logo
كاسبرسكي تحذر من جيل جديد من برمجيات الفدية المدعومة بالذكاء الاصطناعي

كاسبرسكي تحذر من جيل جديد من برمجيات الفدية المدعومة بالذكاء الاصطناعي

البوابةمنذ 2 أيام
كشفت شركة كاسبرسكي، المتخصصة في الأمن السيبراني، عن تهديد متصاعد يجسده ظهور مجموعة FunkSec، وهي مجموعة إجرامية إلكترونية جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي في تنفيذ هجماتها. ووفقًا لتحليلات فريق البحث والتحليل العالمي (GReAT) بالشركة، فإن هذه المجموعة تمثل نقلة نوعية في مشهد برمجيات الفدية، حيث تجمع بين التشفير الكامل، واستخراج البيانات، وآليات التهرب المتقدمة، مع الاعتماد المكثف على الذكاء الاصطناعي التوليدي في تطوير الأدوات البرمجية.
وأكد خبراء كاسبرسكي أن مجموعة FunkSec بدأت نشاطها في أواخر عام 2024، وسرعان ما توسعت لتستهدف قطاعات حكومية ومالية وتقنية وتعليمية، مستندة إلى بنية تقنية عالية التطور تُنفذ بها هجمات واسعة النطاق مع مطالبات فدية منخفضة نسبيًا لا تتجاوز غالبًا 10 آلاف دولار.
أدوات خبيثة بكفاءة عالية
ووفقًا للتقرير، فإن المجموعة تعتمد على ملف تنفيذي بلغة Rust، يدمج وظائف متقدمة منها تعطيل أكثر من 50 عملية على جهاز الضحية، والتشفير، وسرقة البيانات، ومسح الآثار الرقمية، دون الحاجة إلى أدوات مساعدة خارجية. كما يوفر الملف خاصية فريدة للتحكم في آلية التشغيل عبر "كلمة مرور"، بحيث تفعّل بعض الوظائف الخطرة مثل تسريب البيانات الحساسة فقط عند إدخال الكلمة الصحيحة.
الذكاء الاصطناعي في خدمة الجريمة
يرى فريق GReAT أن الكود البرمجي المستخدم يكشف عن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل مباشر، حيث لوحظت تعليقات برمجية تلقائية مثل "placeholder for actual check"، إلى جانب أخطاء تركيبية وتكرار في الوحدات البرمجية، ما يشير إلى توليد آلي للكود من خلال نماذج لغوية كبيرة (LLMs)، ما يجعل من FunkSec نموذجًا حقيقيًا لحقبة جديدة من الجرائم السيبرانية.
هجمات منخفضة التكلفة وعالية التكرار
بعكس مجموعات الفدية التقليدية التي تطلب ملايين الدولارات، تتبع FunkSec نموذجًا يعتمد على الكم، من خلال تنفيذ عدد كبير من الهجمات بمبالغ فدية منخفضة، وبيع البيانات المسروقة بأسعار زهيدة، مما يعزز من حضورها في الشبكة المظلمة ويوسّع من تأثيرها.
وبحسب التحليل، تمتلك FunkSec موقعًا على الشبكة المظلمة (DLS) يعرض أدوات إضافية، من بينها مولّد كلمات مرور بلغة بايثون، وأداة لهجمات حجب الخدمة الموزعة (DDoS)، مما يوضح أنها ليست مجرد جهة تنشط في مجال الفدية، بل تمثل منظومة متكاملة من الأدوات التخريبية.
تتمتع برمجية FunkSec بقدرات متقدمة على التهرب من آليات الرصد، حيث تستطيع إيقاف العمليات الأمنية النشطة على الأجهزة المستهدفة، وتنفيذ أوامر حتى في حالة عدم امتلاك صلاحيات كافية، ما يعقّد من مهمة التحليل الرقمي الجنائي بعد وقوع الهجوم.
توصيات لمواجهة التهديد
وللوقاية من هذه النوعية المتقدمة من الهجمات، أوصت كاسبرسكي المؤسسات باتباع مجموعة من الإجراءات الصارمة، شملت:
تفعيل أدوات الحماية من الفدية على جميع الأجهزة، مع استخدام أداة Kaspersky Anti-Ransomware Tool المجانية.
الحرص على تحديث البرمجيات بشكل دوري لمنع استغلال الثغرات الأمنية.
متابعة حركة البيانات الصادرة للكشف عن تسريب المعلومات واتصالات المهاجمين بالشبكة.
الاحتفاظ بنسخ احتياطية غير متصلة بالشبكة لتسهيل الاسترجاع في حالات الطوارئ.
تثبيت حلول متقدمة للكشف والاستجابة (EDR/XDR)، وتدريب فرق الأمن السيبراني على التهديدات الحديثة.
الاعتماد على معلومات التهديدات اللحظية لفهم التكتيكات الجديدة وتطوير منظومة الدفاع.
تصنيف التهديد
وقد صنّفت كاسبرسكي برمجية FunkSec تحت التهديد التالي: HEUR:Trojan-Ransom.Win64.Generic
وتؤكد الشركة أن هذا النوع من البرمجيات الخبيثة، المدعومة بالذكاء الاصطناعي، يمثل تحديًا متزايدًا للأمن السيبراني العالمي، إذ بات الذكاء الاصطناعي لا يُستخدم فقط للدفاع، بل أصبح أداة هجومية متطورة في أيدي المجرمين الإلكترونيين، ما يستدعي من المؤسسات رفع الجاهزية الدفاعية واستباق التهديدات بأدوات استشرافية واستباقية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تقرير يكشف تضاعف فضول الأطفال للذكاء الاصطناعي في 2025
تقرير يكشف تضاعف فضول الأطفال للذكاء الاصطناعي في 2025

البوابة

timeمنذ 8 ساعات

  • البوابة

تقرير يكشف تضاعف فضول الأطفال للذكاء الاصطناعي في 2025

كشفت شركة كاسبرسكي، المتخصصة في الأمن السيبراني، عن تقريرها السنوي حول اهتمامات الأطفال الرقمية خلال الفترة من مايو 2024 حتى أبريل 2025، مسلطة الضوء على التحولات المتسارعة في ميول الصغار عبر الإنترنت. أشار التقرير إلى تضاعف اهتمام الأطفال بأدوات الذكاء الاصطناعي، وعلى رأسها روبوتات المحادثة التفاعلية، والتي باتت تمثل عنصرًا أساسيًا في تجاربهم الرقمية. وبينما يحافظ تطبيق «يوتيوب» على صدارته كأكثر التطبيقات استخدامًا بين الأطفال عالميًا، يبرز تقدم «واتساب» إلى المركز الثاني متفوقًا على «تيك توك»، في مؤشر على تغيّر أنماط التواصل. وقد جاءت هذه النتائج بناءً على بيانات مجهولة الهوية جمعتها كاسبرسكي من مستخدمي تطبيق الرقابة الأبوية «Safe Kids». طفرة في اهتمام الأطفال بالذكاء الاصطناعي بحسب التقرير، شكلت عمليات البحث المرتبطة بروبوتات المحادثة الذكية أكثر من 7.5% من إجمالي استفسارات الأطفال عبر الإنترنت، مقارنة بنسبة 3.19% فقط خلال العام الماضي، ما يمثل ارتفاعًا بأكثر من الضعف. وتصدرت أسماء مثل ChatGPT وGemini و اهتمامات الأطفال، خاصة الأخير الذي يسمح بإنشاء روبوتات تفاعلية تحاكي شخصيات واقعية أو خيالية. وعلى الرغم من أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي لم تكن ضمن قائمة التطبيقات العشرين الأكثر استخدامًا في 2023-2024، فقد دخل القائمة هذا العام، ما يعكس تحولًا نوعيًا في طريقة استخدام الأطفال للتكنولوجيا. لكن في مقابل هذا الفضول المتزايد، تحذر كاسبرسكي من التحديات الأمنية المرتبطة بهذه التطبيقات، لا سيما تلك التي تعتمد على محتوى يقدمه المستخدمون دون رقابة كافية. فقد يتعرض الأطفال من خلالها لمعلومات غير دقيقة، أو لمحتوى عاطفي مكثف وغير مناسب لأعمارهم. تبدل في سلوكيات المنصات والتطبيقات تصدّر «يوتيوب» التطبيقات الأكثر استخدامًا في مصر بنسبة بلغت 27.49% من وقت الاستخدام على أجهزة أندرويد، يليه «واتساب» بنسبة 19.47%، ثم «تيك توك» بـ10.45%، بينما احتلت «روبلوكس» المركز الرابع بنسبة 6.30%. اللافت أن «واتساب» شهد صعودًا ملحوظًا في ترتيبه مقارنة بالعام الماضي، وهو ما قد يشير إلى تزايد استخدام الأطفال لتطبيقات التراسل في تبادل المحتوى، خاصة صور الميم الساخرة ومقاطع الفيديو القصيرة. الميمات الساخرة وألعاب جديدة تتصدر المشهد رغم محدودية البحث عن الميمات الساخرة هذا العام، إلا أن بعض العبارات مثل «tralalero tralala» و«tung tung tung sahur» حققت انتشارًا واسعًا، ضمن ما يُعرف بثقافة «عفن الدماغ» التي تمزج بين السخرية والفوضى الرقمية بطريقة سريالية. كما رصد التقرير تصاعدًا ملحوظًا في شعبية لعبة Sprunki- وهي لعبة متصفح تجمع بين الإيقاع والموسيقى والتفاعل البصري. وقد حازت على اهتمام واسع بين الأطفال بسبب تصميمها الكرتوني وطريقة لعبها السريعة، ما جعلها تنافس ألعابًا شهيرة مثل Roblox وBrawl Stars في نتائج البحث. الفيديوهات والألعاب.. الصدارة مستمرة استمرت الفيديوهات والألعاب في صدارة اهتمام الأطفال، حيث استحوذت مشاهدات الفيديو على نحو 18% من عمليات البحث، مع استمرار منصات البث مثل Netflix وDisney+ وTwitch في المحافظة على مكانتها، رغم التحديات الأمنية المرتبطة بها. أما الألعاب، فبجانب Roblox وMinecraft، شهدت منصة Poki- التي تقدم ألعابًا بسيطة مجانية مباشرة من المتصفح- صعودًا لافتًا في الترتيب، في تأكيد على تفضيل الأطفال للألعاب سريعة الإيقاع وسهلة الوصول. المعرفة الرقمية أساس التواصل الأسري قالت آنا لاركينا، خبيرة الأمن والخصوصية لدى كاسبرسكي: «إن اتجاهات هذا العام تظهر مدى سرعة تطور ثقافة الأطفال الرقمية، ففي حين ينشغلون اليوم بروبوتات محادثة ذكية، قد يجتمعون غدًا على نكتة تنتشر كالنار في الهشيم. لهذا السبب، يشكل تواصل الأهل مع أطفالهم بشأن اهتماماتهم الرقمية أداة جوهرية لتعزيز الثقة وتحقيق الاستخدام الآمن للتكنولوجيا». أوصت باتباع مجموعة من الخطوات العملية لحماية الأطفال في الفضاء الإلكتروني، أبرزها: فتح حوار مستمر مع الأبناء حول التهديدات الرقمية، وتحديد قواعد واضحة لاستخدام الإنترنت، استخدام أدوات الرقابة الأبوية لضبط المحتوى ومتابعة الأنشطة الرقمية. وحماية الأجهزة من البرامج الخبيثة باستخدام برمجيات أمنية موثوقة بالإضافة الي تعليم الأطفال مبادئ الأمن السيبراني من خلال موارد تعليمية مثل دليل «Cybersecurity Alphabet».

المدن الذكية في مصر.. حين يصبح الذكاء الاصطناعي حجر الأساس لحياة حضرية مستدامة
المدن الذكية في مصر.. حين يصبح الذكاء الاصطناعي حجر الأساس لحياة حضرية مستدامة

البوابة

timeمنذ 9 ساعات

  • البوابة

المدن الذكية في مصر.. حين يصبح الذكاء الاصطناعي حجر الأساس لحياة حضرية مستدامة

لم يعد مفهوم «المدينة الذكية» مجرد مشروع عمراني حديث، بل أصبح نموذجًا متكاملاً يعتمد على الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات كوسيلة لإدارة الحياة الحضرية بكفاءة واستدامة. في ظل التحول الرقمي العالمي، تظهر المدن الذكية كنموذج مستقبلي للحياة، حيث يُعاد تعريف العلاقة بين الإنسان والمكان من خلال التكنولوجيا. مدن لا تُقاس بالبنايات.. بل بالبيانات أكد الدكتور معتز حسونة، الرئيس التنفيذي لتكنولوجيا المعلومات والمدن الذكية بشركة «ميدار»، أن الذكاء الاصطناعي بات الركيزة الأساسية في تقييم مدى ذكاء المدن، وأوضح أن الحديث عن الجيل الرابع من المدن الذكية يتركز على رقمنة الخدمات، بينما الجيل الخامس يمثل قفزة نوعية نحو التكامل الشامل، بفضل توظيف الذكاء الاصطناعي في الإدارة الحضرية. وأضاف أن المدينة الذكية لا تعني فقط وجود إنترنت سريع أو مبانٍ ذكية، بل تُقاس بمدى قدرتها على تحليل البيانات الضخمة لاتخاذ قرارات فورية، بما يعزز رفاهية السكان ويحقق الكفاءة البيئية والاقتصادية. من جانبه، استعرض ياسر حلمي، نائب رئيس شركة «إي آند» لإنترنت الأشياء، خريطة التقدم العالمي في مجال المدن الذكية، مشيرًا إلى أن نحو 70% من أهداف المدن الذكية على مستوى العالم تسير في الاتجاه الصحيح. إلا أن تحقيق التحول الكامل يتطلب استثمارات تتجاوز 4.5 مليار دولار، تُخصص لتطوير تكنولوجيا البنية التحتية والأنظمة الرقمية. وأكد حلمي أن بناء مدينة ذكية حقيقية لا يتحقق من خلال جهود الحكومة وحدها، بل يقوم على تفاعل ثلاثي بين الحكومة، المواطن، والبيئة، لضمان التوازن بين الابتكار والمشاركة المجتمعية والاستدامة البيئية، مشيرًا إلى أن العاصمة الإدارية نموذج حي للمدن الذكية المدارة بالذكاء الاصطناعي. أوضح حلمي أن الذكاء الاصطناعي أصبح أداة مركزية في تسريع وتبسيط الإجراءات الحكومية، ففي دول مثل سنغافورة، ساهمت تقنيات الذكاء الاصطناعي في تقليص زمن المعاملات الحكومية مثل دفع الضرائب والفواتير، مقارنة بأنظمة أكثر بطئًا في أوروبا، وهو ما يُترجم إلى تحسين تجربة المواطن، وزيادة كفاءة أداء الدولة. الاقتصاد الرقمي والمدن الذكية.. علاقة تكاملية بدوره، شدد عمر مندور، مدير التسويق بشركة «اورنج مصر»، على أن الاقتصاد الرقمي لا ينفصل عن مشروع المدن الذكية. فهذه المدن تمثل بيئة ديناميكية تتفاعل فيها البيانات مع الموارد الطبيعية والأنظمة البيئية. وأكد على ضرورة بناء نموذج متكامل يربط بين الحساسات الذكية، والمواطن، والبنية التحتية لتوليد قرارات لحظية تحسّن من تجربة العيش الحضري. وأشار مندور إلى أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة الموارد الطبيعية المحدودة مثل المياه والطاقة، بطريقة تضمن تلبية احتياجات السكان دون الإخلال بالتوازن البيئي. فالمدينة الذكية ليست مجرد نظام تقني، بل نموذج حضاري متكامل يتفاعل مع تحديات البيئة والطاقة بذكاء ومرونة. في ختام المشهد، يؤكد الخبراء أن الذكاء الاصطناعي لا يجب أن يُنظر إليه كمجرد تكنولوجيا، بل كأداة لإعادة صياغة العلاقة بين الإنسان والمكان. فكلما زادت قدرة المدن على جمع البيانات وتحليلها، زادت قدرتها على التكيف مع الاحتياجات المتغيرة، وتقليص الفاقد، وتعزيز الاستدامة.

حين تفكر الآلة ويتشكل المستقبل.. مصر تضع الذكاء الاصطناعى فى قلب استراتيجيتها التنموية
حين تفكر الآلة ويتشكل المستقبل.. مصر تضع الذكاء الاصطناعى فى قلب استراتيجيتها التنموية

البوابة

timeمنذ 9 ساعات

  • البوابة

حين تفكر الآلة ويتشكل المستقبل.. مصر تضع الذكاء الاصطناعى فى قلب استراتيجيتها التنموية

قبل عقدين من الزمان، لم يكن مصطلح «الذكاء الاصطناعي» يتجاوز حدود الخيال العلمي أو يظهر إلا في مشاهد سينمائية تتخيل عوالم تسيطر عليها الروبوتات والآلات الناطقة، بل كان مجرد تصور أن تحاكي الخوارزميات عقل الإنسان أمرًا مثيرًا للسخرية أو الدهشة. لكن العالم تغيّر، وتحوّلت تلك التخيلات إلى وقائع ملموسة تلعب اليوم دورًا محوريًا في إدارة الاقتصادات، وصياغة السياسات، وتوجيه حركة الابتكار، بل والتحكم في مصائر الشعوب. لم يعد الذكاء الاصطناعي تكنولوجيا على الهامش، بل أصبح أداة مركزية لإعادة تشكيل قواعد اللعبة عالميًا، ووفقًا لتقارير مؤسسة «ماكينزي»، فإن هذه التكنولوجيا قادرة على أن تضيف ما يصل إلى 13 تريليون دولار للاقتصاد العالمي بحلول عام 2030، وهو رقم يوازي الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة. هذا التحول جعل من امتلاك أدوات الذكاء الاصطناعي قضية سيادة وطنية، ومقياسًا لمكانة الدول في النظام العالمي الجديد. في قلب استراتيجية مصر التنموية إدراكًا لهذه المعادلة، بدأت مصر منذ سنوات في صياغة رؤيتها الخاصة نحو المستقبل الرقمي، واضعة الذكاء الاصطناعي في قلب استراتيجيتها الوطنية للتحول الرقمي والتنمية المستدامة. وكان إطلاق الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي في مايو 2021 محطة فاصلة في هذا المسار، حيث استهدفت المرحلة الأولى منها بناء القدرات البشرية وتطوير البنية التحتية الرقمية، مع التركيز على قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم والزراعة. ومع انتقال الدولة إلى المرحلة التالية من هذه الاستراتيجية خلال الفترة من 2025 حتى 2030، تتسع الرؤية لتشمل توطين التكنولوجيا، وتحفيز البحث العلمي، وتطوير البيئة التشريعية، بما يتيح لمصر أن تتحول من مستهلك للتقنيات الذكية إلى منتج ومصدر لها. تبني أخلاقيات الذكاء الاصطناعي كأولوية سياسية وفي خطوة تعكس إدراكًا مبكرًا للتحديات الأخلاقية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي، أعلنت مصر في نوفمبر 2021، ضمن 193 دولة، تصديقها على الوثيقة العالمية لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي التي أصدرتها منظمة اليونسكو. هذه الوثيقة تمثل أول محاولة دولية لضبط مسارات هذه التكنولوجيا من منظور إنساني، وتدعو إلى احترام الخصوصية، ومكافحة التحيز، وضمان العدالة الرقمية. وقد تبنت مصر هذه الوثيقة كإطار مرجعي لصياغة سياساتها المحلية في هذا المجال. المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي العقل المنظم للمرحلة المقبلة لتنفيذ هذه الرؤية، أسست الدولة المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي، الذي يضم في عضويته وزارات متعددة وممثلين عن القطاع الخاص والمجتمع المدني. يضطلع هذا المجلس بتنسيق الجهود بين الجهات المعنية، وتوجيه الاستثمار في التقنيات الذكية، وقياس أثر السياسات على أرض الواقع، ليكون بمثابة العقل المركزي المنظم لمنظومة الذكاء الاصطناعي الوطنية. مصر على خريطة الذكاء الاصطناعي الدولية لم تتوقف مصر عند السياسات، بل سعت لترسيخ حضورها على الخريطة الدولية. فقد أعلن الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، خلال مشاركته في قمة باريس للذكاء الاصطناعي في فبراير 2025، أن مصر قطعت شوطًا مهمًا نحو التحول إلى مركز إقليمي في هذا المجال. وتم إنشاء مركز تميز للذكاء الاصطناعي بالعاصمة الإدارية، كما تم دمج مناهج الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات في أكثر من خمس عشرة جامعة، إلى جانب تدريب ما يزيد على 120 ألف شاب على المهارات الرقمية في غضون أربع سنوات، بالشراكة مع شركات عالمية مثل مايكروسوفت، هواوي، وIBM. كما شارك الوزير في فعالية إطلاق "مركز الذكاء الاصطناعي للتنمية المستدامة" الذي يأتي ضمن مبادرة الرئاسة الإيطالية لمجموعة الدول السبع «G7» لعام 2024، وذلك بمقر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي «UNDP» في العاصمة الإيطالية روما. ويأتي إطلاق المركز بشراكة وثيقة بين إيطاليا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، ويستهدف تسريع وتيرة التحول الرقمي في القارة الأفريقية وتسريع التنمية الصناعية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، تماشيًا مع استراتيجية الاتحاد الأفريقي. وقد تم اختيار 14 دولة أفريقية لبدء التعاون معها، من بينها مصر. تتمثل أهداف المركز في تحقيق زيادة كبيرة في إمكانية الوصول إلى الحوسبة لمبتكري الذكاء الاصطناعي في أفريقيا، وعلي رأسها مصر وتطوير بنية تحتية مستدامة في البلدان ذات الأولوية، بالإضافة إلى إنشاء شراكات بين المشاريع الأفريقية والشركات الإيطالية من مجموعة السبع، وتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي لمعالجة تحديات التنمية، فضلًا عن نمو تدفق الاستثمار إلى منظومة الذكاء الاصطناعي الأفريقية. الاستراتيجية المصرية تدخل طور التنفيذ العملي أكد الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن النسخة الثانية من الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي تتضمن عدة محاور، تستهدف بناء القدرات الرقمية، وحوكمة استخدام الذكاء الاصطناعي، وتشجيع الابتكار والبحث والتطوير، وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال. وأضاف أن هذه السياسات تجلت آثارها في تطبيقات عملية تبنتها عدد من الوزارات، أبرزها وزارة التموين التي بدأت استخدام أنظمة تحليل ذكي لبيانات الدعم لضمان عدالته، ووزارة الصحة التي اعتمدت على نماذج تنبؤية لرصد مؤشرات تفشي الأمراض المزمنة، ووزارة التعليم التي استخدمت أدوات تصحيح وتحليل أداء الطلاب بالذكاء الاصطناعي. أما منصة «مصر الرقمية»، التي تضم أكثر من 200 خدمة حكومية، فتمثل مثالًا حيًا على توظيف هذه التكنولوجيا في تحسين جودة الخدمات العامة، وتسريع وتيرتها، وتقليل الفاقد البشري والزمني. تحفيز بيئة ريادة الأعمال والشباب أشار الوزير إلى أنه على صعيد الابتكار، شهدت مصر طفرة لافتة في عدد الشركات الناشئة العاملة في الذكاء الاصطناعي، والتي ارتفعت من 14 شركة فقط في عام 2020 إلى أكثر من 90 شركة في عام 2024، تعمل غالبيتها في مجالات مثل الرؤية الحاسوبية، وتشخيص الأمراض، وتحليل النصوص، والأمن السيبراني. وتقدّر تقارير دولية حجم الاستثمار العام والخاص في هذا القطاع في مصر بأكثر من 1.5 مليار جنيه خلال عام 2023 فقط. وقد بدأت بعض المبادرات بالفعل في تهيئة بيئة الابتكار، حيث تم إطلاق حاضنات أعمال متخصصة مثل «فلك» و«فيوجن»، إلى جانب تنظيم مسابقات سنوية لأفضل تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتوفير تمويل ميسر للمشروعات الناشئة، فيما تتولى هيئة «إيتيدا» تنسيق الجهود بين الجامعات والشركات ودعم فرق البحث. تعزيز التعاون الإقليمي في الذكاء الاصطناعي إقليميًا، تسعى مصر إلى تعزيز التعاون العربي والأفريقي في هذا المجال، وقد أسهمت في تأسيس الشبكة العربية للذكاء الاصطناعي تحت مظلة جامعة الدول العربية، كما اقترحت إنشاء بوابة بيانات عربية موحدة، ووقّعت اتفاقيات تعاون مع عدد من الدول الشقيقة، من بينها الإمارات وتونس والسعودية، بهدف تبادل الخبرات وتوحيد الأطر التنظيمية. البيئة القانونية والمجتمعية شرط لنجاح الأستراتيجية يرى عدد من الخبراء أن نجاح التحول الرقمي لا يتوقف على التكنولوجيا فقط، بل يعتمد أيضًا على البيئة المجتمعية والقانونية، وأكد الدكتور محمد عزام، خبير تكنولوجيا المعلومات والمدير التنفيذي للشعبة العامة للاقتصاد الرقمي، أن المستقبل للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وأضاف أن الاستراتيجية الوطنية تمثل فرصة لتوظيف التقنيات في مواجهة التحديات المجتمعية، مع إطلاق المزيد من البرامج التدريبية، وتوفير بنية تحتية حوسبية للجهات الحكومية والخاصة والشركات الناشئة. وأوضح أن مصر من أوائل الدول التي أكدت على أهمية مسئولية الذكاء الاصطناعي، وضرورة وضع ضوابط حاكمة له، مشددًا على أهمية الاستخدام المسئول. الوعي المجتمعي ضرورة للتحول الحقيقي من جانبه، يرى الدكتور هاني سليمان، أستاذ نظم المعلومات بجامعة القاهرة، أن التحدي الأكبر يتمثل في قدرة المجتمع على تقبل هذا التغيير، ويدعو إلى إطلاق استراتيجية وطنية للتوعية المجتمعية، تشارك فيها وسائل الإعلام والمؤسسات الدينية والثقافية، لردم الفجوة بين المواطن العادي وهذه التكنولوجيا الصاعدة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store