
عمرو دياب يحتفل بألبومه الجديد «ابتدينا» في العلمين
وأعلنت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، الجهة المنظمة للمهرجان، أن الحفل سجل أعلى حضور جماهيري في هذه الدورة؛ إذ تجاوز عدد الحاضرين 30 ألف متفرج، توافدوا من مختلف أنحاء مصر والدول العربية.
واستهل عمرو دياب الحفل بأغنية «يا أنا يا لأ»، وسط تفاعل جماهيري لافت، قبل أن يوجه كلمة مؤثرة قال فيها: «كل صيف وأنتم طيبين. سعيد بمقابلتكم من جديد، وفخور بالغناء أمامكم. شكراً لشركة (تذكرتي) على إتاحة الفرصة. هذه أهم حفلة في جدولي بهذا الصيف، في مهرجان العلمين».
وخلال الحفل، قدّم دياب مجموعة من أبرز أغاني ألبومه الجديد، من بينها «خطفوني» التي أطلقها بالتعاون مع ابنته جنا، حيث مازح الجمهور قائلاً: «أي حاجة هتطلبوها هغنيها، وده مش من عادتي». كما غنى «بابا»، متحدثاً عن صعوبة حفظ كلماتها الطويلة، قائلاً: «كنت فاكرها صعبة تتحفظ، لكن تفاجأت إنكم حافظينها».
عمرو دياب قدم أغاني ألبومه الجديد (عمرو دياب)
وشهد الحفل لحظة طريفة بمشاركة الفنان محمد لطفي، الذي صعد إلى المسرح أثناء تأدية دياب لأغنيته الجديدة «شايف قمر»، حيث تبادل معه الأحضان ووجه التحية للجمهور وسط تصفيق حار، وأكمل غناء أغنيات الألبوم الجديد بتقديم أغنية «ما تقلقش» من دون موسيقى.
وعبّر الهضبة عن امتنانه لجميع من ساهموا في إخراج ألبوم «ابتدينا» إلى النور، مؤكداً أن التحضير له استغرق عاماً كاملاً، وخصّ بالشكر الملحن عمرو مصطفى، قائلاً: «رجعنا نشتغل مع بعض بعد سنين، وهو لحّن لي أغنية خطفوني، وبشكره من قلبي».
وردّ مصطفى عبر منصاته الرسمية بعد الحفل: «حبيبي أنا اللي بشكرك يا عشرة العمر، نجاحك تعبك ومجهودك، وشكراً لكل الزملاء اللي شغلهم ناجح ومكسر الدنيا».
وفي لفتة محببة لجمهوره، أنهى دياب الحفل بتوزيع «تشيرتات» تحمل اسمه عبر مدفع إلكتروني أطلقها باتجاه الحاضرين في لحظة احتفالية مميزة.
يذكر أن ألبوم «ابتدينا» من إنتاج شركة «سوني ميوزيك»، ويتضمن 15 أغنية هي: «خطفوني»، و«يالا»، و«ماليش بديل»، و«ارجعلها»، و«دايماً فاكر»، و«شايف قمر»، و«ابتدينا»، و«يا بخته»، و«هلونهم»، و«حبيبتي ملاك»، و«بابا»، و«ما تقلقش»، و«خبر أبيض»، و«قفلتي اللعبة»، و«إشارات».
وشارك في كتابة كلمات الأغاني عدد من أبرز الشعراء، منهم: تامر حسين، وبهاء الدين محمد، ومحمد القاياتي، ومنة عدلي القيعي، وأيمن بهجت قمر، وملاك عادل، ومصطفى حدوتة. أما الألحان فحملت توقيع عمرو مصطفى، وعزيز الشافعي، وإسلام زكي، وشادي حسن، ومحمد يحيى. وتولى التوزيع الموسيقي كل من: أسامة الهندي، وأحمد إبراهيم، وعادل حقي، وتوما، وشريف فهمي، ووسام عبد المنعم.
عمرو دياب خلال حفل العلمين (عمرو دياب)
وفي تعليق لـ«الشرق الأوسط»، أعرب الشاعر ملاك عادل عن سعادته بالتعاون مع الهضبة في أغنية «بابا»، مؤكداً: «هذه هي تجربتي الثانية مع عمرو دياب بعد أغنية (الدنيا بترقص)، فعلاً عمرو دياب هو بابا الغناء، والتجربة كانت مختلفة ومميزة، وسعيد أني جزء منها». وأضاف: «كنت أنتظر دائماً سماع جديد عمرو دياب، لكن هذه المرة كنت أترقب أكثر لأني كاتب الكلمات، وبشكر فريق العمل كله على المجهود الرائع».
أما الشاعر تامر حسين فكشف كواليس أغنية «خطفوني» التي جمعت دياب بابنته جنا، التي أصبحت واحدة من أكثر الأغنيات رواجاً عبر «التريند» العالمي لموقع الفيديوهات «يوتيوب»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «الكلمات الأصلية كانت مختلفة تماماً، لكن دياب أراد أغنية ذات طابع عالمي موجهة للجمهور خارج الوطن العربي، فاخترنا كلمات بسيطة وسلسة يسهل ترديدها، مثل (أنت حبيبي حبيبي حبيبي)، لتناسب مختلف الأعمار والثقافات».
وأكد حسين أن «المشروع كان يقوم على تقسيم الغناء بين جنا باللغة الإنجليزية وعمرو دياب بالعربية، بهدف تحقيق انتشار عالمي للأغنية، وهو ما تحقق بالفعل مع صدور الألبوم».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق السعودية
منذ 2 ساعات
- الشرق السعودية
"فات الميعاد".. خلف كل قصة حب.. علاقة فاشلة
أثار مسلسل "فات الميعاد" ردود فعل واسعة خلال عرضه، وقبل وعقب هذا العرض، معظمها يتعلق بأداء بعض الممثلين، خاصة أحمد مجدي وسلوى محمد علي وأحمد صفوت، وبعض المشاهد الدرامية المؤثرة، وبعضها يشيد بالإخراج (سعد هنداوي) والتصوير (زكي عارف) والتأليف (إشراف محمد فريد) والموسيقى (عزيز الشافعي). من حسن حظ العمل أنه لم يعرض في شهر رمضان، رغم أنه مسلسل "رمضاني"، سواء من ناحية قالبه المكون من 30 حلقة، وهو قالب قديم يقل استخدامه بمرور الوقت وصار مرتبطاً بشهر رمضان أكثر من غيره، أو من ناحية المضمون الموجه بالأساس للعائلة المتوسطة، والذي يركز على العلاقات الزوجية والأنماط الشخصية العائلية بأنواعها. لقد شوهد المسلسل ونال من الدعاية وردود الفعل ما لا يتاح لأي مسلسل رمضاني، بسبب التزاحم والتنافس الشرس الذي يحدث في دراما رمضان بين عشرات الأعمال، ولا بد أنه درس للمنصات والموزعين والمعلنين الذين يتكالبون على العرض في رمضان، ناسين أن السنة 12 شهراً وأن المشاهدين هم أنفسهم وأن توقيت العرض المناسب قد يكون الابتعاد عن توقيتات الآخرين. تشابهات وتشابكات يبدو "فات الميعاد" قادماً من دراما رمضان، ومسلسلات التسعينيات، بسبب قالبه "الثلاثيني" ومضمونه العائلي متشعب الحكايات، ولكنه يحمل داخله أيضاً قالب المسلسل القصير ذا الحكاية الواحدة والشخصيات المحدودة. وفكرة العمل وحكاياته تتناص وتتقاطع وتتكامل مع مسلسلات وحكايات مشابهة، تستعرض العلاقات بين الجنسين وتركز على أنماط الرجال والنساء داخل الشرائح المختلفة للطبقة الوسطى المصرية، من الحارة الشعبية التقليدية وحتى المجمعات السكانية (الكومباوندات) على أطراف القاهرة التي تتوسع باستمرار. وتركز معظم هذه الحكايات الحديثة على إعادة النظر في مفهوم "الرجولة"، ووضع كل من الرجل والمرأة داخل الأسرة النووية (الأب والأم والأطفال) ثم العائلة والمجتمع والأمة بشكل عام. تدرك هذه الأعمال، بوعي أو غير وعي، بوجهة نظر ليبرالية أو محافظة، تقدمية أو رجعية، أن الأبوية هي المشكلة، أو ربما الحل، وتسعى بدأب للإسهام في المناقشة الواسعة حول مستقبل هذه الأبوية المهددة بالانهيار، سياسياً وإجتماعياً، وبالانهيار العصبي، درامياً. تحدد معظم الشخصيات في "فات الميعاد" بوظيفتها العائلية، باستثناء قليل من الشخصيات التكميلية كموظفين أو مسئولين أو خارجين على القانون، وإن كان يحسب له أنه يحدد المهن التي تعمل بها الشخصيات ويجعل تفاصيلها جزءاً عضوياً من الشخصيات والدراما، أحياناً. وهذه المهن تحتاج إلى نظرة مقربة، سأقوم بها لاحقاً. قصة حب معنفة الشخصيتان المحوريتان هنا هما مسعد (أحمد مجدي) بسمة (أسماء أبو اليزيد)، اللذين تنهار حياتهما الزوجية عقب سلسلة من الخلافات الناجمة عن عنف مسعد البدني واللفظي وارتباطه المرضي بأمه عبلة (سلوى محمد علي). يحيلنا اسم العمل إلى أغنية أم كلثوم الشهيرة، وتؤكد مقدمة المسلسل التي تحتوي على بعض مقاطع هذه الأغنية على هذا الربط: فات الميعاد وبقينا بعاد.. تفيد بإيه يا ندم وتعمل ايه يا عتاب.. بيني وبينك هجر وغدر وجرح بقلبي داريته.. بيني وبينك ليل وفراق وطريق انت اللي بديته". الأغنية تتحدث بلسان المرأة المكلومة في حبها، التي تعرضت للظلم والقهر طويلاً، ولكنها الآن ترفض العودة للحبيب بعد فوات الأوان. وبالفعل تعبر بسمة عن هذا الموقف عبر معظم أحداث المسلسل، أو على الأقل حتى نصفه الأول، حين تلقي بقصة زواجها من مسعد وراء ظهرها وتتزوج رئيسها في العمل، الطيب الشهم، الثري، النقيض التام لمسعد العنيف اللئيم والفقير. النصف الثاني من العمل يغادر جو أغنية "فات الميعاد" ليقترب أكثر من فيلم "موعد على العشاء" ومسلسل "قلبي ومفتاحه" اللذين يتحدثان عن زوج سابق يصر على استعادة طليقته بشتى الطرق، ليس حباً فيها، ولكن مداواةً لكبريائه وذكورته المجروحة. ينتقل "فات الميعاد" من وجهة نظر المرأة الضحية ليتابع مأساة مسعد الذي قتلته الرجولة (كما يقول عنوان فيلم الجزائري مرزاق علواش الشهير "عمر قتلته الرجولة"). ولكن هذا التركيز على رحلة مسعد إلى الجحيم، بدلاً من رحلة بسمة إلى الخروج من الجحيم، يعود جزئياً إلى السيناريو الذي يهتم بتحولات مسعد أكثر من بسمة، ولكنه يعود بشكل أساسي أيضاً إلى الإخراج والممثلين، وبشكل أكثر تحديداً إلى ضعف حضور أسماء أبو اليزيد في مقابل الحضور الطاغي لأحمد مجدي. تمثيل ولا تمثيل يؤكد "فات الميعاد"، إيجاباً وسلباً، أهمية عنصر التمثيل، خاصة في هذا النوع من الأعمال التي تعتمد على الحوار وصراع الشخصيات والطبائع. والمقارنة بين بعض الممثلين داخل العمل تبين الفرق، فرغم أن مساحة شخصية بسمة لا تقل عن مساحة مسعد إلا أنه يكاد يكون مستحيلاً أن يتذكر المرء مشهداً واحداً مميزاً لأسماء أبو اليزيد طوال حلقات المسلسل. أسماء ممثلة جيدة ولديها وجه مصري إفريقي مميز، ولكنها في الفترة الأخيرة تمثل بدون روح. تظهر أسماء هنا بوجه خاوي من التعبير وصوت "مونوتون" فاتر لا يعلو ولا يهبط، و عصب، Nerve، منخفض حتى في أكثر المشاهد سخونة وانفعالاً. ومن المدهش أن دور بسمة يحمل إمكانيات تحلم بها أي ممثلة، وسبق له أن صنع شخصيات لا تنسى، من فاتن حمامة في "أريد حلاً" و"لا عزاء للسيدات"، إلى سعاد حسني في "موعد على العشاء" إلى منى زكي في "احكي يا شهر زاد" و"تحت الوصاية" ونيللي كريم في "فاتن أمل حربي". ومن المفارقات أن صناع "فات الميعاد" يضعون صور سعاد حسني في كل بيت تسكنه بسمة، ربما تحية للنجمة الراحلة، أو للربط بينها وأبو اليزيد، ولكن الحقيقة أن المسافة شاسعة بين أداءها وأداء تلك الممثلات. وقد أضاعت بالفعل فرصة عمرها في دور يصعب أن تحصل على مثله مرة أخرى، سواء من ناحية التحولات التي تمر بها الشخصية والفترة العمرية الطويلة التي تقترب من 10 سنوات، بداية من كونها عروس جديدة تحب زوجها، وحملها بأول طفلة لها، وصولاً إلى المواجهات الدامية معه، عقب طلاقها وزواجها مرة أخرى، وحروب المحاكم من الخلع وحتى الحصول على حضانة الطفلة. على العكس من أسماء أبو اليزيد يستغل أحمد مجدي دور مسعد ليصنع نقلة في مسيرته الفنية، ينتقل بها من الشخصيات أحادية البعد إلى شخصية شديدة التركيب والتعقيد، من الواضح أنه بذل مجهوداً هائلاً في إعدادها وتنفيذها. وبشكل مماثل أدركت سلوى محمد علي أن شخصية الأم عبلة تحمل فرصة وإمكانية كبيرة لتغيير جلدها كممثلة، أو بمعنى آخر، لتقديم شخصية من جلد ولحم ودم وعظم، تكاد تنبض بالحياة وتنفصل عن صاحبتها. خطوط متوازية بالتوازي والتضاد بين مسعد وبسمة هناك علاقة معتصم، أحمد صفوت، بزوجته سارة، ولاء الشريف، على النقيض من مسعد فإن معتصم هادئ، عاقل، محب، بينما زوجته لا يعجبها شئ، وتقابل أي محاولة منه لإسعادها بجفاء غير مبرر. ولكن مثل أحمد مجدي يبذل أحمد صفوت جهداً كبيراً لتغيير جلده كممثل، حوصر كثيراً في دور الشرير، وينجح في بث الروح والجاذبية في الشخصية. ومثل أسماء أبو اليزيد، بل أسوأ بكثير، فإن ولاء الشريف تمثل بلا روح ولا فهم لطبيعة الشخصية، بالإضافة إلى كونها ممثلة محدودة الإمكانيات بشكل مروع. يعتمد "فات الميعاد"، بحكم طبيعته، على عنصر التمثيل بشكل رئيس، وبالفعل يتحدد مستوى المشاهد وتأثيرها بناء على كتابة الشخصيات وحتى أداء الممثلين لها في كل مشهد. وبجانب أحمد مجدي وسلوى محمد علي وأحمد صفوت هناك شخصيات مكتوبة جيداً وحظيت بممثلين جيدين يؤدونها مثل شخصية منعم، شقيق مسعد، التي يؤديها محمد علي رزق بطبيعية وبساطة ملفتة، رزق أدى شخصية الأخ الوغد في مسلسل "ظلم المصطبة" في رمضان الماضي، ورغم التشابهات بين الدورين لكنه استطاع إكساب كل منهما تفاصيل و"لزمات" ولهجة ولغة جسد مختلفين. الأمر نفسه ينطبق على دور زوجة منعم، محاسن، الذي تؤديه فدوى عابد بتلقائية شعبية محببة، بالرغم من أن الكتابة كان يمكن أن تعطيها اهتماماً أكبر نظراً لخصوصية ولا نمطية هذه الشخصية. وبالمقابل هناك شخصيات نمطية عديدة في "فات الميعاد"، بعضها مسطح وأحادي البعد بشكل ملفت، مثل شخصيات أشقاء بسمة، بحكاياتهم الفرعية الباهتة والزائدة والتي يبدو وكأن لا هدف لها سوى تعبئة الـ30 حلقة. مطبات إيقاعية بالرغم من أن "فات الميعاد" نجا من تدافع وعجلة دراما رمضان، لكن من الواضح أنه لم ينل كفايته من المراجعة وإعادة الكتابة. وسأضرب مثلاً بسيطاً على طريقة الكتابة السائدة: يفترض أنه بعد الانتهاء تماماً من كتابة كل الحلقات والاتفاق عليها بشكل مبدئي، يعاد النظر فيها من جديد لتلافي الأخطاء والثغرات وربط الأحداث وتحديد الشخصيات بشكل أفضل وفوق ذلك ضبط الايقاع الكلي للعمل. لا يبدو أن ذلك حدث هنا، ولو حدث، فكيف فات صناع العمل أن يسمحوا بكثير من الحشو في النصف الثاني من العمل، بينما كان لديهم فرصة لكتابة حلقة أولى عن قصة حب وزواج مسعد وبسمة وسعادتهما الأولى، والمقدمات الأولى للمشاكل، ما يمهد لنا بعد ذلك فهم تعلق مسعد المرضي ببسمة، حتى بعد زواجه بامرأة أخرى لا تقل عنها أنوثة، كما يبرر لنا شفقة بسمة عليه ودفاعها عنه، رغم العنف والجرائم والأفعال المدمرة التي يرتكبها طوال الوقت. هذه العلاقة "التوكسيك"، حسب تعبيرات شباب هذه الأيام، كان يمكن أن تحتمل المزيد من التعميق والكثافة، خاصة وأنها محور العمل و"ثيمته" الأساسية، فيما كان يمكن استبعاد أو اختصار الكثير من العلاقات والمشاهد الفائضة في النصف الثاني من السيناريو.. على الأقل تلك المشاهد التقليدية للطرق على الأبواب وسؤال من بالداخل عدة مرات عن هوية الطارق ثم الذهاب لفتح الباب وإلقاء السلام ودخول الضيف ودعوته لشرب الشاي وفي النهاية يدور الحوار حول شئ لا يؤخر ولا يقدم في الدراما، أو قيام الشخصيات بإعادة حكي ما شاهدناه بالفعل في مشاهد سابقة، أو تكرار الشجارات نفسها.. إلى آخر هذا الحشو الذي عاشت عليه دراما الـ30 حلقة لعقود! القلق الطبقي قد يكون المحرك الأول لصنع "فات الميعاد" هو حكاية مسعد وبسمة، ولكنه في الكتابة اقترب من نوعية مسلسلات شجرة العائلة، أو بانوراما العلاقات بين الأفراد والعائلات، التي اشتهرت بها المسلسلات الأميركية في سبعينيات القرن الماضي بأعمال مثل Dallas و Knots Landing وانتقلت إلى الدراما المصرية على يد أسامة أنور عكاشة ومحمد جلال عبد القوي وغيرهما، وهو نوع يمكن أن يمتد إلى ما لا نهاية، وبعض الأعمال الأجنبية تعد حلقاتها بالمئات. في الحقيقة، مع نهاية "فات الميعاد" وبقاء الكثير من الخيوط مفتوحة، يمكن بمنتهى البساطة عمل جزء ثانٍ وربما ثالث ورابع منه، إذا رغب صناعه في ذلك وكان لديهم ما يقدمونه. حول قصة مسعد وبسمة التي تحتل قلب العمل هناك قصص عائلتيهما، مضافاً إليها عائلة صاحب المطبعة التي تعمل بها بسمة وأخوها، وتتداخل العائلات الثلاثة بوتيرة متسارعة ومفاجئة في النصف الثاني مع زواج بسمة من معتصم وزواج أخوها – السري ثم العلني- من أخت معتصم. وهذا التحول تحديداً يعطي للمسلسل بعداً طبقياً ملحوظاً: نحن أمام ثلاث شرائح من الطبقة الوسطى، أعلاها عائلة معتصم، وأدناها عائلة مسعد، وفي المنتصف عائلة بسمة. مسعد وأخوه منعم لم يكملا تعليمهما، ووالدهما كان صاحب ورشة جلود ميسور الحال، استطاع أن يبني للأسرة منزلاً في حي شعبي. أما عائلة بسمة فمن المتعلمين الأكثر انفتاحا وتحرراً، والدها معلم لغة عربية، وأخوها محاسب وأختها مدربة تربية رياضية والأصغر ابن عصر الكمبيوتر والتطبيقات الحديثة. تسكن أسرة بسمة في شقة مؤجرة، على عكس عائلة مسعد، ورغم أن المستوى الاقتصادي متقارب، لكن عائلة بسمة تعتبر أرقى بحكم التعليم ونمط المعيشة، كما أنهم قادرون على التحرك طبقياً بشكل أسهل من عائلة مسعد التي تصعد عن طريق أعمال مشكوك في صحتها قانونياً وأخلاقياً. أسرة معتصم أكثر ثراءً واستقامة أخلاقية (على الأقل معتصم وأبوه) وهم يملكون مطبعة كبيرة (مهنة تجمع بين الثقافة والبيزنس)، ولكنهم لا يعدمون وجود صراعات داخلية على الميراث، بسبب الأخت الطماعة وزوجها الخائن للأمانة، بالمناسبة يؤدي عماد إسماعيل هذه الشخصية الوضيعة ببراعة وحضور، على عكس شخصيتي الأختين، ما يبين مرة أخرى أن صناع العمل يهتمون بشخصيات الرجال أكثر من النساء، سواء في الكتابة أو توظيف الممثلين! خلف هذه العلاقات المتشابكة بين العائلات الثلاث يسري قلق طبقي مخيف، يهدد كل العلاقات، وبقليل من التدقيق يتبين أنه المحرك الرئيس لمعظم الصراعات وسلوك الشخصيات وفشل العلاقات بينهم. في الحقيقة يبدأ المسلسل حرفياً بمحاولات بسمة لجمع المال اللازم للإنتقال إلى شقة مستقلة بعيداً عن هيمنة وتدخلات حماتها، بينما مسعد الذي يشعر بالنقص المزمن، والضعف تجاه أمه، يخرب هذه المحاولة بقصد ودون قصد. وينتهي المسلسل، حرفياً أيضاً، باستقرار بسمة في بيتها وطبقتها الجديدة، وبعطف بسمة ومعتصم على مسعد من خلال مساعدته على تأسيس مشروعه الخاص. هذا التسكين المؤقت للقلق الطبقي لا يبدو أنه قابل للاستمرار طويلاً.. ذلك أن هاجس الفقر والرغبة في الصعود وتصادم المصالح والطبائع لم تزل مخيمة على المشهد الختامي، مهددة بالانفجار من جديد. ورغم أن المسلسل بدأ من قصة حب يفشل في منتصف الطريق، فإن كل قصص الحب والزواج الأخرى في المسلسل تبدو محكومة بالاعدام أو التمزق تدريجياً بنفس الدرجة.. حتى أنه يكاد لا يوجد مشهد حب صادق واحد على مدار الحلقات الثلاثين! * ناقد فني


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
«الفوضى في الشِّعر العباسي» بوصفها «نظاماً آخر»
لا تقرأ الباحثة الأردنيّة الدكتورة نهال عبد الله غرايبة، عبر كتابها الجديد «نظرية الفوضى في الشعر العباسي من التمرد إلى الجمال - مقاربة نصية في شعر أبي نواس وأبي تمام والمتنبي»، الفوضى بوصفها اضطراباً أو تشويشاً، بل بوصفها نظاماً آخر، متخفّياً في قلب اللامتوقَّع، نابضاً في عمق القصيدة، حيث تسكن اللغة في حدود الانفجار، ويتقاطع الإبداع مع العلم، ويولَد الجمال من رحم التنافر. الكتاب، الصادر حديثاً عن «الآن ناشرون وموزعون»، الأردن (2025)، هو بمثابة رحلة تأمُّل في صميم الشعر العربي حين يخلخل نسقه، ويعيد ترتيب عناصره بوعيٍ وجوديٍّ وثقافيٍّ جديد. وقد جاء بناء الكتاب موزعاً على مقدمة، وأربعة فصول، وخاتمة. وقد خُصص التمهيد لتقديم تصور شامل لمفهوم الفوضى، من حيث نشأتها وتطورها، مع إبراز علاقتها بالعلوم الطبيعية والإنسانية، وبيان امتداد تأثيرها إلى الحقول الأدبية والفكرية. وفي تقديمها للكتاب تُبيِّن الدكتورة غرايبة أن الدراسات النقدية المعاصرة «شهدت في العقود الأخيرة تحوّلاً لافتاً نحو توسيع أفق القراءة الأدبية، وذلك عبر توظيف مناهج مستمدة من العلوم الطبيعية والرياضية والفلسفية، وفي هذا الإطار يأتي هذا الكتاب ليسهم في إثراء الحقل النقدي بدراسة تتجاوز الأطر التقليدية في تحليل الشعر العربي القديم، من خلال مقاربة تقوم على توظيف «نظرية الفوضى» بوصفها إحدى النظريات العلمية التي لاقت حضوراً لافتاً في الحقول الإنسانية والفكرية، لا سيما الأدب والنقد. وهي تعد أحد أهم إنجازات ما بعد الحداثة في انتقال المنهج من التفسير الخطِّي إلى استكشاف الديناميات اللاخطِّية التي تحكم الظواهر اللغوية والجمالية والفكرية. وقد اختير كلٌّ من أبي نواس وأبي تمام والمتنبي بوصفهم ثلاثة من أبرز شعراء العصر العباسي الذين تجاوزوا بنى القصيدة التقليدية، ولكونهم يمثلون نماذج شعرية متميزة في الخروج على استراتيجيات الشكل والمضمون للقصيدة العربية، كلٌّ بطريقته، وكلٌّ بفوضاه الخاصة، التي لا تُعد خللاً بل نظاماً جديداً يولد من قلب التمرد والانزياح، ويشكّل بؤراً جمالية تحمل خصائص النص الحداثي». أما الفصول الثلاثة الأولى من الكتاب، فقد خُصصت لدراسة استراتيجيات الفوضى في شعر كل من أبي نواس وأبي تمام والمتنبي، على الترتيب، مع التركيز على تفكيك البنى الشعرية والموضوعاتية في نصوصهم، وتحليل تحوّلات المعنى والصورة والأسلوب، بما يكشف عن مظاهر الانزياح والتشظي التي تعكس حضور الفوضى في بنية القصيدة. في حين تناول الفصل الرابع «بلاغة التشويش» بوصفها مظهراً مركزياً من مظاهر الفوضى الفنية، حيث تم الوقوف على أبعادها المعجمية والدلالية والجمالية. أما الخاتمة، فقد تضمنت عرضاً لأبرز النتائج التي خلصت إليها الدراسة، وجاء فيها: «في هذا الكتاب، سعيت إلى تقديم مقاربة شاملة لنظرية الفوضى، من خلال تتبع جذورها الفكرية والعلمية في مختلف مصادرها، واستكشاف تجلياتها في الشعر العربي العباسي، عبر تحليل استراتيجياتها الجمالية والفكرية في نماذج مختارة من شعر ثلاثة من أعلامه: أبي نواس، وأبي تمام، والمتنبي، وقد تبيّن من خلال هذه الدراسة أن كلّ شاعر من هؤلاء أسّس لنظام شعري خاص به، خرج فيه على بنى القصيدة التقليدية، وابتكر فضاءً فوضوياً منضبطاً، أعاد من خلاله تشكيل المعنى، وبناء الذائقة، وصياغة الوعي الجمالي». وكشفت الدراسة عن أن فوضى أبي نواس لم تكن مجرد تمرد أسلوبي، بل كانت خطاباً فكرياً حادّاً، واجه به المؤسسات الدينية والسياسية والاجتماعية، عبر تقويض قيمها وتفكيك بنيتها من الداخل، فصوته الشعري جاء معارضاً، ثائراً، يعيد رسم حدود المسموح والممنوع. أما أبو تمام، فقد تجلّت فوضاه في إحداث قطيعة مع البلاغة القديمة، ليبني جماليات جديدة تُعلي من شأن التعقيد والغموض، وتفتح باب الشعر على احتمالات التأويل والتعدد والانزياح، مؤسساً لعقد جمالي جديد. أما المتنبي، فقد مارس فوضاه ضمن بنية المدح التقليدية، غير أنه أعاد توجيهها لتكون أداة لتمجيد الذات، فأزاح الممدوح إلى الهامش، ورفع الشاعر إلى مركز النص، مشكّلاً بذلك بنية شعرية جديدة تنطلق من تفوق الذات الشاعرة وتأسيسها لمؤسسة شعرية مغايرة. وقد خلصت الدراسة أيضاً إلى أن بعض التقنيات الشعرية -كالانزياح الدلالي، والمفارقة، وثنائية المحو والكتابة- لعبت دوراً جوهرياً في بناء «بلاغة التشويش»، بوصفها وسائل فنية تهدف إلى كسر أفق توقع المتلقي، وتحفيزه على التفكير، وتأويل النصوص في ضوء احتمالات غير مألوفة، مما يعزز البعد الفوضوي بوصفه عنصراً جمالياً فاعلاً.


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
«يعبر الزمن على دراجة»... قصص «فوق جناح الخيال»
يبدو الخيال المجنح المتحرر من أسر المنطق وقيود الواقع بطلاً فاعلاً في المجموعة القصصية «يعبر الزمن على دراجة»، الصادرة أخيراً عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة للكاتب والروائي المصري حسين منصور، الذي يكتب نصوصه منحازاً للضعف الإنساني وبحث البشر عن لحظة حقيقية من الخلاص وسط واقع مخيف يدعو للتشاؤم والرعب والرؤى الكابوسية. يوقظ منصور ما يمكن وصفه بـ«الكتابة النائمة»، التي تسير داخل اللاوعي منتجة رؤى حالمة تُترجم في شكل فقرات تتأرجح بين الأحلام والمخاوف، واللافت هنا قدرة الكاتب على رسم الخيال في هيئة كلمات حية لا يمكن تغييرها لأنها في موضعها تماماً كصورة متكاملة يصعب استبعاد أي عنصر منها. تحولات مخيفة تصيب الشخصيات عبر قصص المجموعة، فقد يتحول المسافرون على متن طائرة إلى دمى قاتلة، لكن الراوي يستطيع أن يروضها بحنكة، وربما يصبح السرير ميداناً فسيحاً لا تبلغ نهايته مهما سرت فيه، ولا تندهش إذا وجدت أباً مثقلاً بالأعباء يدرك أنه في الحقيقة مجرد شبح يطل على الواقع بعد رحيله عنه بسنوات، بينما المرأة التي بدت عاشقة في البداية تتحول إلى طائر أسود عملاق ينقر رأس من كان سيقع في غرامها قبل قليل. في قصة «رأيت ما لا ترون»، نقرأ: «على رصيف المقهى، جلس يدفئ يديه بكوب من الشاي. ودّ للحظة أن يشعر ببراءته فخلع ملابسه ووقف وسط الشارع. غسله المطر الغزير ورسمت أضواء السيارات على جسمه قوس قزح. شعر ساعتها بنشوة غامرة، فمد ذراعيه ومال برأسه ناظراً إلى الأعلى فرأى الكون فسيحاً وشعر بنفسه حراً فرفرف بذراعيه طائراً نحو السماء. شيئاً فشيئاً، تخلص من أضواء السيارات على جسمه وبعد انحسار المطر عاد إلى رصيف المقهى وملابسه التي بللها الماء فارتداها وهام في الشوارع، يحدث الناس عن عالم الأرواح عن النور عن الرحمة». وفي قصة «يعبر الزمن على دراجة»، نقرأ: «لم يكن أبي يراجعني في حلم قصصته أو حكاية حكيتها مهما كانت غريبة، فلا يسألني عن الرجل الذي نبتت له أجنحة وطار حتى ارتفع إلى مئذنة الجامع... كيف طار؟ ولم يكن يكذبني في حكاية الذئب الذي قابلني، وأنا عائد من المدرسة فقذفته بطوبة أصابت عينه فأسرع إلى أمه يبكي كجرو صغير. ولا يستفسر كيف ركبت على ظهر الحوت، وطاف بي في البحر وفرجني على كل شيء فيه، الأسماك الملونة والقروش والشعاب المرجانية التي نراها في كتاب العلوم. ولم يكن أبي يستغرب حكاياتي عن الجنيات والعفاريت التي أراها في الظلام، فلا أخاف منها، بل كان يستحثني على الاستمرار في الحكي بسؤاله: وماذا بعد؟».