logo
السينما السعودية.. بين الهوية وعالمية الإنتاج

السينما السعودية.. بين الهوية وعالمية الإنتاج

الرياضمنذ 4 أيام
في المشهد السينمائي السعودي اليوم، تبدو الحركة متسارعة، والآمال كبيرة، وأبواب تحقيق الطموحات مفتوحة على مصراعيها، أفلام تتوالى، ومهرجانات تُقام، وشباب يتطلعون إلى حجز مكانهم في ساحة إقليمية ودولية مزدحمة بالمواهب والتجارب المختلفة من مدارس شتى، ومع هذا الحراك المحموم، يبرز سؤال أساسي يبدو حاضرًا في كواليس كل مشروع وكل حوار نقدي:
هل نسعى لصناعة سينما سعودية بهوية خاصة، أم نركض نحو الاندماج في السوق العالمي حتى لو كان الثمن ذوبان الشخصية المحلية؟
منذ عودة العروض السينمائية للمملكة في 2018، شهدت الصناعة السعودية تحولا جذريا، ولم يعد الحديث مقتصرًا على "الخطوة الأولى"، بل دخلنا مرحلة الإنتاج الفعلي، وعرض الأعمال في المحافل الدولية، والدخول إلى منصات العرض العالمية.
لكن هذه القفزات السريعة جعلت البعض يتساءل: هل ما نصنعه يعكس بالفعل بيئتنا وثقافتنا، أم أننا نشرع في تقليد أنماط وتجارب سبقنا إليها الآخرون؟
الهوية في السينما ليست مجرد لهجة أو ملابس تقليدية، بل هي روح تُستشعر في الرؤية، والطرح، وطريقة الحكاية، والمتابع للسينما السعودية في بداياتها يلحظ أنها اعتمدت كثيرًا على القصص المحلية الصرفة مثل وجدة، وشمس المعارف، وبركة يقابل بركة، التي قدمت صورة حقيقية عن المجتمع بأسلوب بسيط وقريب من الناس، لكن مع انفتاح السوق، بدأت بعض الإنتاجات تتجه نحو صيغ مكررة من أفلام التشويق أو الكوميديا السهلة، المستعارة من قوالب عالمية، وكأن هدفها الأول إرضاء منصات البث أو المهرجانات، وليس تقديم صوت سعودي خالص.
الاندماج في السوق العالمي ليس خطيئة، بل ضرورة لأي صناعة تسعى للحياة، لكن الخطورة تكمن حين يتحول هذا الاندماج إلى ذوبان يفقد فيه الفيلم روحه المحلية، فالجمهور العالمي يبحث عن ما يقدّم له تجربة مختلفة، لا استنساخا لِما يعرفه، والمفارقة أن كثيرًا من الأفلام السعودية التي لاقت صدى خارجيًا فعلًا، كانت تلك التي حافظت على خصوصيتها، وتحدثت بلغتها، وقدمت بيئتها بصدق، وفيلم نورا الحائز على تنويه من مهرجان كان العريق خير مثال على ذلك.
السينما السعودية تقف اليوم أمام اختبار صعب: كيف تحافظ على هويتها، وتظل مع ذلك قادرة على النفاذ إلى السوق العالمي بلغة يفهمها الجميع؟
وهنا يبرز الدور الحاسم للكتّاب والمخرجين؛ فهُم القادرون على صياغة الحكاية التي تُحاكي المحلي وتُخاطب الإنساني في آن واحد، كما أن على المنتجين مقاومة إغراء التقليد السريع بحثًا عن العائد التجاري الفوري، فبناء صناعة حقيقية يحتاج إلى صبر، واستثمار في الأصالة.
المفارقة أن بعض الأعمال العالمية التي دخلت الوجدان العالمي، جاءت من بيئات محلية بحتة، لكنها قُدّمت بصدق فني عالٍ، ومن هنا فإن قوة السينما السعودية لا تكمن في محاكاتها للنماذج الغربية، بل في قدرتها على أن تحكي قصصها كما هي.. بلا تجميل، وبلا مواربة، وبلا استنساخ.
الاندماج مع السوق العالمي ينبغي ألا يكون تنازلا عن الملامح الأصيلة، بل فرصة لعرضها على العالم بلغة الفن الرفيعة، والأهم، أن نؤمن أن القصة السعودية الحقيقية، حين تُحكى تفاصيلها بصدق، معتمدة في ذلك على الموروث الشعبي التي تزخر بها المنطقة، فإنها ستكون قادرة على العبور إلى كل مشاهد في أي مكان.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

صويلح المنتشري: «الشيلات» شوهت العرضة ولم تؤثر على «المحاورة»!
صويلح المنتشري: «الشيلات» شوهت العرضة ولم تؤثر على «المحاورة»!

عكاظ

timeمنذ ساعة واحدة

  • عكاظ

صويلح المنتشري: «الشيلات» شوهت العرضة ولم تؤثر على «المحاورة»!

يرى شاعر العرضة الجنوبية صويلح المنتشري، أن الشيلات لا يمكن أن تكون بديلا للعرضة كقيمة مجتمعية بل يراها - ويعذرني الضالعون في هذا التخصص - أنها مسخ لإرثنا وموروثنا وينبغي إذا كان لا بد منها أن تكون كما هي في المحاورة كـ(خيار عاشر). وعن أسباب خفوت بريق العرضة، قال صويلح: «ليس لهذه الدرجة، لكن هناك من قلل من هذا الموروث من متسلقين يعرضون أنفسهم على أهل الحفلات بقيمة أقل لأنهم في الأساس ليسوا شعراء». وسألته، مثل من؟ فقال: معروفون في وسطنا وبعضهم تحولوا إلى سماسرة لكثير من الشعراء، إلا أن هذه الأفعال مع الزمن ستتلاشى ويبقى الشعر الذي هو القيمة الفعلية لكل شاعر حقيقي. وحول سؤال آخر، قال الشاعر صويلح: «للأسف أرى هناك تغريبا لشعر العرضة الجنوبية بإدخال موسيقى وغناء ورقص مسيء، مكانه ليس ساحة العرضة». وأشار في هذا السياق إلى أنه يجب إيقافها، فموروثنا أسمى وأكبر من هذه الأفعال غير الجيدة. وعن كيفية إعادة العرضة إلى وهجها، قال: هي موجودة عند المتمسكين بها، لكن عندنا في تهامة يجب إعادة النظر في كثير من الأمور وبعدها سيعود الشعر والحفلات كما كانت قبل عشر سنوات. وأخذنا الحوار إلى بعض المعارك الشعرية في الحفلات، وقال عنها: منها محمود، ومنها مذموم، لكن المحمود الأكثر في محاوراتنا التي تهدف إلى إضفاء جو حماسي على العرضة، أما المذموم فهذا ما يخرج الحوار والمحاورة عن ثوابتها، وإن فصلت أخشى من تفسيرات أنا في غنى عنها. أخبار ذات صلة

«إثراء» يختتم مهرجان الصغار بحضور مئة ألف
«إثراء» يختتم مهرجان الصغار بحضور مئة ألف

الرياض

timeمنذ ساعة واحدة

  • الرياض

«إثراء» يختتم مهرجان الصغار بحضور مئة ألف

اختتم مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي "إثراء"، مهرجان الصغار بحضور مئة ألف زائر، وسط أجواء نابضة بالإبداع والتعلّم والثقافة، خاض فيها الأطفال مجموعة من التجارب المتنوعة والعروض بأكثر من خمسين فعالية مختلفة توزعت عبر أرجاء المركز في الظهران، كما شاركت العائلات أطفالها في العديد من الأنشطة التفاعلية التي أشعلت شرارة التفكير لدى الأطفال وشجعتهم على الاستكشاف والإبداع وطرح الأسئلة حول العالم من حولهم، من خلال تعزيز اللعب الخيالي والتعبير الفني. وجاء المهرجان هذا العام تحت شعار "ماذا لو؟" على مدى عشرين يومًا ليفتح الباب أمام العقول الفضولية، حيث رأى الأطفال العالم بعدسة من الفضول اللامحدود، وأصبحت كل تساؤلاتهم دعوة للاستكشاف. معرض الكتاب العالمي.. وخلال أيام المهرجان نظم المركز "معرض الكتاب للأطفال" بنسخته الخامسة وعلى مدى "6" أيام كفعالية أدبية تهدف إلى إلهام الأطفال من عمر "4 إلى 14" عامًا، وكانت جمهورية كوريا الجنوبية ضيف شرف المعرض، واشتملت المشاركة الدولية على جلسة خاصة قدمتها الكاتبة الكورية "هان دمهي"، وهي أول كاتبة وفنانة آسيوية تفوز بجائزة "بولونيا راغاتسي" المرموقة، فيما أتاحت الجلسة للأطفال فرصة التعرّف على فن صناعة الكتيبات المصغّرة وتصميم المراوح اليدوية الكورية التقليدية، كما قدّم المعرض جناحًا مخصصًا لكوريا الجنوبية ضم مجموعة منتقاة من كتب أدب الطفل الكوري المترجمة إلى اللغة الإنجليزية. خبراء أدب الطفل.. وفي زاوية أخرى من المعرض نُظمت مجموعة من الفعاليات المتنوعة التي اشتملت على تواقيع كتب لنخبة من مؤلفي أدب الطفل، من بينهم ناهد الشوا، مؤسسة دار "نون" المتخصصة في نشر كتب الأطفال باللغة العربية ومؤلفة كتاب "الرحلة قصيرة"، والدكتورة وفاء السبيل، إحدى الشخصيات البارزة في أدب الطفل في المملكة ومؤلفة كتاب "ألف باء السعودية"، كما تضمن المعرض جلسات نقاشية ركزت على محاور رئيسية في أدب الطفل والتعليم، أدارها نخبة من خبراء أدب الأطفال، منهم: ناصر الدوسري، داليا تونسي، وأمل العبّود. ملتقى الألعاب.. وفي أجواء من المرح والمتعة، استمتع الأطفال بتجربة مجموعة متنوعة من الألعاب الورقية وألعاب الطاولة في لحظات مليئة بالتحدي والتشويق، شاركوا فيها شغفهم مع أصدقاء جدد، وفي فعالية "المكتشفون الصغار" كانت الفرصة سانحة للأطفال من عمر "4 إلى 6" سنوات، لاستكشاف مفاهيم علمية متعددة من خلال أنشطة وتجارب تفاعلية أشعلت فضولهم وعززت حب التعلّم والاكتشاف بطريقة مرحة وآمنة. عالم اللغة الخيالي.. وفي متحف الطفل اكتشف الأطفال سحر اللغة مع فيلم "عالم اللغة الخيالي" بالتعاون مع مجمع الملك سلمان للغة العربية حيث يحكي الفيلم قصة التوأمان يوسف وهند وكيف يقضيان إجازتهما السنوية ببيت الجد الذي يكلفهما بالبحث عن معجمه العربي النادر في مكتبته الضخمة، ومنها يدخلان إلى عالم اللغة الخيالي، حيث يتوجب عليهما خوض مغامرة مثيرة للعودة إلى واقعهما. "برينياك لايف" على المسرح.. ولأول مرة على مسرح إثراء، نظم المركز العرض العلمي الحي "برينياك لايف"، ليجمع بين المتعة، الإثارة، والمفاجآت المشوّقة، حيث قدّم "برينياك" تجربة علمية فريدة تمزج بين الترفيه والتفاعل، مستوحاة من البرنامج التلفزيوني الشهير الذي حوّل العلوم إلى مغامرة ممتعة. نقاش مفتوح.. وفي نقاشٍ مفتوحٍ أدارته نورة الزامل رئيسة قسم البرامج في المركز مع العائلات؛ أتاحت الجلسة فرصةٌ للانطلاق نحو آفاقٍ معرفيةٍ جديدة وإيجاد طُرُقٍ مختلفة تُحدث فرقًا كبيرًا في فهم أطفالهم للتعلّم، كما أقيمت خلال المهرجان جلسات نقاشية متنوعة مع العائلات أدارها فريق إثراء ناقشوا خلالها عدة موضوعات منها التعلم في المتاحف وقوة اللعب علاوة على الفضول وأهمية للأطفال. وفي مكتبة إثراء، أبحر الزوار داخل عالم القصص التي نقرأها، كاشفين عن المعاني الخفية الكامنة فيها، واستكشفوا عناصر كل قصة وتأملوا في الاحتمالات التي كانت بسؤال "ماذا لو؟" ليستشعروا سحر النصوص ومكامن الإبداع. الفن كمعادلة رياضية.. وفي ورشة عمل جمعت الزوار في متحف إثراء استكشفوا كيف يمكن أن تتحول المعادلات الرياضية والأرقام إلى أعمال فنيّة مذهلة، وكيفية استخدم الفنانون الأشكال الهندسية والأنماط الدقيقة لابتكار الزخارف الإسلاميّة المميّزة التي نجدها في المساجد، والقصور، والكتب القديمة. الورشة لمحة عن عالم الفنون الإسلاميّة الرائع، حيث يلتقي الجمال بالإبداع والدقة. وشاركوا في استخدام الخُيوط والألوان لتصميم عمل فني أطلقوا من خلاله العنان لإبداعاتهم في تشكيل أنماط هندسيّة جميلة مستوحاة من الزخارف الإسلامية.

أمل سويدي.. من الشغف إلى ريادة الحرفة
أمل سويدي.. من الشغف إلى ريادة الحرفة

الرياض

timeمنذ ساعة واحدة

  • الرياض

أمل سويدي.. من الشغف إلى ريادة الحرفة

في خطوة متميزة تجمع بين عبق الماضي وروح الحاضر، نجحت الفنانة والمدربة أمل سويدي في إعادة إحياء فن السدو التراثي بأسلوب عصري يُجاري توجهات الأزياء والديكور الحديث، مع الحفاظ على أصالته وجذوره الثقافية. وتُعد حرفة السدو من الفنون اليدوية التقليدية التي اشتهرت بها مناطق المملكة، وتعتمد على نسج الصوف بخيوط ملونة ونقوش مستوحاة من البيئة البدوية، وقد بدأت علاقة أمل مع هذا الفن منذ الصغر، حين كانت تمارس الأعمال اليدوية في المرحلة الابتدائية بشغف واضح، حيث تقول: منذُ كنت صغيرة، كنت استمتع بالأعمال الفنية التي تُطلب منا في المدرسة. كنت أمارسها بإتقان، ومنذ ذلك الحين شعرت أن لدي ميولًا قوية للحرف اليدوية، خاصة السدو والتطريز والسجاد. هذا الشغف لم يتوقف عند حدود الهواية، بل دفعها إلى تطوير نفسها من خلال الاطلاع والتغذية البصرية، ثم الالتحاق بالدورات التدريبية التي عمّقت خبرتها التقنية والفنية، ومع مرور الوقت، تحوّلت هذه الموهبة إلى مسار مهني، حيث أصبحت أمل مدربة معتمدة في فن السدو، تنقل خبرتها للآخرين وتسهم في تجديد هذا الفن العريق. وتحكي أمل عن قصتها: ما أقوم به ليس فقط تطويراً بصرياً، بل هو تجديد في المفهوم والوظيفة، حيث أصبح السدو جزءًا من ديكور المنازل الحديثة، وحتى عنصراً في تصاميم الأزياء التي تستهوي الشباب. وتُبرز أمل في أعمالها دمج الألوان العصرية والنقوش الجريئة مع روح السدو التقليدي، ما جعل تصاميمها تلقى ترحيبًا واسعًا في المعارض والفعاليات المهتمة بالفنون والتراث، وساعدها على تحويل السدو من مجرد مفردة تراثية إلى منتج فني معاصر ينافس في الأسواق المحلية والعالمية. هذا التوجه الإبداعي لا يكتفي بالحفاظ على التراث فحسب، بل يسهم في استدامة الحرف اليدوية وإدماجها في الاقتصاد الإبداعي، دعمًا لرؤية 2030 التي تُولي الثقافة والتراث دورًا محوريًا في بناء المستقبل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store