
البحرين تعيد تموضعها الاستراتيجي عبر شراكات اقتصادية دولية متعددة
توقيع اتفاقيات تعاون اقتصادي مع روسيا وبريطانيا ليس مجرد حدث بروتوكولي، بل يحمل في طياته مؤشرات عميقة على اتجاهات السياسة الاقتصادية البحرينية.
تنويع الشركاء من خلال التوجه نحو روسيا، الدولة التي تملك قدرات زراعية وطاقة ضخمة، تُظهر البحرين رغبة في تنويع تحالفاتها الاقتصادية.
وهذا لا يعني تغييراً جذرياً في التموضع الجيوسياسي، بل مرونة استراتيجية تسعى من خلالها البحرين للاستفادة من الفرص التي قد يتردد فيها آخرون، خصوصاً في مجالات الأمن الغذائي والطاقة.
واتفاق تأسيس مركز بحريني–روسي لتجارة القمح هو نموذج على ذلك فهو لا يعزز فقط الأمن الغذائي الوطني في ظل اضطرابات السوق العالمية، بل يضع البحرين كلاعب لوجستي محتمل في إعادة تصدير الحبوب إلى دول الخليج، وربما شرق أفريقيا. إن تم بناء هذا المشروع بكفاءة، فقد يتحول إلى منصة إقليمية شبيهة بما فعلته الإمارات في موانئها.
الاستثمار في بريطانيا نافذة نحو النفوذ المالي العالمي أما الاتفاق مع بريطانيا، وبالأخص إعلان استثمار بحريني خاص بقيمة ملياري جنيه إسترليني، فهو رسالة ثقة في الاقتصاد البريطاني ما بعد 'بريكست'، لكنه أيضاً تحرك ذكي لتوسيع النفوذ البحريني في واحدة من أهم العواصم المالية في العالم. رأس المال البحريني الخاص لطالما كان نشطاً في لندن، لكن تحويل هذه الاستثمارات إلى أطر تعاون رسمية يعزز من فرص دخول البحرين في شراكات أعمق بمجالات التقنية، الخدمات المالية، والتعليم. بريطانيا التي تبحث عن شركاء جدد بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، ترى في دول الخليج وبالأخص البحرين، مركزاً مالياً مرناً ومنفتحاً، ما قد يخلق بيئة خصبة لتوأمة اقتصادية مستقبلية.
الرؤية الأعمق
ما تكشفه هذه الاتفاقيات أن البحرين تسعى لأن تكون 'منصة عبور' إقليمية للاستثمارات، والغذاء، والطاقة، والخدمات المالية. في ظل تقاربها الجغرافي من السعودية، وخبرتها المالية الطويلة، والبنية التحتية المتطورة ، تمتلك البحرين مقومات التحول إلى محور استراتيجي لخدمة الاقتصادات الأكبر في المنطقة. من خلال شراكات مع قوى دولية مثل روسيا وبريطانيا، تسعى البحرين إلى نقل الثقل الاقتصادي جزئياً من كونه مجرد مستهلك للمنتجات والخدمات ، إلى كونه مركزاً لإعادة التوزيع والتحكم الجزئي في سلاسل القيمة.
استقلالية محسوبة
تنخرط البحرين في لعبة توازن دقيقة، ففتح قنوات اقتصادية مع روسيا، رغم علاقاتها المتينة مع الغرب، يظهر قدرة على لعب دور الوسيط أو المتعاون. أما تعزيز الاستثمارات في بريطانيا، فهو إشارة واضحة إلى أن البحرين لا تزال تضع ثقتها في المؤسسات الغربية ضمن مصلحتها الوطنية.
في الختام لتحركات الاقتصادية الأخيرة للبحرين ليست مجرد خطوات نحو جلب الاستثمارات أو تأمين الغذاء، بل تعبير عن سياسة اقتصادية أكثر تطورًا، عبر الانفتاح على محاور دولية متعددة، وإعادة تعريف دورها في سلاسل التوريد والطاقة والمال، تفتح البحرين لنفسها أفقاً استراتيجياً جديداً قد يعيد رسم مكانتها في خريطة الشرق الأوسط الاقتصادية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البلاد البحرينية
منذ 17 ساعات
- البلاد البحرينية
الاتحاد الأوروبي يسابق الزمن لتفادي الرسوم الأميركية
قال متحدث باسم المفوضية الأوروبية، الاثنين، إن رئيسة المفوضية، أورسولا فون دير لاين، والرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أجريا "حواراً جيداً" يوم الأحد، في محاولة جديدة لتجنب التصعيد التجاري بين بروكسل وواشنطن، مع اقتراب موعد دخول الرسوم الأميركية الجديدة حيز التنفيذ. وأكد المتحدث خلال مؤتمر صحفي أن هدف الاتحاد الأوروبي لا يزال يتمثل في التوصل إلى اتفاق تجاري شامل مع الولايات المتحدة قبل حلول الموعد النهائي المحدد في التاسع من يوليو، مشدداً على رغبة بروكسل في "تجنب الرسوم الجمركية، وتحقيق نتائج رابحة للطرفين، بدلاً من الدخول في معادلة الكل فيها خاسر". وكانت إدارة ترامب قد أعلنت أنها ستبدأ اعتباراً من الاثنين، إرسال خطابات إلى الشركاء التجاريين الذين لم يتوصلوا إلى اتفاقات، لإخطارهم بنيّة واشنطن تطبيق رسوم جمركية أعلى بدءاً من الأول من أغسطس، وذلك وفقاً للمعدلات التي كانت معلنة في الثاني من أبريل. وكان وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، قد صرّح سابقاً أن هذه الخطوة تأتي بعد تعليق دام 90 يوماً لإتاحة الفرصة لإبرام اتفاقات، وهي المهلة التي تنتهي في التاسع من يوليو. وأكد بيسنت أن الرئيس ترامب، يتابع شخصياً مسار المفاوضات مع عدة شركاء استراتيجيين، وعلى رأسهم الاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى أن الوقت لا يزال متاحاً لتفادي هذه الإجراءات إذا تم إحراز تقدم ملموس. وبحسب مصادر أوروبية مطلعة لوكالة رويترز، فإن المحادثات بين الجانبين لا تزال مستمرة، لكن الخلافات الأساسية تتعلق بملفات الزراعة، والصناعات الرقمية، وتبادل المشتريات الحكومية، وسط ضغوط تمارسها شركات أوروبية كبرى لتفادي أي تصعيد قد يهدد مصالحها في السوق الأميركية. ويعد الاتحاد الأوروبي أحد أبرز الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، حيث بلغ حجم التبادل بين الطرفين نحو 1.2 تريليون دولار في 2024، وتخشى بروكسل أن تؤدي أي زيادات جمركية إلى اضطرابات واسعة في سلاسل الإمداد العابرة للأطلسي. حتى الآن، تُراهن العواصم الأوروبية على بقاء قنوات التواصل مفتوحة، وعلى إمكانية تمديد المهلة أو الوصول إلى اتفاقات جزئية قبل الأول من أغسطس، لكن لم يصدر عن البيت الأبيض أي إشارة إلى استعداد لتأجيل القرار. ويأتي ذلك فيما تتسارع تحركات أوروبية على مستوى رفيع، تشمل اتصالات مباشرة بين مفوضين تجاريين أوروبيين ونظرائهم في الإدارة الأميركية، في محاولة لتفادي أزمة تجارية قد تؤثر على الاقتصاد العالمي في لحظة تعافٍ هش.


البلاد البحرينية
منذ 21 ساعات
- البلاد البحرينية
أميركا تلوّح بتفعيل الرسوم الجمركية في أغسطس وسط سباق تفاوضي
كشف وزير التجارة الأميركي، هاورد لوتنيك، إن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على أساس كل دولة على حدة ستدخل حيز التنفيذ في الأول من أغسطس. لوتنيك، أكد أن الرسوم التي سبق الإعلان عنها ستُطبق بشكل تدريجي، بناءً على كل دولة على حدة، موضحاً أن بعض الشركاء لا يزال لديهم متسع من الوقت للوصول إلى تفاهمات، قبل حلول الموعد النهائي الذي كان الرئيس قد حدده سابقاً في التاسع من يوليو. وقال لوتنيك: "الرسوم ستدخل حيز التنفيذ في الأول من أغسطس، لكن الرئيس هو من يحدد معدلات الرسوم والاتفاقات". بدوره، صعّد ترامب لهجته خلال تصريحات أدلى بها قبيل عودته إلى واشنطن، قائلاً إن الولايات المتحدة ستبدأ هذا الأسبوع في إرسال رسائل تحذيرية لبعض الدول، تتضمن إشعاراً بفرض رسوم مرتفعة في حال عدم التوصل لاتفاقات سريعة. وأضاف ترامب: "بعض الرسائل ستصدر الإثنين وبعضها الثلاثاء… وقد أبرمنا بالفعل عدداً من الاتفاقات". وزير الخزانة، سكوت بيسنت، كشف أن هذه الرسائل ستوجَّه إلى نحو 100 دولة، حتى تلك التي لا تجمعها علاقات تجارية قوية بأميركا، في محاولة لتوسيع الضغط التفاوضي. وأوضح أن الرسوم التي أعلن عنها في الثاني من أبريل – والتي تراوحت بين 10 إلى 50 بالمئة – كانت قد عُلِّقت لمدة 90 يوماً، ومن المقرر أن يعاد تفعيلها مطلع أغسطس، ما لم يتم تحقيق تقدم ملموس. وقال بيسنت: "إذا كنتم ترغبون في تسريع الأمور، فافعلوا ذلك، وإذا رغبتم في العودة للمعدل القديم، فهذا خياركم". في الوقت نفسه، أشار رئيس المجلس الاقتصادي الوطني، كيفن هاسيت، إلى إمكانية منح بعض الدول التي تجري مفاوضات جادة مهلاً إضافية، موضحاً أن "هناك مواعيد نهائية، لكن بعضها قد يُمدد بناءً على التقدم المحرز". بينما دعا كبير المستشارين الاقتصاديين، ستيفن ميران، الدول إلى تقديم تنازلات واضحة لتفادي الرسوم، كاشفاً عن أخبار "إيجابية" من محادثات مع أوروبا والهند. وتتركز مفاوضات البيت الأبيض مع 18 شريكاً تجارياً يمثلون نحو 95 بالمئة من العجز التجاري الأميركي، من بينهم الاتحاد الأوروبي والهند واليابان. وبينما أبدى ترامب تفاؤلاً حذراً بإمكانية التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي، شكك في قدرة اليابان على إتمام صفقة مرضية، رغم العروض المقدمة منها. وتحدث وزير المالية التايلاندي عن جهود بلاده لتجنب رسوم تصل إلى 36 بالمئة، عبر زيادة مشتريات الطاقة والطائرات الأميركية. أما الهند، فهي على وشك توقيع اتفاقية تجارية مصغرة، تشمل متوسط رسوم بنسبة 10 بالمئة على صادراتها، بينما اعتُبر الاتفاق مع فيتنام نموذجاً ناجحاً، حيث وافقت هانوي على فتح أسواقها مقابل خفض أميركي واسع للرسوم.


البلاد البحرينية
منذ يوم واحد
- البلاد البحرينية
دول بريكس تنتقد الرسوم الجمركية.. وترامب يتوعدها بـ10% إضافية
هاجم الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يوم الأحد، مجموعة بريكس التي تضم 11 دولة أبرزها البرازيل وروسيا والهند والصين، متوعدا بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% على الدول التي تتبنى سياساتها. وكتب ترامب على منصته "تروث سوشيال"، الأحد: "أية دولة تصطف مع سياسات مجموعة بريكس المعادية لأميركا سيتم فرض رسوم جمركية إضافية عليها بنسبة 10%. ولن تكون هناك استثناءات لهذه السياسة". كما أكد ترامب في منشور آخر أنه سيبدأ الاثنين بإرسال أول دفعة من الرسائل إلى دول عدة في أنحاء العالم لحضها إما للتوصل إلى اتفاق تجاري أو مواجهة فرض رسوم باهظة على سلعها. اقتصادبريكسقادة "بريكس" يواجهون "حمائية ترامب" في غياب شي وبوتين فيما انتقد قادة دول مجموعة بريكس في قمتهم المنعقدة في ريو دي جانيرو يوم الأحد الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على شركاء بلاده التجاريين، كما نددوا بالضربات العسكرية الأخيرة على إيران. وجاء في إعلان مشترك صادر عن القمة في يومها الأول "نعرب عن قلقنا الشديد إزاء تزايد الإجراءات الجمركية وغير الجمركية المُشوّهة للتجارة". ويعقد قادة مجموعة الدول الناشئة الكبرى الـ11، ومن بينها البرازيل والصين والهند وروسيا وجنوب إفريقيا، اجتماعهم السنوي الذي يستمر يومين وسط إجراءات أمنية مشددة في خليج غوانابارا، على وقع تلويح ترامب بزيادة الرسوم الجمركية. واعتبرت المجموعة أن هذه الرسوم غير قانونية وتعسفية، وتُهدد "بالحد من التجارة العالمية بشكل إضافي، وتعطيل سلاسل التوريد، وإدخال حالة من عدم اليقين إلى الأنشطة الاقتصادية والتجارية الدولية". تُمثل الدول الناشئة الإحدى عشرة التي تشكل مجموعة بريكس وبينها البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، نحو نصف سكان العالم و40% من الناتج الاقتصادي العالمي. لكن القادة حذرون من توجيه انتقادات مباشرة للولايات المتحدة أو لرئيسها، خصوصا أن دولا عدة منخرطة في مفاوضات مع واشنطن على هذا الصعيد. وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بينسنت، يوم الأحد، إن الرسوم الجمركية الجديدة ستطبق اعتبارا من الأول من أغسطس/آب المقبل في حال لم يبرم شركاء واشنطن التجاريون من تايوان إلى الاتحاد الأوروبي، اتفاقيات معها. وكان ترامب أحدث في أبريل/ نيسان صدمة حول العالم بإعلانه عن زيادة كبيرة في الرسوم الجمركية على كل الشركاء التجاريين لبلاده. وتراوحت تلك الرسوم بين 10% كحدّ أدنى و50% للدول التي تُصدّر إلى الولايات المتحدة أكثر مما تستورد منها. لكنّه ما لبث أن علّق تطبيق تلك الرسوم حتى التاسع من تموز/يوليو وفتح الباب أمام إجراء مفاوضات تجارية مع كل دولة على حدة. وكان الرئيس البرازيلي قد افتتح القمة برسم مشهد سوداوي للتعاون العالمي. وقال لولا دا سيلفا: "نشهد انهيارا غير مسبوق للنهج التعددي". شعار مجموعة بريكس - حساب المجموعة على إكس لكن للمرة الأولى منذ 12 عاما، يغيب الرئيس الصيني عن قمة المجموعة التي تعتبر بلاده القوة المهيمنة فيها. كذلك يغيب عنها بوتين المستهدف بمذكرة توقيف أصدرتها في حقه المحكمة الجنائية الدولية على خلفية ترحيل أطفال أوكرانيين بصورة غير قانونية إلى روسيا، ما يعتبر جريمة حرب. وفي كلمة وجّهها عبر الفيديو، اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن مجموعة بريكس باتت تعتبر واحدة "من المراكز الرئيسية للحكم العالمي" وأن "نهج القطب الأوحد في العلاقات الدولية (...) ولّى زمنه". وأنشئت مجموعة بريكس بهدف إعادة التوازن إلى النظام العالمي، لكن مع توسعها في العام 2023 وازدياد عدد الأعضاء، أصبحت المجموعة أكثر تنوعا وباتت آلية إصدار إعلان مشترك أمرا معقدا. ودعت القمة إلى وضع قواعد تنظيمية تحكم الذكاء الاصطناعي، مشيرة إلى أن التكنولوجيا لا يمكن أن تكون حكرا على الدول الغنية فقط. ويسيطر عمالقة التكنولوجيا في الولايات المتحدة حاليا على قطاع الذكاء الاصطناعي التجاري، على الرغم من أن الصين ودولا أخرى لديها قدرات متطورة في هذا المجال. وتأمل البرازيل التي تستضيف في نوفمبر/ تشرين الثاني قمة الأمم المتحدة حول المناخ "كوب 30"، في التوصل إلى إجماع حول مكافحة التغير المناخي.