
يوليو: شهر أعياد الاستقلال والثورات
مع مطلع يوليو من كل عام، تُرفرف الرايات وتتعالى الأناشيد في ساحات العالم، إذ تحتفل أمم شتى بأعياد استقلالها وثوراتها الكبرى. في الأوّل من يوليو، تحتفل كندا بيومها الوطني، وفي الرابع منه، تشتعل سماء الولايات المتحدة بالألعاب النارية احتفاءً بإعلان الاستقلال عام 1776، ويأتي الـ14 من يوليو لتستعيد فيه فرنسا ذكرى اقتحام سجن الباستيل، تلك الشرارة التي أشعلت نار الثورة الفرنسية، أمّا في الـ23 من يوليو، فيستذكر المصريون ثورتهم التي أعلنت قيام الجمهورية عام 1952.
هذه التواريخ ليست محض مصادفات متفرقة، بل إنها تكشف عن علاقة وثيقة بين شهر يوليو وروح الثورة والتغيير، فما الذي يجعل هذا الشهر بالتحديد مسرحاً متكرراً للانتفاضات والتحولات الكبرى؟
من منظور علم الاجتماع، يُعَدّ الصيف موسم الفراغ النسبي في المجتمعات الزراعية، حيث يخف ضغط العمل الشاق قبل موسم الحصاد. ومع الحداثة، بات الصيف عطلةً طويلةً للطلاب والشباب، الفئة الأكثر حيوية واستعداداً للانخراط في الحركات الجماهيرية، هذا الفراغ يُفسح المجال للاحتجاج والتنظيم، ويحوّل الميادين إلى مسارح مفتوحة للغضب الجماعي.
أمّا علم النفس، فيشير إلى أنّ حرارة الجوّ لا تزيد التوتّر والانفعال فحسب، بل تدفع أيضاً إلى التجمّع في الأماكن العامة، فتتنامى روح الحشود. وهكذا تتلاقى حرارة الشمس مع حرارة القلوب، ليولد من هذا الالتقاء زخمٌ ثوري قد يُغيّر وجه التاريخ.
وعلى مستوى أعمق، هناك بُعدٌ رمزي: فالثورة في عزّ الصيف تُشبه ذروة الشمس في السماء، لحظة النور الأشدّ التي تسبق الانحسار، لذلك لا غرابة أن تختار بعض الدول تواريخ استقلالها في يوليو، لتجعل من يوم تحرّرها عيداً صيفياً يتّسق مع رمزية الشروق والقوة والنهضة.
صحيح أنّ الثورات لا ترتبط حصرياً بشهر دون غيره، فقد شهد الشتاء والربيع انتفاضات لا تقل أهمية، لكن يظل يوليو حاضراً في الذاكرة التاريخية كأكثر الشهور توقداً، حيث تلتقي فيه العوامل المناخية والاجتماعية والنفسية مع إرادة الشعوب في التغيير.
ولعل أجمل ما في يوليو أنّه لا يكتفي بأن يكون شهر الاحتفال بما مضى، بل يُذكّرنا كل عام بأن روح التغيير ليست حدثاً عابراً في الماضي، بل طاقةٌ حيةٌ تتجدّد كلما اجتمعت الشروط وتوحّدت الإرادات.
* باحث زائر في جامعة هارفارد
لقراءة
مقالات
سابقة
للكاتب،
يرجى
النقر
على
اسمه

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الإمارات اليوم
منذ 40 دقائق
- الإمارات اليوم
لماذا تصرّ الولايات المتحدة على شراء "تيك توك" من الصين؟
أثار إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عن بدء واشنطن محادثات مع بكين بشأن صفقة محتملة لشراء تطبيق "تيك توك"، تساؤلات واسعة حول دوافع الولايات المتحدة من وراء هذه الخطوة، خاصة مع تمسّكها بنقل ملكية التطبيق الشهير من الشركة الصينية "بايت دانس" إلى أطراف أميركية. ويأتي هذا الإعلان في وقت تتصاعد فيه التوترات التكنولوجية والتجارية بين الولايات المتحدة والصين، حيث يُنظر إلى تيك توك على أنه ساحة مواجهة استراتيجية جديدة، تتجاوز الترفيه لتلامس مفاهيم الأمن القومي، والسيطرة على البيانات، والتفوق الرقمي. تصريحات ترامب.. ومحادثات قريبة قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في تصريح صحافي، إن "إدارته ستبدأ محادثات رسمية مع الصين خلال الأسابيع المقبلة بشأن مستقبل تطبيق تيك توك"، مؤكداً أن "الهدف هو التوصل إلى صفقة تضمن انتقال السيطرة إلى جهات أميركية موثوقة". وأضاف ترامب: "نريد تطبيقاً آمناً لا يُستخدم للتجسس أو للتأثير على شبابنا… الصين لا يجب أن تتحكم في هذا النوع من المنصات المؤثرة". هذا التصريح أعاد إشعال الجدل حول مستقبل التطبيق، الذي يحظى بشعبية جارفة لدى المستخدمين الأميركيين، خاصة من فئة الشباب. تيك توك.. من منصة ترفيه إلى تهديد أمني؟ لطالما رأت الولايات المتحدة أن تيك توك ليس مجرد تطبيق فيديوهات قصيرة، بل بوابة ضخمة لجمع البيانات الحساسة عن المستخدمين الأميركيين، وقد تكون هذه البيانات عرضة للوصول من قبل الحكومة الصينية بموجب القوانين الصينية الخاصة بشركات التكنولوجيا. وزارة العدل الأميركية، في وقت سابق، صنّفت تيك توك ضمن المنصات "عالية الخطورة"، مشيرة إلى "مخاوف حقيقية بشأن استغلال البيانات لأغراض استخباراتية". وفي مارس الماضي، مرر الكونغرس قانوناً يُمهل شركة بايت دانس حتى يناير 2025 لبيع التطبيق أو مواجهة الحظر الكامل داخل الولايات المتحدة. من سيشتري تيك توك؟ وفقاً لتقارير إعلامية أميركية، يجري الحديث حالياً عن دخول مجموعة من "الأثرياء الأميركيين" في مفاوضات للاستحواذ على تيك توك داخل السوق الأميركية. وقد أكد ترامب وجود "مجموعة قوية" من المستثمرين المستعدين لإتمام الصفقة، دون الإفصاح عن أسمائهم. من بين الأسماء المطروحة سابقاً، عملاق البرمجيات "مايكروسوفت" وشركات استثمارية أخرى، قد يكون لها اهتمام بالمحتوى الرقمي والبنية التحتية التكنولوجية التي يوفّرها تيك توك. الصين ترفض البيع القسري من جانبها، ترفض الصين بشكل قاطع ما تصفه بـ"البيع القسري"، معتبرة أن الضغط الأميركي على بايت دانس يشكل سابقة خطيرة في التجارة الدولية، وقد يفتح الباب أمام نزاعات جديدة في منظمة التجارة العالمية. المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية قال في وقت سابق إن "محاولات الولايات المتحدة إكراه شركة خاصة على بيع أصولها لدولة أخرى، أمر غير مشروع وينتهك مبادئ السوق الحرة". ماذا بعد؟ مع اقتراب الموعد النهائي المحدد في القانون الأميركي، تبدو الأيام المقبلة حاسمة لمستقبل تيك توك في الولايات المتحدة. فإما أن تنجح المفاوضات في الوصول إلى صفقة مرضية لجميع الأطراف، تضمن استمرار التطبيق مع ضمانات أمنية مشددة، أو أن يمضي البيت الأبيض نحو تنفيذ الحظر الكامل، ما قد يؤثر على ملايين المستخدمين، وعلى علاقات التجارة بين واشنطن وبكين. وفي ظل تطورات سياسية داخلية، خاصة مع اقتراب الانتخابات الأميركية، يبقى ملف تيك توك ورقة ضغط قد يستخدمها ترامب لتعزيز صورته كرئيس يدافع عن الأمن القومي، ويفرض شروطه على عمالقة التكنولوجيا العالمية


سكاي نيوز عربية
منذ 40 دقائق
- سكاي نيوز عربية
قانون الإيجار ي مصر.. جدل وانقسام
إقرار مجلس النواب المصري تعديلات قانون الإيجار القديم، يثير الجدل في البلاد. القانون الجديد يقسم الشارع المصري بين مؤيدين يرون فيه تصحيحاً لأوضاع مجحفة بحق المالكين، وبين معارضين يرون أنه سيهدد بطرد الملايين.


صحيفة الخليج
منذ ساعة واحدة
- صحيفة الخليج
رئيس الدولة ونائباه يهنئون رئيس فنزويلا بذكرى الاستقلال
بعث صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، برقية تهنئة إلى نيكولاس مادورو، رئيس جمهورية فنزويلا البوليفارية، بمناسبة ذكرى استقلال بلاده. كما بعث صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي رعاه الله، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، برقيتي تهنئة مماثلتين إلى نيكولاس مادورو، رئيس جمهورية فنزويلا البوليفارية.