية تآكلت، وبدأ الطرفان يُعاملان بعضهما كخصمين استراتيجيين، لا كشريكين محتملين. ويبقى السؤال المطروح: هل يدفع هذا التصعيد إلى إعادة تموضع سياسي قد يُثمر عن حلّ؟ أم أن شخصية بوتين الصّلبة، ومقاربة ترامب التفاوضية الجامدة، ستدفعان بالمواجهة نحو مزيد من التعقيد؟ من جهتنا، فبكافة الأحوال، الأرجح أن العلاقة لم تمت، لكنها بالتأكيد لم تعد كما كانت، وقد لا تعود أبدًا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سيدر نيوز
منذ ساعة واحدة
- سيدر نيوز
ثلاثة أسئلة محورية بعد تسريب بيانات أفغانية أشعل عملية إجلاء سرية غير مسبوقة
EPA مرّت أكثر من ثلاث سنوات على تسريب أحد المسؤولين البريطانيين، عن طريق الخطأ، مجموعة بيانات تحتوي على أسماء وتفاصيل الاتصال لآلاف الأشخاص الذين كانوا يحاولون الفرار من انتقام محتمل لحركة طالبان. وفي أبريل 2024، بدأت الحكومة البريطانية بنقل بعض هؤلاء الأشخاص إلى المملكة المتحدة، لكن هذه المعلومات لم تُكشف إلا الآن، بعد اتخاذ إجراءات استثنائية للتكتم على التسريب والاستجابة التي تلته. ومع اتضاح الصورة الكاملة أخيراً أمام الرأي العام، لا تزال هناك تساؤلات جوهرية تفرض نفسها على أجهزة الأمن البريطانية. ماذا يمكننا أن نفعل بشأن خطر التسريبات؟ لقد حدث ذلك من قبل، ولا شك أنه سيحدث مجدداً. يكفي أن نتذكر ويكيليكس، وإدوارد سنودن، وجميع الهجمات السيبرانية وعمليات الفدية التي تتعرض لها الشركات بشكل شبه يومي. تسريبات البيانات ليست بالأمر الجديد، لكن في بعض الأحيان — وربما يكون هذا أحد تلك الحالات — يمكن أن تكون خطيرة إلى حد تهديد الأرواح. الكشف عن هذه المعلومات شكّل صدمة حقيقية لمئات، وربما آلاف الأفغان الذين يخشون انتقام طالبان. أما أولئك الذين تم إجلاؤهم إلى بريطانيا سراً، فربما لن يكون بمقدورهم العودة إلى وطنهم أبداً طالما أن طالبان لا تزال في الحكم. أما بالنسبة لنحو 600 من الجنود السابقين في الحكومة الأفغانية، وما يُقدّر بنحو 1,800 من أفراد أسرهم الذين لا يزالون داخل أفغانستان، فإن هذه الأخبار تعني أنهم سيبقون في حالة من القلق والترقب حتى تفي المملكة المتحدة بوعدها بإخراجهم بأمان. ومن المهم الإشارة إلى أن ما حدث لم يكن نتيجة هجوم إلكتروني متعمد أو معقّد نفذته مجموعة قرصنة مدعومة من دولة. بل نشأ كل ذلك عن خطأ غير مقصود ارتكبه فرد واحد فقط من موظفي وزارة الدفاع البريطانية. ماذا يقول ذلك عن المسؤولية الأخلاقية لبريطانيا؟ شاركت القوات البريطانية في العمليات العسكرية بأفغانستان إلى جانب حلفائها من الولايات المتحدة وحلف الناتو على مدى ما يقرب من عشرين عاماً، من أكتوبر/تشرين الأول 2001 حتى أغسطس 2021. وخلال تلك الفترة، اعتمدت بشكل كبير على حلفائها من الحكومة الأفغانية، مستفيدة من معرفتهم المحلية وخبراتهم الميدانية. وكان التعاون مع القوات الخاصة البريطانية (SF) من أكثر الجوانب حساسية، حيث كانت طالبان تضمر عداءً خاصاً لأفراد تلك الوحدات. وعندما سقطت كابول وبقية مناطق أفغانستان في قبضة طالبان خلال صيف 2021، أدركت بريطانيا أن عناصر القوات الخاصة الأفغانية السابقين وعائلاتهم يمثلون أولوية قصوى في جهود الإجلاء وتأمين الحماية. لكن الآلاف من الأفغان الآخرين خاطروا كذلك بحياتهم للعمل إلى جانب البريطانيين على مدى عقدين من الزمن. بعضهم فعل ذلك بدافع وطني، إيماناً بأنهم يسهمون في بناء مستقبل أفضل لأفغانستان. وآخرون فعلوه لأسباب مادية، أو لأنهم وثقوا في بريطانيا لحماية حياتهم وبياناتهم الشخصية. لكن تسريباً كهذا يهدد اليوم بنسف الثقة في أي وعود مستقبلية من مسؤول بريطاني يقول: 'ثق بنا، بياناتك في أمان'. هل كان هناك تستر؟ عندما تم اكتشاف 'تسريب البيانات غير المصرح به' أخيراً، بعد مرور 18 شهراً كاملة على وقوعه، لجأت الحكومة البريطانية إلى استصدار ما يُعرف بـ'أمر منع فائق'، يمنع وسائل الإعلام من نشر أي تفاصيل متعلقة بالقضية. هذا النوع من الأوامر القضائية شديد التقييد، إلى درجة أنه يمنع حتى الإشارة إلى وجود أمر المنع نفسه. وقد رُفع هذا الإجراء مؤخراً فقط، بعد مراجعة مستقلة. ورغم أن هناك حجة منطقية تقول إن هذا الإجراء كان ضرورياً لحماية أرواح المتضررين من التسريب، إلا أن تساؤلات بدأت تُطرح الآن حول ما إذا كان الهدف من الأمر، الذي تقدمت بطلبه الحكومة المحافظة السابقة، سياسياً أيضاً. القاضي في المحكمة العليا، السيد القاضي تشامبرلين، الذي قرر رفع الأمر، قال إن 'الأثر الفعلي لهذا الإجراء كان تعطيل الآليات الطبيعية للمساءلة التي تقوم عليها الأنظمة الديمقراطية'.

القناة الثالثة والعشرون
منذ 7 ساعات
- القناة الثالثة والعشرون
تقرير لـ"The Telegraph": لا يمكن إيقاف بوتين إلا بهذه الطريقة
ذكرت صحيفة "The Telegraph" البريطانية أن "صبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب نفد أخيرًا على نظيره الروسي فلاديمير بوتين. فبعد أن وعد بإعلان "مهم" بشأن روسيا، أكد ترامب الآن أن الولايات المتحدة ستزيد بشكل كبير إمدادات الأسلحة إلى أوروبا لاستخدامها في أوكرانيا، وهدد بفرض رسوم جمركية ثانوية بنسبة 100% على شركاء روسيا التجاريين. لن يقدم ترامب لروسيا مخرجا إلا إذا وافق بوتين على وقف إطلاق النار في أوكرانيا خلال 50 يوما". وبحسب الصحيفة، "من شأن هذا الإعلان أن يُبدد أي تكهنات متبقية حول استعداد ترامب لتسليم أوكرانيا لروسيا من جانب واحد، وقد بلغت هذه المخاوف ذروتها بعد اجتماعه الكارثي في المكتب البيضاوي في شباط مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وما تلاه من تعليق مؤقت لتبادل المعلومات الاستخباراتية وتسليم الأسلحة إلى أوكرانيا. ومنذ أن أعادت كييف بناء الثقة مع إدارة ترامب من خلال الموافقة على وقف إطلاق النار لمدة 30 يوما في جدة في 11 آذار، نظر البيت الأبيض إلى روسيا باعتبارها العقبة الرئيسية أمام السلام. في البداية، بدا واضحًا أن ترامب اعتقد أنه قادر على توجيه روسيا نحو السلام من خلال الحوار البنّاء، وكان يتصل ببوتين بانتظام، وأعرب مبعوثه ستيف ويتكوف عن انفتاحه على إضفاء الشرعية على احتلال روسيا للأراضي الأوكرانية. لكن بوتين اعتبر هذه اللفتات التصالحية دليل ضعف، فقرر تصعيد الحرب. وعكست الهجمات الروسية القياسية بالطائرات المسيّرة والصواريخ على المدن الأوكرانية ثقة بوتين في حصانته من العقاب، وفي عدم رغبة ترامب في التصعيد". وتابعت الصحيفة، "كما هو الحال مع استخفافه بعزيمة أوكرانيا والمساعدة العسكرية الغربية بعد غزوه لها في شباط 2022، فقد ثبتت صحة تصريحات بوتين الرنانة. إن الإجراءات الجديدة التي اتخذها ترامب لا تلبي كل توقعات أوكرانيا، ولكنها قد تلحق ضررا خطيرا بآلة الحرب الروسية واقتصادها المتعثر. وبما أن إدارة جو بايدن لم تزود أوكرانيا إلا بعدد صغير من صواريخ ATACM البعيدة المدى، فقد ورد أن هذه المخزونات قد استنفدت بحلول أواخر كانون الثاني. اضطرت أوكرانيا إلى الاعتماد بشكل كبير على ابتكاراتها في مجال الطائرات من دون طيار لضرب أهداف في عمق الأراضي الروسية، وكان هجومها في الأول من حزيران على القاذفات الاستراتيجية الروسية بمثابة انتصار مميز". وأضافت الصحيفة، "رغم أن الصواريخ الأميركية الجديدة لن تغير مسار الحرب من جانب واحد، فإنها قد تعمل على توسيع قدرة أوكرانيا على ضرب البنية التحتية العسكرية والاقتصادية الروسية. حتى من دون دعم أميركي إضافي، تشير التقارير إلى أن أوكرانيا تمكنت مؤخرًا من استغلال خط أنابيب غاز رئيسي في لانجيباس في منطقة تيومين الروسية، والذي يُغذي منشآت عسكرية في تشيليابينسك وأورينبورغ وسفيردلوفسك. ومع زيادة المساعدات الأميركية، ستزداد إمكانيات أوكرانيا بشكل ملحوظ. ويعتمد الكثير على طبيعة التكنولوجيا التي ترغب الولايات المتحدة في تصديرها. وتأمل أوكرانيا أن يوافق ترامب على تسليم صاروخ الضربة الدقيقة (PrSM)، وهو نسخة مطورة حديثًا من صواريخ ATACMs، ومتوافق مع أنظمة Himars. يبلغ نصف قطر ضربة صاروخ PrSM حوالي 500 كيلومتر وهو أعلى بكثير من مدى 300 كيلومتر لصواريخ ATACM". وبحسب الصحيفة، "بما أن نظام PrSM لم يتم ترخيصه للتسليم حتى إلى حلفاء الناتو المقربين، فإن صواريخ JASSM-ER المتوافقة مع طائرات F-16 تشكل خيارات أكثر ترجيحا بالنسبة لأوكرانيا. تستطيع هذه الصواريخ ضرب أهداف على بُعد يصل إلى 925 كيلومترًا، وقد تُحقق زعم ترامب بالموافقة على توجيه ضربات لموسكو. وحتى لو اكتفى ترامب بنشر المزيد من الصواريخ المضادة للسفن، فإنه سيرسل إشارة إلى بوتين بأنه لم يعد يخاف من الخدعة النووية للكرملين. ولكن ربما يكون من الصعب فرض الرسوم الجمركية الثانوية التي يفرضها ترامب على الشركاء التجاريين الرئيسيين لروسيا دون تقويض جوانب أخرى من أجندته الاقتصادية. إن فرض الرسوم الجمركية على دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي مركز مالي رئيسي لنخب الأعمال الروسية، على سبيل المثال، قد يعرض تدفق الاستثمارات الذي تعهد به ترامب خلال زيارته إلى أبو ظبي في أيار الماضي للخطر". وتابعت الصحيفة، "من شأن هذه التعريفات الجمركية أيضا أن تزيد من خطر تصعيد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين وتعرقل المفاوضات التجارية النهائية مع الهند. وبما أن روسيا قد انفصلت بالفعل إلى حد كبير عن الشبكات المالية التي يهيمن عليها الغرب، فإن التداعيات الاقتصادية القصيرة الأجل على شركاء الولايات المتحدة التجاريين في العالم النامي قد تكون أسوأ من تلك التي قد تلحق بروسيا نفسها. مع ذلك، فإن أي رسوم جمركية جديدة ستُقيّد سلاسل توريد الواردات الروسية وتُفاقم التضخم المُتصاعد، وإذا اقترنت بعقوبات قطاعية وفردية جديدة، فقد يكون الضرر الذي سيلحق باقتصاد الحرب الروسي بالغًا. وفي منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي في حزيران 2025، أشار وزير التنمية الاقتصادية الروسي، مكسيم ريشيتنيكوف، إلى احتمال وقوع ركود اقتصادي وشيك، وقد تزايد هذا الخطر بشكل ملحوظ". وختمت الصحيفة، "أدرك ترامب أخيرًا أنه لا يمكن إيقاف بوتين إلا بتكثيف الضغط الاقتصادي والعسكري على آلته الحربية. وقد لا يُنهي هذا الإدراك الحرب سريعًا، ولكنه سيُشعر الأوكرانيين الذين يواجهون القصف الروسي اليومي بالراحة". المصدر: خاص "لبنان 24" انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


النهار
منذ 7 ساعات
- النهار
انقلاب في استراتيجية ترامب تجاه أوكرانيا؟
أخيراً، أعلن الرئيس دونالد ترامب سلسلة إجراءات تصب نسبياً في مصلحة أوكرانيا، بدءاً بالتهديد بفرض رسوم جمركية ثانوية بنسبة 100 في المئة على روسيا إذا لم توقف حربها خلال الأيام الخمسين المقبلة، وصولاً إلى قبول بيع أوكرانيا منظومات "باتريوت" الدفاعية عبر دول ثالثة. وذكر موقع "أكسيوس" أن من جملة الأسلحة الأميركية المحولة مستقبلاً إلى أوكرانيا صواريخ قد تضرب العمق الروسي. إذاً، من الدفاع إلى الهجوم، يبدو أن ثمة تحولاً هائلاً في الاستراتيجية الأميركية تجاه أوكرانيا. أو هل هو تحوّل حقاً؟ مشكلتان منذ أواخر نيسان/أبريل على الأقل، كان ترامب يقول للمراسلين إنه سيقرر ما سيفعله، حيال رفض روسيا الهدنة، "خلال أسبوعين". استغرق الأمر فترة أطول بخمس مرات تقريباً كي يُقدِم ترامب على خطوته، وبتردد. قد تكون الأمور سلسة نسبياً على الصعيد الدفاعي، إذ من المتوقع أن تصل الأسلحة تدريجياً إلى أوكرانيا من مخزونات بعض الدول الأوروبية. مع ذلك، ووسط وابل قياسي من المسيّرات والصواريخ التي تتساقط بشكل أسبوعي على المدن الأوكرانية، ستنظر كييف إلى الفترة التي تفصلها عن وصول بطاريات "باتريوت"، مع علامات استفهام بشأن عددها وعدد الصواريخ الاعتراضية المرافقة، كأنها دهر. على صعيد الأسلحة الصاروخية، لا شيء واضحاً لغاية اللحظة. حتى في حال حصلت أوكرانيا على الصواريخ طويلة المدى، ستظل بحاجة إلى الضوء الأخضر من واشنطن لاستخدامها، وعلى الأرجح، ضمن لائحة أهداف مقيّدة. لكن النقطة الأكثر إثارة لخيبة أوكرانيا بشكل محتمل، هي الفترة الزمنية الفاصلة عن تنفيذ الرسوم الجمركية الثانوية على روسيا. تُمثل فترة الخمسين يوماً بحسب صحافيين أوكرانيين مهلة الستين يوماً من التصعيد العسكري المقبل في أوكرانيا، والتي ذكرها بوتين خلال اتصاله الهاتفي مع ترامب في 3 تموز/يوليو، مع إنقاص الأيام العشرة من تاريخ الاتصال. ترامب يعلن عن خطواته الجديدة خلال استضافته أمين عام الناتو مارك روته (أ ب) وهذا يعني أن ترامب ترك لبوتين فترة سماح لكي يحقق في هجومه الصيفي الحالي هدفه بالسيطرة على كامل المناطق الأربع في أقصى شرق أوكرانيا. حتى مع احتمال أن يكون الرقم 50 مجرد صدفة، يبقى أنه يمثل بالنسبة إلى كييف فترة طويلة جداً. وهذا مجدداً، على افتراض أن ترامب لن يمدد الجدول الزمني لإنذاره الأخير، كما فعل مع جداول "الأسبوعين". ومع اقتراب الخريف، من المتوقع أن يتراجع الاندفاع الروسي على الأرض في جميع الأحوال. كذلك، هل سيخاطر ترامب بمواجهة جديدة مع الصين في حال فرض رسوماً جمركية ثانوية عليها بسبب تعاملها التجاري مع موسكو؟ بصيص أمل ليست كل الأمور سيئة لكييف. أن تشن روسيا هجومها الصيفي مع بضع منظومات دفاعية إضافية، أفضل من تلقيها هجوماً وهي مجردة تقريباً من تلك الدفاعات. من ناحية أخرى، إن فترة الخمسين يوماً هي طويلة بلا شك، لكنها على الأقل تمثل إطاراً ذهنياً واضحاً لتكييف الخطط العسكرية معه. فكل ما ستحتاج إليه أوكرانيا هو الصمود لفترة شهرين، أو أكثر بقليل، حتى تقنع روسيا وأميركا بأنها لن تفقد السيطرة على كامل مناطقها الأربع. في أسوأ الأحوال، سيشهد الميدان مراوحة حتى الربيع المقبل مع تطوير أوكرانيا صناعاتها العسكرية اللازمة، وفي أفضلها، سيفقد ترامب صبره ويفرض عقوباته المنتظرة على روسيا.