logo
حين أكل الهولنديون "رئيس وزرائهم".. القصة المروّعة ليوهان دي ويت

حين أكل الهولنديون "رئيس وزرائهم".. القصة المروّعة ليوهان دي ويت

الجزيرةمنذ 3 أيام
في أحد أكثر فصول التاريخ الأوروبي وحشية، وخلال العصر الذهبي الهولندي الذي أهدى العالم فن الرسام الهولندي الكبير رامبرانت وابتكار المجهر (الميكروسكوب)، وقعت جريمة غير معتادة لا تزال مثار تندر وسخرية.
ففي العشرين من أغسطس/آب عام 1672، قام حشد من الغوغاء في لاهاي بقتل وسحل رئيس وزراء الجمهورية الهولندية، يوهان دي ويت، وشقيقه كورنيليس. لم يكتف الحشد بذلك، بل علق جثتيهما رأسا على عقب، ومثل بهما، وأكل أجزاء من لحمهما، وباع أصابعهما وألسنتهما كتذكارات. لتكتب فصول قصة مروعة عن انهيار النظام، وغضب الجماهير، ونهاية حقبة سياسية بأكثر الطرق دموية.
حين انقلبت هولندا على نفسها
بدأت الحكاية في عام 1672، الذي نقشه الهولنديون في ذاكرتهم باسم "عام الكارثة" (Rampjaar). فبعد عقود من الازدهار في عصرها الذهبي، وجدت الجمهورية الهولندية نفسها فجأة في أزمة وجودية. تعرضت البلاد لهجوم منسق من قوى أوروبية كبرى، وتمكنت فرنسا من الاستيلاء على مساحات شاسعة من أراضيها في غضون أسابيع. مع تقدم الأعداء، انهار الاقتصاد، وشهدت بورصة أمستردام انهيارا كبيرا، وعم الذعر البلاد.
في خضم هذه الفوضى، انقلب السكان على حكومتهم. بحثوا عن كبش فداء، ووجدوه في شخص رئيس الوزراء، يوهان دي ويت.
كان دي ويت، الذي ينحدر من عائلة برجوازية حاكمة، يمثل "حزب الولايات"، وهو تكتل من الأوليغارشية الثرية التي حكمت الجمهورية. لقد حقق نجاحا باهرا منذ توليه منصبه عام 1653 وهو في الـ28 من عمره، حيث أعاد تنظيم الشؤون المالية للبلاد ووسع تفوقها التجاري. لكن سياسته الرئيسية كانت تقوم على إبقاء منصب "الحاكم العام" (رئيس الدولة بالوراثة) شاغرا، لمنع صعود أمراء أسرة أورانج إلى السلطة.
على الجانب الآخر، وقف ويليام الثالث، أمير أورانج، الذي كان ينظَر إليه على أنه "رجل الشعب" وبطل الأمة. كان أنصاره، المعروفون بالأورنجيين، يرون فيه المنقذ الوحيد من الكارثة العسكرية، وسعوا لإعادته إلى السلطة التي استبعد عنها والده بموجب معاهدة سابقة. في ظل الهزائم العسكرية، تأجج الصراع بين الفصيلين، ولعبت المنشورات وحملات الأخبار الكاذبة دورا رئيسيا في تأجيج غضب الشارع ضد الأخوين دي ويت.
مؤامرة في سجن الميناء
بدأت النهاية تتشكل في يونيو/حزيران 1672، عندما تعرض يوهان دي ويت لمحاولة اغتيال نجا منها بصعوبة، مما دفعه للاستقالة من منصبه بعد شهرين. لكن خصومه لم يكتفوا بذلك. تم إلقاء القبض على شقيقه، كورنيليس، بتهمة ملفقة وهي التخطيط لاغتيال ويليام الثالث.
تأجج الهجوم على الأخوين بسيل متواصل من الدعاية الخبيثة التي زعمت أنهما فاسدان ويتآمران مع أعداء الجمهورية. وفي يوم الجريمة، تم استدراج يوهان لزيارة شقيقه في زنزانته بسجن "الميناء" (Gevangenpoort) في لاهاي، بناء على طلب خادمة السجان. لقد كان فخا محكما.
عندما حاول يوهان مغادرة السجن، كان حشد غاضب ينتظره في الخارج. وفي لحظة حاسمة، انسحب فوج الفرسان الذي كان من المفترض أن يحمي بوابة السجن. حاصرت مليشيات الأورنجيين المكان، وأطلقت العنان لغضب رجالها.
اقتحم رجال المليشيا بوابة السجن، وسحبوا الأخوين دي ويت إلى الشارع. توفي كورنيليس على الفور متأثرا بضربات من أعقاب البنادق والطعنات. أما يوهان، فقد طعن في وجهه بحربة قبل أن تنهي رصاصة في رأسه حياته.
لكن الحشد الهائج لم ينته بعد. جردت جثتاهما من ملابسهما، وسلختا، وشقتا، ثم علقتا على المشنقة العامة. قام رجال المليشيا بقطع أصابع أيديهما وأقدامهما، وآذانهما وأنوفهما، وأعضائهما التناسلية. وفي ذروة الجنون الجماعي، تم أكل أجزاء من جثتيهما، بما في ذلك كَبِداهما.
الإرث المظلم
شكل هذا الاغتيال المروع نهاية حاسمة للفترة الجمهورية الأولى. استولى ويليام الثالث على السلطة كحاكم عام، وبدأ عصر جديد. أما السجن الذي شهد هذه المأساة، فقد حُول إلى متحف تاريخي لا يزال قائما حتى اليوم، ويمكن للزوار دخوله ورؤية المكان الذي دبرت فيه نهاية رئيس الوزراء المأساوية.
تعد هذه الجريمة المزدوجة من أغرب الأحداث في التاريخ الهولندي. وفي متحف لاهاي التاريخي، لا يزال يعرض لسان وعظمة إصبع، يقال إنهما يعودان للأخوين دي ويت، كشاهد صامت على وحشية ذلك اليوم.
لاحقًا، أصبح كثيرون ينظرون إلى يوهان وكورنيليس دي ويت كضحيتين للغوغائية السياسية والتعصب، وتستخدم قصتهما الآن كتحذير من خطر انهيار النظام الديمقراطي تحت ضغط الجماهير والعنف السياسي.
نقوش على اللحم والعظم
بعد المذبحة، وُجدت ورقة كتبت عليها أبيات رثاء شعرية، وكأنها شهادة أخيرة على ما حدث. تقول القصيدة التي حملت عنوان "نقوش على الأخوين دي ويت، 1672":
على أبواب لاهاي تزهق الأرواح
وتغتال الحكمة في وضح الصباح
سقط العدل في دم الحاكمين
واستحال الشعب سيفا من رماح
كانا صوت العقل في زمن الجنون
وهما نوران في ليل الظنون
حملا الحكم بلا تاج ولا خيل
وبنيا دولة ترجى وتصان
لكن الغوغاء حين تثور
تأكل أبناءها بلا شعور
من شقوق الجهل يخرج الوحش
ويبتلع من أنار الدرب بالنور
يا كورنيليس، يا يوهان
ما خانتكما سوى الأوطان
وما استحق الشعب حِلمكما
إذ باع العدل للمذبح بأثمان
فليكتب التاريخ بالأظفار
لا بالحبر، ولا بالأقلام
نقشا على اللحم والعظم
بأن الموت كان أنبل من سلام
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الهجمات السيبرانية بدأت ضد الإيرانيين قبل شهور من الهجوم الإسرائيلي
الهجمات السيبرانية بدأت ضد الإيرانيين قبل شهور من الهجوم الإسرائيلي

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

الهجمات السيبرانية بدأت ضد الإيرانيين قبل شهور من الهجوم الإسرائيلي

تعرض أكثر من 20 مواطن إيراني مقيم داخل البلاد وخارجها لهجمات أمنية سيبرانية متطورة وذات أهداف محددة قبل شهور من بدء الحرب الإسرائيلية، وذلك وفق تقرير نشرته "بلومبيرغ". وتوصلت منظمة "ميان" (Miaan Group) لحقوق الإنسان الرقمية إلى عدد من الإيرانيين تلقوا تنبيهات من شركة " آبل" بوجود اختراق في هواتفهم بالنصف الأول من العام الجاري وفق ما جاء في تقرير "بلومبيرغ". وتجدر الإشارة إلى أن هذه التنبيهات التي ترسلها "آبل" لضحايا الهجمات السيبرانية تعد دليلا على وقوع الهجمات، كون الشركة لا ترسلها بشكل عشوائي وتكون مخصصة بشكل واضح كما ذكر التقرير. ويؤمن الباحثون في منظمة "ميان" أنهم لم يتعرفوا إلا على جزء من ضحايا هذا الهجوم السيبراني، وهو ما يعززه اكتشاف مجموعة أخرى من 12 ضحية إضافية اكتشفهم الباحث الأمني حامد كاشفي مؤسس شركة "دارك سيل" (DarkCell) حسب ما جاء في التقرير. وتؤكد "بلومبيرغ" من خلال التقرير أن هذه الواقعة تعد الأولى من نوعها التي تعتمد على أدوات سيبرانية متطورة تستهدف إيرانيين يعيشون داخل وخارج البلاد، وتربط بين الهجمات السيبرانية والعكسرية. وذلك وفق تصريحات منظمة "ميان" التي أكدت أن المجموعة المخترقة تضمنت اثنان من المعارضين إيران داخل البلاد فضلا عن موظف تقني إيراني يعيش في أوروبا، وجميعهم يستخدمون أجهزة "آيفون" واستقبلوا إشعار الاختراق من "آبل". ومن جانبه أكد كاشفي أنه اكتشف 12 من الضحايا يعيشون في إيران ويعملون في القطاع التقني بالبلاد أو القطاع الحكومي الحساس، ولكن رفض كاشفي الكشف عن وظائفهم بدقة خوفا على سلامتهم، وذلك وفق تقرير "بلومبيرغ". وأضاف كاشفي في حديثه مع "بلومبيرغ" أن هذا الهجوم على الأرجح استخدم ثغرة "اليوم صفر" التي لا تطلب أي تفاعل من الضحية مع الهاتف أو رسائل الهجوم، وهي تعد من أكثر الهجمات السيبرانية تعقيدا وأكثرها تكلفة. كما اطلعت "بلومبيرغ" على نسخة من التنبيه الذي يصل إلى مستخدمي "آبل" الذين تعرضوا للاختراق، وهو يؤكد أن الهجمات السيبرانية المماثلة نادرة للغاية وباهظة الثمن وهي على الأرجح موجهة لهذا الشخص تحديدا بسبب مكانته. ولكن لم تنسب "آبل" الهجوم لأي مجموعة أو جهة معروفة، فضلا عن ذلك لم تستطع منظومة "ميان" أو كاشفي بشكل فردي الوصول إلى هواتف الضحايا وتحليلها بشكل ملائم، إذ رفض البعض هذا الأمر مفضلين أن ترسل الهواتف إلى الجهات الإيرانية المعنية وفق ما وضح كاشفي، وإلى جانب ذلك تم اكتشاف بعض الهجمات بعد حدوثها بعدة أشهر؛ وهذا يخفي أي أدلة موجودة في الهاتف.

ألمانيا وفرنسا تبحثان الوضع بغزة وموظفو المنظمات الإنسانية مهددون بالجوع
ألمانيا وفرنسا تبحثان الوضع بغزة وموظفو المنظمات الإنسانية مهددون بالجوع

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

ألمانيا وفرنسا تبحثان الوضع بغزة وموظفو المنظمات الإنسانية مهددون بالجوع

أعلنت الحكومة الألمانية أن المستشار فريدريش ميرتس سيبحث مع الرئيس الفرنسي الأوضاع في غزة، في ظل انتقادات غربية تجاه ما يتعرض له الفلسطينيون في القطاع المحاصر من سياسة تجويع إسرائيلية ممنهجة. وقالت برلين إن سياستها تجاه إسرائيل تخضع للمراجعة المستمرة وفقا للوقائع الميدانية، وأكدت على أهمية إدخال مساعدات إنسانية شاملة إلى قطاع غزة. ويتعرض ميرتس لضغوط لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه إسرائيل مع دعوة أعضاء في ائتلافه إلى انضمام برلين لبيان صادر عن عشرات الدول الغربية يستنكر "القتل الوحشي" للفلسطينيين. ويتزعم ميرتس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المنتمي إلى يمين الوسط في ألمانيا. ويتزايد انتقاد المستشار الألماني لإسرائيل، وغابت برلين عن البيان المشترك الصادر يوم الاثنين عن الاتحاد الأوروبي و28 دولة غربية، بينها بريطانيا وفرنسا، الذي دعا إسرائيل إلى إنهاء الحرب فورا. واستنكرت الدول في البيان المشترك ما وصفته "بالتدفق غير المنتظم للمساعدات" المقدمة للفلسطينيين في غزة، وقالت إن من "المروع" مقتل أكثر من 800 مدني في أثناء سعيهم للحصول على المساعدات. وعبرت وزيرة التعاون الاقتصادي والتنمية في حكومة ميرتس ريم العبلي-رادوفان أمس الثلاثاء عن استيائها من قرار ألمانيا عدم التوقيع على البيان. والوزيرة عضو في الحزب الديمقراطي الاجتماعي، الشريك الأصغر المنتمي ليسار الوسط في الائتلاف الحاكم. من جهتها، دعت فرنسا إلى رفع جميع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، فورا، وقالت إن الوضع في غزة نتيجة الحصار الذي تفرضه إسرائيل. كما دانت إطلاق القوات الإسرائيلية النار على الذين يحاولون الحصول على مساعدات إنسانية في غزة، وطالبت إسرائيل بالامتثال للتدابير المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية. 100 منظمة تنتقد التجويع وفي ذات السياق، دعت أكثر من 100 منظمة إغاثية وحقوقية الحكومات إلى اتخاذ إجراءات لمواجهة انتشار الجوع في غزة. وحذر البيان الذي وقعت عليه 111 منظمة من انتشار المجاعة ، رغم تكدس أطنان من الطعام والمياه والإمدادات الطبية على مشارف غزة. وأشار البيان إلى أنه بينما يُفاقم الحصار تجويع سكان غزة، ينضمّ عمال الإغاثة الآن إلى طوابير الطعام نفسها، مُعرّضين أنفسهم لخطر إطلاق النار لمجرد إطعام عائلاتهم؛ وأشار البيان إلى أن المنظمات الدولية تشاهد زملاءها وشركاءها في غزة وهم يتضورون جوعا، في ظل نفاد الإمدادات بالكامل. ودعا البيان الحكومات إلى المطالبة برفع كل القيود وفتح المعابر، وضمان الوصول إلى جميع أنحاء القطاع، ورفض عملية التوزيع التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي. كما يطالب البيان الدول باتخاذ تدابير ملموسة لإنهاء الحصار مثل وقف نقل الأسلحة والذخيرة إلى إسرائيل. وقد استشهد 10 فلسطينيين في قطاع غزة، خلال الساعات الـ24 الماضية، جراء التجويع الممنهج الذي تمارسه إسرائيل ضمن حرب إبادة جماعية ، بحسب بيان لوزارة الصحة بغزة. وبذلك يرتفع عدد هؤلاء ضحايا المجاعة وسوء التغذية إلى 111 حالة وفاة. والثلاثاء، أعلنت الوزارة استشهاد 15 فلسطينيا، بينهم 4 أطفال، جراء المجاعة خلال الساعات الـ24 السابقة. وحذر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، الأحد الماضي، من أن القطاع أصبح على أعتاب "الموت الجماعي"، بعد أكثر من 140 يوما من إغلاق المعابر. ومنذ 2 مارس/آذار الماضي، تهربت إسرائيل من مواصلة تنفيذ اتفاق مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى، وأغلقت معابر غزة أمام شاحنات مساعدات مكدسة على الحدود. وتحاصر إسرائيل غزة منذ 18 عاما، وبات نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل حوالي 2.4 مليون بالقطاع، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم. الأونروا تتعرض للتجويع من جهتها، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) الأممية، اليوم، إن الفلسطينيين في غزة بمن فيهم موظفوها يتعرضون للإغماء بسبب الجوع الشديد، مشيرة إلى وفاة أطفال ومعاقين بالقطاع نتيجة التجويع وسوء التغذية الحاد. وجددت الأونروا، في منشور على منصة إكس، الدعوة إلى رفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة وإدخال المساعدات الإنسانية لإنهاء المجاعة فيه. كما أكد مدير منظمة الصحة العالمية أن هناك ارتفاعا قاتلا في سوء التغذية في قطاع غزة، وأنها مصممة على البقاء بغزة ودعت إلى حماية أطقم المنظمة والوكالات الأممية. وأضافت المنظمة أن 90% من سكان غزة يواجهون صعوبة في الحصول على المياه، وأن أوامر الإخلاء التي أصدرتها إسرائيل شملت نحو 90% من مساحة غزة. وكانت الأمم المتحدة قد قالت أمس الثلاثاء إن المدنيين في قطاع غزة لا يزالون يتعرضون لإطلاق النار أثناء اقترابهم من مستودعات وشاحنات المساعدات الغذائية. وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إنه بحسب السلطات الصحية المحلية، فقد مات أكثر من 12 طفلا وبالغا نتيجة الجوع خلال الـ24 ساعة الماضية وحدها. وأوضح دوجاريك أن الإمدادات الغذائية تُدخل إلى غزة بكميات غير كافية، مؤكداً أن المدنيين الذين يقتربون من مستودعات وشاحنات الأمم المتحدة يتعرضون لإطلاق النار. ولفت إلى أن إطلاق النار على المدنيين يتعارض تماما مع مبدأ تسهيل عمليات الإغاثة الإنسانية. ولم يذكر دوجاريك الجهة التي تطلق النار على المدنيين إلا أن بيانا للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة الأحد أعلن استشهاد 995 فلسطينيا، وإصابة 6 آلاف و11 آخرين، إضافة إلى 45 مفقودا منذ 27 مايو/أيار الماضي جراء إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على المصطفين لتلقي المساعدات.

كيف استغلت الشرطة البريطانية قانون الإرهاب لقمع التضامن مع فلسطين؟
كيف استغلت الشرطة البريطانية قانون الإرهاب لقمع التضامن مع فلسطين؟

الجزيرة

timeمنذ 6 ساعات

  • الجزيرة

كيف استغلت الشرطة البريطانية قانون الإرهاب لقمع التضامن مع فلسطين؟

لندن- منذ أن قررت الحكومة البريطانية حظر حركة " فلسطين أكشن" وتصنيفها منظمة "إرهابية"، تكثف الشرطة مؤخرا ملاحقاتها لنشطاء مؤيدين للقضية الفلسطينية مشهرة في وجههم "قانون الإرهاب"، إذ اتسعت حملة الاعتقالات لتشمل حتى أولئك الذين رفعوا لافتات داعمة ل فلسطين رغم خلوها من أي إشارات إلى المنظمة المحظورة. وحذرت المحكمة العليا البريطانية الشرطة من إساءة استخدام سلطاتها أو تأويل القانون بشكل خاطئ، وذلك بعد أن قدم مدافعون عن الحركة أدلة تظهر لجوء الشرطة إلى هذا القانون لاعتقال متظاهرين بسبب ارتدائهم قمصانا كتب عليها "فلسطين حرة"، أو لرفعهم لافتات تندد بما وصفوه بجريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة. ونهاية الأسبوع الماضي، اعتقل عناصر الشرطة حوالي 100 متظاهر في أنحاء متفرقة من البلاد خلال احتجاجات مناهضة لحظر الحركة ومن ضمنهم مسنون، حيث خرج محتجون مُتحدين قرار الحظر ورفعوا شعارات ولافتات مساندة لحركة "فلسطين أكشن". اعتقالات بالجملة وتكررت تلك المشاهد في ساحات التظاهر البريطانية خلال الأسبوع السابق أيضا حين بادرت الشرطة لاعتقال 72 محتجا على خلفية إبدائهم التضامن مع الحركة، ليبلغ عدد المعتقلين بموجب "قانون الإرهاب" 200 شخص، بينما تواترت تصريحات محتجين آخرين بشأن توقيفهم لمجرد حمل لافتات داعمة لفلسطين أو غزة. وبرزت مخاوف من أن يتحول هذا "التحرك القانوني" إلى استهداف واسع لحركة التضامن مع فلسطين وتجريم للاحتجاج رفضا للإبادة الجماعية في قطاع غزة. وكان التفسير الفضفاض للإرهاب في بريطانيا وسوء تأويل الشرطة لهذا القانون مثار قلق المنظمات الحقوقية على مدى سنوات، إذ دعت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة والمحكمة البريطانية العليا -في وقت سابق- لمراجعة تعريف الإرهاب الوارد في قانون عام قانون عام 2000. ويؤكد كريس دويل، الناشط البريطاني في حملة التضامن مع فلسطين، للجزيرة نت، أن التظاهر السلمي يعد من الحقوق الأساسية التي لا يجوز المساس بها تحت أي ظرف، مشددا على أن الجدل الدائر حول حظر حركة "فلسطين أكشن" لا ينبغي أن ينعكس سلبا على حرية التعبير، أو يدفع المتظاهرين إلى فرض رقابة ذاتية على آرائهم ومواقفهم. ويرى دويل، ويشغل أيضا منصب رئيس مركز التفاهم العربي البريطاني، أن حكومة حزب العمال تسير في اتجاه مقلق، محذرا من أن إصرارها على التعامل مع خروقات جنائية ارتكبها بعض نشطاء الحركة ضمن إطار قانون الإرهاب، قد يؤدي إلى إرباك تطبيق القانون، ويضيق مساحة الاحتجاج، ويرهق منظومة العدالة نتيجة حملة الاعتقالات الواسعة. ورغم حدة النقد المصوب إليها، تدافع الحكومة البريطانية عن المسار الذي اختارته للتعامل مع هذه الحركة، وتتهمها "بالانحراف عن الاحتجاج السلمي وارتكاب جنح إرهابية". وكانت وزيرة الداخلية البريطانية إيفيت كوبر قد أعلنت في 23 يونيو/حزيران الماضي عن قانون لحظر الحركة وافق عليه البرلمان بعد اقتحام ناشطَين قاعدة "برايز نورتون" العسكرية وإلقائهما طلاء أحمر على طائرتين عسكريتين، في حادث وصفه رئيس الوزراء كير ستارمر بـ"المشين". حملة ضغط وقامت الحركة على مدى سنوات بعمليات استهداف شركات الصناعات العسكرية البريطانية، في حملة ضغط على السلطات لوقف تصدير الأسلحة لإسرائيل، وأصبح الآن الانتماء إليها أو التضامن معها محظورا بموجب قانون الإرهاب في بريطانيا، وتصل مدة عقوبته إلى 14 سنة سجنا. وتحاول الحركة إقناع المحكمة بمراجعة قانونية كاملة لقرار حظرها ووضعها على قوائم الإرهاب بعد أن رفضت سابقا طعنا لمنع سريان الحظر مؤقتا رفعته المنظمة قبل ساعات قليلة من دخوله حيز التنفيذ في الخامس من يوليو/تموز الجاري. وتكبدت حركة التضامن مع فلسطين خسارة أخرى قبل أسابيع أمام القضاء البريطاني، إذ لم تمانع المحكمة العليا استمرار توريد أسلحة لإسرائيل، ولم تعارض إمداد جيش الاحتلال بقطع غيار لطائرات " إف-35" التي يعتمد عليها لشن الضربات الجوية ضد قطاع غزة، رغم رفع نشطاء قضية تطالب بوقف تصدير تلك الأسلحة. ويثير تحرك الحكومة البريطانية لحظر "فلسطين أكشن" محاذير بشأن تضييق ممنهج أوسع على جمعيات ومؤسسات أخرى مؤيدة لفلسطين، إذ أشارت صحيفة غارديان إلى إن بنوكا بريطانية جمدت الحسابات المصرفية لمنظمتين متضامنتين مع الفلسطينيين. وكشفت الصحيفة أن كلا من منظمة "أصدقاء مانشستر الكبرى من أجل فلسطين" و"حملة التضامن الأسكتلندية مع فلسطين" جُمدت أرصدتهما، في الوقت الذي تعد فيه الحركتان إحدى الجمعيات النشطة في الحشد لدعم القضية الفلسطينية والاحتجاج ضد السياسات الحكومية الداعمة لإسرائيل. ويشير نهاد خنفر أستاذ القانون في جامعة لندن، في حديث للجزيرة نت، إلى أن حكومة حزب العمال تخوض هجمة شرسة وحربا معلنة -عبر وزارة الداخلية وشرطة مكافحة الإرهاب وتحت غطاء الادعاء العام البريطاني- على حرية الرأي والتعبير، إذ لم تعد تقتصر الاعتقالات على المتضامنين مع حركة "فلسطين أكشن" المحظورة بل أصبحت تمتد لجمعيات تقدم مساعدات لغزة وأصوات تعارض الإبادة ضد سكانها. سياسات متناقضة وتصر الحكومة البريطانية على أن تلك الخطوة لا تسعى للتضييق على حركة الاحتجاج الفلسطينية، إذ قال وزير الأمن البريطاني دان جارفيس في وقت سابق أمام البرلمان إن الحظر "لا يمس بأي شكل حركة الاحتجاج المناهض للسياسات الإسرائيلية وتواصل الحكومة ضمان حق الداعمين لفلسطين في التظاهر". وبينما تصعّد حكومة حزب العمال ضد النشطاء المؤيدين لفلسطين، اختارت من جديد تشديد الضغط على الحكومة الإسرائيلية بعد إصدارها بيانا موقعا من 28 وزير خارجية دول غربية وأوروبية، في محاولة لحث تل أبيب على الوقف الفوري للحرب على غزة، ولتفاقم حملة التجويع الممنهج ضد سكانها. وفي الوقت الذي فشل فيه الأوروبيون في التوافق قبل أيام على فرض عقوبات على إسرائيل، قادت بريطانيا إصدار البيان غير المسبوق في سياق محاولات الحكومة رفع نبرة التحذير تجاه تل أبيب، إذ هدد وزير الخارجية ديفيد لامي بفرض عقوبات جديدة إذا لم يتم وقف إطلاق النار في القطاع. لكن الناشط دويل يرى أن موقف الحكومة ينبني على تناقض صارخ، إذ تدعي أنها تبذل جهودا لضمان احترام القانون الدولي وتمارس ضغطا على إسرائيل لوقف حرب إبادة جماعية، في حين أنها تضيق الخناق على حركة التضامن مع فلسطين التي لا تطالب سوى بقرارات حكومية منسجمة أيضا مع القانون الدولي الإنساني. من جانبه، يرى خنفر أن وزارة الداخلية تخوض حملة شرسة ضد الحركة التضامنية الفلسطينية في تناقض واضح مع تصريحات وزير الخارجية "التي لم تقدم أي تحرك جدي لمعاقبة إسرائيل".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store