
الجزائر تحيي ذكرى جرح مفتوح في تاريخها مع فرنسا
وتحيي الجزائر هذه الأيام الذكرى الـ80 لمجازر 8 مايو (أيار) 1945، التي راح ضحيتها نحو 45 ألف جزائري في مدن الشرق، على أيدي رجال الشرطة الفرنسية ضد متظاهرين طالبوا بالاستقلال، مقابلاً لمساعدة أبنائهم فرنسا والحلفاء في الانتصار على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية، من خلال الانخراط في هذه الحرب ضمن الجيش الفرنسي.
الاحتفالات في ولاية بومرداس شرق العاصمة (حساب الولاية)
وكانت السلطات الاستعمارية شجعت شباب الجزائر على التجنيد في مقابل منح بلادهم الاستقلال إن تم دحر ألمانيا هتلر.
ومن أهم مطالب تلك المظاهرات التي جرت في سطيف وقالمة وخراطة، كان تذكير فرنسا بهذا الوعد. غير أن قواتها الأمنية جابهت المتظاهرين بالنار والاعتقال، فقد كانت هذه الأحداث منعطفاً حاسماً في تاريخ النضال الوطني، مهَّد لاندلاع «ثورة التحرير» عام 1954 التي انتهت باستقلال الجزائر.
وقال رجل الثورة الراحل حسين آيت أحمد: «إن أول نوفمبر (تشرين الثاني) 1954 (اليوم الذي اندلعت فيه حرب التحرير) بدأ في الثامن من مايو 1954»، وهو يوم المظاهرات التي يعدّها المؤرخون محطة فارقة في حسم علاقة الجزائريين مع الاستعمار.
وتم استحضار هذه الأحداث في محافظات البلاد، بواسطة أنشطة أقرتها وزارة المجاهدين، تمثلت أساساً في وضع أكاليل من الزهور على النُصب التذكارية، لا سيما في المدن التي شهدت المجازر، إلى جانب الوقوف دقيقة صمت ترحّماً على أرواح الشهداء.
ورافقت هذه المراسم الرسمية عروض فنية وفولكلورية، تتضمن مسرحيات تمثل أحداث المجازر أو الحياة اليومية خلال تلك الحقبة، كما قدمت أناشيد وطنية ومقاطع شعرية تمجد تضحيات الشعب الجزائري ومقاومته للاستعمار.
الملصق الرسمي للاحتفالات
كما نظمت معارض وثائقية وتاريخية تضم صوراً وشهادات ووثائق تؤرخ لتلك الأحداث، إلى جانب عرض مجسمات تحاكي المظاهرات الشعبية أو مشاهد القمع الفرنسي.
وما ميَّز الاحتفالات هذا العام، حضور وفد برلماني فرنسي بعض فعالياتها. وقد أكد أعضاؤه في تصريحات للصحافة الفرنسية أن تواجدهم في الجزائر في هذه الذكرى «بمثابة اعتراف قطاع من السياسيين الفرنسيين، بمسؤولية دولتهم عن مذابح 8 مايو 1945».
وتمر العلاقات بين البلدين منذ الصيف الماضي بتوترات غير مسبوقة، كان آخر فصولها تبادل طرد دبلوماسيين في مؤشر على قطيعة شبه تامة.
وأكد وزير الداخلية إبراهيم مراد في تصريحات، الخميس، بمناسبة الاحتفالات، «أن أحداث 8 مايو 1945 تمثل ذاكرة وطن وتضحيات شهداء، لا يمكن أن ننسى هذه الذكرى». مشيراً إلى أن الطيف السياسي الجزائري في تلك المرحلة، «أيقن أن لا حلَّ آخر أمامه إلا حمل السلاح في وجه المستعمر». كما قال إن الجزائريين «لا يمكن أن ينسوا ما جرى في الثامن من مايو، فقد كانت هذه الأحداث وصمة عار لفرنسا التي تنكر أنها لم ترتكب جريمة ضد الإنسان في الجزائر».
ولفت مراد إلى «وجود الكثير من المؤرخين في فرنسا يؤكدون في كتاباتهم أنها اقترفت جرائم في الجزائر»، معبّراً بثقة: «ستعترف فرنسا حتماً بأنها ارتكبت جرائم في الجزائر».
الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش قمة مجموعة الـ7 بإيطاليا في 13 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)
ونشرت الرئاسة، الأربعاء، خطاباً للرئيس عبد المجيد تبون بهذه المناسبة، أكد فيه أن «مجازر الثامن من مايو كانت انتفاضة شعبية فاصلة، اقتربت بنضالات الحركة الوطنية إلى لحظة تاريخية حاسمة تمثلت في التحوّل إلى جبهة الكفاح المسلح. ففي هذا اليوم الوطني، يقف الجزائريون عند هذه الذكرى التي تبرز حجم المعاناة وقساوتها التي تكبّدها شعب مقاوم، لدفع العدوان عن أرضه».
والمعروف أن الجزائر وفرنسا أطلقتا عام 2023، «لجنتين لمصالحة الذاكرتين»، تضم كل واحدة خمسة باحثين أكاديميين في التاريخ من البلدين، مهمتهم إحداث توافق في الرؤية بخصوص «الحقيقة التاريخية»، وذلك بغرض التوصل إلى مساحة مشتركة تسمح بتجاوز الخلاف حول «الذاكرة وأوجاع الاستعمار». غير أن الخلافات الحالية أوقفت عمل هؤلاء بعد أن كانوا حققوا خطوات إيجابية في المشروع، وفق تصريحات لهم.
وتتمثل مطالب الجزائر في «قضية الذاكرة»، في «اعتراف صريح من فرنسا بأن احتلالها الجزائر كان جريمة»، وأن يتبع ذلك تقديم الاعتذار. وكان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قد حسم هذا الجل مطلع 2023، عندما قال في مقابلة صحافية: «لست مضطراً إلى طلب الصفح، هذا ليس الهدف. الكلمة ستقطع كلّ الروابط (...) إن أسوأ ما يمكن أن يحصل هو أن نقول (نحن نعتذر وكلّ منّا يذهب في سبيله)». كما قال: «الاشتغال على الذاكرة والتاريخ ليس جردة حساب، إنّه عكس ذلك تماماً. إنه يعني الاعتراف بأن في طيات ذلك، أموراً لا توصف، ولا تُفهم ولا تُبرهَن، وربما لا تُغتفر».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرياض
منذ 27 دقائق
- الرياض
رئاسة أمن الدولة تشارك في اجتماعات مجموعة «الإيقمونت» في دولة لوكسمبورغ
شارك وفد الإدارة العامة للتحريات المالية برئاسة أمن الدولة في اجتماعات مجموعة الإيقمونت في دولة لوكسمبورغ التي عقدت خلال الفترة من 11 - 17 محرم الجاري. وجرى خلال الاجتماعات تعيين مدير الإدارة العامة للتحريات المالية اللواء محمد بن عبدالرحمن المهنا ممثلًا إقليميًا لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مينا إيقمونت)، وعضوًا في لجنة الإيقمونت لمدة سنتين. كما وُقّع على هامش المشاركة مذكرة تفاهم بين الإدارة العامة للتحريات المالية ونظيرتها في جمهورية قرغيزستان، بهدف تعزيز التعاون بين الطرفين في مجال تبادل المعلومات المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والجرائم ذات الصلة.


عكاظ
منذ ساعة واحدة
- عكاظ
غارات إسرائيلية تستهدف القوات السورية في «السويداء»
هاجم جيش الاحتلال الإسرائيلي آليات عسكرية سورية في منطقة السويداء جنوب البلاد. وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، في تدوينة عبر صفحته الرسمية بمنصة «إكس»، اليوم (الثلاثاء): إن القرار يأتي بعد رصد قوافل من ناقلات الجند المدرعة والدبابات تتحرك نحو منطقة السويداء أمس (الإثنين). وأضاف أن الجيش هاجم منذ أمس عدة آليات مدرعة، منها دبابات وناقلات جند مدرعة وقاذفات صاروخية، إلى جانب طرقات لعرقلة وصولها إلى المنطقة. وأعلن أن الجيش يواصل مراقبة ومتابعة التطورات، ويبقى في حالة تأهب دفاعياً للتعامل مع السيناريوهات المختلفة. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، أصدرا تعليماتهما للجيش بضرب قوات النظام السوري التي جرى نشرها في مدينة السويداء على الفور. وقال نتنياهو وكاتس في بيان مشترك: «أصدرنا تعليمات لجيش الدفاع الإسرائيلي بمهاجمة قوات النظام وأسلحته التي أدخلت إلى منطقة السويداء في سورية فوراً، بهدف تنفيذ عملياته ضد الدروز، وهذا يتناقض مع سياسة نزع السلاح التي اتخذت، على حد زعمه. وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، بأن الطيران الإسرائيلي استهدف مدينة السويداء، اليوم (الثلاثاء)، بالتزامن مع دخول القوات الحكومية إليها. وقالت إن طيران الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية في جنوب سورية. وأعلنت إسرائيل، الإثنين، أنها دمرت دبابات سورية في منطقة التوترات بالسويداء، وحذرت من استهداف الدروز في سورية. من جانبه، أعلن وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة، اليوم، الاتفاق على وقف النار في السويداء، مؤكدا أن الجيش سيتعامل مع أي استهداف من قبل الخارجين عن القانون بالسويداء. وأفاد بأن الجيش السوري بدأ سحب الآليات الثقيلة وخفض قواته بالمنطقة. وقال أبو قصرة في بيان نقلته وكالة الأنباء السورية (سانا): «إلى كافة الوحدات العاملة داخل مدينة السويداء، نعلن عن وقف تام لإطلاق النار بعد الاتفاق مع وجهاء وأعيان المدينة». وأكد وزير الدفاع السوري أن هناك تعليمات صارمة للقوات في السويداء بتأمين الأهالي وحفظ الممتلكات، لافتا إلى أنه سيبدأ «بتسليم أحياء مدينة السويداء للأمن الداخلي بعد تمشيطها». وذكر أبو قصرة أن الجيش وجه ببدء انتشار قوات الشرطة العسكرية داخل مدينة السويداء لضبط السلوك العسكري ومحاسبة المتجاوزين. أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ ساعة واحدة
- عكاظ
مصطفى يونس لـ«عكاظ»: مقهور من رئيس الأهلي.. ولا أحد يجرؤ على شطب عضويتي
أعرب مصطفى يونس، نجم الأهلي المصري السابق، عن حزنه الشديد من زميله السابق ورئيس النادي الحالي محمود الخطيب. وكان الأهلي قد أعلن أمس الإثنين، إحالة مصطفى يونس، عضو النادي، إلى التحقيق بمعرفة الشؤون القانونية، بشأن ما ورد على لسانه من وقائع واتهامات طالت الذمم المالية، مع إيقافه لحين انتهاء التحقيق، وذلك وفقاً للائحة النظام الأساسي للنادي، وفقاً لبيان النادي. وقال يونس في تصريحات خاصة لـ«عكاظ»: «حزين من الخطيب؟ لا، مقهور منه، العلاقة بيننا منقطعة منذ سنوات طويلة، ولا داعي للحديث عن الأسباب». وأضاف: «سأحضر التحقيق احتراماً للكيان، وليس للأشخاص، أنا لم أتهم مسؤولي الأهلي أو أي شخص بالسرقة، بل تحدثت بشكل عام وانتقدت صفقات النادي، وكذلك تقاضي المدرب السابق مارسيل كولر 17 مليون جنيه شهرياً لمدة 15 شهراً، من قرأ هذا العقد قبل توقيعه؟ هذه أمور يتحدث فيها الجميع، لكن عندما يتكلم مصطفى يونس، يصبح الكلام مؤلماً للبعض». وختم قائلاً: «حتى الآن لم يُحدد موعد التحقيق، ولم يتواصل معي أحد من الأهلي، لا أحد يستطيع شطب عضويتي في الأهلي، فالشطب له شروط، ومن يجرؤ على شطب مصطفى يونس وتاريخ الأهلي؟! سأحضر التحقيق، وسأسألهم عن أمور لم أتحدث بها علناً». أخبار ذات صلة