logo
ماريان إليتش.. من تعبئة الملح والفلفل إلى عالم المليارات

ماريان إليتش.. من تعبئة الملح والفلفل إلى عالم المليارات

البيانمنذ 11 ساعات
قبل أن تصبح من بين أغنى النساء العصاميات في أميركا، كانت ماريان إليتش فتاة صغيرة تعمل في مطعم والدها، حيث كانت تُعيد تعبئة موزعات المناديل وعلب الملح والفلفل على الطاولات. لم تكن تدري حينها أن هذه المهام البسيطة ستكون أولى خطواتها في طريق بناء إمبراطورية غذائية عالمية. تلك البداية المتواضعة غرست فيها قيمة العمل الجاد، والتي رافقتها لاحقًا في تأسيس سلسلة "ليتل سيزرز" للبيتزا، التي أصبحت مصدر ثروتها الهائلة البالغة 6.9 مليارات دولار، لتصيح ثالث أغنى امرأة عصامية في أميركا وفقاً لقائمة فوربس .
وُلدت ماريان إليتش عام 1933، وبدأت رحلتها في عالم العمل من سن مبكرة داخل مطعم والدها، حيث كانت تعبئ موزعات المناديل وعلب الملح والفلفل. وبعد ذلك، عملت في مجال البيع بالتجزئة، ثم كموظفة حجز في خطوط دلتا الجوية،وفقاً لموقع إيليتش هولدينغز الإلكتروني.
لكن نقطة التحول الكبرى جاءت بعد زواجها من مايكل إليتش، حيث قرر الزوجان استثمار مدخراتهما لافتتاح أول فرع لمطاعم "ليتل سيزرز" (Little Caesars) في غاردن سيتي بولاية ميشيغان عام 1959. وبعد ثلاث سنوات فقط، بدأوا العمل بنظام الامتياز، وسرعان ما توسعت السلسلة بشكل كبير.
اليوم، تحقق السلسلة مبيعات سنوية تقدر بـ 5 مليارات دولار، وتمتلك آلاف الفروع حول العالم، 80% منها تعمل بنظام الامتياز.
قيادة إمبراطورية بعد وفاة الشريك المؤسس
تولت ماريان رئاسة مجلس إدارة "إليتش هولدينغز"، وهي الشركة العائلية التي تدير ليتل سيزرز، بعد وفاة زوجها عام 2017. ورغم تجاوزها سن التسعين، ما زالت إليتش تعتبر من أبرز الأسماء في عالم الأعمال الأميركي.
استثمارات في ديترويت.. من الرياضة إلى الفنادق
لم تقتصر طموحات عائلة إليتش على المطاعم، بل امتدت إلى دعم الاقتصاد المحلي لمدينة ديترويت. في عام 1982، اشترى الزوجان فريق الهوكي الشهير ديترويت ريد وينغز مقابل 8 ملايين دولار، ثم فريق البيسبول ديترويت تايغرز عام 1992 مقابل 85 مليون دولار.
كما استحوذا على مسرح فوكس التاريخي في وسط المدينة عام 1987، واستثمرا 12.5 مليون دولار في ترميمه. وتوسعت استثمارات العائلة لاحقًا لتشمل بناء "ليتل سيزرز أرينا"، لكن بعض مشاريعهم المثيرة للجدل مثل خطة التطوير المحيطة بالأرينا بقيمة 200 مليون دولار أثارت تساؤلات حول تأثيرها على سكان المدينة،وفقا لشبكة "CNBC".
روح العطاء.. دعم سري لأيقونة الحقوق المدنية
عرفت عائلة إليتش بمساهماتها الخيرية التي لم تكن دائمًا تحت الأضواء. من أبرزها، قيام مايكل إليتش سرًا بدفع إيجار روزا باركس، أيقونة الحقوق المدنية، خلال التسعينيات، بعد انتقالها إلى شقة في ديترويت. وقال القاضي الفيدرالي دامون كيث: "يجب أن يعرف الناس ما فعله مايك إليتش، لأنه يرمز إلى ما قدمه دائمًا لمدينتنا".
توسع جديد في عالم الأعمال
في عام 2005، قامت ماريان بشراء حصص شركائها في فندق كازينو موتور سيتي مقابل 525 مليون دولار، لتضيف إلى محفظتها الاستثمارية مشروعًا جديدًا يعزز مكانتها كواحدة من أقوى سيدات الأعمال في أميركا.
رغم ثروتها الهائلة، بقيت ماريان إليتش بعيدة عن الأضواء معظم حياتها، مفضلة العمل في صمت. لكنها اليوم تُعد نموذجًا للمرأة العصامية التي صنعت ثروتها من الصفر، وخلّدت اسمها في سجلات المليارديرات بفضل المثابرة، والشراكة، وحب المدينة التي نشأت فيها.
ماريان إليتش ليست مجرد سيدة أعمال ناجحة، بل قصة ملهمة عن كيف يمكن لطموح بسيط أن يتحول إلى إرث عالمي.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ماريان إليتش.. من تعبئة الملح والفلفل إلى عالم المليارات
ماريان إليتش.. من تعبئة الملح والفلفل إلى عالم المليارات

البيان

timeمنذ 11 ساعات

  • البيان

ماريان إليتش.. من تعبئة الملح والفلفل إلى عالم المليارات

قبل أن تصبح من بين أغنى النساء العصاميات في أميركا، كانت ماريان إليتش فتاة صغيرة تعمل في مطعم والدها، حيث كانت تُعيد تعبئة موزعات المناديل وعلب الملح والفلفل على الطاولات. لم تكن تدري حينها أن هذه المهام البسيطة ستكون أولى خطواتها في طريق بناء إمبراطورية غذائية عالمية. تلك البداية المتواضعة غرست فيها قيمة العمل الجاد، والتي رافقتها لاحقًا في تأسيس سلسلة "ليتل سيزرز" للبيتزا، التي أصبحت مصدر ثروتها الهائلة البالغة 6.9 مليارات دولار، لتصيح ثالث أغنى امرأة عصامية في أميركا وفقاً لقائمة فوربس . وُلدت ماريان إليتش عام 1933، وبدأت رحلتها في عالم العمل من سن مبكرة داخل مطعم والدها، حيث كانت تعبئ موزعات المناديل وعلب الملح والفلفل. وبعد ذلك، عملت في مجال البيع بالتجزئة، ثم كموظفة حجز في خطوط دلتا الجوية،وفقاً لموقع إيليتش هولدينغز الإلكتروني. لكن نقطة التحول الكبرى جاءت بعد زواجها من مايكل إليتش، حيث قرر الزوجان استثمار مدخراتهما لافتتاح أول فرع لمطاعم "ليتل سيزرز" (Little Caesars) في غاردن سيتي بولاية ميشيغان عام 1959. وبعد ثلاث سنوات فقط، بدأوا العمل بنظام الامتياز، وسرعان ما توسعت السلسلة بشكل كبير. اليوم، تحقق السلسلة مبيعات سنوية تقدر بـ 5 مليارات دولار، وتمتلك آلاف الفروع حول العالم، 80% منها تعمل بنظام الامتياز. قيادة إمبراطورية بعد وفاة الشريك المؤسس تولت ماريان رئاسة مجلس إدارة "إليتش هولدينغز"، وهي الشركة العائلية التي تدير ليتل سيزرز، بعد وفاة زوجها عام 2017. ورغم تجاوزها سن التسعين، ما زالت إليتش تعتبر من أبرز الأسماء في عالم الأعمال الأميركي. استثمارات في ديترويت.. من الرياضة إلى الفنادق لم تقتصر طموحات عائلة إليتش على المطاعم، بل امتدت إلى دعم الاقتصاد المحلي لمدينة ديترويت. في عام 1982، اشترى الزوجان فريق الهوكي الشهير ديترويت ريد وينغز مقابل 8 ملايين دولار، ثم فريق البيسبول ديترويت تايغرز عام 1992 مقابل 85 مليون دولار. كما استحوذا على مسرح فوكس التاريخي في وسط المدينة عام 1987، واستثمرا 12.5 مليون دولار في ترميمه. وتوسعت استثمارات العائلة لاحقًا لتشمل بناء "ليتل سيزرز أرينا"، لكن بعض مشاريعهم المثيرة للجدل مثل خطة التطوير المحيطة بالأرينا بقيمة 200 مليون دولار أثارت تساؤلات حول تأثيرها على سكان المدينة،وفقا لشبكة "CNBC". روح العطاء.. دعم سري لأيقونة الحقوق المدنية عرفت عائلة إليتش بمساهماتها الخيرية التي لم تكن دائمًا تحت الأضواء. من أبرزها، قيام مايكل إليتش سرًا بدفع إيجار روزا باركس، أيقونة الحقوق المدنية، خلال التسعينيات، بعد انتقالها إلى شقة في ديترويت. وقال القاضي الفيدرالي دامون كيث: "يجب أن يعرف الناس ما فعله مايك إليتش، لأنه يرمز إلى ما قدمه دائمًا لمدينتنا". توسع جديد في عالم الأعمال في عام 2005، قامت ماريان بشراء حصص شركائها في فندق كازينو موتور سيتي مقابل 525 مليون دولار، لتضيف إلى محفظتها الاستثمارية مشروعًا جديدًا يعزز مكانتها كواحدة من أقوى سيدات الأعمال في أميركا. رغم ثروتها الهائلة، بقيت ماريان إليتش بعيدة عن الأضواء معظم حياتها، مفضلة العمل في صمت. لكنها اليوم تُعد نموذجًا للمرأة العصامية التي صنعت ثروتها من الصفر، وخلّدت اسمها في سجلات المليارديرات بفضل المثابرة، والشراكة، وحب المدينة التي نشأت فيها. ماريان إليتش ليست مجرد سيدة أعمال ناجحة، بل قصة ملهمة عن كيف يمكن لطموح بسيط أن يتحول إلى إرث عالمي.

38 % من الأصول القابلة للاستثمار تحت سيطرة النساء
38 % من الأصول القابلة للاستثمار تحت سيطرة النساء

البيان

timeمنذ 14 ساعات

  • البيان

38 % من الأصول القابلة للاستثمار تحت سيطرة النساء

توقعت أحدث الدراسات التي أجراها بنك (يو بي إس) «UBS» أن تتحكم النساء بـ38% من الأصول القابلة للاستثمار، أي ما يعادل 30 تريليون دولار من القوة المالية، خلال خمس سنوات. وتُظهر دراسة البنك أن النساء يتحكمن حالياً بـ32% من الثروة العالمية، وهي نسبة مستمرة في الارتفاع مع دخولنا عام 2025. هذا التحول لا يعد مجرد تطور ديموغرافي، بل يعيد تصور كيفية تقديم المشورة وإدارة الاستثمارات. وقالت لورا ميرليني، المدير التنفيذي لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في «CAIA»: «في بعض الأحيان نحتاج إلى أحداث قاهرة لتحفيز تحولات أعمق، ويبدو أن «العاصفة المثالية» تحدث الآن في المشهد المالي، التأثير الاقتصادي المتزايد للنساء، إلى جانب نمو الاستثمارات البديلة، يمثل إحدى أهم الفرص في عالم المال اليوم، فمن المتوقع خلال خمس سنوات أن تتحكم النساء بـ38% من الأصول القابلة للاستثمار، أي ما يعادل 30 تريليون دولار من القوة المالية». ورغم هذا النمو لا تزال هناك حواجز كبيرة، تتمثل في فجوات في التمويل، ووصول محدود إلى الفرص الاستثمارية، وصور نمطية قديمة عن المخاطر والقيادة، خاصة في قطاع الاستثمارات البديلة الذي يهيمن عليه الرجال. وهذه التحديات تكون أشد وطأة على النساء الملونات أو من خارج الشبكات المالية التقليدية. وإذا أراد القطاع اغتنام هذه الفرصة حقاً، فعليه إزالة هذه العقبات وتبنّي ممارسات أكثر شمولاً. وأضافت ميرليني: «لحسن الحظ، بدأت التغييرات تحدث بالفعل، فعلى الرغم من هذه التحديات تبرز اتجاهات واعدة. النهج الاستثماري طويل الأمد والقائم على القيم الذي تتبعه النساء، الذي يركز على الاستدامة وجودة الحوكمة والتخطيط حسب مراحل الحياة، يتماشى جيداً مع العديد من استراتيجيات الاستثمار البديلة، كما أن الاستثمار بمنظور النوع الاجتماعي يلقى رواجاً متزايداً». وأشارت ميرليني إلى أن دراسات وأبحاث «UBS» تحدد 3 طرق متكاملة لهذا النوع من الاستثمار، وهي الاستثمار لصالح النساء عبر منتجات وخدمات تلبي احتياجاتهن، والاستثمار في النساء بدعم الشركات التي تقودها نساء، والاستثمار عبر النساء من خلال تشجيع النساء على قيادة المحافظ والمشاريع الاستثمارية. وقالت ميرليني: «الواقع أن النساء يقدن حالياً موجة تأسيس شركات خاصة وصناديق رأس مال مغامر ومنصات إقراض بديل تركز على سد الفجوات الجندرية». وقد أثبتت الدراسات أن فرق الاستثمار التي تتمتع بقيادة نسائية قوية تُظهر تقييماً أكثر حكمة للمخاطر، وتقل فيها تقلبات المحافظ، وتحقق عوائد مساوية أو أفضل. كما تؤدي النساء دوراً بارزاً في دمج عوامل البيئة والمجتمع والحوكمة (ESG)، حيث إن 64% منهن يأخذن هذه العوامل بعين الاعتبار دائماً في قراراتهن الاستثمارية. هذا التوجه يقود رؤوس الأموال نحو الاستثمار التأثيري، والأسهم الخاصة المستدامة، والبنية التحتية الخضراء. وأشارت ميرليني إلى أن أبحاث «GIIN» تُظهر أن 84% من المستثمرين بمنظور النوع الاجتماعي يستهدفون أيضاً حلول المناخ، إدراكاً لارتباط التحديات ببعضها. وعلى الرغم من كل ذلك فهناك فجوة كبيرة في كيفية خدمة المستثمرات، فرغم تحكم النساء بما يقارب ثلث الثروة العالمية، فإن نسبة المستشارات الماليات لا تتجاوز 15-20%، كما أن عدداً أقل منهن متخصص في الاستثمارات البديلة. وتُفضل النساء غالباً أساليب تواصل تختلف عن تلك التي يقدمها المستشارون الذكور؛ إذ يركزن على الأهداف الحياتية والأمان بدلاً من الأداء مقارنة بالمؤشرات، وهن أكثر استعداداً للنظر في البدائل إذا عُرضت عليهن من قبل مستشارين يفهمون تجاربهن. تعقيد هذه الاستثمارات يتطلب مستشارين قادرين على تبسيط الاستراتيجيات المعقدة وجعلها مفهومة ومتصلة بحياة العميل، وهي مهارة تتميز بها النساء بفضل أسلوب تواصلهن المتعاطف ونهجهن الشمولي في التخطيط المالي. تضيف المستشارات أيضاً منظوراً مهماً في التخطيط للثروات بين الأجيال، خاصة مع تسارع «التحول الكبير في الثروة»، ما يفتح أبواباً لعلاقات أعمق مع العملاء تتجاوز حدود الإدارة التقليدية للأصول. ووجهت ميرليني النصيحة لكل من ترغب في دخول أو التوسع في مجال الاستثمارات البديلة ضمن خدمات إدارة الثروات، قائلة إن هناك بعض الخطوات المجدية، وهي تطوير المعرفة في استراتيجيات الاستثمار ومهارات التقييم، وتعد جمعية «CAIA» حليفاً ممتازاً في هذا المجال. والبحث عن رعاة مهنيين، وليس فقط مرشدين، والانضمام إلى شبكات استثمارية نسائية، وإنشاء نوادي استثمار لتبادل الخبرات. كذلك، فإن تطوير أطروحات استثمار تجمع بين الأهداف المالية والأثر المجتمعي مع التركيز على قطاعات مرتبطة بخبرتك الشخصية، يسهم في مواءمة الاستثمارات مع القيم. وقالت ميرليني إنه مع اقترابنا من عام 2030، فإن المؤسسات المالية التي تنجح في إشراك النساء كمستثمرات وقائدات ومبتكرات ستقود مستقبلاً متحولاً لإدارة الثروات، قائماً على تنوع وجهات النظر لمعالجة التحديات العالمية المعقدة. إن ما يُعرف بـ«التحول الكبير في الثروة» لا يُغير فقط من يملك رأس المال، بل يغيّر كيف سيستخدم هذا المال في تشكيل مستقبلنا المشترك.

بتوقيع ترامب.. واشنطن تمهد الطريق لنظام مالي مشفر بالكامل
بتوقيع ترامب.. واشنطن تمهد الطريق لنظام مالي مشفر بالكامل

سكاي نيوز عربية

timeمنذ 3 أيام

  • سكاي نيوز عربية

بتوقيع ترامب.. واشنطن تمهد الطريق لنظام مالي مشفر بالكامل

قانون جينيوس ليس مجرد إصلاح تنظيمي، بل لحظة تحوّل في علاقة الناس والحكومات بالمال. إنه قانون يعيد تعريف "الثقة" في عالم رقمي، ويفتح الباب أمام جيل جديد من الأدوات المالية التي قد تكون أكثر عدالة، وأكثر كفاءة، وربما... أكثر مراقبة. في ظل هذا التحوّل غير المسبوق، سيكون على الحكومات والمستهلكين والمستثمرين أن يتكيفوا مع نظام مالي جديد، حيث لم تعد البنوك وحدها هي من تصنع المال، بل الكود البرمجي أصبح لاعب رئيسي في هذه الصناعة القديمة. كما أدى التوقيع على القانون إلى ارتفاع في القيمة السوقية للعملات المشفرة إلى أكثر من 4 تريليونات دولار، مدفوعًا بتدفقات كبيرة نحو العملات المستقرة وارتفاع البتكوين إلى 123 ألف دولار قبل أن ينخفض ليستقر عند مستويات الـ 117 ألف دولار ما هو قانون جينيوس؟ قانون "جينيوس" الذي أقرّه الكونغرس الأميركي بأغلبية كبيرة، ثم وقّعه الرئيس دونالد ترامب ليصبح ساري المفعول، يُعد أول إطار قانوني شامل للعملات المستقرة (Stablecoins)، وهي عملات رقمية مرتبطة بأصول ثابتة مثل الدولار الأميركي أو الذهب. أبرز بنود القانون: سواء أحببنا ذلك أم لا، فإن الإقرار التنظيمي الذي يمنحه قانون "جينيوس" يضع العملات المستقرة على طريق يؤهلها للعب دور محوري في مستقبل المال عالميًا. ومثل تنظيم "ميكا" الأوروبي (MiCA)، يشترط القانون: أن تكون العملات المستقرة مدعومة بالكامل باحتياطيات آمنة مثل النقد أو سندات الخزانة الأميركية قصيرة الأجل يشترط على الشركات الحصول على ترخيص من الجهات التنظيمية الفيدرالية. يخضع المصدرون لمراقبة مستمرة من قبل وزارة الخزانة الأميركية وهيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية (SEC). يُتيح للفيدرالي (البنك المركزي) التدخل في حال وجود تهديد للاستقرار المالي. كل هذه الإجراءات تُسهم، بدرجة ما على الأقل، في الحماية من الانتهاكات. ومن المؤكد، كما يأمل المشرّعون، أن تُسارع باعتماد العملات المستقرة المقومة بالدولار محليًا ودوليًا. ومن خلال منح العملات المستقرة موطئ قدم آمن داخل النظام المالي المنظم، تصبح الجهات الأميركية المُصدِرة في موقع الريادة للحفاظ على هيمنة الدولار في المدفوعات عبر الحدود. كيف سيؤثر على حياتنا الاقتصادية والمالية والاجتماعية؟ مدفوعات أسرع... وربما أرخص القانون يمهّد الطريق أمام استخدام العملات المستقرة – وهي عملات رقمية مدعومة بأصول حقيقية كالدولار – في المعاملات اليومية، ما يعني أن التحويلات المالية بين الأفراد أو الشركات يمكن أن تتم في ثوانٍ دون الحاجة إلى وسطاء أو بنوك تقليدية. نهاية زمن "الرسوم الخفية"؟ بفضل القانون، سيتعين على الجهات المُصدرة للعملات الرقمية أن تحتفظ باحتياطيات مضمونة تعادل قيمة ما تصدره من عملات، ما يعزز ثقة المستهلك ويقلل من مخاطر الانهيار أو التلاعب. هذا سيسمح للبائعين والمشترين بالتعامل بثقة أكبر ويقلل من الاعتماد على البطاقات المصرفية و"الرسوم الخفية" المرافقة لها. طفرة في الابتكار... وفرص عمل جديدة من خلال ترسيخ الإطار القانوني، يفتح القانون الباب أمام شركات التكنولوجيا المالية الناشئة، ما قد يؤدي إلى ظهور تطبيقات ومحافظ رقمية جديدة تسهّل التعامل بالعملات المستقرة، وتوفّر فرص عمل في مجالات البرمجة، التحليل، والأمن السيبراني. رقابة أقوى... وخصوصية أقل؟ في المقابل، يُثير القانون مخاوف من مزيد من الرقابة الحكومية، إذ ستكون للهيئات التنظيمية مثل هيئة الأوراق المالية الأميركية سلطة أكبر في متابعة حركة الأموال الرقمية، ما قد يمس بمبدأ "الخصوصية" الذي دافعت عنه مجتمعات العملات المشفرة منذ البداية. نحو عصر الدولار الرقمي؟ " قانون جينيوس" يُعد خطوة أولى نحو ما يسميه البعض " عصر الدولار الرقمي"، حيث تكتسب الأصول الرقمية الطابع الرسمي كجزء من النظام المالي الأميركي. وإذا ما تبنّت الحكومات الأخرى هذا النهج، فقد نشهد قريبًا منافسة بين عملات مستقرة وطنية، تقلب موازين التجارة العالمية. مخاطر القانون الجديد لكن التحول التكنولوجي الذي يوشك أن يضرب قطاع المدفوعات محفوف بالمخاطر. ففي حال نجاح العملات المستقرة، من المحتمل أن تقتطع من أعمال البنوك، دون أن تخضع لمستوى مماثل من الرقابة التنظيمية. ولدى الولايات المتحدة تجربة مؤلمة في هذا الصدد؛ ففي منتصف القرن التاسع عشر، وخلال فترة "البنوك الحرة" التي أعقبت الحملة الناجحة للرئيس أندرو جاكسون ضد البنك المركزي الفيدرالي الأولي، سادت حالة من الفوضى النقدية حيث كانت كل مؤسسة مصرفية تصدر عملتها الخاصة، ما أدى إلى تباين واسع في قيم صرف تلك العملات. وقد حذر بنك التسويات الدولية (BIS) من تكرار هذا السيناريو عبر إصدار عملات مستقرة خاصة تتنافس فيما بينها. وقد يُخفف قانون "جينيوس" ونظراؤه من هذا الخطر، لكن — كما هو الحال مع البنوك — لن يكون أمام الحكومة المركزية في النهاية خيار سوى الوقوف خلف القيمة الثابتة للعملة عندما تسوء الأمور. وهذا أحد الأسباب التي دفعت محاكم قضائية أخرى — مثل محاكم الاتحاد الأوروبي والصين — إلى تطوير عملات رقمية صادرة عن البنوك المركزية، تُشبه العملات المستقرة لكنها تُصدر بشكل عام. أما السبب الآخر، فهو الخشية من أن العملات المستقرة المقومة بالدولار والمستخدمة في المدفوعات الدولية قد تتسلل إلى اقتصاداتهم وتؤثر عليها. وبالتالي، فإن الاستقرار المالي الدولي سيواجه قريبًا تهديدًا من معركة ناشئة بين العملات المستقرة الخاصة التي تروج لها الولايات المتحدة — لا سيما أن الكونغرس يدرس قانونًا يحظر عملة رقمية أميركية مركزية (CBDC) — وبين اليورو الرقمي والرنمينبي الصيني. وأخيرًا، رغم الترويج للعملات المستقرة على أنها الزاوية "الأكثر احترامًا" في عالم الأصول المشفرة، فإنها تشكّل أيضًا بوابة لأنشطة أكثر خطورة. إذ إن سهولة الدخول والخروج من النظام المشفّر التي تتيحها هذه العملات تُعد من أبرز دوافع دعم القطاع لها. وفي هذا السياق، يناقش الكونغرس قانونًا ثالثًا بعنوان " قانون الوضوح" (Clarity Act) يهدف إلى تمهيد الطريق أمام الصناعة المشفرة الأميركية الأوسع. توجد اليوم تحالفات غير نزيهة خلف الدفع الأميركي باتجاه التشفير — تدمج بين المصالح الاستراتيجية في تنمية قطاع تتصدره الولايات المتحدة، والسعي لجذب تدفقات مالية عالمية، وخفض تكاليف تمويل الحكومة، وتعزيز عدد من مخططات "الثراء السريع"، بما في ذلك تلك التي يُشتبه بارتباطها بعائلة ترامب نفسها، بحسب صحيفة فاينانشال تايمز. إن رقمنة المال أصبحت أمرًا لا مفر منه. لكننا شهدنا مرارًا وتكرارًا كيف يمكن للابتكار المالي، إذا تُرك بلا ضوابط، أن يخلف دمارًا واسعًا. لقد اختارت الولايات المتحدة مسارها — وعلى الدول الأخرى أن تدرس خياراتها بعناية. لكنه في الوقت نفسه يفرض تحديات جديدة على صعيد الأمن، الخصوصية، والسيطرة النقدية. المستقبل أقرب مما نتصور... وقد يكون مشفرًا بالكامل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store