logo
الأسئلة الغائبة في حادث السنابسة

الأسئلة الغائبة في حادث السنابسة

العرب اليوممنذ 14 ساعات
«سنبدأ مرحلة جديدة عنوانها الانضباط، سنرغب السائقين بالوعى، لكننا سنرهب المخالفين بتطبيق صارم للقانون، ومن هنا وجاى إن شاء الله مش هنسيب الدنيا كده، لازم نضبط الشارع ونحمى أرواح الناس».
العبارة السابقة قالها الفريق كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير النقل والصناعة، خلال تفقده موقع الحادث المأساوى على الطريق الإقليمى بالمنوفية يوم الجمعة الماضى، وأدى إلى مصرع ١٩ فتاة من قرية السنابسة وسائق السيارة الميكروباص الذين دهستهم تريلا.
بعد الحادث صار هناك جدل كبير حول من يتحمل المسئولية، هل الوزير والحكومة بمبدأ المسئولية التضامنية أم فقط سائق التريلا؟
ولأن الحادثة مفجعة ومؤلمة، فقد كان رد الفعل الشعبى شديدًا وساخطًا، وبينما وجه كثيرون الانتقاد إلى وزير النقل بحكم مسئوليته السياسية، فإن الوزير رد على الاتهام خلال الجولة التفقدية عقب عودته من تركيا وبولندا، بقوله: «شخص يتعاطى المخدرات، ويقود سيارة من دون رخصة مهنية، تسبب فى إزهاق أرواح فتيات فى عمر الزهور، فأين هى مسئوليتنا؟!».
رأيى الواضح فى هذه القضية أن هناك مسئولية جزئية صغيرة يتحملها السائق، الذى قال الوزير إنه يتعاطى المخدرات، لكن المسئولية الأكبر تتحملها الحكومة مجتمعة بفعل مجمل سياساتها فى قطاع الطرق.
التصريحات التى أدلى بها الفريق كامل الوزير للزميل الإعلامى نشأت الديهى خلال تفقده مكان الحادث، تجعل المسئولية على الحكومة أكثر منها على السائق.
يقول الفريق كامل الوزير: «سوف نبدأ مرحلة جديدة عنوانها الانضباط»، وكل من سيقرأ هذه العبارة سوف يسأل سؤالًا بديهيًا: ولماذا غاب الانضباط فى المرحلة السابقة ومن يتحمل مسئوليته؟
يقول أيضًا: «سوف نرهب السائقين المخالفين بتطبيق صارم للقانون». والسؤال هنا أيضًا: «ومن الذى منع أجهزة الحكومة المختلفة من هذا التطبيق الصارم للقانون فى الشهور والسنوات الماضية؟!».
يضيف الوزير: «من هنا وجاى مش هنسيب الدنيا كده!».
وأخشى أن يفهم البعض من هذه العبارة أن الدنيا قبل هذه الحادثة كانت متسابة كده!
أدرك وأعرف أن الفريق كامل الوزير بذل ويبذل جهودًا كبيرة سواء فى موضوع البنية التحتية أو حل الكثير من مشاكل المستثمرين المتراكمة وأعرف أيضًا حجم الجهود الخرافية فى شبكة الطرق، منذ كان رئيسًا للهيئة الهندسية حتى منصبه الحالى، لكن هذه الحادثة كشفت أيضًا عن ثغرات لا يمكن إطلاقًا أن نرجعها إلى مجرد سائق مدمن.
يقول الفريق كامل الوزير: «إن الحكومة لا يمكن أن تتحمل خطأ سائق مدمن»، والسؤال البسيط: كيف أمكن لسائق مدمن أن يسير بسيارة تريلا، وكيف أمكنه أن يقود من غير رخصة مهنية، أليست هناك أجهزة حكومية مهمتها مراقبة الطرق والسائقين والتراخيص؟!
ويقول الوزير أيضًا للزميل الديهى: «إن غالبية قادة الوزارة سوف يتواجدون على الطرق فى المرحلة المقبلة». والسؤال أيضًا: «لماذا لم يحدث ذلك قبل الحادث؟ هل كنا ننتظر هذه الحادثة حتى نتخذ هذه الإجراءات؟».
لا أؤمن كثيرًا بفكرة إقالة وزير للنقل بسبب حادث، أو وزير للتعليم بسبب تسمم تلاميذ بوجبة مدرسية، أو أى وزير بسبب حادثة مماثلة، لكن القضية الأساسية هنا هى مجمل السياسات المتبعة، وحالة التراخى الخطيرة على معظم الطرق، والغياب شبه التام لرقابة السائقين.
وإذا كنا نريد الإصلاح فعلًا، فالقضية ليست الحادثة الأخيرة فقط، لكن بعض سياسات الحكومة فى مجال النقل والمرور، والتى تجعل تكرار هذه الحادثة عملًا مستمرًا، وقد تراهن الحكومة على أن الناس سوف تغضب قليلًا ثم تنسى الموضوع فى انتظار حادثة أخرى.
أقدر كلمات الوزير حينما يخاطب السائقين، قائلًا: «عشان خاطرنا اصبروا شوية وما حدش يجرى على الطريق»، لكن السائقين وغيرهم لن تردعهم هذه الكلمات بل تطبيق القانون بأقصى شدة.
السائق المدمن لن تفلح معه وسائل التوعية والمحاضرات.
هو لن يتم تقويمه إلا بسحب الرخصة والسجن، والسائق المتهور الذى يزيد من سرعته، أو يترك حارة الخدمات لكى يدمر الطريق الأساسى، ويتسبب فى الحوادث لن تفلح معه مناشدات الوزير، بل العقوبات المغلظة بشرط أن تطبق على الجميع، وسياسة عامة ومستمرة، وليست هبة طارئة.
أليس من الغريب أننا أنفقنا مئات المليارات من الجنيهات وربما تريليونات على إقامة شبكة الطرق وتطويرها، وتركنا السائقين يدمرونها ببطء وأليس غريبًا أن الحكومة عاجزة منذ عقود فى مواجهة لوبى أصحاب سيارات النقل؟!
الموضوع متشابك ولا يعقل أن يتم اختزاله فى الجدل بشأن المسئولية عن حادثة واحدة مهما كانت خطورتها.
رحم الله فتيات قرية السنابسة بالمنوفية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أسرة جامعة الزيتونة الاردنية تهنئ سمو ولي العهد المعظم بعيد ميلاده الميمون
أسرة جامعة الزيتونة الاردنية تهنئ سمو ولي العهد المعظم بعيد ميلاده الميمون

سرايا الإخبارية

timeمنذ 5 ساعات

  • سرايا الإخبارية

أسرة جامعة الزيتونة الاردنية تهنئ سمو ولي العهد المعظم بعيد ميلاده الميمون

سرايا - أسرة جامعة الزيتونة الاردنية ترفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى مقام صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد المعظم بمناسبة عيد ميلاد سموه الحادي والثلاثين سائلين الله العلي القدير أن يحفظ سموه ويمده بموفور الصحة والعافية في ظل القيادة الهاشمية الحكيمة.

لارا علي العتوم : كلمات ومفردات
لارا علي العتوم : كلمات ومفردات

أخبارنا

timeمنذ 7 ساعات

  • أخبارنا

لارا علي العتوم : كلمات ومفردات

أخبارنا : عرفت الحرب الاسرائيلية العديد من التسميات والمفردات والمصطلحات والكلمات، وكذلك لها الاثر في تغيير الكثير من المفاهيم والمعاني بل حتى انتقال التعريفات لمراحل اخرى، كالديموقراطية على سبيل المثال التي ابهرت العالم وكانت علامة من علامات التقدم وامتلأ العالم بالمناظرات التي تبحث بها حتى كادت ان تكون مفتاح الحياة السعيدة وبعد ان كان اكبر مشاكلها هو نشرها في جميع بلدان العالم اصبحت المشكلة في تقليد الديموقراطية واصبحت العديد من دول العالم التي تصف نفسها بالمتقدمة لا ترى في الديموقراطية الديمومة التي تلائمها فصارت تقلد الديمراطية لينتشر ما يسمى الديموقراطية الزائفة او المقلدة، لينتقل العالم بين ليلة وضحاها الى حقوق الانسان، التي امتلأت بها العقول والصالونات السياسية، بل حتى ان العالم خاض فيما بعضه البعض العديد من الصراعات لان الجميع يرى في تطبيقها هو العيش بأرقى معايير الانسانية وانها لا تمثل فقط الحصول على الخبز والماء بل العديد والكثير، الى حين حدثت الحرب الاسرائيلية على غزة حتى باتت حقوق الانسان في غزة تحديداً رغم انها تعتبر مخالفة لحقوق الانسان، حقوق قيد التنفيذ، حقوق معطلة عن الاستعمال اي حقوق مفقودة، فاصبح الانسان في غزة وامام العالم إما شهيداً او حياً بمقدار ما جاز له الاستمتاع بحقوقه، والحقوق الناقصة تعني الحياة الناقصة، وفقدان الحقوق هو فقدان الحياة وبذلك نجحت اسرائيل بقتل الجميع على اراضي قطاع غزة فمنهم من استشهد ومنهم حياً ميتاً ينتظر الشهادة. ان المثل الاعلى ليس كلمة او نقطة ثابتة ولا عوضاً عن حدود المسافة يمكن بلوغه، بل هو كلما بلغناه انتقل امامنا الى نقطة اخرى على ابعد مرمى من النظر بالغيه ولا منصرفين عن التشتت بإدراكه، بل يسوقنا اليه الحاجة لا قبل لنا بالصبر عن قضائها ولو كانت كلفة ذلك ركوب متن التعسف. حقوق الانسان، وعلى وجه الخصوص الحرية الشيء الطبيعي الذي يميل الناس الى تحصيلها بكل عفوية وقد تشتد تلك العفوية مع شدة الظلم والقوة الحيوية، في غزة اصبحت حقوق الانسان والحرية شيئين لا يريد العالم الخوض بهم، حتى اصبح ينتفض حتى من من كل فكرة ومن كل قانون ومن كل عمل، فلا شغئ لا يخضع تحت القصف الاسرائيلي في غزة حتى كل من طالت له نفسه واقترب ليساعد او يمد يد العون او يقف كالسد المنيع امام التهجير القسري والتجويع ستناله الشائعات والاكاذيب ولنا في الاردن تجارب ومشوار طويل مليء بالقصص والشائعات التي نشرتها اسرائيل حتى توقف اي مساعدة او عون من الاردن كان من بينها ولن يكون آخرها ما نالته الهيئة الخيرية الهاشمية بسبب جهودها لاهالي قطاع غزة دون كلل او ملل، ولن تتوقف المحاولات الاسرائيلية بل ستبقى في تجديد مستمر. حمى الله أمتنا

الاب رفعت بدر : الذكاء الاصطناعي والأخلاق
الاب رفعت بدر : الذكاء الاصطناعي والأخلاق

أخبارنا

timeمنذ 7 ساعات

  • أخبارنا

الاب رفعت بدر : الذكاء الاصطناعي والأخلاق

أخبارنا : في رسالة وجّهها البابا لاون الرابع عشر إلى المشاركين في مؤتمر روما السنوي الثاني حول الذكاء الاصطناعي، واستضاف الفاتيكان اليوم الثاني من المؤتمر، قال البابا إن هذا "دليل واضح على رغبة الكنيسة في المشاركة بهذه النقاشات التي تمسُّ حاضر الأسرة البشريّة ومستقبلها". وبلا شك، يبدو واضحًا أنّ للذكاء الاصطناعي اليوم مسارين للإستخدام: الأوّل في مجالات عديدة من مجالات العمل الإنسانيّ كالطّب وعالم العمل، والثقافة ومجال الإتصال، والتربية والسياسة. أمّا الثاني، فهو مع الأسف، الإستخدام القاتل بتطوير تقنيات جديدة لقتل الإنسان عن بُعد. ورأينا في الأسابيع الماضية كيف "تطوّرت" هذه الوسائل لتصل إلى الإنسان في غرفته، تقتله وتغتاله، والناس متسمّرون حول شاشات البث المباشر. وهنا أعود سنة إلى الوراء، وتحديدًا في 24 حزيران 2024، إلى مؤتمر الدول الصناعيّة السبعة وشارك به جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم، وتحدّث فيه البابا الراحل فرنسيس حول الذكاء الاصطناعي في خدمة العدل والسلام وقال فيه: "لكي تكون هذه البرامج أدوات لبناء الخير ولبناء غد أفضل، لا بدّ من توجيهها دائمًا إلى خير كلّ إنسان، ويجب أن يكون فيها إلهام أخلاقيّ"، مشدّدًا على أهميّة دور السياسة في تهيئة الظروف التي تجعل هذا الإستخدام الجيّد ممكنًا ومثمرًا. ولحاجة البشريّة الملّحة لهذا القرار الأخلاقي، فقد وقّع البابا الراحل على "نداء روما لأخلاقيّات الذكاء الاصطناعيّ" في سنة 2020، والذي يتضمّن جملة من المبادئ التي تصلح لتكون منصّة عالميّة ومتعدّدة قادرة على أن تجد الدعم من الثقافات والأديان والمنظمات الدوليّة والشركات التكنولوجيّة الكبرى. وفي ذلك الأمر تأكيد على دور الكنيسة وسعيها الحثيث في السير نحو "أخلاقيّات الخوارزميات"، وكذلك رسالتها في إضاءة الطريق أمام العالم لوضع "خارطة طريق" أو "خطوط عريضة" لحلّ المعضلات الآنيّة والتحديّات التي تواجهها الأسرة البشريّة. وأظن بأنّ محاضرة البابا تلك تستحق أن تُقرأ وتحللّ لكي يقف الناس على معرفة الإمكانات التي قد تحملها وسائل الذكاء الاصطناعي لتكون حقًا في خدمة الإنسان والإنسانيّة، لا في هدمها وهدم الاحترام اللائق والضروري لكرامة الإنسان. وأظن كذلك انّ علينا مسؤولية كبيرة المستوى ومزدوجة: أولاً في دعوة المنتجين القائمين على تصنيع أدوات الذكاء، والثانية لتوعية الأجيال الشابة على حُسن استخدام الوسائل لما فيه الخير للجميع. فهذه هي أدوات تستمد "الكثير من بُعدها الأخلاقي من نوايا من يستخدمونها". وهنا أستذكر قول الشاعر المتنبي: كـلـمـا أنـبـت الـزمان قناة ركـّب الـمـرء فى القناة سنانا. فالله تعالى يريد من كل "قناة" أو أداة جديدة أن تكون خيّرة ونبيلة، لكن الإنسان يركب فيها سنانًا أي أدوات حادة للقتل والتدمير. أخيرًا نقول ما نكرّره دائمًا، وهو أننا، نحن البشر، مع الأسف تقدمنا تقنيًّا وتكنولوجيًّا وأدواتيًّا، لكننا تقهقرنا وتراجعنا أخلاقيًّا وأدبيًّا. فالأدوات هي رمز لذكاء الإنسان "الطبيعي" الذي خلقه الله تعالى في الإنسان وميّزه عن جميع الكائنات، بينما الذكاء "الاصطناعي" هو مجهود بشري بإمكانه أن يعمّر حضارة محبة وإخاء، وبإمكانه مع كل أسف أن يجعل من الإنسان فريسة سهلة وهدفًا للقتل والإفناء. ــ الراي

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store