logo
ورقة براك: هل تقايض واشنطن سلاح حزب الله بمستقبل لبنان؟

ورقة براك: هل تقايض واشنطن سلاح حزب الله بمستقبل لبنان؟

BBC عربيةمنذ 14 ساعات
منذ اتفاق الطائف وحتى اليوم، ظلّ سلاح حزب الله أحد أكثر الملفات حساسيةً في المشهد اللبناني، يتوارى أحياناً ويعود إلى الواجهة مع كل أزمة كبرى.
لكن بعد حرب 2024 المدمّرة، بات هذا السلاح في قلب مفاوضات علنية تقودها واشنطن، وسط ضغوط دولية غير مسبوقة.
"ورقة براك"، وهي خطة أميركية مفصّلة لنزع سلاح الحزب مقابل انسحاب إسرائيلي وضمانات دولية، قد تعيد رسم التوازنات في لبنان. فهل دخل البلد فعلاً مرحلة تسليم السلاح؟
توماس باراك وورقته في بيروت
توماس براك – وهو سفير الولايات المتحدة لدى تركيا ومبعوثها الخاص لسوريا – زار بيروت لأول مرة في 19 حزيران/يونيو 2025 حاملاً خريطة طريق أمريكية مفصلة من 6 صفحات لطرحها على المسؤولين اللبنانيين. سمّيت الخريطة بـ"ورقة براك" وتضمنّت مطالب واضحة بنزع سلاح حزب الله والفصائل المسلحة كافة في لبنان بشكل كامل قبل نهاية 2025 (ويُفضَّل بحلول تشرين الثاني/نوفمبر 2025).
في المقابل، تعِد الخطة الأمريكية بانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق اللبنانية المحتلة المتبقية ووقف الضربات الإسرائيلية على لبنان. إضافة لذلك، سيفتح تنفيذ نزع السلاح باب الدعم المالي الدولي لإعادة إعمار مناطق في لبنان دمرتها الحرب الإسرائيلية الأخيرة – وهو دعم تقول واشنطن إنها لن تقدمه في ظلّ احتفاظ حزب الله بالسلا.
شملت ورقة براك أيضاً عناصر أوسع لترتيب أوضاع لبنان الإقليمية والداخلية، منها تسريع إصلاحات مالية واقتصادية، ومراقبة الحدود والمعابر لضبط التهريب. ولضمان تنفيذ الاتفاق المقترح، عرضت الخطة إنشاء آلية بإشراف الأمم المتحدة لتأمين إطلاق سراح معتقلين لبنانيين لدى إسرائيل بالتوازي مع تقدّم خطوات نزع السلاح. واشترطت واشنطن أيضاً إصدار الحكومة اللبنانية قراراً بالإجماع يلتزم بنزع السلاح كمكوّن أساسي في أي اتفاق نهائي.
أمهل المبعوث الأمريكي القادة اللبنانيين حتى 1 يوليو/تمّوز 2025 للرد رسمياً على هذه المقترحات، وصرّح بأنه سيعود إلى بيروت لاستماع إلى ملاحظاتهم. على الفور، بدأت بيروت دراسة الورقة وشكّلت لجنة ثلاثية تضمّ ممثلين عن رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة البرلمان لصياغة رد لبناني موحّد. وفي الكواليس، تواصل رئيس البرلمان نبيه بري – حليف حزب الله – مباشرة مع قيادة الحزب لضمان مشاركتهم في بلورة الموقف. وبحسب تقارير صحافية، لم يعارض حزب الله مبدأ التعاون مع اللجنة واستجاب لفتح النقاش، لكنه لم يقدّم أي التزام أو وعد بالتخلي عن سلاحه.
النقاش الداخلي ورد حزب الله الأولي
أكثر ما لفت في الورقة هو تزامنها مع اشتراط واشنطن صدور قرار رسمي لبناني يلتزم علناً بتطبيقها. هذا الربط بين الالتزام السياسي والمساعدات العسكرية والاقتصادية، جعل الدولة اللبنانية أمام معادلة دقيقة. وفيما التزم حزب الله الصمت العلني حيال المقترح، بدأ النقاش يدور في الكواليس. رئيس مجلس النواب نبيه بري دخل في مشاورات مباشرة مع الحزب، ووافق على الانخراط في صياغة رد لبناني موحّد.
في العلن، التزم الحزب الصمت حيال مقترح براك خلال النصف الثاني من يونيو. لكن مع اقتراب موعد الرد، خرجت مواقف تصعيدية من قادته تؤكد رفض الرضوخ للضغوط الأمريكية والإسرائيلية. ففي 30 حزيران/يونيو 2025 – عشية انتهاء المهلة – ألقى نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم خطاباً متلفزاً شديد اللهجة أكد فيه حق الحزب واللبنانيين في قول "لا" لأمريكا و"لا" لإسرائيل. واتهم قاسم واشنطن وتل أبيب بمحاولة استغلال الظرف الراهن لفرض واقع جديد في لبنان والمنطقة يخدم مصالحهما، داعياً جميع اللبنانيين إلى عدم مساعدة أمريكا وإسرائيل في تنفيذ مخططاتهما.
الجولة الثانية من الوساطة: ورقة لبنانية معدّلة
اد توماس براك إلى بيروت في أوائل يوليو 2025 – تحديدًا يوم الإثنين 7 يوليو/تمّوز – لتلقّي الرد اللبناني الرسمي. حملت السلطات اللبنانية إلى المبعوث الأمريكي ورقة رد تتضمن تعديلات وضمانات مضادة تضع تصوراً لبنانياً لتنفيذ خريطة الطريق. وقد سلّم الرئيس جوزاف عون شخصياً إلى براك "أفكاراً لحل شامل" تمثل الموقف اللبناني الموحد. كما أعدّ رئيس البرلمان نبيه بري خريطة طريق تفصيلية مرحلية لنزع سلاح حزب الله تصبّ في إطار المقترح اللبناني، لضمان خطوات عملية لتنفيذه.
تركّز الرد اللبناني على مبدأ التزامن والتبادل في تنفيذ أي اتفاق: لن يُبحث مصير سلاح حزب الله إلا ضمن عملية متزامنة مع انسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي اللبنانية ووقف نهائي للاعتداءات الإسرائيلية. وأكد رئيس الحكومة نواف سلام في مؤتمر صحفي بعد اجتماعه مع براك أن النقاش تناول "خطوات مترابطة بين الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية ونزع سلاح حزب الله". وشدد سلام على أن حصر السلاح بيد الدولة وتمديد سلطة الدولة هو مبدأ توافقي لبناني متجذّر منذ اتفاق الطائف. وذكّر بأن حزب الله جزء من الدولة اللبنانية (فله نواب في البرلمان دعموا بيان الحكومة)، في إشارة إلى ضرورة معالجة القضية بتفاهم داخلي. وفي الوقت نفسه، ندّد سلام باستمرار الغارات الإسرائيلية على الجنوب والبقاع مؤكداً أنها مرفوضة بالإجماع اللبناني، وأن بيروت تكثّف اتصالاتها عربياً ودولياً لوقفها.
بحسب سلام، تضمّن الرد اللبناني المكتوب الذي تسلّمه براك تعليقات من الرئاسة والحكومة ورئاسة البرلمان، ما يعكس تنسيقاً غير مسبوق بين الرؤساء الثلاثة حول هذا الملف المعقّد. كما كشف سلام أن براك قدّم أيضاً مقترحاً لآليات تثبيت وقف إطلاق النار وضبط السلاح تدريجياً في الجنوب كخطوة أولى – ربما عبر تعزيز دور اللجنة الثلاثية للهدنة وتوسيع صلاحيات الجيش اللبناني جنوبًا. وأكد سلام موقف لبنان بأن قرار الحرب والسلم هو حصري بيد الدولة ولا أحد سواها.
تجاوب المبعوث الأمريكي بحذر إيجابي مع الرد اللبناني. فعقب لقائه الرئيس عون، عقد براك مؤتمراً صحافياً قال فيه إنه "راض جداً جداً" و"مسرور بشكل لا يُصدَّق" من الاستجابة اللبنانية. ووصف براك الرد بأنه مدروس بعناية وفيه خطة مشتركة للمضي قدماً. وأضاف: "الآن ينبغي دفع التفاصيل قدماً... نحن جميعاً ملتزمون بالدخول في التفاصيل والوصول إلى حل"، معرباً عن تفاؤله الكبير بتحقيق ذلك. كذلك نقلت الرئاسة اللبنانية على منصة أكس (تويتر سابقاً) أن الرئيس عون سلم براك "تصوراً متكاملاً للحل". وأصدر مكتب رئيس البرلمان بري بياناً وصف فيه اجتماعه مع براك بأنه "بنّاء وراعى مصلحة لبنان وسيادته... كما تضمّن مطالب حزب الله".
في هذه المرحلة، بدا وكأن لبنان والولايات المتحدة وجدا أرضية مشتركة مبدئية: الدولة اللبنانية تلتزم مبدئياً بحصرية السلاح بيدها وفق جدول زمني، لكنها تطالب بضمانات صارمة تتعلق بالانسحاب الإسرائيلي ووقف الاعتداءات قبل وأثناء عملية نزع السلاح. وهذا يشمل أيضاً إطلاق أسرى لبنانيين لدى إسرائيل وتأمين دعم دولي لتعزيز الجيش اللبناني كبديل أمني. وقد كشفت تقارير صحافية أن الخطة اللبنانية المعدّلة تتضمن 8 مطالب أساسية قدمها الرئيس عون في المفاوضات مع براك. من أبرزها انسحاب إسرائيلي كامل إلى الحدود الدولية المعترف بها، ووقف كل أشكال الاعتداءات الإسرائيلية براً وبحراً وجواً بما يشمل الاغتيالات، والإفراج عن الأسرى اللبنانيين. في المقابل تلتزم بيروت ببسط سيادة الدولة على كامل أراضيها عبر استعادة السلاح من كلّ المجموعات - وعلى رأسها حزب الله - وتسليمه للجيش اللبناني الذي يكون الجهة الوحيدة المخولة بحمل السلاح. كما طلبت لبنان دعماً دولياً طويل الأمد للجيش بقيمة مليار دولار سنوياً لعشر سنوات لتعزيز قدراته إلى جانب قوى الأمن الداخلي، وتنظيم مؤتمر دولي للمانحين في الخريف لإعادة الإعمار وإنعاش الاقتصاد.
على الضفة الأخرى، ظل موقف حزب الله في العلن على حاله دون تنازلات، وإن حمل نبرة مشروطة. فبعد اللقاءات، خرج الشيخ نعيم قاسم (الذي بات يُنظر إليه كواجهه قيادة الحزب) يوم الأحد 6 تموز/يوليو بتصريح يشرح رؤية الحزب: على إسرائيل الالتزام الكامل بالهدنة أولًا – الانسحاب من الأراضي المحتلة ووقف العدوان بكل أشكاله والإفراج عن الأسرى – وعندئذ فقط يُمكن الانتقال إلى "المرحلة الثانية" وهي بحث استراتيجية الدفاع الوطني، بما فيها "سلاح المقاومة". كرر قاسم أيضاً رفض الحزب للاستسلام تحت التهديد، قائلاً: "لن نستسلم أو نلقي سلاحنا استجابة لتهديدات إسرائيل". وفي خطاب آخر بُثّ مساء 30 تموز/يوليو، شدد قاسم مجدداً أن أسلحة حزب الله وُجدت لتواجه إسرائيل ولن تُستخدم في الداخل، معتبراً أن أي مطالبة حالية بنزع سلاح المقاومة تخدم أهداف إسرائيل.
من الواضح أن واشنطن استوعبت الرسالة اللبنانية المشروطة لكنها سعت لتسويق الخطة كصفقة متكاملة يجب انتهازها سريعاً. حرص توماس براك على طمأنة الجانب اللبناني بأن نزع سلاح حزب الله لا يستهدف إقصاء الحزب سياسياً. قال براك في تصريح له: "يجب أن يرى حزب الله أن له مستقبلًا، وأن الطريق المطروح ليس موجهاً ضدّه فحسب"، مؤكداً أن الحل يجب أن يضمن دمج المقاومة ضمن تركيبة الدولة بدل عزلها. وفي الوقت نفسه، حذّر براك القادة اللبنانيين من التباطؤ: "المنطقة تتحرك بسرعة فائقة، وسيتم ترككم خلفها". وأشار إلى انطلاق حوارات غير مسبوقة بين سوريا وإسرائيل بعد سقوط نظام الأسد، معتبراً أنه كما انخرطت دمشق في ترتيب أوضاع ما بعد الحرب، على بيروت أيضاً ألا تُفوّت فرصة إعادة اختراع الحوار بشأن سلاح حزب الله قبل فوات الأوان. وقد كشف مصدر دبلوماسي أن واشنطن أبلغت بيروت بأن هذه الفرصة قد لا تتكرر وعليها اتخاذ قرار تاريخي الآن.
زيارة حاسمة وجلسة حكومية منتظرة
رغم الأجواء الإيجابية الحذرة في أوائل يوليو، بقيت بعض نقاط الخلاف الجوهرية عالقة خلال الأسابيع اللاحقة. لبنان أصرّ على ترتيب الأولويات: الأمن مقابل السلاح – أي لا نزع لسلاح المقاومة قبل ضمان الانسحاب الكامل ووقف النار – فيما إسرائيل عارضت أي ربط مسبق بين التزامها وقيام حزب الله بخطوات أولاً. ووفق تقارير صحافية، فإن الولايات المتحدة نقلت إلى بيروت رفض إسرائيل طرح "الانسحاب أولاً"، ما وضع واشنطن في موقف الضغط لتليين الموقف اللبناني الداخلي. بالتزامن، واصلت إسرائيل قصفها اليومي ما أبقى التوتر مرتفعاً وزاد الشكوك في نواياها.
في أواخر تموز/يوليو 2025 قدم براك إلى بيروت مرة ثالثة لتقديم الرد الأمريكي الرسمي على المقترحات اللبنانية. أوضح براك للمسؤولين اللبنانيين أن بلاده لن تستمر في إرسال مبعوثيها أو الضغط على إسرائيل لوقف هجماتها ما لم تتخذ الحكومة اللبنانية قراراً علنياً سريعاً بالالتزام بنزع السلاح. فبحسب تقرير لوكالة رويترز بتاريخ 29 يوليو، اشترطت واشنطن صدور قرار رسمي عن مجلس الوزراء اللبناني يتعهد بنزع سلاح حزب الله قبل استئناف أي مفاوضات أو جهود أمريكية إضافية. ونُقل عن مصدر لبناني قوله: "تقول لنا أمريكا: لن يكون هناك مزيد من زيارات براك ولا تبادل أوراق – على مجلس الوزراء اتخاذ قرار وبعدها نتابع النقاش. لم يعد بإمكانهم الانتظار أكثر".
في هذه الأثناء، أبلغ براك رئيس الوزراء نواف سلام صراحةً أن واشنطن لا تستطيع "إجبار" إسرائيل على القيام بأي شيء ما لم تلتزم بيروت صراحةً بخارطة الطريق. وعلى منصة أكس (تويتر)، نشر المبعوث الأمريكي رسالة صارمة بعد لقائه بالمسؤولين اللبنانيين قائلاً: "طالما أن حزب الله يحتفظ بسلاحه، فإن الكلام وحده لا يكفي. على الحكومة والحزب الالتزام الكامل والتحرّك الآن حتى لا يحكموا على الشعب اللبناني بالبقاء في حالة التعثر الراهنة"، بإشارة واضحة إلى ضرورة الانتقال من مرحلة التصريحات إلى مرحلة الأفعال الملموسة.
أمام هذه الضغوط المتصاعدة، استشعرت القيادة اللبنانية خطر الوصول إلى حافة الانفجار. فعدم إرضاء الشروط الأمريكية قد يعني تصعيداً إسرائيلياً كبيراً ربما يصل إلى استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت. لذا سارع رئيس الحكومة نواف سلام إلى الدعوة لجلسة طارئة لمجلس الوزراء في 5 آب/أغسطس 2025 لوضع جدول زمني لتنفيذ مسألة حصر السلاح بيد الدولة. وجاء في نص الدعوة أن الجلسة ستبحث "بسط سيادة الدولة على جميع أراضيها بقواتها حصرياً" – وهي عبارة تُقرأ كإقرار علني بمبدأ نزع سلاح حزب الله وتسليم سلاحه للجيش. وستتناول الجلسة أيضاً "ترتيبات وقف إطلاق النار... بما فيها الأفكار الواردة في مقترح السفير براك حول تنفيذه".
انقسام داخلي حاد قبيل جلسة الخامس من آب
لكن مواقف الأطراف لا تزال متباينة. حزب الله جدد رفضه تسليم السلاح في ظل استمرار الغارات. نعيم قاسم قال إن الحزب لا يفاوض على السلاح قبل وقف العدوان، معتبراً أن المطالبة به الآن تخدم إسرائيل. المفتي الجعفري أحمد قبلان حذر من أن نزع سلاح الحزب سيترك لبنان بلا حماية. وفي المقابل، صعّدت قوى معارضة نبرتها، واعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية أن اللحظة تستوجب الحسم لا التردد، فيما وصف النائب جبران باسيل السلاح بأنه بات عبئاً وطنياً.
وفيما يستعد مجلس الوزراء لجلسة قد تكون الأهم منذ اتفاق الطائف، تترقب العواصم الإقليمية والغربية مسار التصويت وما سيليه. فنجاح التسوية سيعني بدء عملية تاريخية لنقل سلاح الحزب إلى يد الدولة. أما الفشل، فقد يعيد البلاد إلى مربع التصعيد.
من الحرب إلى وقف إطلاق النار غير المكتمل
في خريف عام 2023، بدأت المواجهات العسكرية تتصاعد تدريجياً على طول الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، مع تكرار عمليات القصف والاشتباك بين حزب الله والجيش الإسرائيلي. لكن الشرارة الكبرى جاءت نهاية صيف 2024، بعد سلسلة من الهجمات النوعية التي نفذها الحزب، وردّت إسرائيل عليها بتنفيذ تفجيرات عنيفة استهدفت قواعد صاروخية ومراكز قيادة ميدانية، وعملية كبرى بتفجير أجهزة اتصال لاسلكية يستخدمها أعضاء حزب الله عُرفت إعلامياً باسم "تفجيرات البايجرز" وأدت إلى جرح آلاف الأشخاص وتسببت بإعاقات دائمة للكثير منهم. بعد أيام، اغتالت إسرائيل عدداً من أعضاء مجلس القيادة العسكرية لحزب الله، ما مثّل تصعيداً حاسماً في مسار المواجهة.
لكن نقطة التحوّل المفصلية جاءت في أيلول/سبتمبر 2024، حين قُتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في غارة دقيقة استهدفت أحد المقرات المحصنة في الضاحية الجنوبية لبيروت. تبع ذلك قصف إسرائيلي يومي على الضاحية ومناطق واسعة في الجنوب والبقاع، ما دفع حزب الله إلى الرد بإطلاق آلاف الصواريخ على الجليل والجولان ووسط إسرائيل، ووقعت مواجهات ميدانية عنيفة امتدت لأسابيع.
تدخّلت واشنطن، بدعم فرنسي وأممي، للتوسط في اتفاق لوقف إطلاق النار أُبرم في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024. الاتفاق قضى بانسحاب مقاتلي حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، على أن تنفرد قوات الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل التابعة للأمم المتحدة بالانتشار جنوباً. في المقابل، تعهّدت إسرائيل بالانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية المتبقية التي تحتلها، ووقف الغارات الجوية والعمليات الأمنية.
لكن التنفيذ كان منقوصاً. أبقت إسرائيل على خمس نقاط عسكرية قرب الحدود، متذرعةً بأسباب أمنية، وواصلت تنفيذ غارات جوية شبه يومية، تقول إنها تستهدف مواقع إعادة تموضع أو أسلحة لحزب الله أو عناصر منه. من جانبه، اتهم لبنان الرسمي إسرائيل بارتكاب أكثر من ثلاثة آلاف خرق لبنود الهدنة خلال الأشهر اللاحقة، وأشار إلى مقتل أكثر من 230 شخصاً، معظمهم من المدنيين.
الحرب الأخيرة شكّلت ضربة قاسية للحزب. فإضافة إلى الخسائر البشرية والميدانية، فقد الحزب قيادته المركزية. فبعد مقتل نصر الله، استُهدف أيضاً هاشم صفي الدين، رئيس المجلس التنفيذي وخليفته المحتمل، في غارة دقيقة على الضاحية. هذا الفراغ القيادي تولاه سريعاً الشيخ نعيم قاسم، الذي بات الأمين العام الفعلي للحزب في مرحلة حرجة داخلياً وإقليمياً.
في ظل هذا الواقع، عاد ملف سلاح الحزب إلى الواجهة، لكن هذه المرة ضمن مفاوضات علنية تقودها واشنطن، في سياق تفاهمات دولية تشمل إعادة إعمار لبنان وترتيب الوضع الأمني في الجنوب.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مسؤولون أمريكيون يرجحون أن تتولى واشنطن إدارة المساعدات لغزة بـ"تمويل خليجي"
مسؤولون أمريكيون يرجحون أن تتولى واشنطن إدارة المساعدات لغزة بـ"تمويل خليجي"

BBC عربية

timeمنذ 9 دقائق

  • BBC عربية

مسؤولون أمريكيون يرجحون أن تتولى واشنطن إدارة المساعدات لغزة بـ"تمويل خليجي"

رفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الإفصاح عن موقف واضح حول توجه رئيس الوزراء الإسرائيلي لتوسيع العملية العسكرية في قطاع غزة وإقرار "احتلاله" حسبما رجحت وسائل إعلام إسرائيلية الثلاثاء. وقال ترامب للصحفيين مساء الثلاثاء، إن تركيز إدارته ينصب على زيادة وصول الغذاء إلى غزة، و"فيما يتعلق ببقية الأمر، لا أستطيع الجزم بذلك. الأمر متروك لإسرائيل إلى حد كبير". وتأتي تصريحات ترامب بعد ساعات قليلة من انتهاء "نقاش أمني محدود" أجراه نتنياهو مع وزير الدفاع يسرائيل كاتس ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، إضافة إلى رئيس أركان الجيش إيال زامير واستمرّ ثلاث ساعات - وفق رويترز - واستعرض خلاله "خيارات مواصلة الحملة في غزة". وذكرت القناة 12 الإسرائيلية نقلاً عن مسؤول في مكتب نتنياهو أن رئيس الوزراء يميل للسيطرة على كامل قطاع غزة. وستعني السيطرة على كامل أراضي القطاع إلغاء قرار اتخذته إسرائيل عام 2005 بالانسحاب من غزة مع الاحتفاظ بالسيطرة على حدودها، وهي الخطوة التي ترى الأحزاب اليمينية أنها كانت السبب وراء اكتساب حماس قوتها. وفي وقت سابق، قال نتنياهو لمجندين جدد في إحدى القواعد العسكرية، إنه "لا يزال من الضروري استكمال هزيمة العدو في غزة وتحرير رهائننا وضمان ألّا تشكل غزة مرة أخرى تهديداً لإسرائيل"، مؤكداً: "لن نتخلى عن أي من هذه المهام". مقترح "الاحتلال": أسلوب للضغط، ونقطة خلاف إسرائيلي وقد تعثرت جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل وحماس رغم الضغوط الدولية المكثفة لوقف إطلاق النار. وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن نتنياهو يسعى لتوسيع العملية العسكرية لتشمل حتى المناطق التي يُحتمل احتجاز رهائن فيها في القطاع. ويقول موقع إكسيوس، إن قوات الجيش الإسرائيلي ترددت في مهاجمة تلك المناطق خوفاً من قتل الرهائن عن طريق الخطأ. وحذر رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي إيال زامير، ومسؤولون أمنيون كبار آخرون، نتنياهو من مثل هذه العملية. ووفقاً لمسؤولين إسرائيليين، أبلغ زامير نتنياهو أن مثل هذه الخطوة ستعرض الرهائن للخطر، الأمر الذي دفع وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير للتعليق على منصة "إكس" بأن رئيس الأركان زامير يجب أن يلتزم بتوجيهات الحكومة حتى لو اتخذت قرار السيطرة على غزة بالكامل. وقال مسؤول إسرائيلي إن نتنياهو يعمل على "تحرير الرهائن من خلال هزيمة حماس عسكرياً" لاعتقاده أن "حماس غير مهتمة بالتوصل إلى اتفاق" وقف إطلاق النار. ومن المتوقع أن يعقد مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي اجتماعاً يوم الخميس، لطرح خطة "احتلال غزة بالكامل". إذ جاء في بيان صادر عن مكتب نتنياهو أن الجيش الإسرائيلي "مستعد لتنفيذ أي قرار سيتخذه مجلس الوزراء السياسي الأمني". من جانب آخر، قال مسؤول فلسطيني إن التهديد بالسيطرة الكاملة على غزة قد يكون أسلوباً للضغط على حماس كي تقدم تنازلات خلال المفاوضات، وفق رويترز. بينما حذّرت الخارجية الفلسطينية "من مخاطر ما يتم تسريبه في الإعلام الإسرائيلي بشأن التوجه لاحتلال قطاع غزة والسيطرة عليه بالكامل"، وطالبت الدول والمجتمع الدولي بـ"التعامل بمنتهى الجدية مع تلك التسريبات والتدخل العاجل لوقف تنفيذها، سواء أكانت من باب الضغوط أو بالونات اختبار لردود الفعل الدولية أو أكانت جدية وحقيقية" بحسب بيان لها. أمّا الأمم المتحدة، فوصفت التقارير الواردة - إن كانت صحيحة - عن احتمال اتخاذ قرار بتوسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية في أنحاء قطاع غزة بأنها "مقلقة للغاية". يأتي ذلك فيما توغلت الدبابات الإسرائيلية في وسط قطاع غزة الثلاثاء، وليس من الواضح ما إذا كان هذا التحرك هو جزء من هجوم بري أكبر. ويقول فلسطينيون يعيشون في القطاع - وفق رويترز- إن أي تحرك جديد لاحتلال المنطقة سيكون كارثة. وقال أبو جهاد، وهو تاجر أخشاب من غزة: "إذا دخلت الدبابات أين نذهب؟ على البحر؟ هذا سيكون بمثابة حكم الإعدام ضد كل الناس". "مشكلة المجاعة في غزة تتفاقم، و ترامب لا يعجبه ذلك" في غضون ذلك، قال مسؤول أمريكي إن إدارة ترامب قررت أن تتولى إدارة الجهود الإنسانية في غزة لأن إسرائيل لا تُديرها بشكل كافٍ، وفق إكسيوس. ولم يُفصح المسؤول عن طبيعة الدور الأمريكي المحتمل، لكنه قال إن دول الخليج مثل قطر ستساهم بالأموال لتمويل تلك الجهود، ومرجحاً أن تشارك دول مثل الأردن ومصر أيضاً دون توضيح تفاصيل إضافية. وأضاف المسؤول الأمريكي بحسب أكسيوس، إن "مشكلة المجاعة في غزة تتفاقم، ودونالد ترامب لا يعجبه ذلك"، مضيفاً أن الرئيس "لا يريد أن يموت الأطفال جوعاً، ويريد أن تتمكن الأمهات من إرضاع أطفالهن"، ومؤكداً أنه "أصبح مهووساً بهذا الأمر". وقال مسؤول أمريكي آخر إن الإدارة ستحرص على عدم الانجرار إلى أزمة غزة، موضحاً أن ترامب "لا يريد أن يرى الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي تُنفق الأموال على هذه المشكلة. إنها مشكلة عالمية. وقد كلف ويتكوف وآخرين بالتأكد من تكثيف الجميع جهودهم، أي أصدقائنا الأوروبيين والعرب". فيما نقل موقع أكسيوس الأمريكي عن مسؤول إسرائيلي أن الولايات المتحدة تعتزم تولي زمام المبادرة في الملف الإنساني بهدف زيادة حجم المساعدات الواردة إلى غزة. وقال المسؤول الإسرائيلي: "سينفقون أموالاً طائلة لمساعدتنا على تحسين الوضع الإنساني بشكل ملحوظ، بحيث يصبح أقل وطأة". وأكّد أنه سيتم إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق الواقعة خارج مناطق القتال "وبقدر الإمكان إلى المناطق الواقعة خارج سيطرة حماس". ولم يُعلق البيت الأبيض على التقرير الذي أورده موقع أكسيوس، إلاّ أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أشار للصحفيين مساء الثلاثاء إلى أن إدارته تركز على إيصال الغذاء إلى غزة.

هل تتحول قضية سلاح حزب الله إلى سبب لزعزعة الداخل اللبناني؟
هل تتحول قضية سلاح حزب الله إلى سبب لزعزعة الداخل اللبناني؟

BBC عربية

timeمنذ 9 ساعات

  • BBC عربية

هل تتحول قضية سلاح حزب الله إلى سبب لزعزعة الداخل اللبناني؟

حتى كتابة هذه السطور، لم يتضح بعد ما إذا كان مجلس الوزراء اللبناني، المجتمع في القصر الرئاسي في بعبدا، قد انخرط في مناقشة قضية حصر السلاح بيد الدولة، والتي تعني عمليا نزع سلاح حزب الله أما لا. وقد تضاربت الأنباء بهذا الصدد، في وسائل الإعلام اللبنانية، إذ تحدث البعض عن أن اجتماع المجلس، يشهد بالفعل نقاشا محتدما بشأن سلاح حزب الله، وإمكانية نزعه، بينما تحدث البعض الآخر، عن أنه من المستبعد أن يتخذ المجلس، قرارا حاسما بشأن القضية، وأن المعطيات تشير إلى أن النقاش بشأنها، قد يُستكمل في جلسة لاحقة تعقد يوم الخميس السابع من آب/أغسطس. وكانت جلسة مجلس الوزراء اللبناني، قد انطلقت بعد ظهر اليوم الثلاثاء 5 آب/أغسطس في القصر الجمهوري، برئاسة الرئيس جوزيف عون، وكان البند الأول على جدول أعمالها، هو موضوع حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، وسبق الجلسة اجتماع بين الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام. وتحظى الجلسة باهتمام غير مسبوق، من أطراف عربية ودولية ، في ظل ترقب، لما قد تخرج به من مقررات، تؤكد ما التزم به الرئيس عون في خطاب القسم، والبيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام، إضافة إلى المطالب العربية والدولية، بفرض الدولة اللبنانية سيادتها على كل أراضيها، ووضع جدول زمني لسحب سلاح حزب الله. مشاورات ومحاور وكانت الساعات التي سبقت الجلسة، قد شهدت مشاورات سياسية مكثفة، بين الرؤساء الثلاثة في لبنان، وهم رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة نواف سلام، في وقت تحدثت فيه تقارير، عن أن حزب الله يسعى لإستبعاد وضع أي جدول زمني لتسليم السلاح، قبل وقف الأعمال العدائية الأسرائيلية، والانسحاب من النقاط الخمس وإطلاق الأسرى. ونقلت وسائل إعلام عن مصادر لبنانية قولها، إن حزب الله وحركة أمل، سعيا إلى تأخير بند حصر السلاح بيد الدولة، إلى نهاية جلسة الثلاثاء 5 آب/أغسطس، أو تأجيل البت فيه حتى يوم الخميس 7 آب/ أغسطس، إلا أن هذه المساعي لم تجد آذانا صاغية، في وقت تمسك فيه رئيس الجمهورية جوزيف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام بمواقفهما المعلنة، والتي تصب في ضرورة نزع سلاح الحزب، وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، ضمن ما يتحدثان عنه من التزام بمعادلة "الاستقرار أو الانهيار" ويجد محور عون- سلام، دعما من محور آخر يضم وزراء "القوات اللبنانية"، والكتائب، والحزب التقدمي الاشتراكي، وكلهم يتبنون طرحا يطالب بوضع جدول زمني، لتسليم السلاح قبل نهاية السنة الحالية. على صعيد آخر تحدثت وسائل إعلام لبنانية، عن انطلاق مسيرة بالدراجات النارية، من الضاحية الجنوبية لبيروت، باتجاه كنيسة مار مخايل، رفضاً لأي قرار بسحب السلاح. في وقت تدخّل فيه الجيش اللبناني لمنع مرور المسيرة عبر طريق صيدا القديمة، وقام بتحويل مسارها . قاسم يرفض وبينما كان مجلس الوزراء اللبناني منعقدا في بعبدا، قال الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، إن حزبه لن يوافق على أي جدول زمني، لتسليم سلاحه، وتجريد لبنان من قوته، يتم تنفيذه تحت سقف العدوان الاسرائيلي، على حد قوله. وأكد قاسم أن المقاومة في لبنان، هي جزء من الدستور، وهي أمر يرتبط بميثاق العيش المشترك، معتبرا أن مقاربة موضوعها، لا يتم بالتصويت بل بالإجماع، مشيرا إلى أن الحزب لن يوافق على أي اتفاق جديد، وأن على إسرائيل تنفيذ الاتفاق القديم، الذي عقد مع الدولة اللبنانية. وجاءت تصريحات قاسم عبر شاشة تليفزيونية، خلال حفل تأبين أقامه الحزب، بمناسبة مرور 40 يوما، على اغتيال اللواء محمد سعيد إيزدي (الحاج رمضان)، قائد ملف فلسطين بقوة القدس، في الحرس الثوري الإيراني، والذي اغتالته إسرائيل خلال الحرب الأخيرة على إيران. وهدد قاسم أيضا خلال كلمته ، إسرائيل بصورة مباشرة، قائلا إن الصواريخ ستسقط عليها، إذا استأنفت حربا واسعة النطاق على لبنان، مؤكدا أن حزب الله والجيش اللبناني، والشعب اللبناني سيدافعون عن أنفسهم، في حال شنت إسرائيل "العدوان الواسع". الضغط الأمريكي وعن الدور الأمريكي قال قاسم، إن الموفد الأميركي توماس براك ، أتى بإملاءات لنزع قوة لبنان والمقاومة، لمصلحة إسرائيل ، مشيرا إلى أن المطلوب هو تجريد لبنان من قدرته العسكرية، وعدم السماح للجيش بامتلاك سلاح يؤثر على إسرائيل. وكانت وكالة رويترز للأنباء، قد نقلت عن خمسة مصادر مطلعة، قولها إن واشنطن ،تكثف الضغط على بيروت، للإسراع بإصدار قرار رسمي من مجلس الوزراء، يلزمه بنزع سلاح جماعة "حزب الله"، وذلك قبل استئناف المحادثات، بخصوص وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان. وذكرت المصادر، وهي مسؤولان لبنانيان ودبلوماسيان، ومصدر لبناني مطلع، أنه إذا لم يقدم الوزراء اللبنانيون التزاماً علنياً، فإن الولايات المتحدة، لن ترسل الموفد الأميركي توماس براك إلى بيروت، لإجراء مفاوضات مع المسؤولين اللبنانيين، ولن تضغط على إسرائيل لوقف الغارات الجوية، أو سحب قواتها من جنوب لبنان. وذكرت أربعة من المصادر، أن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، حليف "حزب الله" الرئيسي، طلب من الولايات المتحدة، ضمان وقف إسرائيل ضرباتها ،كخطوة أولى من أجل التنفيذ الكامل لوقف إطلاق النار، الذي جر التوصل إليه عام 2024 ، وأنهى قتالاً دام شهوراً بين الحزب وإسرائيل، وقالت المصادر ذاتها، إن إسرائيل رفضت اقتراح بري قبل أيام قليلة...... خطوط الاتصال تُفتح قبل نصف ساعة من موعد البرنامج على الرقم 00442038752989. إن كنتم تريدون المشاركة بالصوت والصورة عبر تقنية زووم، أو برسالة نصية، يرجى التواصل عبر رقم البرنامج على وتساب: 00447590001533 يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message كما يمكنكم المشاركة بالرأي في الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: أو عبر منصة إكس على الوسم @Nuqtat_Hewar يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب

هل يوافق حزب الله على نزع سلاحه نتيجة الضغوط الأمريكية؟
هل يوافق حزب الله على نزع سلاحه نتيجة الضغوط الأمريكية؟

BBC عربية

timeمنذ 9 ساعات

  • BBC عربية

هل يوافق حزب الله على نزع سلاحه نتيجة الضغوط الأمريكية؟

يعقد مجلس الوزراء اللبناني اجتماعاً، الثلاثاء 5 أغسطس/آب، برئاسة رئيس الجهورية جوزاف عون، وحضور رئيس الوزراء نوّاف سلام، يناقش ملفات على رأسها سلاح حزب الله. ويكتسب هذا الاجتماع أهمية كبيرة نظراً لتصاعد الحديث عن ملف سلاح حزب الله، وانعقاده بعد زيارات عدة أجراها المبعوث الأمريكي توماس براك، طرح خلالها خارطة طريق تتضمن وقف الضربات الإسرائيلية على لبنان، التي لم تتوقف رغم التوصل لوقف إطلاق نار بين حزب الله وإسرائيل نهاية عام 2024، إضافة إلى دعم لبنان اقتصادياً. وشملت خارطة الطريق الأمريكية في المقابل مطالبات صريحة بنزع سلاح حزب الله مع تحديد موعد زمني لذلك، وهو الملف الذي لطالما كان جدلياً في لبنان خلال العقود الأخيرة. وبالتزامن مع الاجتماع، رفض حزب الله "أي جدول زمني" لتسليم سلاحه مع استمرار ما وصفه بـ "العدوان الإسرائيلي" على لبنان. وقال الأمين العام للحزب، نعيم قاسم، في كلمة مصوّرة، إن على الدولة اللبنانية أن "تضع خططاً لمواجهة الضغط والتهديد وتأمين الحماية، وليس تجريد مقاومتها من قدرتها وقوتها"، على حدّ وصفه. وشهد لبنان في الأسابيع الأخيرة شداً وجذباً فيما يتعلق بالتجاوب مع طرح المبعوث الأمريكي، فموقف حزب الله تفاوت بين إبداء الانفتاح على النقاش في البداية، وبين رفض تقديم تنازلات في هذا الملف استجابة لـ "ضغوط أمريكية وإسرائيلية"، تبع ذلك تصعيد في لهجة المبعوث الأمريكي تجاه الحكومة اللبنانية وحزب الله في الأيام الأخيرة. وعلى ضوء ذلك، سارع رئيس الحكومة، نواف سلام، إلى الدعوة لجلسة طارئة لمجلس الوزراء في 5 أغسطس/آب 2025. وبحسب وكالة الأنباء اللبنانية، فإن جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء، التي تُعقد في قصر بعبدا، مؤلف من عشر نقاط، أبرزها بحث "بسط سيادة الدولة اللبنانية على جميع أراضيها بقواها الذاتية حصراً"، وهذا التعبير يوحي بحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، وبالتالي نزح سلاح أي طرف آخر، بما في ذلك حزب الله. ونقلت الوكالة أن الجلسة ستبحث كذلك الترتيبات المتعلقة بوقف إطلاق النار، الذي تم التوصّل إليه في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 بين حزب الله وإسرائيل، وهو اتفاق لم يُعد الهدوء بشكل كامل إلى لبنان، إذ واصلت إسرائيل تنفيذ ضربات جوية بشكل شبه يومي، قائلة إنها تستهدف مواقع يحاول حزب الله من خلالها إعادة بناء قدراته. واتهم لبنان من جانبه إسرائيل بخرق بنود اتفاق وقف إطلاق النار أكثر من ثلاثة آلاف مرة بعد التوصل إليه. كيف تطور ملف سلاح حزب الله؟ في عام 1989، وُقّع ما عُرف باتفاق الطائف، الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، وتضمن الاتفاق نزح سلاح جميع الفصائل المسلحة التي شاركت في الحرب، لكن، ولاعتبارات إقليمية وسياسية عديدة، لم يُنزع سلاح حزب الله الذي كان يُصوّر من قبل كثيرين على أنه "قوة مقاومة" في وجه إسرائيل التي كانت لا تزال تحتل شريطاً بعرض عدة كيلومترات على طول الحدود الجنوبية للبنان. لكن وبعد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان سنة 2000، كان يُطرح بين الحين والآخر ملف سلاح حزب الله، ولطالما اتهمه خصومه باستخدام سلاحه في الداخل اللبناني، لفرض إرادته السياسية. وقبل الحرب الأخيرة مع إسرائيل، كان الحزب صاحب النفوذ الأوسع على الساحة اللبنانية. وفي أعقاب هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، الذي شنته حركة حماس ضد بلدات حدودية ومواقع جنوبي إسرائيل، أعاد حزب الله فتح الجبهة مع إسرائيل بعد سنوات طويلة من الهدوء، معللاً ذلك بـ "إسناد غزة". وفتح ذلك الباب أمام أشهر طويلة من تبادل الضربات بين الطرفين، لكن الأمور اتخذت منحنى تصاعدياً كبيراً في سبتمبر/أيلول 2024، حين شنت إسرائيل هجوماً جوياً واسعاً، وهجوماً آخر بأجهزة اتصالات مفخخة، استهدف عناصر وقادة الحزب وبنيته التحتية في أرجاء لبنان، أُتبع بهجوم بري في الجنوب. وأدى الهجوم إلى تكبّد الحزب خسائر كبيرة في صفوفه وبين قادته، وعلى رأسهم أمينه العام حسن نصر الله، كما خسر جزءاً كبيراً من ترسانته العسكرية. وانتهت المواجهة بإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في نوفمبر/تشرين الثاني 2024. تطورات متتابعة خرج حزب الله من المواجهة مع إسرائيل منهكاً، وتزامن ذلك مع تطوّرات أخرى في المنطقة، تمثّلت في سقوط نظام بشار الأسد في سوريا نهاية 2024، الذي كان يُعد أحد أهم حلفاء حزب الله. وأدت كل تلك المعطيات إلى تراجع نفوذ الحزب في لبنان. وبداية عام 2025، انتخب مجلس النواب اللبناني، قائد الجيش، جوزاف عون، رئيساًَ للبلاد، بعد أكثر من عامين من شغور المنصب. ورغم سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، تُبقي إسرائيل على وجودها في خمس نقاط حدودية، كما تشن ضربات شبه يومية، مستهدفة ما تقول إنه بنى تحتية ومقاتلون تابعون لحزب الله، الذي يمتنع عن الرد عليها. وتوعدت اسرائيل، التي تتهم الحزب بالعمل على إعادة ترميم بناه العسكرية، بمواصلة شنّ ضرباتها ما لم تنزع السلطات اللبنانية سلاحه. وأخيراً، تحركّت واشنطن عبر تقديم خطة مفصّلة لنزع سلاح الحزب مقابل انسحاب إسرائيل ووقف ضرباتها الجوية، إضافة إلى مساعدات اقتصادية للبنان. وهي خطة حرّكت المشهد السياسي الداخلي في لبنان، وفاقمت الضغوط على الحكومة والحزب على حدّ سواء. وكان الرئيس اللبناني، جوزاف عون، قد أكّد يوم الخميس الالتزام بـ "سحب سلاح جميع القوى المسلّحة، ومن ضمنها حزب الله، وتسليمه إلى الجيش اللبناني". وشدّد على أن "المرحلة مصيرية ولا تحتمل استفزازاً من أي جهة كانت"، وصاغ موقفه بعبارة قوية: "علينا اليوم أن نختار، إما الانهيار وإما الاستقرار"، وذلك في ظل ربط المجتمع الدولي مساعداته للبنان بنزع سلاح الحزب. من غير الواضح ما قد يتمخض عن اجتماع مجلس الوزراء اللبناني اليوم، إذ تتباين التسريبات والتكهنات بشأن ذلك. ونقلت وكالة فرانس برس عن مصدر لبناني، أن واشنطن "تضغط على لبنان ليسلّم حزب الله سلاحه ضمن جدول زمني"، لكن المصدر أكّد أن "حزب الله لن يُقدم على تسليم سلاحه بلا مقابل، وهو ما يدركه الأمريكيون جيداً". وهذا يتوافق مع ما نقله تلفزيون المنار التابع لحزب الله عن "مصادر مطلعة"، بأن "الطلب الأمريكي، باختصار، هو استسلام لبناني كامل أمام العدو الإسرائيلي، من دون أي ضمانات تلزمه بالتقيّد" باتفاق وقف إطلاق النار. وبحسب وكالة فرانس برس، فإن حزب الله يطالب بأن تنسحب اسرائيل من النقاط الخمس الحدودية، وأن توقف الضربات التي تنفّذها رغم وقف إطلاق النار، وأن تعيد عدداً من أسرى الحزب الذين اعتقلتهم خلال الحرب، وبدء عملية إعادة إعمار المناطق التي دمرتها الحرب، قبل الحديث عن مصير السلاح. ويبدو هذا الموقف قريباً من الرد الذي قدمته الحكومة اللبنانية بداية يوليو/تموز على الخطة الأمريكية، وركزت فيه على مبدأ التزامن بين الانسحاب الإسرائيلي ووقف الضربات في لبنان من جهة، وبحث مصير سلاح حزب الله من جهة أخرى.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store