logo
مع نهاية "لعبة الحبار"، الكوريون الجنوبيون يعودون إلى الواقع الذي ألهم أحداثها

مع نهاية "لعبة الحبار"، الكوريون الجنوبيون يعودون إلى الواقع الذي ألهم أحداثها

شفق نيوزمنذ 5 أيام
تحذير: يحتوي هذا المقال على حرق لأحداث الموسم الثالث.
يودّع ملايين المعجبين مسلسل "لعبة الحبار"، المسلسل الحائز على جائزة إيمي، والذي تصدّر قائمة مشاهدات نتفليكس وأصبح رمزاً لصعود كوريا الجنوبية في هوليوود.
يتتبّع هذا العمل الخيالي مجموعة من اللاعبين المثقلين بالديون وهم يتنافسون في سلسلة من ألعاب الأطفال الكورية التقليدية، لكن مع لمسة دموية، إذ يُقتل الخاسر في كل جولة.
وقد جذب "لعبة الحبار" المشاهدين منذ عام 2021 بديكوراته الملوّنة ورسائله القاتمة عن الرأسمالية والإنسانية. ومع صدور موسمه الثالث والأخير يوم الجمعة الماضي، يعود الجمهور في مختلف أنحاء العالم إلى الواقع.
لكن بعض الكوريين الجنوبيين وجدوا أنفسهم يعيدون التفكير في المجتمع الذي ألهم هذا العمل الديستوبي.
كتب أحد المعلّقين على يوتيوب تحت مقطع من الموسم الثالث: "أشعر أنّ الموسم الثالث من لعبة الحبار كشف عن المشاعر الحقيقية والأفكار الداخلية الصريحة للكوريين".
وأضاف: "لقد عكس الواقع ببراعة، تماماً كما هو الحال في الحياة الواقعية في العمل، حيث تمتلئ الأجواء بأشخاص قساة مستعدّين لسحقك. لقد أبدع المسلسل في هذا فعلاً".
صراعات مألوفة
نشأ مسلسل "لعبة الحبار" في ظل منافسة شرسة وتفاوت متزايد في المجتمع الكوري الجنوبي، وهو مجتمع يعاني فيه الناس من ضغوط تمنعهم من إنجاب الأطفال، ويُنظر إلى امتحان القبول الجامعي على أنّه اللحظة الحاسمة في حياة الشخص.
شخصيات المسلسل المتنوّعة التي تشمل موظفاً، وعاملاً مهاجراً في مصنع، ومحتالاً في مجال العملات المشفّرة، مستوحاة من نماذج مألوفة لكثير من الكوريين الجنوبيين.
كما أنّ خلفية بطل العمل، سيونغ جي هون، الذي عمل في مصنع للسيارات قبل أن يفصل من عمله ويخوض إضراباً لاحقاً، استلهمت من واقعة حقيقية: إضراب عام 2009 في مصنع "سانغيونغ موتور"، حيث اشتبك العمال مع شرطة مكافحة الشغب احتجاجاً على تسريحات جماعية، ويُعدّ ذلك من أكبر المواجهات العمالية في تاريخ البلاد.
كتب جونغ تشيول سانغ، وهو مدوّن سينمائي، في مراجعته للموسم الأخير: "قد تكون الدراما خيالية، لكنها تبدو أكثر واقعية من الواقع نفسه".
وأضاف: "العمل غير المستقر، بطالة الشباب، تفكك الأسر هذه ليست أدوات حبكة فقط، بل هي نفسها المعاناة التي نعيشها يومياً".
مظاهر احتفال رغم الرسائل القاتمة
تلاشت تلك الرسائل القاتمة على ما يبدو، مساء السبت، مع انطلاق موكب ضخم احتفالاً بإطلاق الموسم الأخير.
فقد سارت دمية عملاقة قاتلة وعدد من الحراس المجهولين ببدلاتهم الرياضية الحمراء – إلى جانب رموز أخرى من الألعاب القاتلة – في وسط العاصمة سيول وسط أجواء صاخبة.
وبالنسبة لقادة كوريا الجنوبية، أصبح مسلسل "لعبة الحبار" رمزاً لنجاح الدراما الكورية على الساحة العالمية، إلى جانب فرقة BTS وفيلم "طفيلي" الحائز على الأوسكار، وهي نجاحات يسعى الرئيس المنتخب حديثاً "لي جاي ميونغ" إلى البناء عليها في سعيه لتوسيع انتشار الثقافة الكورية.
وقد ظهرت مؤشرات على أنّ حماس الجمهور تجاه العمل قد يمتدّ أكثر: فالمشهد الأخير من المسلسل، حيث تظهر الممثلة "كيت بلانشيت" وهي تلعب لعبة كورية مع رجل في زقاق بمدينة لوس أنجلوس، أثار شائعات عن احتمال إنتاج نسخة أمريكية مشتقّة.
قال لي جونغ جاي، نجم المسلسل، في حديثه إلى بي بي سي: "المسلسل انتهى بنهاية مفتوحة، لذا فهو يطرح أسئلة كثيرة على الجمهور. آمل أن يتأمل الناس هذه الأسئلة، ويتحدثوا عنها، ويحاولوا البحث عن إجابات لها".
ردود فعل متباينة
في المواسم اللاحقة، نتابع جي هون وهو يحاول الإطاحة بالألعاب التي تحمل اسم المسلسل، والتي تُقدَّم كتسلية لفئة من كبار الشخصيات الأثرياء.
لكن محاولته تفشل، وفي النهاية يضطر "جي هون" إلى التضحية بنفسه لإنقاذ طفل أحد اللاعبين، وهي نهاية أثارت انقساماً حاداً في آراء الجمهور.
رأى البعض أنّ ما فعله "جي هون" لا يتّسق مع الصورة القاتمة للواقع التي رسمها صنّاع المسلسل، صورة سلّطت الضوء على قسوة الطبيعة البشرية.
وورد في تعليق على منتدى النقاش الكوري الجنوبي الشهير "نيت بان": "كان إيثار الشخصيات مفرطاً إلى درجة مزعجة. بدا كما لو أنّهم مختلّون عقلياً. بدت هذه الطيبة مصطنعة ومؤدّاة، يقدّمون فيها الغرباء على أهلهم دون سبب فعلي".
لكنّ آخرين اعتبروا موت جي هون امتداداً لمنهج المسلسل في عرض حقائق مزعجة وغير مريحة.
علّق مستخدم آخر على يوتيوب: "هذا يُجسّد تماماً معنى الإنسانية ورسالة العمل. رغم أنّنا تمنينا رؤية جي هون يربح، ويقتل قائد اللعبة وكبار الشخصيات، وينهيها نهائياً، ثم يرحل كبطل – إلّا أنّ هذا ليس العالم الذي نعيش فيه.
BBC
ضغوط التوقعات
قال هوانغ دونغ هيوك، مخرج وكاتب المسلسل، في مؤتمر صحفي يوم الإثنين، إنه يتفهّم ردود الفعل المختلطة تجاه الموسم الأخير.
وأضاف: "في الموسم الأول لم تكن هناك توقّعات، فنجحت عناصر المفاجأة والجِدّة. لكن مع الموسمَين الثاني والثالث، ارتفعت التوقّعات بشكل هائل، وهذا أحدث فرقاً كبيراً".
وتابع: "بعض المعجبين أرادوا ألعاباً أكثر، وآخرون أرادوا رسائل أعمق، والبعض تعلّق بالشخصيات أكثر. كلّ شخص كان يتوقّع شيئاً مختلفاً".
النهاية: أمل رغم كلّ شيء
بالنسبة لبعض المشاهدين، كانت نهاية جي هون انعكاساً للأمل وسط الشدائد فحتى في عالم مليء بالقسوة، يمكن للرحمة أن تنتصر.
قال جونغ المدّون السينمائي: "هذا التناقض بين القسوة والدفء هو ما جعل النهاية مؤثّرة جداً. مشاهدتي لمسلسل لعبة الحبار دفعتني للتفكير في ذاتي. بوصفي شخصاً عمل في التعليم والإرشاد، لطالما تساءلت عمّا إذا كان اللطف قادراً فعلاً على تغيير شيء".
وأضاف: "لهذا السبب تمسّكت بهذه القصة. ولهذا السبب أرى النهاية... جميلة".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

يوتيوب يعلن عن تحديثات جديدة في سياسات تحقيق الدخل اعتبارًا من 15 يوليو
يوتيوب يعلن عن تحديثات جديدة في سياسات تحقيق الدخل اعتبارًا من 15 يوليو

وكالة الصحافة المستقلة

timeمنذ 2 أيام

  • وكالة الصحافة المستقلة

يوتيوب يعلن عن تحديثات جديدة في سياسات تحقيق الدخل اعتبارًا من 15 يوليو

المستقلة/- يوتيوب يعلن عن تحديثات جديدة في سياسات تحقيق الدخل اعتبارًا من 15 يوليو أعلنت منصة 'يوتيوب' عن تحديث جديد لسياسات برنامج شركاء يوتيوب (YPP)، يدخل حيّز التنفيذ اعتبارًا من 15 يوليو 2025، ويهدف إلى رفع جودة المحتوى المنشور على المنصة عبر فرض قيود أكثر صرامة على الفيديوهات غير الأصلية والمحتوى المُنتج بكميات كبيرة أو مكررة. وذكرت 'يوتيوب' في بيان رسمي أن هذه الخطوة تأتي ضمن جهودها المستمرة لحماية المنصة من المحتوى منخفض الجودة، وتعزيز ثقة المستخدمين والمعلنين على حد سواء. وأوضحت أن المقاطع التي يُعاد نشرها أو إنشاؤها باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بدون إضافة حقيقية أو لمسة شخصية ستكون معرضة للمراجعة وربما فقدان الأهلية لتحقيق الدخل. وتستهدف هذه السياسة أنواعًا معينة من المحتوى، مثل: الفيديوهات التجميعية التي لا تحتوي على تعليق أو تحليل من صاحب القناة. النصوص والمقاطع التي يتم إنشاؤها بالكامل بواسطة أدوات الذكاء الاصطناعي. إعادة تحميل محتوى من مصادر أخرى دون تعديل أو قيمة مضافة واضحة. استخدام قوالب موحدة ومتكررة في مقاطع الفيديو. ووفقًا لتقارير نشرها موقعي Search Engine Journal وCord Cutters News، قد تؤدي المخالفات المتكررة لهذه السياسة إلى خفض العوائد المالية أو استبعاد القناة من برنامج شركاء يوتيوب بشكل كامل، فيما لم تحدد المنصة حتى الآن العقوبات النهائية بدقة. تابع وكالة الصحافة المستقلة على الفيسبوك .. اضغط هنا وأكدت 'يوتيوب' أن منشئي المحتوى لا يزال بإمكانهم استخدام بعض أدوات الذكاء الاصطناعي، شريطة أن يتم استخدامها بطريقة تكميلية تساهم في إنتاج محتوى ذي قيمة، وليس لمجرد إنشاء مقاطع تلقائية بهدف الربح السريع. ودعت المنصة منشئي المحتوى إلى مراجعة إرشادات السياسات المحدثة، وإجراء التعديلات اللازمة على قنواتهم لتجنب التأثير السلبي على عائداتهم. كما شددت على أهمية التميز والابتكار في صناعة المحتوى، وضرورة أن يعكس كل فيديو جهدًا إبداعيًا حقيقيًا يقدّره الجمهور.

لم يظهر فيها المُذيع، كيف كانت أول نشرة أخبار تلفزيونية لبي بي سي؟
لم يظهر فيها المُذيع، كيف كانت أول نشرة أخبار تلفزيونية لبي بي سي؟

شفق نيوز

timeمنذ 3 أيام

  • شفق نيوز

لم يظهر فيها المُذيع، كيف كانت أول نشرة أخبار تلفزيونية لبي بي سي؟

من الصعب تخيّل العالم اليوم بدون تغطية إخبارية تلفزيونية على مدار الساعة، في وقت يبدو فيه العديد من المذيعين البارزين مرهقين بعد ليلة كاملة من التغطية المتواصلة لحرب أو انتخابات في مكان ما على سبيل المثال. وعلى الرغم من أن خدمة التلفزيون كانت تعمل منذ فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية، إلا أن بي بي سي كانت مترددة في السماح للتلفزيون بمنافسة الإذاعة كمصدر لنقل الأخبار. وبعد نقاش طويل، تقرر تقديم نشرة إخبارية تلفزيونية مسائية، لكن دون أن يظهر مذيعو الأخبار أمام الكاميرات. بدأت نشرة بي بي سي الإخبارية التلفزيونية في 5 يوليو/ تموز من عام 1954، من خلال برنامج "الأخبار والنشرة المصورة"، وقد بدأت النشرة بملخص للأخبار، مرفق بخرائط وصور ثابتة. وجاءت هذه الخطوة بعد سنوات من الاعتماد على الإذاعة المسموعة كوسيلة رئيسية لنقل الأخبار، وتزامنت مع تطورات تقنية ومجتمعية فرضت نفسها على صناعة الإعلام البريطاني والعالمي. ولم تكن تلك الخطوة معزولة عن السياق العام الذي عاشته بريطانيا بعد الحرب، فقد كانت البلاد تشهد تحولات اقتصادية وسياسية عميقة، وبدأ التلفزيون يأخذ مكاناً متزايداً في الحياة اليومية للناس، خاصة بعد أن قررت الحكومة دعم التوسع في البث التلفزيوني ليصل إلى مختلف الأقاليم. وقد أدركت بي بي سي أن عليها أن تتماشى مع هذه التحولات، لكنها في الوقت نفسه كانت حريصة على الحفاظ على طابعها الرسمي الرصين، الذي عُرفت به منذ نشأتها في عشرينيات القرن الماضي. وفي أول نشرة تلفزيونية، قدّم قارئا الأخبار، ريتشارد بيكر وجون سناغ، النشرة دون أن يظهرا على الشاشة، حيث كان يُعتقد أن ظهورهما قد يشكل مصدر تشتيت للمشاهد، كما كان المسؤولون في بي بي سي يخشون من أن يؤدي ظهور المذيعين إلى تشخيص الأخبار وربطها بشخصيات محددة، مما قد يضعف الحيادية التي لطالما حرصت عليها بي بي سي. وقال المذيع في بي بي سي حينها ريتشارد بيكر: "كل ما فعلته في ذلك البرنامج الأول، في الساعة 7:30 مساءً يوم 5 يوليو/تموز 1954، هو أنني قلت: ها هو موجزمصور للأخبار، سيتبعه أحدث فيلم عن الأحداث في الداخل والخارج. لم يكن من المفترض أن نُرى ونحن نقرأ الأخبار لأنهم كانوا يخشون أن نلوث تيار الحقيقة النقي بتعابير وجه غير مناسبة". وأضاف: "تراجعت الإدارة عن هذا القرار في عام 1955 وسمحت لمذيعي الأخبار التلفزيونية بالظهور على الشاشة، وتمت تجربتي أنا وكينيث كيندال في موجز منتصف الليل، حيث كان يُأمل ألا يشاهدها الكثير من الناس". وفي الواقع، ارتبط تغير موقف بي بي سي من ظهور مذيعي نشرة الأخبار على الشاشة مع انطلاق قناة "آي تي في" التجارية في عام 1955، التي كسرت احتكار بي بي سي للبث التلفزيوني، وبدأت في تقديم نشرات إخبارية تتضمن مذيعين يظهرون على الشاشة ويتحدثون مباشرة إلى الجمهور، مما زاد من الضغوط على بي بي سي لتحديث نهجها. وكانت القصة الرئيسية في أول نشرة أخبار في تلفزيون بي بي سي تدور حول محادثات هدنة تُعقد في هانوي في فيتنام، بعد انتهاء حرب الهند الصينية الأولى، التي استمرت لعقد كامل بين عامي 1946 و1956. أما ثاني أبرز أخبار النشرة، فكان حول تحركات القوات الفرنسية في تونس قبيل موافقة رئيس الوزراء الفرنسي بيير منديس فرانس على منح البلاد الاستقلال. أما الفقرة الأخيرة من برنامج "الأخبار والنشرة المصورة"، فقد خُصصت لأفلام النشرة المصورة، في حين اختُتمت النشرة القصيرة بتقرير عن نهاية نظام تقنين المواد التموينية بعد الحرب العالمية الثانية. مشكلات وصعوبات وفي بدايته، تعرض البرنامج الذي استغرق 20 دقيقة لانتقادات شديدة. وفي ذلك الوقت، لم يكن إنتاج نشرة أخبار تلفزيونية مهمة سهلة، فقد كانت التقنية المستخدمة بدائية نسبياً، والمونتاج يتم يدوياً باستخدام شرائط الأفلام السينمائية، مما كان يستغرق وقتاً طويلاً، كما أن نقل المواد من مراسلي الهيئة في الخارج كان يتطلب إرسال الأشرطة بالبريد الجوي، مما تسبب في تأخير نقل الأخبار الدولية، ومع ذلك، كانت النشرة الأولى علامة فارقة، إذ مثّلت أول محاولة منظمة لتقديم الأخبار بصورة مرئية منتظمة للجمهور البريطاني. وقد اعترف المدير العام لهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي في ذلك الوقت، السير إيان جاكوب، بأن هناك مشكلات مبدئية صاحبت إطلاق برنامج "الأخبار والنشرة المصورة". وقال جاكوب إن "تقديم الأخبار على التلفزيون ليس أمراً سهلاً على الإطلاق، فالكثير من الأخبار الرئيسية يصعب تقديمها بصرياً، ولذلك نواجه تحدياً في تقديم الأخبار بنفس المعايير التي أرستها الهيئة في بثها الإذاعي". ومع ذلك، راهن جاكوب على أن "هذه بداية لشيء نعتبره بالغ الأهمية للمستقبل". وقد كتب مدير الأخبار، تاهو هول، في مجلة راديو تايمز عن الصعوبات المتعلقة بالحصول على أفلام إخبارية، حيث كانت تعتمد غالباً على الطائرات وتخضع لقيود الجمارك، وأعرب عن أمله في أن يأتي يوم تتوفر فيه المواد المصورة بشكل شبه فوري. انتشار كبير ورغم البداية المتعثرة، شهدت الأخبار التلفزيونية نمواً ملحوظاً وانتشاراً كبيراً، فبحلول عام 1955، تضاعف وقت بثها، وأدى إدخال ظهور المذيعين على الشاشة إلى زيادة شعبيتها تدريجياً. وقد أثبتت الأخبار التلفزيونية قيمتها الحقيقية عام 1956، حين أدخلت مشاهد لأزمتَي السويس والمجر إلى منازل الناس. وهكذا، وعلى الرغم من التذمر الأولي من البرنامج، بدأ عدد متزايد من الناس في منتصف الخمسينيات من القرن العشرين يُقبلون على مشاهدة التلفزيون، مما دفع الهيئة إلى زيادة محتواها الإخباري، ولم تتراجع منذ ذلك الحين. ومع استقرار التلفزيون وبدء جذب جمهور واسع، توسعت التغطية الإخبارية لتصبح جزءًا لا يتجزأ من الجدول اليومي، وأصبح بيكر وزملاؤه وجوهاً مألوفة على الشاشة. وبالإضافة إلى تقديمهم للأخبار الوطنية، تناوبوا على استضافة برنامج الشؤون الإقليمية في لندن "تاون آند أراوند" بينما كان بيكر يقدم نشرة خاصة مساء الأحد موجهة للصم وضعاف السمع. وفي ستينيات القرن الماضي مع أزمة الصواريخ الكوبية وحرب فيتنام، أصبحت نشرة بي بي سي أكثر نضجاً من حيث الشكل والمضمون حيث بدأت بي بي سي في استخدام اللقطات المصورة بشكل أكثر فاعلية، وأدخلت الخرائط التوضيحية ، كما بدأت في اعتماد ترتيب أكثر وضوحاً للأخبار من حيث الأهمية. وفي عام 1964، أُطلق أول برنامج إخباري متكامل بعنوان "نيوز روم"، وكان يقدم الأخبار من استوديو مخصص مع مذيعين محترفين، وأصبح بمثابة النموذج الذي تبنته بي بي سي على مدى العقود اللاحقة. تغيير النهج وفي عام 1981، قررت بي بي سي إعادة التفكير في نهجها تجاه نشرات الأخبار التلفزيونية. فحتى ذلك الحين، كان العديد من مذيعي الأخبار، مثل بيكر، يُختارون من صفوف الممثلين الطموحين. وكانت الفكرة الجديدة هي منح الدور للصحفيين ذوي الشهرة الكبيرة، الذين سيكونون أكثر انخراطاً وتفاعلاً من خلال إجراء بعض المقابلات بأنفسهم. وتولى جون همفريس وجون سيمبسون تقديم النشرة الرئيسية في الساعة التاسعة مساءً، بينما قدّم بيكر فقرة قصيرة في الساعة السادسة مساءً، وبعد بضعة أشهر، قرر التخلي عن هذا الدور تماماً. وحول رؤيته للصفات المطلوبة في مذيع الأخبار التلفزيوني، وصف ريتشارد بيكر نهجه الشخصي في مذكراته الصادرة عام 1966 بعنوان "ها هي الأخبار"، وقال: "أحاول أن أتخيل شخصين أو ثلاثة جالسين حول المدفأة في المنزل، ما سيصل إليهم هو نقل هادئ للحقائق، مع إظهار ثقة هادئة، ثقة دون غرور، تحفظ دون جمود، وودّ دون مبالغة في الألفة، وهناك، في مكان ما، يكمن ذلك التوازن المراوغ". وأضاف:"نحن ننتمي إلى ذلك النوع الغريب من رجال التلفزيون الذين يُدفع لهم فقط ليتحدثوا إلى الآخرين، من المفترض أن الأمر ليس صعباً، لكن كلما مارسته، أدركت كم هو صعب فعلًا، إنها حرفة مليئة بالتناقضات". واليوم، أصبحت النشرات الرئيسية على قناة بي بي سي 1 مدعومة بقناة الأخبار المستمرة، التي تقدم تغطية حية وآنية على مدار الساعة، إلى جانب خدمات إخبارية متاحة عبر الإنترنت والهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية. وتحتل أخبار بي بي سي مكانة خاصة في قلوب المشاهدين، لا سيما بسبب بعض الهفوات الطريفة التي تُعرض أحياناً على الهواء.

عواقب وخيمة لمهرطقي غلاستونبري!سعيد محمد
عواقب وخيمة لمهرطقي غلاستونبري!سعيد محمد

ساحة التحرير

timeمنذ 4 أيام

  • ساحة التحرير

عواقب وخيمة لمهرطقي غلاستونبري!سعيد محمد

عواقب وخيمة لمهرطقي غلاستونبري! سعيد محمد* من بوابة فلسطين، وعلى منصة غلاستونبري، مهرجان الموسيقى الأهم في المملكة المتحدة، وجدت (أم الديموقراطيات الحديثة) نفسها في قلب عاصفة سياسية شرسة، أشعلتها عروض فرقة البانك راب 'بوب فيلان' وثلاثي الراب الأيرلندي (الشمالي) 'ني كاب'. فما بدأ كمظاهر تضامن من فنانين تقدميين مع قضية شعب يتعرض للإبادة الجماعية وسط صمت العالم وتواطؤ الحكومات الغربيّة، تصاعد سريعاً إلى جدل سياسي وثقافي واسع النطاق، استدعى تحريضاً علنياً من السفارة الإسرائيلية في لندن، وإدانة من أعلى المستويات الحكومية، وتقريعاً علنياً للإعلام، وأطلق تحقيقات جنائية، ودفع جهات مؤثرة تبدأ من حكومة الولايات المتحدة ولا تنتهي عند وكالات المواهب إلى اتخاذ إجراءات عقابية صارمة ضد الفنانين المهرطقين بما لا ترغب السلطات بسماعه ترقى في مجموعها إلى حرب ساحرات عصرية مكتملة الأركان. يتركز الجدل بشكل أساسي حول استغلال فرقة بوب فيلان نقل هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي المباشر فعاليات غلاستونبري لتمرير رسائل ذات مضمون سياسي، حيث قاد بوبي فيلان هتافات 'الموت، الموت للجيش الإسرائيلي' و'فلسطين ستكون حرة من النهر إلى البحر' فيما بينما كانت تُعرض على الشاشة خلفه رسائل تصف جرائم إسرائيل في غزة بأنها 'إبادة جماعية'. وقد سارعت وزيرة الثقافة ليزا ناندي إلى توبيخ بي بي سي، مشيرة إلى 'مشكلة قيادة' داخلها وطالبت بإجابات فورية حول سبب عدم قطع البث المباشر. ونددت الوزيرة – المكلفة بحماية الثقافة والمثقفين وحقوق التعبير الفني – بـما وصفته 'المشاهد المروعة وغير المقبولة'، وأكدت أن الحكومة لن تتسامح مع معاداة السامية – في خلط تام ساذج بين انتقاد الإبادة التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة ومظاهر كراهية اليهود في أوروبا التاريخية -. والتحقت بي بي سي من جانبها بالوزيرة لتشير إلى أن 'المشاعر المعادية للسامية التي عبر عنها بوب فيلان كانت غير مقبولة على الإطلاق' وأعربت عن أسفها لعدم وقف البث في حينه، وقامت منذ ذلك الحين بإزالة العرض من خدماتها لمشاهدة التسجيلات. وأعلن في لندن عن محادثات مع هيئة تنظيم الإعلام (أوفكوم) بهذا الخصوص، ما يشير إلى مراجعة رسمية لطريقة تعامل بي بي سي مع الحادثة، لا سيما بعدما أن أدانها رئيس الوزراء، كير ستارمر. بدوره حظي حفل فرقة ني كاب باهتمام كبير، رغم أن بي بي سي تعمدت عدم بثه مباشرة. وقد واجهت الفرقة، المعروفة بتعليقاتها المؤيدة للفلسطينيين والسياسية، دعوات سابقة من كل أطياف النخبة الحاكمة في السلطة والمعارضة لمنعها من المشاركة في المهرجان بحجة اتهام مو تشارا، أحد أعضائها، بالإرهاب إثر رفعه علم حزب الله خلال حفل سابق. وقادت الفرقة هتافات 'فلينكح كير ستارمر'، رددها جمهور عريض تكراراً في تحدٍ مباشر للسلطات بينما غرقت الساحة أمامهم في بحر من أعلام فلسطينية. وبينما كانت السلطات تكافح لإرضاء السفارة الإسرائيلية واللوبي الصهيوني في المملكة أعاد المغني الأمريكي مارك ريبلليت نكأ جروحها بعدما استغل حفلته (أمس أول) لرفع علم فلسطيني وقيادة جمهوره للهتاف بالنكاح لنتانياهو (رئيس الوزراء الإسرائيلي) وللجيش الإسرائيلي كليهما! مطاردة مهرطقي غلاستونبري التي بدأت بالإدانات الرسمية وتأنيب ال بي بي سي انتقلت إلى حيز التحقيقات الجنائية عندما فتحت شرطة أفون وسومرست مراجعة للحفلات، مع تدقيق في اللقطات الصوتية والمرئية لتحديد ما إذا كانت أي هتافات فيها تشكل مادة ترقى إلى جرم جنائي، بما في ذلك جرائم الكراهية والتحريض. بالإضافة إلى الملاحقة القانونية، واجهت فرقة بوب فيلان عواقب مهنية وخيمة: فقد أُلغيت تأشيرات دخول الفرقة إلى الولايات المتحدة بعد تدخل مباشر من ماركو روبيو وزير خارجيّة الإمبراطوريّة شخصياً، وتخلت عنهم الشركة الأمريكية التي كانت تمثلهم فنياً – الوكالة المتحدة للمواهب – فألغت عقودها معهم بعد أن كان من المقرر أن تقدم الفرقة عروضاً في شيكاغو وبروكلين وفيلادلفيا الخريف المقبل. وقد رد فيلان على هذه الحملة من خلال مقطع فيديو على إنستغرام، قال فيه إن السياسيين البريطانيين يجب أن يخجلوا كثيراً من موضع 'ولاءاتهم'، مشدداً على أن 'الدعوة لإنهاء ذبح الأبرياء ليست خاطئة أبداً'، وأن غضبه موجه نحو الجيش وليس الشعب الإسرائيلي. على أن شركة ميتا (مالكة فيسبوك وانستغرام وواتس أب) سارعت إلى إزالة الفيديو من التطبيق، ما اضطر فيلان إلى إصدار نص مكتوب تداوله النشطاء كصورة عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي قال فيه: 'إن تعليم أطفالنا التحدث عن التغيير الذي نريده ويحتاجونه هو الطريقة الوحيدة التي نجعل بها هذا العالم مكانا أفضل. ومع تقدمنا في السن ونيراننا بالتلاشي تحت ضغوط حياة الكبار الخانقة ومسؤولياتها، من المهم للغاية أن نشجع ونلهم الأجيال القادمة لالتقاط الشعلة التي نقلت إلينا.' لقد تحول مهرجان غلاستونبري هذا العام – وبعكس رغبات منظميه – إلى منصة السياسة الشعبيّة الأهم في بريطانيا بعد تغوّل الصهينة على السياسيين، وغلبة الخنوع على الإعلام الرئيسي، وتردي مستوى الجدل الثقافي العام. وبفضل هذا النوع من الفنانين المنحازين بحكم فنهم وثقافتهم للإنسان ضد الإمبريالية ولحريّة التعبير ضد القمع والمقتلة، صار للناس العاديين من الأغلبية في هذا البلد منصة تطلق منها مواقفهم الصريحة الواضحة ضد جرائم الإمبريالية والحرب الطبقية التي تشنها النخب – وإن بهتافات بذيئة تبدأ بنكاح الحكام ولا تنتهي عند تمني موت جيوشهم -. – لندن ‎2025-‎07-‎05

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store