logo
«زبيبة – الجدّة ماكِدّا».. رواية تنتصر للأنوثة والأمل

«زبيبة – الجدّة ماكِدّا».. رواية تنتصر للأنوثة والأمل

صحيفة الخليجمنذ 5 أيام
يعودُ الأديبُ الدكتورُ خالد عبد الرؤوف الجبر إلى التاريخِ، ليعيدَ تخييلَ سيرة (زبيبة)، والدة عنترة بن شدّاد، من خلالِ روايتِهِ الجديدة «زبيبة – الجدّة ماكدّا»، عبر سرد ذاتيّ تتكلّم فيه المرأة التي طُمست سيرتُها، ونُسجت حولها الأساطير بوصفها هامشاً في سيرة ابنها الفارس الشّاعر.
تنهض الرّواية على فرضيّة سرديّة تمنح زبيبة صوتها، لا بوصفها مرويًّا عنها، بل راوية لحياتها، تُمسك بالخيط السّرديّ من أوّله، وتعيد ترتيب وقائع الاغتراب والعبوديّة والنّجاة والولادة.
تُفتتح الرّواية، وقد صدرت حديثاً عن «الآن ناشرون وموزعون»، في عمّان، بمقدّمة إيهاميّة تنبنّي على مخطوط يكتشفه الناقد د. إحسان عبّاس (رحمه الله) صُدفة، عبر حواريّة مع دليله السّياحيّ «رَيحانة»، الحفيدة الأخيرة لزبيبة. غير أن السّرد الأساسيّ يجري بلسان زبيبة نفسها، في حَكْي متدفّق، واعٍ، يتنقّل بين الذّاكرة والحدث، بين الحبشة والجزيرة العربيّة، بين الطُّفولة والرِّقّ، بين الوجع الشّخصيّ والتّحوّل الثّقافيّ.
يمثّل صوت زبيبة، في بنيته العميقة، فعل مقاومة سرديّة يُمكّن الضّحيّة من الحَكْي من الدّاخل، ويقلب معادلة السّرد التّقليديّ، حيث لا يُعاد تمثيلها بوصفها تابعة لبطولة عنترة، إنّما باعتبارها نواة لحكاية أخرى، سابقة عليه، وموازية له. يتشكّل النّصّ من طبقات صوتيّة وتاريخيّة ولغويّة، وتُبنى الشّخصيّة عبر مونولوغات داخليّة، ونبرة حادّة تصنع التّوازن بين الكتمان والإفصاح.
تشتبك الرّواية مع الموروث العربيّ الجاهليّ من جهة، والمخيال الحبشيّ من جهة أُخرى، وتتناول موضوعات الهويّة، والأنوثة، والعبوديّة، والدّم، وقسوة الاستلاب، واستبقاء الأمل، من خلال بناءٍ لغويّ مشدود، فصيح، يتحرّك بين الإيقاع الملحميّ والاعتراف الحميم.
في زبيبة – الجدّة ماكدّا، لا نسمع صدى التّاريخ الرّسميّ، بل نسمع الكلمة التي لم تُقَل، ونرى الوجه الذي طُمِس ولم يُنقل. إنّها رواية تكتب ما رفضتْه تَعالياتُ المجد الواهم، وتُفكِّك السّرد البطوليّ من حيث لم يُكتب أصلًا.
وقد جاءت الروايةُ في ستينَ جزءًا، حملَ كل جزءٍ منها عنواناً خاصاً، متكئةً على لغة تصويرية، ذات بُعد شاعري.
ومن أجواء الرواية نقرأ مقتطفاً من جزئها الأول (ظِلٌّ وجَمرة): «كانت السّماء تمطر برفق، ثمّ يتوقّف هطلُها، كأنّها تَنْشِج على حافةِ الذِّكرى. وقفتُ حافية القدمين على تلّة عالية في طرف قريتنا أَمْكِسُوم، أُشرف منها على السّهول الغارقة في الضّباب، وأتطلّع نحو الطّريق المُوحلة الطّويلة الّتي لا تُفضي إلى شيء... سوى الانتظار.
كثافة الضّباب تحجب الطّريق عن عينيّ، تماماً كالغشاوة الّتي تُغلّف قلبي، تصاحبني بلا فِراقٍ في صحوي والمنام، وتطوّقني بحجابٍ من أسىً شفيفٍ كلّما ظننتُ أنّها انقشعت.
ضفيرتي الطّويلة تتدلّى على كتفي اليمنى ثقيلة، تشدّني إلى الأرض، كما لو أرادت أن تنغرس في التّراب مثل وتدٍ يتعطّش للدّقّ... أُحسُّ بقَيدٍ لا يريد أن يفلتني، ولا أعرف كيف أفلته.
سواري النّحاسيّ يُقيّد معصمي بذكراه. أتحسّسه مداعبةً لأتأكّد من وجودي: أما زلتِ أنتِ، يا ماكِدّا؟ وكلّما لمستُه، ثارت هواجس الأسئلة فيّ كدخانٍ بلا نار: أما زالت فيه بقيّةٌ من ذكرياتِ أصابعه؟ أما زال قلبه يحسّ بهذه الرّعشة اللّذيذة تسري تحتَ جلدي؟
الدكتور الجبر نفسه أكاديميّ وناقد ومُبدع أردنيّ من أصل فلسطينيّ، وُلد في مدينة قلقيلية عام 1964. حصل على درجة الدّكتوراه في النّقد والبلاغة من الجامعة الأردنيّة عام 2002 بامتياز، وكان الأوّل على فوج الخرّيجين. تخرّج في مراحل دراسته الجامعية الثّلاث بمعدّلات متميّزة، ممّا هيّأه لمسيرة أكاديميّة حافلة.
توزّعت خبرات الدّكتور الجبر بين التّدريس الجامعيّ، والعمل البحثيّ، والبرامج الإعلاميّة الثّقافيّة، وقد شغل مناصب أكاديميّة متقدّمة، وكانت له مشاركات فاعلة في الصّناعة الثّقافيّة في الأردنّ، ولجان تحكيم الجوائز مجال الأدب والنّقد العربيّين وكتابة الدّراما التّلفزيونيّة والإذاعيّة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

62 فيلماً في مهرجان عمّان السينمائي
62 فيلماً في مهرجان عمّان السينمائي

البيان

timeمنذ 17 ساعات

  • البيان

62 فيلماً في مهرجان عمّان السينمائي

انطلقت الدورة السادسة من «مهرجان عمّان السينمائي الدولي - أوّل فيلم»، أول من أمس في عمان، بمشاركة 62 فيلماً من 23 دولة، ويستمر المهرجان حتى 10 يوليو الجاري. وافتتح المهرجان بعرض الفيلم القصير «ما بعد» للمخرجة الفلسطينية مها حاج، بحضور بطل الفيلم الممثل محمد بكري. ويتحدث الفيلم عن زوجين يعيشان في عزلة بعد فقدانهما أطفالهما الخمسة جراء الحرب في غزة، وسط حالة نكران لخسارتهما أولادهما عبر ذكريات وخيال، لكن زيارة غريبة تكشف لهما الحقيقة المؤلمة. ويركز الفيلم على آثار الفقدان والصدمات النفسية الناتجة عن الحرب، وقد شارك الفيلم في مهرجانات دولية بينها مهرجان «لوكارنو» السويسري و«الجونة» المصري، ونال جوائز عدة.وتضمن حفل افتتاح المهرجان العديد من العروض التراثية والفنية. وقالت مؤسِّسة المهرجان ورئيسته الأميرة ريم علي، خلال الافتتاح، إن المهرجان يحمل شعار «عالم خارج النص» ويشير إلى «عالم خارج النص، عالم أدار ظهره للدبلوماسية والحوار، والعلاقات الدولية، وانهارت فيه القوانين الإِنسانية». وأشارت إلى أن صنّاع الأفلام الذين اختارهم المهرجان «يسهمون في إعادة العالم إلى مساره»، مؤكدة «دور المهرجان في توفير منصة لقصص كثيراً ما تكون مهمشة، لكنها تعد جوهرية في السرد الجمعي للعالم العربي». وأعلن المهرجان أن إيرلندا ضيف الشرف لهذا العام، مع تكريم المخرج جيم شيريدان. وتتنافس في المهرجان أفلام من الأردن ومصر وسوريا ولبنان والعراق والمغرب والجزائر وتونس وفلسطين والكويت والسعودية، إلى جانب أفلام أوروبية وآسيوية. وكل الأعمال المشاركة في المهرجان تعرض للمرة الأولى في الأردن.

«ما بعد» الفلسطيني يفتتح «عمّان السينمائي»
«ما بعد» الفلسطيني يفتتح «عمّان السينمائي»

صحيفة الخليج

timeمنذ يوم واحد

  • صحيفة الخليج

«ما بعد» الفلسطيني يفتتح «عمّان السينمائي»

افتتح الفيلم الفلسطيني «ما بعد» للمخرجة مها حاج عروض دورة مهرجان عمّان السينمائي الدولي السادسة، مساء الأربعاء. وأكد محمد بكري بطل العمل خلال كلمته أمام الجمهور أهمية الفن في إيصال صور الصراعات وتداعيات الإبادات ضمن قوالب ورؤى بصرية. ويشهد المهرجان الذي يهتم بالأفلام الأولى للمخرجين والمؤلفين ويحمل شعار «عالم خارج النص» في دورته الجديدة عرض 6 أعمال من غزة لأول مرة من إجمالي 62 فيلماً تُمثّل 23 دولة. وقالت الأميرة ريم علي، رئيسة المهرجان، خلال الحفل في مركز الحسين الثقافي في عمّان: «وسط عالم أدار ظهره للدبلوماسية والحوار والعلاقات الدولية وانهارت فيه كل القوانين الإنسانية وحتى أبسط قواعد اللياقة يأتي صنّاع الأفلام التي اخترناها للمساهمة في إعادته إلى مساره». وأشارت ريم علي إلى توفير المهرجان منصة لقصص «كثيراً ما تكون مُهمشة لكنها تعد جوهرية في السرد الجمعي للعالم العربي». وأضافت: «نرفض أن نموت ثقافياً حتى وأدوات الموت والدمار تحلّق فوق رؤوسنا». وألقى المخرج العالمي الأيرلندي جيم شيريدان كلمة أكد خلالها تقديره للمهرجان لاحتفائه بالسينما الأيرلندية كضيف شرف الدورة الحالية التي تتواصل حتى 10 يوليو/ تموز الجاري. وألغت إدارة المهرجان السجادة الحمراء للسنة الثانية على التوالي «في ظل الإبادة المستمرة في فلسطين إلى جانب النزاعات المتواصلة في المنطقة وتعبيراً عن التضامن والاحترام».

«كتاب» تضيء على الثقافة بعدد جديد.. هذه رسالة الشارقة
«كتاب» تضيء على الثقافة بعدد جديد.. هذه رسالة الشارقة

الإمارات اليوم

timeمنذ 2 أيام

  • الإمارات اليوم

«كتاب» تضيء على الثقافة بعدد جديد.. هذه رسالة الشارقة

رصدت مجلة «كتاب» في عددها الجديد تمثّلات ظاهرة العنف في رواية أميركا اللاتينية، منذ سجلات المواجهة بين الشعوب الأصلية والغزاة الأوروبيين، مروراً بالقرون التالية. ويُعدّ الروائي المكسيكي خورخي بولبي، الذي تصدّرت صورته غلاف العدد، أحد أهم الكُتّاب تأثيراً في الأدب المعاصر الناطق بالإسبانية. وتضمن العدد 81 من المجلة - التي تصدر عن هيئة الشارقة للكتاب - موضوعات في التأليف والنشر والقراءة، من بينها حوارات مع المترجم الأميركي للأدب العربي وليام ماينارد هاتشينز، والمفكر المغربي سعيد ناشيد، والرّحّالة والكاتب الإسباني جوردي إستيف. وكتب الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب، رئيس تحرير مجلة «كتاب»، أحمد بن ركاض العامري، افتتاحية بعنوان «رسالة الشارقة في العاصمة البرازيلية»، جاء فيها: «الكتاب يجمع الشعوب من مختلف الدول والقوميات والثقافات، هذه رسالة الشارقة، العاصمة العالمية للكتاب، للعام 2019، إلى نظيرتها البرازيلية مدينة ريو دي جانيرو التي توّجتها منظمة اليونسكو عاصمةً عالميةً للكتاب لعام 2025». وقال: «كانت الدورة الـ22 من بينالي ريو الدولي للكتاب، المعرض الأكبر للكتاب في أميركا اللاتينية، فضاء لملتقى العاصمتين الثقافيتين، عبر برنامج نظّمته هيئة الشارقة للكتاب، لتعريف جمهور المعرض والمشاركين فيه من مختلف دول العالم، بمشروع الشارقة الثقافي الحضاري والنهضوي». وفي زاويته «رقيم»، كتب مدير تحرير «كتاب»، علي العامري مقالاً بعنوان «قوة الثقافة وثقافة القوة»، تناول فيه مظاهر الظلم ومقاومته.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store