
جوناثان ويتال... مسؤول أممي بارز في مرمى نيران إسرائيل
حرب الإبادة الجماعية
الإسرائيلية على قطاع غزة للشهر الواحد والعشرين، تتواصل الإجراءات الإسرائيلية الساعية لمنع عمل المسؤولين الأمميين في فلسطين، كان آخرها
عدم تجديد
الحكومة الإسرائيلية تأشيرة جوناثان ويتال، القائم بأعمال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) في الأرض الفلسطينية المحتلة، متهمة إياه بـ"التحيّز" و"تشويه الحقائق"، بعد أن وصف ممارسات إسرائيل في غزة أنّها "مذبحة ممنهجة".
تصدّر اسم جوناثان ويتال المشهد الأممي باعتباره واحداً من الأصوات البارزة المنتقدة لانتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويُعرف على نطاق واسع بخبرته الميدانية العميقة في العمل الإنساني حول العالم، وصراحته المباشرة خلال تصريحاته تجاه الأزمات الكبرى، لا سيّما ما يجري في قطاع غزة.
مسيرة في العمل الإنساني تمتد لعقدَين
بدأ ويتال مسيرته المهنية بعد كارثة تسونامي عام 2005، حين قرّر الانتقال من التحليل الأكاديمي إلى العمل الميداني المباشر. عمل مع منظمات دولية مثل "ميرلين" و"غول" في مناطق النزاع المعقدة مثل دارفور وشمال أوغندا، مركّزاً على النازحين داخلياً وبناء استجابات إنسانية من الصفر، إلّا أن مسيرته المهنية الأبرز كانت مع منظمة أطباء بلا حدود، إذ أمضى غالبية حياته المهنية، بدءاً من جنوب أفريقيا، حيث عمل مع مجتمعات اللاجئين، إلى منسق طوارئ في ليبيا والبحرين وسورية.
تقلّد لاحقاً منصب مدير التحليل الإنساني في المنظمة، وقاد وحدة بحثية استراتيجية عالجت قضايا الصحة والنزاعات والهجرة. وخلال تلك الفترة، ساهم مباشرةً في التفاوض من أجل دخول المساعدات الإنسانية إلى مناطق مشتعلة مثل العراق، وأفغانستان، ولبنان، وسورية، وأوكرانيا، وجنوب السودان. درس في كلية ليفربول للطب الاستوائي وحصل منها على ثلاث مؤهلات: دبلوم في المساعدات الإنسانية (2005)، وماجستير في الدراسات الإنسانية (2006)، ودكتوراه عام 2015. تناول في أطروحته للدكتوراه التحديات التي تواجه الفاعلين الإنسانيين في ظل التحولات الجيوسياسية، وهي مواضيع تنعكس على أرض الواقع بعمله في فلسطين اليوم.
من التنسيق الإنساني في غزة إلى المواجهة الدبلوماسية
مع تعيينه قائماً بأعمال مكتب "أوتشا" في الأرض الفلسطينية المحتلة، خاض ويتال تجربة العمل الإنساني في واحدة من أعقد وأخطر المناطق عالمياً، في ظل التقارير الأممية حول الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الحاصل في فلسطين، وانحياز العديد من الدول الغربية إلى جانب دعم إسرائيل، إذ كان له عدد من التصريحات التي وصف فيها الواقع دون تجميل، منها ما يجري في غزة بأنه "مذبحة ممنهجة"، مشيراً إلى استخدام الجوع سلاحاً، ووصف الإجراءات الإسرائيلية بأنها "مصمّمة للقتل".
اتهم ويتال إسرائيل بعدم الوفاء بالتزاماتها القانونية بموجب اتفاقيات جنيف، بما في ذلك توفير الحماية للمدنيين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، كما أشار إلى استهداف مباشر لعمال الإغاثة، قائلاً: "إننا نرى استخداماً مجنوناً للجوع أداةَ قتل، ونواجه عراقيل ممنهجة لمنعنا من إيصال الغذاء والدواء. ما نشهده هو تهجير قسري بحكم الأمر الواقع". وعن نظام توزيع المساعدات الأميركي الذي استبدل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، قال: "مئات يُقتلون يومياً وهم في طريقهم للحصول على الطعام... نظام توزيع جرى إعداده في مناطق عسكرية، والجوع بات مصمّماً للقتل".
أخبار
التحديثات الحية
إسرائيل لن تمدّد تأشيرة رئيس "أوتشا" بعد تنديده بقتل مجوعي غزة
ونفى ويتال في إحاطة قدّمها في مايو/ أيار الماضي، المزاعم الإسرائيلية عن أن حركة حماس تحوّل مسار المعونات التي تقدمها الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، قائلاً إن هذا الادعاء لا يصمد في مواجهة التدقيق والتمحيص، بينما السرقة الحقيقية التي طاولت المعونات منذ بداية الحرب تنفَّذ بحسب قوله "على يد العصابات الإجرامية على مرأى ومسمع القوات الإسرائيلية، وقد سُمح لها بالعمل على مقربة من معبر كرم أبو سالم الذي يؤدي إلى غزة".
ونشر ويتال عدداً من الفيديوهات الذي تحدث فيها مباشرةً بكلمات مصوّرة من غزة عن الفظائع اليومية التي يعيشها الناس بسبب التهجير والنزوح، وعدم إدخال الحاجيات الأساسية للفلسطينيين.
#Israel
has refused to extend the visa of Jonathan Whittall, the top
#UN
humanitarian official for the occupied Palestinian Territories 🇵🇸 "Last week, it was indicated to us that our current Head of Office,
#JonathanWhittall
, won't have his visa extended by Israeli authorities…
pic.twitter.com/0qVZoCjhIW
— Brunella C. (@BrunellaCapitan)
July 19, 2025
ترحيل قسري من فلسطين
قرّرت الحكومة الإسرائيلية مطلع هذا الأسبوع ترحيل جوناثان ويتال من فلسطين من خلال عدم تجديد تأشيرته التي تنتهي في أغسطس/ آب المقبل، بعد تصريحات أخيرة له ندّد فيها بقتل إسرائيل للمُجوّعين في غزة. وجاء في بيان صدر عن مكتب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر: "في أعقاب سلوك منحاز وعدائي ضدّ إسرائيل، حرّف الواقع، وقدم تقارير كاذبة، وشهّر بإسرائيل، بل وانتهك قواعد الأمم المتحدة نفسها المتعلقة بالحياد، وبناءً على التوصية المهنية المقدّمة، أصدرت تعليماتي بعدم تمديد تصريح الإقامة لرئيس مكتب أوتشا في إسرائيل، جوناثان ويتال"، وهو بيان يزيد من رصيد إسرائيل في منع عمل مؤسّسات أممية وممثلين عنها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ ساعة واحدة
- العربي الجديد
مليون لاجئ من إيران وباكستان يثقلون أعباء اقتصاد أفغانستان
في ظلّ غياب خطة حكومية واضحة أو تنسيق فعّال بين سلطات أفغانستان والجهات الدولية المعنية بقضايا اللاجئين، تتواصل عمليات الترحيل القسري لمئات آلاف اللاجئين الأفغان من إيران وباكستان. ووفقاً لتقرير صادر عن الأمم المتحدة نُشر في 13 يوليو/تموز الجاري، فقد عاد أكثر من مليون لاجئ أفغاني إلى البلاد منذ بداية العام، في موجة عودة لم يُشهد لها مثيل، وخصوصاً من إيران بعد اندلاع الحرب الإيرانية - الإسرائيلية التي أدّت إلى تدفق يومي يتراوح بين 30 ألفاً و50 ألف لاجئ عبر الحدود. والأسبوع الماضي رجح مسؤول أممي عودة ثلاثة ملايين أفغاني إلى بلادهم هذا العام، وحذر من تداعيات سياسات الترحيل، معتبراً أنها ستشكل ضغطاً على أفغانستان وتفاقم من الأزمة الإنسانية التي تعيشها بفعل تدفق العائدين. ورغم اختلاف المبرّرات التي تسوقها إيران وباكستان بشأن عمليات الترحيل القسري للأفغان، تبقى الحقيقة الوحيدة أن اللاجئين يُجبرون على مغادرة مساكنهم وأعمالهم قسراً. وفي إيران، جرى تفعيل ما تسميه السلطات "برنامج الترتيب والعودة"، الذي يستهدف ترحيل نحو مليون لاجئ أفغاني. وقد أفادت تقارير بأن غالبية هؤلاء كانوا من فئة العمّال والمهنيين، ممن يعملون في المصانع والمشروعات الصغيرة والمتوسطة وورش البناء والتجارة، ولم يكن في حسابات هؤلاء أن يُقتلعوا بهذا الشكل المفاجئ من بيئة عملهم، ويُترَكوا دون أدنى ضمانات مالية أو حقوقية. لقد خسروا مصادر رزقهم، وأثاث منازلهم، ومدّخراتهم، وحتى الأدوات التي كانوا يستخدمونها في حرفهم. قصص الخسارة والخذلان يقول وحيد فروتن، وهو مقاول أفغاني كان يعيش في إيران، إنّه كان يدير ورشة لتزيين المنازل، ويعمل معه أكثر من ثلاثين شخصاً. يروي لـ"العربي الجديد" بأسى: "كنت أعمل حتى آخر أيام الحرب بين إيران وإسرائيل، وكانت أموالي موزعة بين المقاولين والتجار والموردين. اشتريت تجهيزات كثيرة وخزّنتها استعداداً لمواصلة العمل بعد توقف القتال. لكن بدلاً من ذلك، بدأت حملات الاعتقال بحقنا. لم يكن هناك فرق بين من يملك أوراقاً قانونية ومن لا يملك، الكل بات مهدّداً بالترحيل"، ويتابع قائلاً إنه حاول استرداد مستحقاته من شركائه، لكن الجميع اختفى "حتى السائق الإيراني الذي كنت أتعامل معه اختفى وسرق سيارتي. كنت أتنقل متخفياً عن الشرطة لأجمع ما أستطيع من المال. لكنّني اعتُقلت في الطريق، وأُهنت واحتُجزت في مركز أمني لمدة أربعة أيام". اقتصاد دولي التحديثات الحية أفغانستان تبحث استيراد الغذاء من روسيا تحسباً لتعطّل الإمدادات وبعد تلك الليالي العصيبة، سمِح له بالاتصال بأسرته، التي جاءت إلى المركز حاملة ما استطاعت من نقود وملابس. يقول فروتن: "رحّلونا إلى الحدود صباح اليوم التالي. كنت مقاولاً ناجحاً، والآن أعيش في خيمة بلا مال ولا مستقبل". وقصته واحدة من عشرات القصص المشابهة، إذ يعود معظم المرحّلين صفر اليدين، دون طعام أو أثاث أو مال، ما يفرض تحديات مضاعفة على الحكومة والمجتمع والأسواق. اقتصاد أفغانسان منهك وعبء يتعاظم الوضع الاقتصادي في أفغانستان لا يحتمل ضغوطاً إضافية. فقد سجل الاقتصاد انكماشاً تراكمياً بنسبة 27% بين عامَي 2021 و2023، نتيجة توقف الدعم الدولي بعد استيلاء "طالبان" على السلطة. وتسببت العقوبات الغربية في تجميد تسعة مليارات دولار من الأصول الأفغانية في الخارج، ما جعل من الصعب على البنك المركزي تمويل الاستيراد أو تثبيت الأسعار. في هذا الصدد، يقول الأستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي رفيع الله مقيم، لـ"العربي الجديد"، إن "عودة مئات آلاف اللاجئين الأفغان من دول مجاورة، سواء إيران أو باكستان، بهذا الشكل تخلق أزمة إنسانية واقتصادية خانقة في بلد يواجه شللاً مالياً. هؤلاء العائدون بحاجة إلى الغذاء والإيواء، لكن الأهم من ذلك هو إدماجهم في سوق العمل، وهو أمر مستحيل في ظل الركود الاقتصادي الحالي. الأمر خارج عن سيطرة طالبان"، ويضيف أن انهيار المساعدات الدولية وتجميد الأصول ساهما في تعميق الأزمة، محذراً من تداعيات بعيدة المدى على السوق الأفغانية. ويقول المتحدث باسم حكومة طالبان، حمد الله فطرت، لـ"العربي الجديد": "لم نكن نتوقع عودة هذا العدد الكبير بهذه السرعة، لكننا نحاول احتواء الوضع. أعددنا خططاً قصيرة المدى لتوفير الغذاء والإيواء، ونعمل على مشاريع طويلة الأمد تشمل بناء أحياء سكنية للعائدين وتوفير فرص عمل لهم. غرفة التجارة والاستثمار تتعاون مع الوزارات المعنية لمعالجة الوضع بأفضل ما يمكن". ارتفاع الأسعار وأزمة السكن على الأرض، بدأت تداعيات عودة اللاجئين تنعكس على الأسواق، خصوصاً في أسعار المواد الغذائية والإيجارات. يقول التاجر سمسور خان وحيد الله: "شهدنا في الأيام الأخيرة ارتفاعاً في أسعار الدقيق وبعض السلع الأساسية. لكن التأثير الأكبر كان في أسعار إيجار المنازل، إذ ارتفعت في بعض المناطق بنسبة 50 إلى 70%، وبعض أصحاب البيوت بدؤوا بطرد المستأجرين القدامى لتأجير منازلهم للعائدين بأسعار مضاعفة". ورغم أن بلديات "طالبان" حاولت التصدي لهذه الظاهرة، فإن القدرة على ضبط الأسعار ما تزال محدودة، خاصة في المناطق البعيدة. كما شهدت أسعار المواصلات ارتفاعاً، خصوصاً أجور الحافلات وسيارات الأجرة، ما زاد العبء على المواطنين في ظل الوضع الاقتصادي الهش. موقف التحديثات الحية الاقتصاد الأفغاني المأزوم وكلفة عودة المهاجرين هنا، يقول الأكاديمي عبد الله عابد، لـ"العربي الجديد"، إن "سياسات طالبان الاقتصادية خلقت أزمات متراكمة. معظم المسؤولين في الدوائر الاقتصادية هم من خريجي المدارس الدينية ولا يمتلكون خلفية فنية أو إدارية، وقد أُقيل آلاف المهندسين والأطباء والأساتذة الجامعيين منذ وصول طالبان إلى السلطة، ما فاقم أزمة البطالة"، ويضيف أن كثيراً من العائدين هم من المثقفين وأصحاب الكفاءات، لكن من المستبعد أن تسمح لهم الحكومة بالانخراط في الوظائف العامة، قائلاً إنّ "طالبان لا توظّف إلّا من ترى فيه الولاء الأيديولوجي، وهذا سيمنع البلاد من الاستفادة من طاقات العائدين".


العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
هل تعيد مصر النظر في سياسة اللجوء مع تراجع التمويل الدولي؟
تُعد أزمة تمويل اللجوء اختباراً مزدوجاً للدولة المصرية التي تُواجه استحقاقات داخلية متراكمة في ظل اقتصاد مأزوم، كما يقترب برنامج الأغذية العالمي من تعليق الدعم النقدي لنحو ربع مليون لاجئ في مصر بسبب فجوة مالية بقيمة 21 مليون دولار. وتضع هذه الأوضاع الحكومة المصرية في موقف معقد. فمن جهة، تستخدم استضافة اللاجئين ورقة ضغط دبلوماسية في علاقاتها مع أوروبا والولايات المتحدة، ومن جهة أخرى تتهرب من تقديم الدعم المباشر، وتترك عبء الإغاثة على المنظمات الدولية، بما فيها منظمات الأمم المتحدة التي تواجه أزمة تمويل حادة . وتعرّي الأزمة هشاشة الوضع المعيشي، ليس فقط للاجئين، بل لشرائح واسعة من المصريين أيضاً، ففي بلد يعاني من تضخم جامح وتآكل في القوة الشرائية، لم يعد الفارق بين اللاجئ والمواطن كبيراً حين يتعلق الأمر بتوفير الاحتياجات الأساسية. ومع تراجع الدعم الدولي، يبرز احتمال زيادة التوتر الاجتماعي بين الفقراء المحليين واللاجئين، مع ترويج خطاب يُحمّل اللاجئين مسؤولية تفاقم الأعباء الاقتصادية. وسبق أن استخدم هذا الخطاب خلال السنوات الماضية، خصوصاً مع اللاجئين السوريين، والذين طاولتهم اتهامات منافسة المواطنين على فرص العمل، أو استحواذهم على الدعم، ما خلّف نزعات كراهية، وأحياناً عنفاً مجتمعياً مستتراً. وتكمن مفارقة كبيرة في وضع اللاجئين السودانيين، الذين يُشكلون غالبية المستفيدين من المساعدات النقدية الأممية، فقد فر هؤلاء من حرب أهلية مستعرة في بلادهم، ودخلوا إلى مصر عبر الحدود الجنوبية التي تُعد الأكثر هشاشة أمنياً، ومع تقليص المساعدات، بدأ بعضهم في العودة الطوعية إلى بلادهم رغم الحرب، وهو ما وصفه برنامج الأغذية العالمي بأنه "قرار يفضي إلى الموت"، وأفادت تقارير بمقتل عائدين. وطرأ تحوّل في الفترة الماضية على سياسات منظمات أممية في تمويل المساعدات والاستجابة للأزمات الإنسانية، شملت اللجوء إلى القطاع الخاص، وهو ما يفعله برنامج الأغذية العالمي حالياً، فبدلاً من الاعتماد على المانحين الحكوميين، باتت المنظمات الدولية تضطر إلى جمع التبرعات. صف دراسي لأطفال لاجئين فلسطينيين بالقاهرة، 19 يوليو 2025 (محمد الشاهد/الأناضول) يقول الباحث في شؤون اللاجئين والهجرة أشرف ميلاد، لـ"العربي الجديد"، إن "تراجع الدعم الدولي للاجئين في مصر أصبح واقعاً لا يمكن إنكاره، ومكتب مفوضية شؤون اللاجئين في القاهرة يعاني من فجوة تمويلية تُقدّر بنحو 79% من ميزانيته السنوية، ما أثر بشكل مباشر على الخدمات المقدمة، وعلى الدعم المالي الذي يحصل عليه اللاجئون، رغم أنه في الأساس لم يكن كافياً، ويغطي نسبة محدودة من المسجلين". ويوضح ميلاد قائلاً: "تراجع التمويل سيؤدي إلى إعادة مراجعة آليات صرف المساعدات، وربما تقليصها بشكل إضافي خلال الفترة المقبلة. حدود مصر الجنوبية لا تزال تشهد تدفقات مستمرة من اللاجئين السودانيين، وفي الوقت نفسه يُسجل عائدون إلى السودان، لكنّ أغلب العائدين ليسوا مسجلين لدى مفوضية اللاجئين، وبالتالي لا يُحسبون في الإحصاءات الرسمية، بينما يستمر عدد اللاجئين المسجلين في الارتفاع". وعبّر الباحث المصري عن مخاوفه من حدوث تغيّر في سياسة القاهرة تجاه اللاجئين، ويؤكد أن "المسؤولية عن اللاجئين ليست تفضلاً من الدولة، وإنما التزام قانوني بموجب اتفاقيات دولية صدّقت عليها مصر، واستقبال اللاجئين ليس خياراً تطوعياً، بل التزام على كل دولة عضو في الأمم المتحدة يقضي بقبول أي لاجئ دخل أراضيها، حتى لو كان دخوله غير قانوني. الكثير من اللاجئين يقررون العودة إلى بلادهم رغم المخاطر بدافع الكرامة، وبعضهم يفضل الموت جوعاً في بلده على العيش منتظراً المساعدة في مصر، والتي قد لا تأتي". لجوء واغتراب التحديثات الحية السودانيون اللاجئون في مصر.. عيش بلا مأوى أو عودة إلى الحرب ويشدد على أن "الغالبية الساحقة من اللاجئين لا يرغبون في الإقامة الدائمة في مصر، بل يطمحون إلى إعادة التوطين في دول أخرى، وبالتالي لا يوجد خطر من سيطرة اللاجئين على فرص العمل، أو تغيير البنية السكانية كما يصوّر البعض. عدد اللاجئين القادرين على العمل فعلياً محدود، ووجودهم في سوق العمل غير الرسمي لا يجب أن يُفهم باعتباره منافسة غير عادلة". بدوره، يقول مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي، لـ"العربي الجديد"، إن "مصر غيّرت بالفعل سياساتها تجاه استقبال اللاجئين خلال الفترة الماضية في ما يخص لاجئي الغالبية العظمى من الدول المجاورة، باستثناء اللاجئين السودانيين، وهذا الاستثناء يعود إلى أواصر الأخوّة التي تربط بين الشعبين، وطبيعة العلاقات التاريخية العميقة بين البلدين، فمصر لطالما تعاملت مع السودانيين باعتبارهم امتداداً طبيعياً لنسيجها المجتمعي، ما ينعكس في تسهيلات نسبية لا تزال قائمة مقارنة بغيرهم من الجنسيات".


العربي الجديد
منذ 6 ساعات
- العربي الجديد
درعا تستقبل نازحي السويداء من عائلات عشائر البدو
أفادت بيانات أصدرها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في سورية بأنّ ما لا يقلّ عن 93 ألفاً و400 شخص نزحوا داخل محافظة السويداء بمعظمهم، وكذلك إلى خارجها، في اتجاه محافظتَي درعا وريف دمشق، على خلفية الحوادث الدامية في الأيام الأخيرة. وتعيد مشاهد عائلات عشائر البدو النازحة التي وصلت إلى محافظة درعا جنوبي سورية، فجر اليوم الاثنين، بعدما اضطرّت إلى ترك منازلها في محافظة السويداء الجنوبية، إلى الأذهان مشاهد النزوح الذي عاشه السوريون في السنوات الماضية، لا سيّما على أيدي النظام السابق. وهذه المرّة يأتي التهجير بعد الاشتباكات الدامية، وبعد احتجاز نحو 200 عائلة من عشائر البدو في السويداء، وفقاً لما نقلته الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) عن محافظ السويداء مصطفى البكور الذي أوضح أنّ العائلات وصلت على متن 13 حافلة، وقد وُزّعت على مراكز الإيواء. وأشار محافظ السويداء إلى أنّ ثمّة عائلات انتقلت إلى مناطق سكن أقارب لها، فيما توجّهت أخرى إلى دمشق بعد تلقّي دعم، لتُستضاف 800 عائلة أخرى من قبل سوريين في درعا في تعبير عن التضامن. التقى "العربي الجديد" عدداً من العائلات النازحة من السويداء أخيراً، التي تحدّث أفرادها عن ظروف صعبة عاشوها قبل المغادرة. أم محمد من هؤلاء النازحين، تخبر: "غادرنا السويداء من دون أيّ شيء، بعدما شرّدونا في الأراضي الوعرة وبقينا من دون خبز أو طعام أو غيره". بدورها، تؤكد خيرية الجاسم، من بين الذين خرجوا من السويداء في القافلة: "خرجنا من دون أن نحمل معنا أيّ شيء"، وتضيف: "كان الله بعوننا وعون باقي الناس". الصورة في مركز إيواء عائلات عشائر البدو النازحة من السويداء في بصرى الشام، درعا، 21 يوليو 2025 (فيصل الإمام) من جهته، يتحدّث نازح من عشائر البدو لـ"العربي الجديد" عن التعايش في محافظة السويداء قبل الحوادث الأخيرة. ويلفت إلى أنّه غادر منزله خلال الحوادث، لكنّه وجده محروقاً عند عودته. ويعبّر النازح الذي فضّل عدم الكشف عن هويته عن مخاوف لديه، إذ إنّ أفراداً من عائلته ما زالوا محاصرين في السويداء. في الإطار نفسه، يخبر نازح آخر، يعرّف عن نفسه باسم أبو محمد، "العربي الجديد": "كنّا نعيش في حيّ المقوس في السويداء وقد هاجمتنا مجموعات مسلحة". يضيف: "قيل لنا بعدها إنّ الجيش قد يدخل لحمايتنا، لكنّنا أُعلمنا لاحقاً أنّ الجيش انسحب". وبدأ أهالي محافظة درعا بمساندة النازحين من خلال تبرّعات أهلية محلية. ويوضح رئيس بلدية بلدة السهوة في ريف درعا مرعي الحسن لـ"العربي الجديد" أنّهم عمدوا إلى توزيع النازحين على عائلات في البلدة، ووفّرت لهم المواد الغذائية بمساعدة الأهالي وجهودهم. ويوضح الحقوقي وعضو "تجمّع أحرار حوران" عاصم الزعبي لـ"العربي الجديد" أنّ "عشرات العائلات وصلت إلى محافظة درعا، بالإضافة إلى العائلات المهجّرة اليوم"، مضيفاً: "ولا بدّ من التأكيد أنّهم من سكان السويداء الأصليين". ويتابع أنّ العائلات النازحة إلى درعا قصدت مراكز الإيواء في المدارس وغيرها، ومساعدتها تجرى من خلال "تبرّعات عن طريق الدفاع المدني السوري والهلال الأحمر العربي السوري. والعمل مستمرّ على ذلك". ويشير إلى أنّ "العائلات النازحة لم تستقرّ حتى الآن"، مرجّحاً أن "تتّضح الصورة بطريقة أفضل خلال الساعات الـ24 المقبلة". الصورة خلال توزيع مساعدات لعائلات عشائر البدو النازحة من السويداء في بصرى الشام، درعا، 21 يوليو 2025 (فيصل الإمام) وبخصوص عملية نقل عائلات عشائر البدو من السويداء إلى درعا، يشدّد مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني على ضرورة توفير تفاصيل أكثر حولها. ويقول لـ"العربي الجديد" إنّ "في العمليات التي تحدث في السويداء حالياً، إذا كان الاتفاق يقضي بترحيل 1300 شخص منها إلى الخارج من دون عودة، فهذا تهجير قسري من دون شك". ويوضح أنّهم "خرجوا من دون إرادتهم وفي اتّجاه واحد، علماً أنّهم يعيشون هناك (السويداء) منذ مئات السنين، ولديهم أعمالهم وأملاكهم وجيرانهم وأحياؤهم وأراضيهم. وهم ليسوا سكان خيام قطّ؛ هم سكان مدن ولديهم علاقاتهم وأصدقاؤهم". يضيف عبد الغني أنّ "هذا الاتفاق في حاجة إلى توضيح أكبر من قبل الحكومة: لماذا خرجوا وكيف؟ وهل هو اتفاق ريثما تهدأ الأوضاع؟ وهل هذا مباح في القانون الدولي؟". أضاف: "لاحقاً، يجب أن يعودوا. وعلى الرغم من أنّه قد يكون اتفاقاً مؤقتاً وليس دائماً، تتحمّل الأطراف المتنازعة إيواء هؤلاء، وكذلك الحكومة السورية التي هي طرف في هذا الخطاب". ويتابع: "في المقابل، يجب إصدار توضيح بهذا الخصوص من قبل الحكومة، ومن خلال مؤتمر صحافي خاص"، مؤكداً أنه "لم نرَ أيّ نصّ اتفاق، ونحن نحلّل بناءً على المعطيات الشحيحة المتوفّرة، ونرجو أن تنشر الحكومة تفاصيل الاتفاق وأن تعتني بهؤلاء الذين غادروا السويداء". ولم تُسجَّل أيّ مستجدات اليوم بخصوص إدخال المساعدات الإنسانية الحكومية إلى السويداء، علماً أنّه سُمح بإدخال جزء من المساعدات، أمس الأحد، من خلال جمعية الهلال الأحمر العربي السوري حصراً. وفي هذا الإطار، ردّت الجمعية على اتّهامات وُجّهت إليها من مواقع محلية موالية لشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في سورية حكمت الهجري في السويداء، تدّعي وصول مساعدات إنسانية منتهية الصلاحية يوم أمس من ضمن القافلة التي سُمح لها بالدخول. قضايا وناس التحديثات الحية الجثث تتكدّس في مستشفى السويداء بانتظار تحديد الهويات وأوضحت جمعية الهلال الأحمر أنّ تسجيل الفيديو المتداول حولها على مواقع التواصل الاجتماعي، الذي تظهر فيه مواد منتهية الصلاحية يُزعَم أنّها أُرسلت في قافلة المساعدات الإنسانية إلى السويداء يوم الأحد، إنّما هو يُظهر مواد كانت موجودة في مستودعها بمدينة السويداء ومعَدَّة للتلف. وإذ أفادت الجمعية بأنّها تقدّر الاحتياجات الإنسانية الكبيرة في السويداء غير القابلة للانتظار، تدعو إلى التأكد من دقّة المعلومات وصحتها قبل تداولها، والانتباه إلى عدم الوقوع ضحية المنشورات المضلّلة وتداولها بغير قصد، إذ من شأن ذلك أن يتسبّب في مزيد من الذعر والخوف في حالات الأزمات وزعزعة الثقة بالمؤسسات التي تهدف إلى مساعدة المتضرّرين وتخفيف معاناتهم. في سياق متصل، أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في سورية، في تقرير صادر أمس الأحد، أنّ "المستشفيات والمراكز الصحية في السويداء خارج الخدمة"، وأنّ ثمّة "نقصاً واسع النطاق في الغذاء والمياه والكهرباء، فضلاً عن تقارير حول وجود جثث غير مدفونة، الأمر الذي يثير مخاوف صحية عامة خطرة". وأكد المكتب الأممي أنّ "الوصول الإنساني إلى محافظة السويداء ما زال شديد التقييد"، وأنّ "على الرغم من مناقشة فتح ممرّات، فإنّ الوصول الميداني الفعلي لم يجرَ تأمينه بشكل كامل لتنفيذ عمليات إنسانية واسعة النطاق".