
كيف تعيد تقنيات الذكاء الاصطناعي تشكيل البيئة الإخبارية؟
في زمنٍ تتقاطع فيه التحولات السياسية مع الاضطرابات الاقتصادية والتطورات التكنولوجية المتسارعة، يأتي تقرير "Reuters Digital News Report 2025"، الصادر عن معهد رويترز لدراسة الصحافة ليضعنا، الصحافيين والإعلاميين، أمام مرآة الواقع المتغير في البيئة الإعلامية، ويكشف التقرير أيضًا الذي استند إلى آراء نحو 100 ألف مشارك في 48 سوقاً، تُمثل أكثر من نصف سكان العالم، أن وسائل الإعلام التقليدية لم تعد وحدها في الميدان، بل تشاركها الآن منصات الفيديو، والمؤثرون، البودكاست، بل والذكاء الاصطناعي ذاته.
يؤكد التقرير أن الاعتماد على التلفزيون والمواقع الإخبارية في تراجع مستمر، بينما تتسارع وتيرة استهلاك الأخبار عبر المنصات الاجتماعية مثل: يوتيوب وتيك توك، خاصة لدى الفئات العمرية الأصغر، حيث يُفضل في الواقع 44 % من فئة 18-24 عامًا حول العالم الحصول على الأخبار من هذه المنصات، مقارنة بـ 20 % فقط ممن يفضلون المواقع الإخبارية.
هذا التحول لا يمكن تجاهله في البيئة الإعلامية السعودية. فالشباب السعودي يُعد من الأكثر تفاعلاً على المنصات الاجتماعية، ويبدو أن التأثيرات العالمية باتت تنعكس محلياً مع تزايد الاعتماد على المحتوى المرئي والمختصر، وخاصة من المؤثرين المحليين الذين غالباً ما يتفوقون من حيث الانتشار على المؤسسات الإخبارية.
المفارقة الأبرز في التقرير تكمن في ظهور الذكاء الاصطناعي كمصدر ناشئ للأخبار، ورغم أن نسبة الاعتماد عليه لا تزال محدودة نسبياً (7 % عالمياً)، إلا أن النسبة تقفز إلى 15 % بين الشباب تحت 25 عاماً.
في السعودية، ومع تصاعد الاهتمام بتطبيقات الذكاء الاصطناعي ضمن "رؤية 2030"، يصبح من الضروري التفكير الجاد في دمج هذه التقنيات داخل غرف الأخبار، ليس لأغراض التحرير فقط، بل لتقديم محتوى شخصي، مترجم، ومُبسّط بحسب اهتمامات المستخدم.
لكن التقرير يحذر من الإفراط في الثقة، إذ أظهرت البيانات أن الجمهور يتوقع من الذكاء الاصطناعي أن يجعل الأخبار "أقل موثوقية" و"أقل شفافية"، ما يدفعنا للتمسك بالدور البشري التحريري كموجه وضابط جودة، لا مجرد مبرمج.
ويشير التقرير إلى أن المؤثرين يُنظر إليهم في بعض الدول كمصدر رئيس للأخبار، ولكنهم كذلك مصدر محتمل للمعلومات المضللة، وفي هذا السياق، يبرز سؤال حساس في البيئة الإعلامية السعودية: هل نتعامل مع المؤثرين كمنافسين أم كشركاء محتملين؟
ربما يكون الجواب في تبني نهج تكاملي، فعلى سبيل المثال، يمكن للمؤسسات الإعلامية أن تبني "تحالفات ذكية" مع المؤثرين الذين يتمتعون بمصداقية نسبية، عبر تزويدهم بمحتوى موثوق قابل للنشر بأسلوبهم الخاص، ما يسهم في توسيع دائرة الوصول مع الحفاظ على المصداقية المؤسسية.
ومن خلال قراءة معمّقة لمخرجات التقرير، تتضح أمام المؤسسات الإعلامية السعودية مجموعة من الأولويات الاستراتيجية التي لا تحتمل التأجيل، أولها الاستثمار في الصحافة المرئية، إذ باتت توجهات الجمهور تميل بشكل متزايد نحو استهلاك المحتوى البصري، مما يتطلب تسريع وتيرة إنتاج الفيديوهات القصيرة والمخصصة لمنصات مثل: "تيك توك" و"يوتيوب شورتس" شريطة الحفاظ على القيم التحريرية والمهنية.
ويلي ذلك ضرورة تفعيل الذكاء الاصطناعي بوعي، بحيث يتم توظيفه في تقديم نشرات مخصصة وتلخيصات فورية وترجمات متعددة اللغات، دون المساس بدور المحرر البشري كمحور للرقابة التحريرية وضمان الجودة، وفي الوقت ذاته، يُستحسن أن تعيد المؤسسات صياغة علاقتها مع الجمهور، بالتحول من نموذج "الإرسال الأحادي" إلى حوار تفاعلي يتيح مساحة أكبر للتعليقات والاستطلاعات ورصد ما يتداوله الناس عبر المنصات الاجتماعية.
أما على المستوى الاقتصادي، فإن الحاجة ملحّة إلى بناء نموذج مالي مرن يتجاوز منطق الاشتراك الصارم، ويعتمد على حلول مثل: "الحزم الإخبارية" أو "العضوية المرنة" التي تدمج بين المعلومة والخدمة والترفيه، وأخيراً، لا يمكن لمؤسسة إعلامية محلية أن تواكب التحولات من دون توطين البيانات، إذ تحتاج إلى بناء قواعد معرفية تعكس أنماط الاستهلاك المحلي بدقة، بما يعينها على اتخاذ قرارات تحريرية وتسويقية مدروسة تستند إلى واقع الجمهور السعودي لا إلى المتوسطات العالمية.
رغم أن التحديات التي يبرزها التقرير دولية الطابع، إلا أن الاستجابة الفاعلة يجب أن تكون محلية الجذور، متكئة على فهم عميق للسياق الثقافي والاجتماعي السعودي، خاصة أن المؤسسات الإعلامية السعودية تقف اليوم أمام مفترق طرق: إما أن تواكب التحول الرقمي بأدوات ذكية وهوية واضحة، أو أن تصبح جزءاً من هامش لم يعد أحد يلتفت إليه.. دمتم بخير.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أرقام
منذ ساعة واحدة
- أرقام
وكالة: مايكروسوفت تُحقق في احتمال كشف نظام الإنذار عن ثغرات في شيربوينت
تُجري "مايكروسوفت" تحقيقاً فيما إذا كان تسريب للبيانات من نظام الإنذار السيبراني الخاص بها قد سمح لقراصنة إلكترونيين صينيين باستغلال ثغرات أمنية في برنامج "شيربوينت"، وفقاً لما ذكرته وكالة "بلومبرج" نقلاً عن مصادر مطلعة. ويهدف البرنامج، المعروف باسم "مايكروسوفت أكتيف بروتكشنز"، إلى منح خبراء الأمن السيبراني متسعاً لإصلاح أنظمة الحواسيب قبل الإعلان عن أي مخاوف أمنية للعامة. لكنه بات محل تدقيق حالياً، بعد أن تعرّضت أكثر من 400 جهة حكومية وشركة حول العالم لهجمات مرتبطة بثغرتين في برنامج مشاركة المستندات "شيربوينت"، بينها الإدارة الوطنية للأمن النووي في الولايات المتحدة، بحسب ما ذكرته المصادر.


الشرق السعودية
منذ 2 ساعات
- الشرق السعودية
2026.. عام الهواتف القابلة للطي وسط تنافس شرس بين أبل وسامسونج
توقع مراقبون لسوق الهواتف الذكية، أن يكون عام 2026 مفصلياً في الهواتف القابلة للطي التي تتجه إلى التحول من منتج تجريبي إلى خيار سائد، مدفوعة بنضوج التقنية، وزيادة الإقبال الجماهيري، ودخول أبرز اللاعبين العالميين على خط المنافسة، وفي مقدمتهم أبل وسامسونج. طوال السنوات الماضية، حاولت سامسونج الحفاظ على صدارة سوق الهواتف القابلة للطي عبر سلسلة "جلاكسي زد فولد"، وكان أحدثها "زد فولد 7"، الذي تميز بتصميم أنحف وأداء محسّن، إلى جانب شاشة داخلية مقاس 8 بوصات، ومعالج من نوع Snapdragon 8 Elite، وكاميرا رئيسية بدقة 200 ميجابيكسل، وبطارية بسعة 4400 مللي أمبير. وأفادت وكالة "بلومبرغ" أن زد فولد 7 تفوق في مبيعاته على سابقه. وتوقع المحلل مينج تشي كيو، في تسريبات نشرها عبر منصة "إكس"، أن يشهد هاتف جلاكسي زد فولد 8 القادم من سامسونج، تحسينات ثورية، أبرزها شاشة داخلية دون طيّة مرئية، بفضل تقنية معدنية مثقوبة بالليزر Laser-drilled Metal Display، يُعتقد أنها ذاتها التي تستخدمها أبل في هاتفها القابل للطي. وتهدف هذه التقنية إلى تقليل التوتر الميكانيكي عند الطي، ما يخفي الطيّة التي لطالما اعتُبرت من عيوب هذا النوع من الأجهزة. وفي خطوة مثيرة للجدل، توقع مستخدمون عبر منصة "ريديت" أن تتخلى سامسونج عن منفذ الشحن USB-C في النسخة القادمة، والاعتماد الكامل على الشحن اللاسلكي، ما قد يمهد الطريق نحو تصميمات أكثر بساطة في المستقبل. ومن بين التحسينات المتوقعة أيضاً، وزن أقل يقارب 215 جراماً، وسمك لا تتجاوز 8.9 ملم عند الطي، ما يجعل الجهاز واحداً من أنحف وأخف الهواتف القابلة للطي في السوق. أبل تدخل السباق في المقابل، تستعد أبل لدخول السوق بإطلاق أول آيفون قابل للطي في نهاية عام 2025، بحسب تقرير نشرته "بلومبرغ". ورغم أن الشركة لن تقدّم ثورة تقنية في هذا المجال، فإنها تركّز على تحسين عناصر جوهرية، مثل تقليل وضوح الطيّة في الشاشة الداخلية، وتطوير آلية المفصل، إلى جانب دمج ميزات برمجية ضمن نظام iOS 27 تتماشى مع طبيعة هذا الشكل الجديد من الأجهزة. ومن المنتظر أن يعتمد الهاتف على شاشات OLED قابلة للطي من إنتاج "سامسونج ديسبلاي"، ويُتوقع أن يُباع بسعر يبدأ من 2000 دولار، وهو ما يمنح أبل فرصة لتعزيز عائداتها من فئة آيفون دون الحاجة إلى مضاعفة المبيعات. الصين تحدد اتجاه السوق ويأتي دخول أبل إلى فئة الهواتف القابلة للطي مدفوعاً بالطلب المتزايد في الصين، بحسب "بلومبرغ" إلى أن المستخدمين يُظهرون تفضيلاً واضحاً لتصميم الهاتف القابل للطي على شكل كتاب، وهو ما تعتمده أبل حالياً، وسط منافسة قوية من علامات تجارية محلية مثل هواوي، وشاومي، وهونر، وفيفو. وبينما تراهن سامسونج على التميز الهندسي والتقني، تعتمد أبل على قوتها التسويقية، وقاعدة مستخدمي آيفون الأوفياء الذين طالما رغبوا في تجربة الهواتف القابلة للطي دون مغادرة عالم iOS. ومع استعداد الشركتين لإطلاق أجهزتهما الجديدة، تتجه أنظار السوق إلى معركة استثنائية ربما تُعيد تشكيل صناعة الهواتف الذكية لعقدٍ مقبل.


الرجل
منذ 6 ساعات
- الرجل
OpenAI تستعد لإطلاق GPT-5 رسميًا.. قفزة جديدة في سباق الذكاء الاصطناعي
في خطوة هامة نحو تطوير الذكاء الاصطناعي، أكدت مصادر مقربة من OpenAI أن الشركة تستعد لإطلاق نموذجها الجديد GPT-5 في أوائل أغسطس 2025. يأتي هذا بعد اختبارات إضافية وتأجيلات منذ الإعلانات الأولى عن إطلاقه في مايو الماضي. معلومات عن GPT-5 بدوره، قال الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، سام ألتمان، في تصريحات سابقة على منصة X، إن GPT-5 سيتضمن قدرات جديدة مثل التكامل مع تقنيات o3 التي كانت مُفصّلة سابقًا في نماذج منفصلة. وقد أشار ألتمان إلى قدرة النموذج على الإجابة بشكل دقيق وسريع، قائلاً إنه شعر بالإعجاب الشديد عندما أجاب GPT-5 على سؤال لم يتمكن هو من الإجابة عليه. ومن المقرر أن تتوفر نسخ مصغرة من GPT-5، مثل Mini و Nano، عبر واجهتها البرمجية (API)، مما يجعلها متاحة للمطورين لاستخدامها في تطبيقاتهم المتنوعة. وقبل الإعلان الرسمي، تم رصد GPT-5 في بعض الأماكن مما أدى إلى تكهنات حول موعد إطلاقه. ويبدو أن OpenAI ستطلق النموذج الجديد في أغسطس مع مزايا محسّنة، تجعل منه أداة فعالة بشكل أكبر في مختلف التطبيقات التقنية. أبرز استخدامات شات جي بي تي في خدمة الإنسان 1. مساعد شخصي افتراضي: شات جي بي تي يعد واحدًا من أبرز الأمثلة على المساعدين الشخصيين القائمين على الذكاء الاصطناعي. ويمكن استخدامه لإعداد الجداول اليومية، تذكير المستخدمين بالمواعيد، إدارة المهام البسيطة، وحتى تقديم توصيات على أساس تفضيلات المستخدم. اقرأ أيضًا: سباق الذكاء بين Google وOpenAI يصل إلى أولمبياد الرياضيات وبفضل قدرته على التفاعل بشكل طبيعي مع المستخدم، أصبح شات جي بي تي أداة مفيدة للغاية في الحياة اليومية. 2. الكتابة والتحرير: أصبح شات جي بي تي أداة قوية للمساعدة في كتابة المقالات، التقارير، والمدونات، بل وحتى الكتب. ويمكنه توليد نصوص احترافية بناءً على معايير معينة، كما يساعد في تصحيح الأخطاء اللغوية والإملائية وتحسين الأسلوب الكتابي. وهذا الاستخدام مفيد للكتّاب، الصحفيين، والطلاب الذين يحتاجون إلى مساعدة في صياغة الأفكار وتحسين كتاباتهم. 3. الدعم الفني وخدمة العملاء: يستخدم العديد من الشركات شات جي بي تي لتقديم الدعم الفني للعملاء والإجابة على استفساراتهم، ويمكن للبوت أن يتفاعل مع العملاء في الوقت الفعلي، ويوفر حلولاً سريعة لمشاكلهم. كما يتيح ذلك توفير تجربة أكثر سلاسة وكفاءة للعملاء، ويقلل من الضغط على فرق الدعم البشري. 4. التعليم والتدريب: شات جي بي تي يُعد أداة تعليمية قوية، يمكنه مساعدتك في تعلم لغات جديدة، شرح المفاهيم العلمية المعقدة، توفير الأمثلة التوضيحية، والمساعدة في تحضير الدروس والواجبات. ويمكن استخدامه أيضًا كمدرس افتراضي، يجيب على الأسئلة ويقدم شروحات موسعة في مختلف المجالات الأكاديمية. 5. البرمجة وتطوير البرمجيات: من أبرز التطبيقات المتقدمة لشات جي بي تي هو مساعدته للمطورين في كتابة الأكواد البرمجية، كما يمكنه تصحيح الأخطاء البرمجية، كتابة الأكواد الخاصة بالمشاريع المختلفة، وتقديم حلول لمشاكل البرمجة المعقدة. 6. الترجمة اللغوية: على الرغم من وجود العديد من أدوات الترجمة، إلا أن شات جي بي تي يقدم خدمة ترجمة فعّالة باستخدام الذكاء الاصطناعي، حيث يمكنه الترجمة بين العديد من اللغات بشكل سريع ودقيق. ويمكن أن يكون مفيدًا للأشخاص الذين يعملون مع نصوص متعددة اللغات أو يحتاجون إلى مساعدة في الترجمة في الوقت الفعلي.