
باحث إيراني: بعد حرب الـ12 يوما.. تصاعد نفوذ المتشددين في طهران وكوريا الشمالية تُطرح كنموذج للحماية النووية
في مقاله المنشور في موقع 'المبادرات من أجل الحوار الدولي'، الذي يرأسه الدبلوماسي المغربي جمال بن عمر، تحت عنوان 'حرب إسرائيل-إيران: ترسيخ النظام بدلا من تغييره'، يجادل أكبرزاده بأن النظام الإيراني خرج من هذه الأزمة أكثر توحدا وعدائية تجاه الغرب، وأن الخطاب المتشدد بات يمتلك اليد العليا في رسم السياسات الداخلية والخارجية للجمهورية الإسلامية.
الهجوم الإسرائيلي الذي بدأ في 12 يونيو، واستهدف منشآت نووية وعسكرية وقادة كبار في إيران، برره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوجود 'تهديد وجودي' مصدره سعي طهران إلى امتلاك السلاح النووي. ورغم أن واشنطن نأت بنفسها بداية عن الضربة، فإنها سرعان ما انضمت إليها، حيث أمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 23 يونيو بشن غارات على ثلاث منشآت نووية إيرانية، تلتها في غضون 24 ساعة ضربة إيرانية على قاعدة 'العديد' في قطر التابعة للقيادة المركزية الأميركية، بعد تنبيه مسبق لتقليل الخسائر البشرية.
هذا التسلسل الدرامي للأحداث، بحسب أكبرزاده، خلق ارتباكا في الموقف الأميركي، خصوصا وأن ترامب كان قد وعد في حملته الانتخابية بإخراج بلاده من حروب الشرق الأوسط. غير أن ما جرى أثبت العكس، بل ودفعه إلى مطالبة القيادة الإيرانية بالتنحي و'إعادة إيران عظيمة من جديد'، قبل أن يعلن وقفا لإطلاق النار مع إسرائيل. ويصف أكبرزاده هذه الهدنة بأنها 'فرصة لطهران لإنهاء الحرب دون قبول الاستسلام غير المشروط'، وهو ما سمح لها بالادعاء بالنصر الرمزي، دون الخضوع فعليا.
لكن النتيجة الأهم للحرب لم تكن على المستوى العسكري، بل في ما أسماه أكبرزاده 'ترسيخ موقف الحرس الثوري والمحافظين'، الذين طالما انتقدوا التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ورأوا في المفاوضات النووية 'سذاجة قاتلة'. البرلمان الإيراني سارع إلى تبني قانون يقضي بإنهاء التعاون مع الوكالة وطرد مفتشيها، ما يشير إلى تحول عميق في مقاربة إيران للملف النووي. هذا الانقلاب على مسار الدبلوماسية، وفق المقال، تغذيه رواية ترى في التقرير الأخير للوكالة الدولية ذريعة للهجوم الإسرائيلي، ما أفقدها أي مصداقية في نظر النظام.
وقال أكبرزاده إلى إن إدارة ترامب، التي كانت قد انسحبت من الاتفاق النووي لعام 2015 وفرضت حملة 'الضغط الأقصى'، تتحمل مسؤولية تدمير الثقة المتبادلة. فقد وصف الكاتب ترامب بأنه 'رئيس غير موثوق'، وأن 'تبدله في المطالب' أثناء محاولات استئناف المحادثات، من منع التسلح النووي إلى حظر تخصيب اليورانيوم كليا، أثار شكوك الإيرانيين، خصوصا حين دعم الضربة الإسرائيلية ثم أمر بتدخل مباشر. أما النتيجة، كما يراها المقال، هي أن طهران لن تكون راغبة في العودة إلى طاولة الحوار في المستقبل القريب.
الحرب التي امتدت لأثني عشر يوما، من 12 إلى 24 يونيو، صبت عمليا في مصلحة المتشددين، الذين باتوا يجاهرون بأن امتلاك السلاح النووي هو الردع الحقيقي الوحيد. ويُذكّر الكاتب بأن إيران لطالما استثمرت في 'عقيدة الدفاع المتقدم' من خلال دعم حلفاء مثل حزب الله وحماس والحوثيين والمليشيات الشيعية في العراق. لكن الهزائم المتلاحقة لهذه الجماعات، لا سيما بعد حرب غزة 2023 وسقوط نظام الأسد نهاية 2024 بيد تنظيم 'هيئة تحرير الشام'، جعلت طهران تعيد تقييم جدوى هذا النهج. وقد قال أكبرزاده بوضوح: 'الانهيارات السريعة التي تعرض لها محور المقاومة أفقدت إيران أدوات الردع غير النووية'.
في السياق ذاته، يشير المقال إلى أن النماذج الدولية أصبحت حاضرة بقوة في ذهن صناع القرار الإيرانيين، حيث يَحْذُون حذو كوريا الشمالية التي تحصنت نوويا ضد أي تدخل خارجي، مقابل النموذج الليبي الذي فكك برنامجه النووي ليواجه مصير النظام. ما يعزز هذه المقارنة هو قناعة الإيرانيين بأن 'الضغوط لا تؤدي إلى السلام بل إلى السقوط'، وهو منطق يستغلّه التيار المتشدد لحشد دعم داخلي واسع.
أما داخليا، فإن تداعيات الحرب لم تقتصر على السياسة الخارجية، بل تنذر بمزيد من التضييق على المجتمع المدني. يتوقع البروفيسور أكبرزاده أن 'تصاعد نفوذ المتشددين سيؤدي إلى قمع أكبر للحريات'. ويعيد إلى الأذهان القمع الدموي لاحتجاجات 2022-2023 التي رفعت شعار 'المرأة، الحياة، الحرية'، والذي جسّد أزمة الشرعية المتفاقمة في الجمهورية الإسلامية. ورغم أن النظام أخمد المظاهرات، إلا أن 'الهوة بينه وبين الشعب لا تزال قائمة'، بحسب المقال. النظام، الذي يشعر بأنه محاصر من الداخل والخارج، يميل إلى 'شيطنة' النشطاء المدنيين واتهامهم بالعمالة للغرب، في تبرير جديد للقمع المستمر.
ومن بين أكثر ما يكشف موقف النظام من الداخل الإيراني، الاقتباس اللافت لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، الذي دعا الإيرانيين إلى 'تحرير أنفسهم من نير النظام الإسلامي'، وهو ما رد عليه النظام بمزيد من التجنيد لفكرة 'المقاومة ضد الاستكبار العالمي'. ويرى أكبرزاده أن الحرب، وإن أشعلت الرغبة لدى واشنطن وتل أبيب في التغيير، فقد كانت 'هدية غير مقصودة' للنظام الإيراني، الذي أعاد صياغة خطابه الداخلي والخارجي حول فكرة التحدي والثبات، وهي رواية تكتسب زخما شعبويا في أوقات الأزمات.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بلبريس
منذ 40 دقائق
- بلبريس
زلزال سياسي بأمريكا...إيلون ماسك يعلن تأسيس "حزب أميركا"
أعلن الملياردير إيلون ماسك في خطوة مفاجئة قد تعيد رسم خريطة التحالفات السياسية في واشنطن، عن تأسيس كيان سياسي جديد أطلق عليه اسم "حزب أميركا". وأكد ماسك عبر منصة إكس التي يملكها أنه يستجيب لرغبة متابعيه قائلا "بنسبة اثنين إلى واحد تريدون حزبا سياسيا جديدا وستحصلون عليه. اليوم تأسس حزب أميركا ليعيد لكم حريتكم". يأتي هذا الإعلان المزلزل ليتوج خلافا حادا ومتصاعدا بين ماسك والرئيس دونالد ترامب، بعد أن كان الملياردير أحد أكبر ممولي حملته الرئاسية وأبرز مستشاريه. أشعل الخلاف توقيع ترامب على مشروع قانون لخفض الضرائب، وهو المشروع الذي عارضه ماسك بشدة، ليعلن نهاية تحالف وثيق وبداية مواجهة مفتوحة. تصاعد التوتر بين الرجلين بشكل دراماتيكي خلال الشهر الماضي، ووصل ذروته بتهديد ترامب بقطع مليارات الدولارات من الإعانات الحكومية التي تحصل عليها شركات ماسك. ورد الملياردير بتهديد مضاد، متوعدا بإنفاق أمواله لإزاحة كل مشرع دعم مشروع القانون، ما أثار قلقا عميقا في أوساط الحزب الجمهوري الذي يخشى أن يضر هذا الصدام بأغلبيته في انتخابات الكونغرس النصفية المقبلة. يحمل ماسك تجربة مريرة من العمل داخل إدارة ترامب التي انضم إليها بخطط طموحة لخفض الميزانية الفدرالية بتريليوني دولار، لكنه غادرها في مايو الماضي بخيبة أمل بعدما اصطدم بالواقع ولم يتمكن سوى من تحقيق خفض ضئيل لا يتجاوز نصف بالمئة. وتسببت خططه لإلغاء آلاف الوظائف الفدرالية وقطع المساعدات الخارجية في حالة من الفوضى والاضطراب بالهيئات الحكومية، وأثارت احتجاجات واسعة امتدت حتى مراكز بيع سيارات تسلا في أميركا وأوروبا.


المغرب اليوم
منذ 2 ساعات
- المغرب اليوم
تصريحات ترامب تضعه في مرمى الانتقادات بعد استخدامه تعبيراً معاديا للسامية خلال تجمع انتخابي في ولاية آيوا
تعرّض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لانتقادات من قبل مجموعات يهودية بعد استخدامه مصطلحاً مرتبطاً بمعاداة السامية خلال تجمع انتخابي.ووصف ترامب بعض المصرفيين بكلمة "شايلوك"، خلال تجمع انتخابي في ولاية آيوا. لكنه قال لاحقاً إنه لم يُدرك أن ذلك التعبير يُعتبر مسيئاً وشايلوك هو اسم لشخصية مُقرض أموال يهودي قاس في مسرحية "تاجر البندقية" لشكسبير. وقالت رابطة مكافحة التشهير، وهي مرصد يهودي لمحاربة التمييز، إن استخدام الرئيس لهذه الإهانة "مقلق للغاية".وكان الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن، قد استخدم كلمة "شايلوك" عندما كان نائباً للرئيس، ثم أقرّ لاحقاً بأنها غير لائقة. وفي تجمعٍ حاشدٍ يوم الخميس الماضي في دي موين، بولاية آيوا، احتفل ترامب بإقرار مشروعه لقانون الميزانية في الكونغرس هذا الأسبوع. وقال: "فكّروا في هذا: لا ضريبة على الموتى. لا ضريبة على الميراث. لا حاجة للذهاب إلى البنوك والاقتراض من مصرفيٍّ بارع في بعض الحالات، ومن أمثال شايلوك وأشخاصٍ سيئين، في حالات أخرى". ولدى عودة الرئيس على متن الطائرة الرئاسية إلى واشنطن العاصمة بعد انتهاء التجمع، سأله الصحفيون عن استخدامه لهذا المصطلح، فأجاب بأنه لم يكن يعلم أنه يُعتبر معادياً للسامية. وقال ترامب: "لا، لم أسمع بذلك من قبل بهذه الطريقة. بالنسبة لي، شايلوك هو شخص يُقرض المال بأسعار فائدة مرتفعة. أنتَ تنظر إليه بطريقة مختلفة عني. ولم أسمع بذلك من قبل". ووصف عضو الكونغرس دانيال غولدمان، وهو ديمقراطي من نيويورك، تصريحات ترامب بأنها "معاداة سامية صارخة ودنيئة، وترامب يُدرك تماماً ما يفعله". وقالت رابطة مكافحة التشهير في منشور على منصة إكس: "يستحضر مصطلح "شايلوك" صورةً معاديةً للسامية راسخةً منذ قرون عن اليهود، وهو أمر مُسيء وخطير للغاية". وأضافت: "استخدام الرئيس ترامب لهذا المصطلح مقلق للغاية وغير مسؤول". وقالت إيمي سبيتالنيك، رئيسة المجلس اليهودي للشؤون العامة، على منصة إكس، إن هذا التصريح "خطير للغاية". وأضافت: "يُعتبر شايلوك من أبرز الصور النمطية المعادية للسامية. هذه ليست صدفة، إذ يأتي ذلك بعد سنوات من تطبيع ترامب للشعارات المعادية للسامية ونظريات المؤامرة". وسبق وأن رفض حلفاء ترامب أي تلميح إلى معاداته للسامية، مشيرين إلى دعمه الراسخ لإسرائيل، وإلى أن مستشاريه المقربين، بمن فيهم ستيفن ميلر وستيف ويتكوف، وصهره جاريد كوشنر، يهود. وأطلقت إدارة ترامب حملةً للقضاء على معاداة السامية في الجامعات، فحجبت التمويل الفيدرالي عن بعض المؤسسات، مثل هارفارد، واتخذت خطواتٍ لترحيل الناشطين المؤيدين للفلسطينيين المقيمين في الولايات المتحدة بتأشيرات طلابية. وفي عام 2014، استخدم نائب الرئيس الأمريكي آنذاك، جو بايدن، مصطلح "شايلوك" خلال مخاطبته مجموعةً قانونية. وقال في إشارةٍ إلى تجربة ابنه في الخدمة في العراق: "كان الناس يأتون إليه ويتحدثون عمّا يحدث لهم في وطنهم من حجز للعقارات، ومن القروض المتعثرة، هؤلاء الشبيهون بشايلوك الذين استغلوا هؤلاء النساء والرجال في الخارج". وفي أعقاب ضجة أثارتها تصريحاته آنذاك، قال بايدن: "كان اختياراً سيئاً للكلمات".


أكادير 24
منذ 2 ساعات
- أكادير 24
إيلون ماسك يفجّر مفاجأة سياسية: يؤسس 'America Party' لمواجهة ترامب
agadir24 – أكادير24 أعلن إيلون ماسك، رجل الأعمال الأميركي الشهير ومؤسس شركات تكنولوجية عملاقة، عن تأسيس حزب سياسي جديد يحمل اسم 'America Party'، وذلك في خطوة مفاجئة أعلن عنها عبر منصته X، بعد تصويت إلكتروني أيده فيه المتابعون بنسبة كبيرة مقارنة بالرافضين. وجاء هذا الإعلان ليعكس استياء ماسك من ما وصفه بـ'التبذير والفساد' داخل النظام السياسي الأميركي الحالي، خصوصًا بعد تمرير قانون ضخم للإنفاق وقّعه الرئيس السابق دونالد ترامب، بلغت قيمته 3.3 تريليون دولار، ويُعرف باسم 'Big Beautiful Bill'. وسرعان ما أثار الإعلان تفاعلات واسعة في الإعلام الدولي، حيث أوردت وكالة 'رويترز' الأميركية أن الحزب يهدف إلى 'إعادة الحرية إلى المواطن الأميركي'، بينما اعتبرت صحيفة 'ذا غارديان' البريطانية أن هذا الحزب الناشئ قد يلعب دورًا مفصليًا داخل الكونغرس الأميركي، من خلال استهداف مقاعد محددة يمكن أن تؤثر بشكل مباشر في مخرجات التشريعات. وأشارت إلى مخاوف متزايدة لدى الجمهوريين من تنامي تأثير ماسك السياسي، خصوصًا إذا ما قرر خوض الانتخابات التشريعية لسنة 2026. من جهتها، ذكرت صحيفة 'إل باييس' الإسبانية أن ماسك لم يُسجل الحزب رسميًا بعد، لكنه يسعى لمنحه شرعية جماهيرية عبر استطلاعات على منصة X. وأضافت أن ماسك هدّد بمواجهة نواب الحزب الجمهوري الذين دعموا قانون ترامب الأخير، في إشارة إلى تحرك سياسي غير تقليدي يُركز على الاقتصاد والضرائب. أما موقعي 'سي إن إن بالعربية' و'سكاي نيوز عربية' فقد أكدا أن هذا الإعلان جاء في سياق سياسي متوتر، بعد استفتاء جماهيري أجراه ماسك على منصته، وقد شدّد فيه على أن هدف الحزب هو إعادة الاعتبار لمفاهيم الحرية الفردية وكبح تغوّل السلطة المالية. وفي تقرير موسّع لمجلة 'بوليتيكو' الأميركية، تبيّن أن ماسك لم يقدّم بعد أوراق تسجيل الحزب إلى الهيئات الانتخابية، لكنه يُخطط لاستهداف عدد محدود من المقاعد في الكونغرس خلال انتخابات 2026، بهدف استخدامها كقوة ضغط تشريعية. ويُشير التوجه العام للحزب، حسب ما ورد في 'ويكيبيديا' باللغة الإنجليزية، إلى نزعة محافظة مالياً، تدعو إلى تقليص العجز الحكومي، وتحرير الاقتصاد، وتشجيع الهجرة الماهرة. واعتبر مراقبون أن الحزب قد يكتسب شرعية أكبر مع اقتراب انتخابات الرئاسة عام 2028، خاصة إذا استمر الاستياء الشعبي من الاستقطاب الحزبي الحاد في البلاد. ردّ ترامب لم يتأخر، إذ أطلق تصريحات تهديدية ضد شركات ماسك، ملوّحًا بإمكانية وقف الدعم الفيدرالي عنها، في ما اعتبره البعض محاولة لردع المشروع السياسي الجديد في مهدِه. وبالموازاة، صرّح ماسك أن الضغوط لن تثنيه عن المضي قدمًا، مؤكداً أن 'التغيير لا يأتي من داخل النظام، بل من كسره وإعادة بنائه'. وفي ظل هذا التصعيد السياسي غير المسبوق من طرف أحد أبرز الوجوه التكنولوجية في العالم، يبقى التساؤل مفتوحًا حول مدى قدرة ماسك على خوض غمار السياسة بنجاح، وسط نظام سياسي راسخ بثنائيته التقليدية.