logo
التكوين المهني.. من احتواء الراسبين إلى الابتكار

التكوين المهني.. من احتواء الراسبين إلى الابتكار

الشروقمنذ 6 ساعات
لم يعد التكوين المهني في الجزائر مجرد هروب من الفشل في شهادتي التعليم المتوسط أو البكالوريا، أو مجرد ملء للفراغ بعد ترك
مقاعد
الدراسة، فالتحديات الاقتصادية والاجتماعية وما تفرضه مستجدات تكنولوجية، جعلت من هذا القطاع حقل للإبداع والابتكار خاصة لدى شباب يملكون الكثير من الأفكار، ويبحثون عن دعم وتشجيع لتجسيدها في مشاريع على ارض الواقع..
بفضل الخطوات الجدية التي اتخذتها الجزائر للنهوض بالتكوين المهني قصد تحقيق التوازن بين الاحتياجات الفعلية للسوق ومخرجات هذا التكوين، من خلال تحديث البرامج وتعديل المناهج وتوفير مناخ مناسب للابتكار، استطاع الكثير من المتربصين أن يحولوا أفكارهم إلى حلول مساعدة للاقتصاد الوطني والمجتمع الجزائري، في جميع الميادين والأنشطة، فمن الأدوات التربوية المبتكرة للتدريب المهني، إلى الأنظمة الروبوتية المخصصة لتلبية احتياجات قطاعات متخصصة، والحلول المبتكرة في مجال البيئة والتنمية المستدامة، وإلى غيرها من الحلول المتمثلة في أجهزة تعمل بالذكاء الاصطناعي أو بأدوات التحكم الاتوماتيكي، كلها مشاريع بحسب المختصين يمكن تطويرها مستقبلا لتجعل من التكوين المهني منارة مضيئة وبيئة تنمو فيها الأفكار وتتجسد بالابتكار.
ابتكارات تحافظ على الثروات الطبيعية وأخرى لحل مشاكل اجتماعية
وفي إطار إبراز قدرات ومهارات خريجي التكوين المهني، كان كل من وزير التكوين والتعليم المهنيين، ووزير اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة، قد أشرفا مؤرخا على فعاليات الحفل الختامي للمسابقة الوطنية الأولى للابتكار في قطاع التكوين المهني' innovet' بقصر الثقافة مفدي زكريا بالعاصمة، أين أبدع بعض المتربصين في طرح حلول مبتكرة يمكن أن تستفيد منها قطاعات مختلفة، وينتفع منها جزائريون بسطاء وذوو الاحتياجات الخاصة، ومدارس التعليم وحتى قطاع التكوين المهني.
حلول لمواجهة صعوبات التدريب المهني أولا
وقصد توفير الأدوات التربوية المبتكرة للتدريب المهني، فكر أيمن مويلحي، الطالب المتربص في المعهد الوطني المتخصص في التكوين المهني سيدي عبد الله الرحمانية تكنولوجيا التعليم، في حل مشكل صعوبة وصول المتكونين إلى الموارد التعليمية المنظمة، ومشكل نقص أدوات رقمية خاصة بالتكوين المهني، وغياب حلول متكاملة تجمع بين المتكونين والمكون والإدارة، بحيث اقترح منصة رقمية للتعلم عن بعد موجهة خصيصا لمتربصي التكوين المهني، تحتوي على ثلاث واجهات، متكون،مكون والنتائج والتقدم، وقال إن المشروع في مرحلة نموذج أولي وظيفي قابل للاستعمال، تتمثل قيمته في رفع جودة التكوين وتوفير بيئة رقمية منظمة ومساهمة في التحول الرقمي للقطاع، وهو مشروع، بحسبه، قابل للتعميم على المستوى الوطني، موجه للمعاهد ومراكز التكوين المهني عبر الوطن.
تطبيقات لحماية المؤسسات من الهجمات السيبيرانية
وأما الطالبتان سلمى بن عويدة وأسماء غربوج، من المعهد الوطني المتخصص في التكوين المهني العربي بن مهيدي ميلة، فاقترحتا فكرة مبتكرة لحل إشكالية تزايد الهجمات السيبرنية وتعقيداتها، وضعف بيئات الاختبار التقليدية وعدم استخدام الذكاء الاصطناعي في الكشف عن الهجمات، وغياب التدريب الواقعي للأفراد، وقلة التحليل الذكي لحركة البيانات داخل الشبكة، وتتمثل الفكرة في إنشاء بيئة ذكية لاختبار أدوات اختراق استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي 'كابي آل'. وهي أجهزة افتراضية تمثل المهاجم والضحية وخادم التحليل، وجهاز مراقبة، تحليل حركة البيانات ' باستخدام برامج مثل 'ZEEM وwireshark.
ويتضمن هذا التطبيق خوارزميات الذكاء الاصطناعي مثل 'svm.random. forest.knn'، على الحزم المصنفة، واختبار أدوات وتقنيات الاختراق، ويقوم بتصنيف الحزم الشبكية إلى حزم عادية أو حزم ضارة أو سلوكيات غير طبيعية، كما يحاكي سيناريوهات هجومية حقيقية مثل ' dos. App'.
وتتمثل أهمية منصة kp all، بحسب الطالبتين، في مساعدة المؤسسات الحكومية في اختبار امن البيئة التحتية الرقمية قبل تنفيذها، دعم الشركات الاقتصادية في تحسين جاهزية الأنظمة ويقلل من الخسائر المحتملة الناتجة عن الهجمات الالكترونية ويدعم اتخاذ القرار الأمني بناء على تحليلات ذكية وواقعية.
وتستهدف هذه الفكرة المبتكرة المؤسسات الحكومية، والشركات الاقتصادية وشركات الأمن السيبيراني والاستثمارات التقنية، بحيث تتصف بسعر منخفض مقارنة بالحلول الأجنبية، وهي قابلة للتخصيص حسب المؤسسة تعمل بدون اتصال دائم بالانترنت وتدمج الذكاء الاصطناعي بدون تعقيد.
وفي مجال الحلول التي تستفيد منها معاهد التكوين، اقترح نصر الدين بلال، تقني سامي في الإكترونيك صناعية معهد التخصص في التكوين المهني قاسم شريف 500، ماكينة ميني 'cnc '، لصنع الدوائر الالكترونية محليا وهي سريعة ودقيقة وسهلة الاستعمال حتى للمبتدئين وتخفض تكلفة الإنتاج بأكثر من 70 بالمائة، ويعتبر الابتكار قيمة مضافة ولها تأثير وتتمثل فوائد 'mini cnc pcb'، من الناحية الاقتصادية في تقليل التكاليف بنسبة 70 بالمائة مقارنة بطلب اللوحات من الخارج، ومن الناحية التعليمية التكنولوجية يمكن الطلبة والتقنيين من التعلم العملي وصناعة لوحاتهم بأنفسهم علاوة كونه يقلل من وقت الإنجاز من 7 أيام إلى أقل من ساعة.
وأكد نصر الدين بلال، أنه نموذجا أوليا شغال وقيد التجربة، ويسعى لتطوير نسخة قابلة للتسويق للمؤسسات والمعاهد، حيث قال إن ورشات الإلكترونيات والتعليم التقني تخسر المال كل شهر في طلب لوحات 'pcb'، من الخارج.
هدر المياه والاكتظاظ المروري.. حلول تأتي من مراكز التكوين
وقدم بعض المتربصين في الحفل النهائي لمسابقة الابتكار في التكوين المهني، بعض الابتكارات التكنولوجية بهدف ايجاد حلول لبعض الأزمات والمشاكل التي تواجه المواطن والمؤسسات، ففي التكنولوجيا التي تهدف إلى تحسين استخدام الموارد المائية، ابتكر الطالبان هيثم دحمري، وباكر البشير، من المعهد الوطني المتخصص في التكوين المهني حساني عبد الكريم، صمام مياه ذكين يتم التحكم فيه عن طريق قاطع.
ويرى هذان الطالبان، أنه في الكثير من المناطق يتم ري المزروعات بشكل عشوائي دون مراعاة مستوى الرطوبة أو توفر المياه، مما يؤدي إلى هدر المياه وتلف النباتات وهنا تكمن الحاجة إلى نظام ذكي يحسن هذه العملية ويوفر الجهد والماء، ويعتمد على 'arduino'، ويتكون من حساس رطوبة لتحديد حاجة التربة للماء وعوامتين مع وحدة للتحكم بمستوى المياه في الخزان.
ويعمل النظام بحسب الطالبين، تلقائيا لتشغيل المضخة فقط عند الحاجة، مما يوفر الموارد بشكل كبير وهو حاليا في مرحلة النموذج الأولي بحيث تم تنفيذ التجربة بمواد بسيطة، علمان أنه يقلل من هدر الماء بنسبة 50 بالمائة، ويستفيد منه أصحاب البيوت الريفية والحدائق المنزلية والمدارس المهتمة بالزراعة.
مشروع آخر للطالبين وسيم طبوش وعماد الدين قويدري، من مؤسسة التكوين المهني الشهيدة صليحة بن حمدين، شرشال، يتمثل في نظام التحكم في عملية فصل ووصل القابض بشكل أتوماتيكي 'تلقائي'، فانطلاقا من حل المشكلة المتعلقة بالسيارات ذات علبة السرعة اليدوية، والتي يضطر سائقيها إلى استعمال دواسة القابض مئات المرات يوميا خصوصا في الازدحام المروري، وهذا ما يسبب تعبا كبيرا وتآكل سريع للقابض وأخطاء متكررة عند المبتدئين في السياقة، وخاصة أن ذوي الاحتياجات الخاصة يجدون صعوبات في التحكم اليدوي أثناء القيادة، جاءت الفكرة من الحاجة ملحة لنظام أتوماتيكي.
واقترح الطالبان حلا يتمثل في تطوير نظام اتوماتيكي يتحكم في دواسة القابض دون الحاجة إلى تدخل السائق، ويعتمد هذا النظام على مجموعة من حساسات تقيس وضعية المحرك وسرعة السيارة ويرسل الأوامر إلى محرك كهربائي صغير يتحكم بدواسة القابض بدقة.
ويركب هذا النظام على سيارة يدوية دون الحاجة لتغيير علبة السرعات مما يجعله اقل تكلفة، حسب الطالبان، مقارنة بكثير من الأنظمة الموجودة في السيارات الحديثة وما يجعله فريدا هو مخصص للمبتدئين وذوي الاحتياجات الخاصة ويسهل القيادة اليومية خاصة في المدن.
الطاقات المتجددة.. الثروة التي تبحث عن حلول جيدة
وفي ما يخص فئة الأنظمة الروبوتية المخصصة لتلبية احتياجات قطاعات متخصصة، ابتكر عبد اللطيف بوساهل، من معهد التكوين المهني 500 قائم شريف سطيف، نظام تتبع ذكي للطاقة الشمسية، إذ قال إن الألواح الشمسية تكون أكثر كفاءة عندما تواجه الشمس مباشرة ولكن الألوان الثابتة لا تلتقط الضوء الأمثل إلا لفترة قصيرة كل يوم، بحيث تشير الدراسات، بحسبه، إلى أن أنظمة التتبع الشمسي يمكن أن تزيد من إنتاج الطاقة بنسبة 25 بالمائة إلى 40 بالمائة مقارنة بالأنظمة الثابتة، وخاصة في المناطق التي تكون فيها أشعة الشمس قليلة ويكون هذا الفرق بالغ الأهمية، خاصة مع توجه العالم إلى استخدام الطاقات المتجددة.
وأكد الطالب أن تحسين كفاءة الألواح الشمسية هو حاجة عالمية ملحة، خاصة في مناطق مثل البلدان النامية حيث كل واط واحد مهم، فمن خلال زيادة كفاءة الألواح الشمسية سيتيح إمكانية إنتاج المزيد من الطاقة الخضراء بموارد اقل مما يقلل التكاليف على المدى الطويل، يمكن الحصول على الكهرباء في المناطق الريفية، واعتبر ابتكاره، أيضا كأداة تعليمية تروج للطاقة المتجددة، ويفيد المدارس والمنازل والمزارع والقرى المعزولة في الجزائر.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

التكوين المهني.. من احتواء الراسبين إلى الابتكار
التكوين المهني.. من احتواء الراسبين إلى الابتكار

الشروق

timeمنذ 6 ساعات

  • الشروق

التكوين المهني.. من احتواء الراسبين إلى الابتكار

لم يعد التكوين المهني في الجزائر مجرد هروب من الفشل في شهادتي التعليم المتوسط أو البكالوريا، أو مجرد ملء للفراغ بعد ترك مقاعد الدراسة، فالتحديات الاقتصادية والاجتماعية وما تفرضه مستجدات تكنولوجية، جعلت من هذا القطاع حقل للإبداع والابتكار خاصة لدى شباب يملكون الكثير من الأفكار، ويبحثون عن دعم وتشجيع لتجسيدها في مشاريع على ارض الواقع.. بفضل الخطوات الجدية التي اتخذتها الجزائر للنهوض بالتكوين المهني قصد تحقيق التوازن بين الاحتياجات الفعلية للسوق ومخرجات هذا التكوين، من خلال تحديث البرامج وتعديل المناهج وتوفير مناخ مناسب للابتكار، استطاع الكثير من المتربصين أن يحولوا أفكارهم إلى حلول مساعدة للاقتصاد الوطني والمجتمع الجزائري، في جميع الميادين والأنشطة، فمن الأدوات التربوية المبتكرة للتدريب المهني، إلى الأنظمة الروبوتية المخصصة لتلبية احتياجات قطاعات متخصصة، والحلول المبتكرة في مجال البيئة والتنمية المستدامة، وإلى غيرها من الحلول المتمثلة في أجهزة تعمل بالذكاء الاصطناعي أو بأدوات التحكم الاتوماتيكي، كلها مشاريع بحسب المختصين يمكن تطويرها مستقبلا لتجعل من التكوين المهني منارة مضيئة وبيئة تنمو فيها الأفكار وتتجسد بالابتكار. ابتكارات تحافظ على الثروات الطبيعية وأخرى لحل مشاكل اجتماعية وفي إطار إبراز قدرات ومهارات خريجي التكوين المهني، كان كل من وزير التكوين والتعليم المهنيين، ووزير اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة، قد أشرفا مؤرخا على فعاليات الحفل الختامي للمسابقة الوطنية الأولى للابتكار في قطاع التكوين المهني' innovet' بقصر الثقافة مفدي زكريا بالعاصمة، أين أبدع بعض المتربصين في طرح حلول مبتكرة يمكن أن تستفيد منها قطاعات مختلفة، وينتفع منها جزائريون بسطاء وذوو الاحتياجات الخاصة، ومدارس التعليم وحتى قطاع التكوين المهني. حلول لمواجهة صعوبات التدريب المهني أولا وقصد توفير الأدوات التربوية المبتكرة للتدريب المهني، فكر أيمن مويلحي، الطالب المتربص في المعهد الوطني المتخصص في التكوين المهني سيدي عبد الله الرحمانية تكنولوجيا التعليم، في حل مشكل صعوبة وصول المتكونين إلى الموارد التعليمية المنظمة، ومشكل نقص أدوات رقمية خاصة بالتكوين المهني، وغياب حلول متكاملة تجمع بين المتكونين والمكون والإدارة، بحيث اقترح منصة رقمية للتعلم عن بعد موجهة خصيصا لمتربصي التكوين المهني، تحتوي على ثلاث واجهات، متكون،مكون والنتائج والتقدم، وقال إن المشروع في مرحلة نموذج أولي وظيفي قابل للاستعمال، تتمثل قيمته في رفع جودة التكوين وتوفير بيئة رقمية منظمة ومساهمة في التحول الرقمي للقطاع، وهو مشروع، بحسبه، قابل للتعميم على المستوى الوطني، موجه للمعاهد ومراكز التكوين المهني عبر الوطن. تطبيقات لحماية المؤسسات من الهجمات السيبيرانية وأما الطالبتان سلمى بن عويدة وأسماء غربوج، من المعهد الوطني المتخصص في التكوين المهني العربي بن مهيدي ميلة، فاقترحتا فكرة مبتكرة لحل إشكالية تزايد الهجمات السيبرنية وتعقيداتها، وضعف بيئات الاختبار التقليدية وعدم استخدام الذكاء الاصطناعي في الكشف عن الهجمات، وغياب التدريب الواقعي للأفراد، وقلة التحليل الذكي لحركة البيانات داخل الشبكة، وتتمثل الفكرة في إنشاء بيئة ذكية لاختبار أدوات اختراق استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي 'كابي آل'. وهي أجهزة افتراضية تمثل المهاجم والضحية وخادم التحليل، وجهاز مراقبة، تحليل حركة البيانات ' باستخدام برامج مثل 'ZEEM وwireshark. ويتضمن هذا التطبيق خوارزميات الذكاء الاصطناعي مثل ' على الحزم المصنفة، واختبار أدوات وتقنيات الاختراق، ويقوم بتصنيف الحزم الشبكية إلى حزم عادية أو حزم ضارة أو سلوكيات غير طبيعية، كما يحاكي سيناريوهات هجومية حقيقية مثل ' dos. App'. وتتمثل أهمية منصة kp all، بحسب الطالبتين، في مساعدة المؤسسات الحكومية في اختبار امن البيئة التحتية الرقمية قبل تنفيذها، دعم الشركات الاقتصادية في تحسين جاهزية الأنظمة ويقلل من الخسائر المحتملة الناتجة عن الهجمات الالكترونية ويدعم اتخاذ القرار الأمني بناء على تحليلات ذكية وواقعية. وتستهدف هذه الفكرة المبتكرة المؤسسات الحكومية، والشركات الاقتصادية وشركات الأمن السيبيراني والاستثمارات التقنية، بحيث تتصف بسعر منخفض مقارنة بالحلول الأجنبية، وهي قابلة للتخصيص حسب المؤسسة تعمل بدون اتصال دائم بالانترنت وتدمج الذكاء الاصطناعي بدون تعقيد. وفي مجال الحلول التي تستفيد منها معاهد التكوين، اقترح نصر الدين بلال، تقني سامي في الإكترونيك صناعية معهد التخصص في التكوين المهني قاسم شريف 500، ماكينة ميني 'cnc '، لصنع الدوائر الالكترونية محليا وهي سريعة ودقيقة وسهلة الاستعمال حتى للمبتدئين وتخفض تكلفة الإنتاج بأكثر من 70 بالمائة، ويعتبر الابتكار قيمة مضافة ولها تأثير وتتمثل فوائد 'mini cnc pcb'، من الناحية الاقتصادية في تقليل التكاليف بنسبة 70 بالمائة مقارنة بطلب اللوحات من الخارج، ومن الناحية التعليمية التكنولوجية يمكن الطلبة والتقنيين من التعلم العملي وصناعة لوحاتهم بأنفسهم علاوة كونه يقلل من وقت الإنجاز من 7 أيام إلى أقل من ساعة. وأكد نصر الدين بلال، أنه نموذجا أوليا شغال وقيد التجربة، ويسعى لتطوير نسخة قابلة للتسويق للمؤسسات والمعاهد، حيث قال إن ورشات الإلكترونيات والتعليم التقني تخسر المال كل شهر في طلب لوحات 'pcb'، من الخارج. هدر المياه والاكتظاظ المروري.. حلول تأتي من مراكز التكوين وقدم بعض المتربصين في الحفل النهائي لمسابقة الابتكار في التكوين المهني، بعض الابتكارات التكنولوجية بهدف ايجاد حلول لبعض الأزمات والمشاكل التي تواجه المواطن والمؤسسات، ففي التكنولوجيا التي تهدف إلى تحسين استخدام الموارد المائية، ابتكر الطالبان هيثم دحمري، وباكر البشير، من المعهد الوطني المتخصص في التكوين المهني حساني عبد الكريم، صمام مياه ذكين يتم التحكم فيه عن طريق قاطع. ويرى هذان الطالبان، أنه في الكثير من المناطق يتم ري المزروعات بشكل عشوائي دون مراعاة مستوى الرطوبة أو توفر المياه، مما يؤدي إلى هدر المياه وتلف النباتات وهنا تكمن الحاجة إلى نظام ذكي يحسن هذه العملية ويوفر الجهد والماء، ويعتمد على 'arduino'، ويتكون من حساس رطوبة لتحديد حاجة التربة للماء وعوامتين مع وحدة للتحكم بمستوى المياه في الخزان. ويعمل النظام بحسب الطالبين، تلقائيا لتشغيل المضخة فقط عند الحاجة، مما يوفر الموارد بشكل كبير وهو حاليا في مرحلة النموذج الأولي بحيث تم تنفيذ التجربة بمواد بسيطة، علمان أنه يقلل من هدر الماء بنسبة 50 بالمائة، ويستفيد منه أصحاب البيوت الريفية والحدائق المنزلية والمدارس المهتمة بالزراعة. مشروع آخر للطالبين وسيم طبوش وعماد الدين قويدري، من مؤسسة التكوين المهني الشهيدة صليحة بن حمدين، شرشال، يتمثل في نظام التحكم في عملية فصل ووصل القابض بشكل أتوماتيكي 'تلقائي'، فانطلاقا من حل المشكلة المتعلقة بالسيارات ذات علبة السرعة اليدوية، والتي يضطر سائقيها إلى استعمال دواسة القابض مئات المرات يوميا خصوصا في الازدحام المروري، وهذا ما يسبب تعبا كبيرا وتآكل سريع للقابض وأخطاء متكررة عند المبتدئين في السياقة، وخاصة أن ذوي الاحتياجات الخاصة يجدون صعوبات في التحكم اليدوي أثناء القيادة، جاءت الفكرة من الحاجة ملحة لنظام أتوماتيكي. واقترح الطالبان حلا يتمثل في تطوير نظام اتوماتيكي يتحكم في دواسة القابض دون الحاجة إلى تدخل السائق، ويعتمد هذا النظام على مجموعة من حساسات تقيس وضعية المحرك وسرعة السيارة ويرسل الأوامر إلى محرك كهربائي صغير يتحكم بدواسة القابض بدقة. ويركب هذا النظام على سيارة يدوية دون الحاجة لتغيير علبة السرعات مما يجعله اقل تكلفة، حسب الطالبان، مقارنة بكثير من الأنظمة الموجودة في السيارات الحديثة وما يجعله فريدا هو مخصص للمبتدئين وذوي الاحتياجات الخاصة ويسهل القيادة اليومية خاصة في المدن. الطاقات المتجددة.. الثروة التي تبحث عن حلول جيدة وفي ما يخص فئة الأنظمة الروبوتية المخصصة لتلبية احتياجات قطاعات متخصصة، ابتكر عبد اللطيف بوساهل، من معهد التكوين المهني 500 قائم شريف سطيف، نظام تتبع ذكي للطاقة الشمسية، إذ قال إن الألواح الشمسية تكون أكثر كفاءة عندما تواجه الشمس مباشرة ولكن الألوان الثابتة لا تلتقط الضوء الأمثل إلا لفترة قصيرة كل يوم، بحيث تشير الدراسات، بحسبه، إلى أن أنظمة التتبع الشمسي يمكن أن تزيد من إنتاج الطاقة بنسبة 25 بالمائة إلى 40 بالمائة مقارنة بالأنظمة الثابتة، وخاصة في المناطق التي تكون فيها أشعة الشمس قليلة ويكون هذا الفرق بالغ الأهمية، خاصة مع توجه العالم إلى استخدام الطاقات المتجددة. وأكد الطالب أن تحسين كفاءة الألواح الشمسية هو حاجة عالمية ملحة، خاصة في مناطق مثل البلدان النامية حيث كل واط واحد مهم، فمن خلال زيادة كفاءة الألواح الشمسية سيتيح إمكانية إنتاج المزيد من الطاقة الخضراء بموارد اقل مما يقلل التكاليف على المدى الطويل، يمكن الحصول على الكهرباء في المناطق الريفية، واعتبر ابتكاره، أيضا كأداة تعليمية تروج للطاقة المتجددة، ويفيد المدارس والمنازل والمزارع والقرى المعزولة في الجزائر.

الجزائر العاصمة: افتتاح الطبعة الخامسة لمعرض المرأة والأسرة المنتجة – المؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري
الجزائر العاصمة: افتتاح الطبعة الخامسة لمعرض المرأة والأسرة المنتجة – المؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري

التلفزيون الجزائري

time٢٢-٠٣-٢٠٢٥

  • التلفزيون الجزائري

الجزائر العاصمة: افتتاح الطبعة الخامسة لمعرض المرأة والأسرة المنتجة – المؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري

افتتحت اليوم السبت بقصر الثقافة 'مفدي زكريا' بالجزائر العاصمة, الطبعة الخامسة لمعرض المرأة والأسرة المنتجة, التي تجري فعالياتها تحت شعار: 'المرأة الجزائرية…ابتكار وانتصار'. وخلال إشرافها على افتتاح هذا المعرض الموجه للسلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر, بهدف التعريف بمنتوجات هذه الشريحة وإبراز انجازاتها في مختلف مجالات الحرف والصناعات التقليدية, أكدت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة, صورية مولوجي, أهمية مساهمة المرأة الجزائرية في بناء وانعاش الاقتصاد الوطني. كما أبرزت 'الحرص الدؤوب الذي تبديه المرأة الجزائرية أمام مختلف التحديات, حتى تكون بمستوى الرهانات التي تعمل على تحقيقها السلطات العليا برعاية رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, الذي أولى عنايته الخاصة لتمكين المرأة اقتصاديا وترقية إسهامها في التنمية الاجتماعية والاقتصادية, ايمانا منه بدورها الريادي'. وتعد هذه التظاهرة — مثلما أوضحته الوزيرة– 'فرصة لاكتشاف المبدعات في مختلف المجالات, لا سيما في الصناعات التقليدية والحرفية' و 'فضاء لتسويق منتجاتهن وتبادل التجارب', فضلا عن كونها 'سانحة تسمح للسلك الدبلوماسي المعتمد في بلادنا بالتعرف على المنتوج الوطني وإبداعات المرأة الجزائرية'. بدورها, نوهت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية, حورية مداحي, بمستوى الابتكار الذي بلغته المرأة الريفية, وهو ما ينعكس من خلال منتجاتها 'المتميزة والمعبرة عن التنوع الثقافي والحضاري الذي تزخر به الجزائر'. وبعد أن أشارت إلى أن هذا المعرض يعد 'فضاء للتعريف بإبداعات المرأة الريفية ومساهمتها في التنمية المحلية ', توقفت السيدة مداحي عند الجهود المتواصلة التي تبذلها الدولة في مرافقة المرأة وترقية مكانتها, وبوجه أخص المرأة الحرفية, من أجل تعزيز دورها في شتى المجالات. من جهتها, أكدت كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية, المكلفة بالشؤون الإفريقية, سلمة بختة منصوري أن هذا الموعد يبرز 'التزام الجزائر بدعم المرأة وتعزيز دورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية', لافتة الى أن 'المرأة الجزائرية أثبتت قدرتها على الاسهام الفعال في الحركية الاقتصادية المحلية والوطنية وحتى الدولية'. وأضافت تقول: 'ابداعات المرأة الجزائرية تجاوزت النطاق الوطني, حيث نسعى جاهدين للتعريف بمؤهلاتها وامكاناتها على الساحة الدولية', معتبرة تنظيم مثل هذه المعارض 'دليلا على هذا التوجه', الذي يتم تجسيده من خلال مختلف برامج التعاون الثنائي والشركات مع المنظمات الدولية. وتابعت مؤكدة على أن تمكين المرأة الجزائرية من ولوج الأسواق العالمية وترقية الصادرات أصبح 'هدفا استراتيجيا نسعى لتحقيقه جميعا, ايمانا منا بقدرتها على المنافسة و الابداع في مختلف المجالات', مضيفة أن هذه الأهداف تندرج 'في صلب الرؤية الاقتصادية المتكاملة لرئيس الجمهورية, والتي تولي أهمية خاصة لتعزيز الانتاج الوطني وتنويعه, مع التركيز على البعد الافريقي والدولي, بغية تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة وشاملة'. للإشارة, جرى الافتتاح أيضا بحضور وزير الثقافة والفنون, زهير بللو, إلى جانب عدد من ممثلي السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر.

ملفّات على طاولة قيس سعيّد
ملفّات على طاولة قيس سعيّد

إيطاليا تلغراف

time٢٧-٠٢-٢٠٢٥

  • إيطاليا تلغراف

ملفّات على طاولة قيس سعيّد

نشر في 27 فبراير 2025 الساعة 10 و 13 دقيقة إيطاليا تلغراف أنور الجمعاوي أستاذ وباحث جامعي تونسي بات قيس سعيّد، بحسب مراقبين، الرئيس الفعلي لتونس بعد حركة 25 يوليو (2021). وذلك في ظلّ نظام رئاسوي مطلق، ودستور جديد (2022)، منحه صلاحياتٍ واسعةً، في مقدّمتها السهر على السير العادي للسلطات العمومية وضمان استمرارية الدولة، وترؤس مجلس الأمن القومي، وإعلان الحرب والسلم، وتعيين رئيس الحكومة، وبقية أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها، وإنهاء مهامّهم، ورسم السياسات العامّة في البلاد، وتعيين القيادات العُليا المدنية والعسكرية، وختم القوانين الدستوريّة والأساسيّة والعاديّة. ويتمتّع رئيس الجمهورية بالحصانة طوال تولّيه الرئاسة، ولا يُسأَل عن الأعمال التي أدّاها في إطار أدائه مهامّه. وأدّت هذه الصلاحيات إلى مركزة القرار بيد رئيس الجمهورية، وتعظيم المسؤوليات المُلقاة عليه في إدارة البلاد. وقد تأكّد هذا التكليف مع تجديد العهدة لقيس سعيّد في انتخابات رئاسية غير تنافسية في 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2024. وبعد مرور ثلاث سنوات ويزيد على إطلاق مسار '25 يوليو'، ما انفكّت عدّة ملفّات مشكلية على طاولة رئيس الجمهورية، تنتظر معالجةً فوريةً وحلولاً مستدامةً. يُعدّ الملفّ الاقتصادي من أعقد الملفّات التي تواجهها منظومة قيس سعيّد، فقد ورثت البلاد اقتصاداً ريعياً هشّاً، أدمته السياسات التنموية المرتجلة ومطامع الأسر الحاكمة والعائلات المتنفّذة عقوداً منذ قيام دولة الاستقلال، وأرهقته بعد الثورة الاحتجاجات المطلبية وتداعيات أزمة كوفيد – 19، واندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. وقد استعاد قطاع السياحة عافيته بعد حركة 25 يوليو بسبب استقرار الوضع الأمني، وعاد إنتاج الفوسفات نسبياً إلى نسقه الطبيعي في ظلّ انحسار الموجات الاحتجاجية النقابية التي كانت عاليةً طيلة عشرية الانتقال الديمقراطي (2011ـ 2021). ومع أهمّية هذه المُستجدَّات، ما زال الاقتصاد التونسي يعاني ركوداً واضحاً. تراجع هامش الحرّيات العامة الذي أنتجته الثورة بعد أن اشتدّت وتيرة الاستقطاب الثنائي بين أنصار سعيّد وخصومه وتدلّ على ذلك مؤشّرات عدّة. فبحسب المعهد الوطني للإحصاء، بلغت نسبة التضخّم حتى حدود نوفمبر/ شباط الحالي 6.6%. ووصل الدّين العام إلى 71% من الناتج المحلّي الإجمالي. وسجّل حجم الاستثمار انخفاضاً قياسياً منذ 2011، إذ تدنّى من 26% من الناتج المحلّي الإجمالي في العام 2011 إلى 14% في العام 2023، في ظلّ كثرة التعقيدات الإدارية، وشعور بعض المستثمرين بعدم اليقين. فيما تُفيد إحصاءات رسمية بأنّ نسبة النمو الاقتصادي في تونس لم تتجاوز خلال الثلث الثالث من سنة 2024 حدود 1.8%. وتعاني البلاد نقصاً حادّاً في بعض الأدوية الحيوية الموجّهة لمعالجة أمراض مزمنة، ومن شحّ في بعض الموادّ الأساسية مثل الحليب والسكّر والزيت النباتي المدعّم والغاز. وقد أدّى ارتفاع نسبة التضخّم وقلّة عرض عدة مواد غذائية وطاقية إلى شيوع الاحتكار، وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، وهو ما أسهم في تدهور المقدرة الشرائية لمعظم المواطنين. وانعكس الركود الاقتصادي سالباً على الوضع الاجتماعي، فقد قدّر المعهد الوطني للإحصاء عدد العاطلين عن العمل في الثلث الثالث من سنة 2024 نحو 667.2 ألفاً، وبلغت نسبة البطالة 16%. فيما تصل إلى 40.5% في صفوف الشباب، و25% في صفوف خرّيجي الجامعات. وتعاني نسبة 16.6% من السكّان حالة الفقر، وتتسع دوائره في مناطق الظلّ، الطرفية والداخلية خصوصاً، ويعيش 26% من إجمالي 3.4 ملايين طفل في تونس تحت خطّ الفقر (حوالي 826 ألف طفل) و5.1 % في فقر مدقع، بحسب دراسةٍ أعدّتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف). وقد وعد قيس سعيّد بالتمكين المهني لأصحاب الشهادات العُليا، وإلغاء عقود المناولة والعمل الهشّ، ووعد بإطلاق عدّة مشاريع كُبرى لاستقطاب آلاف العاملين وتحسين الخدمات المُسداة إلى المواطنين. لكنّ جُلّ تلك المشاريع ظلّت معطّلةً بسبب قلّة التمويل والبيروقراطية الإدارية، وتراجع الاستثمار الخارجي في تونس. وقد سبق أن أفاد رئيس الحكومة، هشام المدوري، بأنّ عدد المشاريع الكُبرى، التي توقّف إنجازها، أو لم ينطلق بعد، رغم رصد تمويلات لها قدّر بـ 1126 مشروعاً. ووعد بأنّ فريقه الحكومي سيعكف على تحريك تلك المشاريع ومعالجة أسباب عطالتها. وتحتاج تونس لتحقيق انتقال اقتصادي ناجع إلى حلول إجرائية، من قبيل تحسين مناخ الأعمال، ورقمنة الإدارة، وتشجيع الاستثمارين، المحلي والأجنبي، وتقديم حوافز مالية وضريبية للشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة، وتسهيل حصول الباعثين الشبّان على قروض مجزية ومُيسَّرة، والمبادرة بإنشاء مشاريع حكومية جديدة، خصوصاً في المناطق الداخلية التي تعاني نقصَ التنمية. ومن المفيد العمل على تنويع المنتج الاقتصادي من خلال الاستثمار في قطاعات جديدة، مثل الذكاء الاصطناعي، وتقانة المعلومات، والاقتصاد الأخضر، والطاقات المتجدّدة، وتأهيل القوى العاملة عبر إحياء تجربة التعليم المهني، وتكثيف برامج التدريب الفنّي لتأهيل الشباب والعاملين في القطاع العمومي لمواكبة تطوّرات سوق العمل وحاجياته. ويُفترَض توسيع القاعدة الضريبية لتشمل القطاع غير الرسمي لتحسين موارد الدولة، ومن المهمّ النظر في إمكانية إعادة جدولة الديون الخارجية وإغراء الدائنين بتحويلها مشاريعَ استثمارية في الداخل التونسي. وتعدّ البيروقراطية من أسباب التخلّف الأساسية المشهودة في البلاد، وهي ظاهرة مشكلية حاضرة بشكلٍ لافت للنظر في المؤسّسات العمومية، فالإدارة الحكومية التي يُفترض أن تكون سبّاقة إلى تيسير نفاذ المواطن إلى المعلومة، وجادّة في توفير الوثائق التي يطلبها في وقت قياسي، ويفترض أن تكون حريصةً على تأمين الخدمات للناس في أسرع وقت ممكن، أصبحت في تونس بعد الثورة عنوان عطالة وتعطيل، وعائقاً من دون تحقيق التنمية الشاملة. وقد سبق لقيس سعيّد أن شدّد مراراً على ضرورة أن تكون الإدارة في خدمة المواطن، وأن يسعى كلّ مسؤول من جانبه إلى التفاعل مع مشاكل المواطنين، وأن يعمل على حلّها بشكل فوري بدل تجاهلها، وتأجيل التعامل معها إلى أجلٍ غير مسمّى، واختراع كثير من التعقيدات التي تحول دون قضاء المواطن حاجته. والواقع، أنّ الحصول على بعض الوثائق الإدارية من مؤسّسة عمومية ما أو الظفر بموعد في مستشفى عمومي قد يستغرق من المواطن أسابيع وأكثر. كما أنّ تنفيذ مطلب للربط المنزلي الفردي بشبكة الكهرباء أو الماء أو الغاز يقتضي الانتظار شهوراً، بل قد ينتظر المواطن عاماً (ويزيد) من دون أن يظفر بحقّه الدستوري والطبيعي في الحصول على عدّاد كهرباء أو ماء رغم استيفائه للشروط القانونية، وذلك من واقع تجربة شخصية، ما زال كاتب هذه السطور يعيش تعقيداتها. والغالب على سياسة تلك الهياكل العمومية التسويف، وخطاب 'ارجع غداً'، والتعلّل بأسباب واهية أو غير واقعية لتبرير عدم أداء الخدمة، ووضع لجان فرعية وأخرى متفرّعة منها، بدعوى معالجة مشاغل الناس من دون جدوى، ويتصرّف معظم هؤلاء المسؤولين من منطلق التعالي، والتملّص من المسؤولية، والتراخي في خدمة الناس، ويعتقد بعضهم أنّهم إذ يقومون بعملهم الخدمي، يفعلون ذلك تفضّلاً، ويوهمون المواطن بأنّهم يقدّمون له مزيّة. والحال أنهم يمارسون واجبهم المهني، الذي يتقاضون في مقابله أجوراً مجزيةً من خزينة الدولة. ويبدو أنّ إحساس هؤلاء بالأمان الوظيفي، وأنّهم في حلّ من الرقابة الدورية على أدائهم، وقناعتهم بأنّ الراتب الشهري الحكومي مضمون، وتحصّنهم بقانون المصالحة الإدارية والمرسوم 54 ضدّ أي نقد صادر من المواطنين، جعلهم يتمسّكون بعادات بيروقراطية قديمة، ولا يبذلون الجهد الكافي لخدمة الناس وتلبية مطالبهم الاستعجالية. تواجه تونس خلال ولاية سعيّد الثانية تحدّيات جمّة، تقتضي معالجتها تفعيل شعار الوحدة الوطنية لذلك يعتبر ملفّ الإصلاح الإداري من أبرز التحدّيات التي تواجه سعيّد خلال عهدته الثانية. فمن المهم عصرنة الإدارة وترسيخ ثقافة العمل، وتعزيز نظام التحفيز والرقابة على أداء الموظفين، حتى تتحقّق النهضة الشاملة، ويستعيد المواطن ثقته في المؤسّسات العمومية. في صعيد آخر، يبقى الملفّ الحقوقي (وكذا السياسي)، من بين القضايا التي تشغل الرأي العام في الداخل والخارج. فبعد حركة 25 يوليو، اشتدّت وتيرة الاستقطاب الثنائي بين أنصار الرئيس قيس سعيّد وخصومه، وتعالت نبرة الإقصاء والإقصاء المضاد، والصراع على الشرعية والمشروعية، وادّعى كلّ طرف امتلاك الحقيقة المطلقة، وتراجع بحسب مراقبين هامش الحرّيات العامّة والخاصّة التي أنتجته الثورة. وفي هذا السياق، أوضح التصنيف العالمي لحرّية الصحافة الصادر عن 'مراسلون بلا حدود' أخيراً بأنّ تونس تحتلّ المرتبة 118 عالمياً من بين 180 بلداً. فيما كانت في العام 2020 تحتل المرتبة 72 عالمياً وذكرت منظمة العفو الدولية أنّ 'عشرات بينهم معارضون سياسيون، ومحامون، وصحافيون، ومدافعون عن حقوق الإنسان، ونشطاء، رهن الاحتجاز التعسّفي أو الملاحقات القضائية أو كليهما، منذ نهاية 2022، على خلفية ممارسة حقوقهم في حرّية التعبير والتجمّع السلمي وتكوين الجمعيات'. ولا يخدم هذا الوضع الحقوقي ـ السياسي المأزوم الصالح العام. لذلك من المهمّ، بحسب ملاحظين، بلورة مشروع وئام ومصالحة بين المنظومة الحاكمة والمعارضة، ينبني على قواعد الاعتراف المتبادل، والنقد الذاتي، وإطلاق سراح المعتقلين على خلفية مواقفهم السياسية، وإطلاق حوار وطني شامل على نحو يبعث برسائل طمأنة للداخل والخارج. ختاماً، تواجه تونس خلال ولاية سعيّد الثانية تحدّيات جمّة، تقتضي معالجتها تفعيل شعار الوحدة الوطنية وتجاوز الخلافات البينية وإدارة الدولة بعقل توافقي، ينفتح على الفرقاء السياسيين، وعلى مكوّنات المجتمع المدني الوازنة من أجل بناء دولة الحقوق، والرفاه، والإدارة التفاعلية الناجعة. السابق ترامب يوقع موت 'الناتو' التالي ترامب' وجدل النّظام والفوضى الدّوليين

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store