logo
الحج والوقوف بجبل عرفات في الغناء العربي

الحج والوقوف بجبل عرفات في الغناء العربي

الدستور٠٤-٠٦-٢٠٢٥

محمود كريشانلا شك أن التراث الغنائي المصري سجل أجمل الأغاني والأناشيد عن الحج والوقوف بجبل عرفات وزيارة قبر النبي الكريم وروضته الشريفة، وما زال حاضرا وبقوة رغم مرور عقود طويلة، فالمطربتان المصريتان أم كلثوم وليلى مراد، واللبنانيتان أسمهان ونور الهدى، ومحمد فوزي ومحمد قنديل، والسعودي طلال مداح، قدموا جميعهم أهم وأشهر الأغاني والأناشيد الدينية القديمة عن مناسبة الحج والوقوف بعرفات، وارتبطت تلك الأغاني طويلا بوجدان المسلمين العرب، خاصة أنه كان خلفها كبار الملحنين من أمثال رياض السنباطي، وفريد الأطرش، ومحمد فوزي، ومحمد الموجي.كوكب الشرق«كوكب الشرق» بالطبع كانت أم كلثوم إبراهيم، حاضرة وبقوة في الإنشاد والغناء بجميع المناسبات الدينية، حيث قدمت أغنية «إلى عرفات الله» عام 1951، من ألحان الموسيقار رياض السنباطي ومن كلمات أمير الشعراء أحمد شوقي، كتبها عام 1910، بمناسبة أداء الخديوي عباس حلمي، مناسك الحج، فيما أجرى عليها الشاعر أحمد رامي بعض التغييرات، وقد أذاعها التلفزيون المصري عام 1963، للمرة الأولى.ومن كلماتها: «وزمزم تجري بين عينيك أعينا من الكوثر المعسول منفجرات.. لك الدين يارب الحجيج جمعتهم لبيت طهور الساح والشرفات».غنت أم كلثوم، أيضا عن الحج أغنيتها الحاضرة في قلوب ملايين المستمعين، وهي «القلب يعشق كل جميل»، عام 1972، من ألحان رياض السنباطي أيضا، ولكن من كلمات الشاعر بيرم التونسي.ومن كلماتها: «مكة وفيها جبال النور طلّة على البيت المعمور.. دخلنا باب السلام غمر قلوبنا السلام بعفو رب غفور.. فوقنا حمام الحما عدد نجوم السما.. طاير علينا يطوف ألوف تتابع ألوف.. طاير يهني الضيوف بالعفو والمرحمة.. واللي نظم سيره واحد ما فيش غيره».«أسمهان»«عليك صلاة الله وسلامه»، من أجمل ما غنت السورية أسمهان أو آمال الأطرش، شقيقة الفنان فريد الأطرش، والذي قام بتلحينها لها عام 1943، من كلمات الشاعر بديع خيري، والذي رصد فيها أجمل مشاهد نقل كسوة الكعبة من مصر للأراضي الحجازية وهو ما كان يُعرف باسم «المحمل» ويقول فيها بديع خيري: «عليك صلاة الله وسلامه شفاعة يا جد الحسنين.. ده محملك رجعت أيامه هنية واتمليت به العين.. كرامة لله يا قاصد مكة ونيتك بالكعبة تطوف.. تبوسلي فيها تراب السكة أمانة من مؤمن ملهوف.. سالت دموعه وطال دعاه في يوم خشوعه ينول مناه.. دي قبلتك يانبي قدامه عليك صلاة الله وسلامه».«ليلى مراد»برغم أنها كانت حديثة عهد بالإسلام بعد تحولها إليه من اليهودية عام 1947، غنت المطربة ليلى مراد، أو «ليليان زكي إبراهيم مراد»، أغنية «يارايحين للنبي الغالي»، بفيلمها الشهير «ليلى بنت الأكابر»، عام 1953. الأغنية لحنها رياض السنباطي، لتكون الثالثة له عن الحج بعد تلحين أغنيتي أم كلثوم، فيما كتب كلماتها المؤلف أبو السعود الإبياري. ويقول فيها الإبياري: «يارايحين للنبي الغالي هنيالكم وعقبالي.. ياريتني كنت وياكم وأروح للهادي وأزوره.. وأبوس من شوقي شباكه وقلبي يتملي بنوره.. وأحج وأطوف سبع مرات وألبي وأشوف منى وعرفات.. وأقول ربي كتبهالي يا رايحين للنبي الغالي».«نور الهدى»غنتها اللبنانية نور الهدى أو «ألكسندرا بدران»، «مبروك ياحاج»، من ألحان المطرب عبدالعزيز محمود، وكلمات الشاعر حسن توفيق عام 1950، لتعرض بفيلم «أفراح»، من بطولتها ومحمود ذو الفقار، وليلى فوزي، وشكري سرحان، ومن كلماتها: «مبروك ياحاج وعقبالنا نحجها ويرتاح بالنا.. يامسعدك زرت الكعبة وطفت بالصفا والمروة.. ياريتنا كنا معاك صحبة.. ومن عيون زمزم تروى».«محمد فوزي»من ألحانه غنى الموسيقار محمد فوزي، أغنية «إلهنا ما أعدلك»، من كلمات أشهر شعراء الدولة العباسية أبي نواسوالتي تقول كلماتها: الّهَنَا مَا أعدَلَك مَلِيكَ كُلِ مَن مَلَك.. لَبَيكَ قَد لَبَيتُ لَك لَبَيك لَا شَرِيكَ لَكَ.. وَالَليلِ لَمَا أَن حلَك والسَابِحَاَت فيِ الفَلَك.. عَلَى مَجَارِىِ المَنسَلَك مَا خَابَ عَبدٌ أَمَّلَك.. أَنتَ لَه حَيثُ سَلَك لَولَاكَ يَا رَبِ هَلَك.. كُلِ نَبِى وَمَلَك يَا مُخطِئاً مَاأعقَلَك.. عَجِل وَبَارِز أَجَلَك وَاختِم بِخَيرٍ عَمَلَك».«محمد قنديل»غنى المطرب الشعبي المصري محمد قنديل، أغنية «اللي إتوعد ياهناه» أو «طوف ياحمام الحما»، من تأليف الشاعر عبدالفتاح مصطفى، ولحن محمد الموجي، وتقول كلماتها: «اللي انوعد ياهناه لولاه دعا لباه.. وفوق جبل عرفات.. طوف ياحمام الحما رفرف على الحجاج.. ملايكة ملو السما بتبارك الأفواج.. عليكي ألف سلام ياكعبة الإسلام.. جيتلك أطوف وألبي إغفر لي يارب ذنبي».«طلال مداح»قيثارة الطرب السعودي غنى من كلمات سعيد الهندي وألحان مطلق الذيابي «ياحج يامبرور»، ومن كلمات الشاعر إبراهيم خفاجي وألحان طارق عبدالحكيم «يا لابس الإحرام»، ومن ألحانه وكلمات سعيد الهندي غنى «ياحادي قوم» و»لبيك إلهي» وتقول كلمات إحداها: «يالابس الإحرام يا رائع الفتنة.. يا مطول الأكمام للذوق والحشمة.. ابعت لقلبي سلام والملتقى قسمة.. بين الحجر والحجر بتدعي رب البيت.. توهت مني الفكر وقفت وما صليت.. شميت عبير الزهر ساري مع النسمة»..

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

سعيد ذياب سليم يكتب: آخر الرجال على الأرض: المثقف بين الصمت والمقاومة
سعيد ذياب سليم يكتب: آخر الرجال على الأرض: المثقف بين الصمت والمقاومة

سرايا الإخبارية

timeمنذ 3 ساعات

  • سرايا الإخبارية

سعيد ذياب سليم يكتب: آخر الرجال على الأرض: المثقف بين الصمت والمقاومة

بقلم : سعيد ذياب سليم في مشهد خاطف من فيلم إمبراطورية الشمس، يقف الطفل جيم غراهام مدهوشًا وهو يشاهد وهج القنبلة النووية الأولى، ويتمتم: "كان الأمر كأن الله يلتقط صورة." لحظة دمار شاملة تحوّلت في عينه إلى مشهد جمالي مبهر. لم يكن يدرك أن ما رآه هو موت خاطف في ومضة نور، يختلط فيها الرعب بالدهشة اليوم، يبدو المثقف العربي كجيم: يرى الضوء، يدرك الكارثة، لكنه عاجز عن تحويل الرؤية إلى فعل جماعي أو صرخة واعية. منذ أن أصبح العالم أحادي القطب، تراجع الدور الذي كانت تلعبه الأخلاق ، وتفوقت القوة على العدالة، وصارت إسرائيل تُرعى كطفل مدلل، بينما خسر العربي صوته وتوازن رؤيته. تحوّلت الحروب إلى سرديات، والردع صار ناعمًا، تكنولوجيًا، يتسلل ويضرب الوعي لا الجسد. وفي ظل تفكك النظام العربي، وانحياز العالم لمن يملك القنبلة لا القضية، يظهر سؤالنا الجوهري: ماذا بقي للمثقف العربي؟ وهل يمكن للكلمة أن تصمد أمام ضوء يُبهر حتى الضمير؟ من الحرب التقليدية إلى الحرب المركّبة – انفجار مزدوج في الجغرافيا والوعي لم تغب الحرب التقليدية عن المشهد كما قد يُخيّل للبعض. فالمواجهة الإيرانية الإسرائيلية الأخيرة جاءت لتؤكّد أن الأسلحة التقليدية ما تزال في قلب المعادلة، بل أصبحت أكثر فتكًا وتطورًا. فقد شهدنا قصفًا متبادلًا بين الطرفين، شاركت فيه الولايات المتحدة بدورها، مستخدمة أحدث طائراتها وأقوى قنابلها التدميرية، في عمليات عسكرية صاخبة ومدروسة. لكن رغم ضجيج القنابل، لم تكن هذه الحرب صراعًا عسكريًا صرفًا. لقد أصبحت الحرب اليوم هجينة، تتجاوز ميدان المعركة إلى الفضاء السيبراني، والمنابر الإعلامية، وحتى داخل اللاوعي الجمعي. إسرائيل تمارس القصف بالصواريخ حين تشاء، لكنها تمارس أيضًا الردع الناعم: تفاوض لتخدير خصمها، تُطبّع لتُشرعن وجودها، وتُنتج سرديات ثقافية تشوّه المقاومة وتُلبس الاحتلال ثوب ملاك. وهكذا، يتحوّل الصراع من حرب على الأرض إلى حرب على الإدراك. في هذا السياق، لم يعد المثقف العربي في منأى عن القصف، بل صار بدوره هدفًا رمزيًا لحرب تُعيد تشكيل الحق والحقيقة، حتى دون رصاصة واحدة. الاستشعار المشلول: حين يعرف العقل ولا تتحرك الإرادة في معظم العواصم العربية، الخطر الإسرائيلي مفهوم، لكنه غير مُعالَج. تدرك الأنظمة والنخب أن إسرائيل لم تعد فقط "دولة"، بل مشروعًا وظيفيًا للتفوق، والتفكيك، والهيمنة الإقليمية. لكن هذه المعرفة لا تتحوّل إلى فعل. بعض الدول ترى إسرائيل شريكًا أمنيًا، وأخرى تتعامل معها بمنطق الضرورة. وبين هذه وتلك، ضاع الموقف الجماعي، وتآكلت فكرة الردع العربي. منذ سقوط المشروع العربي المشترك، غابت استراتيجية المواجهة، وحلّت مكانها حسابات ضيقة: – "ما دامت لا تمثل تهديدًا مباشرًا، فإن كثيرًا من الدول تُرجئ المواجهة أو تُفضل إدارة العلاقة معها بمنطق الضرورة". – أو "الخطر الحقيقي هو إيران، لا تل أبيب". وهكذا، تحوّل العدو إلى شريك اقتصادي أو استخباري، وتراجع الإجماع القيمي الذي كان يُوحد العرب على مستوى الوعي الشعبي. في المقابل، تغلغلت إسرائيل في الإعلام، والتعليم، والتكنولوجيا، ونجحت في فرض سردية جديدة تُظهرها كواحة استقرار وسط "عالم عربي فوضوي". الاستشعار موجود، لكنّه استشعار مشلول: كمن يرى الحريق ولا يُطفئه، أو كمن يعرف طريق النجاة لكنه مشغول بالركون إلى السراب. والمثقف؟ إن لم يكن صوته في هذه اللحظة تحريضًا على الاستفاقة، فهو شاهد زائف على زلزال أخلاقي لم تُرصد شدته بعد. "وإذا كانت الأنظمة قد اختارت الصمت أو الحذر، فإن السؤال يتوجه إلى من بقي له ضمير الكلمة: المثقف. موقع المثقف العربي في 2025 في مشهد من فيلم Empire of the Sun، يقف الطفل جيم غراهام مذهولًا أمام وهج القنبلة النووية، ويهمس: "كان كأن الله يلتقط صورة." هكذا تتحول الإبادة، حين تُقدَّم من موقع القوة، إلى حدث جمالي. وفي 2025، قال وزير الأمن القومي الأمريكي عن الضربة على مفاعل فوردو: "لقد كانت ضربة رائعة." وكأن المشهد العسكري لا يُقاس بالخسائر، بل بجودته التقنية ودهشة الصورة. هنا يأتي دور المثقف. فوظيفته ليست فقط أن يكتب، بل أن يفضح الزيف الجمالي للسرديات المهيمنة، ويعيد تعيين البؤرة الأخلاقية في عالم تُعاد فيه كتابة القتل بلغة الضوء، والتطبيع بلغة المصالح، والتبعية بلغة الواقعية. في زمن فقدت فيه الدول العربية بوصلتها، وتحول كثير من الإعلاميين والخبراء إلى مروّجين لخطابات القوة، يصبح المثقف مطالبًا بأن يكون ضميرًا ناقدًا لا تابعًا، وموجهًا لتوجه وطني عاقل لا منفعلًا ولا انعزاليًا. المثقف ليس حليف سلطة، ولا خصمًا تلقائيًا لها، بل صاحب مسافة نقدية، حارس للمعنى حين تغيب المعايير، وراصد لما يُقال نيابةً عن "الوطن"، بينما الوطن في مكان آخر. قد لا يحمل طائرات أو نفوذًا، لكنه يحمل ما تخشاه قوى الردع: السؤال، والتحليل، والقدرة على إيقاظ الوعي الجماعي. ما تبقّى من المقاومة... ضوء لا يُرى، وكلمة لا تُقصف في زمنٍ تغيّرت فيه وجوه الحروب، لم تعد المقاومة سلاحًا يُشهر، بل وعيًا يتماسك. تراجعت الشعارات الكبرى، وصمتت المنابر التي كانت تهتف باسم "التحرير"، وامتلأت الساحة بأصوات عالية، لكنها تخلو من الصدى الحقيقي. ثمة نوع من الخطاب يُحب أن يُسمي نفسه "مقاومة"، لكنه في كثير من الأحيان لا يتجاوز بلاغة العتب، أو نبرة الغضب التي لا تهز ساكنًا. وما يُخشى اليوم، هو أن تتحوّل "الممانعة" إلى أداء لغوي جميل، يعزف خارج التاريخ، بينما الأرض تتغير والخرائط تُرسم بأدوات أخرى. هذا ما وصفه بعض المفكرين بـ "بلاغة المقاومة": كلمات أنيقة، لكن دون جذر أو أثر؛ تُشبه غيمة لا تمطر، أو صرخة لا تُفزع. وفي المقابل، ما أحوجنا إلى مقاومة ناعمة لكن عميقة، صامتة لكن صادقة، تُعيد ترتيب الحواس قبل أن تطلب الفعل. لقد تفككت السرديات الكبرى، تلك التي كانت تُغذي الحلم الجماعي: حكاية التحرر الوطني، ونداء القومية، وحتى مشروع النهضة الإسلامية. ولم يبقَ للمثقف إلا أن يتحرك بين الشظايا، باحثًا عن سردية جديدة لا تُخدر، بل تُنير. لا نحتاج إلى أوهام جديدة، بل إلى وعي يقظ، يُقاوم من داخل اللغة، ومن داخل الضمير. المثقف المقاوم اليوم ليس بالضرورة ثائرًا، لكنه من يحفظ للكلمة معناها، وللموقف ظلاله، وللذاكرة طهرها. هو من يعيد ترتيب الأبجدية في زمن نُزعت منه المعاني، ويقول لا دون أن يصرخ، ويصمد دون أن يحمل سلاحًا، لأن ما يملكه لا يُقصف: المعنى، والكرامة، والأسئلة التي لا تموت. الخاتمة: في عالمٍ تتساقط فيه الأقنعة، ويتراجع فيه أثر الكلمة أمام وقع المدافع وأرقام الأسواق، لم يعد المثقف العربي ذلك "النبي" الذي يقود الأمة، بل بات في كثير من الأحيان شاهداً حائراً، أو صوتاً مكسوراً في منفى داخلي أو خارجي. وكما تُظهر زينة حلبي في كتابها "تقويض المثقف العربي"، فإن صورة المثقف قد تآكلت بفعل الهزائم المتراكمة، وانكسارات الحلم الجماعي، حتى غدت وظيفته اليوم أقرب إلى الرثاء منها إلى التبشير. وفيما تنشغل قوى إقليمية قريبة كتركيا وإيران بتكريس مشاريعها القومية في قلب عالم تحكمه المصالح وتغيب عنه العاطفة، لا تزال القوى الصاعدة، شرقية كانت أم جنوبية، تحاول أن تُعيد إنتاج ذاتها في مواجهة التهديدات الوجودية. وفي ظل هذا المشهد، لا يبقى أمام العربي إلا أن يلتفت إلى الداخل، لا استسلاماً، بل بحثاً عن جذورٍ تؤسس لنهضة حقيقية، وأن يعيد بناء مشروعه الوطني بعيداً عن الشعارات الموروثة، معتمداً على ذاته، وعلى وعيه بتاريخ طويل من المحن والفرص الضائعة. ربما آن أوان الخروج من حالة الانتظار الطويل — انتظار المنقذ، أو القوة الخارجية، أو الإجماع المستحيل — نحو تأسيس وعي جديد، ينبت من الأرض، ويخاطب العصر لا أوهامه. كما قال جيم غراهام، الطفل الناجي في إمبراطورية الشمس: كان الأمر كأن الله يلتقط صورة... لم يكن الله غائبًا، ولا لاهيًا عن آلام البشر، بل ترك لنا المبادرة بالفعل، وجني الثمرة، وتذوق حلاوتها، وربما مرارتها. نحن من لا يفهم حكمته في لحظة الألم. فهل يا ترى سنقوم بدورنا، كما أراد لنا أن نقوم به؟ في لحظة الخوف، ومع تصاعد القنابل، لم يرَ جيم مجرد انفجار، بل لحظة كثيفة بالمعنى، لحظة لا يفهمها إلا من يحدّق في قلب المأساة. كان جيم يرى النور ولا يعرف أنه موت، أما المثقف اليوم، فيراه ويعرف… لكنه يواجه السؤال الأثقل: ماذا بعد المعرفة؟ كذلك هو المثقف: لا يملك طائرات ولا نفوذ، لكنه يملك ما لا يُقصف: السؤال، الذاكرة، والموقف. الصورة التي يلتقطها ليست ضوءا عابراً، بل كشفًا أخلاقيًا. وما دامت هناك عينٌ تُسمي الضوء وتكشف مصدره، فثمة أمل في استعادة الرؤية. لأن المثقف، وإن كان آخر الواقفين، لا يزال يرفع الكاميرا في وجه المدفع.

الدكتور بشار عوض الطراونة يرزق بـ "غالية"
الدكتور بشار عوض الطراونة يرزق بـ "غالية"

عمون

timeمنذ 3 ساعات

  • عمون

الدكتور بشار عوض الطراونة يرزق بـ "غالية"

بسم الله الرحمن الرحيم {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً} عمون - يتقدم الأهل والأقارب بأسمى آيات التهنئة والتبريك للدكتور بشار عوض الطراونة بمناسبة قدوم مولودته الجديدة "غالية".. جعلها الله من عبادهِ الصائمين الحامدين الصالحين البارين الشاكرين الذاكرين اللهم أنبتها نباتاً حسناً وأجعلها من الصالحات الذاكرين الحافظات لكتاب الله وأجعلها من السعداء في الدنيا والآخرة..

آخر الرجال على الأرض: المثقف بين الصمت والمقاومة
آخر الرجال على الأرض: المثقف بين الصمت والمقاومة

سواليف احمد الزعبي

timeمنذ 9 ساعات

  • سواليف احمد الزعبي

آخر الرجال على الأرض: المثقف بين الصمت والمقاومة

في مشهد خاطف من فيلم إمبراطورية الشمس، يقف الطفل جيم غراهام مدهوشًا وهو يشاهد وهج القنبلة النووية الأولى، ويتمتم: 'كان الأمر كأن الله يلتقط صورة.' لحظة دمار شاملة تحوّلت في عينه إلى مشهد جمالي مبهر. لم يكن يدرك أن ما رآه هو موت خاطف في ومضة نور، يختلط فيها الرعب بالدهشة اليوم، يبدو المثقف العربي كجيم: يرى الضوء، يدرك الكارثة، لكنه عاجز عن تحويل الرؤية إلى فعل جماعي أو صرخة واعية. منذ أن أصبح العالم أحادي القطب، تراجع الدور الذي كانت تلعبه الأخلاق ، وتفوقت القوة على العدالة، وصارت إسرائيل تُرعى كطفل مدلل، بينما خسر العربي صوته وتوازن رؤيته. تحوّلت الحروب إلى سرديات، والردع صار ناعمًا، تكنولوجيًا، يتسلل ويضرب الوعي لا الجسد. وفي ظل تفكك النظام العربي، وانحياز العالم لمن يملك القنبلة لا القضية، يظهر سؤالنا الجوهري: ماذا بقي للمثقف العربي؟ وهل يمكن للكلمة أن تصمد أمام ضوء يُبهر حتى الضمير؟ من الحرب التقليدية إلى الحرب المركّبة – انفجار مزدوج في الجغرافيا والوعي لم تغب الحرب التقليدية عن المشهد كما قد يُخيّل للبعض. فالمواجهة الإيرانية الإسرائيلية الأخيرة جاءت لتؤكّد أن الأسلحة التقليدية ما تزال في قلب المعادلة، بل أصبحت أكثر فتكًا وتطورًا. فقد شهدنا قصفًا متبادلًا بين الطرفين، شاركت فيه الولايات المتحدة بدورها، مستخدمة أحدث طائراتها وأقوى قنابلها التدميرية، في عمليات عسكرية صاخبة ومدروسة. لكن رغم ضجيج القنابل، لم تكن هذه الحرب صراعًا عسكريًا صرفًا. لقد أصبحت الحرب اليوم هجينة، تتجاوز ميدان المعركة إلى الفضاء السيبراني، والمنابر الإعلامية، وحتى داخل اللاوعي الجمعي. إسرائيل تمارس القصف بالصواريخ حين تشاء، لكنها تمارس أيضًا الردع الناعم: تفاوض لتخدير خصمها، تُطبّع لتُشرعن وجودها، وتُنتج سرديات ثقافية تشوّه المقاومة وتُلبس الاحتلال ثوب ملاك. وهكذا، يتحوّل الصراع من حرب على الأرض إلى حرب على الإدراك. في هذا السياق، لم يعد المثقف العربي في منأى عن القصف، بل صار بدوره هدفًا رمزيًا لحرب تُعيد تشكيل الحق والحقيقة، حتى دون رصاصة واحدة. الاستشعار المشلول: حين يعرف العقل ولا تتحرك الإرادة في معظم العواصم العربية، الخطر الإسرائيلي مفهوم، لكنه غير مُعالَج. تدرك الأنظمة والنخب أن إسرائيل لم تعد فقط 'دولة'، بل مشروعًا وظيفيًا للتفوق، والتفكيك، والهيمنة الإقليمية. لكن هذه المعرفة لا تتحوّل إلى فعل. بعض الدول ترى إسرائيل شريكًا أمنيًا، وأخرى تتعامل معها بمنطق الضرورة. وبين هذه وتلك، ضاع الموقف الجماعي، وتآكلت فكرة الردع العربي. منذ سقوط المشروع العربي المشترك، غابت استراتيجية المواجهة، وحلّت مكانها حسابات ضيقة: – 'ما دامت لا تمثل تهديدًا مباشرًا، فإن كثيرًا من الدول تُرجئ المواجهة أو تُفضل إدارة العلاقة معها بمنطق الضرورة'. – أو 'الخطر الحقيقي هو إيران، لا تل أبيب'. وهكذا، تحوّل العدو إلى شريك اقتصادي أو استخباري، وتراجع الإجماع القيمي الذي كان يُوحد العرب على مستوى الوعي الشعبي. في المقابل، تغلغلت إسرائيل في الإعلام، والتعليم، والتكنولوجيا، ونجحت في فرض سردية جديدة تُظهرها كواحة استقرار وسط 'عالم عربي فوضوي'. الاستشعار موجود، لكنّه استشعار مشلول: كمن يرى الحريق ولا يُطفئه، أو كمن يعرف طريق النجاة لكنه مشغول بالركون إلى السراب. والمثقف؟ إن لم يكن صوته في هذه اللحظة تحريضًا على الاستفاقة، فهو شاهد زائف على زلزال أخلاقي لم تُرصد شدته بعد. 'وإذا كانت الأنظمة قد اختارت الصمت أو الحذر، فإن السؤال يتوجه إلى من بقي له ضمير الكلمة: المثقف. موقع المثقف العربي في 2025 في مشهد من فيلم Empire of the Sun، يقف الطفل جيم غراهام مذهولًا أمام وهج القنبلة النووية، ويهمس: 'كان كأن الله يلتقط صورة.' هكذا تتحول الإبادة، حين تُقدَّم من موقع القوة، إلى حدث جمالي. وفي 2025، قال وزير الأمن القومي الأمريكي عن الضربة على مفاعل فوردو: 'لقد كانت ضربة رائعة.' وكأن المشهد العسكري لا يُقاس بالخسائر، بل بجودته التقنية ودهشة الصورة. هنا يأتي دور المثقف. فوظيفته ليست فقط أن يكتب، بل أن يفضح الزيف الجمالي للسرديات المهيمنة، ويعيد تعيين البؤرة الأخلاقية في عالم تُعاد فيه كتابة القتل بلغة الضوء، والتطبيع بلغة المصالح، والتبعية بلغة الواقعية. في زمن فقدت فيه الدول العربية بوصلتها، وتحول كثير من الإعلاميين والخبراء إلى مروّجين لخطابات القوة، يصبح المثقف مطالبًا بأن يكون ضميرًا ناقدًا لا تابعًا، وموجهًا لتوجه وطني عاقل لا منفعلًا ولا انعزاليًا. المثقف ليس حليف سلطة، ولا خصمًا تلقائيًا لها، بل صاحب مسافة نقدية، حارس للمعنى حين تغيب المعايير، وراصد لما يُقال نيابةً عن 'الوطن'، بينما الوطن في مكان آخر. قد لا يحمل طائرات أو نفوذًا، لكنه يحمل ما تخشاه قوى الردع: السؤال، والتحليل، والقدرة على إيقاظ الوعي الجماعي. ما تبقّى من المقاومة… ضوء لا يُرى، وكلمة لا تُقصف في زمنٍ تغيّرت فيه وجوه الحروب، لم تعد المقاومة سلاحًا يُشهر، بل وعيًا يتماسك. تراجعت الشعارات الكبرى، وصمتت المنابر التي كانت تهتف باسم 'التحرير'، وامتلأت الساحة بأصوات عالية، لكنها تخلو من الصدى الحقيقي. ثمة نوع من الخطاب يُحب أن يُسمي نفسه 'مقاومة'، لكنه في كثير من الأحيان لا يتجاوز بلاغة العتب، أو نبرة الغضب التي لا تهز ساكنًا. وما يُخشى اليوم، هو أن تتحوّل 'الممانعة' إلى أداء لغوي جميل، يعزف خارج التاريخ، بينما الأرض تتغير والخرائط تُرسم بأدوات أخرى. هذا ما وصفه بعض المفكرين بـ 'بلاغة المقاومة': كلمات أنيقة، لكن دون جذر أو أثر؛ تُشبه غيمة لا تمطر، أو صرخة لا تُفزع. وفي المقابل، ما أحوجنا إلى مقاومة ناعمة لكن عميقة، صامتة لكن صادقة، تُعيد ترتيب الحواس قبل أن تطلب الفعل. لقد تفككت السرديات الكبرى، تلك التي كانت تُغذي الحلم الجماعي: حكاية التحرر الوطني، ونداء القومية، وحتى مشروع النهضة الإسلامية. ولم يبقَ للمثقف إلا أن يتحرك بين الشظايا، باحثًا عن سردية جديدة لا تُخدر، بل تُنير. لا نحتاج إلى أوهام جديدة، بل إلى وعي يقظ، يُقاوم من داخل اللغة، ومن داخل الضمير. المثقف المقاوم اليوم ليس بالضرورة ثائرًا، لكنه من يحفظ للكلمة معناها، وللموقف ظلاله، وللذاكرة طهرها. هو من يعيد ترتيب الأبجدية في زمن نُزعت منه المعاني، ويقول لا دون أن يصرخ، ويصمد دون أن يحمل سلاحًا، لأن ما يملكه لا يُقصف: المعنى، والكرامة، والأسئلة التي لا تموت. الخاتمة: في عالمٍ تتساقط فيه الأقنعة، ويتراجع فيه أثر الكلمة أمام وقع المدافع وأرقام الأسواق، لم يعد المثقف العربي ذلك 'النبي' الذي يقود الأمة، بل بات في كثير من الأحيان شاهداً حائراً، أو صوتاً مكسوراً في منفى داخلي أو خارجي. وكما تُظهر زينة حلبي في كتابها 'تقويض المثقف العربي'، فإن صورة المثقف قد تآكلت بفعل الهزائم المتراكمة، وانكسارات الحلم الجماعي، حتى غدت وظيفته اليوم أقرب إلى الرثاء منها إلى التبشير. وفيما تنشغل قوى إقليمية قريبة كتركيا وإيران بتكريس مشاريعها القومية في قلب عالم تحكمه المصالح وتغيب عنه العاطفة، لا تزال القوى الصاعدة، شرقية كانت أم جنوبية، تحاول أن تُعيد إنتاج ذاتها في مواجهة التهديدات الوجودية. وفي ظل هذا المشهد، لا يبقى أمام العربي إلا أن يلتفت إلى الداخل، لا استسلاماً، بل بحثاً عن جذورٍ تؤسس لنهضة حقيقية، وأن يعيد بناء مشروعه الوطني بعيداً عن الشعارات الموروثة، معتمداً على ذاته، وعلى وعيه بتاريخ طويل من المحن والفرص الضائعة. ربما آن أوان الخروج من حالة الانتظار الطويل — انتظار المنقذ، أو القوة الخارجية، أو الإجماع المستحيل — نحو تأسيس وعي جديد، ينبت من الأرض، ويخاطب العصر لا أوهامه. كما قال جيم غراهام، الطفل الناجي في إمبراطورية الشمس: كان الأمر كأن الله يلتقط صورة… لم يكن الله غائبًا، ولا لاهيًا عن آلام البشر، بل ترك لنا المبادرة بالفعل، وجني الثمرة، وتذوق حلاوتها، وربما مرارتها. نحن من لا يفهم حكمته في لحظة الألم. فهل يا ترى سنقوم بدورنا، كما أراد لنا أن نقوم به؟ في لحظة الخوف، ومع تصاعد القنابل، لم يرَ جيم مجرد انفجار، بل لحظة كثيفة بالمعنى، لحظة لا يفهمها إلا من يحدّق في قلب المأساة. كان جيم يرى النور ولا يعرف أنه موت، أما المثقف اليوم، فيراه ويعرف… لكنه يواجه السؤال الأثقل: ماذا بعد المعرفة؟ كذلك هو المثقف: لا يملك طائرات ولا نفوذ، لكنه يملك ما لا يُقصف: السؤال، الذاكرة، والموقف. الصورة التي يلتقطها ليست ضوءا عابراً، بل كشفًا أخلاقيًا. وما دامت هناك عينٌ تُسمي الضوء وتكشف مصدره، فثمة أمل في استعادة الرؤية. لأن المثقف، وإن كان آخر الواقفين، لا يزال يرفع الكاميرا في وجه المدفع. سعيد ذياب سليم

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store