
رسالة رمزية إلى من يعنيهم الأمر
واللافت أن خطوة الإحراق الكردستانية تزامنت مع سعي عربي - إقليمي لإقناع «حماس» باعتماد النهج الحزبي السياسي نضالاً، ومع نُصحٍ صدرَ عن المبعوث الأميركي إلى لبنان توم برّاك، مُزكًّى سعيُه من الرئيس ترمب، ومضمونُ هذا النصح أن يتحول «حزب الله» إلى حزب سياسي باعتبار هذا التحول يؤدي بطبيعة الحال إلى تسليم ما لديه من أنواع السلاح الخفيف والصاروخي إلى الجيش اللبناني انسجاماً مع قرار الرئاستين (الجمهورية والحكومة) الالتزام بتحقيق مبدئية حصر السلاح، الذي يعطي التشجيع له أن الرئاستين بالذات وفي إطلالات محلية وزيارات إلى دول شقيقة تؤكدان الالتزام بتلك الحصرية التي يؤخر حسْم أمرها أن إسرائيل نتنياهو تريد بقاء الحالة مع «حزب الله» مستمرة إلى أن تصل الأمور مع موضوع غزة إلى خواتيمها وفْق مبدأ لا هازم ولا مهزوم.
وما يراه المبعوث الأميركي يأخذ في الاعتبار استناداً إلى الملف الذي لدى المختصمين في الإدارة الأميركية حول الأطراف العربية التي تحلق في الفضاء الثوري - المذهبي الإيراني، أن بداية «حزب الله» كانت سياسية، أي بما معناه ليس حزباً مسلحاً ثم جاء تسليحه لاحقاً مع انتقال إيران الخمينية من الحرب مع العراق إلى البدء بترتيب أوراقها في ضوء نتائج الحرب التي لم تخرج منها منتصرة. وتحضْرنا تأكيداً لذلك عبارة الإمام الخميني أن الوقف الاضطراري للمواجهة مع عراق صدَّام حسين هو «كمن يتجرع السم». وبعد وفاة الخميني بدأت عملية إنشاء الأذرع سلاحاً وتعبئةً ثوريةً ومذهبيةً في أكثر من بلد عربي، حيث الحضور الشيعي لافت، ومن شأن تسليح الطائفة أن يشكِّل ورقة من أوراق عدة ذات شأن في إعادة ترميم الشأن الإيراني. وإلى ذلك فإن بداية الزرع ﻟ«حزب الله» كانت من خلال الحضور الحيوي للسيد موسى الصدر في لبنان مع فارق أن هذا الحضور أخذ في الاعتبار الصيغة الطوائفية التي عليها لبنان، وتمثلت في خُطب وتصريحات له بدأها بعبارة «السلاح زينة الرجال» عندما حطَّ رحاله في لبنان واستعان ﺑ«فتْح العرفاتية» لتدريب شبان من الشيعة في بلدات جنوبية وبقاعية، لكن بعد أحداث 1975 وجد أن الصيغة الطوائفية للبنان تتطلب منه إعادة نظر، خصوصاً بعدما بات لبنان الذي انقسم جيشه ثلاثة جيوش، ودخلت سوريا حافظ الأسد على حلبة المتدخلين في الشأن اللبناني، مما جعل حديث التقسيم يتقدم على الوحدة الوطنية. ونجده في بداية السنة الثانية للاحتراب اللبناني - اللبناني المطعَّم فلسطينياً يقول في بيان حاسم: «نريد لبنان واحداً عربياً عصرياً لا لبنانات ولا إسرائيليات. ونريد أمناً كاملاً لا سلاحاً ولا مسلحين ولا ميليشيات بل حرساً وطنياً...». وفي شأن هذه النظرة الصدرية ماضياً التذكير بها راهناً وأنها تحتاج إلى وجوب الأخذ بها من جانب «حزب الله» وإلى كثير من التبصر من جانب العرب الذين يحلِّقون في فضائه. ولعل فيما قاله الرئيس جوزيف عون ﻟ«الشرق الأوسط»، (المقابلة التي أجراها زميلنا رئيس التحرير غسان شربل): «بصراحة تعب لبنان من حروب الآخرين على أرضه، وأصبح يستحق أن تكون لديه نقاهة اقتصادية وسياسية، وتعب من تجارب السياسيين ومسؤوليه وربما بعض الأصدقاء تعبوا منا»، أكبر دليل على ذلك.
ويبقى استكمالاً لما أوردناه التذكير بوعد قطعه الرئيس الأميركي دونالد ترمب قبل انتخابه وينتظر العالم، وبالتحديد العالم العربي، أن يفي بوعده بعدما حقق الفوز المبهر.
الآن دقَّت ساعة إيفاء الوعد الذي يعزز الأخذ به أن الواعد بات صاحب القرار وليس مجرد واعد.
فهل ستشرق الطمأنينة وتبدأ حقبة السلام على الأرض وفي الناس المسرَّة بإعلان الحل الذي لا حلَّ سواه؛ وهو أن تكون الدورة المنعقدة للجمعية العامة للأمم المتحدة بعد شهرين وبحضور على مستوى القمة دورة إعلان قادة دول العالم بما في ذلك إسرائيل قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وبذلك يُصلي المسلم هانئاً في المسجد الأقصى ويتبرك المسيحي بالصلاة في كنيسة القيامة... وتترسخ حقيقة أن الحق يعلو ولا يعلى عليه، وبالذات حق الوطن؟!
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 3 ساعات
- عكاظ
المحاباة والمحسوبية.. بوابة الفساد الإداري الصامت
لا يمكن بناء مؤسسات ناجحة على أسس هشّة من المجاملة والمحاباة، فحين تُهمَّش الكفاءة لصالح العلاقة الشخصية، تدخل المؤسسة في دائرة من الترهُّل الإداري والفشل التدريجي. المحاباة والمحسوبية ليستا مجرد تجاوزات إدارية، بل هما وجه خفي من وجوه الفساد، يُمارس بهدوء لكنه يُخلِّف آثاراً مدمَّرة على الأداء، والثقة، والعدالة. فالفساد لا يبدأ فقط من اختلاسات أو رشاوى، بل قد يبدأ من ترشيح غير مستحق، أو قرار يُتخذ وفق الهوى لا وفق المعايير. هذه الممارسات، وإن كانت مغلّفة بأعذار مثل «الثقة» أو «المعرفة»؛ إلا أنها تنتهك جوهر الكفاءة، وتُقصي الجدارة، وتزرع الإحباط في بيئة العمل. فالمؤسسات التي تُدار بالمحاباة تُقصي الكفاءات وتكافئ القرب، وتفقد قدرتها على التنافس والنمو، أما بيئات العمل التي تنتصر للجدارة؛ فهي من تُنتج، وتبتكر، وتقود التغيير. في هذا الإطار؛ جاءت «رؤية 2030» لتعيد ضبط البوصلة الإدارية، من خلال تأصيل قيم الشفافية، وتكافؤ الفرص، والحوكمة، وتأكيد أن الاستحقاق لا يُمنح إلا للأجدر، فالرؤية لا تكتفي بمحاربة الفساد الصريح، بل تسعى لمواجهة كل أشكال الفساد الإداري الناعم، وفي مقدمتها المحسوبية. إذن؛ فإن «رؤية 2030» تحارب ترف المجاملة الإدارية، وتؤكد أنه لا بد من مواقف حازمة تنتصر للكفاءة، وتُقصي المجاملة، وتجعل الولاء للمؤسسة لا للأشخاص، وهذا هو المعيار الحقيقي لصناعة القرار. أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 3 ساعات
- الشرق الأوسط
«ماجين عوز»... لماذا تشق إسرائيل محوراً جديداً في خان يونس؟
فاجأ الجيش الإسرائيلي، الفلسطينيين في قطاع غزة، وخاصةً سكان خان يونس، الأربعاء، بإعلان إكمال قواته فتح محور جديد أطلق عليه «ماجين عوز»، وذلك بعد يوم واحد من إعلانه تدمير نفق كبير لـ«حماس» في المنطقة نفسها يمتد لأكثر من 3 كيلو مترات. وقال بيان للجيش الإسرائيلي: «لقد استكملت قوات اللواء 188 ولواء جولاني فتح محور (ماجين عوز) الذي يفصل بين شرق وغرب خان يونس، ويمتد المحور على مسافة نحو 15 كيلومتراً». ومن شأن المحور الجديد «ماجين عوز» أن يفصل شرق مدينة خان يونس عن غربها، في استمرار لفصل خان يونس عن رفح بمحور «موراغ» أيضاً. صورة نشرها الجيش الإسرائيلي لمحور «ماجين عوز» يمتد عرضياً من اليسار إلى اليمن ويتقاطع في نقطة مع محور «موراغ» وتتواكب التحركات الأخيرة في نطاق خان يونس مع خطة لبناء ما تدعي إسرائيل أنه «مدينة إنسانية» ستفضي إلى حشر مئات آلاف الغزيين في رفح (جنوب القطاع وخان يونس) في منطقة خيام. ويقول الجيش الإسرائيلي، إن المحور الجديد يُشكل «جزءاً مركزياً في الضغط» على «حماس» وحسم المعركة ضد لواء خان يونس. لكن إسرائيل تنتهج سياسة فرض محاور جغرافية عرضية لتقطيع أوصال غزة وإحكام الضغط على «حماس» التي تتمسك بانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع في المفاوضات غير المباشرة الجارية في الدوحة. وتشرح مصادر ميدانية في غزة لـ«الشرق الأوسط» أن «المحور الجديد يضع تحت سيطرة إسرائيل مناطق عدة، منها: قيزان النجار، وجورة اللوت، والشيخ ناصر، ومعن، والمنارة، وخزاعة، وعبسان، والقرارة، وبني سهيلا». وبيَّنت المصادر، أن «هذه المنطقة تهدف فيما يبدو إلى إقامة مناطق عازلة واسعة تصل إلى أكثر من 2 كيلو متر عن الحدود بهدف منع اقتراب أي فلسطيني منها؛ ما يعني حرمان مئات الآلاف من سكان المنطقة الشرقية في خان يونس من العودة إلى منازلهم في حال بقيت هناك القوات الإسرائيلية». وذكر بيان الجيش الإسرائيلي، أن الإعلان عن المحور الجديد «ماجين عوز» هدفه الضغط على «حماس» بشكل أكبر. وكانت إسرائيل، تصرّ على عدم الانسحاب من محور موراغ الذي يفصل رفح عن خان يونس، وسط معلومات بثتها وسائل الإعلام العبرية أنها «قدمت مرونة في المفاوضات تنسحب بموجبها من المحور» على أن تبقي سيطرتها العسكرية على أجزاء معينة من رفح تصل إلى نحو 2 كيلو متر، وهو الأمر الذي ترفضه «حماس» وتصرّ على خرائط ومواعيد محددة للانسحاب التدريجي وصولاً للانسحاب الكامل. ويبدو أن «حماس» تتمسك بمطالبها بالانسحاب التدريجي وتفكيك تلك المحاور الجديدة، خاصةً بعد أن نجحت في الهدنة التي جرت في يناير (كانون الثاني) الماضي، في تفكيك بعض المحاور التي كان الجيش الإسرائيلي أنشأها مثل جزء كبير من محور نتساريم (جنوب مدينة غزة ويفصل شمال القطاع عن وسطه وجنوبه) وجزء آخر من محاور أقيمت شمال القطاع بشكل مؤقت. في غضون ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، أن قواته دمرت نفقاً كبيراً لحركة «حماس» في خان يونس أيضاً بعد أن اكتشفته خلال عمليات تقوم بها في تلك المحافظة منذ ما يزيد على شهرين. وقال بيان للجيش الإسرائيلي، إن قواته اكتشفت «النفق الموجود على طريق مركزي تحت الأرض، وتم تدميره بالكامل»، مشيراً إلى أنه «يبلغ طوله نحو 3.5 كيلو متر، ويحتوي على مخابئ عدة». ⭕️DISMANTLED: A 3.5 km long underground tunnel route, that included several tunnel hideouts, was located & dismantled by IDF troops in Khan the operation, weapons and terrorist infrastructure storing explosives, intended to harm our forces, were also dismantled. — Israel Defense Forces (@IDF) July 15, 2025 وبحسب مصادر ميدانية فلسطينية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن هذا «النفق يعدّ واحداً من بين أطول الأنفاق التي تملكها (كتائب القسام) الذراع العسكرية لـ(حماس)، وتتفرع منه أنفاق وفتحات عدة، وهناك أنفاق دفاعية وأخرى للسيطرة والتحكم». وبيَّنت المصادر، أن «النفق يقع في مناطق تسمى (معن) و (المنارة) ومناطق أخرى من جنوب شرقي خان يونس»، مشيرةً إلى أن «النفق كان يحتوي على عقد قتالية لعناصر مقاتلة من (كتائب القسام) كانت تستخدمه لخوض معارك مع القوات الإسرائيلية، سواء في تلك المناطق أو مناطق قريبة منها يتفرع إليها النفق الكبير». وأشارت المصادر، إلى أن كثيراً من العمليات نُفذت في الأسابيع القليلة الماضية بتلك المناطق، وتم استهداف آليات إسرائيلية بعبوات ناسفة وقذائف مضادة للدروع. ولفتت المصادر، إلى أنه لفترة معينة في الحرب كان بداخل النفق الكبير، أنفاق محددة للسيطرة والتحكم، يوجد بها قيادات ميدانية يديرون المعارك ضد القوات الإسرائيلية، ويتم رصد تحركات تلك القوات باستخدامها، وتوثيق تحركاتهم للتخطيط لتنفيذ هجمات ضدهم. جندي إسرائيلي داخل أحد أنفاق غزة نوفمبر 2023 (رويترز) وكثيراً ما كانت تعلن القوات الإسرائيلية عن تدمير أنفاق بأحجام مختلفة بعضها يصل إلى 2 و3 كيلو متر، منها ما كان يربط بين شمال ووسط القطاع، وكانت تمر منه مركبات، كما أعلن بذلك بدايات الحرب وسيطرته على محور نتساريم. ورغم أن القوات الإسرائيلية تعمل منذ أكثر من 20 شهراً في قطاع غزة، وكانت تدعي أنها نجحت في تدمير قدرات «حماس» بشكل كبير، فإنه في كل مرة تعود للدخول لمناطق كانت دخلتها، كما هو الحال في خان يونس، تكشف مزيداً من الأنفاق وتعمل على تدميرها. وتؤكد المصادر الميدانية، أن تلك المنطقة عمل بها الجيش الإسرائيلي سابقاً مرة على الأقل، ومرتين في أجزاء منها.


الشرق الأوسط
منذ 4 ساعات
- الشرق الأوسط
«هدنة غزة»: لماذا تأخر الاتفاق رغم «التفاؤل» الأميركي؟
بين تفاؤل معلن وتعقيدات ميدانية، تواصل مفاوضات الهدنة في قطاع غزة مسارها في الدوحة للأسبوع الثاني، وسط تحركات دبلوماسية مكثفة تقودها مصر وقطر بهدف تذليل العقبات التي تعترض طريق اتفاق طال انتظاره، وفيما تبدي واشنطن تفاؤلاً بقرب التوصل إلى تفاهم، لا تزال المخاوف قائمة من انتكاسة محتملة تعيد الأمور إلى نقطة الصفر. ذلك التأخير في الوصول لثالث هدنة منذ اندلاع حرب غزة في 7 أكتوبر (تشرين أول) 2023، يرجعها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» لـ3 أسباب أولها عدم ضغط حقيقي من واشنطن رغم كثرة الزخم من الرئيس دونالد ترمب في هذا الصدد، وعدم رغبة رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، في تمرير اتفاق يسقط حكومته، ورفض «حماس» خرائط الانسحاب الإسرائيلية التي لا تتفق مع ما تم الاتفاق عليه سابقا في هدنة يناير (كانون ثان) الماضي بعد احتلال مساحات أكبر. وهناك 3 سيناريوهات أمام ذلك التأخر والتفاؤل الأميركي بحسب الخبراء أول ضغط أميركي حقيقي والذهاب لاتفاق خلال أيام قليلة، أو انتظار إجازة الكنيست المرتقبة بعد أقل من أسبوعين والتي لن تسمح بإسقاط حكومة نتنياهو كما يرغب رافضي الصفقة من حكومته، وإبرام اتفاق بتفاهمات جديدة أو إصرار إسرائيل على عدم إبداء أي تعديلات وفشل المفاوضات. فلسطينيون ينعون جثة طفلة ملفوفة في كفن قُتلت في غارات إسرائيلية ليلية في مشرحة مستشفى الشفاء في مدينة غزة (أ ف ب) وكشف المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، الثلاثاء، في مؤتمر صحافي، أن المفاوضات بشأن قطاع غزة مستمرة في الدوحة، لكن لا تزال بمرحلة أولى مضيفا: «هناك أفكاراً متجددة على طاولة مفاوضات غزة، ولا يوجد جمود في المحادثات والوسطاء يكثفون جهود الوصول لاتفاق». ذلك التأكيد يأتي تزامنا مع إعلان قناة «القاهرة الإخبارية» التلفزيونية المصرية، الثلاثاء، أن هناك «اجتماعات مصرية-قطرية-إسرائيلية في القاهرة لمناقشة تفصيلات إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة وخروج المرضى وعودة العالقين». جاء ذلك عقب عقد مدير المخابرات العامة المصرية حسن رشاد لقاءات مع وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن ووفود من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، لتذليل العقبات بشأن الاتفاق بحسب القناة ذاتها. وأفادت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، الاثنين، نقلاً عن دبلوماسي عربي، بأن حكومة نتنياهو باتت مستعدة الآن لسحب عدد أكبر من قواتها من قطاع غزة خلال فترة الهدنة، مقارنة بما كانت قد عرضته سابقاً، وقدمت خرائط ثالثة تظهر انسحاباً جزئياً للجيش من غزة خلال الهدنة المقترحة بعدما بات حجم انسحاب القوات الإسرائيلية، لا سيما من جنوب قطاع غزة، إحدى أبرز النقاط العالقة. وكانت إسرائيل تصر في السابق على بقاء قواتها في منطقة واسعة نسبياً، تشمل منطقة عازلة بعرض 3 كيلومترات على طول الحدود مع مصر قرب مدينة رفح، بالإضافة إلى ما يُعرف بـ«ممر موراج»، الذي يفصل رفح عن مدينة خان يونس، ثاني أكبر مدن القطاع. في المقابل، تطالب «حماس» بانسحاب القوات الإسرائيلية إلى المواقع التي كانت متمركزة فيها قبل انهيار وقف إطلاق النار الأخير في مارس (آذار) الماضي، والتي لا تشمل تلك المساحات الجديدة ولا المنطقة المعزولة التي تعرف باسم المدينة الإنسانية التي تلتهم نحو 40 في المائة من مساحة غزة، وسط مخاوف من التهجير لاحقاً، كما تلغي التواصل الجغرافيّ بين القطاع ومصر، بحسب وسائل إعلام فلسطينية وإسرائيلية. واتهمت «حماس»، في بيان، الاثنين، نتنياهو بتعمّد «إفشال» جهود الوسطاء في ظل عدم رغبته بالتوصل إلى «أيّ اتفاق» لوقف إطلاق النار في غزة، بينما انسحب حزب يهدوت هتوراه الديني الثلاثاء من الحكومة الائتلافية في إسرائيل بسبب خلاف بشأن الخدمة العسكرية، تاركا رئيس الوزراء الإسرائيلي بأغلبية ضئيلة جدا في البرلمان لكنه لا يزال يحظى بدعم سياسي كاف لإقرار اتفاق محتمل لوقف لإطلاق النار في غزة، وفق «رويترز». مركبات إسرائيلية تنقل مجموعة من الجنود والصحافيين بممر «موراغ» بجنوب غزة يوم 8 يونيو 2025 (أ.ب) ووسط هذا الجدل، يرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور، يرى أن هناك أسباب لحسم الاتفاق أولها انتظار نتنياهو لإجازة الكنيست حتى لا يتمكن خصومه من إسقاط حكومته، ومناوراته بشأن عدم الانسحاب كما نص اتفاق هدنة يناير (كانون الثاني) الماضي، وإصرار «حماس» على ذلك وعدم قبول بقائه في تلك المساحات الجديدة، فضلا عن عدم وجود ضغوط حقيقية أميركية على رئيس وزراء إسرائيل الذي يريد ضمانات لعدم محاكمته قضائيا في اتهامات الفساد وما شابه. وشدد على أن مصر بجهودها المكثفة مع قطر تعول على حل أي عقبات أمام الاتفاق سريعا مع ضمان ضغوط أميركية بالتوازي على نتنياهو لإنهاء أي عراقيل منه. ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن السبب الرئيسي في هذا التأخير الذي سيطول لنحو 10 أيام إضافية يعود لرغبة نتنياهو في دخول إجازة الكنيست قبل 27 من الشهر الجاري، حتى يتخلص من أي ضغوط تطالب بسحب الثقة منه ، مستبعدا أن تتوقف المفاوضات بسبب خرائط الانسحاب ويرجع ذلك إلى أنه «حديث إعلامي خاصة وإسرائيل تستطيع العودة لاحتلال أي نقطة ولا يوجد عسكريا ما يمنعها من ذلك». وأكد مطاوع أن «حماس» ليس لديها خيارات كثيرة ومصر تبذل جهودا كبيرة لمنع أي مخاطر تهدد أمنها خاصة بتقليص مساحات الوجود الإسرائيلي في القطاع، مشيرا إلى أن إسرائيل قد تقدم تنازلات مع إدراكها أنها يمكن العودة لأي مربع قد تنسحب منها في أي وقت دون صعوبات. وسط ذلك الترقب، قال الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في بيان الثلاثاء: «نؤكد ثقتنا بقدرة الرئيس ترمب على حل المشكلات المعقدة وإرساء السلام والأمن في العالم سواء في أوكرانيا أو الأراضي الفلسطينية أو أفريقيا»، وذلك عقب تفاؤل ترمب، بأنه سيتم التوصل إلى اتفاق بشأن غزة «قريباً جداً»، في تكرار لتصريحاته المماثلة بشأن الهدنة الأيام الماضية. وأكد أنور، أن هناك سيناريوهات أمام ما يحدث في هذه المفاوضات أولها فشلها وهذا مستبعد أميركيا ثانيا تكثيف الضغوط الأميركية على نتنياهو لإبرام اتفاق فورا أو انتظار إجازة الكنسيت والذهاب لاتفاق، مشيرا إلى أن تفاؤل ترمب نابع من كونه يدرك تماما بأن اتفاقا سيحدث وهو يريد أن ينسبه لنفسه كإنجاز. ويرجح مطاوع أنه قد تبرم هدنة قرب إجازة الكنيست، متوقعا أن تقبل "حماس" تلك الهدنة تحت ضغوط خاصة وأنها ليس لديها خيارات وإلا تتحمل فشل المفاوضات، مشيرا إلى أن التفاؤل الأميركي يعود إلى أن واشنطن حسمت إتمام الصفقة مع نتنياهو خلال زيارته الأخيرة للبيت الأبيض وما يحدث حاليا ترتيبات إسرائيلية فقط للذهاب لتلك الهدنة.