حفلات التخرج الجامعي تجانب الإطار الأكاديمي
فريدة حدادي
في ظل قرارات صارمة، منعت إقامة الاحتفالات داخل الحرم الجامعي، انتقل طلبة الجامعات في قسنطينة من الاحتفاء بتخرجهم عبر طقوس بسيطة، تختزل سنوات الدراسة، إلى تنظيم حفلات فخمة خارج أسوار الجامعة، يُخطط لها بعناية، وتُنفذ بإشراف محترفين في التصوير والديكور، في مشهد يتجاوز حدود الاحتفال الرمزي، نحو عروض استعراضية أثارت الكثير من التساؤلات والجدل.
فقبل سنوات ماضية، كانت لحظة التخرج تُجسَّد بصورة جماعية داخل القاعات أو بهو الكليات، حيث توثق ذكرى نهاية المشوار الجامعي وتبقى في ألبوم الذكريات، أما اليوم، فقد تحولت إلى مشروع كامل يتطلب تنسيقًا دقيقًا بين الطلبة، وميزانيات مرتفعة، وديكورات مصممة بعناية، وحتى ملابس موحدة بألوان متناسقة، في مشهد لا يختلف كثيرًا عن حفلات الأعراس، ولعل السبب في هذا التغير، الذي جعل الطلبة ينقلون حفلات تخرجهم من الجامعات إلى الخارج، هو سلسلة القرارات الإدارية التي أصدرتها جامعات قسنطينة، بعد أن تحولت بعض حفلات التخرج داخل المؤسسات الجامعية، السنوات الماضية، إلى ما يشبه الأعراس الصاخبة، والتي طغت عليها الزغاريد والموسيقى والرقص وتوزيع الحلويات والمشروبات وغيرها، في ممارسات شوهت صورة الحرم الجامعي، ودفعت إلى اتخاذ قرار بمنعها رسميًا.
وقد أعرب العديد من الأساتذة وإطارات الجامعات بقسنطينة، على غرار جامعة "صالح بوبنيدر"، وجامعة "الإخوة منتوري"، عن قلقهم الشديد من هذا الانزلاق، مؤكدين أن لحظة التخرج فقدت رمزيتها الأكاديمية، وتحولت إلى فرصة للبهرجة والمظاهر، حيث أكد لنا الأساتذة، أن استمرار مثل هذه السلوكيات يسئ للجامعة الجزائرية، ويجعلها تفقد هيبتها الأكاديمية، ما استوجب تدخلًا إداريًا لوضع حد لهذه الممارسات، من خلال منع أي نشاط احتفالي داخل المؤسسات التعليمية.
وأضاف المتحدثون، أن هذا المنع لم يضع حدًا للظاهرة، بل نقلها إلى فضاءات أخرى أكثر حرية في التعبير، حيث بات الطلبة يستأجرون قاعات حفلات صغيرة وحدائق عمومية، ويشرعون في الإعداد لحفل تخرج، يتطلب الكثير من الجهد والمال، وهو ما لاحظناه مؤخرا، بحديقة باردو، وسط المدينة، بل وبالعديد من قاعات الحفلات الصغيرة، التي عملت تخفيضات خصيصا للطلبة، للاحتفال بتخرجهم، حيث لم يعد الأمر مجرد مناسبة بسيطة لتوديع مقاعد الجامعة، بل مشروعًا جماعيًا متكاملًا، يبدأ بالتخطيط، ويمر باختيار المكان، وتنسيق الديكور، والاتفاق على ملابس موحدة، وتصميم خلفيات فنية تُكتب عليها أسماء الكليات وتخصصاتهم، مع استخدام البالونات والورود، وكأن الأمر يتعلق بزفاف أكثر منه بتخرج علمي.وقد ساهمت منصات التواصل الاجتماعي، خاصة "فيسبوك" و«إنستغرام"، في تغذية هذا النمط الجديد من الاحتفال، بعدما أصبحت صور حفلات التخرج الفاخرة تنتشر بكثافة، وتُثير نوعًا من التنافس بين الطلبة، حيث يسعى طلبة كل كلية إلى تقديم طبعة احتفالية أفضل من سابقتها، سواء من حيث الديكور أو التصوير أو مستوى الترف، مما خلق ضغطًا اجتماعيًا غير معلن على بقية الطلبة، خصوصًا من هم في سنوات التخرج المقبلة، حيث أكد العديد ممن التقيناهم، أنهم باتوا يخططون مبكرًا لحفلاتهم المستقبلية، بالنظر إلى ما يرافق هذه الحفلات من أعباء مالية، حيث يضطر بعض الطلبة إلى جمع مساهمات مالية مرتفعة، أو حتى الاقتراض لتغطية التكاليف.في المقابل، يرى عدد من الطلبة، أن هذه الحفلات تمثل لحظة استثنائية للاحتفال بنجاح طال انتظاره، بعد سنوات من التعب والسهر، وأن من حقهم أن يفرحوا بطريقتهم، خاصة في ظل غياب حفلات رسمية تليق بالطلبة من طرف الجامعة.
ولاتزال الأصوات المنتقدة ترى في هذا الشكل من الاحتفالات، مبالغة مفرطة تفقد المناسبة معناها، خاصة وأن الطالب الجامعي حول من باحث عن العلم إلى مستعرضٍ للصور والمظاهر، إذ أجمع بعض الأساتذة على القول، إن الطالب بات يولي اهتمامًا مفرطًا بالجانب الاحتفالي، على حساب الإعداد العلمي الجاد، حيث يُنشغل بتفاصيل اللباس والديكور أكثر مما يهتم بمناقشة مشروع تخرجه أو تحضيره للمرحلة القادمة، سواء كانت مهنية أو أكاديمية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

جزايرس
منذ يوم واحد
- جزايرس
حفلات التخرج الجامعي تجانب الإطار الأكاديمي
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص. فريدة حدادي في ظل قرارات صارمة، منعت إقامة الاحتفالات داخل الحرم الجامعي، انتقل طلبة الجامعات في قسنطينة من الاحتفاء بتخرجهم عبر طقوس بسيطة، تختزل سنوات الدراسة، إلى تنظيم حفلات فخمة خارج أسوار الجامعة، يُخطط لها بعناية، وتُنفذ بإشراف محترفين في التصوير والديكور، في مشهد يتجاوز حدود الاحتفال الرمزي، نحو عروض استعراضية أثارت الكثير من التساؤلات والجدل. فقبل سنوات ماضية، كانت لحظة التخرج تُجسَّد بصورة جماعية داخل القاعات أو بهو الكليات، حيث توثق ذكرى نهاية المشوار الجامعي وتبقى في ألبوم الذكريات، أما اليوم، فقد تحولت إلى مشروع كامل يتطلب تنسيقًا دقيقًا بين الطلبة، وميزانيات مرتفعة، وديكورات مصممة بعناية، وحتى ملابس موحدة بألوان متناسقة، في مشهد لا يختلف كثيرًا عن حفلات الأعراس، ولعل السبب في هذا التغير، الذي جعل الطلبة ينقلون حفلات تخرجهم من الجامعات إلى الخارج، هو سلسلة القرارات الإدارية التي أصدرتها جامعات قسنطينة، بعد أن تحولت بعض حفلات التخرج داخل المؤسسات الجامعية، السنوات الماضية، إلى ما يشبه الأعراس الصاخبة، والتي طغت عليها الزغاريد والموسيقى والرقص وتوزيع الحلويات والمشروبات وغيرها، في ممارسات شوهت صورة الحرم الجامعي، ودفعت إلى اتخاذ قرار بمنعها رسميًا. وقد أعرب العديد من الأساتذة وإطارات الجامعات بقسنطينة، على غرار جامعة "صالح بوبنيدر"، وجامعة "الإخوة منتوري"، عن قلقهم الشديد من هذا الانزلاق، مؤكدين أن لحظة التخرج فقدت رمزيتها الأكاديمية، وتحولت إلى فرصة للبهرجة والمظاهر، حيث أكد لنا الأساتذة، أن استمرار مثل هذه السلوكيات يسئ للجامعة الجزائرية، ويجعلها تفقد هيبتها الأكاديمية، ما استوجب تدخلًا إداريًا لوضع حد لهذه الممارسات، من خلال منع أي نشاط احتفالي داخل المؤسسات التعليمية. وأضاف المتحدثون، أن هذا المنع لم يضع حدًا للظاهرة، بل نقلها إلى فضاءات أخرى أكثر حرية في التعبير، حيث بات الطلبة يستأجرون قاعات حفلات صغيرة وحدائق عمومية، ويشرعون في الإعداد لحفل تخرج، يتطلب الكثير من الجهد والمال، وهو ما لاحظناه مؤخرا، بحديقة باردو، وسط المدينة، بل وبالعديد من قاعات الحفلات الصغيرة، التي عملت تخفيضات خصيصا للطلبة، للاحتفال بتخرجهم، حيث لم يعد الأمر مجرد مناسبة بسيطة لتوديع مقاعد الجامعة، بل مشروعًا جماعيًا متكاملًا، يبدأ بالتخطيط، ويمر باختيار المكان، وتنسيق الديكور، والاتفاق على ملابس موحدة، وتصميم خلفيات فنية تُكتب عليها أسماء الكليات وتخصصاتهم، مع استخدام البالونات والورود، وكأن الأمر يتعلق بزفاف أكثر منه بتخرج علمي.وقد ساهمت منصات التواصل الاجتماعي، خاصة "فيسبوك" و«إنستغرام"، في تغذية هذا النمط الجديد من الاحتفال، بعدما أصبحت صور حفلات التخرج الفاخرة تنتشر بكثافة، وتُثير نوعًا من التنافس بين الطلبة، حيث يسعى طلبة كل كلية إلى تقديم طبعة احتفالية أفضل من سابقتها، سواء من حيث الديكور أو التصوير أو مستوى الترف، مما خلق ضغطًا اجتماعيًا غير معلن على بقية الطلبة، خصوصًا من هم في سنوات التخرج المقبلة، حيث أكد العديد ممن التقيناهم، أنهم باتوا يخططون مبكرًا لحفلاتهم المستقبلية، بالنظر إلى ما يرافق هذه الحفلات من أعباء مالية، حيث يضطر بعض الطلبة إلى جمع مساهمات مالية مرتفعة، أو حتى الاقتراض لتغطية التكاليف.في المقابل، يرى عدد من الطلبة، أن هذه الحفلات تمثل لحظة استثنائية للاحتفال بنجاح طال انتظاره، بعد سنوات من التعب والسهر، وأن من حقهم أن يفرحوا بطريقتهم، خاصة في ظل غياب حفلات رسمية تليق بالطلبة من طرف الجامعة. ولاتزال الأصوات المنتقدة ترى في هذا الشكل من الاحتفالات، مبالغة مفرطة تفقد المناسبة معناها، خاصة وأن الطالب الجامعي حول من باحث عن العلم إلى مستعرضٍ للصور والمظاهر، إذ أجمع بعض الأساتذة على القول، إن الطالب بات يولي اهتمامًا مفرطًا بالجانب الاحتفالي، على حساب الإعداد العلمي الجاد، حيث يُنشغل بتفاصيل اللباس والديكور أكثر مما يهتم بمناقشة مشروع تخرجه أو تحضيره للمرحلة القادمة، سواء كانت مهنية أو أكاديمية.


البلاد الجزائرية
منذ 2 أيام
- البلاد الجزائرية
وفاة الممثل الأسترالي جوليان مكماهون عن عمر ناهز 56 عاما - الراصد : البلاد
توفي الممثل جوليان مكمان، أحد بطلي مسلسل "Nip/Tuck" التلفزيوني الشهير على قناة FX، والذي لعب أيضًا دور دكتور "دوم" في سلسلة أفلام "Fantastic Four" مطلع الألفية الثانية. وأفادت التقارير أنه فارق الحياة عن عمر يناهز 56 عامًا، وتم تأكيد وفاة الممثل الأسترالي- الأمريكي الراحل من خلال بيان صادرٍ عن زوجته أخبرت فيه موقع Deadline، أن زوجها "توفي بسلام هذا الأسبوع بعد جهد شجاع في التغلب على السرطان". كما نشرت الصفحة الرسمية لمسلسل "Nip/Tuck" على فيسبوك، بيانًا حول وفاة الممثل الراحل. وشارك مكمان في بطولة مسلسل "Nip/Tuck" من تأليف رايان مورفي، والذي يتناول قصة اثنين من جراحي التجميل ومغامراتهما. واستمر المسلسل لـ 6 مواسم بين عامي 2003 و2010، ورُشح لـ 18 جائزة إيمي، وفاز بجائزة واحدة عن فئة مكياج اصطناعي. كما لعب دور الدكتور "فيكتور فون دوم" في سلسلة أفلام "Fantastic Four" عامي 2005 و2007، كما شارك في مسلسلات بارزة أخرى خلال مسيرته الممتدة منذ ثمانينيات القرن الماضي، مثل: "Charmed، و Profiler"، وخلال السنوات الأخيرة في مسلسلي"FBI: Most Wanted، و The Residence". وشارك الممثل الراحل في فيلم نيكولاس كيج المُرتقب "The Surfer"، الذي ستنطلق عروضه في دور السينما خلال موسم الصيف الحالي. اتحاد الجزائر انهى المقابلة متفوقا بهدفين لصفر أمام شباب بلوزداد ويتوج بكأس الجزائر لموسم


الشروق
٠١-٠٧-٢٠٢٥
- الشروق
التنمر الإلكتروني على التلاميذ المتفوّقين.. أمر خطير!
يتّجه مجتمعنا، مع التطور الرّهيب لاستخدام منصات التواصل الاجتماعي، إلى ترسيخ العديد من السلوكيات السلبية، على غرار التنمر، فمع تجدد إعلان نتائج المتفوقين في شهادتي 'البيّام' و'الباك'، تظهر أصوات نشاز تسعى لتحطيم معنويات المتفوّقين لأسباب مختلفة، يفسرها الطبّ النفسي بالتي تسبب أضرارا جسيمة على الضحايا تصل حد إقدامهم على العزلة والانطواء والهروب والانتحار.. موجة غضب كبيرة اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي، إثر التنمر الذي تعرض له أحد المتفوقين الأوائل في شهادة نهاية التعليم المتوسط بمعدل تجاوز 19 من 20.. والغريب، أن المتنمرين كانوا يسخرون من نبرة صوت المتفوق، رغم أنه لا يزال مراهقا صغيرا ولم يكتمل نموه الجسدي والهرموني بعدُ، في ظاهرة خطيرة جدا قد تتسبب في تدمير حياة مراهقين وإفقادهم الثقة في أنفسهم. والخطير أن بعض المتنمرين هم مؤثرون أصحاب صفحات تقارب المليون متابع، وهو ما ساهم في انتشار حملة التنمر ضد التلميذ. متفوقون يتحولون إلى مصدر للسخرية وظاهرة التنمّر على المتفوقين الأوائل في البكالوريا وشهادة التعليم المتوسط، ليست جديدة، بل ظهرت منذ بدء انتشار تصريحات المتفوقين عبر القنوات الإعلامية وتداولها عبر الوسائط التكنولوجية، لتستغل فئة من الأصوات النشاز الأمر لممارسة التنمر والسخرية، باحثة عن أقل شيء يُعتبر في نظرها غلطة أو مصدر فكاهة، مطلقة حملة تنمر واسعة، مُحولين التلميذ المتفوق إلى مادة للسخرية والتهكم الإلكتروني، والمؤسف أن هدف هذا التنمر هو البحث عن رفع عدد المشاهدات، غير آبهين بنفسية الطفل. بن روان: استقبلت الكثير من المتضررين ولا بد من الردع وكان أحد المتفوقين في البكالوريا تعرض السنة المنصرمة لموجة سخرية كبيرة بسبب سرواله الواسع.. ! وكأنهم يريدون من الجميع ارتداء الجينز الضيق والممزق، ومتفوق آخر، وبمجرد وضعه لصوره يرتدي قميصا ويطلق لحيته، انقلب عليه 'الفيسبوك' في موجة تنمر رهيبة، والآن يتنمرون على نبرة صوت تلميذ لا يتعدى الـ 15 سنة من عمره، وكأن الأصوات جميعها تتشابه.. ! وشارك في حملة التنمر مؤثرون معروفون، من الذين سرعان ما تراجعوا واعتذروا بعد الهجوم الكبير عليهم وخوفهم من متابعات قضائية، قد تجرّهم إلى السّجون، خاصة وأن هذا المتفوق لا يزال مُراهقا، ونبرة صوته قد تتغير مع نموه الجسدي والتغيير الهرموني، أو ربما هو يعاني من اختلال هرموني أو من مرض في أحباله الصوتية. استنكار واسع.. ولأن ظاهرة التنمر على هذا 'الطفل' انتشرت وعلى نطاق واسع عبر 'فيسبوك'، تدخل مثقفون وأكاديميون وكثير من مستخدمي منصة 'فيسبوك' مستنكرين ما وصفوه بالتنمر الخطير الذي بدأ ينتشر في مجتمعنا مؤخرا. وقال بعض المعلقين، إنه بدلا من الفرح بالناجحين وتهنئتهم على استحقاقهم وتفوقهم ورفعهم التحديات، نجد فئة 'تفرغ عقدها النفسية عبر تعليقات جارحة موجهة لطفل لا ذنب له سوى كونه تفوق!'، ودعا صاحب هذا التعليق، إلى ضرورة وضع حد لهذه الظواهر، لأنه 'لا خير في أمة تسخر من أبنائها النجباء ولا رجاء في مجتمع يُقلّل من شأن من يستحق التكريم لا التنقيص والتصفيق لا التحقير'. حسيني: عقوبات تصل 3 سنوات سجنا ضد المتنمرين ويصف كثير من رواد 'فيسبوك' فئة المتنمرين على المتفوقين في الدراسة بـ'المصابين بمرض الغيرة'، حيث علق أحدهم: 'كم هو مضحك سخرية البعض من نبرة صوت، بينما يغفلون عن نبرة المجد التي نطق بها صاحب الصوت نفسه، فهذا التلميذ المتفوق لم يكن بحاجة لصوت عالٍ ليفرض احترامه، بل كان صوته العلم، وصمته تعب، وجهده سلاح'. وكتب معلق آخر: 'سخروا من صوته لأنهم لا يستطيعون فهم لغة النجاح، ولم يعتادوا سماع صوت يخرج من فمٍ مليء بالذكاء والطموح والإصرار.. لم يتكلّم ليعجبهم، بل درس ليُدهش الوطن.. لا يحتاج للرد على التفاهة، لأن نتائجه كافية لتُسكت كل حاقد وكل تافه'. مطالب بتشديد العقوبات.. ويطالب كثيرون بتشديد العقوبة في جريمة التنمر الإلكتروني، حتى يرتدع ويخاف البقية. وفي الموضوع تؤكد، المحامية المعتمدة بمجلس قضاء الجزائر، صارة إيمان حسيني لـ'الشروق'، أن التنمر الإلكتروني هو من الجرائم المستحدثة، بسبب اعتماد الجيل الحالي على الإنترنت ووسائل الإعلام الإلكتروني وأنظمة الذكاء الاصطناعي، وخصوصا وسائط التواصل الاجتماعي، الأمر الذي أدى لزيادة التحرش بالآخرين وبطريقة عدائية باستخدام التقنيات التكنولوجية الحديثة. وتقول المحامية، بأن المشرع الجزائري سعى لمكافحة الجرائم السيبرانية بما فيها جريمة التنمر الإلكتروني، عن طريق مجموعة إجراءات وتدابير قانونية وتقنية، وذلك من خلال إصدار قانون رقم 05/20 المتضمن الوقاية من التمييز وخطاب الكراهية، مضيفة: 'عمل المشرع الجزائري على تجريم كافة الأفعال التي تعد تنمرا، غير أنه لم يستعمل صراحة مصطلح 'التنمر' الذي يعتبر في الأساس ذو طبيعة اجتماعية أكثر من أنه لفظ قانوني، لكنه استعمل مصطلح التمييز وخطاب الكراهية تعبيرا أو تجسيدا لجريمة التنمر'. وعرّف المشرع الجزائري، بحسب المحامية صارة حسني، خطاب الكراهية في المادة 2 فقرة 1 من القانون رقم 05/20 بأنه 'جميع أشكال التعبير التي تنشر أو تشجع أو تبرر التمييز، وكذا تلك التي تتضمن أسلوب الازدراء أو الإهانة أو العداء أو البغض أو العنف الموجهة إلى شخص أو مجموعة أشخاص، على أساس الجنس أو العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني أو اللغة أو الانتماء الجغرافي أو الإعاقة أو الحالة الصحية.' عقوبات تصل 3 سنوات حبسا لناشري خطاب التمييز والكراهية وكشفت محدثتنا، أن مرتكب جريمة التمييز وخطاب الكراهية، يعاقب من 6 أشهر إلى 3 سنوات حبسا نافذا. ويلاحظ من خلال نص المادة01/31 و02 من القانون السابق ذكره، أن المشرع الجزائري احترم خصوصية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وضعف مقوماتهم. كما يُعاقب على ارتكاب جريمة خطاب الكراهية إذا تضمنت الدعوة إلى العنف من3 سنوات إلى 7 سنوات حبسا، معتبرة أن جريمة التمييز وخطاب الكراهية، تُعتبر ظرفا مشددا، بحيث إن كل من يدير أو يشرف على موقع إلكتروني أو حساب إلكتروني، يخصص لنشر معلومات للترويج لأي برنامج أو أفكار أو أخبار أو رسوم أو صور من شأنها إثارة التمييز والكراهيّة في المجتمع، إذ يعاقب الجاني على ارتكابها بالحبس من 5 إلى 10 سنوات. وظاهرة السخرية من أشكال وخِلقة الآخرين ومن بعض صفاتهم الجسدية، إنما يكشف عن فراغ داخلي وأمراض نفسية مستعصية، بحسب تفسير الطب النفسي. وفي هذا، يشير الدكتور المتخصص في الأمراض البسيكوجسمانية والنفسية، كمال روان في تصريح لـ'الشروق'، بأنهم كمختصين يؤكدون أن ظاهرة التنمر لم تكن موجودة في المجتمع الجزائري بهذه الحِدّة، بل حتى كلمة تنمر هي مفردة جديدة ودخيلة علينا، ولكن أخطارها كبيرة على الضحية، والذي يمكن أن يصاب بأمراض نفسية عديدة، أخطرها الاكتئاب والتفكير في الانتحار. وكشف كمال بن روان، عن استقباله، يوميا، ضحايا التنمر، والذين يكونون عادة أشخاص 'حساسين وأصحاب شخصية هشة نفسيا'.. ومع ذلك، يمكن حتى للشخص الواعي والمتزن نفسيا وصاحب الشخصية القوية أن يتأثر بالتنمر، عندما يأخذ التنمّر والسخرية عليه شكلا مبالغا فيه ويكون يوميا 'فهنا' يفقد الشخص القوي طاقته ومناعته النفسية، ويدخل إلى عالم الاكتئاب والعزلة الاجتماعية وصولا إلى محاولة الانتحار'. ويذكر الدكتور، أن التنمر على المتفوقين دراسيا يأخذ أشكالا مختلفة، على رأسها التنمر على الشكل الخارجي، فيسخرون من لبسه النظارات، أو من ثيابه التي يعتبرونها غريبة. وهناك من يتنمر على دواخل المتفوق، فيسخرون من طريقة كلامه ولهجته، أو يضحكون على مصطلحات يستعملها 'يتنمرون حتى اذا تكلم اللغة العربية الفصحى بطلاقة أو كان فرنكفونيا.. ! '. أغلب المتنمّرين فاشلون دراسيا ونوع آخر من التنمر، بحسب محدثنا، يشمل الصفات الجسدية للضحية، والتي لا تكاد نراها بالعين المجردة بل حتى صاحبها لم ينتبه إليها، ولكن المتنمر يراها ويسخر منها. وأضاف المختص النفساني، أن ظاهرة التنمر على التلاميذ المتفوقين نجدها حتى في بعض الأقسام الدراسية، أين تحاول مجموعة من التلاميذ وغالبيتهم من أصحاب المستويات الدراسية المتدنية، السخرية من المتفوق خاصة إذا كان من التلاميذ الهادئين، عن طريق استفزازه اليومي بالكلام، أو حتى إيذائه جسديا مثل عرقلته في الشارع أو رمي أشياء عليه لغرض الضحك عليه، ليؤكد بأن مثل هذا السلوكات الخطيرة 'قد تعزل التلميذ المتفوق اجتماعيا، وتدخله في علم القلق والاكتئاب'. ويفسر كمال بن روان الدوافع النفسية للمتنمرين على التلاميذ المتفوقين، بأن أغلبهم، لم ينجحوا دراسيا، فيحاولون تعويض هذا النقص والبحث عن شعور التوازن النفسي عن طريق القيام بسلوكات غير سوية ونشر إشاعات عن الشخص المتفوق، لغرض تحطيمه. أما السبب الثاني الذي يدفع للتنمر على المتفوقين، فهو الحسد والغيرة وهي من أمراض القلوب، وتعتبر عقدا نفسية، يحاول صاحبها إزالة النعمة التي يتمتع بها غيره، والبعض تصل غيرتهم درجة ممارسة السحر والشعوذة على الناجحين. بينما يُعتبر ضعف الثقة في تقدير الذات التي يعاني منها بعض الأشخاص، والتي تعتبر مرضا نفسيا، فهي ما يدفعهم للضحك وإضحاك الغير على المتفوقين، للشعور بتقدير الذات. متفوّقون أدخلهم التنمر مستنقع المخدرات ويضيف المختص النفساني: 'وهنالك فئة أخرى من الأطفال والتلاميذ، والذين يضطرون إلى نشر إشاعات كاذبة على نظرائهم المتفوقين والتنمر عليهم، فقط لإرضاء وإسكات عائلاتهم التي تلومهم على فشلهم في الدراسة، فيرمون الفشل على غيرهم'. أما الأخطر حسب محدثنا، فهو التنمر على العيوب الخلقية أو الأمراض لتي يعاني منها تلميذ متفوق، أو ما يسمى في علم النفس فقدان الاحترام والتعاطف مع الغير، وعنه يقول الدكتور: 'أمر غريب في مجتمعنا أن نفقد سلوك التعاطف مع الغير ونحوله إلى سخرية منهم، خاصة ونحن معروفين بالتضامن الاجتماعي وتدعيم بعضنا'. ويشير كمال بن روان، بأن مثل هذه السلوكات 'السلبية' يتم اكتسابها من الأسرة، فكل يسير حسب تربيته في العائلة، ويختم المختص النفساني، بالدعوة إلى ضرورة دراسة ظاهرة 'التنمر' التي بدأت في التغلغل بمجتمعنا، وتشريح أسبابها وإيجاد حلول لها من طرف أكاديميين ومختصين ونفسانيين ورجال إعلام، قائلا: 'أعرف أشخاصا كانوا من المتفوقين دراسيا، ولكن التنمر عليهم قادهم نحو الانتحار، وآخرون تسببت السخرية منهم في إصابتهم بالوسواس القهري، بعدما كانوا يحلمون بإكمال تعليمهم بجامعات عالمية بالخارج، ودخلوا عالم الاكتئاب ومنه إلى مستنقع المخدرات'.