
فرقة بلاك ساباث... عرض وداعي أخير
فرقة
"بلاك ساباث" (Black Sabbath) البريطانية موسيقى روك آند رول بين عقدَي الستينيات والسبعينيات، وصقلتها مُبدعةً النماذجَ الأولى الأكثرَ تبلوراً لما يُعرف بـHeavy Metal، والترجمة الحرفية هي "المعدن الثقيل"، وهو جنسٌ موسيقيٌّ صاخبٌ يُؤدّى على غيتاراتٍ كهربائيةٍ شُوِّشت أصوات أوتارِها، يسندها قرعُ طبولٍ عنيفٍ، تُصاحب غناءً خشناً حادَّ النبرةِ ومرتفعَ الشدةِ.
تقديراً لدورها الريادي، اجتمعت في 5 يوليو/تموز الحالي نخبةٌ من ألمع نجوم الهيفي ميتال في مدينة بيرمينغهام، مسقطِ رأس الفرقة، لتشاركها عرضَها الوداعيَّ الأخير، بعد مسيرةٍ موسيقيةٍ شارفت على نصفِ قرن.
أمام مرأى ومسمعِ أربعين ألفاً من هواةِ الضجيج ومُدمني مكبّراتِ الصوتِ العملاقة، اعتلت المنصّة فرق، لها أيضاً تاريخها ومنزلتها مثل Metallica، إذ قدّمت نسختَها من أغنية بلاك ساباث Hole in the Sky، من ألبوم Sabotage الصادر سنة 1975، وفرقة Guns N' Roses التي أعادت غناء Never Say Die، من ألبومٍ يحمل ذات الاسم يعود لعام 1978، بصوتِ قائدها آكسل روز (63 عاماً).
المفارقة التاريخية هي أن واحداً من أعنف الأجناس الموسيقية وأكثرها تجييشاً للعواطف الأشد غريزية وبدائية، قد خرج من رحم السلم العالمي الذي ساد الغرب بشرقه الأوروبي وغربه الأميركي خلال الربع الأخير من القرن الماضي، وذلك بعد أن انتهت الحرب العالمية الثانية بحصيلة موت ودمار هائلة، سبقتها الحرب الأولى التي لم تكن أقلّ فظاعة، سوى لتأخر البشرية النسبي في ابتكار وسائل القتل والتدمير.
لذا؛ فإنّ الخطاب الذي تبنّته فرقة "بلاك ساباث" متناً لأغانيها ظلّ في معظمه داعياً إلى السلمية ومناهضة العنف والحرب، أي ما يُعرف بـPacifism، وهي حركة سياسية مجتمعية احتجاجية نادت إلى حل النزاعات دبلوماسياً، وعدم التدخل العسكري، إضافة إلى الحد من انتشار الأسلحة والاتّجار بها، وعلى رأسها تلك التي تُحدث دماراً شاملاً، الكيميائية والبيولوجية والنووية.
يمكن تفسير التناقض بين الشكل العنفي لموسيقى "هيفي ميتال" ومضمونها اللاعنفي، بأن الحركة الباسيفيّة في أوروبا وأميركا الشمالية، التي انضوت تحت لوائها فرقة "بلاك ساباث" وفرَق روك أخرى، معبّرةً عن آرائها وتطلّعاتها، كانت ثوريةَ المنطلق، خصوصاً بين الشباب، أنتجت ثقافةً مضادة، وتموضعت في مواجهة هرميات السلطة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تغوّلت داخل الديمقراطيات الغربية بعد الحرب، وقامت بتدوير ذات النخب الرجعية التي كانت فاعلة قبلها.
"خنازير حرب" (War Pigs) واحدةٌ من أكثر أغاني الفرقة تأثيراً. خصّتها صحيفة فينانشال تايمز بمقالة سنة 2020 عنونتها "كيف مهدت بلاك ساباث الطريق إلى الهيفي ميتال"، وتُعدّ نموذجاً على نهج الثقافة المضادة في مناهضة الحروب وأشكال العنف كافة، كما راقت لروح العصر في أوائل السبعينات. افتُتِح بها ألبومُ الفرقة المعنون "ارتيابي" (Paranoid)، الصادر سنة 1970، وإنْ ترجع الأغنية، بحسب رواية عازف الدرامز بيل وارد، إلى ما قبل ذلك، حين تبلورت عبر جلسات ارتجالٍ مشتركةٍ مطوّلة، عقدتها الفرقة في سويسرا خلال عام 1968.
حافظت War Pigs على طابع الارتجال، إذ جرى تصميمها على فقراتٍ منفصلةٍ متصلةٍ في آن، تتناهى كما لو أنها تداعت بصورةٍ عضوية. تبدأ بصوتِ ضربات على أوتار الغيتار الكهربائي كدوي انفجارات، يصاحبها نبضُ غيتارِ الباص، يصوغ ألحاناً إيقاعية على طريقة البلوز، فيما الدرامز وصنوجُه تُقرع بثقلٍ يوحي بمصابٍ جلل. عند الثانية (0:35)، تُسمع صفاراتُ الإنذار، مدلّلةً على أجواء الحرب، الموضوعة الرئيسية، ممهدّةً الانتقال إلى مقطع الغناء الأول:
"جموعُ جنرالاتٍ محتشدة، كمشعوذين خلال مراسم شيطانية، عقولٌ شريرةٌ تعدّ خططَ الدمار، سحرةُ إعمارِ الموت، تحترق الأجسادُ في الميادين، فيما تستمر آلاتُ الحربِ بالدوران، موتٌ وكراهيةٌ للإنسانية، يُسمِّمان عقولَهم المغسولة". بتلك الكلمات، يصدح المغنّي أوزي أوزبورن، على وقع Riffs مؤلَّفٍ من نغمتَين، ترافقه بخفوتٍ صنجةُ الهاي هات.
لن تتجاوز المقاطعُ الغنائية، على الرغم من قوّة مضامينها، أن تكون مفاصلَ تربط الفقراتِ الارتجالية بين آلاتِ الغيتار، وغيتارِ الباص، وطبولِ الدرامز، ما يزيد من ثرائها الموسيقي. هندسةُ الصوت، إذ توفّر تقنية (hi-fi) إمكانيةً لمضاعفة الأصوات، ثم بثّها عبر مكبّراتِ الصوت، لينفرد كلُّ مكبّرٍ بما يصدُر عنه. بذلك، إنما تتحوّل الأغنية إلى مقطوعةٍ آليةٍ مشبعةٍ بالتوزيع، ومركّبةٍ أدائيّاً وإنتاجيّاً.
من خلال War Pigs، يتجلّى السبقُ الأسلوبي الذي حققته بلاك ساباث، وذلك بإحرازها الكثافة السمعية، مع الإبقاء على مينيمالية الوسائل، ما منح الأغنيةَ خشونةً تعبيريةً، وفي الوقت نفسه أناقةً في ابتكار الجملِ اللحنيةِ والإيقاعيةِ، وطرقِ معالجتها وتوزيعها، لتستثير الأعصاب وتُثير الإعجاب عند مَن يمعن السمع، ولا ينفر مسبقاً من وقع الهدير وشدة الصخب.
هكذا فقد مهّد الجمعُ بين القوّةِ الصوتيةِ والعمقِ المنمَّقِ موتيِّ النزعة (Morbid) لما سيُعرف بجنس "الهيفي ميتال"، الذي ميّز إنتاجات معظمِ فرقِ الهارد روك القاريّة، أي تلك الآتية من أوروبا، وخصوصاً بريطانيا، مثل Judas Priest وRainbow، مقابل الهارد روك الأميركيّ، الأكثر سطحيةً وخفّةً، ممثَّلاً بفرقٍ مثل Stooges وSteppenwolf.
لعلّ ذلك يُعزى إلى الغليان الثوري الذي كانت تعيشه العواصم الأوروبية أواخر الستينيات، على الأخصّ بين الشباب، على المستويَين الاجتماعيّ والسياسيّ. وإذا كان هناك ما يوازيه على الضفة المقابلة من الأطلسي، من حركةِ الحقوقِ المدنية والاحتجاجات المناهضة لحرب فييتنام، فإنّ أوروبا هي القارة التي شهدت الحروبَ الأشدَّ تدميراً في تاريخ البشرية.
وعليه؛ فإنّ حركةَ الثقافة المضادة فيها، وأشكالَ التعبيرِ الفنية المنبثقةَ عنها، رغم طابعها الجماهيريِّ الخفيفِ من جهة، ومضامينِها الباسيفيّةِ الداعيةِ إلى السلمية من جهةٍ أخرى، قد اتّشحت بسوداويةٍ قادمة، واتّسمت بنظرةٍ تشاؤمية، لذا لم تُحسن النظر إلى إرث الحداثة الغربية سوى من رمزيةِ المعدن الثقيل.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 2 أيام
- العربي الجديد
فرقة بلاك ساباث... عرض وداعي أخير
كحدّادٍ ماهرٍ، طوّعت فرقة "بلاك ساباث" (Black Sabbath) البريطانية موسيقى روك آند رول بين عقدَي الستينيات والسبعينيات، وصقلتها مُبدعةً النماذجَ الأولى الأكثرَ تبلوراً لما يُعرف بـHeavy Metal، والترجمة الحرفية هي "المعدن الثقيل"، وهو جنسٌ موسيقيٌّ صاخبٌ يُؤدّى على غيتاراتٍ كهربائيةٍ شُوِّشت أصوات أوتارِها، يسندها قرعُ طبولٍ عنيفٍ، تُصاحب غناءً خشناً حادَّ النبرةِ ومرتفعَ الشدةِ. تقديراً لدورها الريادي، اجتمعت في 5 يوليو/تموز الحالي نخبةٌ من ألمع نجوم الهيفي ميتال في مدينة بيرمينغهام، مسقطِ رأس الفرقة، لتشاركها عرضَها الوداعيَّ الأخير، بعد مسيرةٍ موسيقيةٍ شارفت على نصفِ قرن. أمام مرأى ومسمعِ أربعين ألفاً من هواةِ الضجيج ومُدمني مكبّراتِ الصوتِ العملاقة، اعتلت المنصّة فرق، لها أيضاً تاريخها ومنزلتها مثل Metallica، إذ قدّمت نسختَها من أغنية بلاك ساباث Hole in the Sky، من ألبوم Sabotage الصادر سنة 1975، وفرقة Guns N' Roses التي أعادت غناء Never Say Die، من ألبومٍ يحمل ذات الاسم يعود لعام 1978، بصوتِ قائدها آكسل روز (63 عاماً). المفارقة التاريخية هي أن واحداً من أعنف الأجناس الموسيقية وأكثرها تجييشاً للعواطف الأشد غريزية وبدائية، قد خرج من رحم السلم العالمي الذي ساد الغرب بشرقه الأوروبي وغربه الأميركي خلال الربع الأخير من القرن الماضي، وذلك بعد أن انتهت الحرب العالمية الثانية بحصيلة موت ودمار هائلة، سبقتها الحرب الأولى التي لم تكن أقلّ فظاعة، سوى لتأخر البشرية النسبي في ابتكار وسائل القتل والتدمير. لذا؛ فإنّ الخطاب الذي تبنّته فرقة "بلاك ساباث" متناً لأغانيها ظلّ في معظمه داعياً إلى السلمية ومناهضة العنف والحرب، أي ما يُعرف بـPacifism، وهي حركة سياسية مجتمعية احتجاجية نادت إلى حل النزاعات دبلوماسياً، وعدم التدخل العسكري، إضافة إلى الحد من انتشار الأسلحة والاتّجار بها، وعلى رأسها تلك التي تُحدث دماراً شاملاً، الكيميائية والبيولوجية والنووية. يمكن تفسير التناقض بين الشكل العنفي لموسيقى "هيفي ميتال" ومضمونها اللاعنفي، بأن الحركة الباسيفيّة في أوروبا وأميركا الشمالية، التي انضوت تحت لوائها فرقة "بلاك ساباث" وفرَق روك أخرى، معبّرةً عن آرائها وتطلّعاتها، كانت ثوريةَ المنطلق، خصوصاً بين الشباب، أنتجت ثقافةً مضادة، وتموضعت في مواجهة هرميات السلطة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تغوّلت داخل الديمقراطيات الغربية بعد الحرب، وقامت بتدوير ذات النخب الرجعية التي كانت فاعلة قبلها. "خنازير حرب" (War Pigs) واحدةٌ من أكثر أغاني الفرقة تأثيراً. خصّتها صحيفة فينانشال تايمز بمقالة سنة 2020 عنونتها "كيف مهدت بلاك ساباث الطريق إلى الهيفي ميتال"، وتُعدّ نموذجاً على نهج الثقافة المضادة في مناهضة الحروب وأشكال العنف كافة، كما راقت لروح العصر في أوائل السبعينات. افتُتِح بها ألبومُ الفرقة المعنون "ارتيابي" (Paranoid)، الصادر سنة 1970، وإنْ ترجع الأغنية، بحسب رواية عازف الدرامز بيل وارد، إلى ما قبل ذلك، حين تبلورت عبر جلسات ارتجالٍ مشتركةٍ مطوّلة، عقدتها الفرقة في سويسرا خلال عام 1968. حافظت War Pigs على طابع الارتجال، إذ جرى تصميمها على فقراتٍ منفصلةٍ متصلةٍ في آن، تتناهى كما لو أنها تداعت بصورةٍ عضوية. تبدأ بصوتِ ضربات على أوتار الغيتار الكهربائي كدوي انفجارات، يصاحبها نبضُ غيتارِ الباص، يصوغ ألحاناً إيقاعية على طريقة البلوز، فيما الدرامز وصنوجُه تُقرع بثقلٍ يوحي بمصابٍ جلل. عند الثانية (0:35)، تُسمع صفاراتُ الإنذار، مدلّلةً على أجواء الحرب، الموضوعة الرئيسية، ممهدّةً الانتقال إلى مقطع الغناء الأول: "جموعُ جنرالاتٍ محتشدة، كمشعوذين خلال مراسم شيطانية، عقولٌ شريرةٌ تعدّ خططَ الدمار، سحرةُ إعمارِ الموت، تحترق الأجسادُ في الميادين، فيما تستمر آلاتُ الحربِ بالدوران، موتٌ وكراهيةٌ للإنسانية، يُسمِّمان عقولَهم المغسولة". بتلك الكلمات، يصدح المغنّي أوزي أوزبورن، على وقع Riffs مؤلَّفٍ من نغمتَين، ترافقه بخفوتٍ صنجةُ الهاي هات. لن تتجاوز المقاطعُ الغنائية، على الرغم من قوّة مضامينها، أن تكون مفاصلَ تربط الفقراتِ الارتجالية بين آلاتِ الغيتار، وغيتارِ الباص، وطبولِ الدرامز، ما يزيد من ثرائها الموسيقي. هندسةُ الصوت، إذ توفّر تقنية (hi-fi) إمكانيةً لمضاعفة الأصوات، ثم بثّها عبر مكبّراتِ الصوت، لينفرد كلُّ مكبّرٍ بما يصدُر عنه. بذلك، إنما تتحوّل الأغنية إلى مقطوعةٍ آليةٍ مشبعةٍ بالتوزيع، ومركّبةٍ أدائيّاً وإنتاجيّاً. من خلال War Pigs، يتجلّى السبقُ الأسلوبي الذي حققته بلاك ساباث، وذلك بإحرازها الكثافة السمعية، مع الإبقاء على مينيمالية الوسائل، ما منح الأغنيةَ خشونةً تعبيريةً، وفي الوقت نفسه أناقةً في ابتكار الجملِ اللحنيةِ والإيقاعيةِ، وطرقِ معالجتها وتوزيعها، لتستثير الأعصاب وتُثير الإعجاب عند مَن يمعن السمع، ولا ينفر مسبقاً من وقع الهدير وشدة الصخب. هكذا فقد مهّد الجمعُ بين القوّةِ الصوتيةِ والعمقِ المنمَّقِ موتيِّ النزعة (Morbid) لما سيُعرف بجنس "الهيفي ميتال"، الذي ميّز إنتاجات معظمِ فرقِ الهارد روك القاريّة، أي تلك الآتية من أوروبا، وخصوصاً بريطانيا، مثل Judas Priest وRainbow، مقابل الهارد روك الأميركيّ، الأكثر سطحيةً وخفّةً، ممثَّلاً بفرقٍ مثل Stooges وSteppenwolf. لعلّ ذلك يُعزى إلى الغليان الثوري الذي كانت تعيشه العواصم الأوروبية أواخر الستينيات، على الأخصّ بين الشباب، على المستويَين الاجتماعيّ والسياسيّ. وإذا كان هناك ما يوازيه على الضفة المقابلة من الأطلسي، من حركةِ الحقوقِ المدنية والاحتجاجات المناهضة لحرب فييتنام، فإنّ أوروبا هي القارة التي شهدت الحروبَ الأشدَّ تدميراً في تاريخ البشرية. وعليه؛ فإنّ حركةَ الثقافة المضادة فيها، وأشكالَ التعبيرِ الفنية المنبثقةَ عنها، رغم طابعها الجماهيريِّ الخفيفِ من جهة، ومضامينِها الباسيفيّةِ الداعيةِ إلى السلمية من جهةٍ أخرى، قد اتّشحت بسوداويةٍ قادمة، واتّسمت بنظرةٍ تشاؤمية، لذا لم تُحسن النظر إلى إرث الحداثة الغربية سوى من رمزيةِ المعدن الثقيل.


العربي الجديد
٠٧-٠٧-٢٠٢٥
- العربي الجديد
تحية مؤثرة لأوزي أوزبورن في آخر حفل مع فرقة الهيفي ميتال "بلاك ساباث"
كان الحفل الأخير للمغني أوزي أوزبورن مع فرقة "بلاك ساباث"، مساء السبت في مدينة برمنغهام البريطانية، مؤثراً لآلاف المعجبين الذين حضروه، واختُتِمَت بأغنية Paranoid الشهيرة. وبكلمة "أحبكم!"، توجّه المغني إلى الجمهور الذي سانده في كل لحظة من هذا "الحفل الأخير" الذي شاءه في مدينته، محاطاً بأهم نجوم موسيقى الميتال . ويعاني أوزبورن الملقّب "أمير الظلام" والبالغ السادسة والسبعين مرض باركنسون منذ سنوات. وخلال الحفل، كان النجم الذي اشتهر بقضمه ذات مرة على المسرح رأس خفاش حي، ويعاني اليوم ارتعاشات بسبب مرضه، جالساً على عرش صُنع خصيصاً له، وغنّى منه، فيما أحاطت هالتان سوداوان بعينيه المحمرتين. وكان الحفل الذي رافقه فيه زملاؤه في فرقة "بلاك ساباث" بمثابة وداع مؤثر أمام عشرات الآلاف من مُحبي الميتال الذين جاؤوا من مختلف أنحاء العالم لمواكبة إطلالته في ملعب نادي أستون فيلا لكرة القدم. وقالت ليلي تشابمان البالغة 29 عاماً وقد بدا عليها التأثر برؤية "عرّاب الميتال": "لقد كان يرى دعمنا، وهذا ما أبكاني". و"مرة واحدة في العمر"، قبل هذا الحفل، لم يكن أعضاء تشكيلة 1968 الأصلية لفرقة "بلاك ساباث"، رائدة موسيقى الهيفي ميتال، وهم المغني أوزي أوزبورن والعازفون توني لومي (على الغيتار) وغيزر باتلر (على الباس) وبيل وارد (على الدرامز)، اجتمعوا مجدداً على المسرح منذ 20 عاماً. كذلك شاركت في الحفل فرق "ميتاليكا" و"غانز أند روزز" و"بانتيرا" و"سلاير" والفرنسية "غوجيرا"، إضافة إلى توم موريلو من "ريدج أغينست ذي ماشين"، وستيفن تايلر من "إيروسميث" ورون وود من "رولينغ ستونز" وبيلي كورغان من "سماشينغ بامبكنز". وكان الجمهور يردد مع الفنانين الأغنيات التي يحفظها عن ظهر قلب. وارتدى الجميع قمصاناً تحمل أسماء فرق موسيقى الميتال، ومعظمها تلك الخاصة بـ"بلاك ساباث"، وطغى الشعر الطويل واللحى الكثيفة والوشوم الضخمة على المشهد. وقال ريتش نيولوف الآتي من شمال إنكلترا بحماسة: "يحدث هذا مرة واحدة فقط في العمر". ولاحظ أن أوزي "بدا بلياقة وصحة أفضل مما كان متوقعاً"، مشيراً إلى أنه شعر بمزيج من "الفرح والمرارة" عندما رآه للمرة الأولى والأخيرة. إعلام وحريات التحديثات الحية بعد "بوب فيلان".. بي بي سي توقف البث المباشر للعروض "عالية المخاطر" وحضر بعض أفراد الجمهور من أماكن بعيدة، على نحو جاريد هيغينبوثام (34 عاماً) الذي جاء من أوستن في ولاية تكساس الأميركية مع صديقته جانيس أتال البالغة 50 عاماً لحضور ما وصفه بأنه "أكبر حفل ميتال على الإطلاق". وتمكن جاريد وجانيس من متابعة الحفل من أرض ملعب "فيلا بارك" العشبية، فيما كان آخرون أقل حظاً واكتفوا بحضوره من على المدرجات. 415 جنيهاً لرؤية أوزبورن نفدت تذاكر الحفل بعد 16 دقيقة من طرحها للبيع رغم أسعارها الباهظة، وسيُخصص للأعمال الخيرية ريع هذا الحفل الذي أقيم غداة ذلك الذي أحيته فرقة "أويسيس" في العاصمة الويلزية كارديف مستهلةً به عودتها إلى الساحة الفنية. وقال هنري بروديريك، وهو جامع قمامة يبلغ 22 عاماً، جاء من ضواحي كامبريدج مع صديق له، إنه دفع 415 جنيهاً إسترلينياً (566.7 دولاراً) ثمناً لتذكرته لأنها "كانت الوحيدة المتبقية". ولم يتردد كثر مثله في دفع مبالغ كبيرة ثمناً لحضور آخر عرض لأوزي الذي اشتهر، إلى جانب الغناء، بمغامراته وبرنامجه الواقعي العائلي "ذي أوزبورنز" عبر محطة "إم تي في" الموسيقية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، مما أتاح له الوصول إلى جمهور جديد. وبيعت 75 مليون نسخة من ألبومات فرقته "بلاك ساباث" في مختلف أنحاء العالم، وبلغت مبيعاتها ذروتها مع أغنياتها الناجحة على غرار "بارانويد" و"وار بيغز" و"آيرون مان". وتُعَدّ الفرقة مبتكرة موسيقى الهيفي ميتال، وهي مزيج من الروك والبلوز بأصوات قوية وكلمات قاتمة. ولقيَ هذا النوع الموسيقي استهجاناً وقوبل بانتقادات، لكنه يحظى اليوم بشعبية واسعة. (فرانس برس)


BBC عربية
٠٢-٠٤-٢٠٢٥
- BBC عربية
وفاة الممثل الأمريكي فال كيلمر عن عمر يناهز 65 عاماً
توفي الممثل الأمريكي فال كيلمر، الذي لعب دور البطولة في عدة أفلام خلال ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، وذلك عن عمر ناهز 65 عاماً. ونقلت وسائل إعلام أمريكية عن ابنته مرسيدس قولها، إن كيلمر توفي في لوس أنجلوس إثر إصابته بالتهاب رئوي، مضيفة أن والدها أصيب بسرطان الحنجرة في 2014 لكنه تعافى منه. ولمع اسم كيلمر من خلال تأديته أدواراً بارزة في عدة أفلام، من بينها دور مغني روك في فيلم "سري للغاية" (Top Secret) عام 1984، وشخصية الطيار المقاتل "آيسمان" في فيلم " توب غن" (Top Gun) في 1986، ودور بروس واين/باتمان في فيلم "باتمان إلى الأبد" (Batman Forever) في عام 1995. لكن مرضه وإجراءه عملية جراحية في القصبة الهوائية وتأثيرها على صوته، كلها عوامل أدت إلى تراجع مسيرته الفنية. عاد كيلمر للظهور بشخصية الطيار المقاتل "آيسمان" إلى جانب النجم توم كروز في فيلم "توب غن: مافريك" (Top Gun: Maverick) سنة 2022. وُلد فال إدوارد كيلمر في 31 ديسمبر/كانون الأول 1959، ونشأ في عائلة من الطبقة المتوسطة في لوس أنجلوس. كان والداه من أتباع جماعة العلم المسيحي، وهي حركة دينية انتمى إليها كيلمر طوال حياته. في سن السابعة عشرة، أصبح أصغر تلميذ آنذاك يُسجل في مدرسة جوليارد في نيويورك، إحدى أعرق معاهد الدراما في العالم. تزوج كيلمر من الممثلة البريطانية جوان والي سنة 1988، التي قابلها خلال تصويرهما فيلم الخيال " ويلو" وفيلم الجريمة والإثارة "كِل مي أغين"، ورزق منها بطفلين. ممثل مسرحي اقتحم الشاشة الكبيرة كان كيلمر في الأساس ممثلاً مسرحياً، وظهر في عدد من الإعلانات التجارية حين كان طفلاً، وبدأ المشاركة في الأعمال السينمائية عن طريق تأدية دور مغني روك في فيلم "سري للغاية" (Top Secret) عام 1984. في عام 1985، ظهر كيلمر في المسلسل التلفزيوني "آفتر سكول سبيشال" (ABC Afterschool Special) إلى جانب ميشيل فايفر، إذ لعب دور الحبيب الذي يقود سيارته وهو ثمل، ما أدى إلى عواقب وخيمة. في العام ذاته، أدى دوراً في الفيلم الكوميدي "عبقري حقيقي" (Real Genius)، رفقة الممثل غابرييل جاريت. مثلت سنة 1986 الانطلاقة الحقيقية في مسيرة كيلمر الفنية، حين ظهر في فيلم " توب غن" (Top Gun)، أحد أكثر الأفلام نجاحاً في شباك التذاكر في الثمانينات. لعب كيلمر دور توم "آيس مان" كازانسكي، المنافس المتغطرس لبيت "مافريك" ميتشل الذي جسده توم كروز. في عام 1988، لعب كيلمر دور المقاتل المرتزق في فيلم "الصفصاف" (Willow)، وهو فيلم مغامرات خيالي من إخراج رون هوارد. وفي عام 1989، شارك كيلمر وجوان والي في بطولة فيلم "اقتلني مرة أخرى" (Kill Me Again)، حيث لعبا دور زوجين يسرقان اثنين من رجال العصابات في لاس فيغاس. جسّد كيلمر دور المغني جيم موريسون في فيلم "الأبواب" (The Doors) عام 1991، الذي أخرجه أوليفر ستون. وفي عام 1995، قدم كيلمر أداء بارزاً في فيلم "هيت" (Heat) للمخرج مايكل مان، حيث جسّد شخصية مساعد المجرم الذي لعب دوره روبرت دي نيرو. في العام نفسه، لعب كيلمر أحد أهم أدواره بشخصية بروس واين/باتمان البطل الخارق في فيلم "باتمان إلى الأبد" (Batman Forever) رفقة النجمة نيكول كيدمان. في عام 2004، لعب كيلمر دور الملك فيليب في فيلم الإسكندر، والذي شارك في بطولته كولين فاريل في دور الإسكندر الأكبر. وشملت أدوار كيلمر المسرحية مشاركته عام 2005 في مسرحية "ساعي البريد دائماً يدق مرتين" (The Postman Always Rings Twice) في مسرح "بلي هاوس" في منطقة ويست إند بلندن. وفي وقت لاحق من ذلك العام، ظهر مع روبرت داوني جونيور وميشيل موناغان في فيلم الجريمة الكوميدي "قبلة قبلة فرقعة فرقعة" (Kiss Kiss Bang Bang). في عام 2006، ظهر في المسلسل القصير "قمر كومانش" (Comanche Moon)، مع تروي بيكر في دور بيا آي باركر وكيث روبنسون في دور جوشوا دييتس. عاد كيلمر للعمل مع المخرج توني سكوت في فيلم الخيال العلمي "ديجا فو" (Deja Vu) الذي حقق نجاحاً كبيراً عام 2006، وشارك في بطولته دينزل واشنطن وآدم غولدبرغ. لعب كيلمر دور الكاتب مارك توين في عرض مسرحي فردي بعنوان "المواطن توين" (Citizen Twain) في كاليفورنيا عام 2012. في عام 2013، ظهر كيلمر بشخصيته الحقيقية في مسلسل "الحياة قصيرة جداً" (Life's Too Short)، وهو مسلسل كوميدي من تأليف وارويك ديفيس وريكي جيرفيه وستيفن ميرشانت. شخصية صارمة لم تحقق جميع أفلام كيلمر نجاحاً كبيراً في شباك التذاكر، ففي عام 2000، حقق فيلم "كوكب أحمر" (Red Planet) الذي تدور أحداثه على كوكب المريخ، إيرادات بلغت 33 مليون دولار، مقابل ميزانية بلغت 80 مليون دولار. وقبل ذلك، اُعتبر فيلم "جزيرة الدكتور مورو" (The Island Of Dr Moreau) الذي عُرض في 1996، فاشلاً على الصعيدين النقدي والتجاري. وخلال الفيلم ذاته، صُورت في الكواليس مشاهد لمشادة كلامية بين كيلمر والمخرج جون فرانكنهايمر خلال التصوير، واُعتبرت تلك المشاجرة نقطة سوداء في حق النجم وبداية لتراجعه. ظهرت تلك المشاهد في الفيلم الوثائقي "فال" (Val) في 2021، الذي يستند على عدد من مقاطع الفيديو الشخصية للممثل، ومشاهد كثيرة غير منشورة من أهم نجاحاته السينمائية، وذلك خلال مسيرته في هوليوود قبل تراجعه وإصابته بمرض السرطان. عُرف عن كيلمر اتسامه بشخصية صارمة لكنها "مؤثرة" في الوقت ذاته، بحسب الصحافة المتخصصة. وفي عام 2002، قال أحد محاوري صحيفة "نيويورك تايمز" إن كيلمر"لا يستحق هذه السمعة"، مؤكداً أنه "ودود ومنفتح جداً لدرجة أنه غالباً ما يتطرق إلى تفاصيل شخصية عن حياته وسريع الضحك على نفسه". شخصية متنوعة وأثار نبأ وفاة فال كيلمر ردود أفعال في الوسط الفني، وبين المتابعين والنقاد. وقال مايكل مان، الذي أخرج فيلم "هيت" (Heat): "أثناء عملي مع فال في الفيلم، لطالما أُعجبتُ بمدى التنوع الرائع في شخصية فال القوية والمؤثرة". وكتب مان على إنستغرام: "بعد سنوات طويلة من صراع فال مع المرض ومحافظته على معنوياته، هذا خبر محزن للغاية". وقال فرانسيس فورد كوبولا، مخرج فيلم "تويكست" (Twixt) عام 2011 الذي شارك فيه كيلمر: "كان فال كيلمر الممثل الأكثر موهبةً في مدرسته الثانوية، وقد ازدادت موهبته مع مرور الوقت"، "كان من الرائع العمل معه، ومعرفته مصدر سعادة، سأظل أتذكره دائماً". وتذكر المخرج رون هوارد، مسيرة كيلمر السينمائية "المذهلة" و"تنوعه الرائع كممثل". وكتب: "امتد فنه ليشمل شعره وأعماله الفنية وصناعة الأفلام، وببساطة أسلوب حياته". "رحلة سعيدة، فال، وشكراً لك". وكتب الممثل الأمريكي جوش برولين على إنستغرام بجوار صورة له مع كيلمر: "إلى اللقاء يا صديقي. سأفتقدك". وكتب الممثل البريطاني ويل كيمب، الذي ظهر مع كيلمر في فيلم "صائدو العقول" (Mindhunters) عام 2004: "ذكريات رائعة كثيرة من العمل معه. كان مرحاً، لا يمكن توقع تصرفاته، كريماً، ولطيفاً جداً معي بشكل عام عندما كنت جديداً في ذلك المجال". وصرحت الناقدة السينمائية لاروشكا إيفان-زاده لبرنامج "توداي" على راديو بي بي سي 4 أن دوره في فيلم "الأبواب" (The Doors) لخص جاذبيته وشخصيته. وقالت: "كان فيه شيء من الغموض والإثارة، وربما التدمير الذاتي". وأضافت: "كانت تلك صفات جعلته لا يقتصر على ذلك الشاب الوسيم الباهت الذي يؤدي العديد من الأدوار. كان هناك شيء آخر يجري في أعماقه".