
رؤساء أمريكيون فى أزمنة الحروب والأزمات
منذ العقد الماضى والنظام العالمى يشهد حالة من السيولة وعدم اليقين حول طبيعة وعلاقات القوى فيه غير أن هذه الحالة تضاعفت مع إدارة جوزيف بايدن (2020 ـ 2024) حيث بدأ النظام العالمى يهتز، ويشهد حروباً ونزاعات ربما لم يشهدها العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بدأ هذا فى سلوكه تجاه حربين: الحرب الروسية والأوكرانية (2022) والعدوان الإسرائيلى الوحشى على الشعب الفلسطينى غزة (2023) فى هذين الحربين كان بايدن يغذيها ويعمل على استمرارها بدعمه العسكرى الشامل لأوكرانيا وحشد حلف الناتو فى هذا الاتجاه وهو نفس ما فعله فى اندلاع العدوان الإسرائيلى على غزة ودعمه المطلق لإسرائيل عسكريا وسياسيا.
غير ان حالة العالم ازدادت خطورة مع ولايتى ترامب فى (2017 و2025،..) فقد جاء ترامب بسياسات تصادمية حتى مع حلفاء أمريكا التقليديين، فضلاً عن الصين، وقراراته حول الرسوم الجمركية التى هزت قواعد العلاقات الاقتصادية العالمية، وأشاعت عدم الاستقرار فى الأسواق والتجارة العالمية ومؤخراً فى مغامرته بدعمه للعدوان الإسرائيلى على إيران الذى وقع فى 13 يونيو 2025.
غير انه اذا كان هذا هو سلوك رؤساء أمريكيين إلا أن التاريخ الأمريكى الحديث شهد عدداً من الرؤساء الذين واجهوا حروباً وأزمات بشكل عاقل وبناء، أول هؤلاء الرؤساء هو الرئيس الأمريكى فرانكلين روزفلت. (1882 ـ 1945) الذى قاد التحالف الغربى بمشاركة الاتحاد السوفيتي، ضد النازية وهزيمتها وفى المناقشات مع الحلفاء الغربيين، وشكوكهم حول نوايا الاتحاد السوفيتى التوسعية، كان روزفلت يبدى تفهماً للاتحاد السوفيتى ويعتبر أن الصيغة الشمولية للحكم السوفيتى أقل خطراً من الصيغة الألمانية، وان العداء الروسى للغرب إنما ينبع أساسا من الافتقار للخبرة المتبادلة بين الحضارتين، وان روسيا كانت قد عانت خسارة فى أجزاء مهمة من أراضيها فى آسيا نتيجة للحرب مع اليابان عام 1905، ومع نهاية الحرب الأولى أجبرت على التنازل عن فنلندا ودول البلطيق الثلاث.
ومن هنا لم يكن «روزفلت» يميل إلى معارضة خطط ستالين فى أن يحقق لنفسه الأمن من خلال خلق مناطق نفوذ على طول الحدود السوفيتية، وان كان هذا لا يجب أن يعنى فرض نظامها الاجتماعى ونبذ الأساليب الديموقراطية، وبالتوازى مع هذا منحت الولايات المتحدة الاتحاد السوفيتى مبلغ 7.3 بليون دولار، وفقاً لقانون الإعارة والتأجير Lend Lease كان هذا هو الإطار الفكرى الذى سيطر على «روزفلت» خلال أهم مؤتمرين عقدا والحرب الثانية فى نهاياتها وهما: مؤتمر طهران عام 1943 ومؤتمر يالطا عام 1945 اللذان خصصا لمناقشة الأوضاع فى شرق أوروبا، وبشكل خاص، بولندا.
اما الرئيس الثانى جون كيندى الذى جاء فى قلب الحرب الباردة وواجه عام 1962 ما يسمى بأزمة الصواريخ الكوبية حين اقام الاتحاد السوفيتى قواعد صواريخ فى كوبا، وامر كيندى بإزالتها، وفى وقتها وقف العالم على حافة حرب نووية، غير أن كيندى غلب العقل وأعطى فرصة للزعيم السوفيتى كى يتراجع.
اما الرئيس الثالث أيزنهاور (1890 ــ 1969) فهو يعرف بموقفه التاريخى فى إدانة عدوان دول كبرى حليفة مثل فرنسا وبريطانيا، فضلاً عن إسرائيل، على مصر عام 1956، ومطالبتهم بوقف العدوان وإجبار بن جوريون على الانسحاب من سيناء، ولا يقلل هذا أن هذا الموقف كان فى نطاق الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي.
اما الرئيس الرابع فهو ريتشارد نيكسون (1913 ــ 1994) والذى أدرك والمفكر الاستراتيجى هنرى كيسنجر (1923 ــ 2023) الذى اختاره كى يكون مستشارا للأمن القومى ان «كل هيكل العلاقات الدولية يتغير» وهكذا شرعا فى نقل العلاقات مع الاتحاد السوفيتى من المواجهة إلى التفاوض فى نطاق يعرف «بالوفاق الدولي» وعبر ثلاثة مؤتمرات قمة توصلت القوتان إلى عدد من المعاهدات حول اخطر جوانب علاقاتهما وهى الأسلحة والصواريخ النووية، كما توصلت القوتان إلى «اعلان مبادئ» يلجآن إليه فى حالة الأزمات لتفادى الانزلاق فيها وهو ما حدث فى حرب أكتوبر 1973، حيث توصلا خلال الحرب إلى مشروع قرار وافق عليه مجلس الأمن يدعو إلى وقف إطلاق النار.
اما الرئيس الأحدث فهو جورج بوش الأب، ومحاولته إيجاد حل لما عرف بأزمة الشرق الأوسط بدعوته لعقد مؤتمر مدريد للسلام فى الشرق الأوسط عام 1991 وهو ما عارضه رئيس الوزراء الإسرائيلى آنذاك اسحق شامير، وهو ما جعل جورج بوش يوقف مساعدات قدرها 10 مليارات دولار كانت مقررة لإسرائيل، أما وزير خارجيته فقد نفذ أمرا بأن يدخل السفير الإسرائيلى فى واشنطن وزارة الخارجية الأمريكية من باب الوزارة العام وليس من باب خاص، وهكذا أجبر إسرائيل على المشاركة فى المؤتمر الذى عقد تحت شعار الأرض مقابل السلام وهو المفهوم الذى مازال أساسا لتسوية النزاع العربى الإسرائيلي.
فلعل الرئيس الامريكى الحالي، يقتدى بأسلافه الذين فى إدارتهم لأزمات دولية وإقليمية غلبوا سلام العالم وتجنبوا احتمالات الصدام والمواجهة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فيتو
منذ 30 دقائق
- فيتو
النفط يتراجع بفعل توقعات زيادة إمدادات أوبك+ وانحسار توترات الشرق الأوسط
تراجعت أسعار النفط على نحو طفيف اليوم الإثنين، حيث عزز انحسار المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط، واحتمال زيادة أخرى في إنتاج مجموعة أوبك+ خلال أغسطس، التوقعات بشأن الإمدادات. العقود الآجلة لخام برنت انخفضت 0.3% إلى 67.50 دولار للبرميل بحلول الساعة 03:00 بتوقيت جرينتش، فيما هبط خام تكساس 0.5% إلى 65.15 دولار، فيما سجل الخامان القياسيان الأسبوع الماضي أكبر خسائرهما الأسبوعية منذ مارس 2023، لكن من المتوقع أن ينهيا تعاملات يونيو على مكاسب شهرية تتجاوز 5% للشهر الثاني. تسببت حرب استمرت 12 يوما بدأت باستهداف إسرائيل لمنشآت إيران النووية في 13 يونيو بارتفاع أسعار خام برنت إلى ما يزيد على 80 دولارا للبرميل بعد أن قصفت أمريكا تلك المنشآت، إلا أن الأسعار عادت للتراجع إلى 67 دولارا بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب التوصل إلى وقف إطلاق نار بين طهران وتل أبيب. المحلل في "آي جي ماركتس" توني سيكامور قال "الأسواق أزالت معظم علاوة المخاطر الجيوسياسية التي انعكست على الأسعار خلال الحرب عقب إعلان وقف إطلاق النار، فيما زاد الضغط على الأسواق بعد أن أفاد 4 مندوبين في أوبك+ بأن المجموعة تعتزم رفع الإنتاج 411 ألف برميل يوميا في أغسطس، بعد زيادات مماثلة في مايو ويونيو ويوليو. من المقرر أن يجتمع التحالف في السادس من يوليو وستكون هذه الزيادة الشهرية الخامسة، منذ أن بدأت المجموعة في تخفيف تخفيضات الإنتاج خلال أبريل الماضي، وفي أمريكا قالت شركة بيكر هيوز إن عدد منصات النفط العاملة، وهو مؤشر رئيسي للإنتاج المستقبلي، انخفض الأسبوع الماضي 6 منصات إلى 432، وهو أدنى مستوى منذ أكتوبر 2021. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

مصرس
منذ 37 دقائق
- مصرس
عضو بالكونجرس الأمريكى: دعم واشنطن "مؤسسة غزة الإنسانية" تمويل للإبادة
انتقدت عضو الكونجرس الأمريكى عن الحزب "الديمقراطي" رشيدة طليب، قرار إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تخصيص تمويل بقيمة 30 مليون دولار لصالح "مؤسسة غزة الإنسانية"، معتبرةً إياه تمويلًا للإبادة الجماعية. وأعربت رشيدة طليب، ذات الأصول الفلسطينية، فى منشور عبر حسابها على منصة التواصل الاجتماعى "إكس"، عن رفضها للتمويل المُوجَّه إلى هذه المؤسسة التى تديرها الولايات المتحدة وتحظى بدعم من إسرائيل.وأشارت رشيدة طليب إلى أن الجيش الإسرائيلى تعمَّد -طوال شهر يونيو الجاري- قتل الفلسطينيين أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء، قائلةً: "والآن، قررت إدارة ترامب دعم هذا الفخ القاتل بمبلغ 30 مليون دولار.. هذه إبادة جماعية ونحن نُموّلها".وانتقدت النائبة الأمريكية صمت المجتمع الدولى حيال قتل فلسطينيين أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات من مراكز أُنشِئت تحت غطاء العمل الإنسانى عبر هذه المؤسسة.


نافذة على العالم
منذ ساعة واحدة
- نافذة على العالم
أخبار العالم : وزير الخارجية: خسائر قناة السويس 600 مليون دولار شهريًا بسبب استهداف الحوثى للسفن
الاثنين 30 يونيو 2025 04:10 صباحاً نافذة على العالم - قال الدكتور بدر عبدالعاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، إن مصر تعد من أكثر الدول تضررًا من تهديد أمن وحرية الملاحة في البحر الأحمر، مشيرًا إلى أن هناك محددات واضحة تحكم الرؤية المصرية تجاه هذا الملف الحيوي، وأن خسائر قناة السويس بسبب تراجع حركة الملاحة تجاوزت 8 مليارات دولار. وأضاف عبدالعاطي، خلال حواره ببرنامج 'كلمة أخيرة'، والمذاع عبر فضائية ON، أن حركة السفن في قناة السويس تراجعت بنسبة فاقت 65%، بعد أن كانت تمر بها أكثر من 70 سفينة يوميًا، مما أسفر عن خسائر مباشرة تقدر بنحو 600 مليون دولار شهريًا، مؤكدًا أن أمن الملاحة في البحر الأحمر أولوية قصوى للأمن القومي المصري. وكشف الوزير عن تواصل مصر مع الجانب الإيراني من أجل الضغط على جماعة الحوثي لوقف استهداف السفن، مشيرًا إلى أن هذه القضية تمثل أحد المحاور الأساسية في النقاشات الجارية مع الإيرانيين، فضلًا عن الحوار المستمر مع كافة الأطراف الإقليمية والدولية المعنية. وأعلن عبدالعاطي زيارة مرتقبة لوزير خارجية سلطنة عمان إلى القاهرة خلال الأسبوع الحالي لعقد اجتماعات اللجنة المشتركة، مشيرًا إلى أن أمن البحر الأحمر سيكون ضمن أبرز الملفات المطروحة في هذه الاجتماعات، إلى جانب جهود دعم الاستقرار الإقليمي. مصر لا تقبل تحت أي ظرف وجود قواعد أو منافذ مستدامة لأي دولة غير مشاطئة وأشار إلى أن مصر تعمل بالتنسيق مع الدول العربية والأفريقية من أجل استكمال هياكل مجلس الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، مؤكدًا على أهمية تدشين هذا المجلس في أقرب وقت ممكن، موضحًا أن حوكمة أمن البحر الأحمر مسئولية مباشرة تخص فقط الدول المشاطئة له، وأن مصر لا تقبل تحت أي ظرف وجود قواعد أو منافذ مستدامة لأي دولة غير مشاطئة على سواحله، وقال بوضوح: 'هذا خط أحمر وموقف مصري واضح'. وأوضح أن هذا الموقف تم إبلاغه لكل الأطراف الإقليمية والدولية المعنية، بما في ذلك تركيا خلال استضافتها المباحثات بين الصومال وإثيوبيا، مضيفًا أن القاهرة لن تقبل بأي ترتيبات أمنية دائمة في البحر الأحمر من قبل أطراف غير مشاطئة، تحت أي ظرف من الظروف.