logo
قراءة أولية في نتائج الحرب على ايران ودعوة لاستخلاص دروسها

قراءة أولية في نتائج الحرب على ايران ودعوة لاستخلاص دروسها

الرأي العاممنذ 2 أيام
للكاتب معن بشور
بعد الضربة الموجعة والقاسية جداً التي وجهتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية الى الكيان الصهيوني خلال أيام حرب ال (12) يوماً التي شهدتها المنطقة، وفيما تتعالى أصوات المتخاذلين من اجل استغلال هذه المعركة التي أبلى فيها الإيرانيون البلاء الحسن رغم التشويش – الانكار الأميركي والصهيوني، لتعميم منطق الهزيمة.ومن الواجب الدعوة لاستكمال هزيمة تل أبيب وداعميها من اجل استكمال الانتصار على الاحتلال في فلسطين، لا سيّما بعد الضربات الموجعة التي الحقتها بها المقاومة الفلسطينية البطولية في غزة والضفة الغربية.
وفي ظل هذه الهزيمة التي لحقت بحكومة نتنياهو وحلفائها، نستطيع ان ندعو الحكومات العربية والإسلامية الى مراجعة جريئة لسياساتها تجاه العدو الإسرائيلي ، فيخرج اكثرها من خوف غير مبرر والدخول في تضامن عربي واسلامي متكامل مع كل دول وقوى التحرر في العالم لإجبار تل أبيب، ومعها الدولة العميقة في واشنطن، على تلبية حد أدنى من الشروط التي فرضتها موازين القوى التي أسفرت عنها هذه المواجهة، والتي جعلت مسؤولين أمريكيين كبار يتحدثون عن اقتراب وقف اطلاق النار في غزة لإدراكهم إن استمرار الحرب الصهيونية – الفلسطينية لن تقود إلاّ الى المزيد من الخسائر بل الهزائم للكيان وحلفائه…
وان أعداء فلسطين والأمة تلقوا ضربة قاسية هذه الأيام، وهم يسعون الى اخفائها بالأكاذيب الإعلامية، وقد باتوا ' خبراء ' في اطلاقها، وعلى المسؤولين العرب والمسلمين، أيّاً كانت مواقفهم في المراحل السابقة، والتي كانوا يبررونها بالخلل في موازين القوى لصالح العدو، ان يبادروا اليوم الى عقد قمة عربية – إسلامية – تحررية تدرس سبل الاستمرار في الضغط على الكيان الصهيوني وحلفائه من اجل تلبية المطالب المشروعة لشعب فلسطين وهو الذي أثبت منذ عشرات السنين، ولا سيّما في ملحمة 'طوفان الأقصى' قبل حوالي العامين، بطولات استثنائية في مواجهة الاحتلال .
فالحكومات العربية والإسلامية، وقبلها القوى الشعبية العربية والإسلامية، مدعوة الى قراءة سليمة لنتائج حرب (12) يوماً بين ايران والكيان الصهيوني وداعميه، وإعادة النظر في كافة السياسات التي كانت متبّعة والتصرف على قاعدة الثقة بالنفس والقدرة على الانتصار. وكيف لا تستطيع الامة بعد بطولات استثنائية مستمرة في غزة وعموم فلسطين منذ السابع من اوكتوبر عام 2023…وصمود تاريخي للمقاومة اللبنانية…وحرب مظفرة لإيران ضد الكيان وحلفائه دامت (12) يوماً بالتمام والكمال، ومشاركة يمنية كبرى ومستمرة منذ ' طوفان الأقصى .
فعلى الجميع العمل ومن مشاركة شعبية ضخمة من شرفاء الامة واحرار العالم، ان تفرض معادلة استراتيجية جديدة. وان تعمل على اعادة الكيان الغاصب الى حجمه تمهيدا لاقتلاعه من ارضنا…وان ما جرى، رغم كل ما حل ويحل بنا في فلسطين ولبنان واخرها العدوان على النبطية في جنوب لبنان كما على مناطق عدة في غزة والضفة الغربية وما اوقعه من خسائر بشرية ودمار في عدة مجالات، وقراءته في اطار التطور التاريخي للصراع مع الصهاينة يشير الى ان الهزيمة النهائية للعدو لم تعد بعيدة .
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

محددة 6 مخاطر .. أميركا تحذر رعاياها من السفر إلى لبنان
محددة 6 مخاطر .. أميركا تحذر رعاياها من السفر إلى لبنان

موقع كتابات

timeمنذ 7 دقائق

  • موقع كتابات

محددة 6 مخاطر .. أميركا تحذر رعاياها من السفر إلى لبنان

وكالات- كتابات: أصدرت السفارة الأميركية في 'بيروت'، اليوم الإثنين، تحذيرًا لرعاياها من السفر إلى 'لبنان'، مشيرة إلى ستة مخاطر قد تصيَّبهم في حال السفر إلى هناك. وأشارت السفارة إلى أن الدعوة لعدم السفر إلى 'لبنان' تأتي: 'بسبب الجريمة، والإرهاب، والاضطرابات المدنية، والاختطاف، والألغام الأرضية غير المنُفجرة، وخطر النزاع المسلح'، مشيرة إلى أن بعض المناطق، وخاصة القريبة من الحدود، معرضة لخطر متزايد. ويتضمن التحذير الإشارة إلى أنه يمنع موظفو السفارة في 'بيروت' من السفر لأغراض شخصية دون إذن مسبَّق، وقد تُفرض قيود سفر إضافية على الموظفين الأميركيين الخاضعين لمسؤولية رئيس البعثة الأمنية، مع إشعار قصير أو بدون إشعار، وذلك بسبب تزايد المشاكل الأمنية أو التهديدات. وأوضح أنه على المواطنين الأميركيين في 'لبنان' الانتباه إلى أن موظفي السفارة القنصليين قد لا يتمكنون دائمًا من السفر لمساعدتهم، وتعتبر 'وزارة الخارجية' أن التهديد الذي يتعرض له موظفو الحكومة الأميركية في 'بيروت' خطير بما يكفي لإجبارهم على العيش والعمل في ظل إجراءات أمنية مشدَّدة، ويجوز تعديل سياسات الأمن الداخلي للسفارة الأميركية في أي وقتٍ ودون إشعار مسبَّق. وفي حين تطرق تحذير السفارة إلى الأوضاع القائمة منذ عملية (طوفان الأقصى)، أشار إلى أن: 'الجماعات الإرهابية​ تواصل التخطيط لهجمات محتملة في لبنان'. بحسّب تعبيره. ولفت إلى أنه: 'قد يُشّن الإرهابيون هجمات دون سابق إنذار، مستهدفين المواقع السياحية، ومراكز النقل، ومراكز التسوق، والمنشآت الحكومية المحلية'. بحسب مزاعم بيان السفارة. موضحًا أن: 'السلطات الأمنية المحلية لاحظت ارتفاعًا في جرائم العنف، بما في ذلك ​العنف السياسي​ ويُحتمل أن تكون دوافع سياسية وراء العديد من جرائم القتل التي لم تُحل في لبنان'. وأوضح أنه: 'ينبغي على المواطنين الأميركيين تجنب المظاهرات وتوخي الحذر في حال التواجد بالقرب من أي تجمعات أو احتجاجات كبيرة، إذ قد تتحول هذه التجمعات إلى أعمال عنف بسرعة ودون سابق إنذار'، كما حثتّهم على تجنب 'جنوب لبنان' ومغادرته في حال تواجدهم هناك، وأيضًا على تجنب الحدود 'اللبنانية-السورية' ومخميات اللاجئين والمغادرة في حال وجودهم هناك. من جانبه أكد؛ 'توم باراك'، مبعوث الرئيس الأميركي؛ 'دونالد ترمب'، أن هذه فترة حرجة لـ'لبنان' والمنطقة. وقال 'باراك': 'راضٍ عن الرد اللبناني على الورقة الأميركية، ونحنُ في صدّد صياغة خطة للمستقبل وهذا يتطلب حوارات'، مؤكدًا أن: 'الرئيس الأميركي أكد التزامه بالمسَّاهمة في بناء السلم والازدهار بلبنان'. وشدّد 'باراك' على أنه: 'لا نمَّلي على لبنان ما يجب عمله بخصوص (حزب الله)، وعلى حكومة لبنان التعامل معهم وليس الولايات المتحدة'. ولفت مبعوث الرئيس الأميركي؛ إلى أن: 'إسرائيل تُريد السلام مع لبنان؛ وكيفية تحقيق ذلك هو التحدي'.

أمريكا تحذر رعاياها من السفر إلى لبنان ومبعوث ترامب يؤكد: هذه فترة حرجة
أمريكا تحذر رعاياها من السفر إلى لبنان ومبعوث ترامب يؤكد: هذه فترة حرجة

شفق نيوز

timeمنذ 5 ساعات

  • شفق نيوز

أمريكا تحذر رعاياها من السفر إلى لبنان ومبعوث ترامب يؤكد: هذه فترة حرجة

شفق نيوز - بيروت أصدرت السفارة الأمريكية في بيروت، يوم الاثنين، تحذيراً لرعاياها من السفر إلى لبنان، مشيرة إلى ستة مخاطر قد تصيبهم في حال السفر إلى هناك. وأشارت السفارة إلى أن الدعوة لعدم السفر إلى لبنان تأتي "بسبب الجريمة، والإرهاب، والاضطرابات المدنية، والاختطاف، والألغام الأرضية غير المنفجرة، وخطر النزاع المسلح"، مشيرة إلى أن بعض المناطق، وخاصة القريبة من الحدود، معرضة لخطر متزايد. ويتضمن التحذير الإشارة إلى أنه يمنع موظفو السفارة في بيروت من السفر لأغراض شخصية دون إذن مسبق، وقد تفرض قيود سفر إضافية على الموظفين الأميركيين الخاضعين لمسؤولية رئيس البعثة الأمنية، مع إشعار قصير أو بدون إشعار، وذلك بسبب تزايد المشاكل الأمنية أو التهديدات. وأوضح أنه على المواطنين الأمريكيين في لبنان الانتباه إلى أن موظفي السفارة القنصليين قد لا يتمكنون دائمًا من السفر لمساعدتهم، وتعتبر وزارة الخارجية أن التهديد الذي يتعرض له موظفو الحكومة الأمريكية في بيروت خطير بما يكفي لإجبارهم على العيش والعمل في ظل إجراءات أمنية مشددة، ويجوز تعديل سياسات الأمن الداخلي للسفارة الأميركية في أي وقت ودون إشعار مسبق. وفي حين تطرق تحذير السفارة إلى الأوضاع القائمة منذ عملية "طوفان الأقصى"، أشار إلى أن "الجماعات الإرهابية​ تواصل التخطيط لهجمات محتملة في لبنان". ولفت إلى أنه "قد يشن الإرهابيون هجمات دون سابق إنذار، مستهدفين المواقع السياحية، ومراكز النقل، ومراكز التسوق، والمنشآت الحكومية المحلية". موضحاً أن "السلطات الأمنية المحلية لاحظت ارتفاعًا في جرائم العنف، بما في ذلك ​العنف السياسي​ ويُحتمل أن تكون دوافع سياسية وراء العديد من جرائم القتل التي لم تحل في لبنان". وأوضح أنه "ينبغي على المواطنين الأمريكيين تجنب المظاهرات وتوخي الحذر في حال التواجد بالقرب من أي تجمعات أو احتجاجات كبيرة، إذ قد تتحول هذه التجمعات إلى أعمال عنف بسرعة ودون سابق إنذار"، كم حثتهم على تجنب جنوب لبنان ومغادرته في حال تواجدهم هناك، وأيضا على تجنب الحدود اللبنانية السورية ومخميات اللاجئين والمغادرة في حال وجودهم هناك. من جانبه أكد توم باراك مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن هذه فترة حرجة للبنان والمنطقة وقال باراك: "راض عن الرد اللبناني على الورقة الأمريكية، ونحن في صدد صياغة خطة للمستقبل وهذا يتطلب حوارات"، مؤكداً أن "الرئيس الأمريكي أكد التزامه بالمساهمة في بناء السلم والازدهار بلبنان". وشدد باراك على أنه "لا نملي على لبنان ما يجب عمله بخصوص حزب الله، وعلى حكومة لبنان التعامل معهم وليس الولايات المتحدة". ولفت مبعوث الرئيس الأمريكي، إلى أن "إسرائيل تريد السلام مع لبنان وكيفية تحقيق ذلك هو التحدي".

الطوفان: من النهوض الرمزي إلى خطر التآكل؟ خالد عطيه
الطوفان: من النهوض الرمزي إلى خطر التآكل؟ خالد عطيه

ساحة التحرير

timeمنذ 2 أيام

  • ساحة التحرير

الطوفان: من النهوض الرمزي إلى خطر التآكل؟ خالد عطيه

الطوفان: من النهوض الرمزي إلى خطر التآكل؟ قراءة في التحول الرمزي والاستعماري بعد 7 أكتوبر تحليل استراتيجي حتى يوليو 2025 خالد عطيه في السابع من أكتوبر 2023، لم تكن عملية 'طوفان الأقصى' مجرّد هجوم عسكري خاطف، بل لحظة زلزالية كسرت مركز الثقل الرمزي الذي راكمته إسرائيل على مدى سبعة عقود. كانت العملية بمثابة صدمة وجودية للمشروع الصهيوني، وهزّة فكرية وأخلاقية للعالم بأسره، لكنّها أيضًا فتحت على الفلسطينيين أبوابًا من الدم والخذلان والتعرية، تُعاد فيها صياغة النكبة بأدوات حديثة، على وقع سُعار إبادي غير مسبوق. لم تكن المفاجأة فقط في ما أنجزه المقاتلون على الأرض، بل في ما كشفته ردود الفعل: عن هشاشة ردع إسرائيل، وسقوط قناع القيم الغربية، وعمق العزلة التي تعيشها القضية الفلسطينية في النظام الإقليمي الرسمي، وافتقار الفعل المقاوم نفسه إلى مشروع سياسي يحمي من استنزاف الانتصار. سقطت أسطورة 'الأمن المطلق' التي قامت عليها إسرائيل، لكنّ الانكشاف المقابل كان أشدّ وقعًا: أن الفلسطيني، رغم صلابته، يقف في مواجهة عالم لا يكترث بالعدالة ما لم تخدم مصالحه. لقد صعد الفلسطيني فجأة إلى واجهة التاريخ، لكن دون أن يحمل معه سردية جامعة، أو ظهيرًا إقليميًا، أو مؤسسة قادرة على إدارة تداعيات لحظة بهذا الحجم. والنتيجة: تحوّل الحدث من إنجاز رمزي كبير إلى مأزق استراتيجي مفتوح على احتمالات التآكل أو التوظيف المعاكس. ما بعد 7 أكتوبر، لا يمكن اختزاله في 'ردّة الفعل الإسرائيلية'، بل يكشف عن استمرار منهجي لطبيعة المشروع الصهيوني ذاته؛ مشروع لم يكن يومًا استعمارًا قابلًا للتفاوض، بل استعمارًا إحلاليًا إباديًا، يبدأ من دير ياسين ولا يتوقف عند غزة. ما نراه اليوم ليس انحرافًا عن المسار، بل ذروة نسقية له، تُعلن فيها إسرائيل صراحة أن 'الحل' يكمن في المحو، والتقويض، وإنهاء الشتات، وتصفية الذاكرة . لقد تجاوزت إسرائيل منطق الردع، واعتنقت منطق الإبادة. بحلول يوليو 2025، سجّلت وزارة الصحة في غزة، بالتعاون مع منظمات أممية، استشهاد أكثر من 57,000 فلسطيني، أغلبيتهم من النساء والأطفال، منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر 2023، فيما تُشير تقديرات أكاديمية مستقلة (مثل دراسة نشرتها مجلة The Lancet ومراجعات لجامعة لندن) إلى أن العدد الحقيقي للضحايا قد يتجاوز 80,000 وقد يصل إلى 109,000، نظرًا لحجم الدمار وتدهور البنية الصحية ووجود آلاف الجثث العالقة تحت الأنقاض. هذا إلى جانب أكثر من 600 حالة قتل موثقة عند نقاط توزيع المساعدات الإنسانية، حيث تحوّلت طوابير الانتظار للحصول على الخبز أو المياه إلى ساحات قتل جماعي، حسب تقارير منظمة OCHA ووكالات كـ AP وReuters. كذلك، تؤكد بيانات الأمم المتحدة وفاة ما لا يقل عن 66 طفلًا جوعًا بسبب الحصار، فيما يواجه ربع مليون فلسطيني في غزة ظروف مجاعة كارثية. البنية التحتية الصحية شبه منهارة، مع تدمير نحو 85% من المستشفيات والمنشآت الطبية، وتحوّل مستشفى ناصر إلى 'جناح طوارئ مفتوح' دائم، في ظل نقص فادح في المعدات والأدوية والكوادر. وفي الضفة الغربية، تجاوز عدد المعتقلين الفلسطينيين 12,000 شخص منذ بدء الحرب، في سياق متصاعد من الاجتياحات، والاغتيالات، ومحو الأفق السياسي. هذه الأرقام ليست مجرد معطيات إحصائية، بل توثيق حي لسياسة إبادة متواصلة تُدار بغطاء دولي صامت، وبأدوات عسكرية وتجويعية متزامنة، في لحظة تُعيد فيها إسرائيل تعريف الردع بوصفه استئصالًا، والمساعدات بوصفها مصيدة قتل جماعي. لكن غزة لم تكن وحدها في عين العاصفة. ما يجري هو مشروع نكبة متجددة، تستهدف الضفة الغربية عبر الاجتياحات والاغتيالات اليومية ورفع وتيرة الاستيطان والتهويد، وتستهدف اللاجئ في الشتات عبر التجفيف المتسارع لوكالة الأونروا وتصفية المخيمات سياسيًا وإداريًا، كما تستهدف الوجود الفلسطيني في القدس عبر إحلال سكاني صامت يتمدد دون مقاومة تُذكر من النظام العربي. النكبة لم تعد حدثًا من الماضي، بل آلية اشتغال حاضرة، تمتد ببطء ومنهجية إلى الشتات: مخيمات تُجفَّف إداريًا، أطفال يولدون بلا أوراق أو حق في الإقامة، لاجئون تُعرض عليهم الجنسية مقابل نفي التاريخ، وبيروقراطيات دولية تعيد تعريف الفلسطيني كـ'عبء إنساني' لا كحالة تحرر. إنه محو ناعم، لا بالرصاص فقط، بل بالتشريع والتجويع والتهجين الرمزي. وما يزيد من فداحة المشهد أن السلطة الفلسطينية، بمؤسساتها المهترئة وبنيتها المنهارة شرعيًا، لم تعد تمثل إلا فراغًا وظيفيًا تُملؤه قوات الاحتلال متى شاءت، أو تل أبيب السياسية متى قررت منح التسهيلات أو سحبها. وفي موازاة ذلك، لم تنجح أي قوة مقاومة، رغم بسالتها، في ترجمة اللحظة إلى مكسب استراتيجي دائم، بسبب غياب القيادة الجامعة، وغياب الرؤية التحررية الشاملة، والانفصال المزمن بين السلاح والمشروع السياسي. أما في الفضاء الدولي، فقد تكشّفت أزمة القيم الليبرالية في الغرب، لا كأزمة خطاب، بل كأزمة بنيوية. ففي أعرق الجامعات والمؤسسات الفكرية والإعلامية، خضع كل من تضامن مع غزة للملاحقة أو الفصل أو الإسكات القسري. وبينما كانت عيون العالم تتابع حفلات قطع التمويل والطرد الأكاديمي، سقط وهم الحياد الليبرالي، وانكشفت المنظومة الغربية بوصفها متورطة عضوياً في تأمين الغطاء الأخلاقي للاستعمار، حتى ولو بأقنعة القانون. هذه ليست مجرد انكشافات نظرية، بل مؤشرات على أن المعركة لم تعد فقط على الأرض، بل على معنى فلسطين، ومكانتها في الوعي العالمي، ووظيفة الحركات التحررية ذاتها في زمن يُعاد فيه تعريف الضحية وفقًا للونها وعرقها وموقعها الجيوسياسي. ولم تكن التحولات الرمزية التي فجّرها الطوفان بمعزل عن السياق العربي الرسمي، حيث برز التناقض الصارخ بين الشارع المنتفض من الرباط حتى كيب تاون، وبين أنظمة لم تُوقف مسار التطبيع بل عزّزته بخطابات باردة تدّعي 'الواقعية السياسية'. لم يُفشل الطوفان مشروع التطبيع، لكنه نزع عنه آخر أقنعته الأخلاقية، وكشف هشاشته بوصفه شراكة مع القاتل لا مع السلام. لقد أُجبرت أنظمة على خنق شعوبها حتى لا تهتف لغزة، وكُشفت عواصم ما تزال تفاخر بشراكتها الأمنية مع تل أبيب في لحظة تُقصف فيها المدارس والمستشفيات. التحوّل الرمزي الكبير الذي صنعته عملية الطوفان، حين كسرت صورة إسرائيل التي لا تُقهر، لم يتحول إلى نصر سياسي، لأنه لم يُصنَع على أرضية مشروع تحرري شامل. بل ظلّ مُعلّقًا، وبدأ يتآكل مع عجز الفصائل عن فرض شروطها، وتفكك الشارع العربي تحت وطأة القمع أو التخدير الإعلامي، ودخول إسرائيل في مرحلة 'إعادة تموضع هجومي' لتفرض شروط ما بعد الحرب كأنها لم تتلقّ ضربة. ما تحقق يوم 7 أكتوبر يُشبه البرق في ليلة حالكة: لحظة نور مكثف كشفت كل شيء، لكنها سرعان ما تبعتها عتمة كثيفة حاول الجميع إخفاءها أو إطفاء أثرها. ورغم كل هذا، فإن 'الطوفان' أثبت أن المشروع الصهيوني ليس محصّنًا، وأنه يمكن زلزلة الوعي العالمي بلحظة واحدة إن توفّرت الجرأة، لكنّه أثبت أيضًا أن الجرأة وحدها لا تصنع التغيير، ما لم تقترن برؤية، ومؤسسة، وتحالف، وخيال سياسي قادر على المراكمة لا التفريغ. الطوفان لن يُكتب في التاريخ كانتصار نهائي، ولا هزيمة. بل كلحظة مفصلية كشفت هشاشة الجميع: هشاشة العدو حين يُضرب، وهشاشة المقاومة حين تُترك وحيدة، وهشاشة النظام الدولي حين يُطلب منه العدالة. والمسألة اليوم لم تعد: 'ماذا حققنا؟' بل 'كيف نمنع أن يتحول ما حققناه إلى نكسة؟' قد لا تملك غزة جيشًا نظاميًا، ولا المقاومة ظهرًا سياسيًا حقيقيًا، لكنها تملك ما لا تملكه إسرائيل: تاريخ لا يُمكن شطبه، وحقّ لا يمكن قتله، وشعب بات العالم يعرف أنه لم يعد مجرد ضحية… بل فاعلٌ يعرف إلى أين يوجّه صرخته. إن لم يُترجم هذا الوعي إلى مشروع تحرري جذري يعيد تعريف فلسطين لا كملف، بل كجذر لكل معركة ضد الاستعمار في هذا العالم المختل، فإن الطوفان، بكل رمزيته، سيظل لحظة عظيمة… على حافة النسيان. ‎2025-‎07-‎05

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store