
رواتب كردستان.. صراع النفط والدستور
في جوهر المشكلة تقف الخلافات السياسية المستمرة بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة الإقليم في أربيل، وهي خلافاتٌ متجذرةٌ منذ سنواتٍ طويلة، تتعلق بالثقة المتآكلة بين الطرفين، إشكالات السيادة، تقاسم الموارد، وتفسير مواد الدستور، وكل ذلك ينعكس على ملفاتٍ يومية تمس حياة المواطنين وأبرزها ملف الرواتب.
أحد أهم أسباب التأخير يعود إلى النزاع المزمن حول إدارة الموارد النفطية، فبينما ترى بغداد أن الإقليم لا يحق له تصدير النفط بشكل منفرد دون العودة إلى الحكومة الاتحادية، تؤكد أربيل على حقها في إدارة مواردها وفق ما ترى انه "خصوصيةٌ دستوريةٌ لأربيل" وقد انعكس هذا الخلاف على الالتزام المالي، إذ تطالب بغداد بتسليم كامل إيرادات النفط وغير النفط من قبل الإقليم كشرطٍ لتحويل حصته من الموازنة الاتحادية في حين ترد أربيل بأن بغداد تماطل في تحويل الأموال حتى عند الالتزام بجزء من الاتفاقات، ما يجعل العلاقة المالية بين الطرفين محكومة بالشد والجذب لا بالتفاهمات المستقرة.
إلى جانب ذلك، هناك اتهاماتٌ متبادلةٌ بعدم الالتزام ببنود الموازنة الاتحادية، بغداد تتحدث عن تجاوزاتٍ مالية من قبل الإقليم تفوق حصته الرسمية المقدرة بنسبة 12.67%، أي ما يعادل 13.547 تريليون دينار عراقي سنوياً، أما أربيل فتعتبر أن هذه النسبة لا تكفي لتغطية التزاماتها تجاه موظفيها خصوصاً مع ارتفاع عدد الموظفين وكلفة الرواتب العالية نسبياً في الإقليم، مقارنةً بباقي المحافظات.
شق الرواتب من الأزمة ليس أقل حدة، فالإقليم يعاني من اعتمادٍ كبيرٍ على التحويلات المالية القادمة من بغداد، مع ضعفٍ في الإيرادات المحلية، وعدم وجود قاعدةٍ صناعيةٍ أو إنتاجية تغني عن الاعتماد على النفط، كما أن انخفاض أسعار النفط عالمياً في فتراتٍ متعددة، إضافةً إلى الضغوط الدولية والعقوبات التي أثرت على العراق ككل، قلصت من قدرة الحكومة المركزية على الالتزام بجداول الرواتب وخلق ضغطاً مضاعفاً على الإقليم.
ولا يمكن إغفال غياب الآليات المشتركة والشفافة في إدارة الملف المالي، فحتى اللحظة، لا توجد قاعدة بياناتٍ موحدة أو نظام رقابةٍ ماليةٍ مشترك بين بغداد وأربيل، يُحدد بدقةٍ عدد موظفي الاقليم، أو آليات الصرف، أو حجم الإيرادات الفعلية، هذا الفراغ الرقابي فاقم من حجم الاتهامات وأضعف ثقة الطرفين ببعضهما البعض في ظل اتهاماتٍ متبادلةٍ بالتلاعب بالأرقام والبيانات.
وتضاف إلى هذه الأسباب الظروف الأمنية التي مر بها العراق خلال العقد الأخير، من اجتياح تنظيم داعش لمدنٍ واسعة إلى التوترات الإقليمية المحيطة وانعكاساتها على الاقتصاد العراقي، وقد ساهمت هذه العوامل في زيادة الإنفاق الأمني وتوسيع الفجوة بين المركز والإقليم خصوصاً في ظل استمرار الجدل حول تمويل قوات البيشمركة، التي تطالب أربيل بإدراج رواتبها ضمن الموازنة الاتحادية بينما تتحفظ بغداد على ذلك بدعوى غياب السيطرة الإدارية.
إن تأخر الرواتب في كردستان العراق لا يُمكن حصره في مسألةٍ إداريةٍ أو ماليةٍ عابرة، بل هو نتيجة تراكماتٍ سياسيةٍ ودستوريةٍ واقتصادية لم يتم التعامل معها بجديةٍ على مدى سنوات، فالمشكلة لا تكمن في تحويل مبلغ هنا أو هناك، بل في غياب الاتفاق النهائي على قواعد الشراكة بين المركز والإقليم، ما يجعل أي أزمةٍ مالية قابلةٍ لأن تتحول إلى أزمة سياسيةٍ واجتماعية في أي لحظة.
وما لم يُفتح حوارٌ وطنيٌ صريحٌ وجاد يعالج جوهر الخلاف فإن أزمة الرواتب ستبقى تتكرر ويظل المواطن البسيط هو من يدفع الثمن، مرةً في تأخير الراتب، ومرة في تأجيل الأمل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


تونس تليغراف
منذ ساعة واحدة
- تونس تليغراف
Tunisie Telegraph 5 خطوات لابد منها لإنقاذ الخطوط التونسية
في ظل التدهور المقلق الذي تعيشه شركة الخطوط التونسية 'تونيسار'، والذي تجلى خلال الأسابيع الأخيرة في اضطرابات كبيرة للرحلات الجوية وسخط متزايد من المسافرين، أعلن وزارة النقل، يوم السبت 5 جويلية 2025، عن حزمة من الإجراءات الاستعجالية تهدف إلى تهدئة الأوضاع وإعادة النظام داخل الشركة الوطنية. غير أن هذه الإجراءات لم تمر دون انتقادات، إذ عبّر الوزير السابق فوزي بن عبد الرحمان عن رفضه لهذه القرارات، واصفًا إياها بـ'الحركية اللفظية' التي توهم بالتحرّك دون معالجة جوهر الأزمة. وأضاف في تدوينة نشرها على حساباته الرسمية أن ما يحدث يعكس غيابًا فادحًا في التفكير الاستراتيجي وتواصل سياسة التعيينات المبنية على الولاءات لا الكفاءات. تغييرات في المجلس والإدارة الفنية من بين أبرز القرارات المعلنة: إعفاء ممثل الدولة في مجلس إدارة 'تونيسار' – وهو نفس الشخص الذي يشغل أيضًا منصب رئيس المجلس – وتعيين مستشار في الشؤون العامة لتمثيل وزارة النقل داخل المجلس، على أن يتم انتخاب رئيس جديد في أقرب الآجال. كما تم تعيين مهندس للإشراف على الإدارة العامة لشركة 'تونيسار تكنيكس'، الفرع الفني التابع للمؤسسة، إلى جانب توجيه تنبيهات لرؤساء المحطات وممثلي الشركة بالخارج، بضرورة تحسين مستوى العناية بالمسافرين في حالات التعطيل والاضطراب. وأكدت الوزارة في ذات البلاغ أنها تتابع عن كثب ملفات الفساد المالي والإداري التي يُعتقد أنها من الأسباب الرئيسية للأزمة الحالية التي تمرّ بها الشركة. انتقادات جوهرية للقرارات الجديدة رغم ما سبق، يرى فوزي بن عبد الرحمان أن ما تم الإعلان عنه لا يرتقي إلى حجم التحديات التي تواجهها الشركة، معتبرا أن استبدال رئيس مجلس إدارة بشخص لا يملك أي خبرة في مجال النقل الجوي يمثل دليلا إضافيا على سوء التقدير وغياب الرؤية. ويُذكّر بأن دور مجلس الإدارة ليس إدارة الشركة يوميًا، بل وضع التوجهات الاستراتيجية ومتابعة تنفيذها، متسائلًا:'هل تملك تونيسار رؤية؟ هل لديها استراتيجية؟ والأهم من ذلك: هل لدى الدولة التونسية سياسة واضحة للنقل الجوي تتماشى مع طموحاتها الاقتصادية والسياحية والثقافية؟' ويُجيب بنفسه: 'الجواب بكل أسف: لا'. نعم، الخطوط الجوية التونسية تعيش منذ سنوات أزمة هيكلية وعميقة، تتجاوز الاضطرابات الظرفية في الرحلات أو رداءة الخدمات، وهي أزمة متعددة الأبعاد (مالية، إدارية، تنظيمية، وتجارية). وهذه أهم المقترحات التي يقدمها الخبراء الدوليون عادة في مثل هذه الحالات: 1 تحويل جزء من ديون الخطوط التونسية إلى مساهمات في رأس المال يتم تحويل الديون المتخلدة لفائدة مؤسسات عمومية مثل: ديوان الطيران المدني والمطارات شركة عجيل (فيما يخص التزود بالوقود) هذا التحويل يجعل هذه المؤسسات شركاء في رأس مال تونيسار بدلًا من دائنين، مما يُخفّض الضغط المالي ويعزز الالتزام المتبادل في إصلاح الشركة. 2 ضخ الدولة لمبلغ إضافي قدره مليار دينار في رأس المال هذا التمويل العمومي يُعتبر دعمًا استثماريًا مشروطًا بالإصلاح، وليس دعمًا استهلاكيًا. يرفع رأس المال الجملي للشركة إلى حوالي 2 مليار دينار، مما يمنحها قوة مالية حقيقية لاستعادة نشاطها الطبيعي. 3 التفويت في 30% من رأس المال لشريك استراتيجي أو مستثمر مؤسساتي فتح رأس المال أمام القطاع الخاص أو صندوق استثمار دولي مقابل حصة بـ 30% سيوفر ما يقارب 600 مليون دينار إضافية . سيوفر ما يقارب . هذا التمويل الخارجي يُعزز السيولة، ويُعيد الثقة في الشركة، ويجذب شركاء تقنيين وتجاريين ذوي خبرة. 4 استخدام الموارد الجديدة في إعادة تنظيم الشركة وتشغيل الأسطول اقتناء قطع الغيار وصيانة الطائرات المعطلة وصيانة الطائرات المعطلة تجديد تدريجي للأسطول عبر التأجير أو الشراء تطوير البنية التحتية الرقمية والخدماتية تحسين الصورة لدى الشركاء الدوليين والموردين والمطارات الأجنبية 5 استعادة الثقة وبناء شراكات استراتيجية كما تُعيد لتونيسار القدرة على الانضمام إلى تحالفات جوية دولية، أو التفاوض مع مصنّعين وشركات صيانة بشروط أفضل. هذه الخطوات المالية ستُمهّد لعودة ثقة الأسواق الدولية والشركات الشريكة في قطاع النقل الجوي.


الوسط
منذ 3 ساعات
- الوسط
الدولار يتراجع 13 قرشاً في أسبوع بالسوق الموازية
شهد سعر صرف الدولار تارجعاً بواقع 13 قرشاً في السوق الموازية خلال الأسبوع المنقضي، مسجلاً 7.74 دينار في ختام تعاملات السبت 5 يوليو، مقارنة بـ7.87 دينار في نهاية تعاملات السبت الماضي 27 يونيو 2025. وتراجع سعر صرف العملة الأميركية يوم الأحد 29 يونيو إلى 7.80 دينار ، وواصل التراجع في ختام تعاملات الإثنين 30 يونيو إلى مستوى 7.75 دينار ، حسب صفحات على مواقع التواصل. ويوم الثلاثاء 1 يوليو، انخفض سعر الدولار بختام التعاملات إلى 7.69 دينار، ثم عاد للارتفاع يوم الأربعاء 2 يوليو مسجلاً 7.75 دينار بنهاية تعاملات السوق الموازية. وواصل التارجع يوم الخميس 3 يوليو إلى مستوى 7.73 دينار، قبل أن يستقر اليوم السبت عند 7.74 دينار.


فيتو
منذ 3 ساعات
- فيتو
تعرف على أداء أبرز البورصات الخليجية بتعاملات الأسبوع
قالت حنان رمسيس خبيرة أسواق المال، إن أداء الأسواق الخليجية كان إيجابيا مع نهاية الأسبوع الأخير من شهر يونيو والذي شهد العديد من الأحداث الجيوسياسية، موضحة أن يونيو شهد العديد من الحروب والأزمات السياسية العالمية. ففي الإمارات وأضافت أنه مع بداية شهر يوليو صعدت أسواق الأسهم الإماراتية حيث عزز سوق دبي المالي مكاسبه الأسبوعية مرتفعًا بنسبة 1.22% في 5 جلسات بدعم أداء الأسهم القيادية في القطاعات الرئيسة، وارتفع مؤشر فوتسي أبوظبي العام بنسبة 0.96% إلى مستوى 9981.50 نقطة في أسبوع. وفي المملكة العربية السعودية وارتفع السوق السعودي بنسبة 1.59% أو ما يعادل 176.18 نقطة مقارنة بالأسبوع السابق وصولًا إلى مستوى 11244.45 نقطة بتعاملات الأسبوع المنتهي في الثالث من يوليو مقارنة مع 11068.27 نقطة الأسبوع الماضي. وسجل السوق مكاسب سوقية 176.48 مليار ريال وصولًا إلى 9.265 تريليون ريال مقارنة مع 9.088 تريليون ريال الأسبوع السابق. وسجلت قيم التداول ارتفاعًا وصولًا إلى 29.06 مليار ريال مقارنة مع 28.09 مليار ريال بالأسبوع الماضي ويسجل ارتفاعًا بنحو 3.44% بينما بلغت أحجام التداول تراجعًا بنسبة 1.16% مسجلة 1.48 مليار سهم مقابل 1.5 مليار سهم الأسبوع السابق. وفي الكويت تصدر مؤشر السوق الأول الكويتي ارتفاعات الأسواق الخليجية بنسبة 1.67% بحوالي 149.52 نقطة مختتمًا الأسبوع عند مستوى 9112.74 نقطة كما ارتفع مؤشر السوق العام بنسبة 1.28% حوالي 105.98 نقطة إلى 8399.35 نقطة بينما سجل المؤشر الرئيس انخفاضًا بنحو 0.65% 47.47 نقطة ليغلق عند مستوى 7203.64 نقطة. وبلغت القيمة السوقية للأسهم المتداولة بنهاية الأسبوع 50.20 مليار دينار مسجلة ارتفاعًا بنحو حوالي 635 مليون دينار وسجلت قيم التداول 648.37 مليون دينار وكمية التداولات 3.06 مليار سهم عبر تنفيذ 155.60 ألف صفقة منفذة. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.