
رباب.. الصوت الذي ضاع بين المنافي والظروف !
في زمن كانت فيه الساحة الغنائية الخليجية تعج بالأصوات الذكورية، لمع نجم رباب سريعاً، وتصدّرت بموهبتها الصافية طليعة المشهد.
صوتٌ أوقد الشجن في المقام، وتغلغل في الإحساس الشعبي بلا استئذان.
منذ ألبومها الأول (إجرح) 1980م، وحتى آخر قرار فني لها 2008م، كانت رباب تترك في كل عمل أثراً، وفي كل نغمة جرحاً ندياً.
لكن خلف هذا المجد الفني، كانت الحياة قد بنت لها سيرة من العذاب والاغتراب.
وُلدت في العراق، لكنها لم تعرفه وطناً. نشأت في الكويت، وهناك تفتّح صوتها، وتأهلت لأن تكون سفيرة الطرب الخليجي، لكن ظروف السياسة رسمت نهايتها بيد غريبة.
بعد الغزو العراقي للكويت 1990م، بدأت رحلة الشتات.
بين وجع الغربة ومرض القلب، كانت تغني. رفضت أن تستسلم.
قالت إن الكويت كانت بيتها، وإنها ستموت مرتين: مرة حين مُنعت من العودة، ومرة حين تغيب عن الدنيا.
وجدت الإمارات ملاذاً أخيراً في حياتها، وفتحت لها الأبواب لتقضي ما تبقى من عمرها في شقة.
رباب، لم تكن مجرد مطربة، كانت قصة. كانت رواية مكتوبة على هيئة صوت، كل أغنية منها كانت فصلاً من مراثيها الشخصية. (غيرت عنواني)، (آهات)، (لا تقدم عذر)، وغيرها.. أغانٍ تحوّلت إلى مرآة لحياتها.
اليوم بعد 15 سنة على موتها، ما زالت أغانيها تتسلل إلى الذاكرة، وتستذكر غيابها المؤلم. فهي لم تكن ضحية المرض فقط، بل كانت ضحية مصير خطّته الجغرافيا والظروف السياسية لا الفن فحسب.
رحلت رباب، ومثل كل العظماء الذين لم يحظوا بتكريم يليق بهم في الحياة، ماتت وحيدة، لكنها كانت وما زالت، إحدى أهم الأصوات التي مرّت على الخليج، صوتاً كان يغني بالدمع حتى رحل.
أخبار ذات صلة

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مجلة سيدتي
منذ 3 ساعات
- مجلة سيدتي
أفكار مبتكرة لتنسيق أثاث بلون الشوكولاتة في ديكور غرفة المعيشة
في عالم الديكور الداخلي، يُعدّ اللون أداةً فعّالة للتعبير عن المزاج والأناقة والشخصية في أي مساحة. في هذا الإطار، تبرز درجة بني الشوكولاتة كخيارٍ مثالي، ومتعدد الاستخدامات، يُثير مشاعر الدفء والرقيّ والدلال، فعندما تحل الدرجة اللونية البنية المذكورة على الأثاث، سواءً استُخدمت باعتدال لإضفاء لمسة من الأناقة أو بجرأة لإضفاء لمسة مميزة، فإنها تُحقق لمسة من الفخامة على أي غرفة منزلية، لا سيما غرفة المعيشة. 6 معلومات عن لون الشوكولاتة الشوكولاتة، درجة داكنة من اللون البني ، أغنى وأكثر حيويةً، مقارنة بالعديد من درجات اللون البني الأخرى. ففي مخطط الألوان السداسي، تكون الشوكولاتة أغمق من البني الفاتح أو الرملي، ولكنها أفتح من البني الحقيقي. وتشمل درجات البني القريبة من الشوكولاتة: البني الكستنائي والبني الجوزي. استُخدمت كلمة "شوكولاتة" لأول مرة كاسم لون في اللغة الإنجليزية عام 1734، على الرغم من أن الكلمة كانت تصف منتج الكاكاو منذ حوالي عام 1600. استُخدمت درجات اللون البني، مثل الشوكولاتة الداكنة، في الفن منذ عصور ما قبل التاريخ، وذلك في رسومات الكهوف التي يرجع تاريخها إلى 40 ألف عام قبل الميلاد. تُناسب الشوكولاتة أي بيئة منزلية، عند الرغبة في إضفاء الدفء والراحة والأمان عليها. ولكن، يجدر استخدام الدرجة البنية المذكورة بكميات قليلة، فالإفراط في استخدام الشوكولاتة قد يجعل مظهر الغرف باهتاً أو مملاً. تنسجم الشوكولاتة، مع درجات ألوان الخريف مثل البرتقالي المحروق والأحمر الداكن و الأخضر الغابي. كما أنها تتناسب بشكل رائع مع الكريمي. بالمقابل، يجب تجنب استخدام الشوكولاتة مع الأسود، فقد يُضفي ذلك طابعاً كئيباً. باختصار، الألوان التي تتناسب جيداً مع الشوكولاتة تشمل: البرتقالي المحروق والأحمر المائل إلى البني الداكن والبرتقالي المحمر والفلفل الحار والأخضر الغابي والكريمي. الموكا موس والشوكولاتة، كلاهما من درجات اللون البني، لكنّ الموكا موس أفتح وأكثر دفئاً وكريمية من الشوكولاتة، فالأخيرة بنية غامقة عميقة. الموكا موس، لون بانتون 2025، مستوحاة من لون حلوى موس الموكا التي تحتوي على القهوة والشوكولاتة. أناقة خالدة لبني الشوكولاتة تتكيف درجة لون الشوكولاتة مع مجموعة واسعة من أنماط التصميم سواءً استُخدمت في الديكورات الداخلية الانتقالية أو التقليدية أو المعاصرة، مما يجعلها مناسبة لأي مساحة داخلية تقريباً. فسواءً استُخدمت بصورة مهيمنة أو عن طريق تطعيم لوحة ألوان الديكور، في غرفة المعيشة، فهي تبثّ جوّاً ترحيبيّاً ومُشجّعاً على الاسترخاء والهدوء، مع وعد بتحقيق أناقة خالدة في المساحة، فعلى عكس الألوان الرائجة التي تتغير بتغير الفصول، صمد بني الشوكولاتة أمام اختبار الزمن، محتفظاً بجاذبيته الكلاسيكية وشعبيته الدائمة على مر السنين. وبالتالي، ُيتيح بني الشوكولاتة إمكانيات لا حصر لها للتنسيقات المتعددة، سواءً دمجت بألوان محايدة ناعمة لإطلالة رقيقة وبسيطة، أو بألوان الجواهر النابضة بالحياة لإطلالة جريئة وجريئة، أو بلمسات معدنية لإضفاء لمسة من التألق والرقي. ما الألوان المناسبة حول أريكة بنية داكنة بغرفة المعيشة؟ لأريكة بنية داكنة تتصدر غرفة المعيشة، وتجمع بين الأناقة والعملية، إليكِ مجموعة من أفكار الديكور تضفي عناصر الديكور المتمثلة في السجاد والستائر والبطانيات والوسائد المزخرفة لمسة جمالية؛ في هذا الإطار فكّري في شرائها منقوشة أو مطبوعة بتصاميم هندسية أو نقوش زهرية، فكلاهما خيار ممتاز لإبراز الأريكة البنية بدرجة الشوكولاتة، وإضفاء لمسة عصرية عليها. يمكن للمسات المعدنية مثل الذهبي أو النحاسي أن تضفي لمسة من التألق على ديكور غرفة المعيشة ، من خلال تنسيقها بشكل أنيق مع أريكة جلدية بنية بدرجة الشوكولاتة. احرصي على جعل اللمسات المذكورة تحل من خلال الأثاث أو العناصر الزخرفية. في هذا الإطار، تُعدّ طاولات القهوة أو الطاولات الجانبية خياراً رائعاً دائماً، إضافة إلى المرايا أو إطارات الصور أو المصابيح الأنيقة. لكن، استخدمي التشطيبات المعدنية باعتدال لتجنب إثقال الغرفة. اختاري بعناية قطع أثاث أخرى لتعزيز جمالية غرفة معيشتك ووظائفها، مع الموازنة بين الأريكة البنية الداكنة بدرجة الشوكولاتة. على سبيل المثال، تشيع طاولة القهوة ذات السطح الزجاجي لمسة من الخفة، بينما تُضفي طاولة رخامية لمسة من الأناقة. كما تجعل المزهريات الأرضية الكبيرة أو المرآة المميزة المساحة تبدو أكثر حيوية. أضيفي لمسات مميزة مثل السجاد الهندسي الجريء، ووحدات الإضاءة المنحوتة، والبطانيات متعددة الطبقات لخلق بيئة ديناميكية وجذابة بصرياً. حوّلي الجدار خلف أريكتك البنية الداكنة إلى معرض فني مذهل؛ واعرضي مزيجاً من الصور المؤطرة والأعمال الفنية والمرايا؛ لإضفاء لمسة شخصية وجاذبية بصرية. فهذا الأسلوب يجذب الانتباه إلى أريكتك ويجعلها قطعةً مركزيةً مميزة. ألوان الطلاء المناسبة مع بني الشوكولاتة طلاء كريمي للجدران: تعدّ درجة بني الشوكولاتة اللونية خياراً مُتعدد الاستخدامات لأثاث غرفة المعيشة أو غرفة الطعام، لكن من الضروري الحرص على اختيار طلاء الجدران؛ في هذا الإطار، فكّري في اللون الكريمي، الذي يضفي التباين مع بني الشوكولاتة لإشاعة شعور بالثراء والرقيّ، لا يتأثر بمرور الزمن. طلاء أزرق مائل إلى الأرجواني للجدران: للحصول على مظهر مميز، فكّري في طلاء أزرق أرجوانيّ أنيق للتباين. طلاء محايد اللون للجدران: يصحّ الالتزام بمجموعة من الألوان المحايدة مثل العاجي والرملي والبني الفاتح والتوفي والكاكاو. طلاء برتقالي للجدران: في حال كان الخروج عن المألوف يصف شخصيتك -وما ديكور المنزل إلا تعبير شخصي عن مالكته- استوحي من علامة هيرميس التجارية الشهيرة، واختاري طلاء برتقاليّاً للجدران، في الغرفة المؤثثة بأثاث بني شوكولاتة ما يضفي لمسةً من البهجة. واختاري لوناً برتقالياً أقرب ما يكون إلى البرتقالي الحقيقي؛ حتى اليوسفي يُضفي لمسةً رائعةً عند دمجه مع البني. أضيفي سجادةً عاجيةً أو قطع أثاث أخرى، ولمسات نحاسية لامعة، وستحصلين على تصميم رائع مستوحى من سبعينيات القرن الماضي، فالحنين محرك في عالم الديكور المنزلي. الأبيض غير مرغوب به لا يحبّذ اختيار طلاء أبيض صارخ للجدران، في الغرفة المؤثثة بأثاث بدرجة بني الشوكولاتة. وينسحب الأمر على أي درجةٍ من الأحمر، من الكرزي إلى الكستنائي؛ إذ هي تجعل الأثاث البني الداكن يبدو باهتاً. ورق الجدران للغرفة المستوحاة من الطبيعة والمؤثثة بأثاث بني، الملمس هو الأساس؛ لذا يمكن لورق الجدران المصنوع من قماش العشب أن يضفي لمسة ترابية رائعة، وكذلك السجاد المصنوع من الألياف الطبيعية مثل السيزال أو الجوت أو أعشاب البحر. كل سطح في غرفة معيشتك هو فرصة لتنويع ملمسك. فكّري في: وسائد زخرفية من قماش البوكليه، وطاولة قهوة ذات سطح حجري، وسجادة من الجلد، وأوانٍ فخارية كإكسسوارات.


مجلة سيدتي
منذ 3 ساعات
- مجلة سيدتي
رضوى الشربيني تكشف سر تراجع شيرين عبد الوهاب: كل اختياراتها غلط
وجهت الإعلامية رضوى الشربيني رسالة عتاب ونصيحة مؤثرة للفنانة شيرين عبد الوهاب ، بعد الجدل المثار حول فشلها في حفل ختام مهرجان موازين بالمغرب، مؤكدة أن سبب فشل شيرين هو أن كل اختياراتها خطأ، ونصحتها أن تحب نفسها أكثر. ووجهت رضوى الشربيني رسالة مباشرة إلى شيرين عبد الوهاب في حلقة خاصة من برنامج هي وبس، قائلة: الناس زعلانة منك أوي، وزعلانين عليكى أوي، أنتي أقوى من الموقف ده، حتى لو هو صعب، وأنتي اللي قلتي: أنا كتير، أنا ألف حاجة على بعضها في حاجة واحدة. أسباب فشل شيرين عبد الوهاب وتحدثت رضوى عما وصفته بـ الاختيارات "الغلط" في حياة شيرين عبد الوهاب، قائلة: اختيار غلط، شغل غلط، وناس بتشتغل معاها غلط، ده كفيل يهد كل اللي بنعمله. وأضافت: شيرين عبد الوهاب، الست اللي كنت بشوفها على المسرح كانت بتطلع الموضة.. ربنا مديكي حب الناس.. يلا بقى كفاية كده. يمكنكم قراءة... عفوية وبكاء وحنين للماضي.. لقطات من حفل شيرين عبد الوهاب في ختام مهرجان موازين وأكدت رضوى على أهمية حب الذات بالنسبة لأي امرأة، وخاصة فنانة بحجم شيرين، وقالت: لازم تحبي نفسك شوية.. ده انتي نص أغانيكي عن إزاي نحب نفسنا. يذكر أن حفل الفنانة شيرين عبدالوهاب في ختام مهرجان "موازين" بالمغرب أثار جدلًا واسعاً عبر منصات التواصل الاجتماعي، مما دفع طبيبها المعالج الدكتور نبيل عبد المقصود إلى توضيح الحقيقة من خلال منشور على صفحته الرسمية بـ "فيسبوك"، مؤكداً بأنها كانت في حالة صحية ممتازة عند مغادرتها إلى المغرب قبل الحفل بيومين، وكانت في غاية السعادة لمشاركتها في المهرجان. طبيب شيرين عبد الوهاب: تعرضت لأزمة صحية صباح يوم الحفل ونوه طبيب شيرين عبد الوهاب في منشوره، إلى أنها تعرضت لأزمة صحية مفاجئة في صباح يوم الحفل، تزامنت مع إصابتها بنزلة معوية، ما استدعى تدخل أطباء مغاربة نصحوها بالراحة والاعتذار عن الحفل، لكنها أصرت على الصعود إلى المسرح احتراماً لجمهورها. وأوضح نقلاً عن قائد فرقتها الموسيقية أنها أدت 23 أغنية مباشرة على مدى ساعتين وربع، وقدمت أداءً مميزاً رغم الإجهاد الشديد. واختتم الدكتور نبيل عبد المقصود منشوره، بتوجيه دعوة للجمهور لدعم شيرين ، مؤكدًا أنها "صوت مصر الذي يعشق جمهوره ويستحق المساندة". الدورة الـ 20 من مهرجان موازين يُشار إلى أنه انطلقت الدورة الـ 20 من مهرجان موازين – إيقاعات العالم، يوم 19 يونيو الماضي، واستمرت فعاليتها حتى يوم 28 من الشهر نفسه في مدينة الرباط بالمغرب، وسط مشاركة واسعة لنجوم الغناء من الوطن العربي. وقد أحيت حفل الافتتاح يوم الخميس الماضي الفنانة كارمن سليمان في حفل مميز شهد العديد من اللقطات، كان أبرزها ظهورها بالقفطان المغربي. ووسط أجواء مبهجة وحضور جماهيري كبير، أحيت النجمة شيرين عبد الوهاب الحفل الختامي، الذي تخلله العديد من اللقطات المميزة، منها ما كان مؤثراً، وأخرى أعادت روح الماضي الجميل. ومن بين اللقطات التي توقف أمامها جمهور الحفل، هي لحظة صعود شيرين عبد الوهاب على خشبة المسرح، فلم تمر سوى دقائق معدودة، لتدخل شيرين في حالة من التأثر الشديد؛ جعلتها لا تستطيع أن تتمالك دموعها، ولكن سرعان ما عادت مرة أخرى لتتبادل التحية مع محبيها، الذين ملأوا جنبات المسرح مبكراً، قبل بدء الحفل بساعات طويلة. وقبل أن تبدأ بالغناء، وجهت رسالة للجمهور، قالت من خلالها: "وحشتوني"، وقدمت أولى أغنياتها بالحفل؛ أغنية «حبيبي نساي»، كما قدمت أغنيتي «صبري قليل»، «مين اختار»، وباقة من أجمل أغانيها التي لاقت تفاعلاً كبيراً من الحضور. View this post on Instagram A post shared by mayaseenmag (@mayaseenmagofficial) لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا " إنستغرام سيدتي". وللاطلاع على فيديوغراف المشاهير زوروا " تيك توك سيدتي". ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر "تويتر" " سيدتي فن".


الرياض
منذ 12 ساعات
- الرياض
مساءات الرفقة في بودكاست «ذاكرة»
بودكاست «ذاكرة» ليس استرجاعاً للماضي من أجل الترف العاطفي، بل هو تمرين حقيقي على أن التذكّر فعل مقاومة للنسيان، وبحث دائم عن المعنى، وإيمان بأن الإنسان لا يُفهم خارج ذاكرته. إنه بودكاست لا يروي لنا التاريخ، بل يجعلنا نعيشه، ونفهمه، ونتصالح معه.. في وقت تعج فيه المنصات بأصوات تتشابه، وتميل نحو الإيقاع السريع والمضامين السطحية، قدّم "ذاكرة" صوتًا هادئًا، متأنيًا، ولكنه عميق الأثر، هو أشبه بجلسة تأمل جماعية في تفاصيل كادت تُنسى، أو لحظات لم تُدوَّن في كتب التاريخ، لكنها تسكن وجدان الناس الذين عاشوها. في زمن يركض فيه الناس إلى المستقبل، ويغرق فيه الإعلام بالمستجدّات اليومية، ظهر بودكاست "ذاكرة" كحالة صوتية مميزة، واستغراق عاطفي ليستدعي الماضي ويجعل منه مادةً حية على طاولة الحاضر فأعاد ترتيب العلاقة بين شجن المتلقي وذكرياته، واستحضر الزمن الغابر لا كمجرد تذكّر، بل كمشاركة وجدانية حية، تُعيد تشكيل الواقع وتفتح باب التأمل. "ذاكرة" بودكاست لافت في شكله الفني، ومثرٍ في أسلوبه الإنتاجي، ويتجلى كمشروع ثقافيّ محلي وطني إنسانيّ عميق يقف خلفه منتج وطاقم يملكان الخبرة والرصيد المعرفي والتواصلي ما يمكّنهم من تقديم محتوى تواصلي لينثال على تلامس الزمن، وتقديم التاريخ، لا كصفحات مجففة، بل كأحاديث حميمة تُقال على مائدة، أو تُروى تحت ظل شجرة، أو تُهمس في مساءات الرفقة. ولعل ما يميّز مقدّمي هذا البودكاست، ليس تمكنهم من المادة التي يتناولونها فقط، بل قدرتهم العفوية على أن يجعلوا الذاكرة صوتًا نابضًا، يعيش في رأس المتلقي وقلبه في آنٍ واحد. لا يتكلّفون في الحديث، ولا يغرقون في التقريرية، بل يقدّمون الحكاية كما لو كانت جارة عزيزة طرقت الباب على حين دفء، وجلست تروي ما كان وكأنّه يحدث الآن. في كل حلقة من "ذاكرة"، يبدو أن الصوت لا يخرج من أفواه المقدّمين فحسب، بل من أعماق الذاكرة المحلية الوطنية، التي كثيرًا ما صمتت، أو لم تجد من ينصت لها بهذا القدر من الاحترام والتذوق. فهم لا يعرضون التاريخ كأحداث باردة، بل يضعونه على طاولة الحاضر، يقرّبونه من اليوم، ويحرّكون به ذواكر المستمعين، فيدهشوننا بالتفاصيل، وكيف أن حدثًا مرّ قبل سنين مضت قد يُحرّك دمعة أو يوقظ ابتسامة. تناولت الحلقات موضوعاتٍ شتى من الطفولة في أحياء كانت ذات يوم تغلي بالحياة، إلى مواقف سياسية وثقافية صنعت وعي الأجيال، ومن شخصيات منسية أعطت بعمق ولم تُحتفَ بها، إلى لحظات تحوّل تركت أثرًا لا يُمحى. لم يكن موضوع الحلقة هو البطل، بل كان مجرد باب، وراءه حكايات لا تنتهي، تُحرّك الساكن، وتبعث في القلب أسئلة، وفي الذهن صورًا، وفي الذاكرة أصواتًا كانت غائبة فعادت. وتنوّعت أطروحاتها بين مواقف ومشاهد وصور متعدد كالعادات القديمة في المأكل والملبس والتزاور والاحتفال والفرح والحزن والتواصل، وتغيرات المدينة كالرياض في حراكها وأحداثها وشواهدها وشوارعها وناسها وأسلوب حياتها وقيمها وغير ذلك. وإن تنوعت فهي تتوحّد في رسالتها؛ التذكير بأن الزمن ليس جدارًا نعلّق عليه الصور، بل كائن حيّ نعيش فيه ويعيش فينا. من الحديث عن المدن في لحظاتها العتيقة، إلى سرد تفاصيل الحياة الاجتماعية، والسياسية، والثقافية، والرياضية وحتى العائلية، كان كل موضوع في "ذاكرة" يُقدَّم وكأنه مشهد نعرفه مسبقًا، نكاد نراه، ونشمّ رائحته، ونسمع أصواته القديمة تتردّد. في كل حلقة، وكأنك أمام مرآةٍ زمنية، لا تعكس وجهك، بل ملامح أجيال سبقتك، تركت لك الإرث والمكان، واللغة والصمت، والفرح والشجن، ثم مضت. ومما يلفت الانتباه في هذا البودكاست، هو الانسجام بين المقدّمين، والتناغم الذي يتجاوز توزيع الأدوار، إلى إظهار حالة من الحوار التفاعلي الصادق، الذي لا يعتمد على نصوص مكتوبة بقدر ما ينطلق من أعماق خبرتهم وتلقائيتهم وبراعتهم في الإنصات لبعضهم ولما بين السطور، وقد استطاع هذا الأسلوب أن يمنح "ذاكرة" طابعًا خاصًا، لا يشبه إلا نفسه. وما يجعل "ذاكرة" مختلفًا أيضًا هو أنه لا يخاطب عقل المتلقي فقط، بل يربت على ذاكرته، وينشط وجدانه، ويثير أسئلته الشخصية: أين كنت عندما حدث ذلك؟ كيف كنا نعيش؟ وما الذي تغيّر؟ ومع كل إجابة، لا نكتشف الماضي فحسب، بل نكتشف الحاضر بطريقة أوضح، وأصدق. ويمكن القول إن "ذاكرة" قد نجح عبر شخصيتين تمتلكان خبرة عريضة، وبصيرة مؤرخ لا تَحكمه الوقائع بقدر ما تستثيره التفاصيل الصغيرة، تلك التي غالبًا ما تتسلل من الكتب ولا تسكن إلا في العيون التي عايشت. شخصيتان بارزتان، باحثان مؤرخان جديران هما الأستاذ منصور الشويعر والأستاذ منصور العساف، اسمان يمتلكان من الخبرة والرصيد المعرفي والتواصلي ما يمكّنهما من إدارة الحوار مع الزمن نفسه، ومن تقديم التاريخ، لا كصفحات مجففة، بل كأحاديث حميمة تُقال على مائدة، أو تُروى تحت ظل شجرة، أو تُهمس في مساءات الرفقة. ويبقى القول: بودكاست "ذاكرة" ليس استرجاعاً للماضي من أجل الترف العاطفي، بل هو تمرين حقيقي على أن التذكّر فعل مقاومة للنسيان، وبحث دائم عن المعنى، وإيمان بأن الإنسان لا يُفهم خارج ذاكرته. إنه بودكاست لا يروي لنا التاريخ، بل يجعلنا نعيشه، ونفهمه، ونتصالح معه.. بودكاست يُعيد تشكيل وعينا، حلقة بعد أخرى، فشكراً للناقل والمنقول.