
ترامب يصعّد ضد جيروم باول ويقيل مسؤولة بيانات الوظائف
وقال ترامب: "ستنتهي مدته بعد سبعة أو ثمانية أشهر، وسأضع شخصاً آخر في منصبه". وفي وقت سابق الجمعة هاجم الرئيس الأميركي رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي
جيروم باول
الصورة
جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي
جيروم باول، محام أميركي ومصرفي استثماري، عضو في مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) منذ عام 2012، وفي 23 يناير/ كانون الثاني 2018، وافق مجلس الشيوخ على تعيينه رئيسًا للمجلس، وتم التجديد له عام 2022، وتنتهي ولايته في مايو/ أيار 2026.
، قائلاً إنه يتعين إحالته على التقاعد. واتخذت هجمات ترامب على باول منحىً تصاعدياً مع رفض لجنة الإشراف على أسعار الفائدة في مجلس الاحتياطي التي يترأسها باول خفض أسعار الفائدة كما يطالب الرئيس الأميركي.
وفي منشور على منصة "تروث سوشيال"، قال ترامب إن الاقتصاد "يشهد ازدهاراً في عهدي، رغم ألاعيب
مجلس الاحتياطي
الذي خفض أسعار الفائدة مرتين، وبشكل كبير، قبل الانتخابات الرئاسية. أعتقد أنهم فعلوا ذلك على أمل فوز كامالا.. فكيف سار الأمر؟ ينبغي أيضاً إحالة جيروم باول 'المتأخر للغاية' على التقاعد".
طاقة
التحديثات الحية
ارتفاع أسعار النفط وسط انخفاض الإمدادات وبيانات الوظائف الأميركية
على صعيد آخر، قال الرئيس الأميركي إنه أمر بإقالة إريكا ماكينتارفر مفوضة مكتب إحصاءات العمل الأميركي، بدعوى مسؤوليتها عن الإحصاءات الأخيرة التي أظهرت أن بيانات نمو الوظائف في الولايات المتحدة جاءت أضعف من المتوقع خلال الشهر الماضي. وكان الرئيس السابق جو بايدن قد رشح ماكينتارفر لتولي هذا المنصب في عام 2023، وصدق مجلس الشيوخ الأميركي على تعيينها في العام التالي. وكتب ترامب في منشور آخر: "نحتاج إلى أرقام دقيقة عن الوظائف. وجهت فريقي بإقالة هذه المسؤولة السياسية (التي رشحها) بايدن فوراً. سيحل محلها من هو أكثر كفاءة وتأهيلاً".
وقد أظهرت بيانات الوظائف الأميركية إضافة 73 ألف فرصة عمل في يونيو/حزيران بما يقل عن توقعات خبراء اقتصاد استطلعت رويترز آراءهم بإضافة مائة ألف وظيفة. كذلك زاد معدل البطالة قليلاً إلى 4.2% كما هو متوقع من 4.1% في يونيو، أما الوظائف التي زادت في يونيو، فقد جرت مراجعتها بالخفض إلى 14 ألفاً من 147 ألفاً سابقاً.
وقرر الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء الإبقاء على
سعر الفائدة
الرئيسي ثابتًا عند مستوى 4.3%، للمرة الخامسة على التوالي، مشيرًا في مبرراته إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي في النصف الأول من العام وظروف سوق العمل القوية. لكنه حذر في الوقت نفسه من أن "حالة عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية لا تزال مرتفعة"، كذلك فإن التضخم لا يزال مرتفعًا نسبيًّا.
(رويترز، العربي الجديد)
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 3 ساعات
- العربي الجديد
بين تونس وواشنطن
ليست العلاقات التونسية الأميركية جيّدة، خلافاً لما تسوّقه البيانات الرسمية للمسؤولين في البلدَين، فزيارة المستشار الخاص للرئيس ترامب لشؤون أفريقيا، مسعد بولس، تونس أخيراً، ضمن جولة مغاربية، لم تقرّب الشقّة بين الطرفَين، رغم تغيّر أولويات السياسة الخارجية الأميركية. عندما استولى الرئيس قيس سعيّد على مؤسّسات الدولة، وغيّر صلاحياتها، انتقدت إدارة الرئيس جو بايدن معظم الإجراءات التي أقدم عليها، من دون أن تصف ما حصل بـ"الانقلاب". ودار يومها خلافٌ بين الطرفَين في مسألة الحريات وتعطلّ مسار الانتقال الديمقراطي. وحاولت واشنطن أن تضغط على السلطات التونسية من دون القطع معها، وهو ما دفع النظام نحو تسريع الخطى في اتجاه التقارب مع محور روسيا – الصين - إيران، وهو المحور الذي اتسعت خلافاته مع الغرب، حتى بلغت درجة إعلان الحرب المفتوحة. تغيّرت الإدارة الأميركية ولم تتغيّر سياسات سعيّد. فاجأه الرئيس سعيّد مبعوث ترامب، عند استقباله، بصور أطفال غزّة المهدّدين جوعاً، وهي حركة رمزية لم يستسغها الضيف، ورأى فيها "خرقا للأعراف الدبلوماسية"، حسب مجلة "جون أفريك". كانت تلك رسالة صريحة من الرئيس التونسي أراد منها التعبير عن رفضه السياسة الوحشية المتبعة من الكيان الصهيوني، والمدعومة أميركيا. وهي في الوقت نفسه رفض ضمني لأحد أهداف الزيارة التي منها توسيع دائرة الدول العربية المنخرطة في اتفاقيات أبراهام المؤدّية إلى التطبيع الكامل مع إسرائيل، والتي تعتبر من ثوابت السياسة الخارجية للرئيس ترامب. الورقة الثانية التي يمكن لواشنطن أن تمارس من خلاها الضغط على بلاد ضعيفة مثل تونس، التعاون الاقتصادي والعسكري. في هذا المفصل الحسّاس، لم يتردّد سعيّد في التأكيد في المحادثات على أن تونس اختارت مبدأ تعدّد الشراكات، والبحث عن شركاء اقتصاديين من شأنهم تخفيف الضغط عليها وتمكينها من مجال أوسع يحرّرها من الضغوط عليها، وأن تتم هذه الشراكة بعيداً من الرغبة في الهيمنة والابتزاز. هكذا يتبين أن زيارة مسعد بولس الاستطلاعية تونس لم تحقّق أهدافها من وجهة نظر واشنطن، على الرغم من أن المحادثات لم تتطرّق إلى المسائل الحرجة التي يرفض قيس سعيّد الخوض فيها، ويعتبرها شأنا داخلياً لا يحقّ لأيّ جهة أجنبية التحدّث في شأنها. وهي تمسّ ملفّ حقوق الإنسان والمساجين السياسيين واستقلالية القضاء والحريات والصحافة، فهذه المسائل لم تعد من أوليات الرئيس الأميركي الحالي. من جانب آخر، تشير المصادر إلى رفض واشنطن مجمل المساعدات التي طلبها الطرف التونسي، بحجّة أن سياسة البيت الأبيض تجاه العلاقة بأفريقيا قائمة على "التجارة لا المعونة"، وهي سياسة تضرّرت منها (ولا تزال) تونس التي تمرّ بأوضاع اقتصادية ومالية صعبة ومعقّدة، فالقرار الذي أصدره ترامب، وتُفرَض بموجبه رسومٌ جمركيةٌ بنسبة 25% على السلع التونسية بداية من أول أغسطس/ آب 2025، من شأنه أن يزيد من نسبة الضغط على الأوضاع المالية في البلاد، رغم أن هذا القرار لا يستهدف تونس بالذات بقدر ما يشمل مختلف الدول، في ظلّ الحرب التجارية المتواصلة التي تخوضها واشنطن حالياً. وفي الآن نفسه، دليل على أن تونس لم يعد ينظر إليها بلداً صديقاً ومدللاً لأميركا. المؤكّد أن العلاقات بين البلدَين أصبحت فاترةً، وأن السياسة الأميركية الراهنة لم تترك مجالاً للرهان عليها، خصوصاً في ظلّ تراجع الدبلوماسية التونسية. فما يتّخذه ترامب (وما يعلنه) من مواقف يجعل السلطة والمعارضة تسحبان ثقتهما من الإدارة الأميركية، وتتجنّبان التعامل معها، ولا تراهنان عليها. حتى أطراف المعارضة التي كانت من قبل توظّف لصالحها المواقف الرسمية الأميركية الناقدة للسلطة في مجال حقوق الإنسان، أصبحت اليوم تعتمد على نفسها في صراعها مع النظام القائم في تونس. لم يبقَ من أميركا سوى الوجه القبيح لإدارتها.


العربي الجديد
منذ 3 ساعات
- العربي الجديد
انقلاب السردية الإسرائيلية... كيف خسر الاحتلال هيمنته الإعلامية؟
لطالما كانت إسرائيل (وما زالت) معنيّةً بالصورة الإعلامية، وباستخدام كلّ الوسائل الممكنة لفرض الهيمنة لسرديّتها؛ فقد حرصت الصهيونية، حتى قبل تأسيس الكيان، على التأثير في "هوليوود"، عبر امتلاك الاستوديوهات الكبرى في صناعة السينما الناشئة، ثمّ امتلاك شبكات البثّ الإعلامية وكبريات الصحف العالمية، التي تمكّنت من إقناع غالبية الجمهور الغربي عموماً، والأميركي على وجه الخصوص، بالرواية الصهيونية. ولم يكن الإعلام، منذ تأسّست دولة الاحتلال، مجرّد أداة للترويج، بل اعتُبر سلاحاً متقدّماً في ترسانة الدولة، وفهم مصطلح "الهسبارا" (الإعلام) دبلوماسيةً إعلاميةً في مستويات مختلفة، وتوزّع أعبائها بين أكثر وزارات الدولة ومؤسّساتها أهميةً، وصولاً إلى جماعات الضغط اليهودية في الخارج. وأصبح يروّج أن "كسب معركة الرأي العام الدولي، لا يقل أهمية عن أيّ معركة جوية أو برّية"، حسبما كتب آلان ديرشوفيتس، مؤلف كتاب "The Case for Israel" (2003). غير أن الحرب الدائرة في العامين الأخيرين، وعمليات الحصار والتجويع والمجازر اليومية التي ترتكبها إسرائيل، وميل قطاعات واسعة من الشباب على وجه الخصوص إلى الإعلام غير التقليدي، جعلت ما كان ينظُر الإسرائيليون إليه شرعيةً دوليةً مكتسبةً، ووسيلةً للردع المعنوي للخصوم، يتحوّل جبهة قتال تهدّد أمن إسرائيل القومي، ما أدّى، في النهاية، إلى كسر الاحتكار الصهيوني للرواية، وفوجئ العالم بأن ما تكرّر على مسامعه طوال العقود الماضية عن "تحضّر" الإسرائيليين، وعن الفلسطيني "الإرهابي"، والعربي "البدوي"، ما هو إلا محض افتراءات ودعاية صهيونية كاذبة. وخلال العقود الماضية، اعتمدت إسرائيل على ثلاث ركائز إعلامية؛ فحرصت دائماً على تقديم نفسها ضحيةً دائمةً للعداء العربي والإسلامي، وربط أيّ هجوم عليها بالإرهاب ومعاداة السامية، واحتكار تعريف العنف والمظلومية. وهي ثلاثية ضمنت لها تدفّق الدعم الرسمي الغربي، وتأييد شرائح واسعة لكيانٍ جرى تقديمه امتداداً للديمقراطية الغربية، وسط محيطٍ قمعيٍّ متخلّف، ولأرضٍ جرى تصويرها "أرض ميعاد لشعب مُضطهَد". صحيحٌ أن غالبية الدعم الرسمي الغربي لم يتوقّف، لكنّ التأييد الشعبي تآكل مع قصف الجيش الصهيوني المستشفيات والمدارس وتدمير مقوّمات الحياة في غزّة، والتجويع الممنهج حتى الموت؛ الذي بدأ منذ الأيام الأولى للعدوان الصهيوني، ووصل إلى ذروته في الأشهر الماضية. يتغيّر المشهد، وتنقلب الرواية، وتتحوّل إسرائيل من دولة مُحاصِرة، إلى دولة مُحاصَرة أخلاقياً ويمكن القول إن خسائر إسرائيل في هذه الحرب تركّزت في ثلاثة اتجاهات: أولها، الأزمات المجتمعية التي فاقمت الحرب، والمجتمع الذي تعمّقت أزماته وتفكّكه. وثانيها، الجيش الذي فقد قوة ردعه، والقدرة على الانتصار وتحقيق أهداف الحرب التي وضعها في الأيام الأولى من القتال. أمّا الخسارة الكبرى فتكمن في انقلاب الرواية ضدّ إسرائيل على المستوى الشعبي العالمي، وخصوصاً في أوساط الشباب. لا ينكر أحد بالطبع أن طول أمد الحرب يمثّل عامل ضغط كبير على المقاومة وحاضنتها في غزّة، خصوصاً في ظلّ سياسة الحصار الخانق والقتل بالتجويع، لكن الواضح أن هذا الضغط الذي تستخدمه إسرائيل، رغبةً منها في دفع المقاومة إلى اللجوء إلى أيّ اتفاق يلبّي كلّ احتياجات إسرائيل، أو إلى الاستسلام الكامل، حسب لفظ الرئيس الأميركي ترامب ومعه القيادة الإسرائيلية... طول أمد الحرب، نقول، سلاح ذو حدّين؛ فمن ناحية يبدو السيناريو المستخدم حالياً ورقةً أخيرةً بعد أن عجزت إسرائيل وحلفاؤها عن تحقيق هدفَي الحرب الأساسيَّين (استعادة الأسرى وهزيمة المقاومة) بكلّ وسائل الضغط العسكري والاجتماعي الممكنة، وفي ظلّ حالة إعياءٍ وإرهاقٍ شاملة لجيشها يؤكّدها كلّ الخبراء العسكريين الإسرائيليين، لكنّه، في الوقت نفسه، يدفع الشعوب التي تشاهد تصرّفات الجيش الصهيوني، التي فاقت النازية، وبموافقة كاملة من الإدارة الأميركية، إلى كراهية إسرائيل، وهو ما تثبته استطلاعات الرأي، ويمثّل خطراً استراتيجياً على الكيان الصهيوني، لأن استمرار الصراع، كما تذكر دراسة نشرها معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، بعنوان "أمن إسرائيل القومي... المبادئ الموجّهة للعقيدة والسياسات لعامي 2025-2026"، يعطي الشرعية للسردية الفلسطينية، ويسبّب ضغوطاً كبيرةً على إسرائيل وحلفائها ومؤيّديها، ما قد يقيّد حرّيتها في التصرّف، ويعرّضها للإدانة والعزلة في الساحة العالمية، وربّما يقلّص الاهتمام الدولي باحتياجاتها الأمنية مستقبلاً. وهو أمرٌ أصبح ملموساً بوضوح في تحوّلات مواقف إعلاميين ومشاهير عالميين، وانتقادهم النازية الصهيونية، بعد تأييدهم في أول الحرب إسرائيل، علاوة على اضطرار قادة دول للتهديد بالاعتراف بفلسطين. هذه المواقف إمّا محاولةً لعدم خسارة هؤلاء الإعلاميين والنجوم شعبيّتهم وجماهيرهم، أو أنها صحوة ضمير مفاجئة، في كلّ حال، وبغض النظرّ عن حقيقة أن الدولة الفلسطينية التي تهدّد دولٌ غربيةٌ بالاعتراف بها هي فاقدة لأيّ مقومات الدولة الحقيقية، ولا تعدو نيّة الاعتراف بها التهديد، فإن هذه المؤشّرات هي دليل تراجع واضح وخسارة كبيرة للسردية الصهيونية. وقد كشفت استطلاعات رأي أوروبية، نشرتها صحيفة ذا غارديان في يونيو/ حزيران الماضي، أن الدعم الشعبي لإسرائيل في دول غرب أوروبا وصل إلى أدنى مستوى له على الإطلاق، ناهيك بالطبع عن العالم الإسلامي وأميركا اللاتينية وأفريقيا ودول شرق آسيا، وأن المقارنة بين هذا الدعم قبل الحرب وبعدها يكشف كارثةً استراتيجيةً لإسرائيل؛ فالرؤية السالبة تجاه الكيان تتصاعد على المستوى الشعبي الغربي، حتى تدنّت نسبة من لديه رؤية إيجابية عن الكيان، لتنحصر بين 13% - 21% من إجمالي الأوروبيين الغربيين، مقابل ارتفاع نسبة من لديه رؤية سالبة عن الكيان بين 63 - 70% مع استمرار ارتفاعها، وهي نسب تختلف من دولة أوروبية إلى أخرى؛ إذ تصل إلى 75% في إسبانيا والسويد، وترتفع إلى 78% في هولندا، بل إن هذه النظرة السالبة ارتفعت أيضاً بين مواطني دول شرق أوروبية؛ مثل بولندا (62%)، والمجر (53%)، رغم التأييد الحكومي المُعلَن للخطاب الصهيوني، على عكس حكومات غرب أوروبا، التي يضطرها الرأي العام إلى انتقاد الحكومة الإسرائيلية أحياناً، من دون أن يؤثّر ذلك في وقف دعمها العيني والعسكري لإسرائيل. ولا تقتصر هذه الآراء على أوروبا وحدها، فقد أظهر استطلاع أجراه مركز بيو (إبريل/ نيسان الماضي) أن آراء الأميركيين تجاه إسرائيل ازدادت سلبيةً؛ فأعرب 53% عن رأي سالب تجاهها، وهي نسبة مستمرّة في الارتفاع. ولم تكن هذه الاستطلاعات إلا انعكاساً لموجة رفض شعبي أوروبي لاستقبال الإسرائيليين في الفنادق والمنتجعات والمطاعم، وبثّ مشاهد مصوّرة في مواقع التواصل الاجتماعي تظهر حجم الرفض تجاه الكيان الصهيوني، وتزيد من حدّته. وهي مظاهر انعكست حتى في تقييم الإسرائيليين لمدى شعورهم بهذه الأزمة، وأصبح أكثر من 58% منهم، حسب استطلاع أجري في يونيو الماضي، يشعرون بأنهم غير مرحّب بهم في أيّ مكان في العالم، وهي نسبة زادت أكثر لاحقاً لتصل إلى 62%، حسب ما نشرته "يديعوت أحرونوت" في الشهر الماضي (يوليو/ تموز)، وأصبح التعبير السائد لدى الإسرائيليين "العالم بات ضدنا"، مع اعتقادٍ جازم بأن الحكومة الإسرائيلية فشلت في المعركة الإعلامية. أظهر استطلاع مركز بيو أن 53% من الأميركيين عبّروا عن رأي سالب تجاه إسرائيل ثمّة مشكلة يغفل عنها الإسرائيليون؛ حين يردّ بعضهم أسباب الفشل الإعلامي إلى عدم استغلال الموارد التي توفّرها الدولة لكسب معركة الرواية. في هذا السياق، ترى الصحافية في "يسرائيل هيوم"، شيريت كوهين، في مقال نشر في يونيو الماضي، أن وزارة الخارجية لم تستغلّ أكثر من نصف مليار شيكل (135 مليون دولار) مخصّصة للدعاية والإعلام، ونتيجة ذلك تلاشت صور "7 أكتوبر" (2023)، ولم يبقَ سوى الحرب الوحشية التي ينفّذها الكيان في غزّة، وهو ما يكلّف إسرائيل، ليس فقدان التعاطف فحسب، بل تعرّضها لسياسات عدائية من دول قريبة أو بعيدة. وتنبع الأزمة هنا، في حالة العمى الإستراتيجي التي تسيطر على الحكومة الإسرائيلية ومؤيّديها، منذ هجوم 7 أكتوبر، فلم يعد هؤلاء يدركون أن سقوط السردية الإسرائيلية لا يرتبط في الحقيقة بتقصير الخارجية الإسرائيلية أو إهمالها، خصوصاً حين يظهر للعيان أن الإدارة الأميركية ومسؤوليها، علاوة على مسؤولين وقادة دول أوروبية، يتبنون جميعاً الرواية ذاتها التي يروّجها الكيان الصهيوني. وبالتالي فإن خسارة السردية الإسرائيلية المعركة لا ترتبط بالتقصير أو بحجم الإنفاق، خصوصاً أن موارد أصحاب الرواية الأخرى لا يمكن أن تقارن مطلقاً بموارد إسرائيل وحلفائها. وهذا يعني أن مصداقية الرواية الفلسطينية المدعومة بالصورة المباشرة والشهادات الحيّة، وبالدم، وبالأشلاء الممزّقة، تمكّنت وحدها، ومن دون موارد تذكر، أن تحطّم زيف أيّ أكاذيب إسرائيلية. السردية إذاً ليست ترفاً إعلامياً، بل هي جزء من العقيدة الأمنية الإسرائيلية. ويدرك أكثر الباحثين الإسرائيليين المهتمّين بالاستراتيجية، وغالبية المعارضين أن خسارة هذا السلاح في ظلّ استمرار الحرب، وارتكاب المذابح اليومية، والقتل بالتجويع، تمثل خطراً استراتيجياً على قدرة الكيان المستقبلية في الحفاظ على الدعم الغربي أو تبرير سياساته... وهكذا يتغيّر المشهد، وتنقلب الرواية، وتتحوّل إسرائيل من دولة مُحاصِرة إلى دولة مُحاصَرة أخلاقياً. وتلك معركة لا يمكن خوضها بالدبابات ولا بأقوى سلاح جوي في الشرق الأوسط، بل بالصور والكلمات والدم والضمير الشعبي العالمي.


القدس العربي
منذ 6 ساعات
- القدس العربي
اتفاق الرسوم الجمركية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة… من المتضرر أكثر على الصعيد الأوروبي؟
باريس ـ «القدس العربي»: بعد مفاوضات شاقة، توصلت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نهاية الأسبوع الماضي، إلى اتفاق بشأن فرض رسوم جمركية موحدة بنسبة 15 في المئة على جميع الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة، وتشمل هذه النسبة جميع الضرائب القائمة بالفعل. غير أن هذا الاتفاق أثار ردود فعل أوروبية متباينة، بين مرحبّ ومتحفّظ ومستنكر. فعلى ماذا تم الاتفاق، وماهي تداعياته المحتملة على التكتل الأوروبي ودوله السبع والعشرين الأعضاء، ولماذا هذا الانقسام حياله؟ بموجب الاتفاق، بين القوتين التجاريتين الرئيسيتين في العالم واللتين تتبادلان يوميًا حوالي 4.4 مليار يورو من السلع والخدمات، والذي لم يُكشف بعد عن تفاصيله الدقيقة؛ ستخضع المنتجات الصيدلانية، التي تُعد أكثر السلع المصدرة أوروبيًا إلى الولايات المتحدة – (بقيمة نحو 120 مليار يورو العام الماضي ـ 22 في المئة من إجمالي الصادرات، وفق بيانات يوروستات) – ستخضع، وفق رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، للرسوم الجمركية الأمريكية بنسبة 15 في المئة، بعد أن كانت حتى الآن معفاة من الرسوم الجمركية، على الرغم من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان قد صرح خلال بداية المفاوضات بأنه لا يرغب في إدراجها في الاتفاق. كما ينص الاتفاق على إلغاء الرسوم على معدات الطيران، الذي كان يُعاني من ضرائب مرتفعة، بما فيها رسوم جمركية إضافية بنسبة 50 في المئة على واردات الألومنيوم والصلب منذ شهر آذار/مارس الماضي، بالإضافة إلى رسوم جمركية بنسبة 10 في المئة على كافة معدات الطيران القادمة من أوروبا، بما في ذلك الطائرات. كما تم أيضا بموجب الاتفاق خفضُ الرسوم الجمركية على السيارات الأوروبية إلى 15 في المئة بعدما ارتفعت إلى نحو 27 في المئة منذ عودة ترامب إلى السلطة، تحديدا منذ شهر نيسان/ابريل الماضي. وكانت صادرات معدات النقل من الشركات الأوروبية إلى الولايات المتحدة، قد سجلت نحو 70 مليار يورو العام الماضي؛ والذي بيعت خلاله أيضا أكثر 700 ألف سيارة بقيمة حوالي 38 مليار يورو، بحسب رابطة مصنعي السيارات الأوروبية، التي أوضحت أنّ معظم هذه السيارات تُنتج في ألمانيا (أودي، بورش، بي إم دبليو، ومرسيدس). أمّا قطاع المُنتجات الفاخرة ومستحضرات التّجميل فلن يتم إعفاؤه من الرسوم الجمركية، وستُطبق عليه رسوم بنسبة 15 في المئة، على الرغم من تكثيف الملياردير الفرنسي برنار أرنو، رئيس مجموعة LVMH الفرنسية، لجهوده خلال الأسابيع الماضية للضغط من أجل تقليل الرسوم. بالنسبة لصادرات المنتجات الزراعية الأوروبية التي تشمل أساساً الأجبان والمعلبات، أوضحت رئيسة المفوضية الأوروبية أن بعضها سيتم إعفاؤه من رسوم 15 في المئة الجُمركية، بدون تقديم تفاصيل. في حين، لن يشمل الاتفاق حتى الآن أي قرار يتعلق بالنبيذ والمشروبات الروحانية، على أن تُحدد التفاصيل خلال الأسابيع المقبلة. وللإشارة، بلغت صادرات الاتحاد الأوروبي من الكحوليات إلى الولايات المتحدة العام الماضي 8 مليارات يورو. وتمثّل فرنسا وحدها حوالي نصف هذه الصادرات. علاوة على الرسوم الجمركية المفروضة على المنتجات الأوروبية، بموجب هذا الاتفاق الإطاري، فقد التزم التّكتل الأوروبي بشراء منتجات أمريكية في مجال الطاقة بقيمة 750 مليار دولار، مع استثمار 600 مليار دولار إضافية في الولايات المتحدة الأمريكية في مجالات النفط والغاز الطبيعي المسال والطاقة النووية والوقود والرقائق الإلكترونية، وذلك قبل انتهاء ولاية ترامب الرئاسية. غير أنه يجب التنويه إلى أن المفوضية الأوروبية لا تملك سلطة مباشرة على هذه القطاعات ولا يمكنها تنفيذ صفقات شراء طاقة أو استثمارات نيابة عن الشركات الأوروبية. كما أن زيادة واردات الغاز الأمريكي قد تتعارض مع أهداف أوروبا المناخية. تأثير متفاوت من بلد أوروبي إلى آخر مع أن الرسوم الجمركية الأمريكية بنسبة 15 في المئة ستشمل جميع دول الاتحاد الأوروبي، إلا أنّ تأثير هذه الرسوم سيختلف من بلد لآخر بحسب حجم صادراته، مع دخول هذه التدابير حيز التنفيذ منذ الأول من آب/اغسطس الجاري. فمن حيث القيمة، تُعد ألمانيا، أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، وبفارق كبير أكبر مصدر للسلع إلى الولايات المتحدة داخل الاتحاد الأوروبي، حيث بلغت صادراتها نحو 161 مليار دولار في العام الماضي، وسجلت فائضًا تجاريًا قياسيًا مع الولايات المتحدة في عام 2024 بلغ 84.8 مليار دولار. وتشكل الولايات المتحدة الأمريكية وحدها حوالي 10 في المئة من الصادرات الألمانية، وفقًا لمكتب الإحصاءات الألماني «ديستاتيس». كما أن الأمريكيين يُقبلون بشكل كبير على السيارات الألمانية والآلات الصناعية والمنتجات الصيدلانية المصنوعة في ألمانيا. وكان البنك المركزي الألماني قد حذّر في بداية العام من مغبة أن فرض رسوم جمركية أمريكية على المنتجات الألمانية قد يؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 1 في المئة. أما فرنسا وإيطاليا، ثاني وثالث أكبر اقتصادات في التكتل، واللتان سجّلتا العام الماضي فائضًا تجاريًا مع الولايات المتحدة بقيمة نحو 16 مليار دولار وحوالي 44 مليار دولار وفقًا للجانب الأمريكي؛ فستتأثران برسوم ترامب الجديدة على الأرجح بدرجة أقل، مع اختلاف التأثير حسب كل قطاع من قطاعات الاقتصاد في كلا البلدين. سيكون قطاع الأغذية والمشروبات، خصوصًا النبيذ، من بين الأكثر تضررًا في البلدين. فقد يفقد الأمريكيون شغفهم لاستهلاك المنتجات الفرنسية والإيطالية، إذا ارتفعت أسعارها بسبب الرسوم الجمركية. وهو تهديدٌ يواجهه أيضا بدرجة كبيرة قطاع المنتجات الفاخرة الفرنسي – العطور والمنتجات الجلدية.. إلخ. ومع ذلك، اعتبرت مجموعة LVMH، الرائدة عالميًا في مجال المنتجات الفاخرة أن فرض هذه الرسوم الجمركية الأمريكية بنسبة 15 في المئة سيكون نتيجة مقبولة، حيث تعتقد المجموعة الفاخرة العالمية أنها تستطيع التعويض عبر رفع الأسعار وتحسين الإنتاج، خاصة داخل الولايات المتحدة الأمريكية. وحقق الاتحاد الأوروبي ككل فائضًا تجاريًا مع الولايات المتحدة بقيمة 235.6 مليار دولار (201.5 مليار يورو)، بحسب مكتب التحليل الاقتصادي «BEA BEA» التابع لوزارة التجارة الأمريكية، والذي نشر بياناته لعام 2024 في بداية شباط/فبراير. وتتفوق عليه فقط الصين من حيث الفائض التجاري. في حين، تُسجل أيرلندا أكبر فائض تجاري بين أعضاء الاتحاد الأوروبي بقيمة 86.7 مليار دولار، وتُصدر أكثر من ربع منتجاتها إلى الولايات المتحدة. ويُعزى ذلك جزئياً إلى استقرار شركات أمريكية كبرى، لا سيما في قطاع الأدوية، مثل فايزر، وإيلي ليلي، وجونسون آند جونسون في هذا البلد للاستفادة من ضريبة الشركات المنخفضة البالغة 15 في المئة مقارنة بـ21 في المئة في الولايات المتحدة الأمريكية. تقوم هذه الشركات بإيواء براءاتها في أيرلندا وبيع منتجاتها في السوق الأمريكية، حيث تكون أسعار الأدوية عادةً أعلى من بقية أنحاء العالم. كما تحتضن أيرلندا معظم المقرات الأوروبية لعمالقة التكنولوجيا الأمريكيين مثل آبل، وغوغل، وميتا، الذين استُدرجوا كذلك بفضل النظام الضريبي الجذاب في البلاد. بدورهما، تحقق النمسا والسويد فائضًا تجاريًا مع الولايات المتحدة، بقيمة نحو 13 مليار دولار و10 مليارات دولار على التوالي. غضب عواصم أوروبية عديدة غير أن ذلك لم يطمئن المسؤولين السياسيين في عدد من الدول الأوربية، في مقدمتها فرنسا، التي أتّهمت أوروبا بـ«الخضوع» للولايات المتحدة واصفة يوم الاتفاق بأنه «يوم قاتم». ورغم الإقرار بأن هذا الاتفاق سيجلب «الاستقرار» للشركات، إلا أن التركيز انصب في فرنسا على طابعه «غير المتوازن» بحسب التعبير المستخدم من عدة أعضاء في الحكومة. ودعت باريس إلى أن تُظهر أوروبا مزيدًا من الحزم خلال المفاوضات المقبلة حول تفاصيل تنفيذ هذا الاتفاق. في هذا الصدد، اعتبر وزير الاقتصاد إيريك لومبار في مقابلة ما صحيفة «ليبراسيون» أن هذا الاتفاق «غير مكتمل وأن العمل ما يزال مستمرًا»، قائلاً: «الاتفاق لم يُستكمل بعد، وسنسهر على أن يتم تحسينه. يجب أن تستمر المناقشات حول المنتجات الصيدلانية ـ حيث يُفهم أن بعض الأدوية ستُعفى ـ وأيضًا حول الفولاذ والألمنيوم والمنتجات الكيميائية وأشباه الموصلات والنبيذ والمنتجات الزراعية». على المنوال نفسه، قال الوزير الفرنسي المكلّف بالتجارة الخارجية، لوران سان-مارتان : «لا ينبغي أن يكون هذا الاتفاق نهاية القصة، وإلا نكون قد أضعفنا أنفسنا ببساطة. الآن ستكون هناك مفاوضات تقنية، ويمكننا أن نغتنم هذه المرحلة من أجل أن نعزز أنفسنا». ورأت جمعية أصحاب العمل الفرنسية ميديف أن الاتفاق «يعكس ما تواجهه أوروبا من صعوبة في فرض قوة اقتصادها وأهمية سوقها الداخلية». أما رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان المعروف بانتقاداته الشديدة للاتحاد الأوروبي، فقال إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب «سحق» المفوضية الأوروبية، التي قادت المفاوضات التجارية باسم التكتل المكوّن من 27 بلدا. في المقابل، رحب المستشار الألماني فريدريش ميرتس بالاتفاق، معتبرًا أنه «جنّب صراعًا تجاريًا كان من شأنه أن يضرب بشدة اقتصاد ألمانيا المعتمد على التصدير وقطاع السيارات الكبير». لكن ميرتس، بعدما كان من أوائل المرحّبين بالاتفاق التجاري، عاد بعد ذلك بساعات ليُنبّه إلى أن الرسوم الجمركية بنسبة 15 في المئة على الصادرات الأوروبية كما تم الاتفاق عليها بين واشنطن والاتحاد الأوروبي ستلحق «أضرارًا كبيرة» بالاقتصاد الألماني. في حين، نددت شخصيات على غرار بيرند لانغ، عضو الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني ورئيس لجنة التجارة في البرلمان الأوروبي، بالرسوم الجمركية، معتبرا أنها «غير متوازنة»، وأن الاستثمارات الموعودة البالغة 600 مليار دولار «ستأتي على الأرجح على حساب الصناعة في الاتحاد الأوروبي». كما استنكر اتحاد الصناعات الكيميائية الألماني، الذي يضم شركات كبرى مثل «باير» و«باسف»الاتفاق، معتبرا أن الرسوم الجمركية المتفق عليها ما تزال «مرتفعة للغاية». إيطاليا هي الأخرى، رحّبت بالاتفاق التجاري بين أوروبا والولايات المتحدة، معتبرة أنه يجنب نشوب حرب تجارية، مع التحفظ لحين معرفة التفاصيل. وقال أنتونيو تاجاني، وزير الخارجية الإيطالي: «الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يضع حداً لمرحلة من عدم اليقين ويجنب حرباً تجارية. وسندرس جميع التفاصيل». كما اعتبرت رئيسة الحكومة، جورجيا ميلوني أن الاتفاق «يجنب أوروبا سيناريو مدمرا». كبير المفاوضين التجاريين في الاتحاد الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش الذي تفاوض على هذا الاتفاق على مدى أشهر مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حاول طمأنة المنتقدين المشككين، بالتّشديد على أنه واثق تمامًا بأن هذا الاتفاق «أفضل من حرب تجارية مع الولايات المتحدة»، وأنه «لاشك في أنه أفضل اتفاق ممكن في ظل ظروف صعبة للغاية، حيث إن فرض رسوم جمركية أعلى كان سيهدد نحو خمسة ملايين وظيفة في أوروبا». من جانبها، دافعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين عن الاتفاق واصفة إياه بـ«الاتفاق الجيد» الذي من شأنه أن يحقق «الاستقرار» للمستهلكين والمستثمرين والصناعيين على جانبي الأطلسي. بين هذا وذاك، يبقى المؤكد أن الاتفاق يسمح للأوروبيين، قبل كل شيء بتفادي السيناريو الكارثي المتمثل في فرض رسوم جمركية أمريكية بنسبة 30 في المئة على الصادرات من الاتحاد الأوروبي؛ حيث نجح المفاوضون الأوروبيون في تخفيض الرسوم الجمركية الأمريكية على المنتجات الأوروبية بنسبة 15 في المئة. فعلى الرغم من أن المعدل يفوق نسبة الرسوم الجمركية التي كانت مطبقة قبل عودة دونالد ترامب إلى السلطة في شهر كانون الثاني/يناير الماضي، لكنها تبقى أقلّ من تلك التي هدد الرئيس الأمريكي بفرضها على أوروبا في حال عدم التوصل لاتفاق. كما أن الاتفاق المعلن يسمح، وفق اقتصاديين، بتفادي تصعيد فوضوي في الإجراءات الانتقامية، وحرب تجارية شاملة. فأوروبا لا تمتلك، مثلا، الرافعة الاستراتيجية، الاقتصادية والتكنولوجية، التي تستطيع الصين استخدامها في بعض سلاسل الإمداد الرئيسية. وكان بإمكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توسيع النزاع ليشمل قطاعات مثل الطاقة أو الخدمات الرقمية، حيث تعتمد دول الاتحاد الأوروبي بشكل كبير على الولايات المتحدة. كما أن الاتحاد الأوروبي نجح، من خلال هذا الاتفاق الإطاري مع الرئيس الأمريكي، في حماية بعض القطاعات الاستراتيجية من الرسوم الأشد قسوة (بين 25 في المئة و50 في المئة، أو أكثر): فقد تم تخفيض الرسوم الجمركية على السيارات من 25 في المئة إلى 15 في المئة. فخوض مواجهة تجارية لا يمكن ربحها كان سيكون خطأ استراتيجيًا، مقابل فائدة اقتصادية وهمية. محادثات جديدة في الأفق يرى مراقبون أن هذا التراجع الأوروبي يُفسَّر قبل كل شيء بمنطق استراتيجي، إذ ترى المفوضية الأوروبية أن إبقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منخرطًا إلى جانب أوكرانيا يمثل أولوية مطلقة. وقد تنازل الاتحاد الأوروبي بالفعل بشأن الإنفاق الدفاعي، متماشيًا مع الهدف المثير للجدل المتمثل في تخصيص 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وأدى ضغط القادة الأوروبيين إلى تحقيق تقدّمين رئيسيين تمثلا في توجيه ترامب إنذارًا صارمًا لروسيا محدداً للرئيس فلاديمير بوتين مهلة خمسين يوما للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق للنار في أوكرانيا، والتي قلصها لاحقا إلى أقل ما أسبوعين. كما أن الرئيس الأمريكي وافق على مواصلة تسليم الأسلحة لأوكرانيا بتمويل من الاتحاد الأوروبي. من هذا المنطلق، يمكن اعتبار رسوم 15 في المئة ثمنًا لـ«تأمين جيوسياسي» ضد روسيا، وفق محللين. ومن المتوقع إجراء محادثات جديدة بين الجانبين لتجاوز بعض النقاط الحساسة. وهكذا، فإن الأمر يتعلق أساسًا باتفاق إطاري، والذي سيتطلب من الآن فصاعدًا مزيدًا من المفاوضات للتوصل إلى اتفاق قانوني نهائي، كما أشارت رئيسة المفوضية الأوروبية. لقد كانت المفاوضات صعبة بشكل خاص فيما يتعلق بقطاعي الصيدلة وأشباه الموصلات، كما يُتوقع إجراء مفاوضات قطاعية لتقييم التأثيرات الملموسة لهذا الاتفاق.