logo
شبح اتفاقيات مينسك يخيم على مفاوضات إسطنبول بين كييف وموسكو

شبح اتفاقيات مينسك يخيم على مفاوضات إسطنبول بين كييف وموسكو

الجزيرةمنذ 3 أيام
كييف – بدا الرئيس الأميركي دونالد ترامب خائب الأمل إزاء رغبة نظيره الروسي فلاديمير بوتين بوقف الحرب، إذ يصر بوتين على تحقيق أهدافه لكنه يبدي استعدادا لاستئناف المفاوضات مع أوكرانيا في إسطنبول. أما كييف فحائرة بين الرجلين في وضع لا تحسد عليه، وعالقة بين سراب السلام، وشبح وقف المساعدات، والاضطرار إلى تقديم مزيد من التنازلات على الطاولة.
هذا ما يبدو عليه المشهد الأوكراني اليوم، لكنه يزداد تعقيدا يوما بعد آخر بفعل القصف المتبادل والتصعيد على الجبهات، مما يطرح تساؤلات جادة عن حقيقة النوايا ونجاعة عملية التفاوض برمتها.
وقد شهدت الأسابيع الماضية جولتين من المفاوضات في إسطنبول، لكنها لم تحرز أي تقدم يتعلق بالحرب نفسها، سواء بوقف إطلاق النار، أو حصر الضربات المتبادلة بعيدا عن المدن ومرافق البنية التحتية، أو غير ذلك من التحركات العسكرية على الأرض.
ولم تستمر العملية التفاوضية طويلا في كلا المرتين، فكييف رأت أن موسكو لا تتفاوض، بل توجه "إنذارات نهاية" يعني قبولها "الاستسلام" من دون قيد أو شرط، ولذا لم يتفق الجانبان إلا على مُخرج وحيد يحمل طابعا إنسانيا، فتبادلوا آلاف الأسرى. ولكن حتى هذا الاتفاق بدا كأنه ذر للرماد في العيون، وشكر واحترام للمضيفة والوسيطة تركيا.
محددات اللقاء
وبينما تقول الخارجية الروسية إن "الوفود تبحث إجراء جولة ثالثة من المفاوضات في إسطنبول"، تلمح الخارجية الأوكرانية إلى أنها "لن تكون ذات معنى إلا إذا التقى الرئيسان الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والروسي فلاديمير بوتين وجها لوجه".
وذلك ما لمح إليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد قمة حلف شمال الأطلسي " الناتو"، بل قال إن نظيره الأميركي دونالد ترامب مستعد للمشاركة أيضا.
ويصر الأوكرانيون على اللقاء المباشر، لأنهم يرون أن "رسل الكرملين" لا يملكون أي صلاحيات في عملية التفاوض، أما سيده بوتين فهو الوحيد القادر على صنع القرار.
لكن بعض أصحاب الرأي في أوكرانيا يستبعدون أن يكون هذا اللقاء قريبا، ومنهم أستاذة العلوم السياسية في جامعة "شيفتشينكو" بالعاصمة كييف أوليسا ياخنو التي قالت للجزيرة نت إن "بوتين لن يقبل باللقاء ما دام في موضع قوة وقواته تتقدم".
وهنا يبرز السؤال عن سبب حديث الجانبين عن أهمية الجلوس إلى الطاولة، بينما يكيل الجانبان لبعضهما سيلا من الاتهامات في كل مرة، وتجيب عن ذلك رئيسة قسم دراسات الأمن والصراع الإقليمي في مؤسسة "كوشيريف" للمبادرات الديمقراطية ماريا زولكينا بالقول إن "كلا الجانبين يناور في المفاوضات، لأهداف بعيدة عن السلام".
وتوضح زولكينا للجزيرة نت أن "أوكرانيا تؤمن أنها لن تحقق سلاما عادلا من موقع ضعف، وأن ذهابها إلى إسطنبول كان نتيجة لبضعة أشهر من التقارب الروسي الأميركي في عهد ترامب، واستجابة للضغوط عليها".
وتضيف "تتبع أوكرانيا تكتيكات ثلاثة في إسطنبول: أولها تجنب المواجهة السياسية مع واشنطن وإقناعها بأن روسيا هي المشكلة، وثانيها حشد مزيد من الدعم الأوروبي في ظل التراجع الأميركي، وثالثها إنعاش آمال الشارع المتعب بإمكانية التوصل إلى اتفاق يوقف إطلاق النار أو ينهي الحرب". وتضيف "أعتقد أنها نجحت إلى حد ما بذلك".
نموذج مينسك
من وجهة النظر الأوكرانية، فإن الروس يتمتعون بموقع القوة على الأرض، ويريدون من مفاوضات إسطنبول تحقيق أهداف أخرى، وهو ما يذكّر بفحوى اتفاقيات مينسك عام 2014 التي جمعت آنذاك بين موسكو وكييف والانفصاليين الموالين لروسيا في جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين.
وترى الخبيرة زولكينا أن "التكتيك الروسي يسعى إلى تخفيف العقوبات، وأن يؤدي ذوبان الجليد بين الولايات المتحدة وروسيا إلى فوضى لا مفر منها في بيئة الاتحاد الأوروبي، بتعالي أصوات مؤيدة لروسيا بين السياسيين والشركات، لمصلحة تخفيف مماثل لضغوط العقوبات".
ومن وجهة نظرها أيضا، فإن "روسيا تريد استسلام أوكرانيا وإعادة تطبيق اتفاق مينسك في آن معا، فهي تربط بين وقف إطلاق النار المؤقت وانسحاب القوات الأوكرانية من أراضي المقاطعات التي ضمتها روسيا، وهي لوغانسك ودونيتسك وزاباروجيا و خيرسون ، وسنّ قوانين تمنع قيام كييف بأي عمل عسكري في المستقبل ضدها، بالإضافة إلى اشتراط موسكو الحد من التسلح والتعبئة في أوكرانيا".
وبناء على ذلك، لا يتوقع كثير من المراقبين أن تستمر عملية التفاوض إلى ما لا نهاية، بل يرون أنها قد تتوقف في لحظة ما قد تكون قريبة، إذ ترى الخبيرة زولكينا أنه "بمجرد أن تدرك الولايات المتحدة عدم جدوى المفاوضات -وهذا ما نراه الآن- سينتهي اهتمام الروس بممارسة هذا الدور التفاوضي"، على حد قولها.
من جهتها، ترى أستاذة العلوم السياسية ياخنو أنه "رغم عدم قبول أوكرانيا بمطالب الروس، لا ينبغي التعامل مع المفاوضات على أنها تجاهل واضح من قبل موسكو لفكرة الاتفاق ذاتها".
وتابعت "المطالب في المفاوضات موجهة ليس إلى أوكرانيا فقط، حتى إن رفضتها، بل إلى الولايات المتحدة أيضا التي تأمل روسيا كتابة فصل جديد معها، والقيام بنوع من إعادة توزيع مناطق النفوذ والمصالح في أنحاء العالم".
لهذا، تعتقد ياخنو أن تخلّي واشنطن التام عن ملف أوكرانيا مستبعد، بغض النظر عن كل ما يبدو عكس ذلك؛ وتقول إن "ترامب وبوتين في هذا العالم أشبه بلاعبين في بطولات مختلفة، وفئات وزن مختلفة. ولكي يتغلب أحدهم على الآخر، لن يتخلوا عمن يستطيع المشاركة لتحقيق ذلك، وهم: أوكرانيا والشركاء المقربون السابقون في أوروبا"، على حد وصفها.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"شهر واحد لتدمير كل شيء".. ما العملية الأوكرانية السرية لإبادة المسيّرات الروسية؟
"شهر واحد لتدمير كل شيء".. ما العملية الأوكرانية السرية لإبادة المسيّرات الروسية؟

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

"شهر واحد لتدمير كل شيء".. ما العملية الأوكرانية السرية لإبادة المسيّرات الروسية؟

تشن المخابرات العسكرية الأوكرانية عملية سرية أُطلق عليها اسم "إبادة المسيّرات" dronocide منذ الشهر الماضي، لتدمير جميع مشغلي المسيّرات الروسية حول زاباروجيا، جنوب شرقي البلاد، وفقا لتقرير بصحيفة لوباريزيان الفرنسية. أكثر من أي وقت مضى، أصبح الصراع الروسي الأوكراني غارقًا في حرب المسيرات الضخمة، وفي أحدث مثال، أكدت المخابرات العسكرية الأوكرانية (HUR) أنها نفذت عملية أُطلق عليها اسم "إبادة المسيّرات" خلال الثلاثين يومًا الأخيرة. وأوضح الجيش الأوكراني على موقعه الإلكتروني أنه ركز، في هذه العملية التي كانت سرية حتى ذلك الحين، على "أهداف ذات أولوية عالية على طول جبهة زاباروجيا". وذكرت الصحيفة، أن الهدف هو تدمير ما يقرب من 90 مشغل طائرة مسيّرة تابعة لروسيا قرب زاباروجيا، جنوب شرقي البلاد. ليلة تاريخية لموسكو ونفّذت العملية، وفقا للصحيفة، بشكل مشترك قيادة القوات الجوية، ولواء الهجوم الجبلي 128، ولواء الدفاع الإقليمي 128، ووحدة "الجمجمة الطائرة" التابعة لقوات الأنظمة غير المأهولة، إضافة إلى القوات البرية في المنطقة. أعدت الوحدات الأوكرانية في البداية هذه الحملة من الضربات الموجهة بتحديد 90 موقعًا مؤكدًا يستخدمها مشغلو الطائرات المسيرة الروس في مهام استطلاعية وهجومية، ومن هؤلاء المشغلين التسعين، تزعم كييف أنها "دمرت أو ألحقت أضرارًا جسيمة" بـ 42. وأطلقت الاستخبارات العسكرية الأوكرانية أيضًا حملةً للترويج لعمليتها، تُظهر تدمير قواعد روسية، زعمت هيئة الأركان العامة الأوكرانية أن هذا كان "شهرًا للقضاء على كل شيء" ضد مشغلي الطائرات المسيرة الروس، مما أدى إلى القضاء على التهديدات الأمامية التي كانت تتربص بالبنية التحتية الأوكرانية. إعلان لكن هذا لم يمنع موسكو من تنفيذ أضخم الضربات منذ بدء الحرب في عام 2022، حيث أُطلقت قبل يومين، 550 مقذوفا على أوكرانيا، بما فيها 539 طائرة مسيّرة وصاروخًا، منها صواريخ باليستية. في غضون ذلك، لم تمنع عملية "إبادة المسيّرات" من الجانب الأوكراني المزيد من الضربات على الأراضي الروسية، إذ أفادت هيئة الأركان العامة الأوكرانية قصفَها منشأة عسكرية "رئيسية" في منطقة موسكو يوم الجمعة الماضي، تُنتج رؤوسًا حربية حرارية لطائرات "شاهد" المسيّرة.

نتنياهو: التقيت وزير الخارجية روبيو وأجريت معه محادثة هامة جدا
نتنياهو: التقيت وزير الخارجية روبيو وأجريت معه محادثة هامة جدا

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

نتنياهو: التقيت وزير الخارجية روبيو وأجريت معه محادثة هامة جدا

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من البيت الأبيض: التقيت وزير الخارجية روبيو وأجريت معه محادثة هامة جدا بشأن تعزيز تحالف إسرائيل والولايات المتحدة بحثت مع وزير الخارجية الأمريكي التحديات المشتركة التي نواجهها على الصعيدين الإقليمي والدولي أعبر عن امتنان جميع الإسرائيليين وإعجابهم بقيادة ترمب للعالم الحر طواقمنا معا توفر فريقا رائعا والرئيس ترمب يرسم السلام في المنطقة الرئيس ترامب تحدث عن حرية الاختيار وإذا أراد سكان من قطاع غزة المغادرة لهم ذلك ومن أراد يمكنه البقاء بإمكان الفلسطينيين حكم أنفسهم ولكن ليس تهديدنا بإمكاننا تحقيق سلام واسع في الشرق الأوسط يشمل كل جيراننا الرئيس الأميركي دونالد ترامب:

محللون: الصفقة ليست نهاية الحرب وخطاب نتنياهو يؤشر لتراجع عسكري
محللون: الصفقة ليست نهاية الحرب وخطاب نتنياهو يؤشر لتراجع عسكري

الجزيرة

timeمنذ 4 ساعات

  • الجزيرة

محللون: الصفقة ليست نهاية الحرب وخطاب نتنياهو يؤشر لتراجع عسكري

في الوقت الذي يروّج فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لاحتمال التوصل لصفقة قريبة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، تكشف القراءة المتأنية لمسار التفاوض أن المقترح المطروح لا يشكل مدخلا لإنهاء الحرب، بل يمثل إطارا تكتيكيا مؤقتا يعيد ترتيب الأوراق الإسرائيلية تحت غطاء تفاوضي هش. ذلك الإخراج "الناعم" للصفقة المرتقبة يقابله تحوّل تدريجي في الخطاب الإسرائيلي، بدا فيه نتنياهو أقل اندفاعا وأشد انضباطا، نتيجة جملة من الضغوط الميدانية والداخلية والدولية، جعلت من خفض السقف السياسي ضرورة أكثر منها خيارا. التقديرات الإسرائيلية لا تتحدث عن اتفاق شامل، بل تميل إلى وصف الصفقة المنتظرة بأنها "جزئية" أو "تبادل مشروط"، من دون أي تعهد نهائي بوقف العمليات العسكرية، ويتجاوز هذا التوصيف البعد اللغوي إلى مضمون واضح: لا نهاية وشيكة للحرب، بل وقف مؤقت لإطلاق النار قابل للتعديل والخرق. حتى داخل الأوساط الإسرائيلية، يتم تجنّب استخدام مصطلح "هدنة" أو "اتفاق سلام"، في ظل إصرار على إبقاء المبادرة العسكرية بيد تل أبيب ، والتمسك بهامش أمني واسع يسمح باستئناف الهجمات متى دعت الحاجة. هذه الصيغة المشروطة تعكس رغبة نتنياهو في تحقيق مكاسب سياسية داخلية من دون أن يظهر بمظهر المتنازل، وهو ما يفسر -كما لاحظ الكاتب المختص في الشؤون الإسرائيلية إيهاب جبارين- حالة الصمت الرسمي المفروضة داخل إسرائيل حيال تفاصيل المفاوضات، والتكتم على طبيعة الوفد المفاوض في الدوحة، في مقابل تركيز كامل على نتائج زيارته إلى واشنطن. في واشنطن أولا في هذا السياق، يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يسعى لترسيم ملامح الصفقة مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في واشنطن أولا، ثم العودة إلى الطاولة مع الفلسطينيين على قاعدة "ما تم الاتفاق عليه سلفا". لكن واشنطن -وإن بدت متحمسة لإنجاز صفقة خلال أسابيع- لا تُبدي استعدادا للضغط الجاد على تل أبيب من أجل إنهاء الحرب فعليا، وهو ما أظهره بوضوح المحلل الإستراتيجي في الحزب الجمهوري أدولفو فرانكو، الذي لم يُخفِ أن الموقف الأميركي متماهٍ إلى حد بعيد مع الأجندة الإسرائيلية. ورغم إشارته إلى رغبة ترامب في وقف الحرب، فإن هذه الرغبة لا تتعدى كونها أداة لضبط التكاليف، وليست رؤية لإنهاء شامل للصراع، في ظل توافق تام مع إسرائيل فيما يتعلق بضرورة نزع سلاح غزة ومنع عودة حركة حماس إلى الحكم. في المقابل، يقرأ الفلسطينيون هذه الصفقة باعتبارها خطوة ناقصة، لا ترقى إلى مستوى الاستحقاق السياسي والإنساني المطلوب، فبحسب الدكتور مصطفى البرغوثي الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، تخوض إسرائيل هذه المفاوضات مضطرة، مدفوعة بعدم قدرتها على حسم المعركة عسكريا، وفشلها في فرض سيطرة كاملة على القطاع. وفي هذا السياق، فإن الضغط الأميركي واحتقان الشارع الإسرائيلي بفعل استمرار احتجاز الأسرى؛ عوامل فرضت على نتنياهو التراجع خطوة إلى الخلف، ولو تكتيكيا، بحثا عن صيغة تحفظ ماء وجهه من دون أن تُعد تنازلا رسميا. تراجع نتنياهو ويبدو هذا التراجع واضحا في الخطاب السياسي الإسرائيلي، إذ لم يعد نتنياهو يتحدث عن "القضاء على حماس"، بل بات يكرر تعهدا بـ"إضعافها"، ما يشير إلى إدراكه بتآكل القدرة على الحسم، وتنامي التحديات الميدانية المرتبطة بحرب العصابات وتكتيكات المقاومة المستنزفة. وهي تحوّلات باتت تثير قلق المؤسسة العسكرية، كما تؤكد شهادات متزايدة عن فشل خطط "التطهير العرقي" التي طُرحت في الشهور الأولى للحرب. بالتوازي مع ذلك، تبرز معضلة الضمانات، فالحركة الفلسطينية تتخوف من تكرار سيناريو الخروقات الإسرائيلية، كما حدث في اتفاق مارس/آذار الماضي، وتطالب بضمانات واضحة تحول دون استئناف العمليات بعد انتهاء مدة التهدئة. هذه النقطة تمثل محورا حاسما في مفاوضات الدوحة، خاصة في ظل غياب التزام أميركي صريح بعدم تجدد العدوان، ووجود إصرار إسرائيلي على إبقاء منطقة رفح-موراغ كمنطقة عازلة مغلقة تُستخدم كورقة تهديد دائمة. ولا تتوقف التحديات عند حدود الخروقات المحتملة، بل تمتد إلى ما يُطرح من مشاريع مريبة لما بعد الحرب، فقد لفت البرغوثي، استنادا إلى معلومات مسربة، عن تحركات لمكتب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، بدعم من شركات استشارية دولية، للترويج لمخططات تنموية في غزة تتضمن موانئ ومناطق تجارية ذكية، من دون أي إشراك فعلي للفلسطينيين. فضاء اقتصادي هذه المشاريع -وإن بدت براقة في ظاهرها- تُفهم داخل السياق الفلسطيني كجزء من خطة تفريغ القطاع سكانيا وتحويله إلى فضاء اقتصادي خاضع للسيطرة الإسرائيلية غير المباشرة. ومن زاوية تحليلية أشمل، تبدو الصفقة المنتظرة أقرب إلى أداة لتثبيت وقائع ميدانية جديدة، لا إلى تسوية سياسية ناضجة، فكل الشروط التي تروّج لها إسرائيل، من رفض الحكم الفلسطيني في غزة، إلى نزع السلاح، إلى إنشاء مناطق عازلة، تؤسس عمليا لحالة من "السلام الأمني" الذي لا يعالج جوهر الصراع، بل يكتفي بإدارته عبر أدوات ناعمة وأخرى خشنة. ولا تنفصل هذه المقاربة عن المزاج السياسي المتشدد داخل إسرائيل، حيث تُظهر استطلاعات الرأي دعما واسعا للنهج الحربي، ورفضا لأي تصور يُعيد غزة إلى سيطرة فلسطينية. كما أن التصريحات المسربة لنتنياهو، والتي كشف فيها استعداده لمسح غزة من الوجود لولا وجود الأسرى، تعكس حجم الراديكالية التي تسيطر على القرار الإسرائيلي، والتي تتعامل مع التهجير والتجويع كأدوات تفاوض لا كمحظورات قانونية أو إنسانية. وبين خطاب أميركي يوازن بين الضغوط والصمت، وإسرائيلي يُراوغ بين التفاوض والتصعيد، يجد الفلسطينيون أنفسهم مجددا أمام معادلة "وقف النار مقابل لا شيء"، ما لم تتوفر ضمانات حقيقية تُحصّن أي اتفاق من الانهيار أو الاستغلال.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store