
أكثر دلالا وأنانية.. العلم ينفي الخرافات حول الطفل الوحيد
القرن الـ19 وأسطورة الطفل الوحيد
يشير مصطلح"متلازمة الطفل الوحيد" إلى السمات السلبية التي قد يربطها الناس بالأطفال الذين ليس لديهم أشقاء. ويمكن أن تشمل هذه السمات الأنانية أو الدلع.
نشأت فكرة متلازمة الطفل الوحيد على أيدي علماء نفس الأطفال في القرن الـ19. وبحسب تقرير على موقع "ساينتفيك أميركان"، أجريت واحدة من أوائل الدراسات عن الأطفال الوحيدين في أواخر القرن الـ19، إذ جمع باحث من جامعة كلارك في ماساتشوستس آراء 200 مشارك عن الأطفال الذين ليس لديهم أشقاء. الغالبية العظمى وصفوا هؤلاء الأطفال بأنهم مدللون بشكل مفرط، مما أسهم في ترسيخ صورة نمطية سلبية عنهم.
لم تكن هذه التصورات فقط نتيجة للملاحظات الفردية، بل تأثرت أيضا بعوامل اجتماعية مثل مخاوف الطبقات العليا من التغيرات الديمغرافية، والانزعاج من تراجع حجم أسر الطبقة المتوسطة، كأنها "تبرر" أن هذا النمط الأسري "القليل العدد" غير صحي أو غير مستحب، وربما لتشجيع العودة إلى نمط الإنجاب الأكبر.
وفي بدايات القرن الـ20، ازدادت هذه المخاوف، وبدأ البعض يعتقد أن الطفل الوحيد مفرط الحساسية لأن والديه يركزان عليه كامل اهتمامهما، فيؤدي ذلك إلى إصابته بالقلق والوسواس والأنانية.
تحطيم الصورة النمطية
لم تصمد الفرضيات السابقة عن الطفل الوحيد أمام الأدلة الحديثة، فقد كشفت دراسات علمية متعددة أن الفكرة المنتشرة بأن الآباء يفرطون في حماية الطفل الوحيد أو يدللونه بشدة غير صحيحة.
ففي دراسة أجريت عام 2021 شملت 227 أما و342 طفلا، حاول الباحثون معرفة ما إذا كان وجود أشقاء يؤثر على مجموعة أمور مثل الذهاب إلى المدرسة والحالة النفسية للآباء وكيفية استجابتهم لشكاوى أطفالهم الصحية، خاصة آلام المعدة.
أظهرت الدراسة التي نشرت في المكتبة الوطنية للطب أن الأطفال الوحيدين كانوا أكثر انتظاما في الحضور المدرسي من الأطفال الذين لديهم أشقاء الذين كانوا أكثر عرضة للتغيب. كذلك أظهرت الدراسة أن آباء الأطفال الوحيدين غالبا ما يقللون من أهمية شكاوى أطفالهم الصحية، مثل آلام المعدة، مقارنة بالأسر الأكبر.
وخلصت الدراسة إلى أن الآباء الذين لديهم طفل وحيد ليسوا أكثر حماية من غيرهم، مما يتحدى بعض الأفكار المسبقة عن الأطفال الوحيدين وعائلاتهم.
بحث آخر أجري في عام 2019 حطم واحدة من الافتراضات الشائعة التي تقول إن الطفل الوحيد أكثر أنانية من الذين لديهم أشقاء.
كشف البحث الذي نشر في مجلة "علم النفس الاجتماعي وعلم الشخصية" أن الصورة النمطية القائلة إن الأطفال الوحيدين يعانون من النرجسية والأنانية هي صورة سائدة ولكنها غير دقيقة.
ووجد الباحثون أنه لا يوجد فرق كبير في الشخصية بين الأطفال الوحيدين والأطفال الذين لديهم أشقاء، وأن ما يشاع عن الأطفال الوحيدين من أنهم أقل إيثارا من الأطفال الذين لديهم أشقاء هو افتراض خاطئ، حيث لا يوجد فرق في الإيثار بين المجموعتين.
"التربية المتساهلة" وتدليل الطفل
لا يصبح الطفل مدللا لأنه وحيد، بل السبب الرئيسي غالبا ما يكون أسلوب التربية المتساهل من الوالدين. بمعنى آخر، عدم وضع حدود واضحة أو عدم غرس الانضباط يؤدي أحيانا إلى أن يتصرف الطفل بأنانية أو من دون نضج. وبحسب الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، ترتبط هذه التصرفات غالبا بغياب الحزم، وليس بعدد الإخوة.
في كثير من الحالات، يتساهل الآباء بدافع المحبة، لكن -بحسب تقرير على موقع "بارينتس"- تظهر المشكلة عندما يتحول هذا التساهل إلى عادة، ويصبح الطفل معتادا الحصول على ما يريد فقط لأنه ألحّ أو بكى، بينما الهدف من التربية هو تعليم الطفل التوازن وضبط النفس، وليس إرضاء كل رغباته في كل لحظة.
وقد يدفع أسلوب التربية المتساهل الطفل إلى إظهار:
انخفاض ضبط النفس.
العدوانية.
الأنانية.
الاندفاعية.
التمرد.
الطبيعة المتسلطة.
حتى لا يفسده الدلال
في تقرير نشره موقع "بارينتس"، يشدد الخبراء على أهمية التوازن في أسلوب التربية لضمان نشأة طفل سوي لا يتسم بالدلال الزائد أو الأنانية. ومن بين التوصيات:
التعامل الواعي مع طلبات الطفل المادية:
لا حاجة لأن يشعر الوالدان بالذنب إذا لم يتمكنا من شراء ما يطلبه الطفل. من الأفضل إظهار التعاطف معه وشرح الموقف ببساطة، مثل القول: "أفهم أنك منزعج، لكن هذا الأمر خارج حدود ميزانيتنا".
إذا أراد شيئا باهظا، يمكن مشاركته في التكلفة. قد يشعره هذا بقدر من التحكم ويعلمه أن بعض الأشياء تستحق الادخار من أجلها.
تجاهل نوبات الغضب إذا لم يكن هناك خطر، وعدم إظهار الكثير من الاهتمام، حتى لا يعتاد الطفل على استخدام الغضب كوسيلة للضغط.
إعلان
من الخطأ إشباع رغباته دائما بسرعة. تأجيل بعض الطلبات أو رفضها يعزز تحمله وتأقلمه، ويزيد من تقديره للأشياء.
مشاركة الطفل في قرارات التأجيل أو عدم الشراء الخاصة بالآباء مع شرح الأسباب.
مدح جهوده بدلا من مكافأته المادية دائما. فالثناء يعزز ثقته بنفسه.
يمكن للآباء الاحتفال بإنجازات الطفل، مثل اصطحابه إلى مكان يحبه، مع جعلها مناسبة خاصة لا مكافأة على كل سلوك جيد قام به.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
هيئة الغذاء والدواء الأميركية تحذر.. ميزة قياس ضغط الدم في "ووب" غير قانونية والشركة ترد
أصدرت هيئة الغذاء والدواء الأميركية تحذيرا من ميزة قياس الضغط التي قدمتها شركة الأساور الصحية " ووب" (Whoop) حديثا في منتجاتها، وذلك لأنها لم تحصل على التراخيص اللازمة لتصنف كأجهزة طبية، وذلك وفق تقرير نشره موقع "لايف هاكر" (Life Hacker) التقني. وتعد شركة "ووب" من الشركات الرائدة في صناعة الأساور الصحية القابلة للارتداء والتي تأتي بتصميم فريد من نوعه لا يضم شاشة لعرض البيانات، إذ تعتمد بشكل أساسي على جمع البيانات وعرضها عبر التطبيق الموجود في الهاتف. كما أن ميزة قياس ضغط الدم والتحليلات الخاصة به كانت جزءا من إعلان الشركة عن منتجات ومزايا جديدة في مايو/أيار الماضي، وتقول الشركة إن ميزة قياس ضغط الدم والتحليلات الخاصة به تستخدم لقياس أداء الرياضيين وتقديم نصائح تساعد على تحسين الأداء الرياضي. وجاء تحذير هيئة الدواء والغذاء الأميركية على شكل رسالة نشرت في موقع الهيئة الرسمي، ووضحت فيها أن هذه الميزة تعيد تصنيف أجهزة "ووب" لتصبح أجهزة طبية بشكل واضح مما يخضعها للقوانين التنظيمية للأجهزة الطبية لما لها من تأثير مباشر على حياة المستخدم، وذلك وفق تقرير نشره موقع "سي إن بي سي". وأضافت الهيئة أن "ووب" تجعل نفسها عرضة لاتخاذ إجراءات قانونية صارمة ضدها مثل الحجز والعقوبات المالية المدنية في حالة فشلها في معالجة الانتهاكات التي أشارت إليها الوكالة، مؤكدة أن الشركة أمامها 15 يوم عمل للاستجابة لهذه المطالب. ومن جانبها وضحت "ووب" على لسان المتحدث الرسمي للشركة في تقرير "سي إن بي سي" أن نظام الشركة يقدم نطاقا تقديريا واحدا يوميا مع قراءة متوسطة وحيدة فقط، وهذا يجعلها تختلف بشكل مباشر عن أجهزة قياس ضغط الدم التقليدية المستخدمة في تشخيص المرض. كما تطلب الشركة من المستخدم إضافة 3 قراءات يدوية لضغط الدم من أجل استخدام هذه الخاصية وإتاحتها، وأضاف المتحدث الرسمي أن بيانات قياس ضغط الدم لا تختلف عن بقية البيانات التي توفرها الشركة مثل معدل ضربات القلب ومعدل التنفس فهي من القياسات التي يكون لها استخدامات طبية لتشخيص الأمراض. وقال المتحدث الرسمي للشركة لوكالة "سي إن بي سي": "نعتقد أن الوكالة تتجاوز سلطتها في هذه الحالة من خلال محاولة تنظيم ميزة العافية غير الطبية باعتبارها جهازًا طبيًا"، وذكر التقرير أيضا أن شركة "ووب" حصلت سابقا على ترخيص هيئة الغذاء والدواء لاستخدام ميزة تخطيط القلب الكهربائي.


الجزيرة
منذ 2 أيام
- الجزيرة
أكثر دلالا وأنانية.. العلم ينفي الخرافات حول الطفل الوحيد
لطالما ارتبط الطفل الوحيد في الأذهان بصور نمطية شائعة: مدلل، وأناني، ويفتقر إلى المهارات الاجتماعية، ويجد صعوبة في التكيف. هذه التصورات المعروفة "بمتلازمة الطفل الوحيد" استمرت عقودا وتغلغلت في الثقافة والمجتمع. فهل فعلا يؤثر غياب الأشقاء على شخصية الطفل وسلوكه؟ القرن الـ19 وأسطورة الطفل الوحيد يشير مصطلح"متلازمة الطفل الوحيد" إلى السمات السلبية التي قد يربطها الناس بالأطفال الذين ليس لديهم أشقاء. ويمكن أن تشمل هذه السمات الأنانية أو الدلع. نشأت فكرة متلازمة الطفل الوحيد على أيدي علماء نفس الأطفال في القرن الـ19. وبحسب تقرير على موقع "ساينتفيك أميركان"، أجريت واحدة من أوائل الدراسات عن الأطفال الوحيدين في أواخر القرن الـ19، إذ جمع باحث من جامعة كلارك في ماساتشوستس آراء 200 مشارك عن الأطفال الذين ليس لديهم أشقاء. الغالبية العظمى وصفوا هؤلاء الأطفال بأنهم مدللون بشكل مفرط، مما أسهم في ترسيخ صورة نمطية سلبية عنهم. لم تكن هذه التصورات فقط نتيجة للملاحظات الفردية، بل تأثرت أيضا بعوامل اجتماعية مثل مخاوف الطبقات العليا من التغيرات الديمغرافية، والانزعاج من تراجع حجم أسر الطبقة المتوسطة، كأنها "تبرر" أن هذا النمط الأسري "القليل العدد" غير صحي أو غير مستحب، وربما لتشجيع العودة إلى نمط الإنجاب الأكبر. وفي بدايات القرن الـ20، ازدادت هذه المخاوف، وبدأ البعض يعتقد أن الطفل الوحيد مفرط الحساسية لأن والديه يركزان عليه كامل اهتمامهما، فيؤدي ذلك إلى إصابته بالقلق والوسواس والأنانية. تحطيم الصورة النمطية لم تصمد الفرضيات السابقة عن الطفل الوحيد أمام الأدلة الحديثة، فقد كشفت دراسات علمية متعددة أن الفكرة المنتشرة بأن الآباء يفرطون في حماية الطفل الوحيد أو يدللونه بشدة غير صحيحة. ففي دراسة أجريت عام 2021 شملت 227 أما و342 طفلا، حاول الباحثون معرفة ما إذا كان وجود أشقاء يؤثر على مجموعة أمور مثل الذهاب إلى المدرسة والحالة النفسية للآباء وكيفية استجابتهم لشكاوى أطفالهم الصحية، خاصة آلام المعدة. أظهرت الدراسة التي نشرت في المكتبة الوطنية للطب أن الأطفال الوحيدين كانوا أكثر انتظاما في الحضور المدرسي من الأطفال الذين لديهم أشقاء الذين كانوا أكثر عرضة للتغيب. كذلك أظهرت الدراسة أن آباء الأطفال الوحيدين غالبا ما يقللون من أهمية شكاوى أطفالهم الصحية، مثل آلام المعدة، مقارنة بالأسر الأكبر. وخلصت الدراسة إلى أن الآباء الذين لديهم طفل وحيد ليسوا أكثر حماية من غيرهم، مما يتحدى بعض الأفكار المسبقة عن الأطفال الوحيدين وعائلاتهم. بحث آخر أجري في عام 2019 حطم واحدة من الافتراضات الشائعة التي تقول إن الطفل الوحيد أكثر أنانية من الذين لديهم أشقاء. كشف البحث الذي نشر في مجلة "علم النفس الاجتماعي وعلم الشخصية" أن الصورة النمطية القائلة إن الأطفال الوحيدين يعانون من النرجسية والأنانية هي صورة سائدة ولكنها غير دقيقة. ووجد الباحثون أنه لا يوجد فرق كبير في الشخصية بين الأطفال الوحيدين والأطفال الذين لديهم أشقاء، وأن ما يشاع عن الأطفال الوحيدين من أنهم أقل إيثارا من الأطفال الذين لديهم أشقاء هو افتراض خاطئ، حيث لا يوجد فرق في الإيثار بين المجموعتين. "التربية المتساهلة" وتدليل الطفل لا يصبح الطفل مدللا لأنه وحيد، بل السبب الرئيسي غالبا ما يكون أسلوب التربية المتساهل من الوالدين. بمعنى آخر، عدم وضع حدود واضحة أو عدم غرس الانضباط يؤدي أحيانا إلى أن يتصرف الطفل بأنانية أو من دون نضج. وبحسب الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، ترتبط هذه التصرفات غالبا بغياب الحزم، وليس بعدد الإخوة. في كثير من الحالات، يتساهل الآباء بدافع المحبة، لكن -بحسب تقرير على موقع "بارينتس"- تظهر المشكلة عندما يتحول هذا التساهل إلى عادة، ويصبح الطفل معتادا الحصول على ما يريد فقط لأنه ألحّ أو بكى، بينما الهدف من التربية هو تعليم الطفل التوازن وضبط النفس، وليس إرضاء كل رغباته في كل لحظة. وقد يدفع أسلوب التربية المتساهل الطفل إلى إظهار: انخفاض ضبط النفس. العدوانية. الأنانية. الاندفاعية. التمرد. الطبيعة المتسلطة. حتى لا يفسده الدلال في تقرير نشره موقع "بارينتس"، يشدد الخبراء على أهمية التوازن في أسلوب التربية لضمان نشأة طفل سوي لا يتسم بالدلال الزائد أو الأنانية. ومن بين التوصيات: التعامل الواعي مع طلبات الطفل المادية: لا حاجة لأن يشعر الوالدان بالذنب إذا لم يتمكنا من شراء ما يطلبه الطفل. من الأفضل إظهار التعاطف معه وشرح الموقف ببساطة، مثل القول: "أفهم أنك منزعج، لكن هذا الأمر خارج حدود ميزانيتنا". إذا أراد شيئا باهظا، يمكن مشاركته في التكلفة. قد يشعره هذا بقدر من التحكم ويعلمه أن بعض الأشياء تستحق الادخار من أجلها. تجاهل نوبات الغضب إذا لم يكن هناك خطر، وعدم إظهار الكثير من الاهتمام، حتى لا يعتاد الطفل على استخدام الغضب كوسيلة للضغط. إعلان من الخطأ إشباع رغباته دائما بسرعة. تأجيل بعض الطلبات أو رفضها يعزز تحمله وتأقلمه، ويزيد من تقديره للأشياء. مشاركة الطفل في قرارات التأجيل أو عدم الشراء الخاصة بالآباء مع شرح الأسباب. مدح جهوده بدلا من مكافأته المادية دائما. فالثناء يعزز ثقته بنفسه. يمكن للآباء الاحتفال بإنجازات الطفل، مثل اصطحابه إلى مكان يحبه، مع جعلها مناسبة خاصة لا مكافأة على كل سلوك جيد قام به.


الجزيرة
منذ 2 أيام
- الجزيرة
مقررة أممية للجزيرة: إسرائيل وأميركا تحاولان إبادة الشعب الفلسطيني
يمثل السلوك الذي تمارسه إسرائيل وحلفاؤها في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة عموما، فصلا عنصريا وسعيا ممنهجا لمحو الشعب الفلسطيني، وفق ما أكدته المقررة الأممية المعنية بالحق في الصحة تلالنغ موفوكينغ. فعلى مدار نحو عامين، عملت قوات الاحتلال بشكل ممنهج وبحماية من الولايات المتحدة وحلفاء آخرين، على تدمير القطاع الصحي في غزة، وتجويع الناس وإرهاقهم بما يمثل إبادة جماعية واضحة، حسب ما قالته موفوكينغ في مقابلة للجزيرة اليوم الثلاثاء. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية ، فقد أدى الاستهداف الممنهج للمستشفيات في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين. ويعاني القطاع الصحي في غزة استنزافا حادا حيث وصلت القوة الاستيعابية للمستشفيات إلى مستويات غير مسبوقة بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل ومنع إدخال الطعام والشراب والأدوية والوقود. كما أصبح تقديم الخدمات الصحية الأساسية -من رعاية الأمهات والمواليد إلى علاج الأمراض المزمنة- عرضةً للخطر الشديد، بسبب صعوبة الوصول والأعمال القتالية التي تقع قرب المستشفيات، كما تقول الصحة العالمية. وكانت محكمة العدل الدولية قد أصدرت قرارا قبل عام يعتبر الوجود الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية غير قانوني، ويطالبها باحترام التزاماتها الدولية كقوة احتلال. إبادة بدعم أميركي وغربي لكن موفوكينغ تقول، إن المسؤولين الإسرائيليين يتجاهلون الطلبات والنداءات الملحة التي تطلقها الأمم المتحدة ، ويواصلون -بدعم من الولايات المتحدة وقادة العالم الديمقراطي- تدمير المنظومة الصحية بطريقة لا يمكن إصلاحها. وتحاول إسرائيل والولايات المتحدة جر الفلسطينيين في غزة إلى فخ مميت في المدينة الإنسانية التي تخططان لإقامتها على أنقاض رفح جنوبي القطاع، وهو ما وصفته موفوكينغ بأنه "إبادة جماعية واضحة". وطالبت موفوكينغ، رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة والأمين العام ورئيس لجنة حقوق الإنسان باستخدام صلاحياتهم لضمان محاسبة إسرائيل وإلزامها بوقف غير مشروط لإطلاق النار في غزة. وقالت المقررة الأممية، على هؤلاء المسؤولين الحديث بصوت عال ضد ما يحدث للمقررين الأمميين المستقلين، الذين يواجهون عقوبات أميركية ومحاولات تشويه لمنعهم من عملهم الذي كلفتهم به الأمم المتحدة. ودعت موفوكينغ كلا من الأمين العام ورئيسي الجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان، إلى منع هذه المضايقات التي تواجه المقررين الذين لا يتقاضون أجرا ماديا نظير عملهم الرامي إلى ضمان حقوق الإنسان والإبقاء على مناهج وأدوات العمل الموكلة إليهم. ويطالب هؤلاء المقررون بتطبيق قرارات الأمم المتحدة لكنهم يواجهون حالة تناقض كبيرة حيث يعتقل بعضهم أو يخسر عمله لأنه يعارض ما تقوم به إسرائيل، كما تقول موفوكينغ، مؤكدة أنهم "سيواصلون المطالبة بالعدالة التي قد تعني أشياء مختلفة في أوقات مختلفة". وانتقدت المقررة الأممية موقف قادة الدول الديمقراطية، وقالت إن عليهم ركوب سفن الحرية لفك الحصار الإسرائيلي عن غزة ومواجهة إسرائيل مباشرة من على متن هذه السفن. وأكدت موفوكينغ، أن صمت قادة العالم على ما يجري لا يعني أن الناس ستصمت على هذه الإبادة، وقالت إن المطالبة بمحاسبة إسرائيل وتطبيق القانون لن تتوقف، مشيرة إلى أن السؤال الكبير حاليا يتعلق بقادة الدول الديمقراطية مما يحدث. وقالت إن العالم لم يشاهد هذا التدمير الذي تمارسه إسرائيل ضد مقومات الحياة بغزة وتحديدا القطاع الصحي، في أي نزاع عالمي سابق، مؤكدة أن استمرار هذا السلوك يعني أن تل أبيب حصلت على دعم من الولايات المتحدة ودول أخرى بعدم المعاقبة. واختتمت موفوكينغ "إن الطرق التي قررت بها إسرائيل تجاهل طلبات الأمم المتحدة وعدم الرد على رسائلها، تمثل جزءا من محاولة أكبر لتقويض المنظومة الإنسانية ومنظومة المساءلة الدولية".