logo
تقرير أممي يدعو لتجريم التضليل المناخي وفرض تعويضات

تقرير أممي يدعو لتجريم التضليل المناخي وفرض تعويضات

الجزيرةمنذ يوم واحد
دعا أحد كبار خبراء الأمم المتحدة إلى فرض عقوبات جنائية على أولئك الذين يروجون لمعلومات مضللة حول أزمة المناخ، وفرض حظر كامل على جماعات الضغط والإعلان لصناعة الوقود الأحفوري، كجزء من عملية إعادة هيكلة جذرية لحماية حقوق الإنسان والحد من كارثة التغير المناخي.
وقالت إليسا مورغيرا، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان وتغير المناخ، والتي قدمت تقريرها الجديد إلى الجمعية العامة في جنيف يوم الاثنين، إن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا وغيرها من الدول الغنية بالوقود الأحفوري، ملزمة قانونا بموجب القانون الدولي بالتخلص التدريجي الكامل من النفط والغاز والفحم بحلول عام 2030، وتعويض المجتمعات عن الأضرار التي تسبب فيها.
وأشارت أيضا إلى ضرورة حظر التكسير الهيدروليكي والرمال النفطية وحرق الغاز، وكذلك استكشاف الوقود الأحفوري، والدعم المالي، والاستثمارات، والحلول التكنولوجية الزائفة التي ستحصر الأجيال القادمة في النفط والغاز والفحم الملوث والمكلف بشكل متزايد.
وأكدت مورغيرا -وهي أستاذة القانون البيئي العالمي في جامعة ستراثكلايد بالمملكة المتحدة- أنه "على الرغم من الأدلة الواضحة على التأثيرات المترابطة والممتدة بين الأجيال والشديدة والواسعة النطاق لدورة حياة الوقود الأحفوري على حقوق الإنسان، فإن هذه البلدان حققت ولا تزال تحقق أرباحا هائلة من الوقود الأحفوري، وما زالت لا تتخذ إجراءات حاسمة".
كما أشارت إلى أن هذه البلدان مسؤولة عن عدم منع الضرر الواسع النطاق لحقوق الإنسان الناجم عن تغير المناخ والأزمات الكوكبية الأخرى التي نواجهها، بما فيها فقدان التنوع البيولوجي، والتلوث البلاستيكي، وعدم المساواة الاقتصادية الناجمة عن استخراج الوقود الأحفوري واستخدامه والنفايات."
العدالة المناخية
ويؤكد التقرير أن الدول الجزرية والمجتمعات الأصلية وغيرها من المجتمعات الضعيفة -التي استفادت أقل من الوقود الأحفوري- تواجه الآن أسوأ الأضرار المركبة الناجمة عن أزمة المناخ وغيرها من الأضرار البيئية المرتبطة باستخراجها ونقلها واستخدامها للطاقة والوقود والبلاستيك والأسمدة الاصطناعية.
كما يشير إلى كمية هائلة من الأدلة على الأضرار الجسيمة والبعيدة المدى والمتراكمة التي تسببها صناعة الوقود الأحفوري -النفط والغاز والفحم والأسمدة والبلاستيك- على كل حق من حقوق الإنسان تقريبا بما في ذلك الحق في الحياة وتقرير المصير والصحة والغذاء والمياه والسكن والتعليم والمعلومات وسبل العيش.
وتؤكد مورغيرا على ضرورة "إزالة الوقود الأحفوري في جميع القطاعات، بما في ذلك السياسة والمالية والغذاء والإعلام والتكنولوجيا والمعرفة. وترى أن الانتقال إلى الطاقة النظيفة لا يكفي لمعالجة الأضرار الواسعة والمتزايدة التي يُسببها الوقود الأحفوري".
ومن أجل الامتثال لقانون حقوق الإنسان الدولي الحالي، فإن الدول ملزمة بإبلاغ مواطنيها عن الأضرار الواسعة النطاق الناجمة عن الوقود الأحفوري وإن التخلص التدريجي من النفط والغاز والفحم هو الطريقة الأكثر فعالية لمكافحة أزمة المناخ.
وقالت مورغيرا في تقريرها حول ضرورة إزالة الوقود الأحفوري من اقتصاداتنا: "إن أسلوب الوقود الأحفوري قد قوض حماية جميع حقوق الإنسان التي تأثرت سلبًا بتغير المناخ لأكثر من ستة عقود".
وبحسب التقرير، يتعين على الدول حظر إعلانات الوقود الأحفوري وجماعات الضغط، وتجريم التضليل والتحريف من قبل صناعة الوقود الأحفوري وشركات الإعلام والإعلان، وفرض عقوبات قاسية على الهجمات على دعاة المناخ الذين يواجهون ارتفاعًا في الدعاوى القضائية الكيدية والمضايقات عبر الإنترنت والعنف الجسدي.
وتواجه المجتمعات حول العالم تهديدات متزايدة ناجمة عن ارتفاع منسوب مياه البحر، والتصحر، والجفاف، وذوبان الأنهار الجليدية، والحرارة الشديدة، والفيضانات، وغيرها من التأثيرات المناخية. يُضاف إلى ذلك تلوث الهواء المميت، وندرة المياه، وفقدان التنوع البيولوجي، والنزوح القسري للسكان الأصليين والريفيين، المرتبط بكل مرحلة من مراحل دورة حياة الوقود الأحفوري.
عقدة المصالح والالتزامات
وفي المقابل، استفادت شركات الوقود الأحفوري والبتروكيميائيات من أرباح طائلة، ودعم دافعي الضرائب، ومخططات التهرب الضريبي، وحماية غير مستحقة بموجب قانون الاستثمار الدولي، دون أن تُسهم في الحد من فقر الطاقة والتفاوت الاقتصادي، حسب التقرير.
وفي عام 2023، حققت شركات النفط والغاز عالميا إيرادات بلغت 2.4 تريليون دولار، بينما جنت شركات الفحم 2.5 تريليون دولار، وفقا للتقرير.
ومن شأن إزالة دعم الوقود الأحفوري، الذي من المتوقع أن يتجاوز 1.4 تريليون دولار لأعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية و48 دولة أخرى في عام 2023، أن يخفض وحده الانبعاثات بنسبة تصل إلى 10% بحلول عام 2030.
كما أن إعادة توجيه هذه الإعانات من شأنها أن تساعد الدول الغنية المنتجة للوقود الأحفوري على الوفاء بالتزاماتها القانونية لمساعدة البلدان النامية على التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، وتوفير الحلول المالية وغيرها. وهذا من شأنه أن يحد من الانتهاكات الواسعة النطاق لحقوق الإنسان والأضرار البيئية التي تسببت فيها هذه الدول ولا تزال تتسبب بها.
يُسلط التقرير الضوء أيضًا على قضية حقوق الإنسان، داعيًا إلى اتخاذ إجراءات سياسية حاسمة وتحويلية للحد من الألم والمعاناة الناجمة عن أزمة المناخ. وتقدّم التوصيات رؤية لعالم تُعطى فيه الأولوية للحقوق الأساسية لجميع الناس على حساب الأرباح والمنافع التي ينالها القليل، رغم أن البعض قد يرفضها باعتبارها جذرية وغير قابلة للاستمرار.
وقالت مورغيرا لصحيفة الغارديان: "من المفارقات أن ما قد يبدو جذريا أو غير واقعي، والمتمثل في التحول إلى اقتصاد قائم على الطاقة المتجددة، أصبح الآن أرخص وأكثر أمانا لاقتصاداتنا وخيارا أكثر صحة لمجتمعاتنا".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مقررة أممية: شركات كبرى تدعم حرب إسرائيل على غزة لتحقيق أرباح
مقررة أممية: شركات كبرى تدعم حرب إسرائيل على غزة لتحقيق أرباح

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

مقررة أممية: شركات كبرى تدعم حرب إسرائيل على غزة لتحقيق أرباح

اتهمت مقررة أممية بارزة أكثر من 60 شركة عالمية، بينها شركات أسلحة وتكنولوجيا معروفة، بدعم الأعمال العسكرية الإسرائيلية في غزة والمستوطنات بالضفة الغربية. ورأت المقررة الخاصة للأمم المتحدة بشأن حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيز أن "الربح" هو المحرك لاستمرار الحرب التي وصفتها بأنها "حملة إبادة جماعية". وجاء في تقرير ألبانيز أن الشركات المعنية -وبينها "لوكهيد مارتن"، و"ليوناردو"، "كاتربيلر"، و"إتش دي هيونداي"، إلى جانب عمالقة التكنولوجيا مثل "غوغل" (ألفابت)، و"أمازون"، و" مايكروسوفت"- ضالعة في تزويد إسرائيل بالأسلحة والمعدات أو تسهيل أدوات الرقابة والمراقبة، مما يسهم في تدمير غزة وانتهاكات حقوق الإنسان فيها. وذكرت ألبانيز أن هذه الشركات "مرتبطة ماليا بنهج الفصل العنصري والعسكرة الإسرائيلي"، مشيرة إلى أن التقرير استند إلى أكثر من 200 بلاغ واردة من دول، ومدافعين عن حقوق الإنسان، وشركات وأكاديميين. ودعت ألبانيز الشركات إلى وقف التعامل مع إسرائيل، وطالبت بمساءلة مديريها العامين أمام العدالة الدولية بتهم انتهاك القانون الدولي الإنساني. وكتبت في تقريرها "في الوقت الذي تُزهَق الأرواح في غزة وتتعرض الضفة الغربية لعدوان متصاعد، يكشف هذا التقرير عن السبب وراء استمرار الإبادة الجماعية الإسرائيلية، لأنها مربحة لكثيرين". من جهة أخرى، رفضت إسرائيل والولايات المتحدة التقرير، وقالتا إنه تلويث للحقائق وإساءة لاختصاص المقررة الأممية، في حين ادعت بعثة إسرائيل في جنيف أن التقرير لا يستند إلى أسس قانونية، وطلبت البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة من الأمين العام أن يندد بتقرير ألبانيز ويدعو لإقالتها. وسيُرفَع التقرير لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، علما أن هذا المجلس -الذي انسحبت منه إسرائيل والولايات المتحدة بتهمة "التحيّز ضد إسرائيل"- لا يملك صلاحيات إلزامية، لكنه يسهم في دعم تحركات المحاسبة الدولية. وحسب وزارة الصحة في غزة، أدت الحرب الإسرائيلية إلى مقتل أكثر من 56 ألف فلسطيني وتدمير واسع للقطاع منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

أهداف ترامب من قرار رفع العقوبات عن سوريا
أهداف ترامب من قرار رفع العقوبات عن سوريا

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

أهداف ترامب من قرار رفع العقوبات عن سوريا

"هي خطوة تدعم أهداف الأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية"، بهذه العبارة وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراره التنفيذي الذي وقعه في اليوم الأخير من يونيو/ حزيران 2025، وقضى برفع العقوبات عن سوريا، مع الإشادة بحكومتها الجديدة، والتأكيد على دعم واشنطن لسوريا موحدة ومستقرة وتعيش في سلام مع نفسها وجيرانها. يأتي القرار التنفيذي ليجسد الإعلان الذي أطلقه الرئيس الأميركي من العاصمة السعودية الرياض منتصف مايو/ أيار الماضي، حيث التقى حينها بالرئيس السوري أحمد الشرع، في مشهد يرسم إستراتيجية الولايات المتحدة الأميركية الجديدة حول سوريا التي تنتقل من المعسكر الشرقي، كما كانت فترة حكم حزب البعث، إلى المعسكر الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة وترسم حدوده الجديدة شرق البحر المتوسط. واشنطن تدعم مصالح حلفائها لم يعد من مصلحة واشنطن أن تبقى سوريا فضاء حيويًا لروسيا وإيران المتحالفتين ضد المصالح الغربية، والمتحالفتين مع الصين المنافسة الأبرز للولايات المتحدة على تفرد الأخيرة باحتكار قطبية أحادية تقود بها العالم. إيران تحديدًا استخدمت الساحة السورية لتهديد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في منطقة الشرق الأوسط، هؤلاء الحلفاء الذين كان لهم الدور الأكبر في إقناع الولايات المتحدة الأميركية بأن تكمل دعمها للتغيير الجذري والكبير الذي حصل في سوريا، بدعم استقرار المشهد الجديد اقتصاديًا وسياسيًا، بتسريع عملية رفع العقوبات، والانفتاح السياسي على الرئيس الشرع وحكومته. دون رفع العقوبات ستبقى احتمالية عودة الفوضى قائمة، الأمر الذي يعيد التهديد المباشر على حلفاء ترامب وأصدقائه. من هنا جاء الإعلان الأول للرئيس الأميركي حول رفع العقوبات من الرياض واجتماع وزيرَي الخارجية الأميركي والسوري للتنسيق في أنقرة، الأمر الذي يعكس وبوضوح دور العاصمتين وموقعهما في رسم معالم الشرق الأوسط الجديد. دوافع الإدارة الأميركية وسياساتها الخارجية تبنى ترامب وجزء كبير من إدارته في فترة رئاسته الأولى ثم الثانية مبدأ الواقعية القومية "America First" والتي لا تعنى بتصدير الديمقراطية والمبادئ وإرغام الدول على التزامها، وتركز بدلًا من ذلك على عقد الصفقات التي تعود بالمزيد من المكاسب على أميركا وحلفائها، وتأتي هذه النظرية لتنهي النسخة الراديكالية من مبدأ الفوضى الخلاقة "Creative Chaos" الذي يفكك الأنظمة ويعيد بناء المنطقة من خلال الاستثمار في الأزمات وإطالة أمدها. مبدأ الإدارة الأميركية الجديد يظهر جليًا في موقف واشنطن وخطواتها تجاه التغيير الذي حصل في سوريا، حيث دعمت مساعي الحكم الجديد لإنهاء النزاع وإحلال الاستقرار، ثم تابعت برفع العقوبات استجابة لمصالح شركائها في المنطقة. أعلنها الرئيس الأميركي أكثر من مرة، إنه يستجيب لرفع العقوبات عن سوريا بشكل سريع بناء على جهود وساطة إقليمية، مع صراحته بالتأكيد على أثر ذلك في دعم المصالح الأميركية في المنطقة إلى جانب دعم مصالح حلفاء واشنطن وأصدقائها على حساب منافسيها. الاقتصاد والاستقرار تدرك الولايات المتحدة أن تحريك عجلة الاقتصاد في سوريا من خلال رفع العقوبات هو الطريق الأقرب للتنمية والاستقرار، ليس في سوريا؛ وإنما في المنطقة التي سيتصل فيها النشاط الاقتصادي والازدهار في شبه الجزيرة العربية مع تركيا، وهو لا يمكن إلا باستقرار سوريا وإدماجها في هذا الفضاء الاقتصادي والتنموي الحيوي الحليف للولايات المتحدة الأميركية، والداعم لمصالح واشنطن في المنطقة. "إعادة إدماج سوريا في الاقتصاد الإقليمي"، هو العنوان الذي تتفق عليه تركيا والسعودية مع رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، وهو بوابة تحقيق الاستقرار الإقليمي لحلفاء الولايات المتحدة، وبالتالي للمصالح الأميركية التي تريد توسيع نطاقها الحيوي على حساب منافسيها في العالم. إن إنعاش الاقتصاد السوري هو جزء من عملية ضمان الاستقرار الأمني في المنطقة، فمع رفع العقوبات ستبدأ الاستثمارات بفتح أبواب الفرص أمام آلاف الشباب في سوريا، بعيدًا عن أتون الحرب التي جندتهم وكانت سببًا في استنزاف المنطقة، وستكون الفرص الاقتصادية والتنموية سببًا في إنهاء الفوضى وأدواتها، الأمر الذي ينهي أحلام إيران بالعودة إلى سوريا ولبنان. وفضلًا عما سيحققه إنعاش الاقتصاد من فرص الاستقرار؛ فإن الاقتصاد السوري وموارده الحيوية سيتكاملان بعد رفع العقوبات مع اقتصادات المنطقة، وستشكل سوريا امتدادًا لمختلف القطاعات الاقتصادية والاستثمارية والتنموية مع تركيا ودول الخليج شمالًا وجنوبًا. حوافز ليست بالمجان يأتي القرار التنفيذي اليوم بعد شهر ونصفٍ من الإعلان عن رفع العقوبات الأميركية عن سوريا ضمن عملية تحفيز تقوم بها واشنطن لإنجاح تجربة الانتقال السياسي في سوريا. كانت إدارة ترامب صريحة في تحديد الضوابط والشروط التي تريدها من الحكم الجديد في سوريا، وكان الرئيس الشرع يدرك دائمًا أن نجاح مشروعه في سوريا يحتاج إلى التفاعل الإيجابي مع الغرب بشكل عام، ومع الولايات المتحدة على وجه الخصوص. تتقاطع بعض الشروط الأميركية مع مشروع الرئيس الشرع وأهدافه، فلا خلاف مثلًا على مكافحة تنظيم الدولة وإنهاء وجوده في المنطقة، الأمر الذي يساعد الرئيس ترامب على تنفيذ وعوده بسحب القوات الأميركية من سوريا، ويساعده في تحقيق أهدافه في العراق وفي مقدمتها تفكيك الحشد الشعبي العراقي. بينما هناك بعض الشروط الأميركية التي يحتاج فيها الرئيس الشرع إلى المزيد من الوقت، أو أنه يحاول نقاشها مع الولايات المتحدة للوصول إلى تفاهمات حولها، فالموقف من إسرائيل معقد، وفيه الكثير من التفاصيل. ومع ذلك كله؛ فإن الموقف الأميركي من دعم الحكومة السورية واضح، بالانفتاح السياسي والاعتراف ورفع العقوبات، وهذا الدعم وإن كان مشروطًا إلا أنه يحفز الرئيس الشرع وفريقه ويساعده في تحقيق الشروط والضوابط الأميركية. في المقابل لا تخفي الإدارة الأميركية أنها تراقب من كثب، وأنها تختبر باستمرار أداء السلطة الخاضع للتقييم في كل خطوة تخطوها، وأن على السلطة في دمشق أن تعزز الحكم الشامل وتبتعد عن الإقصاء والتهميش، وأن تنهي التطرف وتحارب الجماعات المتطرفة، فضلًا عن إظهار موقف عملي وواضح من قضايا حساسة في مقدمتها موضوع المقاتلين الأجانب في سوريا. تقول الإدارة الأميركية ما قالته دول الاتحاد الأوروبي قبلها: إن رفع العقوبات خاضع للتقييم المستمر، والعقوبات التي ترفع من الممكن أن يعاد فرضها مجددًا. يعتقد أن رفع العقوبات بشكل سريع عن سوريا هو تحفيز وتشجيع ودعم، لكنه من جانب آخر يضع الكرة في ملعب السلطة السورية، فلسان حال الغرب الأوروبي والأميركي يقول: لقد أعطيت السلطة السورية الفرصة الكاملة لإنجاح عملية الانتقال السياسي في البلاد، ولا يمكنها أن تتذرع بأي عذر إذا ما أخفقت في أي خطوة تخطوها. وعليه فإن رفع العقوبات سيكون فرصة ومسؤولية، وسيفتح الأبواب ويفرض الاستحقاقات، ولن تكون الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون فقط هم الداعمون والمراقبون والمُسائِلون، بل إن الشركاء الإقليميين سيكون لهم دور في ذلك، وفي مقدمتهم تركيا والسعودية.

نيويورك تايمز: ما الذي تتوقعه واشنطن من حكومة الشرع في سوريا؟
نيويورك تايمز: ما الذي تتوقعه واشنطن من حكومة الشرع في سوريا؟

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

نيويورك تايمز: ما الذي تتوقعه واشنطن من حكومة الشرع في سوريا؟

قال تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفعت معظم العقوبات عن سوريا في بادرة حسن نية تجاه الحكومة الجديدة بقيادة أحمد الشرع ، ولكن هذا التقارب الدبلوماسي ليس مجانيا بل مشروطا بتوقعات أميركية محددة. وذكر التقرير أن القرار كان موضع ترحيب شعبي في سوريا، حيث يعيش أكثر من 90% من السكان تحت خط الفقر، إلا أن العقوبات التي رفعها ترامب لا تشمل الإجراءات كافة، لأن بعضها يحتاج إلى موافقة من الكونغرس. وفي ما يلي متطلبات واشنطن من سوريا وفق ما أورده كاتبا التقرير: مدير مكتب صحيفة نيويورك تايمز في بيروت بن هابرد، ومراسلة الصحيفة في الشرق الأوسط إيريكا سولومون. التطبيع مع إسرائيل وأكد التقرير أن الولايات المتحدة تتوقع من الحكومة السورية اتخاذ خطوات جدية نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، على أن يشمل ذلك مبدئيا السعي لتوقيع اتفاق يضمن وقف جميع الأعمال العدائية بين البلدين. وأضاف أن واشنطن تأمل أن تنضم سوريا في نهاية المطاف إلى " اتفاقيات أبراهام"، على غرار الإمارات والمغرب والبحرين والسودان. المقاتلون الأجانب وطالب الرئيس ترامب، وفق التقرير، بترحيل المقاتلين الأجانب الذين قدموا إلى سوريا منذ 2011، معبرا عن مخاوف من إمكانية تورطهم في التخطيط لهجمات إرهابية خارج البلاد، وهو ما أثار قلق المسؤولين الأميركيين. غير أن الشرع رفض الطلبات الأميركية الأولية بطرد المقاتلين أو فصلهم عن قواته، بل بدأ فعليا بدمجهم في جيشه الجديد، وتؤكد حكومته أن إعادتهم إلى بلدانهم أمر شبه مستحيل، إما بسبب رفض تلك الدول استقبالهم أو لخطر أن يتم إعدامهم هناك. كما حذرت الحكومة السورية الانتقالية، حسب التقرير، من أن عزل المقاتلين في سوريا قد يؤدي إلى انقسامات داخلية ويقوّض النظام الهش الجديد. وبعد أن طالب ترامب في البداية بخروج "جميع الإرهابيين الأجانب" من سوريا، تراجعت واشنطن لاحقا لتطلب فقط "الشفافية الكاملة" حول مواقعهم، وفق التقرير. وأوضح التقرير أن عددا كبيرا من هؤلاء المقاتلين سبق أن قاتل ضمن صفوف تنظيم القاعدة في سوريا، الذي أسّسه الشرع وقاده على مدى سنوات قبل أن يعلن انفصاله عنه في عام 2016، وبقي الآلاف منهم في صفوف جماعة الرئيس السوري أو في تشكيلات أخرى موالية له. إخراج الجماعات الفلسطينية المسلحة ويتوقع الأميركيون كذلك من سوريا أن تقطع علاقاتها مع الجماعات الفلسطينية المسلحة وخاصة حركة الجهاد الإسلامي ، وهو مطلب ترحب به إسرائيل وفق التقرير، وقد بدأت الحكومة السورية بالفعل باتخاذ خطوات أولية عبر اعتقال اثنين من كبار الحركة في أبريل/نيسان الماضي. وأضاف التقرير أن سوريا تواجه معضلة بشأن ترحيل القادة ومقاتلي الجماعات الفلسطينية إذ لا يوجد بلد مستعد لاستقبالهم، في حين يرفض لبنان ودول الجوار استضافتهم خشية التوترات أو الهجمات الإسرائيلية. كذلك تطالب الولايات المتحدة بتفكيك الشبكات التابعة ل إيران داخل أراضيها، وهذا ليس مطلبا صعبا على الشرع الذي يرى في إيران وحزب الله شريكين لنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد ، ولكن العملية قد تحتاج إلى مساعدة استخبارية أجنبية، وفق التقرير. تدمير الأسلحة الكيميائية وحسب التقرير، تعدّ إزالة برنامج الأسلحة الكيميائية السوري من أبرز أولويات الولايات المتحدة. وقال التقرير إن برنامج سوريا النووي بدأ في السبعينيات، ونجح العلماء السوريون في تطوير مخزونات من غازات السارين والكلور والخردل، استخدم بعضها ضد المدنيين خلال الحرب التي استمرت 13 عاما في عهد الأسد. وأدى ذلك إلى توقيع اتفاق في عام 2013 سمح بموجبه لـ منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التابعة للأمم المتحدة بإرسال مفتشين لإغلاق 27 موقعا مرتبطا بإنتاج هذه الأسلحة. وبحسب التقرير، فقد دعت الحكومة السورية الجديدة خبراء دوليين وأبدت تعاونا في تبادل المعلومات حول ما تبقى من المخزونات، ويقدر الخبراء وجود نحو 100 موقع مخفي، مما يجعل الوصول إليها وتدميرها تحديا كبيرا. منع عودة تنظيم الدولة الإسلامية ومن أولويات واشنطن أيضا منع عودة تنظيم الدولة الإسلامية. وتشترط الإدارة الأميركية أن تسيطر الحكومة السورية على معسكرات عناصر التنظيم وسجونه التي ما زالت تخضع ل قوات سوريا الديمقراطية ، وهي قوات كردية مدعومة أميركيا. ويأمل البيت الأبيض أن تتحمل الحكومة الجديدة مسؤولية إغلاق معسكرات احتجاز عائلات مقاتلي التنظيم، وتهيئة الأرضية لإعادة تأهيل قاطنيها أو ترحيلهم، رغم هشاشة البنية الأمنية السورية في هذه المناطق. وخلص التقرير إلى أن واشنطن لا تهتم كثيرا بكيفية حكم الشرع لسوريا داخليا، لكنها تركز على أن يكون هذا الحكم متوافقا مع المصالح الأميركية الإقليمية، وهو ما يشكل جوهر توقعاتها من تحسن العلاقة مع دمشق.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store