logo
سجال تدمير البرنامج النووي: لماذا؟

سجال تدمير البرنامج النووي: لماذا؟

العربي الجديدمنذ 5 أيام
مع إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، في أعقاب الضربة الأميركية لثلاث منشآت نووية إيرانية، انطلق السجال بشأن حقيقة تدمير البرنامج النووي الإيراني، بحسب ما أعلن الرئيس الأميركي أكثر من مرّة، وجاراه في ذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
اندلع السجال بين الإدارة الأميركية ووكالاتها الأمنية قبل أن ينتقل إلى وسائل الإعلام، ففيما شكّكت إداراتٌ استخبارية بإعلان ترامب، عمدت وسائل إعلام إلى نفيه بشكل كامل، وهو ما دفع الرئيس الأميركي، في سابقة، إلى تكذيب استخباراته، والاستشهاد بالاستخبارات الإسرائيلية التي قال إن عملاءها زاروا المواقع المستهدفة في إيران، وخصوصاً منشأة فوردو، وتأكّدوا من تدميرها. كذلك لم يتوانَ ترامب عن مهاجمة عديدٍ من وسائل الإعلام بعباراتٍ أبعد ما تكون عن الدبلوماسية، ولم يستخدمها رئيسٌ من قبل.
في مقابل التشديديْن، الأميركي والإسرائيلي، على تدمير البرنامج النووي الإيراني، أو على الأقل إعادته سنواتٍ طويلة إلى الوراء، كان واضحاً حرص طهران على التأكيد أن برنامجها النووي لم يتضرّر، وأنها لا تزال تمتلك مئات الكيلوغرامات من اليورانيوم عالي التخصيب، وأنها مستمرّة في التخصيب، رغم الغارات الإسرائيلية والأميركية على عدة مفاعلات إيرانية.
خرجت تصريحات كثيرة من مسؤولين إيرانيين لتؤكّد أن "اللعبة لم تنته بعد"، على عكس ما يعلن الأميركيون والإسرائيليون، وأن البرنامج النووي الإيراني سيُستكمل وفق الخطط التي وضعتها طهران، وأن الاغتيالات الكثيرة للعلماء النوويين الإيرانيين خلال أيام الحرب لم تعطّل المشروع الإيراني.
معطياتٌ سياسية وعسكرية كثيرة وراء الموقفين الأميركي والإسرائيلي من جهة والإيراني من جهة أخرى، فالطرفان بداية لا يريدان الإقرار بأن هزيمة عسكرية أُلحقت بأي منهما، رغم الأضرار الكبيرة التي أحدثتها الضربات الإسرائيلية لإيران، وكذلك الدمار الكبير الذي أحدثته الصواريخ الإيرانية التي سقطت في المدن الإسرائيلية، والتي تعدّ غير مسبوقة في تاريخ الكيان في كل الحروب التي خاضها. ومن المفهوم تأكيد الطرفين "انتصارهما" في هذه الحرب التي لم يخرُج منها أحدٌ مهزوماً عسكرياً، غير أن الحسابات السياسية هي الأساس في المرحلة المقبلة، وفق تفسير كل طرفٍ المعطيات التي لديه.
المعطى الأميركي قائمٌ حالياً على تدمير البرنامج النووي الإيراني، وهو ما يعني سياسياً أن لا حاجة بعد اليوم لإعادة إطلاق المفاوضات مع الجمهورية الإسلامية، إذ في نظر الولايات المتحدة اليوم لا يوجد شيء للتفاوض حوله، فالبرنامج النووي لم يعد على طاولة البحث، والطريقة الوحيدة للتعامل مع إيران في المرحلة المقبلة ستكون عبر العقوبات. وهو السلاح الذي استخدمه ترامب خلال ولايته الأولى، وكاد أن يؤدّي إلى انهيار النظام بفعل تردّي الوضع الاقتصادي. ومن المتوقع أن يستأنف الرئيس الأميركي هذه الحرب الاقتصادية وفق اعتبارات "غير نووية". ولدى ترامب تهم كثيرة جاهزة ممكن أن يلجأ إليها لفرض عقوبات جديدة على إيران، أقلها البرنامج الصاروخي وتهديد دول الجوار وزعزعة الاستقرار في المنطقة.
ومؤكّد أن هذا ما تخشى منه إيران في الوقت الحالي، خصوصاً في ظل حكم الإصلاحيين. وعلى هذا الأساس، يتكرّر التأكيد أن البرنامج النووي لم يتأثر، وأن هناك حاجة للتفاوض حوله، من دون الخضوع التام للشروط الأميركية. وليس سراً أن طهران حريصة على الدخول في مسار رفع العقوبات الأميركية والدولية عنها، ومستعدة لتقديم بعض التنازلات التي لا تؤثر بشكل كامل في سيادتها، وخصوصاً في ما يتعلق بالوقف الكامل لتخصيب اليورانيوم، وهو الشرط الذي كان يضعه ترامب، قبل إعلانه تدمير البرنامج النووي.
من المرتقب أن يدخل الملف النووي الإيراني اليوم بحالةٍ من الجمود، بانتظار تأكيد التدمير أو نفيه، وعلى أساسه سيكون رد الفعل، فإما اندلاع حربٍ جديدة، كما توقع ترامب قبل يومين، وإما العودة إلى طاولة المفاوضات وفق شروط جديدة، وهو ما سيحدد من تألم أكثر في حرب الأيام الاثني عشر.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نتنياهو يرشح ترامب لجائزة نوبل للسلام، فهل يستحق ترامب بالفعل الجائزة؟
نتنياهو يرشح ترامب لجائزة نوبل للسلام، فهل يستحق ترامب بالفعل الجائزة؟

BBC عربية

timeمنذ 13 دقائق

  • BBC عربية

نتنياهو يرشح ترامب لجائزة نوبل للسلام، فهل يستحق ترامب بالفعل الجائزة؟

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن ترشيحه للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لجائزة نوبل للسلام لعام 2026، وذلك خلال لقاء جمعهما في البيت الأبيض. جاء هذا الترشيح تقديرًا لجهود ترامب في تحقيق السلام بعدة مناطق بحسب تصريحات نتنياهو، بينما يرى محللون أن طريق ترامب نحو الجائزة لا يزال مليئًا بالتحديات بسبب استمرار النزاعات الإقليمية وتصريحاته المثيرة للجدل حول ملفات حساسة مثل إيران والحرب في أوكرانيا وغزة. وبين مؤيد ومعارض لترشيح ترامب، فتح الجدل نقاشا واسعا حول معايير جائزة نوبل ودور السياسة في منح الجوائز العالمية يمكنكم مشاهدة الحلقات اليومية من البرنامج الساعة الثالثة بتوقيت غرينيتش، من الإثنين إلى الجمعة، وبإمكانكم أيضا الاطلاع على قصص ترندينغ بالضغط هنا.

ترامب مراسلا تبون في ذكرى استقلال الجزائر: حققنا إنجازات سويا ونأمل في مواصلة الازدهار
ترامب مراسلا تبون في ذكرى استقلال الجزائر: حققنا إنجازات سويا ونأمل في مواصلة الازدهار

القدس العربي

timeمنذ ساعة واحدة

  • القدس العربي

ترامب مراسلا تبون في ذكرى استقلال الجزائر: حققنا إنجازات سويا ونأمل في مواصلة الازدهار

الجزائر ـ 'القدس العربي': أكد رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، دونالد ترامب، تطلعه لتعزيز العلاقات مع الجزائر، وذلك في رسالة تهنئة بعث بها إلى نظيره الجزائري عبد المجيد تبون، بمناسبة الذكرى الثالثة والستين لعيد الاستقلال الوطني. وقال ترامب في رسالته التي نشرتها الرئاسة الجزائرية: 'أبلغكم تهانيّ الحارة بمناسبة الذكرى الثالثة والستين لليوم الوطني للاستقلال المصادف لـ 05 جويلية'. ولفت إلى أن تزامن احتفال البلدين بذكرى الاستقلال في اليوم ذاته، يمثل فرصة لاستحضار الشراكة المستدامة بين الأمتين. وأشار ترامب إلى أن الولايات المتحدة والجزائر حققتا معًا إنجازات هامة 'لصالح الاستقرار الإقليمي ومجهودات في مجال مكافحة الإرهاب وأخرى من أجل تأمين الحدود لفائدة أمننا المشترك وعلاقاتنا الاقتصادية'. وشدد على أن التعاون الحالي بين البلدين يمر بمرحلة حاسمة لخلق مستقبل 'أكثر ضمانًا وأكثر ازدهارًا للأمريكيين كما للجزائريين'. وفي ختام رسالته، جدد ترامب تطلعه بأن 'تواصل علاقتنا الازدهار وعلى وجه الخصوص في المجالات التجارية والمبادلات الثقافية، إذن نستطيع رسم معالم مستقبل أكثر إشعاعًا لبلدينا'. ولم تعترض علاقات الجزائر بالولايات المتحدة منذ إعادة انتخاب ترامب للرئاسة إشكالات خاصة خارج ملف الصحراء الغربية الذي يختلف فيه توجه البلدان، بل على عكس ذلك أبدى الطرفان رغبة أكبر في تعميق العلاقات الدبلوماسية والعسكرية بينهما، في وقت أعلنت كبرى شركات النفط الأمريكية اقتحامها السوق الجزائرية. وفي بداية العام الجاري، أبرمت الجزائر والولايات المتحدة مذكرة تفاهم في المجال العسكري بمناسبة زيارة قائد القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا 'أفريكوم'، الفريق أول مايكل لانغلي، والتي أكد المسؤول الأمريكي أنها 'تؤسس لجميع الأهداف الأمنية المشتركة التي تم بناؤها بين البلدين منذ سنوات'، حيث ستسمح –مثلما قال– ب 'تعميق أكبر لهذه العلاقة من أجل تعزيز الأمن والسلم الإقليمي والدولي'. وفي جانب آخر من العلاقات، أعلن في الجزائر عن توقيع كل من الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات 'النفط' وشركة 'شيفرون' الامريكية، على اتفاقية لإنجاز دراسة حول إمكانات موارد المحروقات في المناطق البحرية الجزائرية. وتهدف هذه الاتفاقية، التي تمتد لمدة 24 شهرا، وفق وزارة الطاقة الجزائرية، إلى إنجاز دراسة معمقة لتقييم إمكانيات الموارد النفطية في المنطقة البحرية الجزائرية، كما تمثل خطوة استراتيجية لتعزيز التعاون بين الجزائر وشركة 'شيفرون' في مجال الدراسات التقنية والجيولوجية، مما يمهد الطريق لمشاريع استكشاف وتطوير مستقبلية تهدف إلى تثمين موارد المحروقات الوطنية. والشركات التي تستهدف الجزائر استقطابها بالإضافة لشفرون هي أكسيدنتال واكسن موبيل وهي المؤسسات النفطية الأكبر في أمريكا. وفي بداية العام الماضي، دخلت وزارة الطاقة الجزائرية في محادثات مع شركة إكسون موبيل في مجال تطوير المحروقات، لاسيما في مجال المنبع البترولي والغازي. وخلال العهدة الأولى لترامب كانت العلاقات بين البلدين طبيعية، باستثناء الأيام الأخيرة من ولاية هذا الرئيس التي سعى فيها إلى فرض اتفاقيات أبراهام على الدول العربية من أجل التطبيع مع إسرائيل وهو ما عارضته الجزائر التي عبّرت على لسان رئيسها عن رفض منطق الهرولة للتطبيع على حساب القضية الفلسطينية. وتميزت تلك الفترة بتوتر بين البلدين، بعد قرار ترامب الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية مقابل اعتراف الرباط بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها. وتدافع الجزائر كما هو معروف على حق الصحراويين في تقرير مصيرهم وفق مقررات الأمم المتحدة وتبدي رفضها المطلق لخطة الحكم الذاتي المغربية. وبعد انتخاب ترامب لولاية ثانية، وجه له الرئيس تبون رسالة ذكّر فيها بعمق علاقات الصداقة التاريخية التي تجمع الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية، مشيدا بالديناميكية الإيجابية التي تشهدها الشراكة الثنائية في شتى المجالات، مُعربًا في نفس الوقت عزمه على العمل معكم من أجل ترقيتها إلى آفاق أرحب، بما يخدم مصالح البلدين المشتركة.

كبرياء الضعفاء
كبرياء الضعفاء

العربي الجديد

timeمنذ 3 ساعات

  • العربي الجديد

كبرياء الضعفاء

قبل أسبوعين، وجهت أوكرانيا ضربة عسكرية قاسية إلى روسيا، دمّرت فيها عشرات من الطائرات الحديثة وضربت قواعد عسكرية متقدّمة، يحوي بعضها رؤوساً نووية. وكانت المفاجأة والذهول البادي على المسؤولين الروس، بحجم وشدة الدمار والخسائر التي تكبّدتها المؤسسة العسكرية الروسية. ولا حاجة إلى ذكر الفارق الشاسع في القوة العسكرية بين أوكرانيا وروسيا لصالح الأخيرة. وما يستدعيه من تساؤلات متعددة حول أسباب ودواعٍ تمكّن كييف من توجيه تلك الضربة القاصمة إلى الآلة العسكرية الجبارة التي تملكها موسكو. لكن السؤال الجدير بالتوقف أمامه كثيراً يتعلق بمبرّرات التفاجؤ أو "الغفلة" الروسية أمام عملية "شبكة العنكبوت" حسب ما أطلقت عليها أوكرانيا، فالجانب المعلوماتي والاستخباري أحد أهم مصادر القوة العسكرية والقدرات الشاملة لأي دولة. ومهما قيل عن مساعدات غربية لكييف، لا شك في أن موسكو تعرّضت لضربة كبيرة تصل إلى حد الإهانة على المستوى العسكري العملياتي، خصوصاً بعد انحسار الدعم الأميركي لأوكرانيا واضطرار زيلينسكي إلى خوض مفاوضات مع موسكو بضغط هائل وعلني من دونالد ترامب. المثير للدهشة أن ضربة "شبكة العنكبوت" لم تكن الأولى من نوعها في المواجهات بين طرف ضعيف وآخر قوي بالمقاييس المادية للقوة، فقبل 20 شهراً، في 7 أكتوبر 2023، وجهت فصائل المقاومة الفلسطينية ضربة تاريخية لجيش الاحتلال الإسرائيلي. لا يزال يعاني من هولها الإسرائيليون جنوداً ومواطنين ومسؤولين، ولم يستفق منها بعد أي من فئات المجتمع أو مؤسسات الدولة اليهودية. فإن كان ثمة شكوك أو تفسيرات يمكن طرحها حول ضربة أوكرانيا لروسيا، لا تفسير منطقياً أو معيارياً يمكن إيجاده لصفعة "طوفان الأقصى" على وجه إسرائيل. ولم تكن تلك أيضاً الحالة الأولى من نوعها، فقد سبق للمصريين إنزال هزيمة عسكرية مباشرة ومحددة في حرب أكتوبر (1973). فرغم أنها كانت محدودة النطاق العملياتي ومحدّدة الأهداف الاستراتيجية، إلا أنها نزلت كالصاعقة فوق رؤوس الإسرائيليين، من غولدا مائير حتى أصغر طفل هناك. في تلك الحالات، وغيرها، يصعب تحديد أسباب واضحة يمكن قياسها إمبريقياً، وراء تلك الانتكاسات التي تتعرض لها دول قوية ذات إمكانات طاغية وسياسات متجبرة. وإن كان في الأمر شيء من الميتافيزيقا أو ما يفترضه المسلمون من دعم إلهي وحماس عقائدي، قياساً على وقائع تاريخية قديمة من زمن فات وانتهت معه المعجزات؛ فهو يظلّ محصوراً في نطاقيه، الزمني والموضوعي. بل يناقض الواقع المعاش حالياً هذه التفسيرات ويبطلها؛ فالأوكرانيون لم ينسبوا فضل "شبكة العنكبوت" إلى رعاية المسيح أو صدق إيمانهم به. وإلا لأُثير سؤال منطقي بشأن موقف تلك الرعاية وذلك الإيمان منذ بداية الحرب. وينطبق التساؤل نفسه على الفلسطينيين الذين تمتد محنتهم بضعة عقود؛ ولم تكفهم عقيدتهم شرور إسرائيل وجبروتها. المسألة كلها، أن الدول القوية والمستكبرة في العالم تمتهن كرامة الضعفاء وإنسانيتهم، وتمعن في سحق كبريائهم. وتصل من الغرور والعنجهية حد الاستسهال والإهمال في اتخاذ التدابير اللازمة لاستمرار فجوة التفوق والسيطرة. وفي المقابل، تصل الدول أو الشعوب المسحوقة المستضعفة، بمرور الوقت، إلى قناعةٍ باستحالة تحصيل الحقّ المسلوب سلمياً أو التوصل إلى تسوية عادلة بالحوار والتفاوض. وأياً ما كانت تكلفة المقاومة والرد بالقوة، لن تزيد عن ثمن الانصياع والخضوع، فتكون ردة الفعل الطبيعية رفض الانكسار وإنكار أبدية الهزيمة. إنها الرسالة التي تصل مباشرة إلى من يهمه الأمر، أن فقدان الأمل وانسداد السبل لا يعنيان إلغاء الحقوق أو مغالطة التاريخ، بل يفضي حتماً إلى انتفاض أصحاب الحق. وحسب المثل الشائع "ما زاد عن الحد ينقلب إلى الضد".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store